الخطر اليهودي
بروتوآولات حكماء صهيون
تقدير الكتاب وترجمته للأستاذ الكبير
عباس محمود العقاد
الطبعة الخامسة
1400 ه 1980 م
هذا الكتاب هو أخطر كتاب ظهر في العالم، ولا يستطيع أن يقدره حق قدره إلا من يدرس البروتوكولات
كلها كلمة كلمة في أناة وتبصر، ويربط بين أجزاء الخطة التي رسمتها، على شرط أن يكون بعيد النظر،
فقيهًا بتيارات التاريخ وسنن الاجتماع، وأن يكون ملمًا بحوادث التاريخ اليهودي والعالمي بعامة لا سيما
الحوادث الحاضرة وأصابع اليهود من ورائها، ثم يكون خبيرًا بمعرفة الاتجاهات التاريخية والطبائع البشرية،
وعندئذ فحسب ستنكشف له مؤامرة يهودية جهنمية تهدف إلى افساد العالم وانحلاله لاخضاعه كله لمصلحة
اليهود ولسيطرتهم دون سائر البشر.
ولو توهمنا أن مجمعًا من أعتى الأبالسة الأشرار قد انعقد ليتبارى أفراده أو طوائفه منفردين أو متعاونين في
ابتكار أجرم خطة لتدمير العالم واستعباده، اذن لما تفتق عقل أشد هؤلاء الأبالسة اجرامًا وخسة وعنفًا عن
مؤامرة شر من هذه المؤامرة التي تمخض عنها المؤتمر الأول لحكماء صهيون سنة 1897 ، وفيه درس
المؤتمرون خطة اجرامية لتمكين اليهود من السيطرة على العالم، وهذه البروتوكولات توضح اطرافًا من هذه
الخطة.
بعض عناصر المؤامرة الصهيونية:
ان المجال لا يسمح بذكر كل عناصر المؤامرة كما جاءت في البروتوكولات، وحسبنا الإشارة إلى ما يأتي
منها:
(أ) لليهود منذ قرون خطة سرية غايتها الاستيلاء على العالم أجمع، لمصلحة اليهود وحدهم، وكان ينقحها
حكماؤهم طورًا فطورًا حسب الأحوال، مع وحدة الغاية.
(ب) تنضح هذه الخطة السرية بما أثر عن اليهود من الحقد على الأمم لا سيما المسيحيين، والضغن على
الأديان لا سيما المسيحية، كما تنضح بالحرص على السيطرة العالمية.
(ج) يسعى اليهود لهدم الحكومات في كل الاقطار، والاستعاضة عنها بحكومة ملكية استبدادية يهودية،
ويهيئون كل الوسائل لهدم الحكومات لاسيما الملكية. ومن هذه الوسائل اغراء الملوك باضطهاد الشعوب،
واغراء الشعوب بالتمرد على الملوك، متوسلين لذلك بنشر مبادئ الحرية والمساواة، ونحوها مع تفسيرها
تفسيرًا خاصًا يؤذي الجانبين، وبمحاولة ابقاء كل من قوة الحكومة وقوة الشعب متعاديتين، وابقاء كل منها في
توجس وخوف دائم من الأخرى، وافساد الحكام وزعماء الشعوب، ومحاربة كل ذكاء يظهر بين الأميين (غير
اليهود) مع الاستعانة على تحقيق ذلك كله بالنساء والمال والمناصب والمكايد.. وما إلى ذلك من وسائل
الفتنة. ويكون مقر الحكومة الاسرائيلية في أورشليم أو ً لا، ثم تستقر إلى الأبد في روما عاصمة الامبراطورية
الرومانية قديمًا.
(د) إلقاء بذور الخلاف والشغب في كل الدول، عن طريق الجمعيات السرية السياسية والدينية والفنية
والرياضية والمحافل الماسونية، والاندية على اختلاف نشاطها، والجمعيات العلنية من كل لون، ونقل الدول
من التسامح إلى التطرف السياسي والديني، فالاشتراكية، فالاباحية، فالفوضوية، فاستحالة تطبيق مبادئ
المساواة.
هذا كله مع التمسك بابقاء الأمة اليهودية متماسكة بعيدة عن التأثر بالتعاليم التي تضرها، ولكنها تضر
غيرها.
(ه) يرون أن طرق الحكم الحاضرة في العالم جميعًا فاسدة، والواجب لزيادة افسادها في تدرج إلى أن يحين
الوقت لقيام المملكة اليهودية على العالم لا قبل هذا الوقت ولا بعده. لأن حكم الناس صناعة مقدسة سامية
سرية، لا يتقنها في رأيهم الا نخبة موهوبة ممتازة من اليهود الذين اتقنوا التدرب التقليدي عليها، وكشفت لهم
أسرارها التي استنبطها حكماء صهيون من تجارب التاريخ خلال قرون طويلة، وهي تمنح لهم سرًا، وليست
السياسة بأي حال من عمل الشعوب أو العباقرة غير المخلوقين لها بين الأميين (غير اليهود).
(و) يجب أن يساس الناس كما تساس قطعان البهائم الحقيرة، وكل الاميين حتى الزعماء الممتازين منهم إنما
هم قطع شطرنج في أيدي اليهود تسهل استمالتهم واستعبادهم بالتهديد أو المال أو النساء أو المناصب أو
نحوها.
