ينظر الكثير ممن تستغرقهم اللحظة الحاضرة إلى الحرب في العراق على أنها حرب ذات أهداف محدودة، وغايات آنية؛ فهناك من يظن أنها حرب من أجل أهداف اقتصادية فقط، وأن مراد المعتدين هو الاستيلاء على نفط العراق فحسب، وآخرون يصدقون دعاوى أمريكا بأنها من أجل إزالة أسلحة الدمار الشامل، مع أنه لا يوجد في العالم دولة تملك من أسلحة الدمار الشامل ما تملكه أمريكا، كما لا يوجد في المنطقة دولة تملك ما تملكه إسرائيل في فلسطين. ولا يعني هذا أن أمريكا ليست معنية بتحطيم قوة العراق، ولكنها تعلم قبل غيرها كذب دعوى امتلاك العراق لتلك الأسلحة، وهذا ما أكدته فرق التفتيش التي فرضتها.
وتصل السذاجة منتهاها عند البعض عندما يقولون: إن أمريكا تريد تغيير نظام صدام من أجل سعادة وحرية الشعب العراقي، والإتيان بنظام ديمقراطي بديل، ولذلك سميت هذه المعركة بـ (حرية العراق)؛ مع أن أمريكا هي التي مكنت لصدام وبخاصة بعد حرب الخليج الثانية؛ فقد كانت قاب قوسين أو أدنى من القضاء عليه كما صرح بذلك قائد قوات «الحلفاء» في تلك الحرب (شوارتسكوف)، لكن الأوامر صدرت إليه من بوش الأب بعدم التقدم صوب بغداد وترك صدام وشأنه.
ودعوى تخليص الشعب العراقي من ظلم صدام تنهار من أصلها إذا ما تأملنا ما أحدثته أمريكا في حربها الظالمة في عدة أيام بما يفوق جرائم صدام في عدة عقود، كما أن ما تحدثه إسرائيل من جرائم في حق الشعب الفلسطيني تحت رعاية وحماية ودعم أمريكا يؤكد أنها هي راعية وحاضنة الظالمين في العالم، وما بين تاريخي هيروشيما وأفغانستان ومن ثم العراق يؤكد ذلك التاريخ الأسود، مما تهون عنده جرائم هتلر وموسوليني.
وحقيقة الأمر أن كل هذه الدعاوى ثبت بطلانها وزيفها وأنها لم تكن الباعث الحقيقي لتلك الحملة الظالمة، عدا الهدف الاقتصادي؛ فهو أحد الأهداف ولكنه ليس أهمها. كما سيأتي، ومن أجل إيضاح الصورة وبيان الحقيقة فيمكن إجمال أهم الأهداف الأمريكية لتلك الحرب الظالمة بما يلي:
1 - ترسيخ النفوذ الأمريكي، وإحكام السيطرة والهيمنة على أهم بقعة على وجه الأرض، لما تتمتع به تلك المنطقة من بُعد استراتيجي في جميع المجالات الدينية والعسكرية والاقتصادية والبشرية والجغرافية التي لا تتوافر مجتمعة في أي بقعة أخرى من العالم.
وترسيخ النفوذ الأمريكي في العالم حلم طالما راود ساسة أمريكا وقادتها وبخاصة بعد سقوط منافسهم الرئيس الاتحاد السوفييتي.
أما النظام العالمي الجديد فهو صناعة أمريكية أرادت تسويقه بقناة ديمقراطية عبر الأمم المتحدة، ولما لم يحقق نتائجه المرجوة كان الظلم والدمار والاحتلال هو الأداة لتحقيق ذلك الهدف الرهيب، وهي بذلك تعيد عصور الاستعمار السابقة، ولكن بصورة تختلف عن الاستعمار الأول في بعض أشكاله لا في مضمونه وأهدافه.
