إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

الأبعاد الاستراتيجية لحرب العراق!!!!

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الأبعاد الاستراتيجية لحرب العراق!!!!

    ينظر الكثير ممن تستغرقهم اللحظة الحاضرة إلى الحرب في العراق على أنها حرب ذات أهداف محدودة، وغايات آنية؛ فهناك من يظن أنها حرب من أجل أهداف اقتصادية فقط، وأن مراد المعتدين هو الاستيلاء على نفط العراق فحسب، وآخرون يصدقون دعاوى أمريكا بأنها من أجل إزالة أسلحة الدمار الشامل، مع أنه لا يوجد في العالم دولة تملك من أسلحة الدمار الشامل ما تملكه أمريكا، كما لا يوجد في المنطقة دولة تملك ما تملكه إسرائيل في فلسطين. ولا يعني هذا أن أمريكا ليست معنية بتحطيم قوة العراق، ولكنها تعلم قبل غيرها كذب دعوى امتلاك العراق لتلك الأسلحة، وهذا ما أكدته فرق التفتيش التي فرضتها.



    وتصل السذاجة منتهاها عند البعض عندما يقولون: إن أمريكا تريد تغيير نظام صدام من أجل سعادة وحرية الشعب العراقي، والإتيان بنظام ديمقراطي بديل، ولذلك سميت هذه المعركة بـ (حرية العراق)؛ مع أن أمريكا هي التي مكنت لصدام وبخاصة بعد حرب الخليج الثانية؛ فقد كانت قاب قوسين أو أدنى من القضاء عليه كما صرح بذلك قائد قوات «الحلفاء» في تلك الحرب (شوارتسكوف)، لكن الأوامر صدرت إليه من بوش الأب بعدم التقدم صوب بغداد وترك صدام وشأنه.

    ودعوى تخليص الشعب العراقي من ظلم صدام تنهار من أصلها إذا ما تأملنا ما أحدثته أمريكا في حربها الظالمة في عدة أيام بما يفوق جرائم صدام في عدة عقود، كما أن ما تحدثه إسرائيل من جرائم في حق الشعب الفلسطيني تحت رعاية وحماية ودعم أمريكا يؤكد أنها هي راعية وحاضنة الظالمين في العالم، وما بين تاريخي هيروشيما وأفغانستان ومن ثم العراق يؤكد ذلك التاريخ الأسود، مما تهون عنده جرائم هتلر وموسوليني.

    وحقيقة الأمر أن كل هذه الدعاوى ثبت بطلانها وزيفها وأنها لم تكن الباعث الحقيقي لتلك الحملة الظالمة، عدا الهدف الاقتصادي؛ فهو أحد الأهداف ولكنه ليس أهمها. كما سيأتي، ومن أجل إيضاح الصورة وبيان الحقيقة فيمكن إجمال أهم الأهداف الأمريكية لتلك الحرب الظالمة بما يلي:

    1 - ترسيخ النفوذ الأمريكي، وإحكام السيطرة والهيمنة على أهم بقعة على وجه الأرض، لما تتمتع به تلك المنطقة من بُعد استراتيجي في جميع المجالات الدينية والعسكرية والاقتصادية والبشرية والجغرافية التي لا تتوافر مجتمعة في أي بقعة أخرى من العالم.

    وترسيخ النفوذ الأمريكي في العالم حلم طالما راود ساسة أمريكا وقادتها وبخاصة بعد سقوط منافسهم الرئيس الاتحاد السوفييتي.

    أما النظام العالمي الجديد فهو صناعة أمريكية أرادت تسويقه بقناة ديمقراطية عبر الأمم المتحدة، ولما لم يحقق نتائجه المرجوة كان الظلم والدمار والاحتلال هو الأداة لتحقيق ذلك الهدف الرهيب، وهي بذلك تعيد عصور الاستعمار السابقة، ولكن بصورة تختلف عن الاستعمار الأول في بعض أشكاله لا في مضمونه وأهدافه.

    2 - أدركت أمريكا بعد سقوط الاتحاد السوفييتي بأنه لا بد من عدو قادم بناء على نظرية صراع الحضارات، التي أكدها ـ هنتنجتون ـ في كتابه الشهير (صراع الحضارات) ورسم (سيناريوهاتها) الرئيس الأمريكي نيكسون؛ حيث حدد ذلك العدو بالإسلام، وأن الصراع القادم سيكون مع المسلمين، ومن هنا انطلقت أمريكا في وضع الخطط وبناء السياسات، وإعداد القوة وتهيئة الجيوش لخوض تلك المعارك القادمة، وقد عقد عام 1994م مؤتمر في استانبول بتركيا حضرته الدول الغربية تحت رعاية أمريكا كان الهدف منه تحديد ذلك العدو، ورسم السياسة والخطط لمواجهته، وتقدمت مراكز الدراسات الاستراتيجية الغربية وبخاصة في أمريكا بدراساتها وبحوثها التي أكدت فيها بشكل قاطع أن العدو القادم هو الإسلام، وأن المعركة مع المسلمين. ولم تكن أمريكا قبل ذلك تجهل هذا الأمر، ولكن هذا المؤتمر من أجل وضع النقاط على الحروف، بناء على دراسات وبحوث أعدتها مراكز استشراف المستقبل، ومن العجب واللافت للنظر أن يعقد المؤتمر في عاصمة آخر خلافة إسلامية؛ ذلك الخصم الذي أقض مضاجع الغرب قروناً طويلة وأسقطته مؤامراتهم وخيانة المنافقين في تلك الدولة، ومن ثم تفريط المسلمين وبعدهم عن شرع الله.

    وكان تنامي المد الإسلامي، وبخاصة الجهادي منه بعد الانتصار الذي حققه المجاهدون في أفغانستان أثناء الحرب مع الاتحاد السوفييتي والذي انتهى بخروجه مهزوماً تحت ضربات المجاهدين، ثم قامت ونشطت جبهات جهادية في أماكن متفرقة من العالم كالشيشان والبلقان والفلبين وكشمير وغيرها، كل ذلك جعل الغرب وبخاصة أمريكا يدرك أنه سيخوض معركة قادمة مع المسلمين لا مفر منها، وترسخت لدى أمريكا هذه القناعة بعد أحداث سبتمبر 2001م فأرادت أن تأخذ بزمام المبادرة قبل أن يفلت الأمر من يديها، فتغزى في عقر دارها، كما حدث عندما ضربت أبراجها، ومعقل القوة فيها ومن هنا فإن هذا الهدف هو قطب الرحى، ومعقل تلك الاستراتيجية، وهو الذي يجب أن نخضعه لمزيد من الدراسة والتحليل لما يترتب عليه من آثار ومواقف.

