يبدو أن الهوة الكبيرة بين الشرق والغرب تزداد اتساعا مع مرور الوقت والزمن , فبالرغم من كل الجهود الطيبة المبذولة لردمها من قبل العديد من العلماء والأساتذة والمفكرين من كلا الطرفين , إلا أن ذلك الفتق التاريخي كما يظهر , اكبر بكثير من مجرد اختلافات أيديولوجية في وجهات النظر , او أعراض جانبية تظهر بين الحين والآخر , بسبب استحضار بعض الموروثات الثقافية الغابرة , او بسبب الأحقاد والمخاوف التي تعرض لها الطرفين , كل بحسب وجهة نظره , وعملت على إعادة ترسيخها في السيكولوجيات الجماعية الراهنة , وان كانت بكل تأكيد هي جزء مهم من الصراع المحتدم بين الشرق والغرب منذ أمد طويل , وقد تناول هذا الخلل الحاصل في الصورة الحضارية التي ينظر من خلالها الطرفين الى بعضهما , عدد كبير من المفكرين والمؤرخين العالميين , كان من أبرزهم الأستاذ في جامعة هارفارد الاميركية صاموئيل هنتينغتون , صاحب نظرية صدام الحضارات , والذي حصر ذلك الصراع في ستة أسباب فرعية , ومحورين رئيسيين هما الأيديولوجيات الثقافية والجيوبوليتيكيا او الجغرافيا السياسية , وهي فكرة تعتمد على أن أساس النزاعات الرئيسية القادمة بين الحضارات ستكون على امتداد خطوط التقسيم الثقافية التي تفصل بينها من جهة , والتنافس الاقتصادي والصراع السياسي والعسكري ومدى السيطرة على المؤسسات الدولية , إضافة الى ترويج القيم السياسية والدينية الخاصة من جهة أخرى , وهو ما يجعل من اتساع التباين في الآراء والأفكار والغايات والأهداف يطفو ويظهر بوضوح في تلك العلاقة الحتمية التاريخية بين أطراف الصراع الحضاري 0
وقد فجرت – وللأسف - أحداث الحادي عشر من سبتمبر من العام 2001 م , ما تبقى من عوامل رتق ذلك الفتق الحضاري بين الشرق العائد بقوة الى الواجهة الحضارية والدولية , والغرب الخائف على مكانته من التراجع والانهيار في ظل ذلك الاتساع الإسلامي , وهي حقيقة تناولها بالتحقيق والتدقيق والتحليل العديد من المؤرخين الكبار , كالكسيس كاريل في كتابه الإنسان ذلك المجهول , والروائي الروسي سولجنتسين , وعالم النفس الاميركي اريك فروم , والمفكر الفرنسي ديياسكييه , والمؤرخ الانجليزي ارنولد توينبي , والذي حاول هذا الأخير من خلال مؤلف ضخم أن يمنهج لعوامل العظمة والقوة والانحطاط والتراجع في الحضارات الكبرى , واختص من بينها الحضارة الغربية التي توقع لها الموت او على اقل تقدير مستقبل قاتم , فيما تتزايد المخاوف من اتساع رقعة المارد الإسلامي في الغرب , لدرجة السعي لمواجهته واحتواءه بمختلف الوسائل والأساليب الممكنة , كالوسائل الأيديولوجية – الدينية والثقافية والإعلامية منها 00 الخ - , والسياسية والعسكرية والاقتصادية , بالغزو والاحتلال والتبعية بأنواعها وأشكالها , وفي هذا السياق يقول موروبيرجر في كتابه العالم العربي المعاصر :- إن انتشار الإسلام كان يقض مضاجع عتاة الاستعمار منذ القرن التاسع عشر والى يومنا هذا , كما يؤكد هذه المخاوف انطوني ناتنج في كتابه الغرب , فيقول :- منذ أن جمع محمد " صلى الله عليه وسلم " أنصاره في مطلع القرن السابع الميلادي , وبدأ أول خطوات الانتشار الإسلامي , فانه بات على العالم الغربي أن يحسب الإسلام كقوة دائمة وصلبة , تواجهنا – أي نحن أبناء – الحضارة الغربية عبر البحر المتوسط 0
