ملوكنا وملوكهم
منذ نعومة أظفارنا و نحن نشاهد في شاشاتنا الوطنيّة جدّا صور رؤسائنا , ولا يخلو برنامج أو تقرير أو خبر إلاّ وفيه لفخامة الرئيس نصيب كبير من الحديث , إستقبل السيد الرئيس , ودعّ السيد الرئيس , دشنّ السيد الرئيس مجاري الصرف الصحّي , و أمر السيّد بإقامة مراحيض عامة للمواطنين , وغرس السيّد الرئيس شجرة تشاء الصدف أن لا تنمو أبدا تماما كالحركة التنمويّة في بلادنا و التي تتقدّم إلى الخلف دوما , ويكفي تدقيق بسيط في إحصاءات التنمية وحجم الديون لندرك خطورة التراجع والتقهقر العربيين في كافة المجالات .
و إذا تركنا الشاشة الوطنية جدّا والتي تخلط بين المقرئ الحصري و المطرب عمرو ديّاب , وبين المطرب رابح درياسة و شارل أزنافور و توجهنا إلى مدارسنا الوطنية جدا , نصادف أيضا صورة السيد الرئيس ونبدأ صباحنا بالدعاء له و إبداء تحيّة التقديس لحضرته بينما هو قابع في سريره الحريري الوثير بعد سهرات حمراء أين منها ليالي هارون الرشيد المظلوم مقابل رؤسائنا , فهذا رئيس عربي كانت لديه مائتان محظيّة أي جاريّة وكان يدخل عليهنّ وهنّ في الحمّام الجماعي عاريّات حتى نصحه رئيس عربي آخر أن يتقّي الله ويكتفي بزوجة واحدة , و هذا رئيس عربي يجمع البيضاوات والسمروات و الشقروات في مسبح عام ويحلو له إبصارهنّ وهنّ يسبحنّ عاريات , و البعض بات يستورد ممثلات رائعات الحسن والجمال , و هذا رئيس يحلو له التفرّج على أفلام خاصة إلى الساعة الخامسة صباحا وعندما يرفع آذان الصبح يكرع آخر كأس فودكا ثمّ يخلد إلى النوم إلى الساعة الثانية عشر تاركا إمرة البلاد لأجهزة المخابرات التي تقوم باللازم وزيادة , وهذا رئيس يحلو له دعوة مطربات اللائي يعملنّ بائعات هوى بإمتياز تحت عنوان مطربات وفنانات و آخر أغنية لا تغنيها المطربة طبعا بل يغنيها السيد الرئيس و مطلع كلماتها عيونك مقابل الوطن على صيغة النفط مقابل الدواء الأمميّة , وهذا رئيس يختار من مجلات الأزياء ما يحلو له من الغيد الأمانيد , أمّا أبناء الرؤساء فقد تطوروا وباتوا يستوردون الحسان عبر شبكة المعلوماتية مباشرة و من كل الأصناف , ومع كل ذلك كنّا في مدارسنا نغنّي للسيد الرئيس ونعتبر نزواته من ضرورات الوجاهة و مقتضيات الرئاسة , و من الإبتدائية و إلى الجامعة كان السيّد الرئيس رفيقا لنا نذكره في مناهجنا وفي فترات إستراحتنا , وحتى في الحمامات كنّا نصادف صورته المقدسّة , لكن كنّا نقول من الحرام بمكان أن نجعل صورة هذا الطاهر في مواقع النجاسة !!!
و في فترة خدمة العلم كانت صورة السيد الرئيس حاضرة , ويجوز للمواطن أن يسبّ الله ورسوله و ملائكته وعرشه و قرآنه لكن لا يجوز له مطلقا ذكر السيد الرئيس بأي نقيصة وإنّ ذلك يكلف ذاكر الرئيس بسوء الكثير الكثير , بين الإختفاء و القتل والدفن في المقابر الجماعية و كل وسائل التعذيب الوحشية يجوز إستعمالها في ذامّ السيد الرئيس أو منتقده , و عند موتنا ونحن نلحد لا نلقنّ الشهادة بحيث نلقى عليها الله , بل يقال لنا إذا جاءكم منكر ونكير فقولوا : السيد الرئيس ربنا و زعيمنا الأوحد ونبينا المرتجى .