    3 - ومن أهداف هذه الحملة الظالمة؛ حماية إسرائيل، وتأمين استقرارها، وبخاصة بعد الضربات الموجعة التي وجهها المجاهدون في فلسطين، وما حققته الانتفاضة الباسلة من انتصارات باهرة، وثبات نادر استعصى على الإرهاب اليهودي بجميع أشكاله وأنواعه التي قلَّ أن تخطر على قلب بشر، وتزامن هذا الأمر مع الإخفاق الذريع الذي منيت به مشاريع الاستسلام من سلام موهوم، وتطبيع مزعوم.

    وترسخ هذا الهدف بعد تنامي المد الجهادي في العالم الإسلامي الذي أشرت إليه في الهدف الثاني، واليهود يدركون قبل غيرهم أنهم هدف استراتيجي لهذا الجهاد - طال الزمن أو قصر.

    ومما جعل لهذا الهدف تلك الأهمية لدى أمريكا تولِّي جيل من القادة الأمريكان ممن يوصفون بأنهم من الإنجيليين الجدد، الذين يؤمنون بخليط من الإنجيل والتوراة؛ ولذا يعدون أهداف اليهود ضمن أهدافهم الكبرى، وهم جيل يشكل خطورة لا يستهان بها؛ حيث يسخرون مقادير وإمكانات دولة علمانية كبرى لعقيدتهم المبنية على التحريف والضلال.

    ومن أفضل ما اطلعت عليه حول علاقة اليهود بغزو العراق ما كتبه (باتريك بيوكانان) المرشح السابق للانتخابات الأمريكية؛ حيث ذكر فيه من الحقائق الدامغة ما لا يحتاج بعده إلى مزيد بيان.

    وعلاقة هذا الهدف بالحملة الظالمة على العراق يتجلى من خلال السيطرة على الدول التي يخشى أن تكون منطلقاً لتهديد أمن إسرائيل، والتي قد تنشأ فيها قوة جهادية تتنامى مع مرور الزمن مما تستحيل معه السيطرة عليها بعد ذلك، ويتعلق بهذا الهدف أيضاً قطع أي إمداد معنوي أو حسي للمجاهدين في داخل فلسطين، على أن يتزامن ذلك باستمرار الضربات الموجعة واستعمال جميع أدوات العنف والإرهاب من قِبَل اليهود ضد المجاهدين في الداخل، ويؤكد هذه الحقيقة تجديد انتخاب شارون؛ لأنه الأقدر على تحقيق هذا الهدف، وإن كانوا كلهم شركاء في الإجرام، وليس فيهم صقور وحمائم، بل كلهم ذئاب.

    وهذا الهدف يشكل بعداً استراتيجياً لما له من طابع عقدي يتفق عليه اليهود وحلفاؤهم من الإنجيليين الجدد، ويرتبط بمستقبل إسرائيل وصراعها العقدي مع خصومها، ويستندون في ذلك إلى نصوص محرفة من التوراة، جعلوها مرتكزاً أساسياً في خططهم وأهدافهم وتحالفاتهم.

    وعلينا ألا نُخدَع فنقلل من هذا الهدف بحجة أن أمريكا دولة علمانية؛ فما صرح به رؤساؤهم وقادتهم ومفكروهم وقساوستهم يؤكد جدّية هذا الهدف والذي قبله، ومما يزيد من تمسكهم بهذين الهدفين أنهما ينسجمان مع بقية الأهداف ولا يعارضانها.

    4 - ومن الأهداف الكبرى لتلك الحملة الظالمة، الهدف الاقتصادي، وإن كان هذا الهدف يندرج ضمن الهدف الأول، ولكنه يتميز بخصوصية مرحلية، وبخاصة أن أمريكا تواجه انهياراً اقتصادياً، اتضح جلياً في الإفلاسات الضخمة التي أعلن عنها في عدد من الشركات الكبرى التي كانت تشكل دعامة أساسية في الاقتصاد الأمريكي، وهناك قائمة أخرى تتضمن إفلاس عدد من الشركات، ولكن لم يعلن عنها بعد لأسباب متعددة، بعضها يتعلق بتلك الشركات، وأخرى تتعلق بالسياسة الاقتصادية الأمريكية، وارتباطاتها الدولية.

    ثم هناك ما يتعلق بالبترول، والنقص الحاد في المخزون الاستراتيجي الأمريكي، والإخفاق في البدائل الأخرى بعد بحوث مضنية أثبتت بما لا يدع مجالاً للشك أن البترول لا منافس له على وجه الأرض ولا في باطنها، وأن حاجة أمريكا خصوصاً والغرب عموماً تزداد يوماً بعد يوم.

    ثم إن منطقة الخليج والعراق بشكل أخص تسبح على محيطات من البترول تشكل أكثر من 50% من الاحتياط العالمي أجمع.

    وأمريكا منزعجة من بقاء هذه الثروة تحت أيدي خصومها الحقيقيين؛ فهي لا تضمن استمرار تلك التحالفات مع الأنظمة القائمة؛ لأنها تعلم أن تلك الأنظمة نفسها لا تضمن بقاءها، بالإضافة إلى الحملات التي بدأت ترتفع أسهمها لمقاطعة الاقتصاد الأمريكي وما حققته تلك الحملات من أثر ملموس يزداد يوماً بعد يوم ويتأكد كلما تنامى المدّ الإسلامي، وازدادت أمريكا في صلفها وطغيانها ودعمها اللامحدود لليهود في فلسطين.

    بالإضافة إلى أمراض داخلية يشكو منها الاقتصاد الأمريكي نفسه، وكذلك المنافسة الحادة من قِبَل دول لم تكن تشكل أهمية كبرى من قبل، كاليابان والصين وألمانيا والهند وغيرها من عمالقة الاقتصاد العالمي.
    ملاحظة : الاسكندر العربي = الامبراطور الاعظم

    سيتم تحرير التوقيع لاحقا

  • #2
    كل هذه العوامل وغيرها تجعل الهدف الاقتصادي يشكل بعداً استراتيجياً لتلك الحملة الظالمة، ولكنه لا ينفرد بها، وإنما يشكل غطاء مقنعاً للشعب الأمريكي الذي لا يستطيع أن يستوعب الأهداف الأخرى، وبخاصة الثاني والثالث، مع أنهما أهم من هذا الهدف، وهو خاضع لهما، ولا يخضعان له. وبعد:

    فتلك هي أهم الأهداف الاستراتيجية التي تشكل البعد الحقيقي للحملة على العراق، ومن هنا فإن دراسة تلك الأهداف وتحليلها من أولى الواجبات التي يجب أن تعنى بها الأمة من أجل اتخاذ ما يجب حيالها؛ حيث إن المعركة لن تنتهي بالانتصار على العراق، بل إن الأسلوب التدميري الذي سلكته أمريكا وحلفاؤها في حربها مع العراق يشكل عائقاً مهماً في تحقيق ما تصبو إليه، وقد بدأت تلك العوائق فعلاً على المستوى الدولي، وذلك بتنامي الكره العالمي لأمريكا وسياساتها وبخاصة بعد جرائمها في العراق وكذب دعاواها.