وهو ما جعل من حملات التشويه للحضارة الإسلامية وقواعد بناءها وعظمتها وقوتها جزء من ذلك الصراع الحضاري التاريخي , والذي تزايد بشكل ملفت للنظر خلال العقد الأول من القرن الحادي والعشرون , وان كانت جذوره في حقيقة الأمر تمتد الى قرون سابقة , وحتى نكون دقيقين في شرح أصول هذا الصراع الحضاري الحديث , كان لزاما أن نوضح بعض النقاط الهامة قبل الانسياق فيما نتطلع الى توضيحه , وأولها ضرورة حصر هذا الصراع بين الحضارات الإنسانية وليس الديانات السماوية , او بمعنى آخر , لا يمكن توجيه التهم للتعاليم السماوية الصحيحة للأديان كالإسلام واليهودية والمسيحية فيما يحدث من صراع على خلفية الامتدادات المشوهة لتعاليمها العظيمة , وفي هذا السياق يقول الأستاذ الاميريكي المنصف بول فندلي , وهو عضو سابق في الكونغرس الاميريكي :- إنني آبى مقارنة الأديان , إذ أن الأديان كلها حسنة , والله خير , ومع ذلك يبدو أن الكتب المقدسة اليهودية والمسيحية تتعرض للتحريف أكثر مما تتعرض له الأحاديث النبوية , وكان تأثير ما اسميه بالنصوص الثانوية على الفكر المسيحي في القرن الثامن عشر , اكبر بكثير من تأثير النصوص الإسلامية المشار إليها على المجتمع الإسلامي في الأزمنة الحديثة 0
ثانيا ضرورة أن لا ينظر الى ذلك الصراع بشكل رئيسي من خلال تصرفات بعض الأفراد والمؤسسات والدول , على أساس أنها محسوبة على تلك الديانات السماوية العظيمة , او أنها امتداد او انعكاس لتعاليمها السماوية الطاهرة , فليس بالضرورة أن تمثل بعض تلك التصرفات الشخصية المريضة للبعض صورة لتعاليم دينه , وإنما هي محسوبة من وجهة نظره الشخصية القاصرة , ولغة نفسه الحاقدة على الآخر , فكما يوجد في الغرب من ينظر الى الشرق نظرة استهجان وحقد وعنصرية , فكذلك في الشرق تتضح تلك الصورة في كثير من الأحيان , ولكن في الجهة المقابلة , هناك من ينظر الى الإسلام وحضارته باحترام وتقدير وإنصاف , والعكس صحيح , وفي هذا السياق الأخير , نطالع هذه الصورة الطيبة من خلال خطاب متلفز ألقاه الأمير تشارلز بجامعة اوكسفورد في العام 1993 م , وهو وريث العرش البريطاني , والذي يجعله منصبه هذا رئيسا فخريا لكنيسة انجلترا , حيث قال :- يمكن للإسلام أن يعلمنا اليوم طريقة للفهم والعيش في عالم كانت المسيحية هي الخاسرة عندما فقدته 0
المهم في الأمر , ضرورة نبذ التعميمات النظرية القاصرة على كل شي , بداية من وجهات نظر الدول ومرورا بالتجمعات الدينية والثقافية والسياسية , وليس انتهاء بالأفكار الفردية الشاذة , وان كنا بالطبع لا نقزم من حجم المخاطر المحيطة بنا كشرق وغرب , والمحسوبة على عدد من الدول والجماعات والتجمعات والأفراد في كلا الطرفين , فهناك كما يعلم الكثيرين عدد كبير من التجمعات الدولية الناشئة , او الصِدامِـيون - من صدام الحضارات - , تحاول لملمة تلك الموروثات الثقافية الدفينة , لإعادة رسم الخارطة الحضارية للعالم , بحسب رؤيتها الشخصية المريضة , الى تعاليم الأديان والتطلعات الحضارية من جهة , وأطماعها الجيواستراتيجية