كانت مفاجأة سياسية غير مسبوقة حين اعترف النائب وليد جنبلاط بصواب ما ورد على لسانه في وثائق وزارة الخارجية الأمريكية والتي قام بتسريبها موقع «ويكيليكس».
جنبلاط، تحدث بكثير من الواقعية السياسية، ولم يلجأ الى النفي، بل ذهب عكس التيار تماماً قائلا": «كنت في غربة والآن عدت الى موقعي التاريخي والطبيعي»... وذهب الى حد ترشيح مؤسس الموقع جوليان أسانج لنيل جائزة نوبل للسلام.
في المقابل، وجد وزير الدفاع الياس المر، في بيانات النفي، المذيلة بعبارة «غير دقيق»، السلاح الأنجع لردّ تهم «ويكيليكس» الفضائحية. المر يتساءل عن «هوية من يقف وراء هذا الموقع المشبوه»، مؤكدا ان ما ورد في التقارير التي تطاله «مجتزأ وغير دقيق»، محمّلاً السفيرة الأمريكية السابقة للبنان ميشيل سيسون مسؤولية «القصور في التفسير» أو «الحرج أمام الموقف الحازم لوزير الدفاع من اسرائيل"!
أما وزير الاتصالات الأسبق مروان حمادة فقد اتهم ما اطلق عليه فبركات الموقع في رواية كاملة مليئة بالافتراءات والتلفيقات".
في حين اكتفى رئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة بنفي ما نسبته اليه صحيفة «الجارديان» البريطانية نقلاً عن الموقع بأنه وافق على اقتراح تشكيل قوة عربية وارسالها الى لبنان لمحاربة "حزب الله".
يذكر ان اهم ما ارتبط بلبنان من تسريبات ان رئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة طلب دعماً امريكياً مستمراً للمحكمة الدولية مطالباً «بترجمة جدية على الأرض» لهذا الدعم، وخاطب الولايات المتحدة «لكي تقوم بشيء مفيد» في ما يتعلق بمزارع شبعا قائلاً بالحرف الواحد «لا تجعلونا نتفق مع سوريا للوصول الى حلّ حيال هذا الأمر»، ويؤيد ارسال قوة عربية مشتركة الى لبنان لتثبيت النظام وحفظه في بيروت.
علاوة على ان وليد جنبلاط رأى ان اغتيال عماد مغنية "خبر جيد" ويسخر من الشائعات حول اغتيال الدروز لعماد مغنية .
في هذا السياق، يقول أستاذ القانون الدولي في الجامعة الانطونية الأب فادي فاضل "هناك فراغ قانوني على صعيد الإحاطة الدولية لأزمة من هذا النوع. وهذا الأمر لا بد ان يناقش على صعيد القانون المحلي الفدرالي في الولايات المتحدة الأمريكية، على اعتبار أنه لا شيء يلزم في القانون الدولي أية دولة على الاحتفاظ أو عدم إفشاء معلومات تخص دولة أخرى" ولذلك فإن تداعيات تسريبات «ويكيليكس»، يضيف فاضل، ستقتصر على البعد السياسي وليس القانوني. ويشير فاضل الى ان هذا النوع من التسريبات لا يمكن إلا ان يكون مقصوداً «في وقت يعاني فيه الرئيس الأمريكي من انحدار في شعبيته وصعود نفوذ اللوبي الإسرائيلي والسياسة القمعية الإسرائيلية في الشرق الأوسط، فجاءت وثائق «ويكيليكس» لتصوّب خوف دول الجوار وقلقها ليس من إسرائيل إنما من إيران".
لبنانياً يعتبر فاضل «انه بين 2005 و2008 كانت هناك فجوة في العلاقات بين الدول، وتحت هذا السقف أديرت اللعبة الداخلية اللبنانية. اليوم أتت وثائق «ويكليكيس» لتعيد التذكير بهذه المرحلة، لكن بعدما تغيّرت العديد من المعادلات في لبنان والمنطقة والعالم. سوريا عادت لاعباً قوياً ومؤثراً، وهي تنسج علاقة مع الأوروبيين تترجم ملامحها من خلال العلاقة مع فرنسا، وإيران تعتمد سياسة الأبواب المفتوحة... هكذا يضيء «ويكيليكس» على مرحلة لبنانية تخطّتها القوى الفاعلة دولياً".