(ز) يجب أن توضع تحت ايدي اليهود لأنهم المحتكرون للذهب كل وسائل الطبع والنشر والصحافة
والمدارس والجامعات والمسارح وشركات السينما ودورها والعلوم والقوانين والمضاربات وغيرها.
وان الذهب الذي يحتكره اليهود هو أقوى الأسلحة لإثارة الرأي العام وافساد الشبان والقضاء على الضمائر
والأديان والقوميات ونظام الأسرة، وأغراء الناس بالشهوات والقضاء على الضمائر والاديان والقوميات
ونظام الأسرة، وأغراء الناس بالشهوات البهيمية الضارة، واشاعة الرذيلة والانحلال، حتى تستنزف قوى
الاميين استنزافًا، فلا تجد مفرًا من القذف بأنفسها تحت أقدام اليهود.
(ح) وضع اسس الاقتصاد العالمي على أساس الذهب الذي يحتكره اليهود، لا على أساس قوة العمل والانتاج
والثروات الأخرى، مع أحداث الأزمات الاقتصادية العالمية على الدوام كي لا يستريح العالم ابدًا، فيضطر
إلى الاستعانة باليهود لكشف كروبه، ويرضى صاغرًا مغتبطًا بالسلطة اليهودية العالمية.
. (ط) الاستعانة بأمريكا والصين واليابان على تأديب أوروبا واخضاعها
أما بقية خطوط المؤامرة فتتكفل بتفصيلها البرتوكولات نفسها.
قرارات المؤتمر الصهيوني الأول واختلاس البرتوكولات:
عقد زعماء اليهود ثلاثة وعشرين مؤتمرًا منذ سنة 1897 حتى سنة 1951 وكان آخرها هو المؤتمر الذي
انعقد في القدس لأول مرة في 14 أغسطس من هذه السنة، ليبحث في الظاهر مسألة الهجرة إلى إسرائيل
1951 )، وكان الغرض من هذه المؤتمرات جميعًا دراسة الخطط /7/ وحدودها كما ذكرت جريدة الزمان ( 28
التي تؤدي إلى تأسيس مملكة صهيون العالمية.
أما أول مؤتمراتهم فكان في مدينة بال بسويسرة سنة 1897 برياسة زعيمهم "هرتزل"، وقد اجتمع فيه نحو
ثلثمائة من أعتى حكماء صهيون كانوا يمثلون خمسين جمعية يهودية،وقد قرروا في المؤتمر خطتهم السرية
لاستعباد العالم كله تحت تاج ملك من نسل داود، وكانت قراراتهم فيه سرية محوطة بأشد أنواع الكتمان
والتحفظ الا عن اصحابها بين الناس، اما غيرهم فمحجوبون عنها ولو كانوا من أكابر زعماء اليهود، فض ً لا
عن فضح اسرارها سرًا، وان كان فيما ظهر منها ما يكشف بقوة ووضوح عما لا يزال خافيًا.
فقد استطاعت سيدة فرنسية أثناء اجتماعها بزعيم من أكابر رؤسائهم في وكر من أوكارهم الماسونية السرية
في فرنسا ان تختلس بعض هذه الوثائق ثم تفر بها، والوثائق المختلسة هي هذه البروتوكولات التي بين
أيدينا.
وصلت هذه الوثائق إلى أليكس نيقولا كبير جماعة أعيان روسيا الشرقية في عهد القيصرية، فقدر خطواتها
ونياتها الشريرة ضد العالم لا سيما بلاده روسيا، ثم رأى أن يضعها في أيدي أمينة أقدر من يده على الانتفاع
ها ونشرها، فدفعها إلى صديقه العالم الروسي الجليل الاستاذ سرجي نيلوس الذي لا شك أنه درسها دراسة
دقيقة كافية، وقارن بينها وبين الأحداث السياسية الجارية يومئذ فادرك خطورتها أتم ادراك واستطاع من
جراء هذه المقارنة أن يتنبأ بكثير من الأحداث الخطيرة التي وقعت بعد ذلك بسنوات كما قدرها، والتي كان
لها دوي هائل في جميع العالم، كما كان لها أثر في توجيه تاريخه وتطوراته، منها نبوءته بتحطيم القيصرية
في روسيا ونشر الشيوعية فيها وحكمها حكمًا استبداديًا غاشمًا واتخاذها مركزًا لنشر المؤامرات والقلاقل في
العالم، ومنها نبوءته بسقوط الخلافة الإسلامية العثمانية على أيدي اليهود قبل تأسيس اسرائيل.
