إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

الاستعمار الثقافي للأمة ,,, من المواجهة الى تقبيل اليد

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الاستعمار الثقافي للأمة ,,, من المواجهة الى تقبيل اليد

    منذ عقود طويلة من الزمن وهذه الأمة الكريمة قد ابتليت بموجات متتابعة من أشكال الاستعمار ‏الأجنبي القذر, منه ما هو عسكري وآخر سياسي واقتصادي وثقافي , وبالطبع فان جميع أشكال ‏ذلك الاستعمار قد تغلغل إليها كنتيجة طبيعية لتراجع وضعف دورها الحضاري والقيادي الكوني ‏‏, والذي بدوره قد تسبب بانهيار متتال ومتواصل لمختلف قطاعات الحياة الرئيسية فيها , بداية ‏من ضعف الإرادة السياسية والتبعية للغرب في اتخاذ الكثير من القرارات المصيرية الخاصة ‏بها , الى تراجع القوة العسكرية والحربية الصناعية واعتمادها على الدول الأجنبية في توفير ‏المعدات والآلات العسكرية وقطع غيارها , ومرورا بمنظومة الاقتصاد المدني التي أصبحت ‏تعتمد بشكل شبه كلي على الصناعات الغربية في توفير حاجات الفرد ومتطلباته السلعية اليومية ‏‏, وليس انتهاء بالاستعمار العقائدي والثقافي والفكري الخطير للغاية , والذي بات ينخر كالسوس ‏في كثير من العقول التي تعول عليها الأمة أمر نهضتها وعزتها , والتي داست – وللأسف ‏الشديد – على فكرة الانتماء الحضاري للأمة وعقيدتها ككل , ولنبضها العربي على وجه ‏الخصوص , فأثر ذلك كثيرا في توجهاتهم الثقافية والفكرية الإسلامية والعربية القومية , نحو ‏فكر موجه ومتهم بإتباع فكر مهزوز متهافت واستعماري 0‏
    ‏ ومن وجهة نظري الشخصية – فان الأخير منها – أي – الاستعمار العقائدي والثقافي ‏والفكري , هو أخطرها وأقذرها على الإطلاق , بل وأشدها فتكا بهذه الأمة العظيمة ومقدراتها ‏وخيراتها وثرواتها البشرية والطبيعية , كونه يستعبد العقول والنفوس فيدفعها الى الاتجاه ‏الخاطئ في الحياة والبناء , وثانيا كونه – أي – الاستعمار العقائدي والثقافي والفكري , كان ‏ولازال وسيظل معول الهدم الرئيسي , لمختلف تلك القطاعات الحياتية التنموية الأخرى لأي ‏امة في التاريخ , فالعقول المستعبدة أصلا لأيادي الاستعمار وأعوانه , هي أحوج ما تكون ‏لتحرير نفسها منه , فكيف بها ان تقدر وتستطيع تحرير غيرها من عبوديته وقيوده وأغلاله ؟ 0‏
    ‏ فالاستعمار يدرك تمام الإدراك , بأنه أذا ما نجح بتدمير عقيدة المسلم وثقافته الدينية ‏وأخلاقه وثوابته وقيمه الفاضلة , فان ما دون ذلك من البناء الحضاري والتنموي سينهار تلقائيا ‏‏, فكيف به إذا ما نحج بتدمير عقيدة وعقل الصفوة من أبناء مجتمع الفكر الإسلامي والعربي ؟ ‏من كتاب وأدباء ومثقفين ومفكرين وغيرهم , والذين تعتمد عليهم الأمة في الدفاع عنها , وعن ‏عقيدتها وبناءها وكل جوانب الحياة فيها , فهم بالنسبة لها بمثابة القلب النابض , والرئة التي ‏تتنفس بها الهواء النقي , فكيف إذا توقف القلب عن النبض ؟ ولم تعد الرئة تتنفس غير الهواء ‏الملوث ؟ فليس بعد ذلك إلا موت ذلك الجسد وانهياره 0 ‏
    ‏ إننا اليوم نعيش ونعايش عودة احد اخطر أشكال ذلك الاستعمار الثقافي , والذي يدب ‏في الخفاء خلف الظلال المتحركة في عقول أصحاب الأقلام ومحرري الشعوب ومحركيها الى ‏الحق والنور " كما يفترض بهم " , دفع بها الغرب الاستعماري الحاقد تحت مسميات ‏ومصطلحات منمقة كثيرة وغريبة , الى كيان هذه الأمة وقلبها العربي النابض , كنا قد تصورنا ‏بأنها – أي – هذه الأقلام الارتزاقية المأجورة الخائنة , قد وعت وانتبهت لذلك المخطط ‏الاستعماري الفكري والثقافي الأجنبي , والذي طالما سعى بكل وسائله وأساليبه السياسية ‏والفكرية الى جذبها إليه , كما تجذب الجيفة المتعفنة الذباب والطفيليات إليها , فكانوا – ‏وللأسف الشديد – من جهة , أبواق لذلك الاستعمار الثقافي في هذه الأمة , وتحديدا في قلبها ‏العربي العزيز , أما من جهة أخرى , فلم يكونوا كما يفترض بهم إنسانيا وفكريا , شموع ‏تحترق لتضئ للآخرين طريقهم , بل حرموا أنفسهم من شرف ذلك , ليكونوا مجرد مرتزقة ‏يتمنون كل صباح ( ان لا ينتهي الصراع العربي الإسرائيلي – على سبيل المثال لا الحصر - ‏حتى لا يضطر الواحد منهم الى تسكير دكانه ! ) 0 ‏