    ففي دراسة أعدها معهد (بيو) للأبحاث في واشنطن تصمنت استطلاع الرأي في (8) دول صديقة لأمريكا أثبتت تلك الدراسة انخفاض شعبية أمريكا وزيادة الكره لها في تلك الدول وبخاصة بعد مقارنة هذه الدراسة بدراسة أعدها معهد (جالوب) في أمريكا قبل سنة من دراسة معهد (بيو) مما يظهر الفرق الكبير بين واقع أمريكا قبل سنة فقط وواقعها الآن. وهذا الانخفاض الشديد في نسبة المؤيدين لها سببه غزو العراق، وما ارتكبته من جرائم أخلاقية وإنسانية ودولية وسياسية، وهذه إشارة إلى نتائج هاتين الدراستين.

    ففي بريطانيا كانت نسبة المؤيدين لأمريكا (75%) وأصبحت الآن (48%).

    وفي ألمانيا كانت نسبة المؤيدين لأمريكا (61%) وأصبحت الآن (25%).

    وفي بولندا كانت نسبة المؤيدين لأمريكا (79%) وأصبحت الآن (50%).

    وفي فرنسا كانت نسبة المؤيدين لأمريكا (63%) وأصبحت الآن ( 31%).

    وفي إيطاليا كانت نسبة المؤيدين لأمريكا (70%) وأصبحت الآن (34%)

    وفي أسبانيا يعارض (70%) السياسة الأمريكية و (79%) يعارضون سياسة الرئيس بوش شخصياً.

    بل داخل أمريكا نفسها يعارض (35%) من الشعب استعمال الحرب لحل مشكلة العراق كما يعارض (44%) السياسة الخارجية الأمريكية عموماً.

    وإذا كان هذا الانخفاض في سنة واحدة، ومن دول صديقة لأمريكا؛ فكيف تكون شعبيتها في الدول الأخرى وبالذات الدول الإسلامية؟ ونتيجة استطلاع تركيا يدل على ذلك، بل إن نتيجة استطلاع العام الماضي أثبتت أن نسبة المؤيدين لأمريكا في باكستان (4%) فقط؛ فكيف تكون الآن؟

    وهذه الأرقام تعطينا فرصة عظيمة لمواجهة المد الأمريكي وعرقلة أهدافه من خلال محاور عدة؛ فليس كل ما يخطط له الأمريكيون يتحقق على أرض الواقع، بل إن أمريكا بسبب سياستها العدوانية في العالم، وظلمها الذي أضحى حقيقة مسلَّمة لدى أكثر شعوب الأرض، بدأت تفقد زعامتها التي تربعت عليها عقوداً من الزمن، ونشأت لديها مشكلات داخلية وخارجية كبرى على جميع المستويات السياسية والعسكرية والاقتصادية والأمنية والاجتماعية والثقافية بل والدينية، وهذه المشكلات ستتعمق مع مرور الأيام والشهور، وتدخل أمريكا في صراعات لا نهاية لها بإذن الله، كل ذلك سيقف عائقاً مهماًَ دون تحقيق هذه الأهداف التي أشرت إليها، وهذا يتطلب من المسلمين جهوداً وخططاً تواكب هذه المرحلة، مما يساهم مساهمة فعالة في الحيلولة دون أن تحقق أمريكا أطماعها ومراميها في منطقتنا الإسلامية، بل ونعمل على قلب نتائج هذه الخطط وتوظيفها لتكون في صالح المسلمين بإذن الله. وأرى أن المرحلة المقبلة مواتية جداً للقيام بأعمال على مستوى تطلعات الأمة، وإن كنت أدرك أن الطريق طويل، ويحتاج إلى جهود مضاعفة تبنى على الدراسات والخطط الإستراتيجية، وليس على ردود الأفعال، والأعمال الآنية التي أنهكت الأمة وأضعفت من أثرها على مستوى العالم.

    والأمة تملك من مقومات العزة والسؤدد ومفاتيح النصر ما لا مجال للشك فيه أو الارتياب، ولكن عليها الأخذ بأسباب النصر، ونبذ الوهن؛ وحب الدنيا وكراهية الموت، ومن أهم ما أشير إليه في هذه الكلمة مما يجب على الأمة أن تبادر إليه ما يلي:

    1 - تهيئة الأمة لمرحلة قادمة تخوض فيها معارك مع عدوها في جميع الميادين الدعوية والعسكرية والعلمية والاجتماعية والاقتصادية والإعلامية وغيرها، وهذا يتطلب إعداداً خاصاً لكل فرد من أبناء هذه الأمة رجالاً ونساءً، صغاراً وكباراً؛ فإن المعركة شاملة طويلة، وتوجيه جهودهم وطاقاتهم من خلال مؤسسات يكفل لها المشاركة الفعالة في جميع شؤون الأمة، وإقناع أصحاب القرار بالتجاوب الحقيقي الصادق مع متطلبات المرحلة، وإتاحة الفرصة لكل فرد أن يقوم بواجبه مما يحقق الأمن ويصد كيد العدو ويقضي على أسباب المركزية والأثرة والارتجال والفوضى. ويكون كل ذلك ضمن مؤسسات مؤهلة فعالة وليست شكلية.

    2 - السعي الجاد لتوحيد صفوف الأمة على كلمة سواء، ونبذ الخلافات التي لم تجن منها الأمة إلا الويلات مما زاد من أطماع عدوها فيها، ويكون نبراسنا في ذلك قوله ـ سبحانه ـ: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلا تَفَرَّقُوا} [آل عمران: 103]، وقوله ـ سبحانه ـ: {وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ} [الأنفال: 46].

    3 - المبادرة إلى إنشاء مراكز الدراسات الإستراتيجية التي تعنى باستشراف المستقبل بطريقة علمية، مما يساهم في التخطيط الجاد، وتحديد متطلبات المرحلة، والأسلوب الأمثل لاستثمار الإمكانات بناء على أسس علمية وحقائق ثابتة بعيداً عن الاستعجال والارتجال.

