إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

وتستمر سياسة أحجار الدومينو بالمنطقة العربية

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • وتستمر سياسة أحجار الدومينو بالمنطقة العربية

    في العام 1898م , - أي – قبل ما يزيد عن قرن من الزمن , وفي واحدة من أشهر المداخلات التي طرحت للنقاش بالكونغرس الاميركي آن ذاك , كانت تلك التي أوردها السيناتور البرت بيفردج في سياق خطاب له تحت عنوان " زحف العالم " , تناول فيها هذا الأخير قدر اميريكا الأبدي , وذلك من خلال حتمية التوسع وابتلاع العالم , حيث قال ( عليكم – أي انتم يا قادة الولايات المتحدة الاميركية منذ وطأة أقدامكم تراب نيوانجلاند , او المستعمرة الاميركية الأولى الى اليوم – أن تتذكروا ما فعله آباؤكم , علينا أن ننصب خيمة الحرية ابعد في الغرب , وابعد في الجنوب , فالمسالة ليست مسالة أميركا , ولكنها مسالة زمن يدعونا الى الزحف تحت العلم , حتى ننشر الحرية , ونحمل البركة الى الجميع , علينا أن نقول لأعداء التوسع الاميركي , إن الحرية تليق فقط بالشعوب التي تستطيع حكم نفسها , أما الشعوب التي لا تستطيع , فان واجبنا المقدس , أمام الله , يدعونا لقيادتها الى النموذج الاميركي في الحياة , لأنه نموذج الحق مع الشرف , فنحن لا نستطيع أن نتهرب من مسؤولية وضعتها العناية الإلهية , لإنقاذ الحرية والحضارة , ولذلك فان العلم الاميركي يجب أن يكون رمزا لكل البشر ) 0
    وبالطبع فان صدى تلك الكلمات والعبارات المنمقة , كان اكبر وأقوى من أن يعود بفعل أي اصطدام مع أي قوة من قوى العالم البشري , فكانت الذرائع الاميركية الواهية موجودة منذ البداية , إنها الديمقراطية والشرف ونشر البركة الاميركية على كل البؤساء والمقهورين في هذا العالم , والحرية التي وجدت الولايات المتحدة الاميركية أنها لا تليق بشعوب لا تستطيع حكم نفسها بنفسها , وما أكثرها من وجهة النظر الاميركية , وخصوصا في عالمنا العربي , وعليه فان ما قامت به , او ستقوم به هذه الأخيرة تحت ذريعة تلك القيم الإنسانية , لا يمكن أن يعد استعمارا او احتلالا او فرضا للهيمنة والسيادة على شعوب العالم ككل , وشعوب المنطقة العربية على وجه الخصوص , بل الهدف منه غالبا تحرير تلك الشعوب المقهورة من سطوة حكامها الديكتاتوريين والمستبدين , ونشر الديمقراطية والعدالة والمساواة بينهم , وقيادتهم الى النموذج الاميركي , كونه نموذج للحق والشرف , " وكذاك تتخذ المظالم منطقا عذبا لتخفي سوءة الاراب " 0
    وهكذا تحول الحلم الاميركي الى كابوس مزعج تحت علم الحرية والديمقراطية منذ العام 1781م وحتى احتلال الوطن العراقي المسلم العربي في العام 2003 م , وتحولت كتابات مستعمري ماي فلور – السفينة التي حملت الآباء الحجاج البيورتيانيين – الذين حطوا في بلايموث روك الى إشارات توراتية , لإنقاذ الحرية والحضارة في مختلف أرجاء العالم , فكان التوسع مفهوما ضمنيا في عقيدة الولايات المتحدة الاميركية , وواضحا في سلوكها منذ تلك اللحظة في العام 1781م , عندما طالب بنيامين فرانكلين بريطانيا باستعادة كل الأراضي التي تقع شرق المسيسبي 0
    وكانت بداية مخطط إنقاذ الحضارة , بحسب الرؤية الاميركية , " استعمار العالم وابتلاعه " , والذي لم يشاهد العالم نهايته الى يومنا هذا , من هناك , من جبال الاليجانيز التي كانت محاطة ببريطانيا واسبانيا وفرنسا في ذلك الوقت , مرورا بأغلب دول أميركيا الجنوبية , والتي ذاقت فضائع ومرارة التدخلات الاميركية بلا حدود , ولا زالت الى يوما هذا تعاني ذلك , وربما أكثر بكثير مما عانته شعوب المنطقة العربية , وليس انتهاء بعالمنا الإسلامي والعربي في تركيا وإيران واندونيسيا ومصر ولبنان وليبيا والعراق وغيرها الكثير , - وللأسف – فقد وجدت الولايات المتحدة الاميركية في الشرق الأوسط " مغارة علاء الدين العربي " , بتسهيل وتعاون من قبل الكثير من الخونة والعملاء وأعداء الإسلام والعروبة , موطأ قدم لها لا يمكن التنازل عنه مطلقا , ولو اضطرها ذلك لتحويل الشرق الأوسط الى الولاية الثانية والخمسون – باعتبار أن المستعمرة الإسرائيلية الكبرى هي الولاية الاميركية الحادية والخمسون0