    ‏ نعم 0000 نحن نعلم ان هناك العديد من العقبات والقيود التي يعاني منها المثقف ‏والمفكر والأديب في كل أنحاء العالم , وليس عالمنا العربي بالطبع بمنأى عنها , دفعته في كثير ‏من الأحيان الى الهجرة والفرار بجلده خارج وطنه , او البقاء فيه في كثير من الأحيان مرغما ‏كمرتزق خائن وعميل للاستعمار وأعوانه , وهي حقيقة لابد ان تعترف وتقر بها الحكومات ‏العربية إذا ما أردنا ان نصل الى شاطئ الأمان بأمن هذه الأمة وأوطانها ومجتمعاتها ثقافيا ‏وسياسيا واجتماعيا , وكما عبر عن ذلك سارتر في دفاعه عن المثقفين وفي تعريفه لهم , ‏باعتبار المثقف نتاج تاريخي لامته ووطنه ومجتمعه , وهكذا فانه لا يحق لأي مجتمع ( ان ‏يتذمر ويشتكي من مثقفيه ,- وكتابه ومفكريه وأدبائه - من دون ان يضع نفسه في قفص ‏الاتهام , لان مثقفي هذا المجتمع , ما هم إلا صنعه ونتاجه ) الطبيعي والتاريخي 0 ‏
    ‏ ولكن ذلك بالطبع لا يعطي مثقفي هذه الأمة بشكل عام , والعرب منهم تحديدا , الحق ‏أو الضوء الأخضر في مهاجمة أوضاعها المتردية بطريقة هي أكثر اعوجاجا وتردي , وذلك ‏بالتعاون مع أيادي الاستعمار وأعوانه في كل أنحاء العالم , فإذا كنا غير قادرين – ككتاب ‏وأدباء ومثقفين ومفكرين - بطريقة ما على مواجهة الاستعمار الثقافي ومحاربته وكسر شوكته ‏والقضاء عليه في هذه الأمة ككل , وفي كيانها العربي تحديدا , فعلينا ان لا نقبل يده , او نجعل ‏أنفسنا له شماعة يتعلق بها , او بوق ينفث من خلاله سمومه في جسد هذه الأمة الغالية , وكما ‏أننا لا ندعو للدفاع عن الأنظمة او الحكومات والزعماء , فكذلك لا يجب ان نكون قفازا ليد ‏الاستعمار القذرة , وذلك من خلال السعي الى محاربتها بأساليب فوضوية وغير بناءة , جل ‏هدفها نشر الفتن والنعرات الطائفية والمذهبية والشعوبية , وغيرها من وسائل التدمير والتخريب ‏وزعزعة الاستقرار والأمن 0‏
    ‏ لذا فإن مجتمع الفكر الثقافي والعربي اليوم , كونهم الركيزة والأساس الذي يصنع ‏الأمن الثقافي القومي لهذه الأمة وقلبها العربي النابض , مطالب بوقفة استدراك وتأمل في الكثير ‏من الاتجاهات الفكرية والثقافية التي يشجع عليها ويسعى لتحريرها , وخصوصا تلك التي دفعت ‏بنا في كثير من الأحيان الى أحضان الغرب والاستعمار الثقافي الأجنبي , فلا حرية لهذه الأمة ‏وجزء من كيانها مستعمر للغرب ثقافيا , - وأي كيان ذلك – انه القلب النابض لها , وكما قال ‏الأستاذ سيد قطب بان : ( ارض العرب كلها جزء من ارض الإسلام , فإذا نحن حررنا الأرض ‏العربية , فإننا نكون قد حررنا بضعة من جسم الوطن الإسلامي , نستعين بها على تحرير سائر ‏الجسد الواحد الكبير ) , فإذا عجزنا في يوم من الأيام على ان نصنع لامتنا أولا , ولأنفسنا ثانيا ‏منظومة أممية سياسية قوية ومستقلة , تملك قرارها ومصيرها وإرادتها السياسية بشكل كامل , ‏فلا يجب علينا ان نعجز – نحن المثقفون كما ندعي - ان نتكتل فكريا في كيان ثقافي أممي ‏وحضاري خاص بأمتنا , ننطلق من خلاله نحو فجر جديد من الحرية والعدالة والمساواة في ‏مختلف قطاعات الحياة وميادينها , ونكون من خلاله يد ضاربة تواجه الاستعمار وتحمي هذه ‏الأمة وشبابها من الوقوع في براثنه وفخاخه , فإذا عجزنا كذلك عن تحقيق ذلك , فلا يجب ‏علينا ان نكون الأفواه والأصوات التي تسبح بحمده ليل نهار , وتقبل يده في بلاد المسلمين ‏والعرب وخارجها0 ‏
يعمل...
X