ضرورة دراسة الأزمة جيدا
واجه العالم منذ أكثر من شهر زلزالاً اقتصاديا بدأ في الولايات المتحدة الأمريكية وامتدت ارتداداته إلى جميع الدول صغيرها وكبيرها. وقد أعاد المحللون السبب إلى التمادي الأمريكي في خفض أسعار الفائدة عبر قرار اتخذه البنك المركزي الأمريكي، الأمر الذي شجع على الاقتراض من قبل المواطنين والمبالغة في تقديم التسهيلات الائتمانية من قبل البنوك التي تجاوزت بنسبة 225 بالمائة بعيداً عن الرقابة المباشرة والضمانات الكافية.
لقد أثارت الأزمة أسئلة هامة وهي: هل الاقتصاد الرأسمالي اقتصاد أزمات؟ وهل يعجز عن إخراج نفسه من الكوارث بدون مد يد العون الحكومي لانتشاله؟ وما هو البديل الإجرائي؟ هذه الأسئلة كما تبدو تطلق بصورة تسطيحية، انما هي حاضنة لكل النظام الاقتصادي العالمي.
وحتى نعرف الانعكاسات وطرق التعامل مع هذه الأزمة من الضروري ربط الأمور بعضها ببعض من أجل الوصول إلى التحليل الموضوعي للمشكلة.
كما سبق، فإن الولايات المتحدة الأمريكية هي التي اهتز اقتصادها في المرحلة الأولى، ولكن ما علاقة انهيار السوق الامريكية ببقية الاسواق في دول العالم؟ السبب الرئيسي أن قيمة النقد العالمي تقدر بـ49 تريليون دولار امريكي، نصف هذا الرقم مرهون بأمريكا، وبالتالي فإن انهيار الاقتصاد الامريكي يعني انهيار الرأسمالية العالمية، وهذا يعني وبالضرورة وقوع خسائر فادحة في الاقتصاد العالمي، الأمر الذي سيضعف التجارة العالمية ويؤدي الى الكساد خلال الاعوام القادمة، وهذا بدوره يفضي إلى زلزلة البنوك والأصول الثابتة للمستثمرين.
وهنا يطرح سؤال مهم، وهو هل نحن مقدمون على تراجع القيم الشرائية؟ وبالمحصلة ماذا سيحصل للمليارات المودعة في البنوك؟ هل ستفقد قيمتها وتصبح بلا معنى؟ مع العلم ان المديونية الفيدرالية الأمريكية بلغت اكثر من 19تريليون دولار.
حتى نستطيع الإجابة على هذا السؤال والأسئلة المطروحة، من الضروري معرفة ان هذا الانهيار قد بدأت تداعياته منذ فترة طويلة فمنذ عام 1929 كان الأمريكيون ومن ورائهم الغربيون يحاولون الهروب منه، ولكن على طريقة الهروب إلى الأمام. مع ايمانهم بوجود اقتصادين وليس اقتصاد واحد. اقتصاد منتج، واقتصاد مالي مضارب والذي يسميه البعض الاقتصاد الطفيلي.
في عام 1971 وقع كساد في الولايات المتحدة الامريكية قامت على إثره بعمل ضوابط وكان هناك تدخل حكومي وبشكل كبير تمثل في العديد من الاجراءات بالاضافة الى اصدار العديد من القوانين منها الضمان الاجتماعي وكيفية ضبط بعض البنوك الاستثمارية، بالاضافة الى ضبط عملية تضارب المصالح.
وفي عام 1982 أصيب الاقتصاد الأمريكي بهزة قوية، فحاولت الإدارة الامريكية تفعيل بعض القوانين وسمحت للناس بالعمل في التوفير. وكانت كلفة المشكلة آنذاك 300 مليار دولار دفعت من الخزينة الأمريكية.