في العالم من جهة أخرى , كما حدث ولا زال يتكرر بين الحين والآخر من قبل بعض الانتهازيين والاستغلاليين والمرضى النفسيين والمنتفعين من الفوضى , تجاه الإسلام والقران الكريم والنبي محمد صلى الله عليه وسلم كما سبق واشرنا , وليس ذلك سوى بهدف إثارة الفتن والحروب , وزيادة الكراهية والحقد بين الحضارات والدول والشعوب , في مختلف أرجاء الأرض , واغلب الغايات من ذلك تدور في نطاق ضيق , لا يتجاوز المصالح الشخصية المادية منها والسياسية والاقتصادية , فيما يتمحور الآخر , حول الأمراض النفسية الناتجة عن الحقد والحسد والكراهية , وسنوات من تراكم الموروثات الثقافية المشوهة عن الآخر 0
وانطلاقا مما سبق فإننا نستطيع أن نؤكد بان الحملة التشويهية المنحرفة , والتي قامت بها ولا زالت , ومن المؤكد بأنها ستتكرر في ظل وجود الشر في هذا العالم , عدد من الصحف الدنمركية الصفراء السادية , وساندها فيها عدد من الدول والمؤسسات الإعلامية الرسمية والخاصة في الغرب منذ مطلع العام 2001 م , وتكررت في السنوات 2005 و 2006 و 2008 بشكل منهجي مقصود , وتحت شعارات خاوية كالحرية الصحفية والديمقراطيات وغيرها من الشعارات الجوفاء , لا تتعدى كونها سلوكيات انتهازية حضارية شخصية , برزت في وقت ينظر فيه الى الشرق بشكل عام والإسلام على وجه الخصوص , نظرة ضعف وترهل وتراجع حضاري وقيادي 0
لذا فان اقرب التحليلات النفسية – من وجهة نظرنا الشخصية – الى هذه التصرفات المنحرفة , والتي لا نستطيع أن نعممها على الغرب كحضارة وأفراد , وان تشارك في تلك الحملة القذرة على اشرف خلق الله وخاتم أنبياءه , محمد صلى الله عليه وسلم , ما يمكن أن نطلق عليه بالتجمع الانتهازي الإعلامي الغربي , الساعي الى الظهور الإعلامي , والانتفاع الشخصي , متجاوزا بتلك التصرفات جل الصفات والسلوكيات والتعاليم الدينية والحضارية والأخلاقية والإنسانية والقانونية , هو ما اشرنا إليه في مفهوم الانتهازية الحضارية , فنجد أن تلك الحملات الشخصية القذرة أحيانا , والمشتركة أحيانا أخرى , على الإسلام والقران الكريم وخاتم الأنبياء صلى الله عليه وسلم هي نتاج فهم شخصي مغلوط عن الدين الإسلامي وحضارته وثقافته لدى بعض الأفراد والجماعات الفكرية , وتخوف كامن في نفوسهم الجزعة من اختراق تعاليم القران الكريم للجاهلية الغربية التي صورها الكثيرين على أساس إنها نهاية التاريخ والحضارات الإنسانية , واستهداف لمصالحهم الإستراتيجية السياسية منها والاقتصادية , وان هذا الكتاب – أي – القران الكريم , هو الحاجز المنيع دون اختراق الشرق " كفكر وثقافة وثروات " كما يشير الى ذلك غلادستون بقوله :- ما دام هذا القران موجودا , فلن تستطيع أوربا السيطرة على الشرق , ولا أن تكون هي نفسها في أمان كما رأينا 0