هذا في بلادنا حيث ملوكنا ورؤساؤنا أرباب من دون الله , أمّا في الغرب فالملك رمزي لا يحكم بل يتجول في الطرقات , فمنذ سنوات وأنا أعيش في السويد لم أشاهد البتّة صور الملك كارل غوستاف في الشاشات الفضيّة , غاية ما هناك أشاهده في العاشر من كانون الأول – ديسمبر من كل عام عندما يقوم بتوزيع جائزة نوبل كل سنة , و يجوز لي أنا الجزائري المقيم في السويد أن أذمّه وأنتقده بل أطالب بإلغاء الملكيّة إذا شئت و أنام مطمئن قرير العين لا أخاف دركا ولا أحزن , الملوك في الغرب يعيشون بين الناس ويتجولون في الشوارع , و يمكن لأيّ مواطن أن يحدد موعدا معهم ليراهم ويفطر معهم , ولا يلتقون كل صباح مع مدراء الأجهزة الأمنية ليحصلوا على جردة بأسماء المقتولين والمقموعين لتطمئن قلوبهم , و لا يلتقون بمدراء البنوك ليحولوا أموال النفط والغاز و أقوات الفقراء إلى حسابات خاصة بهم و زوجاتهم وأولادهم , ولا يلتقون برؤساء الحكومات ليغيروا هذا الوزير وذاك الوزير , وهذا البوّاب وذاك جامع الزبالة والقمامة من المستوعبات , فالملوك في الغرب لا يتدخلون في شيئ , أما في بلادنا فهم كل شيئ , الملوك والرؤساء هم بمثابة رأس الدولة و يديها ومفاصلها وأقدامها و أذرعها و خلاياها و نخاعاتها و كرياتها البيض والحمر , وهذا ما يفسّر لماذا تنهار دولنا بسرعة الضوء عندما ينهار ملوكنا وحكامنا إما موتا أو إسقاطا بفعل دبابة أمريكية , فهم الدولة و الدولة هم لقد غيبّوا المؤسسّات الحقيقية التي تحافظ على ديمومة الدولة وصيروتها بعدهم .
ملوكهم لا يحكمون شيئا وملوكنا يحكمون كل شيئ , ملوكهم يقرأون كثيرا وملوكنا لا يقرأون شيئا وقد حرمهم الله نعمة البيان ونعمة الكتابة والقراءة , إذا تكلموا بان جهلهم , و إذا كتبوا فالمصيبة أعظم .
ولأنّهم كذلك فهم يريدون رعيّة من سنخهم , فالقائد العظيم يوجد منطقيا الأمة العظيمة , والقائد الخائن الجاهل الأمي الأمني العسكري الطمّاع سارق أقوات الناس يوجد أمة هزيلة ضعيفة سريعة الإنهيار , وهذا ما يفسّر الإنهيار الشامل الذي يميزّ واقعنا العربي والإسلامي من طنجة وإلى جاكرتا !!!!
منذ نعومة أظفارنا و نحن نشاهد في شاشاتنا الوطنيّة جدّا صور رؤسائنا , ولا يخلو برنامج أو تقرير أو خبر إلاّ وفيه لفخامة الرئيس نصيب كبير من الحديث , إستقبل السيد الرئيس , ودعّ السيد الرئيس , دشنّ السيد الرئيس مجاري الصرف الصحّي , و أمر السيّد بإقامة مراحيض عامة للمواطنين , وغرس السيّد الرئيس شجرة تشاء الصدف أن لا تنمو أبدا تماما كالحركة التنمويّة في بلادنا و التي تتقدّم إلى الخلف دوما , ويكفي تدقيق بسيط في إحصاءات التنمية وحجم الديون لندرك خطورة التراجع والتقهقر العربيين في كافة المجالات .
و إذا تركنا الشاشة الوطنية جدّا والتي تخلط بين المقرئ الحصري و المطرب عمرو ديّاب , وبين المطرب رابح درياسة و شارل أزنافور و توجهنا إلى مدارسنا الوطنية جدا , نصادف أيضا صورة السيد الرئيس ونبدأ صباحنا بالدعاء له و إبداء تحيّة التقديس لحضرته بينما هو قابع في سريره الحريري الوثير بعد سهرات حمراء أين منها ليالي هارون الرشيد المظلوم مقابل رؤسائنا , فهذا رئيس عربي كانت لديه مائتان محظيّة أي جاريّة وكان يدخل عليهنّ وهنّ في الحمّام الجماعي عاريّات حتى نصحه رئيس عربي آخر أن يتقّي الله ويكتفي بزوجة واحدة , و هذا رئيس عربي يجمع البيضاوات والسمروات و الشقروات في مسبح عام ويحلو له إبصارهنّ وهنّ يسبحنّ عاريات , و البعض بات يستورد ممثلات رائعات الحسن والجمال , و هذا رئيس يحلو له التفرّج على أفلام خاصة إلى الساعة الخامسة صباحا وعندما يرفع آذان الصبح يكرع آخر كأس فودكا ثمّ يخلد إلى النوم إلى الساعة الثانية عشر تاركا إمرة البلاد لأجهزة المخابرات التي تقوم باللازم وزيادة , وهذا رئيس يحلو له دعوة مطربات اللائي يعملنّ بائعات هوى بإمتياز تحت عنوان مطربات وفنانات و آخر أغنية لا تغنيها المطربة طبعا بل يغنيها السيد الرئيس و مطلع كلماتها عيونك مقابل الوطن على صيغة النفط مقابل الدواء الأمميّة , وهذا رئيس يختار من مجلات الأزياء ما يحلو له من الغيد الأمانيد , أمّا أبناء الرؤساء فقد تطوروا وباتوا يستوردون الحسان عبر شبكة المعلوماتية مباشرة و من كل الأصناف , ومع كل ذلك كنّا في مدارسنا نغنّي للسيد الرئيس ونعتبر نزواته من ضرورات الوجاهة و مقتضيات الرئاسة , و من الإبتدائية و إلى الجامعة كان السيّد الرئيس رفيقا لنا نذكره في مناهجنا وفي فترات إستراحتنا , وحتى في الحمامات كنّا نصادف صورته المقدسّة , لكن كنّا نقول من الحرام بمكان أن نجعل صورة هذا الطاهر في مواقع النجاسة !!!