وفي عام 1987 انهار السوق الأمريكي مرة أخرى. وانخفض وول ستريت مرّة أخرى بنسبة 5 - 10٪ وفي حرب العراق الاولى كان هناك كساد. وفي 11 سبتمبر زاد الأمر سوءاً. وكانت أوروبا وأمريكا قبل ذلك أي في السبعينات من القرن الماضي قد عرفت ما سمي بـ«الازدهار الكاذب».
وهكذا كانت فترة التسعينات من القرن العشرين في أمريكا فترة حرجة اعتبرت تكراراً لما حدث في العشرينات من ذات القرن. وقد ظهرت بوادر الكساد الكبير في أمريكا بقوة في عام 2000 وفي ثماني السنوات الماضية. وقد حاولت الإدارة إخفاء الفقاعة بفقاعة اكبر. فالإجراءات التي اتخذت كانت الشعرة التي قصمت ظهر البعير، والسبب هو انهم وقعوا ما بين نارين فبدأوا بعملية الاقتراض الكثيف فكانت هناك عجوزات بحيث أصبحت الولايات المتحدة الأمريكية تعيش على اقتراض ثلاثة مليارات دولار يومياً لتبقى صامدة.
والآن السؤال هو أين ذهبت هذه الأموال؟ الجواب هو انها لم تكن موجودة أصلاً، فكلها كانت عملية نسخ أو يمكننا تسميتها عملية نفخ. والدليل على هذا الطرح انه في اليوم التالي لانخفاض الأسهم في وول ستريت بحوالي 700 نقطة كانت الخسائر أكثر من 700 مليار دولار؛ لان الأموال هي أرقام وهمية.
وللعلم فإن الولايات المتحدة الأمريكية هي اكبر دولة »مدينة» في العالم، فديونها تبلغ 25 تريليون دولار. واذا أدخلنا جزءاً من القطاع الخاص مثلاً بطاقات الائتمان الامريكية «كردت كارد» فسنجد أن امريكا عليها دين يعتبر معدوما لعدم قدرة الناس على السداد يبلغ تريليوني دولار.
وهكذا فإن الأزمة قد جاءت نتيجة المبالغة في تطبيق سياسات السوق الحر بعيدا عن الرقابة ونتيجة عدم التمسك بالقوانين والتشريعات الناضجة لعمل السوق وابتعاد مؤسسات التدقيق والمحاسبة عن تطبيق المعايير الدولية في هذه المجالات.
وحتى تتجنب الأسواق الخليجية ارتدادات الأزمة، من الضروري على هذه الاسواق والتي صرح مسؤولوها بان اقتصاداتهم لم ولن تتأثر، وكأنهم يعيشون خارج المنظومة العالمية او في افضل الحالات لديهم إقتصادات غير التي نعرفها ويعرفها ويتعامل معها العالم.. عليهم ومن باب الأمانة الوطنية ان يقوموا بدراسة أنواع الاستثمارات بعقلانية اقتصادية خالية من الشخصنة الفردية وضرورة الانتباه الى الاسواق المالية في بلدانهم والصناديق الوطنية حيث إن الشركات المرتبطة بالخارج بدأت بمحاولة جذب هذه الأموال لإطفاء الحريق عندهم، لذلك من الضروري أخذ الحيطة والحذر والمحافظة على هذه الصناديق والثروات كون الدول الغربية وأمريكا ستنظر اليها على اعتبار انها المنقذ لأسواقها. وطبقاً لتقديرات اقتصادية فان الصناديق السيادية في منطقتنا بلغت قيمتها حوالي 5,1 تريليون دولار.
هذا يقودنا إلى ضرورة التعاطي مع هذه الأزمة بكل جدية والتعامل معها بكل حرص واتباع الدراسات الموضوعية والعلمية، خاصة وان قيمة الاستثمارات الخليجية في الخارج قد قدرت بنحو 14 تريليون دولار. في حين لم يتعد الرصيد التراكمي للاستثمارات البينية الخاصة خلال ثماني السنوات الماضية 30 مليار دولار.