وعليه فان أفضل سلوك حضاري يرقى بمكانة هذا الدين العظيم , يمكن أن نواجه به هذه الحملة البربرية الانتهازية الاستفزازية الموجهة لشخص خاتم الأنبياء والمرسلين , صلى الله عليه وسلم , هو الاحتواء السياسي والإعلامي , وبمعنى آخر المقاطعة السياسية والدبلوماسية والاقتصادية من جهة , وذلك بهدف توضيح الصورة الحقيقية لمكانة هذا النبي لدى المسلمين , ومدى ما يمكن أن يترتب في حال تم الاعتداء على شخصه بالإساءة والتشويه , وما يمكن أن يواجهه الطرف المعتدي من غضب رسمي وشعبي , أما من جهة أخرى , فانه بات من الضرورة أن يواجه ذلك التشويه للإسلام ورموزه , بخلق حملة إعلامية عالمية مضادة لتوضيح الصورة المغلوطة تجاه الدين الإسلامي والقران الكريم وشخص النبي محمد صلى الله عليه وسلم , يتشارك فيها العلماء والمفكرين والمثقفين , دون الانحطاط الى سلك نفس التصرفات الرجعية , وذلك بالاعتداء على الأديان ورموزها الدينية والإنسانية , وإلا فما الفرق بين تصرفات من يدعي الحضارة والتمدن في ظل تعاليم دينه , ونظرته الى من يتصور انه يتلبس رداء الانحطاط والتخلف والرجعية 0
مقالنا بالوطن العمانية - الاثنين 25 / 2 / 2008
وقد فجرت – وللأسف - أحداث الحادي عشر من سبتمبر من العام 2001 م , ما تبقى من عوامل رتق ذلك الفتق الحضاري بين الشرق العائد بقوة الى الواجهة الحضارية والدولية , والغرب الخائف على مكانته من التراجع والانهيار في ظل ذلك الاتساع الإسلامي , وهي حقيقة تناولها بالتحقيق والتدقيق والتحليل العديد من المؤرخين الكبار , كالكسيس كاريل في كتابه الإنسان ذلك المجهول , والروائي الروسي سولجنتسين , وعالم النفس الاميركي اريك فروم , والمفكر الفرنسي ديياسكييه , والمؤرخ الانجليزي ارنولد توينبي , والذي حاول هذا الأخير من خلال مؤلف ضخم أن يمنهج لعوامل العظمة والقوة والانحطاط والتراجع في الحضارات الكبرى , واختص من بينها الحضارة الغربية التي توقع لها الموت او على اقل تقدير مستقبل قاتم , فيما تتزايد المخاوف من اتساع رقعة المارد الإسلامي في الغرب , لدرجة السعي لمواجهته واحتواءه بمختلف الوسائل والأساليب الممكنة , كالوسائل الأيديولوجية – الدينية والثقافية والإعلامية منها 00 الخ - , والسياسية والعسكرية والاقتصادية , بالغزو والاحتلال والتبعية بأنواعها وأشكالها , وفي هذا السياق يقول موروبيرجر في كتابه العالم العربي المعاصر :- إن انتشار الإسلام كان يقض مضاجع عتاة الاستعمار منذ القرن التاسع عشر والى يومنا هذا , كما يؤكد هذه المخاوف انطوني ناتنج في كتابه الغرب , فيقول :- منذ أن جمع محمد " صلى الله عليه وسلم " أنصاره في مطلع القرن السابع الميلادي , وبدأ أول خطوات الانتشار الإسلامي , فانه بات على العالم الغربي أن يحسب الإسلام كقوة دائمة وصلبة , تواجهنا – أي نحن أبناء – الحضارة الغربية عبر البحر المتوسط 0
وهو ما جعل من حملات التشويه للحضارة الإسلامية وقواعد بناءها وعظمتها وقوتها جزء من ذلك الصراع الحضاري التاريخي , والذي تزايد بشكل ملفت للنظر خلال العقد الأول من القرن الحادي والعشرون , وان كانت جذوره في حقيقة الأمر تمتد الى قرون سابقة , وحتى نكون دقيقين في شرح أصول هذا الصراع الحضاري الحديث , كان لزاما أن نوضح بعض النقاط الهامة قبل الانسياق فيما نتطلع الى توضيحه , وأولها ضرورة حصر هذا الصراع بين الحضارات الإنسانية وليس الديانات السماوية , او بمعنى آخر , لا يمكن توجيه التهم للتعاليم السماوية الصحيحة للأديان كالإسلام واليهودية والمسيحية فيما يحدث من صراع على