صراع هويات أم صراع مصالح و سلطة
ما الذي يحدث في مصر بعد الثورة ؟ هل هو صراع بين الثورة و اللاثورة ؟ بالتأكيد نعم . هل هو صراع بين الثوار ومؤيديهم من جهة و الفلول من جهة أخرى ؟ بالتأكيد نعم . هل هو صراع بين الثورة و الثورة المضادة ؟ بالتأكيد نعم .
كلها أسئلة لا تخلو هي و إجاباتها من الصحة إلا أن الطرف الأول في كل سؤال مصلحته هي إعلاء شأن الوطن و الحصول على حقوقه و هي مصالح مشروعة و شريفة إلا أن الطرف الثاني في كل سؤال صاحب مصلحة و لكنها مصلحة غير شريفة مبنية على السرقة و النهب و سلب حقوق الغير و الوصولية و التسلق و الرشوة .
فلو قررنا هذا و هو صحيح فالصراع صراع مصالح لكن شتان بين الطرفين.
و إذا كانت السلطة تحقق المصلحة لأي من الطرفين ، فالصراع بالضرورة صراع سلطة .
ولكن لو كان الواقع يمثل صراع مصالح فإن الغلبة الساحقة ستكون لصاحب الحق .
و لو كان الواقع يمثل صراع سلطة فإن الغلبة الساحقة ستكون لصاحب الحق .
إذن كيف يتغلب صاحب الباطل على صاحب الحق ؟!
- بدأت اللعبة في البداية بقطع الرأس (خلع حسني ) لكي يعيش الجسد (النظام) وهدأ الثوار لتبدأ مرحلة انتقالية يقودها المجلس العسكري وأخطأ الثوار في هذه المرحلة في أنهم لم يكونوا مجلس قيادة ثورة و لو مؤقتاً .
- بدأت الديموقراطية المزعومة بإعلان دستوري تلو الآخر مما يدل على التخبط ، بدأت بانتخابات قبل الدستور لندور في حلقة مفرغة دون التقدم للأمام خطوة واحدة ، و هي مسئولية المجلس الأعلى للقوات المسلحة في المقام الأول يليه في ذلك القوى السياسية و الثوار و القانونيون الذين لم يتفقوا و يصمموا على البدء بالدستور
- ثم محاولة تقسيم الشعب إلى مسلمين و مسيحيين بالكنائس التي هدمت أو أحرقت بعد الثورة ، و محاولة تقسيم الميادين إلى التحرير و العباسية .
- و تشويه الميدان بدس البلطجية مرة تلو الأخرى في المليونيات المتعاقبة و تشويه أهداف المتظاهرين و المعتصمين .
- إعطاء أوامر لجهاز الشرطة بالخنوع و عدم القيام بواجبهم بل إن بعضهم شارك في التخطيط لأعمال البلطجة و السرقات التي كانت تحدث في مختلف محافظات مصر لترويع الآمنين .
- الأزمات المفتعلة في البوتاجاز و البنزين والسولار .
- تشويه صورة مجلس الشعب بكل الوسائل و الطعن في مصداقية أعضائه و التشكيك في حبهم للوطن .
كل هذا أدى إلى ضجر الفقراء و المساكين من أبناء الشعب المصري من الثورة و من فعالياتها مما أثر سلباً على رأيهم فيها بل إن الكثير من البسطاء و السذج بدأوا يتعاطفون مع بعض أطراف الثورة المضادة حتى أن البعض بدأ يترحم على أيام مبارك لا بارك الله فيه .
وهم في ذلك معذورون فهم بالكاد يحصلون على قوت يومهم ، و كما أن أغلبهم لم يحصل على قدر مناسب من التعليم يساعدهم على استقراء الأحداث أو تحليلها وكان للهاجس الأمني دوره أيضا ، ولا ننسى أن عدداً لا بأس به من الشعب المصري نتيجة الظلم والطغيان المصحوبين بالكذب و الغش و الخداع لسنين طويلة تعود على الانقياد و السلبية و تصديق ما يقال مما تربى على سماعه لأجيال .
و عندما وصلت الأمور إلى هذا الحد من التشويش على الثورة و منجزاتها باستغلال العواطف و الأمية و الجهل وا فتعال الأزمات الأمنية و القانونية و التموينية كانت الفرصة سانحة و المناخ مناسب للفلول ، للثورة المضادة ، للمتآمرين على الوطن لكي يعلو صوتهم الباطل و تنتشر أكاذيبهم من جديد ويصبح لها صداها.
أصبحت نفسية الملايين مهيأة لاستقبال ماهو سيئ عن الثورة و عن الإسلاميين أو تيار الإسلام السياسي كما يطلق عليهم و تصديقه .
ولأن الفلول و المنتفعين و أصحاب المصالح المشبوهة و المحرمة لن يستطيعوا تزوير الانتخابات باللعب في الصناديق هذه المرة ، كان لابد من اللعب على عواطف الناس و أميتهم و شراء ما يمكن شراء صوته بالمال و قد حدث هذا بالفعل وكانت المعركة محتدمة و على أشدها في الجولة الثانية من انتخابات الرئاسة .