    4 - تربية الأمة تربية جادة، تتجاوز فيها حياة اللهو والعبث، وتستشعر مسؤوليتها في هذه المرحلة العصيبة من تاريخها، متطلعة إلى مستقبل مشرق باهر بإذن الله ـ وهذا يتطلب إنشاء المؤسسات التي تعنى بهذا الأمر من مدارس وجامعات ومراكز تعليم وتدريب ومحاضن تربوية متنوعة تتناسب مع ظروف المرحلة ومتطلباتها؛ فإن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم.

    5 - إقامة المؤسسات والندوات والملتقيات التي تطرح فيها هموم الأمة ومشكلاتها، يستثمر في ذلك خلاصة عقول أبنائها، ضمن أطر علمية شرعية تكون الشورى خلاصتها وقطب الرحى فيها، من أجل توجيه جهود الأمة إلى مقاومة أعدائها، واستثمار إمكاناتها، دون إفراط أو تفريط.

    6 - العناية الخاصة بإنشاء المؤسسات الإعلامية المتنوعة، نظراً لما تحتله الوسائل الإعلامية من مكانة في قيادة الأمم وتوجيه شعوبها، وتنشئة الكوادر المؤهلة لإدارة تلك المؤسسات، والاستغناء عن أعدائنا، والاستقلال بوسائلنا حتى لا نؤخذ على حين غرة، ويكون من أبرز ما تعنى به في المرحلة القادمة هو فضح الأخلاق والقيم الأمريكية الخادعة، مع فضح ومزاحمة المروجين لهذه القيم بيننا والداعين للاستسلام للقوة الغربية ممثلة بأمريكا وحلفائها، الذين يأخذون بدعوى من سبقوهم {لا طَاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ} [البقرة: 249].

    هذه خلاصة موجزة حول بعض متطلبات المرحلة القادمة التي من خلالها سيتحقق للأمة ما تصبو إليه من سؤدد ومكانة، وما ستلحقه بعدوها من هزيمة محققة بإذن الله، على أن لا نغلِّب العاطفة على العقل، وألا نخضع لضغط الواقع، وإنما نسير بخطى ثابتة، مستهدين في ذلك بهدي الكتاب والسنة؛ فلن يصلح آخر هذه الآمة إلابما صلح به أولها، {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [الأنعام: 153]، ومعنا البرهان واليقين: «تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي أبداً: كتاب الله، وسنتي».

    فهلموا إخوتي إلى الفلاح وعز الدنيا والآخرة، وإلا فستصدق علينا سنة الله الثابتة: {وَإن تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ} [محمد: 38].

    {وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْـمُنَافِقِينَ لا يَعْلَمُونَ} [المنافقون: 8].

    وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه.

    اسال الله تعالى ان يعيد العراق الى مجده الزاهر وعراقته المجيده
    ملاحظة : الاسكندر العربي = الامبراطور الاعظم

    سيتم تحرير التوقيع لاحقا

    تعليق


    • #3
      واستكمالا لهذا الحقل العلمي اعجبتني مقالة لأحمد بن عبد العزيز العامر في مجلة البيان بعنوان
      السقوط الكبير.....لم يسقط النظام العراقي وحده.. بل سقط معه آخرون!!!!

      ولكم نص المقال كما قراته
      ملاحظة : الاسكندر العربي = الامبراطور الاعظم

      سيتم تحرير التوقيع لاحقا

      تعليق


      • #4
        السقوط الكبير...لم يسقط النظام العراقي وحده.. بل سقط معه آخرون!!!

        لقد تابع الكثيرون حرب الخليج الثالثة، وعلى الأصح: (الحرب العدوانية الأمريكية الإنجليزية) ومن تابعهم على العراق؛ تلك الحرب التي لم يعضدها قانون دولي أو أخلاق إنسانية حينما شن المعتدون حربهم الظالمة تلك، وأوقعوا في هذا البلد الشقيق كل أنواع الدمار والخراب والنهاية المأساوية والطبيعية للنظام البعثي العراقي بعد حكم تجاوز العقود الثلاثة اتسم بالحكم الشمولي، وسام شعبه سوء العذاب.



        وجعل أكثرهم بالرغم من غنى هذه الدولة وكثرة مواردها فقيراً أو تحت خط الفقر؛ وذلك لعنايته بالدعاية للحاكم المطلق، وعنايته أيضاً بعسكرة النظام الذي بلغ حجم الجيش مبلغاً عُدَّ في فترة من الفترات خامس جيش في العالم، واستطاع أن يصنّع الأسلحة الكيمياوية والجرثومية أو ما يسمى بأسلحة الدمار الشامل، واستطاع أن ينجح في إنشاء مفاعل نووي، وكاد أن يفجر القنبلة الذرية إلا أن غرور هذا النظام وتهوره جعله يسقط في حروب عقيمة وخاسرة ليس مع العدو، بل مع بعض فئات شعبه من ناحية، ومع جيرانه من ناحية أخرى باء فيها بالإخفاق والخسران المبين، وخسر في تلك الحروب مع إيران، وأُخرج صاغراً من الكويت، وأضاع في هذه الحرب غير المتكافئة الكثير الكثير من مقدرات شعبه مما هو معروف للجميع، وانعكس ذلك سلبياً على الدولة والشعب العراقي زيادة على الحصار الذي فرض عليه لأكثر من 12 سنة.

        وادعت (أمريكا) أن النظام العراقي لم يلغِ أسلحته ذات الدمار الشامل كلها، وأنه استطاع بمعاونة بعض الدول الصديقة أن يعيد الكثير من مقوماته العسكرية؛ وهذا بالطبع غير صحيح؛ وذلك خوفاً على ربيبتها (دولة العدو الصهيوني) مما جعل التيار اليميني المتطرف الذي يتحكم ويدير الإدارة الأمريكية يصنفون دولة العراق مع (كوريا وإيران) باعتبارهم (محور الشر) المزعوم الذي يجب أن يُحطَّم بدعوى أنهم يشكلون خطراً على العالم بعامة وأمريكا والعدو الصهيوني بخاصة، وبما أن العراق هو أسهل تلك الحلقات الثلاث ولكونها تشكل البداية السهلة للاتجاه الراديكالي للتغيير الذي تطالب به أمريكا بعد (واقعة 11 سبتمبر 2001م).