خلفية الامتدادات المشوهة لتعاليمها العظيمة , وفي هذا السياق يقول الأستاذ الاميريكي المنصف بول فندلي , وهو عضو سابق في الكونغرس الاميريكي :- إنني آبى مقارنة الأديان , إذ أن الأديان كلها حسنة , والله خير , ومع ذلك يبدو أن الكتب المقدسة اليهودية والمسيحية تتعرض للتحريف أكثر مما تتعرض له الأحاديث النبوية , وكان تأثير ما اسميه بالنصوص الثانوية على الفكر المسيحي في القرن الثامن عشر , اكبر بكثير من تأثير النصوص الإسلامية المشار إليها على المجتمع الإسلامي في الأزمنة الحديثة 0
ثانيا ضرورة أن لا ينظر الى ذلك الصراع بشكل رئيسي من خلال تصرفات بعض الأفراد والمؤسسات والدول , على أساس أنها محسوبة على تلك الديانات السماوية العظيمة , او أنها امتداد او انعكاس لتعاليمها السماوية الطاهرة , فليس بالضرورة أن تمثل بعض تلك التصرفات الشخصية المريضة للبعض صورة لتعاليم دينه , وإنما هي محسوبة من وجهة نظره الشخصية القاصرة , ولغة نفسه الحاقدة على الآخر , فكما يوجد في الغرب من ينظر الى الشرق نظرة استهجان وحقد وعنصرية , فكذلك في الشرق تتضح تلك الصورة في كثير من الأحيان , ولكن في الجهة المقابلة , هناك من ينظر الى الإسلام وحضارته باحترام وتقدير وإنصاف , والعكس صحيح , وفي هذا السياق الأخير , نطالع هذه الصورة الطيبة من خلال خطاب متلفز ألقاه الأمير تشارلز بجامعة اوكسفورد في العام 1993 م , وهو وريث العرش البريطاني , والذي يجعله منصبه هذا رئيسا فخريا لكنيسة انجلترا , حيث قال :- يمكن للإسلام أن يعلمنا اليوم طريقة للفهم والعيش في عالم كانت المسيحية هي الخاسرة عندما فقدته 0
المهم في الأمر , ضرورة نبذ التعميمات النظرية القاصرة على كل شي , بداية من وجهات نظر الدول ومرورا بالتجمعات الدينية والثقافية والسياسية , وليس انتهاء بالأفكار الفردية الشاذة , وان كنا بالطبع لا نقزم من حجم المخاطر المحيطة بنا كشرق وغرب , والمحسوبة على عدد من الدول والجماعات والتجمعات والأفراد في كلا الطرفين , فهناك كما يعلم الكثيرين عدد كبير من التجمعات الدولية الناشئة , او الصِدامِـيون - من صدام الحضارات - , تحاول لملمة تلك الموروثات الثقافية الدفينة , لإعادة رسم الخارطة الحضارية للعالم , بحسب رؤيتها الشخصية المريضة , الى تعاليم الأديان والتطلعات الحضارية من جهة , وأطماعها الجيواستراتيجية في العالم من جهة أخرى , كما حدث ولا زال يتكرر بين الحين والآخر من قبل بعض الانتهازيين والاستغلاليين والمرضى النفسيين والمنتفعين من الفوضى , تجاه الإسلام والقران الكريم والنبي محمد صلى الله عليه وسلم كما سبق واشرنا , وليس ذلك سوى بهدف إثارة الفتن والحروب , وزيادة الكراهية والحقد بين الحضارات والدول والشعوب , في مختلف أرجاء الأرض , واغلب الغايات من ذلك تدور في نطاق ضيق , لا يتجاوز المصالح الشخصية المادية منها والسياسية والاقتصادية , فيما يتمحور الآخر , حول الأمراض النفسية الناتجة عن الحقد والحسد والكراهية , وسنوات من تراكم الموروثات الثقافية المشوهة عن الآخر 0