ومنها نبوءته بعودة اليهود إلى فلسطين وقيام دولة إسرائيل فيها، ومنها نبؤءته بسقوط الملكيات في أوروبا
وقد زالت الملكيات فع ً لا في ألمانيا والنمسا ورومانيا وأسبانيا وايطاليا. ومنها أثارة حروب عالمية لأول مرة
في التاريخ يخسر فيها الغالب والمغلوب معًا ولا يظفر بمغنمها الا اليهود. وقد نشبت منها حربان، واليهود
يهيئون الأحوال الآن لنشوب الثالثة، فنفوذ اليهود في أمريكا لا يعادله نفوذ أقلية، ثم أنهم أهل سلطان في
روسيا، وهاتان الدولتان أعظم قوتين عالميتين، واليهود يجرونهما إلى الحرب لتحطيمهما معًا، واذا تحطمتا
ازداد طمع اليهود في حكم العالم كله حكمًا مكشوفًا بدل حكمهم اياه حكمًا مقنعًا، ومن نبوءته أيضًا نشر الفتن
والقلاقل والأزمات الاقتصادية دوليًا، وبنيان الاقتصاد على اساس الذهب الذي يحتكره اليهود،وغير ذلك من
النبوءات كثير.
ذعر اليهود لنشر البرتوكولات واثر ذلك:
وقع الكتاب في يد نيلوس سنة 1901 ، وطبع منه نسخًا قليلة لأول مرة بالروسية سنة 1902 فافتضحت نيات
اليهود الاجرامية، وجن جنونهم خوفًا وفزعًا، ورأوا العالم يتنبه إلى خططهم الشريرة ضد راحته وسعادته،
وعمت المذابح ضده في روسيا حتى لقد قتل منهم في احداها نحو عشرة آلاف، واشتد هلعهم لذلك كله، فقام
زعيمهم الكبير الخطير تيودور هرتزل أبو الصهيونية، وموسى اليهود في العصر الحديث يلطم ويصرخ لهذه
الفضيحة، وأصدر عدة نشرات يعلن فيها أنه قد سرقت من "قدس الأقداس" بعض الوثائق السرية التي قصد
اخفاؤها على غير أصحابها ولو كانوا من أعاظم اليهود، وأن ذيوعها قبل الاوان يعرض اليهود في العالم
لشر النكبات، وهب اليهود في كل مكان يعلنون أن البرتوكولات ليست من عملهم، لكنها مزيفة عليهم، ولكن
العالم لم يصدق مزاعم اليهود للاتفاقات الواضحة بين خطة البرتوكولات والاحداث الجارية في العالم يومئذ،
وهذه الاتفاقات لا يمكن أن تحدث مصادفة لمصلحة اليهود وحدهم،وهي أدلة بينة أو قرائن اكيدة لا سبيل إلى
أنكارها أو الشك فيها، فانصرف الناس عن مزاعم اليهود، وآمنوا ايمانًا وثيقًا أن البروتوكولات من عملهم،
فانتشرت هي كما انتشر تراجمها إلى مختلف اللهجات الروسية وانتشرت معها المذابح والاضطهادات ضد
اليهود في كل أنحاء روسيا حتى لقد قتل منهم في احدى المذابح عشرة آلاف، وحوصروا في احيائهم كما
قدمنا.
واستقبل اليهود في الدفاع عن انفسهم، وسمعتهم المهتوكة، وجدوا في اخفاء فضيحتهم أو حصرها في أضيق
نطاق، فأقبلوا يشترون نسخ الكتاب من الأسواق بأي ثمن، ولكنهم عجزوا، واستعانوا بذهبهم ونسائهم
وتهديداتهم ونفوذ هيئاتهم وزعمائهم في سائر الأقطار الأوروبية لا سيما بريطانيا لكي تضغط على روسيا
دبلوماسيًا، لايقاف المذابح ومصادرة نسخ الكتاب علنيًا، فتم لهم ذلك بعد جهود جبارة.
ولكن نيلوس أعاد نشر الكتاب مع مقدمة وتعقيب بقلمه سنة 1905 ، ونفدت هذه الطبعة في سرعة غريبة
بوسائل خفية، لأن اليهود جمعوا نسخها من الأسواق بكل الوسائل واحرقوها، ثم طبع في سنة 1911 فنفدت
نسخه على هذا النحو، ولما طبع سنة 1917 صادره البلاشفة الشيوعيون الذين استطاعوا في تلك السنة تدمير
القيصرية، والقبض على أزمة الحكم في روسيا، وكان معظمهم من اليهود الصرحاء أو المستورين أو من
صنائعهم، ثم اختفت البروتوكولات من روسيا حتى آلان.
في British Museum وكانت قد وصلت نسخة من الطبعة الروسية سنة 1905 إلى المتحف البريطاني
لندن ختمت بخاتمه، وسجل عليها تاريخ تسلمها ( 10 أغسطس سنة 1906 ) وبقيت النسخة مهملة حتى حدث
على "Morning Post الانقلاب الشيوعي في روسيا سنة 1917 ، فوقع اختيار جريدة "المورننغ بوست
مراسلها الأستاذ فكتور مارسدن ليوافيها بأخبار الانقلاب الشيوعي من روسيا، واطلع قبل سفره على عدة
كتب روسية كانت من بينها البرتوكولات التي بالمتحف البريطاني، فقرأ النسخة وقدر خطرها، وراى وهو
في سنة 1917 نبوءة ناشرها الروسي الاستاذ نيلوس بهذا الانقلاب سنة 1905 ، أي قبل وقوعه بإثنتي
عشرة سنة، فعكف المراسل في المتحف على ترجمتها إلى الانجليزية ثم نشرها، وقد أعيد طبعها مرات بعد
ذلك كانت الأخيرة والخامسة منها سنة 1921 (ومنها نسختنا)، ثم لم يجرؤ ناشر في بريطانيا ولا أمريكا على
طبعها بعد ذلك كما يقول مؤرخ انجليزي معاصر هو العلامة دجلاس ريد في كتابه على الحركات السرية
المعاصرة، ودون أن نطيل القول في أسباب صمت الناشرين عنها على ما وضحها الاستاذ ريد نتبين
أصابع اليهود من وراء كل صمت مريب.