        ولذلك صممت أمريكا على ضرورة نزع أسلحة الدمار الشامل المزعومة لدى العراق بالقوة، وحاولت أن يكون ذلك بأسلوب دولي يتفق ونظام هيئة الأمم، فاستصدرت قرارها (1441) بدخول فرق التفتيش الأممية للبحث عن ما تدعيه أمريكا، ووافقت العراق على دخول الفرق، وأن تبحث في كل مكان يرون أنه مظنة وجود ذلك السلاح المزعوم، ووافق النظام العراقي على ذلك، وذرعوا أرض العراق في كل الاتجاهات، وأصدرت اللجنتان قرارهما بعدم وجود شيء مما زُعم في حق العراق، وحاولت أمريكا استصدار قرار أممي آخر يسوغ إعلان الحرب على العراق باعتبارها تهدد السلم العالمي؛ وهذا يخالف نظام الهيئة الدولية في الفصل السابع، ولما أخفقت في ذلك أصر الرئيس الأمريكي (بوش الابن) على إعلان أمريكا الحرب حتى بمفردها، وكان حليفها الاستراتيجي (بريطانيا) معها في إعلان الحرب، ووافقها عدد من الدول الحليفة بالدعم العسكري واللوجستي حتى بعض الدول العربية مع الأسف كما سنرى فيما بعد أيدتها ودعمتها، وقامت الحرب العدوانية في 17/3/2003م التي أعلن النظام العراقي الخائب أنه على أتم الاستعداد لمواجهتها وهزيمتها، وأن الجيوش الحليفة ستغرق في مستنقع العراق، وسينتحر المهاجمون على أسوار بغداد. وحاول الكثيرون منع الحرب بوساطات مختلفة منها تنحي الرئيس العراقي حتى لا يورط شعبه والمنطقة في حرب معلوم سلفاً نتيجتها لأسباب معروفة منها:

        1 - القوة العسكرية وما يملكه المعتدون من أسلحة متطورة.

        2 - ضعف الجيش العراقي بعد حروب متوالية منذ عام 1980م حيث لم تُحَدَّث قواته منذ عشرين عاماً.

        3 - فقدان الجيش العراقي لسلاح الطيران وهو من أهم الأسلحة الفاصلة في الحروب.

        فضلاً عن أسباب أخرى سنعرفها فيما يعد.

        ومع توعد النظام العراقي للمهاجمين بإعادة ملحمة (ستالينجراد) في مواجهة الجيش النازي في الحرب العالمية الثانية وتدمير الأعداء عن بكرة أبيهم، ومع أن الجيش العراقي أبلى بلاءً حسناً وبخاصة (الدفاع الجوي) في إسقاط العديد من الطائرات المختلفة والقتل والأسر للعديد من المعتدين إلا أن الحرب التقنية وتجريب الكثير من الأسلحة الجديدة أسهم في تدمير دفاعاته خلال عشرين يوماً تقريباً وهو ما ظنه المعتدون ساعات أو أياماً قليلة؛ غير أن الجيش العراقي سقط وتداعى بشكل (دراماتيكي) حار حياله الكثير من المحللين العسكريين والاستراتيجيين في بيان أسبابه ومسوغات سقوطه الغريب وغير المتوقع؛ حيث أرجعوا ذلك لما يلي:

        1 - أنه لا بد أن يكون هذا السقوط نتيجة خيانات، وهذا ما قاله رئيس الأركان المصري السابق الفريق سعد الدين الشاذلي؛ إذ يستحيل أن تصمد (أم قصر) لأسبوعين بينما لم تصمد العاصمة (ذات القصور) إلا أيام.

        2 - أو أن الحرب التقنية الرهيبة وسقوط الدفاعات المقاومة أنهكت الجيش وقضت عليه.

        3 - الحرب الإعلامية وإسقاط وسائل الاتصال بين القادة والمحاربين مما كان له دور كبير في زعزعة المقاومة.

        4 - وجود طابور خامس داخل بغداد وغيرها من المدن أسهم في إحكام الضرب على مراكز القوى.

        5 - أو أن هناك تفاهماً بين القيادة العراقية وأمريكا للخروج كما قيل عن طريق السفارة الروسية، وهذا ما أنكرته روسيا، وهناك اتجاه قوي يؤيد ذلك إن لم تكن القيادة قد قضي عليها فعلاً.

        وهذه الأسباب مع وجاهتها وإمكانية وقوعها إلا أن المحللين نسوا أو تناسوا أمراً مهماً كان السبب الأول والأخير في السقوط وهو بنية النظام البعثي السياسية والأيديولوجية المتمثلة في النهج الشمولي فكراً ومنهجاً وهو ما يتناقض مع ما يدين به جل الشعب العراقي من دين وعقيدة إسلامية. فضلاً عن أن هذا الاتجاه العلماني طبق على الشعب العراقي بالحديد والنار والدعايات، بل سخر كلاً من الإعلام والتعليم للترويج لهذا النهج والمطالبة بالانضواء تحت لوائه.

        - وكذلك الشعب العراقي بأديانه ومذاهبه وأحزابه اضطر تحت القوة إلى الكمون تحت الرماد حتى يجد متنفساً، فوجد الفرصة السانحة له للانقلاب؛ وبالفعل سجل أكثر من 20 محاولة انقلاب لم تنجح ضد حكم صدام حسين.

        كما أن حرب العصابات وحرب الشوارع التي وعد بها النظام البعثي المعتدين ما كان لها أن تنجح يوم يكون الشعب غير راض عن النظام؛ فما أن وجد الفرصة وتداعت هيمنته حتى انتفض الشعب وتبرأ من النظام، وصور الإعلام الكاذب أن الشعب العراقي يرحب بالمعتدين بينما قامت المظاهرات الصاخبة في بغداد والموصل وغيرها وعداء الشعب الملغوب على أمره للنظام وكذلك عداء كل مسلم يعود لأسباب كثيرة منها:

        1 - أنه ما كان يؤيد النظام إلا لتسلطه عليه بالحديد والنار.

        2 - معاناة الشعب العراقي من الحروب المتوالية التي دمرت مقدرات هذا البلد وعرضتهم للحصار الظالم 12 سنة.

        3 - القتل والسحل للآلاف من أفراد الشعب في المحاكمات الظالمة والحروب الخاسرة.

        4 - الرغبة في الخلاص من هذا النظام القمعي، والبحث عن نظام بديل أحسن منه، وإلا فإن الشعب العراقي من أشد الشعوب العربية بغضاً للاستعمار لمعاناته منه يوم تعرض للهيمنة الإنجليزية في العشرينيات من القرن الماضي. ولذلك نعتقد أن هذا الشعب المسلم لن يستكين للمستعمرين إن بقوا كما يتوهمون، وسيطردهم بإذن الله شر طردة.

