الشعب العربي بين الترغيب والتضليل (الأردن والمغرب)
ثورة التجديد في القرن العربي أخذت حيزا من اهتمام صناع القرار، وسلبت إمكاناتهم في تحليل مجرى التغيير النابع من قلوب الشعوب المضطهدة طيلة فترة ما بعد الاستعمار، انفجرت بشرارة البوعزيزي التونسي في يناير المنصرم، ولن تنطفئ إلى بتحرير الأقصى على أقل تقدير.
اجتاحت أنظمة ملكية وأخرى جمهورية تملّكت كما في مصر وسوريا واليمن، وإن صح التعبير، فكل الأنظمة العربية أخذت طابع الملكية باستثناء لبنان، وما زال احتدام الموقف على نفس الوتيرة ومن قطر إلى آخر، حتى أعيت المراقبين لكأن القدر هو من يسيرها حتى اجتثاث كل ورم خبيث.
وُصفت بالحلال على الأنظمة الجمهورية ومحرمة على الأنظمة الملكية كالتي في الخليج، فترى الجموع مؤيدة لما في مصر وتونس وليبيا، وعند التطرق إلى دولة خليجية تنهال الشتائم على قناة الجزيرة بتدخلها السافر في شؤون دول الخليج، فهل المواطن الخليجي أفضل من غيره حتى لا يحتاج إلى ثورة تجديد؟ وهل الأنظمة الخليجية أفضل حالا من الأنظمة العربية الأخرى؟
سقط بن علي ومن ثم مبارك والتالي في الطريق ولم توجد قوة رسمية من أي دولة أخرى لتكبح الهيجان الشعبي في تونس ومصر، ولكن للخليج نمط آخر، فالثورة في البحرين نُكّل بها أيما تنكيل من قبل قوات درع الجزيرة، فهنا اكتملت العدّة التي يلهث خلفها كل من لا تروق له الحياة إلى على كرسي الحكم، الأنظمة الملكية في الخليج تعين بعضها البعض بحسب المصلحة المشتركة كما أكّدته أحداث البحرين.
لماذا تخلت دول الخليج عن اليمن؟ سؤال منطقي، فاليمن في طريقه للإنضمام إلى مجلس دول التعاون الخليجي، ويجب الاهتمام بقضيته، إلا أن المباردة الخليجية كانت خجولة مدفوعة من رغبة الولايات المتحدة في ابقاء علي عبدالله صالح في كرسي الحكم نظرة لعمالة المخلصة لها، وفيما يبدو أن ورقتها ستفشل، لأن للشعب كلمة لابد أن تُحترم.
تُركت اليمن، لماذا؟ لأنها تحتاج إلى وقت طويل كي تلحق بالركب الخليجي وهو ما يجبر دول الخليج على دعمها ماليا، كما أن اليمن يمتلك كثافة سكانية كبيرة وهو ما يجعله مصدرا للقوة العاملة في الدول الخليجية الأخرى وهذا ما تخشى منه دول الخليج لأن لليمني حقوق أكبر في ظل جنسيته الخليجية ( كالمستجير من الرمضاء بالنار، العمالة الهندية جعلت من الخليج ولايات هندية)، وعدم استقرار الأمن في اليمن سبب تحتاجه دول الخليج لتأجيل انضمام اليمن، خصوصا أنها كلفت السعودية ميزانية ليست بالقليلة عند حربها مع الحوثيين، ولذلك ففكرة انضمام اليمن بعيدة عن الواقع.
تاريخ تأسيس مجلس التعاون لم يمضي عليه إلا 3 عقود تقريبا، ومجمل دول الأعضاء سبعة بوجود العراق، وسبب تأسيسه هو التكتل في وجه القوة الايرانية الصاعدة (الثورة الاسلامية)، وميزته أنه يقع على مجموعة دول شبه الجزيرة العربية وهو طابع يميز هذا التكتل عن بقية الدول العربية، وبقيام حرب الخليج الثانية؛ أُلغيت عضوية العراق، ومن واجبات المجلس هو حماية دول الأعضاء من أي عدوان خارجي؛ وهذا ما حدث بالضبط عندما أُدخل درع الجزيرة في طوق الدفاع عن الكويت وصرفت الأموال الطائلة في الحرب ضد صدام.