2 - أدركت أمريكا بعد سقوط الاتحاد السوفييتي بأنه لا بد من عدو قادم بناء على نظرية صراع الحضارات، التي أكدها ـ هنتنجتون ـ في كتابه الشهير (صراع الحضارات) ورسم (سيناريوهاتها) الرئيس الأمريكي نيكسون؛ حيث حدد ذلك العدو بالإسلام، وأن الصراع القادم سيكون مع المسلمين، ومن هنا انطلقت أمريكا في وضع الخطط وبناء السياسات، وإعداد القوة وتهيئة الجيوش لخوض تلك المعارك القادمة، وقد عقد عام 1994م مؤتمر في استانبول بتركيا حضرته الدول الغربية تحت رعاية أمريكا كان الهدف منه تحديد ذلك العدو، ورسم السياسة والخطط لمواجهته، وتقدمت مراكز الدراسات الاستراتيجية الغربية وبخاصة في أمريكا بدراساتها وبحوثها التي أكدت فيها بشكل قاطع أن العدو القادم هو الإسلام، وأن المعركة مع المسلمين. ولم تكن أمريكا قبل ذلك تجهل هذا الأمر، ولكن هذا المؤتمر من أجل وضع النقاط على الحروف، بناء على دراسات وبحوث أعدتها مراكز استشراف المستقبل، ومن العجب واللافت للنظر أن يعقد المؤتمر في عاصمة آخر خلافة إسلامية؛ ذلك الخصم الذي أقض مضاجع الغرب قروناً طويلة وأسقطته مؤامراتهم وخيانة المنافقين في تلك الدولة، ومن ثم تفريط المسلمين وبعدهم عن شرع الله.
وكان تنامي المد الإسلامي، وبخاصة الجهادي منه بعد الانتصار الذي حققه المجاهدون في أفغانستان أثناء الحرب مع الاتحاد السوفييتي والذي انتهى بخروجه مهزوماً تحت ضربات المجاهدين، ثم قامت ونشطت جبهات جهادية في أماكن متفرقة من العالم كالشيشان والبلقان والفلبين وكشمير وغيرها، كل ذلك جعل الغرب وبخاصة أمريكا يدرك أنه سيخوض معركة قادمة مع المسلمين لا مفر منها، وترسخت لدى أمريكا هذه القناعة بعد أحداث سبتمبر 2001م فأرادت أن تأخذ بزمام المبادرة قبل أن يفلت الأمر من يديها، فتغزى في عقر دارها، كما حدث عندما ضربت أبراجها، ومعقل القوة فيها ومن هنا فإن هذا الهدف هو قطب الرحى، ومعقل تلك الاستراتيجية، وهو الذي يجب أن نخضعه لمزيد من الدراسة والتحليل لما يترتب عليه من آثار ومواقف.
3 - ومن أهداف هذه الحملة الظالمة؛ حماية إسرائيل، وتأمين استقرارها، وبخاصة بعد الضربات الموجعة التي وجهها المجاهدون في فلسطين، وما حققته الانتفاضة الباسلة من انتصارات باهرة، وثبات نادر استعصى على الإرهاب اليهودي بجميع أشكاله وأنواعه التي قلَّ أن تخطر على قلب بشر، وتزامن هذا الأمر مع الإخفاق الذريع الذي منيت به مشاريع الاستسلام من سلام موهوم، وتطبيع مزعوم.
وترسخ هذا الهدف بعد تنامي المد الجهادي في العالم الإسلامي الذي أشرت إليه في الهدف الثاني، واليهود يدركون قبل غيرهم أنهم هدف استراتيجي لهذا الجهاد - طال الزمن أو قصر.
ومما جعل لهذا الهدف تلك الأهمية لدى أمريكا تولِّي جيل من القادة الأمريكان ممن يوصفون بأنهم من الإنجيليين الجدد، الذين يؤمنون بخليط من الإنجيل والتوراة؛ ولذا يعدون أهداف اليهود ضمن أهدافهم الكبرى، وهم جيل يشكل خطورة لا يستهان بها؛ حيث يسخرون مقادير وإمكانات دولة علمانية كبرى لعقيدتهم المبنية على التحريف والضلال.
