إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

التخطيط لصناعة المستقبل

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • التخطيط لصناعة المستقبل

    ( نحن مسافرون باستمرار في رحلة استكشاف نحو المستقبل , ولكننا لسنا سواحا يرافقنا دليل يستطيع أن يخبرنا تماما ماذا سنصادف أمامنا , ليبقينا مرتاحين وبأمان , بل على العكس من ذلك , فنحن مستكشفون في منطقة مجهولة وخطرة لم يسبقنا إليها احد أبدا من قبل ) " ادوارد كورنيش "
    إن صناعة المستقبل أشبه بقيادة سيارة تسير بسرعة عالية على طريق سريع , والسؤال المطروح هنا هو : هل نستطيع أن نقود تلك السيارة دون أن ننظر الى الأمام ؟ بالطبع سيكون الجواب الفطري والمنطقي على ذلك السؤال بلا , وهنا نسال السؤال التكميلي الآخر , وهو لماذا لا نستطيع أن نقود تلك السيارة بسرعة عالية على طريق سريع دون أن ننظر الى الأمام ؟ بالطبع فان الجواب البديهي الآخر لذلك السؤال سيتمحور حول اتجاهين , أولهما إشكالية الزمان وإشكالية المكان , فكيف ذلك ؟
    فالزمان هنا يفرض علينا أن نقود تلك السيارة بسرعة عالية جدا , حيث بات من الضروري أن نواكب التطور العالمي السريع في مختلف مجريات الحياة , - وبمعنى آخر – لقد أصبح من الضروري إن نجاري سرعة المتغيرات والمتحولات الإقليمية منها والدولية في مختلف نواحي الحياة الاقتصادية منها والسياسية والثقافية 000 الخ , فتوقفنا لفترة زمنية بسيطة , سيعني أن نتخلف عن الآخرين لسنوات طويلة في تلك النواحي والأصعدة , أما إشكالية المكان , فتكمن في العقبات والعوائق والتحديات الكثيرة التي يمكن أن تصادفها في ذلك الطريق السريع وأنت تقود بتلك السرعة العالية , بينما يتحتم عليك أن تراعي الضوابط القانونية والإنسانية والأخلاقية , وان تحمي نفسك من الأخطار التي يمكن أن تصادفك في ذلك الطريق بشكل مفاجئ وغير محسوب , وليس ذلك فقط , بل تكمن المشكلة الأكبر في ضرورة أن تراعي سلامة الآخرين ومن يمكن أن يستخدم ذلك الطريق من الأفراد والسيارات الأخرى , وهنا تكمن المشكلة الأكبر في قيادة تلك السيارة , او المستقبل إذا ما افترضنا انه أشبه بقيادتها , إذا فما هو المطلوب من قائد تلك السيارة ؟ 0
    وبالطبع فان السائق الافتراضي سيختلف هنا من مركبة الى أخرى , ومن قائد الى آخر , - أي – من مركز قيادة وقرار الى آخر , كل بحسب الموقع الذي يفترض أن يقوده ويخطط لمستقبله , فالحاكم هو القائد والمخطط لدولته ووطنه وشعبه , والقائد في المؤسسة الحكومية او الأهلية , والمخطط المستشار المؤتمن على صناعة القرار في كل جهة وموقع ومكان , - وبمعنى اشمل – كل من يقع من أفراد المجتمع تحت مسمى قائد او راعي او مسؤول سيتحتم عليه أن يقود تلك السيارة – أي – المستقبل , بسرعة عالية كي لا يتقهقر او يتخلف عن ركب الآخرين , ويتحتم عليه في نفس الوقت أن يصل الى نهاية الطريق في الوقت المحدد , مع ضمان سلامة ركابه ومستخدمي الطريق من المارة والسيارات الأخرى 0
    وهنا تكمن الاشكاليه في صناعة المستقبل واستشرافه والتوقع له , فما هو الحل إذا ؟ ونحن هنا بالطبع لا نملك المجال للتفصيل الدقيق لمنهجية صناعة المستقبل والتخطيط له , لذا فان طرحنا هنا سيكون مجرد مدخل نظري عام لعلم بات من الضرورة الملحة أن يدخل في مناهج التعليم المدرسية والجامعية , فيدرس للطلبة والقياديين وصناع القرار ومن ستضع فيهم الدول والحكومات والمؤسسات العامة والخاصة الثقة والمسؤولية القيادية كل في مجال تخصصه وعمل 0
    وفي هذا السياق يقول الأستاذ ادوارد كورنيش , وهو محرر مجلة المستقبل الاميركية ورئيس جمعية المستقبل العالمية حول مستقبل هذا العلم , وضرورته الملحة لبناء وتطور الأفراد والدول , فيقول :- ( انه في العقود القليلة الأخيرة تطور الاستقراء ليصبح مجموعة متكاملة من الآليات والمعارف , توضح كلها ضمن مصطلحات مثل " الاستشراف وعلم المستقبليات ودراسات المستقبل " 000 الخ , ونتيجة لجهد العديد من الرواد الخلاقين في هذا المجال , أصبحت هذه الآليات والمعارف تستخدم بشكل منتظم – من قبل الشركات والوكالات الحكومية والمجموعات الفكرية – ومن المستقبليين المحترفين في العالم , وذلك بهدف توقع أنواع مختلفة لا تنتهي من الإشكاليات والمعضلات 0000 فهدف الاستشراف ليس التكهن بأحداث المستقبل , ولكن العمل لجعل هذا المستقبل أفضل , ولدينا فرصة عظيمة لتحسين مستقبلنا , وكذلك لتجنب العديد من المعضلات التي قد تعترضنا , إذا ما كنا مستعدين للتطلع للأمام ) 0
    فاغلب دول العالم المتحضر اليوم , تفضل التطلع للأمام – أي - المستقبل البعيد , بل والتخطيط لمستقبلها من خلال التحضير له مسبقا , لا انتظار فرضه عليها من خلال العديد من الاحتمالات والظروف والأمر الواقع , كما أن القيادات الواعية والأمينة على مستقبل أبناءها , تدرك تمام الإدراك مسئولياتها الجسام تجاه الجيل القادم مع عدم إهمال دورها في تحقيق وتوفير التزاماتها تجاه شعوب اليوم , وهو أمر صعب للغاية إذا لم يتم التخطيط له بشكل دقيق وسريع وصحيح , وهو ما نحاول التنبيه إليه من خلال إمكانية علم المستقبليات وقدرته على القيام بذلك ( ولحسن الحظ فان اهتمامات الأجيال الحاضرة والمستقبلية تتلاقى في معظم الأحيان , ولهذا يقترح – الأستاذ وندل بل , عالم الاجتماع في جامعة يال _ أن ننظر الى الأعمال ذات الفائدة المزدوجة , والتي تغني في نفس الوقت أجيال الحاضر والمستقبل ) , كالبحوث والتطور التكنولوجي والمنح الدراسية , كما انه بات من الضرورة الملحة التركيز على التفكير في مستقبل توفير الأساسيات الحياتية اليومية , والتي لا يمكن الاستغناء عنها في الحاضر او المستقبل , وهي بالتالي احد واجبات الدولة تجاه مواطنيها , كتوفير الغذاء بشكل صحي وسليم , وتحقيق التعليم للجميع في أي مكان وزمان , وتوفير أقصى ضروريات المحافظة على عقل وجسم الفرد 0
    لذا فان علم دراسة المستقبل او استشرافه سيساعد كثيرا في رسم صورة بعيدة المدى لمستقبل الأفراد والدول والحكومات في مختلف دول العالم خلال المرحلة المستقبلية القادمة من القرن الحادي والعشرون , بل نتوقع أن سيساهم ذلك في التخطيط لاحتواء بعض الأزمات والمعضلات المحتملة التي يمكن أن نصادفها في المستقبل القريب والبعيد , فالقدرة والذكاء على إدارة الأزمات واحتواءها لا يكمن في السيطرة عليها بعد وقوعها او أثناء ذلك , بل يكمن في القدرة على توقعها واستشرافها قبل وقوعها , وفي المهارة على استنباط الحلول ورسم السيناريوهات لاحتوائها وإدارتها قبل حدوثها بوقت كاف , ورسم خارطة ذهنية مستقبلية لكثير من الاحتمالات الغير متوقعة لها 0
    فالتخطيط لصناعة المستقبل قد باتت مهمة ملحة للجميع , بل ضرورية للغاية لبناء الدولة وتطورها وتنميتها المستقبلية في مختلف مجالات الحياة وفروعها , لذا فانه من السذاجة أن ننتظر المستقبل ليفرض نفسه علينا بحكم الواقع , او يفرضه الآخرون علينا بالقوة , كما تعيش ذلك الكثير من دول العالم اليوم , والتي نشاهدها تتخبط في طريق المستقبل , بل وترزح تحت شبح الحيرة والاستغراب والخوف , مما أدى بها الى التخلف والتقوقع والتخبط في كثير من مخططاتها ومشاريعها التنموية والمستقبلية , بل يفترض منا أن نتحرك بسرعة ودقة عالية في قيادة مستقبلنا , وإلا فان الاصطدام بما لا نتوقعه سيكون امرأ حتميا لم نحسب له أي حساب في ذلك الطريق السريع والمليء بالمخاطر والمفاجآت 0