وكما أشارت الإحصاءات الدولية الى ان حصة البلدان الخليجية من الاستثمارات الأجنبية لم تتعد 30٪ من إجمالي التدفقات الاستثمارية المالية عام 2006 البالغة 2,1 تريليون دولار.
وهنا يجب القول: ان على دول المنطقة استخدام ثقلها المالي والاقتصادي لتكون طرفاً فاعلاً في صياغة نظام مالي عالمي جديد.
لقد أثارت الأزمة أسئلة هامة وهي: هل الاقتصاد الرأسمالي اقتصاد أزمات؟ وهل يعجز عن إخراج نفسه من الكوارث بدون مد يد العون الحكومي لانتشاله؟ وما هو البديل الإجرائي؟ هذه الأسئلة كما تبدو تطلق بصورة تسطيحية، انما هي حاضنة لكل النظام الاقتصادي العالمي.
وحتى نعرف الانعكاسات وطرق التعامل مع هذه الأزمة من الضروري ربط الأمور بعضها ببعض من أجل الوصول إلى التحليل الموضوعي للمشكلة.
كما سبق، فإن الولايات المتحدة الأمريكية هي التي اهتز اقتصادها في المرحلة الأولى، ولكن ما علاقة انهيار السوق الامريكية ببقية الاسواق في دول العالم؟ السبب الرئيسي أن قيمة النقد العالمي تقدر بـ49 تريليون دولار امريكي، نصف هذا الرقم مرهون بأمريكا، وبالتالي فإن انهيار الاقتصاد الامريكي يعني انهيار الرأسمالية العالمية، وهذا يعني وبالضرورة وقوع خسائر فادحة في الاقتصاد العالمي، الأمر الذي سيضعف التجارة العالمية ويؤدي الى الكساد خلال الاعوام القادمة، وهذا بدوره يفضي إلى زلزلة البنوك والأصول الثابتة للمستثمرين.
وهنا يطرح سؤال مهم، وهو هل نحن مقدمون على تراجع القيم الشرائية؟ وبالمحصلة ماذا سيحصل للمليارات المودعة في البنوك؟ هل ستفقد قيمتها وتصبح بلا معنى؟ مع العلم ان المديونية الفيدرالية الأمريكية بلغت اكثر من 19تريليون دولار.
حتى نستطيع الإجابة على هذا السؤال والأسئلة المطروحة، من الضروري معرفة ان هذا الانهيار قد بدأت تداعياته منذ فترة طويلة فمنذ عام 1929 كان الأمريكيون ومن ورائهم الغربيون يحاولون الهروب منه، ولكن على طريقة الهروب إلى الأمام. مع ايمانهم بوجود اقتصادين وليس اقتصاد واحد. اقتصاد منتج، واقتصاد مالي مضارب والذي يسميه البعض الاقتصاد الطفيلي.
في عام 1971 وقع كساد في الولايات المتحدة الامريكية قامت على إثره بعمل ضوابط وكان هناك تدخل حكومي وبشكل كبير تمثل في العديد من الاجراءات بالاضافة الى اصدار العديد من القوانين منها الضمان الاجتماعي وكيفية ضبط بعض البنوك الاستثمارية، بالاضافة الى ضبط عملية تضارب المصالح.
وفي عام 1982 أصيب الاقتصاد الأمريكي بهزة قوية، فحاولت الإدارة الامريكية تفعيل بعض القوانين وسمحت للناس بالعمل في التوفير. وكانت كلفة المشكلة آنذاك 300 مليار دولار دفعت من الخزينة الأمريكية.
وفي عام 1987 انهار السوق الأمريكي مرة أخرى. وانخفض وول ستريت مرّة أخرى بنسبة 5 - 10٪ وفي حرب العراق الاولى كان هناك كساد. وفي 11 سبتمبر زاد الأمر سوءاً. وكانت أوروبا وأمريكا قبل ذلك أي في السبعينات من القرن الماضي قد عرفت ما سمي بـ«الازدهار الكاذب».