        هكذا سقط النظام العراقي للأسباب آنفة الذكر؛ لكن هل سقط وحده أم أن السقوط أيضاً كان لآخرين؟ نعم السقوط كان لآخرين وهم ما يلي:

        * أولاً: سقوط النظام الدولي لهيئة الأمم المتحدة:

        هيئة الأمم المتحدة نشأت عام 1945م لحل مشكلات العالم وقد نجحت في حل كثير من المعضلات الدولية إلا أنها عجزت عن حل حاسم لقضايا أمتنا الإسلامية وعلى رأسها (القضية الفلسطينية) وذلك راجع لما يلي:

        1 - تحكم الدول الكبرى في قرارات الهيئة بواسطة ما يسمى بـ (حق الفيتو).

        2 - اقتصار (مجلس الأمن) على عضوية الدول المنتصرة في الحرب العالمية الثانية + الصين.

        3 - تحكم الدول الكبرى في ميزانية الهيئة ومراعاتها في كل ما يصدر من قرارات؛ بحيث لا تصطدم قراراتها مع مصالحها.

        ولذلك حينما رفضت هيئة الأمم المتحدة إعلان الحرب على العراق لمعارضة بعض الدول في مجلس الأمن ورفض الجمعية العمومية ذلك أيضاً أصرت أمريكا على إعلان الحرب لوحدها، وتحالفت معها (بريطانيا) وغيرها من الدول، مع مخالفة ذلك للنظام الدولي، المادة (7) من نظام هيئـة الأمم. ومما يؤسـف له أنه لا يوجد في النظام الأممي ما يمنع مثل هذا التصرف بوقوف الجميع في وجهه وعدم التعامل مع المعتدي وإيصاد الأبواب والأجواء في وجهه؛ فلو وجد شيء من ذلك فهل ستجرؤ أمريكا على إمرار رأيها (إعلان الحرب) سواء وافقت الهيئة أو لم توافق؟

        4 - الهيئة الأممية تكيل بميكالين حيال رفض قراراتها؛ فإن كان من (العدو الإسرائيلي) فلا مانع لديهم، وإن كان من غيرها فيمكن أن تعلن الحرب عليها، فلماذا تحابَى دول دون أخرى؟ فهذه بعض علامات سقوط الهيئة الأممية.

        * ثانياً: سقوط الدول والحكومات العربية والإسلامية:

        فهناك كثير من الدول العربية لها دور مؤسف في سقوط العراق سواء بفتح أراضيها وقواعدها للمعتدين، أو بموافقتها المعلنة على إعلان الحرب الظالمة التي تسببت في تدمير ذاك البلد المسلم. وبالرغم من معاداة حكومة العراق لبعض الدول العربية وبخاصة دول الخليج إلا أنه وبحكم ما يربط الجميع من الدين والتاريخ والمصالح المشتركة كان ينبغي السمو على أي مشكلة، وتعاون الجميع في رأب الصدع وجمع الشمل وإعادة المياه إلى مجاريها؛ وبخاصة أن الجامعة العربية التي يشترك الجميع في عضويتها قد وضعت اتفاقية (الدفاع العربي المشترك) الموقع عليها من الجميع؛ فأين الالتزام بهذه الاتفاقية؟ ولماذا لم توحـد الدول العــربيـة رأيها وتفاتح بــه أمـريكا بأنها لا توافق على أي عدوان على أي واحدة منها وأنهم ضد ذلك تماماً؟ فلو أجمعوا على رأي واحد فهل ستجرؤ أمريكا أو غيرها على مخالفة ذلك؟ وأعتقد أن ما جرأ أمريكا على فعلتها هو الخلاف العربي المستشري في كل مشكلة وأمام أي معضلة، ولماذا لم يقف الجميع حينما هجم العراق على الكويت ظلماً وعدواناً؟ بل وجدنا من يناصرها على ذلك العدوان. إن سقوط الجامعة ناتج من ضعف أنظمتها وآلية عملها، ومن هنا سقطت أمام هذه الأزمة، وسيستمر سقوطها حتى يتم علاجها بما يكفل تحقيق الأهداف المرجوة منها لمصالح الأمة جمعاء.

        ومما يؤسف له أن تركيا البلد الإسلامي وفي فترة حكم (التيار الإسلامي) فتحت أجواءها وأراضيها لمعاونة أمريكا في غزوها لشمال العراق بدعوى مراعاة مصالحها المادية المحدودة بالرغم من الرفض للأغلبية البرلمانية لهذا التوجه الانهزامي؛ أليس هذا سقوط؟ فإنا لله وإنا إليه راجعون.

        * ثالثاً: سقوط الإعلام الغربي:

        بالرغم من أن الديمقراطية الغربية قد أعطت الإعلام حقه في النشر بالأسلوب الموضوعي والمحايد بين المتحاربين إلا أنه وبعد حرب فيتنام وحرب الخليج الثانية حصل نوع من التحفظ لدى الأمريكيين بأهمية أن يكون الإعلام الحربي تابعاً جنرالات الحروب وكذلك حينما قامت أمريكا بهجمات بربرية، وعدم احترام لحقوق الإنسان ضربت أمريكا قناة الجزيرة في حرب أفغانستان 2001م، وحينما قامت بعض القنوات بنشر وبث الحرب الهمجية ضد الإنسان وحقوقه ضربت كلاً من قناتي (الجزيرة) و (أبوظبــي) وتم قتل العــديد مــن المراسلين منهـم 3 صحفيين من بينهم مراسل الجزيرة (طارق أيوب)؛ إضافة إلى مراسل لوكالة (رويتر) والمراسل الثالث (مراسل التلفزيون الأسباني) ومع اعتذار المتحدث العسكري الأمريكي عما حصل إلا أنه قال جواباً على سؤال: هل تضمن أمريكا حياة المراسلين وعدم تكرار ما حدث؟ قال المتحدث بكل صفاقة إنهم لا يضمنون حياة إلا من كان تحت مظـلتهم!

        ولذلك يقول (نعوم تشومسكي) في كتابه: (السيطرة على وسائل الإعلام): «إن مالكي الشركات الكبرى والصغرى الحاكمة يستخدمون الدعاية والإعلام لتوجيه الرأي العام وتحقيق أغراضهم التي تتعارض مع المصلحة العامة للشعب، وتخدم قلة ضئيلة». العجيب أن أمريكا أخذت على العراق بثه لصور بعض الأسرى الأمريكيين بدعوى أن ذلك مخالفة لاتفاقية جنيف التي تمنع مثل هذا التصرف مع الأسرى؛ بينما هي قبل ذلك وبعده تنقل صوراً للأسرى العراقيين في أوضاع غير إنسانية، بل أسرت الآلاف من المدنيين بزعم أنهم عسكريون في ثياب مدنية.