ومن أفضل ما اطلعت عليه حول علاقة اليهود بغزو العراق ما كتبه (باتريك بيوكانان) المرشح السابق للانتخابات الأمريكية؛ حيث ذكر فيه من الحقائق الدامغة ما لا يحتاج بعده إلى مزيد بيان.
وعلاقة هذا الهدف بالحملة الظالمة على العراق يتجلى من خلال السيطرة على الدول التي يخشى أن تكون منطلقاً لتهديد أمن إسرائيل، والتي قد تنشأ فيها قوة جهادية تتنامى مع مرور الزمن مما تستحيل معه السيطرة عليها بعد ذلك، ويتعلق بهذا الهدف أيضاً قطع أي إمداد معنوي أو حسي للمجاهدين في داخل فلسطين، على أن يتزامن ذلك باستمرار الضربات الموجعة واستعمال جميع أدوات العنف والإرهاب من قِبَل اليهود ضد المجاهدين في الداخل، ويؤكد هذه الحقيقة تجديد انتخاب شارون؛ لأنه الأقدر على تحقيق هذا الهدف، وإن كانوا كلهم شركاء في الإجرام، وليس فيهم صقور وحمائم، بل كلهم ذئاب.
وهذا الهدف يشكل بعداً استراتيجياً لما له من طابع عقدي يتفق عليه اليهود وحلفاؤهم من الإنجيليين الجدد، ويرتبط بمستقبل إسرائيل وصراعها العقدي مع خصومها، ويستندون في ذلك إلى نصوص محرفة من التوراة، جعلوها مرتكزاً أساسياً في خططهم وأهدافهم وتحالفاتهم.
وعلينا ألا نُخدَع فنقلل من هذا الهدف بحجة أن أمريكا دولة علمانية؛ فما صرح به رؤساؤهم وقادتهم ومفكروهم وقساوستهم يؤكد جدّية هذا الهدف والذي قبله، ومما يزيد من تمسكهم بهذين الهدفين أنهما ينسجمان مع بقية الأهداف ولا يعارضانها.
4 - ومن الأهداف الكبرى لتلك الحملة الظالمة، الهدف الاقتصادي، وإن كان هذا الهدف يندرج ضمن الهدف الأول، ولكنه يتميز بخصوصية مرحلية، وبخاصة أن أمريكا تواجه انهياراً اقتصادياً، اتضح جلياً في الإفلاسات الضخمة التي أعلن عنها في عدد من الشركات الكبرى التي كانت تشكل دعامة أساسية في الاقتصاد الأمريكي، وهناك قائمة أخرى تتضمن إفلاس عدد من الشركات، ولكن لم يعلن عنها بعد لأسباب متعددة، بعضها يتعلق بتلك الشركات، وأخرى تتعلق بالسياسة الاقتصادية الأمريكية، وارتباطاتها الدولية.
ثم هناك ما يتعلق بالبترول، والنقص الحاد في المخزون الاستراتيجي الأمريكي، والإخفاق في البدائل الأخرى بعد بحوث مضنية أثبتت بما لا يدع مجالاً للشك أن البترول لا منافس له على وجه الأرض ولا في باطنها، وأن حاجة أمريكا خصوصاً والغرب عموماً تزداد يوماً بعد يوم.
ثم إن منطقة الخليج والعراق بشكل أخص تسبح على محيطات من البترول تشكل أكثر من 50% من الاحتياط العالمي أجمع.
وأمريكا منزعجة من بقاء هذه الثروة تحت أيدي خصومها الحقيقيين؛ فهي لا تضمن استمرار تلك التحالفات مع الأنظمة القائمة؛ لأنها تعلم أن تلك الأنظمة نفسها لا تضمن بقاءها، بالإضافة إلى الحملات التي بدأت ترتفع أسهمها لمقاطعة الاقتصاد الأمريكي وما حققته تلك الحملات من أثر ملموس يزداد يوماً بعد يوم ويتأكد كلما تنامى المدّ الإسلامي، وازدادت أمريكا في صلفها وطغيانها ودعمها اللامحدود لليهود في فلسطين.