وهكذا كانت فترة التسعينات من القرن العشرين في أمريكا فترة حرجة اعتبرت تكراراً لما حدث في العشرينات من ذات القرن. وقد ظهرت بوادر الكساد الكبير في أمريكا بقوة في عام 2000 وفي ثماني السنوات الماضية. وقد حاولت الإدارة إخفاء الفقاعة بفقاعة اكبر. فالإجراءات التي اتخذت كانت الشعرة التي قصمت ظهر البعير، والسبب هو انهم وقعوا ما بين نارين فبدأوا بعملية الاقتراض الكثيف فكانت هناك عجوزات بحيث أصبحت الولايات المتحدة الأمريكية تعيش على اقتراض ثلاثة مليارات دولار يومياً لتبقى صامدة.
والآن السؤال هو أين ذهبت هذه الأموال؟ الجواب هو انها لم تكن موجودة أصلاً، فكلها كانت عملية نسخ أو يمكننا تسميتها عملية نفخ. والدليل على هذا الطرح انه في اليوم التالي لانخفاض الأسهم في وول ستريت بحوالي 700 نقطة كانت الخسائر أكثر من 700 مليار دولار؛ لان الأموال هي أرقام وهمية.
وللعلم فإن الولايات المتحدة الأمريكية هي اكبر دولة »مدينة» في العالم، فديونها تبلغ 25 تريليون دولار. واذا أدخلنا جزءاً من القطاع الخاص مثلاً بطاقات الائتمان الامريكية «كردت كارد» فسنجد أن امريكا عليها دين يعتبر معدوما لعدم قدرة الناس على السداد يبلغ تريليوني دولار.
وهكذا فإن الأزمة قد جاءت نتيجة المبالغة في تطبيق سياسات السوق الحر بعيدا عن الرقابة ونتيجة عدم التمسك بالقوانين والتشريعات الناضجة لعمل السوق وابتعاد مؤسسات التدقيق والمحاسبة عن تطبيق المعايير الدولية في هذه المجالات.
وحتى تتجنب الأسواق الخليجية ارتدادات الأزمة، من الضروري على هذه الاسواق والتي صرح مسؤولوها بان اقتصاداتهم لم ولن تتأثر، وكأنهم يعيشون خارج المنظومة العالمية او في افضل الحالات لديهم إقتصادات غير التي نعرفها ويعرفها ويتعامل معها العالم.. عليهم ومن باب الأمانة الوطنية ان يقوموا بدراسة أنواع الاستثمارات بعقلانية اقتصادية خالية من الشخصنة الفردية وضرورة الانتباه الى الاسواق المالية في بلدانهم والصناديق الوطنية حيث إن الشركات المرتبطة بالخارج بدأت بمحاولة جذب هذه الأموال لإطفاء الحريق عندهم، لذلك من الضروري أخذ الحيطة والحذر والمحافظة على هذه الصناديق والثروات كون الدول الغربية وأمريكا ستنظر اليها على اعتبار انها المنقذ لأسواقها. وطبقاً لتقديرات اقتصادية فان الصناديق السيادية في منطقتنا بلغت قيمتها حوالي 5,1 تريليون دولار.
هذا يقودنا إلى ضرورة التعاطي مع هذه الأزمة بكل جدية والتعامل معها بكل حرص واتباع الدراسات الموضوعية والعلمية، خاصة وان قيمة الاستثمارات الخليجية في الخارج قد قدرت بنحو 14 تريليون دولار. في حين لم يتعد الرصيد التراكمي للاستثمارات البينية الخاصة خلال ثماني السنوات الماضية 30 مليار دولار.
وكما أشارت الإحصاءات الدولية الى ان حصة البلدان الخليجية من الاستثمارات الأجنبية لم تتعد 30٪ من إجمالي التدفقات الاستثمارية المالية عام 2006 البالغة 2,1 تريليون دولار.
وهنا يجب القول: ان على دول المنطقة استخدام ثقلها المالي والاقتصادي لتكون طرفاً فاعلاً في صياغة نظام مالي عالمي جديد.