        والمشكلة التي دفعت لهذه الأعمال غير الأخلاقية هو الخوف من نتائج البث على الرأي العام الغربي، وكأن حقوق الإنسان ليست إلا للأمريكيين فقط. والعجيب أن محطة (NBC) الأمريكية التي تدعي الموضوعية والحرية وحماية حقوق العاملين فيها فصلت مراسلها (بيترارنت) في العراق بعد إجرائه حواراً مع الرئيس صدام؛ فأين الديمقراطية المزعومة؟ وأين الحرية التي يجعجعون بها؟ وما ذاك إلا لخوفهم من الحقيقة؛ ومن هنا كان السقوط للإعلام الغربي في هذه الحرب.

        * رابعاً: سقوط الاتجاهات العلمانية:

        العلمانية نهج يفصل الدين عن الحياة، وليس الدين عن الدولة فقط كما يتوهم بعضهم، وهي وإن كانت علاجاً للمجتمع الغربي إبَّان تسلُّط الكنيسة إلا أنها بالنسبة للدول الإسلامية أصبحت داءً وعامل فرقة وشقاق بين فئات المجتمعات المسلمة، وكانت العلمانية نهج الكثير من الدول الإسلامية التي أرادت تنحية الإسلام وشريعته الغراء عن الحكم؛ فلا هي التي أخذت بالإسلام، ولا هي التي طبقت العلمانية الغربية بأصولها المعروفة مما يخفف بعض غلوائها وعدائها للإسلام ودعاته، فكانت القومية أول اتجاه أشاعه النصارى في ديار العرب وتبناه تلاميذهم من المسلمين بدعوى وحدة الأمة العربية وطرد الاستعمار، فلم تتحد الأمة وبقي الاستعمار حاكماً في قوانينه وأيديولوجياته. وكان (البعث) إحدى الدعوات القومية التي نشأت باعتبارها حزباً حاكماً بإجماع بعض الأحزاب القومية والاشتراكية، فنشأ من اتحادها (حزب البعث العربي الاشتراكي عام 1953م وكان أبرز مؤسسيه النصراني الشهير (ميشيل عفلق) ومثله من القوميين العرب في سوريا (صلاح الدين البيطار) و (أكرم الحوراني)، و (زكي الأرسوزي) وغيرهم ممن جلبوا على الأمة العربية الهزائم والشقاق فيما بينها.

        وقامت أيديولوجية البعث على شعار: (وحدة حرية اشتراكية) وصرختهم المشهورة: (أمة عربية واحدة ذات رسالة خالدة) مع الدعوة إلى تحرير الدول العربية المستعمَرة، وأن الاشتراكية ضرورة منبثقة بزعمهم من صميم القومية العربية، وأن نظام الحكم برلماني دستوري مع كون البناء التنظيمي للحزب على نسق التنظيم الشيوعي من حيث البنية المركزية والهيمنة. وانتشر الحزب في العراق ولبنان والأردن وجزيرة العرب نتيجة تأثر الطلبة الدارسين آنذاك بتلك الأفكار.

        فأصبح للبعث بناء قطري وقومي؛ لكنه انشق عام 1970م، باختلاف النظامين العراقي والسوري بقيام الحرب العراقية الإيرانية، وما زال هذا الحزب العلماني لم يزد الأمة إلا وهناً، ولم يؤدِّ إلا إلى الانهزامية والدمار للأمة بتأييده في العراق لمغامرات الحاكم المطلق صدام حسين الذي تولى قيادة الحرب والدولة، فقاد الأمة إلى مغامرات طائشة لا مسوِّغ لها قادها وحزبه إلى النهاية الماساوية الأخيرة؛ وهكذا فإن هذه الاتجاهات العلمانية التي حاربت الإسلام ودعاته، ووقفت منهم موقفاً عدائياً لم تستفد الأمة منها إلا الهزائم المتوالية؛ ولذلك سقطت؛ لأن فاقد الشيء لا يعطيه.

        * خامساً: سقوط المذهبية والقومية:

        عرفنا كيف أن دعوى القومية التي طالما تحدَّث عنها الإعلام العربي ودعا لها لم يعد لها أي قيمة حينما يخالفون مقتضاها بالتواطؤ ضد بعضهم.

        وعرفنا كيف سقطت القومية (الكردية) بتواطئهم ضد إخوانهم العرب العراقيين. نعم! كان للأكراد مع النظام العراقي مآسٍ واضطهادات، لكن المسلم جدير بإن يتسامى على جراحه، وأن يعلو على ما يعانيه من مآسٍ ونكبات؛ لأن من يتعاون مع العدو ضد إخوانه المسلمين، ويكون درعاً يحارب دونهم فتلك والله المصيبة؛ وذلك والله هو السقوط. ومن العقوبات للأكراد بالرغم مما قدموه للأمريكان مطالبة الأتراك بطردهم من المناطق التي دخلوها في شمال العراق بعد أن أسهموا في سقوطها، وخرجوا منها صاغرين بعد أن ساهم بعضهم مثل غيرهم في تصرفات رعناء لا تمت للخلق الإسلامي بصلة من السرقات التي شاهدها العالم في بث مباشر من كركوك والموصل؛ فهذه هي الأخلاق القومية ومن هنا جاء السقوط.

        أما المذهبية فتمثلت في الزعيم الشيعي (عبد المجيد الخوئي) الذي جاء على ظهر دبابة إنجليزية ليحرض قومه الشيعة على عدم مقاومة المستعمرين ونقل عن (آية الله االسيستاني) فتوى بذلك كما جاء في حوار معه عبر (BBC) بعد وصوله البصرة. ولما خشي القوم أن يتذكر الناس أسلوب ابن العلقمي في إدخال المغول استنكروا الفتوى من خارج العراق وأنها منحولة على (السيستاني) ثم نقل عنه فتـوى مـع آخـرين بخلاف ما قيل. ولا ندري هل: (الخوئي) كاذب أم صادق؟ لكن هل يجرؤ الخوئي على الكذب على السيستاني؟ هذا هو السؤال، ثم إن الخوئي تمت تصفيته في النجف على أيدي مجهولين، ولعل ذلك راحة له عن هذا الجواب المحرج له والواضح للكثيرين.