وفي سنة 1919 ترجم الكتاب إلى الألمانية، ونشر في برلين، ثم توقف طبعه بعد أن جمعت أكثر نسخه،
وكان هذا مظهرًا من مظاهر نفوذ اليهودية في المانيا، قبل انتصارها عليها بعد الحرب العالمية الأولى، كما
انتصرت عليها خلالها، إذ كانت ألاعيبها ودسائسها قد امتدت أثناء الحرب من الساسة إلى قادة الجيوش
والاساطيل بين الألمان، وكانت سببًا من أكبر أسباب هزيمة المانيا في تلك الحرب الضروس، ومن أظهر
آيات ذلك انسحاب الاسطول الألماني وهو منتصر ظاهر أمام الأسطول الإنجليزي في معركة جتلاند
وقد استشهد البريطان في مقدمة طبعتهم الخامسة للبرتوكولات على صحة نسبتها إلى اليهود
وسعيهم وفق خططها ببيانات هذه المعركة ونتيجتها، وان كانوا قد بالغوا حين حملوا اليهود كل
مسؤوليات الحرب العالمية الأولى ومصرع روسيا وهزيمة المانيا وما اعقب الحرب من ويلات عاتية، شملت
كل بقعة على هذا الكوكب.
ومع محاولات اليهود الجبارة اخفاء أمر البرتوكولات عن العيون انتشرت تراجمها بلغات مختلفة في فرنسا
وايطاليا وبولونيا وامريكا عقب تلك الحرب، وعم انتشارها وأثرها في تلك البلاد، ولكن سرعان ما كانت
تختفي دائمًا من مكتباتها بأساليب محيرة حيثما سطعت في الظهور، والى جانبه البرتوكولات، فحاول اليهود
منعها، فلما عجزوا بشتى أساليبهم عن اقناعها احرقوا مطبعتها.
ومن المتعذر أن نتتبع رحلة هذا الكتاب العجيب في بلاد العالم بين الظهور والاختفاء. ولكنا نشير إلى بعض
وقائعه في بريطانيا لأننا بها أعلم، وبقصد كتابها أوثق، وهي مثل يدل على سواه، وحسبنا هنا أن نصور
قطرات مما سالت به اقلام كتابها حول البروتوكولات عقب الحرب العالمية الأولى التي صليت نيرانها معظم
أمم العالم كبارها وصغارها، وبددت في سعيرها كثيرًا من كنوز شبابها وأخلاقها وعقائدها وروابطها
وأموالها، ولم يخرج منها سالمًا غانمًا الا اليهود، حتى رأى أحد كتاب البريطان ان الهتاف الصحيح يومئذ هو
لا هتاف الغرور "المانيا فوق الجميع" الذي جعلته المانيا Jewry ueber Alles "اليهودية فوق الجميع
شعارها أيام ازدهارها عقب انتصارها على فرنسا في الحرب السبعينية ( 1870 ) ومناداتها بملك بروسيا
امبراطورًا على المانيا في حفل تتويجه بقصر فرساي في قلب فرنسا، ثم ضمنت المانيا هذا الشعار نشيدها
القومي وجعلته عنوانًا له، ولم يزل كذلك حتى تمت هزيمتها في تلك الحرب.
وقد نعى الكاتب البريطاني على امته يومئذ مقاومتها الخطر الألماني الذي غلبته في تلك الحرب دون الخطر
اليهودي الذي أهملته وان كان أخفى وأكبر، وكذلك وجه نظر أمته يومئذ إلى الصلات القوية بين
البروتوكولات الصهيونية وسقوط روسيا في أيدي البلاشفة ومعظمهم من اليهود عقب مصرع
القيصرية فيها سنة 1917 ، وقد أحدث سقوطها يومئذ من الدوي في آذان البشر، ومن الروع في نفوسهم ما
يحدثه منظر جبل يخر في بحر زاخر فيتتابع ارغاؤه وازباده، وكانت بوادر الفظائع البلشفية اليهودية في
روسيا تؤرق أجفان الأمم الحرة توجعًا لشعبها الهائل المسكين الذي كان يتقلى في رمضاء القيصرية، ويتفزز
للنجاة منها، فوقع في جحيم الشيوعية اليهودية، ولاح بعد ظهور البروتوكولات أبان تسعر تلك الجحيم
بضحاياها ان خططها تطبق في وحشية على ذلك الشعب المسكين، وتمتد السنتها سرًا وجهرًا إلى سائر
الشعوب الأوروبية، ولا سيما الشعوب التي تتاخم روسيا أو تدانيها في أوروبا الشرقية والوسطى، عن طريق
اثارة القلاقل والفتن والاضرابات والاغتيالات للقضاء على كل قوة وطنية وانسانية فيها كي تخر ذليلة
مستسلمة تحت اقدام البلشفية اليهودية.