بالإضافة إلى أمراض داخلية يشكو منها الاقتصاد الأمريكي نفسه، وكذلك المنافسة الحادة من قِبَل دول لم تكن تشكل أهمية كبرى من قبل، كاليابان والصين وألمانيا والهند وغيرها من عمالقة الاقتصاد العالمي.
وتصل السذاجة منتهاها عند البعض عندما يقولون: إن أمريكا تريد تغيير نظام صدام من أجل سعادة وحرية الشعب العراقي، والإتيان بنظام ديمقراطي بديل، ولذلك سميت هذه المعركة بـ (حرية العراق)؛ مع أن أمريكا هي التي مكنت لصدام وبخاصة بعد حرب الخليج الثانية؛ فقد كانت قاب قوسين أو أدنى من القضاء عليه كما صرح بذلك قائد قوات «الحلفاء» في تلك الحرب (شوارتسكوف)، لكن الأوامر صدرت إليه من بوش الأب بعدم التقدم صوب بغداد وترك صدام وشأنه.
ودعوى تخليص الشعب العراقي من ظلم صدام تنهار من أصلها إذا ما تأملنا ما أحدثته أمريكا في حربها الظالمة في عدة أيام بما يفوق جرائم صدام في عدة عقود، كما أن ما تحدثه إسرائيل من جرائم في حق الشعب الفلسطيني تحت رعاية وحماية ودعم أمريكا يؤكد أنها هي راعية وحاضنة الظالمين في العالم، وما بين تاريخي هيروشيما وأفغانستان ومن ثم العراق يؤكد ذلك التاريخ الأسود، مما تهون عنده جرائم هتلر وموسوليني.
وحقيقة الأمر أن كل هذه الدعاوى ثبت بطلانها وزيفها وأنها لم تكن الباعث الحقيقي لتلك الحملة الظالمة، عدا الهدف الاقتصادي؛ فهو أحد الأهداف ولكنه ليس أهمها. كما سيأتي، ومن أجل إيضاح الصورة وبيان الحقيقة فيمكن إجمال أهم الأهداف الأمريكية لتلك الحرب الظالمة بما يلي:
1 - ترسيخ النفوذ الأمريكي، وإحكام السيطرة والهيمنة على أهم بقعة على وجه الأرض، لما تتمتع به تلك المنطقة من بُعد استراتيجي في جميع المجالات الدينية والعسكرية والاقتصادية والبشرية والجغرافية التي لا تتوافر مجتمعة في أي بقعة أخرى من العالم.
وترسيخ النفوذ الأمريكي في العالم حلم طالما راود ساسة أمريكا وقادتها وبخاصة بعد سقوط منافسهم الرئيس الاتحاد السوفييتي.
أما النظام العالمي الجديد فهو صناعة أمريكية أرادت تسويقه بقناة ديمقراطية عبر الأمم المتحدة، ولما لم يحقق نتائجه المرجوة كان الظلم والدمار والاحتلال هو الأداة لتحقيق ذلك الهدف الرهيب، وهي بذلك تعيد عصور الاستعمار السابقة، ولكن بصورة تختلف عن الاستعمار الأول في بعض أشكاله لا في مضمونه وأهدافه.