اليوم تتقدم كل من الأردن والمغرب بطلب عضوية في مجلس التعاون الخليجي، وبحثت عن خيط أربط به العلاقة التي تجمع الدول الخليجية بالأردن والمغرب فلم أجد شيئا إلا ما ذكرته التقارير بشأن هذا الخبر من تشابه أنظمة الحكم، أي أن الأنظمة الملكية هي مقومات كافية للانضمام في المجلس، وتسلمت السعودية الطلب بشكل رسمي وتمت الموافقة المبدئية عليه.
بهذا الطلب أصبح مجلس التعاون في محط السخرية، خصوصا أن توقيت الطلب تزامن مع أزمة الثورات العربية، فهو ترغيب لشعوب الأردن والمغرب بالهوية الخليجية، وتضليلهم عن طموحهم في التغيير، بيد أن الموافقة على هذا الطلب يعجل في فشل المجلس الذي لم يقدم الكثير لأبناء دول الخليج منذ تأسيسه، ويحمل الدول الأعضاء عبء انضمام الأردن والمغرب، وهذي حقيقة يقولها سياسيون في الخليج أن العمالة الهندية أفضل بكثير من العمالة العربية وخصوصا الشامية، فانسياب العمالة الأردنية سيكون تحت مظلة الخلجنة وهو ما سيكلف الدول الاعضاء الكثير في المستقبل.
انضمام الأردن إلى المجلس معقول بنسبة معينة، ولكن المغرب التي تبعد عن شبه الجزيرة العربية مئات الكيلوا مترات هل يعقل أن تنضم إلى المجلس؟! لا توجد علاقة تربطه بهذا الشأن، ثم ان دول الخليج تحفظت بشأن انضمام الدول مسبقا، فلماذا فتح باب الانضمام الآن؟! هذا بلا شك لعبة أمريكية جديدة تحمّل أحباء أمريكا المسؤولية في انقاذ الموقف وهو أيضا من صالح دول الخليج في ايقاف البركان الشعبي الثائر، ولا شيء أشد خطرا من انفلات الأمن في الدول المحيطة بفلسطين المحتلة.
ايجابيات وسلبيات انضمام الأردن إلى مجلس التعاون.
ـ الخليج هو السوق الأول بالنسبة للأردنيين، والعمالة الأردنية ليست بالقليلة في دول الخليج وهي في تنام يوما بعد يوم، وفي ظل انضمام الأردن إلى التعاون الخليج؛ فإن الباب سيكون مفتوحا على مصراعيه للعاملة الأردنية وسيحصل المواطن الأردني على حقوق أكبر كالمواطن الخليجي، فمن يعمل في دائرة التدريس مثلا سيحصل على مرتب كامل كالمواطن الخليجي، في حين أن دول الخليج تتبع سياسة( وذلك أضعف الايمان) في توزيع ثروات الدولة على الشعب؛ فكيم ستكون اجمالي الميزانية المدفوعة في ظل حصول المواطن الأردني على حقوق أكبر؟
ـ إذا ما انضمت الأردن فسيصبح مجلس التعاون أكثر مسؤولية بامتداد حدوده إلى اسرائيل، وستتفرع شعب الحوار عند كل قمة وستزداد الهوة أكثرمن ذي قبل طالما تباينت امكانات دول الأعضاء، فالأردن يحصل على مساعدات من الولايات المتحدة، وبانضمامه إلى مجلس التعامون الخليجي؛ فربما أن مساعدته ستناط بدول الأعضاء المتهالكة، (عصفورين على حجر بالنسبة لأمريكا).
ـ توجد ايجابيات بجانب السلبيات السابقة، الأردن بلد زراعي وهو بوابة المنتجات الشامية إلى الخليج؛ فلو التحقت الأردن بالتعاون الخليجي فإن القيود الحدودية سُتخفف وستنساب الحركة الاقتصادية بسلاسة مما يقلل من سعر المنتجات الشامية، والمستفيد الأول في الخليجي.
ـ الأردن هو أحد أكبر الدول العربية المستقبلة للطلاب الخليجيين، وبانضمامها فإن الوضع سيتحسن عن ذي قبل بالنسبة للمبتعثين والدارسين هناك وستُقدم مميزات للطلبة الخليجيين في المستقبل لتطوير التعاون العلمي لدول الخليج.
وفي الأخير، مهما تعدّلت التركيبة الاقليمية، فإن الإرادة لمن يملك العزيمة، ولن تجدي هذه التحالفات شيئا يذكر سوى التفاف الأغنام على الحشائش حتى تجعلها قاعا صفصا، لتعجّل بذاك موتها، فلتحيا إرادة الشعوب ضد العملاء.