وبتأكيد فاضل «حسابات المحكمة الدولية منفصلة تماماً اليوم عن حمولة "ويكيليكس" من الوثائق التي تدين فريقاً لبنانياً في المرحلة السابقة".
يقول مرجع دستوري أنه لو كانت هناك حياة سياسية ودستورية طبيعية في لبنان، لكان لزاما على المؤسسات المعنية سواء في القضاء أو المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء، أن تبادر إلى اتخاذ الخطوات اللازمة، لمساءلة من شملتهم التسريبات.. يسري ذلك أيضا على مجلس النواب وما كان يمكن أن يبادر اليه رئيسه وهيئة مكتبه عندما تكون هناك أسماء لمن يمثلون الأمة يحرضون على ابناء جلدتهم الوطنية أو القومية.
على صعيد آخر حذر ضابط كبير في جيش الاحتلال الإسرائيلي حزب الله من خوض حرب جديدة مع اسرائيل ، زاعما ان المواجهة المقبلة مع الحزب لن تكون شبيهة بما جرى في حرب صيف 2006ونقلت صحيفة "يديعوت احرونوت" الاسرائيلية في عددها الصادر امس الثلاثاء عن ضابط كبير في قيادة المنطقة الشمالية تأكيده "انه في حالة نشوب حرب في الجبهة اللبنانية فإن المواجهة لن تكون شبيهة بما جرى في صيف 2006 وستكون الحرب اللبنانية الثانية في نظر حزب الله - والحالة هذه - بمثابة نزهة قياسا بالحرب الجديدة".
وحذر الضابط الكبير "انه في حال أقدم حزب الله على قصف العمق الاسرائيلي بصواريخ فإن اسرائيل سترد بقوة اكبر بعشرة أضعاف كي لا يجرؤ حزب الله على دراسة هذا الخيار بعد ذلك مرة أخرى".
ووفقا للضابط الإسرائيلي فإنه منذ اغتيال القائد العسكري لحزب الله عماد مغنية لم يتم العثور على وريث له "وحتى قائد الفيلق الإيراني في لبنان حسن مهداوي لا يوازيه" من حيث قدرته على تنظيم قوات حزب الله.
وأضاف أن الضغوط الداخلية في لبنان على نصر الله قبيل نشر تقرير المحكمة الدولية التي تحقق في اغتيال الحريري "تضعفه أكثر" ولذلك فإن مسؤولين عسكريين إسرائيليين كبار يعتقدون أن حزب الله "موجود في حالة ذعر" وأن الخطر من وضع كهذا هو أن ينشط الحزب بصورة غير متوقعة.
وقال الضابط الإسرائيلي إنه في حال اندلاع حرب جديدة بين إسرائيل وحزب الله فإن "حزب الله يعرف أن حرب لبنان الثانية ستبدو كنزهة بالنسبة له، ورغم أن الجبهة الداخلية ستتلقى ضربات صاروخية إلا أن الجيش الإسرائيلي حسّن قدراته بما لا يقاس (مع وضعه خلال الحرب الماضية) والأثمان التي سيدفعها الجانب الآخر ستكون مؤلمة للغاية".
وأضاف الضابط أنه "يحظر علينا أن نهلع من حزب الله، وربما سأخاطر بالاستعلاء، لكن يحظر إعطاء المحتالين فقط إمكانية التحدث وإخافة الشعب (في إسرائيل)".
وأشارت "يديعوت أحرونوت" إلى أنه في إسرائيل يعرفون أنه يحظر الاستخفاف بحزب الله وقدراته العسكرية، وأن قوة الحزب تزايدت ثلاث مرات خلال السنوات الماضية "وخصوصا من خلال الأسلحة التي تلقاها من سوريا".
ويعتبر الجيش الإسرائيلي أن جميع أنواع الأسلحة الموجودة بحوزة سوريا تصل إلى حزب الله "لكن في هذه المرحلة لا توجد مؤشرات تدل على وصول مواد كيميائية إلى أيدي حزب الله".
ويرى الجيش الإسرائيلي أنه إذا كانت التقارير صحيحة حول شحنة أسلحة جديدة شملت صواريخ "سكود-دي" تم نقلها بشاحنات من سوريا إلى جنوب لبنان، فإن هذه تشكل إحدى عمليات التهريب الأكثر إشكالية خلال العام الحالي "فالحديث يدور عن أكثر الصواريخ المتطورة الموجودة بحوزة سوريا والتي يصل مداها إلى 700 كيلومتر".