بروتوآولات حكماء صهيون
تقدير الكتاب وترجمته للأستاذ الكبير
عباس محمود العقاد
الطبعة الخامسة
1400 ه 1980 م
هذا الكتاب هو أخطر كتاب ظهر في العالم، ولا يستطيع أن يقدره حق قدره إلا من يدرس البروتوكولات
كلها كلمة كلمة في أناة وتبصر، ويربط بين أجزاء الخطة التي رسمتها، على شرط أن يكون بعيد النظر،
فقيهًا بتيارات التاريخ وسنن الاجتماع، وأن يكون ملمًا بحوادث التاريخ اليهودي والعالمي بعامة لا سيما
الحوادث الحاضرة وأصابع اليهود من ورائها، ثم يكون خبيرًا بمعرفة الاتجاهات التاريخية والطبائع البشرية،
وعندئذ فحسب ستنكشف له مؤامرة يهودية جهنمية تهدف إلى افساد العالم وانحلاله لاخضاعه كله لمصلحة
اليهود ولسيطرتهم دون سائر البشر.
ولو توهمنا أن مجمعًا من أعتى الأبالسة الأشرار قد انعقد ليتبارى أفراده أو طوائفه منفردين أو متعاونين في
ابتكار أجرم خطة لتدمير العالم واستعباده، اذن لما تفتق عقل أشد هؤلاء الأبالسة اجرامًا وخسة وعنفًا عن
مؤامرة شر من هذه المؤامرة التي تمخض عنها المؤتمر الأول لحكماء صهيون سنة 1897 ، وفيه درس
المؤتمرون خطة اجرامية لتمكين اليهود من السيطرة على العالم، وهذه البروتوكولات توضح اطرافًا من هذه
الخطة.
بعض عناصر المؤامرة الصهيونية:
ان المجال لا يسمح بذكر كل عناصر المؤامرة كما جاءت في البروتوكولات، وحسبنا الإشارة إلى ما يأتي
منها:
(أ) لليهود منذ قرون خطة سرية غايتها الاستيلاء على العالم أجمع، لمصلحة اليهود وحدهم، وكان ينقحها
حكماؤهم طورًا فطورًا حسب الأحوال، مع وحدة الغاية.
(ب) تنضح هذه الخطة السرية بما أثر عن اليهود من الحقد على الأمم لا سيما المسيحيين، والضغن على
الأديان لا سيما المسيحية، كما تنضح بالحرص على السيطرة العالمية.
(ج) يسعى اليهود لهدم الحكومات في كل الاقطار، والاستعاضة عنها بحكومة ملكية استبدادية يهودية،
ويهيئون كل الوسائل لهدم الحكومات لاسيما الملكية. ومن هذه الوسائل اغراء الملوك باضطهاد الشعوب،
واغراء الشعوب بالتمرد على الملوك، متوسلين لذلك بنشر مبادئ الحرية والمساواة، ونحوها مع تفسيرها
تفسيرًا خاصًا يؤذي الجانبين، وبمحاولة ابقاء كل من قوة الحكومة وقوة الشعب متعاديتين، وابقاء كل منها في
توجس وخوف دائم من الأخرى، وافساد الحكام وزعماء الشعوب، ومحاربة كل ذكاء يظهر بين الأميين (غير
اليهود) مع الاستعانة على تحقيق ذلك كله بالنساء والمال والمناصب والمكايد.. وما إلى ذلك من وسائل
الفتنة. ويكون مقر الحكومة الاسرائيلية في أورشليم أو ً لا، ثم تستقر إلى الأبد في روما عاصمة الامبراطورية
الرومانية قديمًا.
(د) إلقاء بذور الخلاف والشغب في كل الدول، عن طريق الجمعيات السرية السياسية والدينية والفنية
والرياضية والمحافل الماسونية، والاندية على اختلاف نشاطها، والجمعيات العلنية من كل لون، ونقل الدول
من التسامح إلى التطرف السياسي والديني، فالاشتراكية، فالاباحية، فالفوضوية، فاستحالة تطبيق مبادئ
المساواة.
هذا كله مع التمسك بابقاء الأمة اليهودية متماسكة بعيدة عن التأثر بالتعاليم التي تضرها، ولكنها تضر
غيرها.
(ه) يرون أن طرق الحكم الحاضرة في العالم جميعًا فاسدة، والواجب لزيادة افسادها في تدرج إلى أن يحين
الوقت لقيام المملكة اليهودية على العالم لا قبل هذا الوقت ولا بعده. لأن حكم الناس صناعة مقدسة سامية
سرية، لا يتقنها في رأيهم الا نخبة موهوبة ممتازة من اليهود الذين اتقنوا التدرب التقليدي عليها، وكشفت لهم
أسرارها التي استنبطها حكماء صهيون من تجارب التاريخ خلال قرون طويلة، وهي تمنح لهم سرًا، وليست
السياسة بأي حال من عمل الشعوب أو العباقرة غير المخلوقين لها بين الأميين (غير اليهود).
(و) يجب أن يساس الناس كما تساس قطعان البهائم الحقيرة، وكل الاميين حتى الزعماء الممتازين منهم إنما
هم قطع شطرنج في أيدي اليهود تسهل استمالتهم واستعبادهم بالتهديد أو المال أو النساء أو المناصب أو
نحوها.