أبو المثنى
15/5/2011
ثورة التجديد في القرن العربي أخذت حيزا من اهتمام صناع القرار، وسلبت إمكاناتهم في تحليل مجرى التغيير النابع من قلوب الشعوب المضطهدة طيلة فترة ما بعد الاستعمار، انفجرت بشرارة البوعزيزي التونسي في يناير المنصرم، ولن تنطفئ إلى بتحرير الأقصى على أقل تقدير.
اجتاحت أنظمة ملكية وأخرى جمهورية تملّكت كما في مصر وسوريا واليمن، وإن صح التعبير، فكل الأنظمة العربية أخذت طابع الملكية باستثناء لبنان، وما زال احتدام الموقف على نفس الوتيرة ومن قطر إلى آخر، حتى أعيت المراقبين لكأن القدر هو من يسيرها حتى اجتثاث كل ورم خبيث.
وُصفت بالحلال على الأنظمة الجمهورية ومحرمة على الأنظمة الملكية كالتي في الخليج، فترى الجموع مؤيدة لما في مصر وتونس وليبيا، وعند التطرق إلى دولة خليجية تنهال الشتائم على قناة الجزيرة بتدخلها السافر في شؤون دول الخليج، فهل المواطن الخليجي أفضل من غيره حتى لا يحتاج إلى ثورة تجديد؟ وهل الأنظمة الخليجية أفضل حالا من الأنظمة العربية الأخرى؟
سقط بن علي ومن ثم مبارك والتالي في الطريق ولم توجد قوة رسمية من أي دولة أخرى لتكبح الهيجان الشعبي في تونس ومصر، ولكن للخليج نمط آخر، فالثورة في البحرين نُكّل بها أيما تنكيل من قبل قوات درع الجزيرة، فهنا اكتملت العدّة التي يلهث خلفها كل من لا تروق له الحياة إلى على كرسي الحكم، الأنظمة الملكية في الخليج تعين بعضها البعض بحسب المصلحة المشتركة كما أكّدته أحداث البحرين.
لماذا تخلت دول الخليج عن اليمن؟ سؤال منطقي، فاليمن في طريقه للإنضمام إلى مجلس دول التعاون الخليجي، ويجب الاهتمام بقضيته، إلا أن المباردة الخليجية كانت خجولة مدفوعة من رغبة الولايات المتحدة في ابقاء علي عبدالله صالح في كرسي الحكم نظرة لعمالة المخلصة لها، وفيما يبدو أن ورقتها ستفشل، لأن للشعب كلمة لابد أن تُحترم.
تُركت اليمن، لماذا؟ لأنها تحتاج إلى وقت طويل كي تلحق بالركب الخليجي وهو ما يجبر دول الخليج على دعمها ماليا، كما أن اليمن يمتلك كثافة سكانية كبيرة وهو ما يجعله مصدرا للقوة العاملة في الدول الخليجية الأخرى وهذا ما تخشى منه دول الخليج لأن لليمني حقوق أكبر في ظل جنسيته الخليجية ( كالمستجير من الرمضاء بالنار، العمالة الهندية جعلت من الخليج ولايات هندية)، وعدم استقرار الأمن في اليمن سبب تحتاجه دول الخليج لتأجيل انضمام اليمن، خصوصا أنها كلفت السعودية ميزانية ليست بالقليلة عند حربها مع الحوثيين، ولذلك ففكرة انضمام اليمن بعيدة عن الواقع.
تاريخ تأسيس مجلس التعاون لم يمضي عليه إلا 3 عقود تقريبا، ومجمل دول الأعضاء سبعة بوجود العراق، وسبب تأسيسه هو التكتل في وجه القوة الايرانية الصاعدة (الثورة الاسلامية)، وميزته أنه يقع على مجموعة دول شبه الجزيرة العربية وهو طابع يميز هذا التكتل عن بقية الدول العربية، وبقيام حرب الخليج الثانية؛ أُلغيت عضوية العراق، ومن واجبات المجلس هو حماية دول الأعضاء من أي عدوان خارجي؛ وهذا ما حدث بالضبط عندما أُدخل درع الجزيرة في طوق الدفاع عن الكويت وصرفت الأموال الطائلة في الحرب ضد صدام.
