المصدر: هنـــــــــــــــــــــــــــــــا
حوالي عشرة ملايين شخص يموتون جوعًا الآن في النيجر، التي يبدو أنها وقَّعت عقدًا طويل الأجل مع الكوارث، منذ العام 1974 مرورًا بـ 1984 و 2005, وهي الآن تشهد الكارثة الأسوأ على الإطلاق.
وتبلغ مساحة النيجر خمسة أضعاف المملكة المتحدة البريطانية, وهي إحدى أفقر دول العالم, كما يتفوق معدل وفيات الأطفال فيها نظيره في أفغانستان, وقد عانت طوال عام 2009, من عدم هطول الأمطار مما أدي إلى ضعف واردات المحاصيل, وندرة المراعي, بالإضافة إلى استنفاد الاحتياطي من المواد الغذائية.
بؤرة الأزمة
وبصفة عامة, تؤكد الإحصاءات أن البلد الغرب أفريقي يشهد أزمةً ساحقة, يزيدها سوًا أن عدد من يجيدون القراءة والكتابة فيه لا يتعدون30%: فالفتيان, لا يقضون عادة سوى خمس سنوات في المدرسة, أما الفتيات فلا يزيد نصيبهن عن ثلاثة فحسب, بالإضافة إلى أن ثلثي الشعب يعيش تحت خط الفقر و 85% منهم لا يزيد دخله اليومي عن دولار أو اثنين.
ومن المفارقات أن تلك البلاد التي يعاني سكانها المجاعة, تمتلك وفرة من اليوارانيوم لكنها تقوم ببيعه لفرنسا التي تزدهر فيها صناعة الطاقة النووية, كما أنها غنية بالنفط, الذي تظفر به الصين؛ ومن ثم لا يُرى أثر هذه التجارة على اقتصاد البلاد، بل تعتمد نصف ميزانية حكومة النيجر على المعونة المقدمة من المانحين, أما عائدات الموارد الطبيعية فتصب في مصلحة باريس وبكين قبل العاصمة نيامي.
فاجعة ونكبة
تقول إحداهما، وتُدعَى "حسنة": "ليس لديّ حليب أرضعه ابنتي عندما تبكي؛ لذا أقوم بإعطائها الدُخن (جنس نباتي ينتمي إلى الفصيلة النجيلية)".
وبرغم أن التحسن بدا على ملامح الطفلتين (إحداهما, عمرها 17 شهرا, والأخرى عمرها عشرة أشهر) بعد حصولهما بانتظام على وصفة طبية من الدهون والمضادات الحيوية والأدوية المضادة للملاريا, فإنهما لا يزالان يعانيان نقصًا حادًا في الوزن, يقدر بحوالي 20 بالمائة.
بدوري, سألت الطبيب: ماذا سيحدث إذا لم تهطل الأمطار هذا الموسم؟ فأجابني، دون تردد: "ستكون فاجعة ونكبة كبيرة"!لقد أنتج الجفاف في عام 2009 حصادا قليلا للغاية, احتكر عائداته المضاربون, ولم يكن حظ الفقراء منه إلا نظرة عابرة قبل الرحيل, أما مخازن الحبوب فكانت فارغة وما تزال.
وتقول "إيشان ايلا جاما", أرملة من قرية نوماد تاجاي: "كان لدينا أكثر من 30 رأس من الماشية, أما الآن فلم يتبقّ منها سوى واحدة فحسب, بعد أن أُجبِرنا على بيع باقي الحيوانات بثمن بخس, واضطررتُ للذهاب إلى المدينة, لأقوم بالتسول وبيع الأعشاب."
لعبة الانتظار
ومرة أخرى, لم يحصد شعب النيجر سوى (لعبة الانتظار), فهم بانتظار هطول الأمطار وحصاد الخريف، كما يترقبون ما ستقدمه الأمم المتحدة وبرنامج الأغذية العالمي، للحصول على نصيبهم من أموال التبرعات لدفع تكاليف المساعدات الغذائية, أو هم في النهاية بانتظار أن يضيفهم العالم إلى قائمة الدول المنكوبة!
"المستقبل بيد الله وحده", هذا ما قاله والد خمسة أطفال تركوا قريتهم بحثا عن عمل يمكنهم من الحصول على ما يأكلونه, مضيفًا: "لقد أمضينا أسبوعين دون أن يُوقَد في بيتنا نار للطهي, نحن الآن بانتظار أن يرسل أطفالنا الأموال".
__________________________________________________ __________
ألم يأنِ لهذا العالم المتخم بالثروات أن يتخلى عن أنانيته، ويمدّ يد العون لهذه الدول الفقيرة التي تموت جوعا، بينما يعاني هو التُّخمة، وتكابد العناء من أجل لقمة العيش, بينما يرفُل هو في النعيم؟!