    ومن أهم ما يمكن ملاحظته في هذا الصدد , ذلك التحول في الاستراتيجيات الاميركية تجاه منطقة الشرق الأوسط خلال القرن الحادي والعشرون , - ونحن هنا – لا نتحدث عن المواقف السياسية الاميركية , بقدر ما نشير الى النظرة المستقبلية والخطط الإستراتيجية الاميركية طويلة الأمد في المنطقة , حيث انه وكما يدرك الجميع بان المواقف الاميركية لم تتغير كثيرا تجاه المنطقة العربية منذ العقد الأول من القرن العشرون , وخصوصا تلك المتعلقة بالقضايا والمصالح العربية من جهة , والوجود السرطاني الإسرائيلي من جهة أخرى , وإنما الملاحظ هنا أن ذلك لم يقتصر على الدعم والمساندة السياسية او المادية لكيان المستعمرة الإسرائيلية الكبرى في الشرق الأوسط , او الوقوف معها في كل كبيرة وصغيرة , وإنما توسع أفق تلك المواقف وامتد لدرجة تحوله الى خليط من الخطط والاستراتيجيات والسيناريوهات المدروسة , والتي تهدف بالدرجة الأولى والأخيرة الى السيطرة على ثروات المنطقة وخيراتها , والزج بها الى دائرة العنف والصراع والإرهاب , والقضاء على كل الأصوات الشريفة المعارضة لتلك التوجهات الصهيواميركية الاستعمارية بطريقة مباشرة او غير مباشرة0
    وقد كانت أحداث الحادي عشر من سبتمبر من العام 2001 م , الشماعة التي علقت عليها الولايات المتحدة الاميركية غسيلها العفن في المنطقة العربية , وسيطرت بها على اغلب الدول والمنظمات الرسمية وشبه الرسمية , إن لم يكن جميعها في مختلف أرجاء الأرض , وخصوصا الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي وما يتبعه من مؤسسات , فقسم العالم بأسره حينها الى فريقين , واحد مع الإرهاب , وآخر يحاربه , وبالطبع فان المقصود بتلك الداعمة للإرهاب , كل تلك الأصوات – الدول والأفراد والمنظمات - التي تقف في وجه ذلك التواجد الامبريالي الاستعماري الصهيواميركي في العالم عموما , وفي عالمنا العربي بوجه خاص , لذا فقد وجدت بعض الحسابات فرصتها للتصفية , ولعل الحرب على الوطن العراقي العربي المسلم ليس سوى بداية لأجندة أميركية طويلة يصار الى تطويرها كل يوم , وهو ما أكده الجنرال كولن باول في ذلك الوقت , حين أشار متحدثا أمام لجنة اللوبي الإسرائيلي المعروفة " ايباك " , او لجنة العلاقات العامة الاميركية الإسرائيلية , حيث أكد أن الولايات المتحدة الاميركية لن تتوقف عند العراق 0
    وبالفعل فقد فعلت سياسة أحجار الدومينو الاميركية كنهج سياسي استراتيجي في المنطقة العربية بشكل رسمي منذ ذلك الوقت تحديدا , حيث أن هذه السياسة ومن الناحية التاريخية قد بدأت قبل ذلك الوقت بكثير , وقد أطلقها الرئيس الاميركي إيزنهاور – مجازيا – لإيضاح الأهمية الإستراتيجية لفيتنام في العام 1954م , وتعنى سياسة " Domino theory " انك إذا وضحت أحجار الدومينو في خط واحد , ودفعت الحجر الأول فإنها تتساقط الواحد تلو الآخر تلقائيا وبشكل سريع , وقد كان النظام العربي العراقي أول أحجار الدومينو التي سقطت , لتتلواها بحسب تلك الإستراتيجية او النظرية بقية الأحجار او الأنظمة المعارضة للسياسة الصهيواميركية بشكل رئيسي 0