اليوم تتقدم كل من الأردن والمغرب بطلب عضوية في مجلس التعاون الخليجي، وبحثت عن خيط أربط به العلاقة التي تجمع الدول الخليجية بالأردن والمغرب فلم أجد شيئا إلا ما ذكرته التقارير بشأن هذا الخبر من تشابه أنظمة الحكم، أي أن الأنظمة الملكية هي مقومات كافية للانضمام في المجلس، وتسلمت السعودية الطلب بشكل رسمي وتمت الموافقة المبدئية عليه.
بهذا الطلب أصبح مجلس التعاون في محط السخرية، خصوصا أن توقيت الطلب تزامن مع أزمة الثورات العربية، فهو ترغيب لشعوب الأردن والمغرب بالهوية الخليجية، وتضليلهم عن طموحهم في التغيير، بيد أن الموافقة على هذا الطلب يعجل في فشل المجلس الذي لم يقدم الكثير لأبناء دول الخليج منذ تأسيسه، ويحمل الدول الأعضاء عبء انضمام الأردن والمغرب، وهذي حقيقة يقولها سياسيون في الخليج أن العمالة الهندية أفضل بكثير من العمالة العربية وخصوصا الشامية، فانسياب العمالة الأردنية سيكون تحت مظلة الخلجنة وهو ما سيكلف الدول الاعضاء الكثير في المستقبل.
انضمام الأردن إلى المجلس معقول بنسبة معينة، ولكن المغرب التي تبعد عن شبه الجزيرة العربية مئات الكيلوا مترات هل يعقل أن تنضم إلى المجلس؟! لا توجد علاقة تربطه بهذا الشأن، ثم ان دول الخليج تحفظت بشأن انضمام الدول مسبقا، فلماذا فتح باب الانضمام الآن؟! هذا بلا شك لعبة أمريكية جديدة تحمّل أحباء أمريكا المسؤولية في انقاذ الموقف وهو أيضا من صالح دول الخليج في ايقاف البركان الشعبي الثائر، ولا شيء أشد خطرا من انفلات الأمن في الدول المحيطة بفلسطين المحتلة.
ايجابيات وسلبيات انضمام الأردن إلى مجلس التعاون.
ـ الخليج هو السوق الأول بالنسبة للأردنيين، والعمالة الأردنية ليست بالقليلة في دول الخليج وهي في تنام يوما بعد يوم، وفي ظل انضمام الأردن إلى التعاون الخليج؛ فإن الباب سيكون مفتوحا على مصراعيه للعاملة الأردنية وسيحصل المواطن الأردني على حقوق أكبر كالمواطن الخليجي، فمن يعمل في دائرة التدريس مثلا سيحصل على مرتب كامل كالمواطن الخليجي، في حين أن دول الخليج تتبع سياسة( وذلك أضعف الايمان) في توزيع ثروات الدولة على الشعب؛ فكيم ستكون اجمالي الميزانية المدفوعة في ظل حصول المواطن الأردني على حقوق أكبر؟
ـ إذا ما انضمت الأردن فسيصبح مجلس التعاون أكثر مسؤولية بامتداد حدوده إلى اسرائيل، وستتفرع شعب الحوار عند كل قمة وستزداد الهوة أكثرمن ذي قبل طالما تباينت امكانات دول الأعضاء، فالأردن يحصل على مساعدات من الولايات المتحدة، وبانضمامه إلى مجلس التعامون الخليجي؛ فربما أن مساعدته ستناط بدول الأعضاء المتهالكة، (عصفورين على حجر بالنسبة لأمريكا).
ـ توجد ايجابيات بجانب السلبيات السابقة، الأردن بلد زراعي وهو بوابة المنتجات الشامية إلى الخليج؛ فلو التحقت الأردن بالتعاون الخليجي فإن القيود الحدودية سُتخفف وستنساب الحركة الاقتصادية بسلاسة مما يقلل من سعر المنتجات الشامية، والمستفيد الأول في الخليجي.
ـ الأردن هو أحد أكبر الدول العربية المستقبلة للطلاب الخليجيين، وبانضمامها فإن الوضع سيتحسن عن ذي قبل بالنسبة للمبتعثين والدارسين هناك وستُقدم مميزات للطلبة الخليجيين في المستقبل لتطوير التعاون العلمي لدول الخليج.
وفي الأخير، مهما تعدّلت التركيبة الاقليمية، فإن الإرادة لمن يملك العزيمة، ولن تجدي هذه التحالفات شيئا يذكر سوى التفاف الأغنام على الحشائش حتى تجعلها قاعا صفصا، لتعجّل بذاك موتها، فلتحيا إرادة الشعوب ضد العملاء.
أبو المثنى
15/5/2011