2 - أدركت أمريكا بعد سقوط الاتحاد السوفييتي بأنه لا بد من عدو قادم بناء على نظرية صراع الحضارات، التي أكدها ـ هنتنجتون ـ في كتابه الشهير (صراع الحضارات) ورسم (سيناريوهاتها) الرئيس الأمريكي نيكسون؛ حيث حدد ذلك العدو بالإسلام، وأن الصراع القادم سيكون مع المسلمين، ومن هنا انطلقت أمريكا في وضع الخطط وبناء السياسات، وإعداد القوة وتهيئة الجيوش لخوض تلك المعارك القادمة، وقد عقد عام 1994م مؤتمر في استانبول بتركيا حضرته الدول الغربية تحت رعاية أمريكا كان الهدف منه تحديد ذلك العدو، ورسم السياسة والخطط لمواجهته، وتقدمت مراكز الدراسات الاستراتيجية الغربية وبخاصة في أمريكا بدراساتها وبحوثها التي أكدت فيها بشكل قاطع أن العدو القادم هو الإسلام، وأن المعركة مع المسلمين. ولم تكن أمريكا قبل ذلك تجهل هذا الأمر، ولكن هذا المؤتمر من أجل وضع النقاط على الحروف، بناء على دراسات وبحوث أعدتها مراكز استشراف المستقبل، ومن العجب واللافت للنظر أن يعقد المؤتمر في عاصمة آخر خلافة إسلامية؛ ذلك الخصم الذي أقض مضاجع الغرب قروناً طويلة وأسقطته مؤامراتهم وخيانة المنافقين في تلك الدولة، ومن ثم تفريط المسلمين وبعدهم عن شرع الله.
وكان تنامي المد الإسلامي، وبخاصة الجهادي منه بعد الانتصار الذي حققه المجاهدون في أفغانستان أثناء الحرب مع الاتحاد السوفييتي والذي انتهى بخروجه مهزوماً تحت ضربات المجاهدين، ثم قامت ونشطت جبهات جهادية في أماكن متفرقة من العالم كالشيشان والبلقان والفلبين وكشمير وغيرها، كل ذلك جعل الغرب وبخاصة أمريكا يدرك أنه سيخوض معركة قادمة مع المسلمين لا مفر منها، وترسخت لدى أمريكا هذه القناعة بعد أحداث سبتمبر 2001م فأرادت أن تأخذ بزمام المبادرة قبل أن يفلت الأمر من يديها، فتغزى في عقر دارها، كما حدث عندما ضربت أبراجها، ومعقل القوة فيها ومن هنا فإن هذا الهدف هو قطب الرحى، ومعقل تلك الاستراتيجية، وهو الذي يجب أن نخضعه لمزيد من الدراسة والتحليل لما يترتب عليه من آثار ومواقف.
3 - ومن أهداف هذه الحملة الظالمة؛ حماية إسرائيل، وتأمين استقرارها، وبخاصة بعد الضربات الموجعة التي وجهها المجاهدون في فلسطين، وما حققته الانتفاضة الباسلة من انتصارات باهرة، وثبات نادر استعصى على الإرهاب اليهودي بجميع أشكاله وأنواعه التي قلَّ أن تخطر على قلب بشر، وتزامن هذا الأمر مع الإخفاق الذريع الذي منيت به مشاريع الاستسلام من سلام موهوم، وتطبيع مزعوم.
وترسخ هذا الهدف بعد تنامي المد الجهادي في العالم الإسلامي الذي أشرت إليه في الهدف الثاني، واليهود يدركون قبل غيرهم أنهم هدف استراتيجي لهذا الجهاد - طال الزمن أو قصر.
ومما جعل لهذا الهدف تلك الأهمية لدى أمريكا تولِّي جيل من القادة الأمريكان ممن يوصفون بأنهم من الإنجيليين الجدد، الذين يؤمنون بخليط من الإنجيل والتوراة؛ ولذا يعدون أهداف اليهود ضمن أهدافهم الكبرى، وهم جيل يشكل خطورة لا يستهان بها؛ حيث يسخرون مقادير وإمكانات دولة علمانية كبرى لعقيدتهم المبنية على التحريف والضلال.
ومن أفضل ما اطلعت عليه حول علاقة اليهود بغزو العراق ما كتبه (باتريك بيوكانان) المرشح السابق للانتخابات الأمريكية؛ حيث ذكر فيه من الحقائق الدامغة ما لا يحتاج بعده إلى مزيد بيان.