و في فترة خدمة العلم كانت صورة السيد الرئيس حاضرة , ويجوز للمواطن أن يسبّ الله ورسوله و ملائكته وعرشه و قرآنه لكن لا يجوز له مطلقا ذكر السيد الرئيس بأي نقيصة وإنّ ذلك يكلف ذاكر الرئيس بسوء الكثير الكثير , بين الإختفاء و القتل والدفن في المقابر الجماعية و كل وسائل التعذيب الوحشية يجوز إستعمالها في ذامّ السيد الرئيس أو منتقده , و عند موتنا ونحن نلحد لا نلقنّ الشهادة بحيث نلقى عليها الله , بل يقال لنا إذا جاءكم منكر ونكير فقولوا : السيد الرئيس ربنا و زعيمنا الأوحد ونبينا المرتجى .
هذا في بلادنا حيث ملوكنا ورؤساؤنا أرباب من دون الله , أمّا في الغرب فالملك رمزي لا يحكم بل يتجول في الطرقات , فمنذ سنوات وأنا أعيش في السويد لم أشاهد البتّة صور الملك كارل غوستاف في الشاشات الفضيّة , غاية ما هناك أشاهده في العاشر من كانون الأول – ديسمبر من كل عام عندما يقوم بتوزيع جائزة نوبل كل سنة , و يجوز لي أنا الجزائري المقيم في السويد أن أذمّه وأنتقده بل أطالب بإلغاء الملكيّة إذا شئت و أنام مطمئن قرير العين لا أخاف دركا ولا أحزن , الملوك في الغرب يعيشون بين الناس ويتجولون في الشوارع , و يمكن لأيّ مواطن أن يحدد موعدا معهم ليراهم ويفطر معهم , ولا يلتقون كل صباح مع مدراء الأجهزة الأمنية ليحصلوا على جردة بأسماء المقتولين والمقموعين لتطمئن قلوبهم , و لا يلتقون بمدراء البنوك ليحولوا أموال النفط والغاز و أقوات الفقراء إلى حسابات خاصة بهم و زوجاتهم وأولادهم , ولا يلتقون برؤساء الحكومات ليغيروا هذا الوزير وذاك الوزير , وهذا البوّاب وذاك جامع الزبالة والقمامة من المستوعبات , فالملوك في الغرب لا يتدخلون في شيئ , أما في بلادنا فهم كل شيئ , الملوك والرؤساء هم بمثابة رأس الدولة و يديها ومفاصلها وأقدامها و أذرعها و خلاياها و نخاعاتها و كرياتها البيض والحمر , وهذا ما يفسّر لماذا تنهار دولنا بسرعة الضوء عندما ينهار ملوكنا وحكامنا إما موتا أو إسقاطا بفعل دبابة أمريكية , فهم الدولة و الدولة هم لقد غيبّوا المؤسسّات الحقيقية التي تحافظ على ديمومة الدولة وصيروتها بعدهم .
ملوكهم لا يحكمون شيئا وملوكنا يحكمون كل شيئ , ملوكهم يقرأون كثيرا وملوكنا لا يقرأون شيئا وقد حرمهم الله نعمة البيان ونعمة الكتابة والقراءة , إذا تكلموا بان جهلهم , و إذا كتبوا فالمصيبة أعظم .
ولأنّهم كذلك فهم يريدون رعيّة من سنخهم , فالقائد العظيم يوجد منطقيا الأمة العظيمة , والقائد الخائن الجاهل الأمي الأمني العسكري الطمّاع سارق أقوات الناس يوجد أمة هزيلة ضعيفة سريعة الإنهيار , وهذا ما يفسّر الإنهيار الشامل الذي يميزّ واقعنا العربي والإسلامي من طنجة وإلى جاكرتا !!!!