(ز) يجب أن توضع تحت ايدي اليهود لأنهم المحتكرون للذهب كل وسائل الطبع والنشر والصحافة
والمدارس والجامعات والمسارح وشركات السينما ودورها والعلوم والقوانين والمضاربات وغيرها.
وان الذهب الذي يحتكره اليهود هو أقوى الأسلحة لإثارة الرأي العام وافساد الشبان والقضاء على الضمائر
والأديان والقوميات ونظام الأسرة، وأغراء الناس بالشهوات والقضاء على الضمائر والاديان والقوميات
ونظام الأسرة، وأغراء الناس بالشهوات البهيمية الضارة، واشاعة الرذيلة والانحلال، حتى تستنزف قوى
الاميين استنزافًا، فلا تجد مفرًا من القذف بأنفسها تحت أقدام اليهود.
(ح) وضع اسس الاقتصاد العالمي على أساس الذهب الذي يحتكره اليهود، لا على أساس قوة العمل والانتاج
والثروات الأخرى، مع أحداث الأزمات الاقتصادية العالمية على الدوام كي لا يستريح العالم ابدًا، فيضطر
إلى الاستعانة باليهود لكشف كروبه، ويرضى صاغرًا مغتبطًا بالسلطة اليهودية العالمية.
. (ط) الاستعانة بأمريكا والصين واليابان على تأديب أوروبا واخضاعها
أما بقية خطوط المؤامرة فتتكفل بتفصيلها البرتوكولات نفسها.
قرارات المؤتمر الصهيوني الأول واختلاس البرتوكولات:
عقد زعماء اليهود ثلاثة وعشرين مؤتمرًا منذ سنة 1897 حتى سنة 1951 وكان آخرها هو المؤتمر الذي
انعقد في القدس لأول مرة في 14 أغسطس من هذه السنة، ليبحث في الظاهر مسألة الهجرة إلى إسرائيل
1951 )، وكان الغرض من هذه المؤتمرات جميعًا دراسة الخطط /7/ وحدودها كما ذكرت جريدة الزمان ( 28
التي تؤدي إلى تأسيس مملكة صهيون العالمية.
أما أول مؤتمراتهم فكان في مدينة بال بسويسرة سنة 1897 برياسة زعيمهم "هرتزل"، وقد اجتمع فيه نحو
ثلثمائة من أعتى حكماء صهيون كانوا يمثلون خمسين جمعية يهودية،وقد قرروا في المؤتمر خطتهم السرية
لاستعباد العالم كله تحت تاج ملك من نسل داود، وكانت قراراتهم فيه سرية محوطة بأشد أنواع الكتمان
والتحفظ الا عن اصحابها بين الناس، اما غيرهم فمحجوبون عنها ولو كانوا من أكابر زعماء اليهود، فض ً لا
عن فضح اسرارها سرًا، وان كان فيما ظهر منها ما يكشف بقوة ووضوح عما لا يزال خافيًا.
فقد استطاعت سيدة فرنسية أثناء اجتماعها بزعيم من أكابر رؤسائهم في وكر من أوكارهم الماسونية السرية
في فرنسا ان تختلس بعض هذه الوثائق ثم تفر بها، والوثائق المختلسة هي هذه البروتوكولات التي بين
أيدينا.
وصلت هذه الوثائق إلى أليكس نيقولا كبير جماعة أعيان روسيا الشرقية في عهد القيصرية، فقدر خطواتها
ونياتها الشريرة ضد العالم لا سيما بلاده روسيا، ثم رأى أن يضعها في أيدي أمينة أقدر من يده على الانتفاع
ها ونشرها، فدفعها إلى صديقه العالم الروسي الجليل الاستاذ سرجي نيلوس الذي لا شك أنه درسها دراسة
دقيقة كافية، وقارن بينها وبين الأحداث السياسية الجارية يومئذ فادرك خطورتها أتم ادراك واستطاع من
جراء هذه المقارنة أن يتنبأ بكثير من الأحداث الخطيرة التي وقعت بعد ذلك بسنوات كما قدرها، والتي كان
لها دوي هائل في جميع العالم، كما كان لها أثر في توجيه تاريخه وتطوراته، منها نبوءته بتحطيم القيصرية
في روسيا ونشر الشيوعية فيها وحكمها حكمًا استبداديًا غاشمًا واتخاذها مركزًا لنشر المؤامرات والقلاقل في
العالم، ومنها نبوءته بسقوط الخلافة الإسلامية العثمانية على أيدي اليهود قبل تأسيس اسرائيل.