وانطلاقا مما سبق فإننا نستطيع أن نؤكد بان الحملة التشويهية المنحرفة , والتي قامت بها ولا زالت , ومن المؤكد بأنها ستتكرر في ظل وجود الشر في هذا العالم , عدد من الصحف الدنمركية الصفراء السادية , وساندها فيها عدد من الدول والمؤسسات الإعلامية الرسمية والخاصة في الغرب منذ مطلع العام 2001 م , وتكررت في السنوات 2005 و 2006 و 2008 بشكل منهجي مقصود , وتحت شعارات خاوية كالحرية الصحفية والديمقراطيات وغيرها من الشعارات الجوفاء , لا تتعدى كونها سلوكيات انتهازية حضارية شخصية , برزت في وقت ينظر فيه الى الشرق بشكل عام والإسلام على وجه الخصوص , نظرة ضعف وترهل وتراجع حضاري وقيادي 0
لذا فان اقرب التحليلات النفسية – من وجهة نظرنا الشخصية – الى هذه التصرفات المنحرفة , والتي لا نستطيع أن نعممها على الغرب كحضارة وأفراد , وان تشارك في تلك الحملة القذرة على اشرف خلق الله وخاتم أنبياءه , محمد صلى الله عليه وسلم , ما يمكن أن نطلق عليه بالتجمع الانتهازي الإعلامي الغربي , الساعي الى الظهور الإعلامي , والانتفاع الشخصي , متجاوزا بتلك التصرفات جل الصفات والسلوكيات والتعاليم الدينية والحضارية والأخلاقية والإنسانية والقانونية , هو ما اشرنا إليه في مفهوم الانتهازية الحضارية , فنجد أن تلك الحملات الشخصية القذرة أحيانا , والمشتركة أحيانا أخرى , على الإسلام والقران الكريم وخاتم الأنبياء صلى الله عليه وسلم هي نتاج فهم شخصي مغلوط عن الدين الإسلامي وحضارته وثقافته لدى بعض الأفراد والجماعات الفكرية , وتخوف كامن في نفوسهم الجزعة من اختراق تعاليم القران الكريم للجاهلية الغربية التي صورها الكثيرين على أساس إنها نهاية التاريخ والحضارات الإنسانية , واستهداف لمصالحهم الإستراتيجية السياسية منها والاقتصادية , وان هذا الكتاب – أي – القران الكريم , هو الحاجز المنيع دون اختراق الشرق " كفكر وثقافة وثروات " كما يشير الى ذلك غلادستون بقوله :- ما دام هذا القران موجودا , فلن تستطيع أوربا السيطرة على الشرق , ولا أن تكون هي نفسها في أمان كما رأينا 0
وعليه فان أفضل سلوك حضاري يرقى بمكانة هذا الدين العظيم , يمكن أن نواجه به هذه الحملة البربرية الانتهازية الاستفزازية الموجهة لشخص خاتم الأنبياء والمرسلين , صلى الله عليه وسلم , هو الاحتواء السياسي والإعلامي , وبمعنى آخر المقاطعة السياسية والدبلوماسية والاقتصادية من جهة , وذلك بهدف توضيح الصورة الحقيقية لمكانة هذا النبي لدى المسلمين , ومدى ما يمكن أن يترتب في حال تم الاعتداء على شخصه بالإساءة والتشويه , وما يمكن أن يواجهه الطرف المعتدي من غضب رسمي وشعبي , أما من جهة أخرى , فانه بات من الضرورة أن يواجه ذلك التشويه للإسلام ورموزه , بخلق حملة إعلامية عالمية مضادة لتوضيح الصورة المغلوطة تجاه الدين الإسلامي والقران الكريم وشخص النبي محمد صلى الله عليه وسلم , يتشارك فيها العلماء والمفكرين والمثقفين , دون الانحطاط الى سلك نفس التصرفات الرجعية , وذلك بالاعتداء على الأديان ورموزها الدينية والإنسانية , وإلا فما الفرق بين تصرفات من يدعي الحضارة والتمدن في ظل تعاليم دينه , ونظرته الى من يتصور انه يتلبس رداء الانحطاط والتخلف والرجعية 0
مقالنا بالوطن العمانية - الاثنين 25 / 2 / 2008
تعليق