    وللعلم فان الولايات المتحدة الاميركية لم تخفي هذه السياسة في المنطقة العربية , او حتى تتعامل بها في الخفاء او على استحياء , فقد أعلنتها جهارا نهارا وصرح بها قادتها السياسيين قبل العسكريين , وفي دليل السياسة الدفاعية الذي وضعه بول ولفويتز و آي لويس ليبي المشهور بسكوتر , ما يؤكد أهمية وجوب تحقيق ذلك التفوق السياسي والعسكري والاستراتيجي للإمبراطورية الاميركية في مختلف أرجاء العالم , ولو اضطرها الأمر الى إسكات جميع الأفراد والأنظمة التي يتوقع أن تقف في وجه تلك الهيمنة الاميركية بقوة النار والسلاح , وهي تؤكد اعترافها على القيام بما يمكنها القيام به من اجل عدم ظهور أي قوة او دولة او منظمة يمكنها تحدي انفراد أمريكا بالسيطرة على رقعة الشطرنج الدولية0
    وها نحن اليوم نسمع من جديد التلويح بهذه السياسة في وجه نظام عربي آخر , انه النظام المسلم العربي السوداني , وذلك بتلويح إمكانية أن يطلب ممثل الادعاء في المحكمة الجنائية الدولية من قضاء المحكمة إصدار أمر بإلقاء القبض على الرئيس السوداني عمر حسن البشير , وذلك بتهمة الإبادة الجماعية وجرائم في حق الإنسانية في إقليم دارفور السوداني , وبغض النظر عن شكل الاتهامات او أهميتها , فالمسالة هنا مسالة مبدأ , قبل أن تكون قضية الدفاع عن نظام عربي آخر , فإذا كانت المحكمة الجنائية الدولية محكمة حيادية كما تدعي , فلماذا لم نسمع الى يومنا هذا أي اتهام شبيه لساسة إسرائيل وزعمائها المجرمون القتلة ؟ وأين المحكمة الجنائية الدولية من إرهاب ومجازر المستعمرة الإسرائيلية الكبرى تجاه الفلسطينيين في دير ياسين وقانا وصبرا وشاتيلا ومذبحة المسجد الأقصى و000 الخ ؟ وأين هذه المحكمة مما يرتكب من جرائم في حق الإنسانية في العراق العربي , وغيرها من دول العالم منذ أكثر من قرن من الزمن من قبل القادة والساسة الأميركيين أنفسهم ؟ 0
    نعم , أن القضية اكبر بكثير مما يشاع ويذر في وجه الصم والعميان أصلا من رماد الزيف والتلاعب بالمصطلحات والمفردات السياسية منها والإنسانية , فهاهو ريتشارد بيرل والذي كان رئيس لهيئة سياسات الدفاع في البنتاغون , يتبنى احد ملخصات باحثي مؤسسة راند , وهو الفرنسي لوران موراويك , حين يصف العراق بأنه المحور التكتيكي , والسعودية المحور الاستراتيجي , ومصر الجائزة , وذلك في الحرب التي تحاول الولايات المتحدة الاميركية أن توهم العالم بأنها تخوضها من اجل الحرية والديمقراطية , هذا بخلاف ما نقلته محطة الـ CNN عن لوس انجلوس تايمز , إن جيمس وولزي رئيس المخابرات المركزية الاميركية الأسبق , وفي محاضرة ألقاها أمام مجموعة من الدارسين , قال فيها ( إن الولايات المتحدة الاميركية تخوض الآن الحرب العالمية الرابعة , وهذه الحرب قد تستمر لعدة سنوات , والأعداء فيها ثلاثة هم : الملالي الين يحكمون إيران , والفاشيت في العراق وسوريا , والمتطرفون الإسلاميون مثل تنظيم القاعدة ) وغيرها الكثير من التصريحات والتهديدات التي لم تتوقف ولن تتوقف , – انظر كتاب الحرب العالمية الرابعة لباسكال بونيفاس 0
    وختاما فان المطلوب أن نتنبه - نحن – شعوب وقيادات المنطقة العربية الى تلك المؤامرات والدسائس التي تحاك لنا , فشعوب المنطقة مطالبة بالتعقل والتبصر في الانسياق وراء تلك المصطلحات الزائفة التي يحاول أعداء هذه الأمة ترويجها وضخ سمومها في كل مكان , وفي نفس الوقت , فان على تلك القيادات العربية بدورها أن تسعى جاهدة الى إغلاق باب الذرائع , وذلك بالسعي لتحقيق الإصلاحات الشاملة ونشر الديمقراطية الحقيقية , والعدل والمساواة بين شعوبها , وإلا فان النتيجة النهائية ستكون وخيمة وخطيرة للغاية , ستبدأ بانزلاق المنطقة العربية الى جرف هار من العنف والإرهاب والقلاقل والفتن , وحينها سيحصل أعداءها على مسوغات ومبررات أكثر مما يملكون اليوم , للقضاء على ما تبقى من فسحة الأمل في يقظة شعوب الأمة ككل والوطن العربي خصوصا , وذريعة لإكمال ما بقي من سياسة أحجار الدومينو , فقد " أكلت يوم أكل الثور الأبيض "0