ومنها نبوءته بعودة اليهود إلى فلسطين وقيام دولة إسرائيل فيها، ومنها نبؤءته بسقوط الملكيات في أوروبا
وقد زالت الملكيات فع ً لا في ألمانيا والنمسا ورومانيا وأسبانيا وايطاليا. ومنها أثارة حروب عالمية لأول مرة
في التاريخ يخسر فيها الغالب والمغلوب معًا ولا يظفر بمغنمها الا اليهود. وقد نشبت منها حربان، واليهود
يهيئون الأحوال الآن لنشوب الثالثة، فنفوذ اليهود في أمريكا لا يعادله نفوذ أقلية، ثم أنهم أهل سلطان في
روسيا، وهاتان الدولتان أعظم قوتين عالميتين، واليهود يجرونهما إلى الحرب لتحطيمهما معًا، واذا تحطمتا
ازداد طمع اليهود في حكم العالم كله حكمًا مكشوفًا بدل حكمهم اياه حكمًا مقنعًا، ومن نبوءته أيضًا نشر الفتن
والقلاقل والأزمات الاقتصادية دوليًا، وبنيان الاقتصاد على اساس الذهب الذي يحتكره اليهود،وغير ذلك من
النبوءات كثير.
ذعر اليهود لنشر البرتوكولات واثر ذلك:
وقع الكتاب في يد نيلوس سنة 1901 ، وطبع منه نسخًا قليلة لأول مرة بالروسية سنة 1902 فافتضحت نيات
اليهود الاجرامية، وجن جنونهم خوفًا وفزعًا، ورأوا العالم يتنبه إلى خططهم الشريرة ضد راحته وسعادته،
وعمت المذابح ضده في روسيا حتى لقد قتل منهم في احداها نحو عشرة آلاف، واشتد هلعهم لذلك كله، فقام
زعيمهم الكبير الخطير تيودور هرتزل أبو الصهيونية، وموسى اليهود في العصر الحديث يلطم ويصرخ لهذه
الفضيحة، وأصدر عدة نشرات يعلن فيها أنه قد سرقت من "قدس الأقداس" بعض الوثائق السرية التي قصد
اخفاؤها على غير أصحابها ولو كانوا من أعاظم اليهود، وأن ذيوعها قبل الاوان يعرض اليهود في العالم
لشر النكبات، وهب اليهود في كل مكان يعلنون أن البرتوكولات ليست من عملهم، لكنها مزيفة عليهم، ولكن
العالم لم يصدق مزاعم اليهود للاتفاقات الواضحة بين خطة البرتوكولات والاحداث الجارية في العالم يومئذ،
وهذه الاتفاقات لا يمكن أن تحدث مصادفة لمصلحة اليهود وحدهم،وهي أدلة بينة أو قرائن اكيدة لا سبيل إلى
أنكارها أو الشك فيها، فانصرف الناس عن مزاعم اليهود، وآمنوا ايمانًا وثيقًا أن البروتوكولات من عملهم،
فانتشرت هي كما انتشر تراجمها إلى مختلف اللهجات الروسية وانتشرت معها المذابح والاضطهادات ضد
اليهود في كل أنحاء روسيا حتى لقد قتل منهم في احدى المذابح عشرة آلاف، وحوصروا في احيائهم كما
قدمنا.
واستقبل اليهود في الدفاع عن انفسهم، وسمعتهم المهتوكة، وجدوا في اخفاء فضيحتهم أو حصرها في أضيق
نطاق، فأقبلوا يشترون نسخ الكتاب من الأسواق بأي ثمن، ولكنهم عجزوا، واستعانوا بذهبهم ونسائهم
وتهديداتهم ونفوذ هيئاتهم وزعمائهم في سائر الأقطار الأوروبية لا سيما بريطانيا لكي تضغط على روسيا
دبلوماسيًا، لايقاف المذابح ومصادرة نسخ الكتاب علنيًا، فتم لهم ذلك بعد جهود جبارة.
ولكن نيلوس أعاد نشر الكتاب مع مقدمة وتعقيب بقلمه سنة 1905 ، ونفدت هذه الطبعة في سرعة غريبة
بوسائل خفية، لأن اليهود جمعوا نسخها من الأسواق بكل الوسائل واحرقوها، ثم طبع في سنة 1911 فنفدت
نسخه على هذا النحو، ولما طبع سنة 1917 صادره البلاشفة الشيوعيون الذين استطاعوا في تلك السنة تدمير
القيصرية، والقبض على أزمة الحكم في روسيا، وكان معظمهم من اليهود الصرحاء أو المستورين أو من
صنائعهم، ثم اختفت البروتوكولات من روسيا حتى آلان.
في British Museum وكانت قد وصلت نسخة من الطبعة الروسية سنة 1905 إلى المتحف البريطاني
لندن ختمت بخاتمه، وسجل عليها تاريخ تسلمها ( 10 أغسطس سنة 1906 ) وبقيت النسخة مهملة حتى حدث
على "Morning Post الانقلاب الشيوعي في روسيا سنة 1917 ، فوقع اختيار جريدة "المورننغ بوست
مراسلها الأستاذ فكتور مارسدن ليوافيها بأخبار الانقلاب الشيوعي من روسيا، واطلع قبل سفره على عدة
كتب روسية كانت من بينها البرتوكولات التي بالمتحف البريطاني، فقرأ النسخة وقدر خطرها، وراى وهو
في سنة 1917 نبوءة ناشرها الروسي الاستاذ نيلوس بهذا الانقلاب سنة 1905 ، أي قبل وقوعه بإثنتي
عشرة سنة، فعكف المراسل في المتحف على ترجمتها إلى الانجليزية ثم نشرها، وقد أعيد طبعها مرات بعد
ذلك كانت الأخيرة والخامسة منها سنة 1921 (ومنها نسختنا)، ثم لم يجرؤ ناشر في بريطانيا ولا أمريكا على
طبعها بعد ذلك كما يقول مؤرخ انجليزي معاصر هو العلامة دجلاس ريد في كتابه على الحركات السرية
المعاصرة، ودون أن نطيل القول في أسباب صمت الناشرين عنها على ما وضحها الاستاذ ريد نتبين
أصابع اليهود من وراء كل صمت مريب.