        نعم! سقط النظام العراقي القمعي، لكن هل تعتبر الأمة شعوباً وحكاماً من هذا السقوط المخزي؟ هذا ما نرجوه فيتم تلافي المآخذ والأخطاء التي يرتكبونها في حق الله، وفي حق شعوبهم، وهل يعيدون النظر في وحدتهم وتعاونهم وعودتهم إخواناً متوادين متحابين متناصرين، هذا ما نرجوه؟

        * وأخيراً: الأخلاق تسقط:

        بعد سقوط النظام العراقي هرب العسكر ورجال الأمن، وأصبح الأمن منفلتاً، فظهرت عصابات قامت بالنهب والسلب من كافة القوميات التي سرقت الدور الحكومية والمؤسسات الأهلية. ومما يؤسف له أن النهب وصل إلى بيوت المواطنين، والأشد أسفاً أننا قرأنا أن من هؤلاء الحرامية من ألقى بالمرضى على الأرض، وسرق الأسرَّة في المستشفيات؛ وهذا بلا شـك سـقوط أخـلاقي لا يرضاه مسلم لمنافاته لأبسط القواعد الشرعية.

        والغريب أن القوات الأمريكية لم تحرك ساكناً يمنع مظاهر السرقة والعدوان على المراكز الحكومية والأهلية، وكان اللصوص يمرون بالمسروقات أمام الجنود الأمريكيين وهم يتفرجون، بل ظهر تلفزيونياً أن الجيش الأمريكي يحرض الشعب على السرقة، وقال أحد أساتذة جامعة بغداد في لقاء مع إذاعة (M.B.C) إن هؤلاء اللصوص هم من دربتهم أمريكا في المجر ليؤكدوا أهمية وجود أمريكا وبقائها بالعراق، وهم من حرض الرعاع على ما شاهدناه من سرقات، وكأن لسان حالهم يقول: هذا هو الشعب العراقي المتخلف، وها نحن جئنا للأخذ بيده وتعليمه الحرية والديمقراطية والنظام؛ مع العلم أن النظام الدولي قد فرض على الدول المحتلة حفظ الأمن العام، وإيقاف الفوضى؛ ولكن ذلك لم يحصل لأنه مقصود.

        وقفة أخيرة: أبلغ كلمة قيلت بعد سقوط النظام البعثي قالها مندوبه في هيئة الأمم المتحدة، الدكتور محمد الدوري، حينما قال للصحفيين: (لقد انتهت اللعبة)!!

        نسأل الله أن يلطف بالشعب العراقي، وأن يأخذ بيده، وأن يعوضه عما فقده في عصور الظلام خيراً.
        ملاحظة : الاسكندر العربي = الامبراطور الاعظم

        سيتم تحرير التوقيع لاحقا

        تعليق


        • #5
          اود التنوية انه في المقاله الثانية اعجبتني فيها التحليل السياسي دون وجه النظر فوجة نظر الكاتب قد لا اتبناها وتجاوزاته اللفظية والحزبية التي قد تكون وردت في المقال لا تعمم المحتوى التحليلي العلمي

          وتحياتي

          وانتظر ردودكم .... وعلى فكره ارفع احر التعازي والاحزان للامة الاسلامية بسقوط بغداد عاصمة المنصور والحضارة
          ملاحظة : الاسكندر العربي = الامبراطور الاعظم

          سيتم تحرير التوقيع لاحقا

          تعليق


          • #6
            على الرغم من طول هذه القراءة
            الا انها قراءة استوفت جميع الاهداف التى لاجلها انطلقت
            هذه الحملة الشعواء وسوف تستمر هذه الحملة الى اجل غير مسمى
            بوركت عزيزى الامبراطور

            تعليق


            • #7
              الأخ الإمبراطور الأعظم...


              [align=justify] تمر الأعوام وتتضح كل شيء الأهداف الأمريكية وغباء وخيانة الكثير...اليوم تكون الذكرى الأربعة أعوام
              هل تغير شيء؟؟لا كلهم في سبات ويتصنعون النوم...العراق ذهبت والقادم أخطر...

              مشكور أخي على الموضوع الرائع...
              [/align]
              دمـا أعبري معي
              الى ذاك الساحل!!
              دما كيف تتركيني وأنا عاماً أجدكِ
              حولي تحزني معي
              تفرحي معي...
              دما هل انتِ خطئية؟!
              هل أنتِ جريمتي؟!
              دمـا أعبري معي الى ذاك الساحل
              أنتِ وأنا دما أنا وأنتِ فقط
              الى ذاك الساحل!!
              دما كوني واقعية انظري لمن حولك!
              دمـاااا
              وذاك الجرح؟!
              وذاك العام
              دمـا أنتي قصتي!!

              تعليق


              • #8
                اشكر الجميع على المرور الطيب واخص (جهاد ) ورعد الديوان

                تحياتي
                ملاحظة : الاسكندر العربي = الامبراطور الاعظم

                سيتم تحرير التوقيع لاحقا

                تعليق


                • #9
                  شكراً علي الموضوع القيم


                  وبالفعل اليهود يحاولون الآن السيطرة علي العالم

                  صدر منذ فترة كتاب " الأمبراطورية السرية "
                  وفيه تفاصيل أن 25 أو 30 شركة متعددة الجنسيات
                  هي التي تحكم العالم من خلف الستار
                  عن طريق سيطرتها علي الأقتصاد العالمي والبورصات


                  يمتلك اليهود نسبة كبيرة من هذة الشركات
                  هذة الشركات تحاول السيطرة علي مجريات الأمور
                  فمنها شركات سلاح ومنها شركات تعمير وإنشاء وشركات أدوية


                  ويتم تمويل حملة الرئاسة الأمريكية من أموال هذة الشركات
                  بالأضافة أن أصحاب هذة الشركات لهم نفوذ كبير في الكونجرس
                  فلا عجب أن تكون القرارت الدولية كلها لخدمة اليهود .


                  فيما يخص الحلول المقترحة
                  النقطة الرابعة والسادسة من الحلول
                  الخاصة بالجيل القادم والأهتمام بتنشئته بطريقة سليمة
                  وكذلك نقطة جدية الاعلام
                  هامتين فعلاً ..

                  وإن كانت هاتين النقطتين بالذات
                  تحتاجان إلي أهتمام أكبر ولتغير مسار جذري
                  عما هما عليه الآن .


                  شكراً جزيلاً مرة أخرى علي الموضوع الطيب .
                  التعديل الأخير تم بواسطة كارين; الساعة 12-04-2007, 08:33 PM.
                  [align=center]اللهم لا تأخذني منك إلا إليك [/align]

                  تعليق

                  يعمل...
                  X