    باحث في الشؤون السياسية والعلاقات الدولية
    صحفي مستقل – صحيفة الوطن العمانية
    مشرف عام الواحة السياسية بمنتديات المعهد العربي للبحوث والدراسات الإستراتيجية بالأردن
    [email protected]

  • #2

    مرحباً إستاذي الفطيسي، ومرحباً بمقالك القيم.

    بالفعل هذا ما تريده إمريكا وترغب به، وهو تساقط الأنظمة العربية كتساقط أحجار الدومينو حجراً بعد حجر، وقد تفضلت بالإشارة إلى الحجر الذي ترغب إمريكا في سقوطه، وهو القطر السوداني العربي، وهو قد يأتي بعد الإنتهاء من الدور في الإنتهاء من تثبيت السيطرة والهيمنة على العراق. فالعراق أصبح في حالة يرثى لها من الوهن، والآن حان الدور على الإنقضاض على السودان، بحجة إعتقال الرئيس البشير بتهمة إرتكاب جرائم حرب في دارفور. وهي تشابه التهم التي وضعت للرئيس العراقي صدام حسين بإرتكاب جرائم قتل ضد شعبه، مع الفارق في الإدعاء بأن العراق يمتلك أسلحة نووية بينما السودان لم يأتي ذكر السلاح النووي، لأنه من السخرية القول بأن السودان لديه أسحلة نووية وإن مجئ إمريكا إلى السودان لتفكيك هذه الأسلحة، وهي حجة تكاد تكون غير مقبولة مهما سخرت لها إمريكا من الوسائل الإعلامية.

    ولكن ما يدفعنا سؤال واحد ما الهدف من قيام إمريكا وراء هذا كله؟

    والإجابة كما تفضلت بذكرها في المقال الرائع، وهو إبتلاع العالم. وهذا ما تسعى إليه إمريكا، فهي القوة العظمى في هذا العالم، وينبغي على الدول أن تخضع لهذه القوة، وأن تطيع ما تأمر به وتنهي.

    مع وافر الشكر والإحترام،،،،
    ما أصابك لم يكن ليخطئك، وما أخطأك لم يكن ليصيبك


    زورونا في سلسلة ( إقرأ معي )

    الكتاب الأول

    تعليق

    يعمل...
    X