إنها المعركة الأخيرة للفلول ، لبقايا الحزب الوطني ، و الفاسدين ، حاولوا جمع أنصارهم من جديد ، عقدوا الاجتماعات ، دفعوا الأموال ليغروا هذا أو ذاك ، لعبوا بأحلام المساكين ، ضحكوا على عقول المغفلين ، خوفوا السذج ، أرهبوا رجال الأعمال و رجال الشرطة و يمكننا أن نضيف لهؤلاء الليبراليين و اليساريين و كثير من الأقباط وكل من لا يريد رئيسا ذا صبغة دينية .
مع احترامنا لكل مصري و لحرية رأيه ، لكن رغم كل ما ذكرته إلا أن تصويت ما يقارب نصف المشاركين في الجولة الثانية و الذين يزيد عددهم عن اثني عشر مليون مصري لشفيق رغم كل ما يمثله أمر يستحق التوقف عنده كثيرا و تحليله و معالجته .
و إنني أرى أن سبب حدوث هذا ليس مجرد الصراع المحموم و الاستقطاب الهائل اللذان حدثا أثناء الانتخابات و إنما السبب الرئيس في ذلك هو عمليات التجريف الثقافي و التعرية الفكرية و التفزيع التي تربى عليها المصريون طوال عقود خلت فكانت هذه النتيجة المروعة في رأيي التي أنتجت هذا المشهد الذي كان يتوقع أن يحصل مرشح الثورة فيه على منصب الرئاسة بأغلبية مريحة لولا ما ذكر من أسباب .
لذلك و إن بدا المشهد أحيانا على أنه صراع هويات إلا أنه غير ذلك ، فيما يمكن أن نصفه تباين بين التقليديين الذين يرون الاستقرار فيما تعودوا عليه حتى لو كان مراً و بين من يريدون التغيير لما هو أفضل حتى لو كان مكلفاً ، و إما هو حالة ثقافية مرضية ينبغي أن تعالج .
الـــشـــاعـــر : إيــهــاب عـــزت
مدرس علوم ( عربي و لغات )
محمول : 00201005657696
البريد الإلكتروني :[email protected]
ما الذي يحدث في مصر بعد الثورة ؟ هل هو صراع بين الثورة و اللاثورة ؟ بالتأكيد نعم . هل هو صراع بين الثوار ومؤيديهم من جهة و الفلول من جهة أخرى ؟ بالتأكيد نعم . هل هو صراع بين الثورة و الثورة المضادة ؟ بالتأكيد نعم .
كلها أسئلة لا تخلو هي و إجاباتها من الصحة إلا أن الطرف الأول في كل سؤال مصلحته هي إعلاء شأن الوطن و الحصول على حقوقه و هي مصالح مشروعة و شريفة إلا أن الطرف الثاني في كل سؤال صاحب مصلحة و لكنها مصلحة غير شريفة مبنية على السرقة و النهب و سلب حقوق الغير و الوصولية و التسلق و الرشوة .
فلو قررنا هذا و هو صحيح فالصراع صراع مصالح لكن شتان بين الطرفين.
و إذا كانت السلطة تحقق المصلحة لأي من الطرفين ، فالصراع بالضرورة صراع سلطة .
ولكن لو كان الواقع يمثل صراع مصالح فإن الغلبة الساحقة ستكون لصاحب الحق .
و لو كان الواقع يمثل صراع سلطة فإن الغلبة الساحقة ستكون لصاحب الحق .
إذن كيف يتغلب صاحب الباطل على صاحب الحق ؟!
- لابد أن يحول المعركة من معركة مادية خشنة ترتبط بالعقول إلى معركة معنوية ناعمة ترتبط بالقلوب وبالعواطف .و الشعب المصري بطبيعته يتأثر بكل ما هوعاطفي .
- أن يعتمد على أمية نسبة كبيرة من الشعب المصري قد تصل إلى 40% أو تزيد .
- أن يستخدم إذا لزم الأمر سلاح المال و ما يساعد على ذلك أن أكثر من 40% من الشعب المصري تحت خط الفقر .
- بدأت اللعبة في البداية بقطع الرأس (خلع حسني ) لكي يعيش الجسد (النظام) وهدأ الثوار لتبدأ مرحلة انتقالية يقودها المجلس العسكري وأخطأ الثوار في هذه المرحلة في أنهم لم يكونوا مجلس قيادة ثورة و لو مؤقتاً .
- بدأت الديموقراطية المزعومة بإعلان دستوري تلو الآخر مما يدل على التخبط ، بدأت بانتخابات قبل الدستور لندور في حلقة مفرغة دون التقدم للأمام خطوة واحدة ، و هي مسئولية المجلس الأعلى للقوات المسلحة في المقام الأول يليه في ذلك القوى السياسية و الثوار و القانونيون الذين لم يتفقوا و يصمموا على البدء بالدستور
- ثم محاولة تقسيم الشعب إلى مسلمين و مسيحيين بالكنائس التي هدمت أو أحرقت بعد الثورة ، و محاولة تقسيم الميادين إلى التحرير و العباسية .