وفي سنة 1919 ترجم الكتاب إلى الألمانية، ونشر في برلين، ثم توقف طبعه بعد أن جمعت أكثر نسخه،
وكان هذا مظهرًا من مظاهر نفوذ اليهودية في المانيا، قبل انتصارها عليها بعد الحرب العالمية الأولى، كما
انتصرت عليها خلالها، إذ كانت ألاعيبها ودسائسها قد امتدت أثناء الحرب من الساسة إلى قادة الجيوش
والاساطيل بين الألمان، وكانت سببًا من أكبر أسباب هزيمة المانيا في تلك الحرب الضروس، ومن أظهر
آيات ذلك انسحاب الاسطول الألماني وهو منتصر ظاهر أمام الأسطول الإنجليزي في معركة جتلاند
وقد استشهد البريطان في مقدمة طبعتهم الخامسة للبرتوكولات على صحة نسبتها إلى اليهود
وسعيهم وفق خططها ببيانات هذه المعركة ونتيجتها، وان كانوا قد بالغوا حين حملوا اليهود كل
مسؤوليات الحرب العالمية الأولى ومصرع روسيا وهزيمة المانيا وما اعقب الحرب من ويلات عاتية، شملت
كل بقعة على هذا الكوكب.
ومع محاولات اليهود الجبارة اخفاء أمر البرتوكولات عن العيون انتشرت تراجمها بلغات مختلفة في فرنسا
وايطاليا وبولونيا وامريكا عقب تلك الحرب، وعم انتشارها وأثرها في تلك البلاد، ولكن سرعان ما كانت
تختفي دائمًا من مكتباتها بأساليب محيرة حيثما سطعت في الظهور، والى جانبه البرتوكولات، فحاول اليهود
منعها، فلما عجزوا بشتى أساليبهم عن اقناعها احرقوا مطبعتها.
ومن المتعذر أن نتتبع رحلة هذا الكتاب العجيب في بلاد العالم بين الظهور والاختفاء. ولكنا نشير إلى بعض
وقائعه في بريطانيا لأننا بها أعلم، وبقصد كتابها أوثق، وهي مثل يدل على سواه، وحسبنا هنا أن نصور
قطرات مما سالت به اقلام كتابها حول البروتوكولات عقب الحرب العالمية الأولى التي صليت نيرانها معظم
أمم العالم كبارها وصغارها، وبددت في سعيرها كثيرًا من كنوز شبابها وأخلاقها وعقائدها وروابطها
وأموالها، ولم يخرج منها سالمًا غانمًا الا اليهود، حتى رأى أحد كتاب البريطان ان الهتاف الصحيح يومئذ هو
لا هتاف الغرور "المانيا فوق الجميع" الذي جعلته المانيا Jewry ueber Alles "اليهودية فوق الجميع
شعارها أيام ازدهارها عقب انتصارها على فرنسا في الحرب السبعينية ( 1870 ) ومناداتها بملك بروسيا
امبراطورًا على المانيا في حفل تتويجه بقصر فرساي في قلب فرنسا، ثم ضمنت المانيا هذا الشعار نشيدها
القومي وجعلته عنوانًا له، ولم يزل كذلك حتى تمت هزيمتها في تلك الحرب.
وقد نعى الكاتب البريطاني على امته يومئذ مقاومتها الخطر الألماني الذي غلبته في تلك الحرب دون الخطر
اليهودي الذي أهملته وان كان أخفى وأكبر، وكذلك وجه نظر أمته يومئذ إلى الصلات القوية بين
البروتوكولات الصهيونية وسقوط روسيا في أيدي البلاشفة ومعظمهم من اليهود عقب مصرع
القيصرية فيها سنة 1917 ، وقد أحدث سقوطها يومئذ من الدوي في آذان البشر، ومن الروع في نفوسهم ما
يحدثه منظر جبل يخر في بحر زاخر فيتتابع ارغاؤه وازباده، وكانت بوادر الفظائع البلشفية اليهودية في
روسيا تؤرق أجفان الأمم الحرة توجعًا لشعبها الهائل المسكين الذي كان يتقلى في رمضاء القيصرية، ويتفزز
للنجاة منها، فوقع في جحيم الشيوعية اليهودية، ولاح بعد ظهور البروتوكولات أبان تسعر تلك الجحيم
بضحاياها ان خططها تطبق في وحشية على ذلك الشعب المسكين، وتمتد السنتها سرًا وجهرًا إلى سائر
الشعوب الأوروبية، ولا سيما الشعوب التي تتاخم روسيا أو تدانيها في أوروبا الشرقية والوسطى، عن طريق
اثارة القلاقل والفتن والاضرابات والاغتيالات للقضاء على كل قوة وطنية وانسانية فيها كي تخر ذليلة
مستسلمة تحت اقدام البلشفية اليهودية.
تعليق