  • #2

    مرحباً بك إستاذ محمد وبمقالك القيم والهادف.


    مقال قيم، وواضح كل الوضوح.

    نعم فالتخطيط لصناعة المستقبل منهجاً ينبغي لكل الدول العمل به، وما نراه في عالم اليوم من تلخبط بعض الدول في إدارة شؤونها السياسية والإقتصادية ما هو إلا دليل على عدم قيام هذه الدول بالتخطيط بالتبؤات المستقبلية، ووضع كافة الخطط للأمور المحتمل حدوثها مستقبلاً وفق سيناريوهات مدروسة.

    شكراً لك مرة أخرى إستاذنا على هذا المقال القيم.
    ما أصابك لم يكن ليخطئك، وما أخطأك لم يكن ليصيبك


    زورونا في سلسلة ( إقرأ معي )

    الكتاب الأول

    تعليق


    • #3
      تسلم استاذمحمد وتسلم كثييييييييييييييييييير عالمقال الرائع.........


      للامام دوما.....
      LUXURY OMANI GIRL

      تعليق


      • #4
        كم نحن بحاجة ماسة الى تخطيط استراتيجي لصناعة المستقبل
        فاغلريب في الامر ان جل ما نخطط له لا يتجاوز في اغلب الاحيان التخطيط التكتيكي

        تعليق

        يعمل...
        X