- و تشويه الميدان بدس البلطجية مرة تلو الأخرى في المليونيات المتعاقبة و تشويه أهداف المتظاهرين و المعتصمين .
- إعطاء أوامر لجهاز الشرطة بالخنوع و عدم القيام بواجبهم بل إن بعضهم شارك في التخطيط لأعمال البلطجة و السرقات التي كانت تحدث في مختلف محافظات مصر لترويع الآمنين .
- الأزمات المفتعلة في البوتاجاز و البنزين والسولار .
- تشويه صورة مجلس الشعب بكل الوسائل و الطعن في مصداقية أعضائه و التشكيك في حبهم للوطن .
كل هذا أدى إلى ضجر الفقراء و المساكين من أبناء الشعب المصري من الثورة و من فعالياتها مما أثر سلباً على رأيهم فيها بل إن الكثير من البسطاء و السذج بدأوا يتعاطفون مع بعض أطراف الثورة المضادة حتى أن البعض بدأ يترحم على أيام مبارك لا بارك الله فيه .
وهم في ذلك معذورون فهم بالكاد يحصلون على قوت يومهم ، و كما أن أغلبهم لم يحصل على قدر مناسب من التعليم يساعدهم على استقراء الأحداث أو تحليلها وكان للهاجس الأمني دوره أيضا ، ولا ننسى أن عدداً لا بأس به من الشعب المصري نتيجة الظلم والطغيان المصحوبين بالكذب و الغش و الخداع لسنين طويلة تعود على الانقياد و السلبية و تصديق ما يقال مما تربى على سماعه لأجيال .
و عندما وصلت الأمور إلى هذا الحد من التشويش على الثورة و منجزاتها باستغلال العواطف و الأمية و الجهل وا فتعال الأزمات الأمنية و القانونية و التموينية كانت الفرصة سانحة و المناخ مناسب للفلول ، للثورة المضادة ، للمتآمرين على الوطن لكي يعلو صوتهم الباطل و تنتشر أكاذيبهم من جديد ويصبح لها صداها.
أصبحت نفسية الملايين مهيأة لاستقبال ماهو سيئ عن الثورة و عن الإسلاميين أو تيار الإسلام السياسي كما يطلق عليهم و تصديقه .
ولأن الفلول و المنتفعين و أصحاب المصالح المشبوهة و المحرمة لن يستطيعوا تزوير الانتخابات باللعب في الصناديق هذه المرة ، كان لابد من اللعب على عواطف الناس و أميتهم و شراء ما يمكن شراء صوته بالمال و قد حدث هذا بالفعل وكانت المعركة محتدمة و على أشدها في الجولة الثانية من انتخابات الرئاسة .
إنها المعركة الأخيرة للفلول ، لبقايا الحزب الوطني ، و الفاسدين ، حاولوا جمع أنصارهم من جديد ، عقدوا الاجتماعات ، دفعوا الأموال ليغروا هذا أو ذاك ، لعبوا بأحلام المساكين ، ضحكوا على عقول المغفلين ، خوفوا السذج ، أرهبوا رجال الأعمال و رجال الشرطة و يمكننا أن نضيف لهؤلاء الليبراليين و اليساريين و كثير من الأقباط وكل من لا يريد رئيسا ذا صبغة دينية .
مع احترامنا لكل مصري و لحرية رأيه ، لكن رغم كل ما ذكرته إلا أن تصويت ما يقارب نصف المشاركين في الجولة الثانية و الذين يزيد عددهم عن اثني عشر مليون مصري لشفيق رغم كل ما يمثله أمر يستحق التوقف عنده كثيرا و تحليله و معالجته .
و إنني أرى أن سبب حدوث هذا ليس مجرد الصراع المحموم و الاستقطاب الهائل اللذان حدثا أثناء الانتخابات و إنما السبب الرئيس في ذلك هو عمليات التجريف الثقافي و التعرية الفكرية و التفزيع التي تربى عليها المصريون طوال عقود خلت فكانت هذه النتيجة المروعة في رأيي التي أنتجت هذا المشهد الذي كان يتوقع أن يحصل مرشح الثورة فيه على منصب الرئاسة بأغلبية مريحة لولا ما ذكر من أسباب .
لذلك و إن بدا المشهد أحيانا على أنه صراع هويات إلا أنه غير ذلك ، فيما يمكن أن نصفه تباين بين التقليديين الذين يرون الاستقرار فيما تعودوا عليه حتى لو كان مراً و بين من يريدون التغيير لما هو أفضل حتى لو كان مكلفاً ، و إما هو حالة ثقافية مرضية ينبغي أن تعالج .
الـــشـــاعـــر : إيــهــاب عـــزت
مدرس علوم ( عربي و لغات )
محمول : 00201005657696
البريد الإلكتروني :[email protected]