وعلاقة هذا الهدف بالحملة الظالمة على العراق يتجلى من خلال السيطرة على الدول التي يخشى أن تكون منطلقاً لتهديد أمن إسرائيل، والتي قد تنشأ فيها قوة جهادية تتنامى مع مرور الزمن مما تستحيل معه السيطرة عليها بعد ذلك، ويتعلق بهذا الهدف أيضاً قطع أي إمداد معنوي أو حسي للمجاهدين في داخل فلسطين، على أن يتزامن ذلك باستمرار الضربات الموجعة واستعمال جميع أدوات العنف والإرهاب من قِبَل اليهود ضد المجاهدين في الداخل، ويؤكد هذه الحقيقة تجديد انتخاب شارون؛ لأنه الأقدر على تحقيق هذا الهدف، وإن كانوا كلهم شركاء في الإجرام، وليس فيهم صقور وحمائم، بل كلهم ذئاب.
وهذا الهدف يشكل بعداً استراتيجياً لما له من طابع عقدي يتفق عليه اليهود وحلفاؤهم من الإنجيليين الجدد، ويرتبط بمستقبل إسرائيل وصراعها العقدي مع خصومها، ويستندون في ذلك إلى نصوص محرفة من التوراة، جعلوها مرتكزاً أساسياً في خططهم وأهدافهم وتحالفاتهم.
وعلينا ألا نُخدَع فنقلل من هذا الهدف بحجة أن أمريكا دولة علمانية؛ فما صرح به رؤساؤهم وقادتهم ومفكروهم وقساوستهم يؤكد جدّية هذا الهدف والذي قبله، ومما يزيد من تمسكهم بهذين الهدفين أنهما ينسجمان مع بقية الأهداف ولا يعارضانها.
4 - ومن الأهداف الكبرى لتلك الحملة الظالمة، الهدف الاقتصادي، وإن كان هذا الهدف يندرج ضمن الهدف الأول، ولكنه يتميز بخصوصية مرحلية، وبخاصة أن أمريكا تواجه انهياراً اقتصادياً، اتضح جلياً في الإفلاسات الضخمة التي أعلن عنها في عدد من الشركات الكبرى التي كانت تشكل دعامة أساسية في الاقتصاد الأمريكي، وهناك قائمة أخرى تتضمن إفلاس عدد من الشركات، ولكن لم يعلن عنها بعد لأسباب متعددة، بعضها يتعلق بتلك الشركات، وأخرى تتعلق بالسياسة الاقتصادية الأمريكية، وارتباطاتها الدولية.
ثم هناك ما يتعلق بالبترول، والنقص الحاد في المخزون الاستراتيجي الأمريكي، والإخفاق في البدائل الأخرى بعد بحوث مضنية أثبتت بما لا يدع مجالاً للشك أن البترول لا منافس له على وجه الأرض ولا في باطنها، وأن حاجة أمريكا خصوصاً والغرب عموماً تزداد يوماً بعد يوم.
ثم إن منطقة الخليج والعراق بشكل أخص تسبح على محيطات من البترول تشكل أكثر من 50% من الاحتياط العالمي أجمع.
وأمريكا منزعجة من بقاء هذه الثروة تحت أيدي خصومها الحقيقيين؛ فهي لا تضمن استمرار تلك التحالفات مع الأنظمة القائمة؛ لأنها تعلم أن تلك الأنظمة نفسها لا تضمن بقاءها، بالإضافة إلى الحملات التي بدأت ترتفع أسهمها لمقاطعة الاقتصاد الأمريكي وما حققته تلك الحملات من أثر ملموس يزداد يوماً بعد يوم ويتأكد كلما تنامى المدّ الإسلامي، وازدادت أمريكا في صلفها وطغيانها ودعمها اللامحدود لليهود في فلسطين.
بالإضافة إلى أمراض داخلية يشكو منها الاقتصاد الأمريكي نفسه، وكذلك المنافسة الحادة من قِبَل دول لم تكن تشكل أهمية كبرى من قبل، كاليابان والصين وألمانيا والهند وغيرها من عمالقة الاقتصاد العالمي.
تعليق