إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

بيني و بينـ( اســرار )ـك

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • #16

    مكالماته الهاتفية اليومية ، كان يصل عددها الى العشر في بعض الايام .
    و عندما كانت تطلبه في مكتبه ، كان يطلب من سكرتيرته ان تمنع عنه الزيارات و ان تعتذر عن تحويل المكالمات ، و كأن كلامه معها صلاة و موعده معاها حجا لبيت الله .
    عادت تدور حول نفسها في ارجاء حجرتها ، و كأنها نحلة جائعة تبحث عن رحيق زهرتها ليرويها .
    الاسئلة ... الاسئلة ...
    تكاد تفجر رأسها ، تشعل في شرايينها ديناميت الحيرة ، تنسف ثقتها في نفسها و في الاخر ، تهد اعمدة معبد الصدق و الوفاء و المشاعر الراسخة الرصينة .
    اخترق صاروخ صوته مدارها العصبى و دوى الانفجار مفجرا اخر كلماته اليها و هو يصحبها عائدين الى باب بيتها : (لكم احسد نفسي عليك) .
    اصابها صاروخ كلماته بدوار ، فوقعت متهالكة على ذراع اقرب مقعد .
    التف ذيل علامة استفهام عملاقة يعتصر دماء اخر اسئلتها ، التي جثمت امامها كجثة بلا اجابة :
    (( هل كان يكذب )) ؟ !!

    لم يعد امامها سوى ان ترد بنفسها على حاجز الاسئلة الذي رص صفوفه امامها و حجب الرؤية بينها و بين العالم .

    قالت تحدث نفسها :
    ( كيف يكذب و هو يحكي لي عن تفاصيل ماضي حياته ؟ كيف يكذب ، و قد خلع امامي كل اوراق التوت التي تخفي عورات سقطاته العاطفية ، و عقده النفسية ؟ كيف يكذب ، و قد اختار ان ينسف بيده كل حاجز مصطنع يفصل بيني و بينه ) ؟؟!!

    تعليق


    • #17
      قبل ان اكمل النقل

      تستطيع ان تعبر يا عبد الله عن اعجابك للاديبة عائشة ابو النور التي تكتب بجريدة اخبار اليوم
      انما انا انقل بعض صفحات من كتاب لها اقتنيه منذ عدة سنوات و مازلت اقرأ فيه لليوم
      تابع ان شئت القراءة على الرحب و السعة

      تعليق


      • #18

        لم تعد تحتمل وطأة مزيد من التساؤلات التي رقدت بأثقال حيرتها تثقل فوق صدرها ، حتى تكاد تخنقها .
        اسرعت ترفع سماعة الهاتف ، و تطلب رقم بيته ، خاب املها بمجرد ان ردت عليها رسالة صوتية مسجلة ، تنبئها بغيابه.
        ترددت ، ثم قررت ان تطلبه في مكتبه على رقمه المباشر ، كرهت اسئلتها التي دفعتها حاجتها لاشباع جوع حيرتها باجابات شافية ، الى مطاردته في كل مكان ، و كأنه لص سرق اثمن ما تملك .
        فاجأها صوت سكرتيرته يرد عليها عوضا عن صوته هو . ردت على سؤالها عنه بجملة واحدة ، وكأنها حجر كبير القت به وسط بحيرة ساكنة ، فتدافعت الدوائر تتوالد و تتكاثر حوله و تضاعف من قوة غول حيرتها .
        ردت السكرتيرة بجفاء من لم تعرف مشاعرها يوما معنى العذاب :
        -آسفة . الاستاذ مسافر ، و لن يعود قبل اسبوع !
        سقطت السماعة من يدها من هول الصدمة . لبثت تردد على نفسها في شبه ذهول : ( سافر دون ان يحدثني ؟ سافر .. ) ؟! و لم يعد امامها اختيار للهروب من فخ اسئلتها و حيرتها القاتلة ، سوى ان تسرع بارتداء ملابسها و الخروج من سجن هواجسها الى الطريق العام .
        تذهب الى اى مكان ، تجلس مع اى ناس ، فقط تريد ان تهرب الان من الفك المفترس لاسئلة تلاحقها في شبه مطاردة و لا تملك لها اجابات .

        تعليق


        • #19

          عندما بلغ الليل منتصفه ، عادت الى بيتها ، استلقت على فراشها ، شعرت بجسمها يئن و يشكو ، و بروحها تتدامى من الاعياء و التعب ، و بعقلها يغفو و كأنه سقط في اغماءة طويلة .
          عاشت اثناء نومها سلسلة من الكوابيس المفزعة ، رأته يقود سيارته بسرعة جنونية – كعادته – و انها اخذت تصرخ فيه محذرة – كعادتها – لكنه لم يسمعها و مضى يضاعف من سرعته. يسرع .. و يسرع .. و يسرع حتى انفجرت السيارة كقنبلة سقطت من بطن طائرة مقاتلة ، و رأته يطير في الفضاء و يسقط في الفراغ العميق المظلم .
          هبت من نومها لاهثة ، تتلفت حولها في فزع ، احتضنت وسادتها في صدرها تلتمس منها الامان ، بعدها ظلت مفتوحة العينين ، و لم تنم .
          ترى كم كان الوقت عندما سمعت لهاتفها صوت رنين طويل متقطع ؟ لم يهمها كثيرا ان تعرف ، فلقد كانت الامور قد تساوت لديها ، و لم يعد يعنيها الفرق .
          فاجأها صوته . سكتت ، ارتبكت ، لم تدر بماذا ترد عليه ، هل تقول له افتقدتك الى درجة الانتحار .. ام تصب عليه لعناتها لانه اوجعها الى درجة المرض !!بادرها يرد على سكوتها المتردد بصوت متعب ، و كلمات متعثرة ، و هو يقول معترفا :
          -آسف . انت التي اضطررتني لذلك . ما كان يجب ان تتركيني احبك الى درجة السقوط في دائرة الخطر . ما كنت احسب اني سوف احبك في هذه المدة القصيرة الى هذا الحد العميق . دخولي الى منطقة رمالك المتحركة ، جعلني اشعر بالرعب ، و انا ارى نفسي اقلب جمر الشوق المشتعل في صدري ، و اتساءل في خوف : و ماذا بعد ؟!كلانا يعرف ان الفراق زاحف علينا لا محالة ، فكيف اواجه عمري الباقي و انت لست فيه ؟؟
          واصل معترفا :
          - قلت لنفسي سوف يلحق بي الدمار لو لم اسرع بانقاذ البقية الباقية من حدود مشاعري ، التي لم تحتلها جيوش عشقك .. فكان على ان اقسو على نفسي مؤقتا ، حتى لا اموت بعذاب بعدك ...

          تعليق


          • #20

            كلماته اربكت حركة مرور مشاعرها ، احست بالفوضى تدب في افكارها ، ارادت ان تقول له بصراحة عارية : ( احبك ايها المغامر . احب حضورك .. تلقائيتك .. طفولتك .. رجولتك .. اندفاعك .. حساسيتك .. خوفك .. ترددك .. عطاءك المفرط في صدقه و الذي لا ينتظر ان يقبض عليه ثمنا في المقابل .
            احب الطريقة التي تحبني بها .. احب اسلوب تعاملك مع مفاتيح كومبيوتر شخصيتي .. تفتح به ابواب انوثتي و نوافذ فكري ، فاصبح معك و امامك انسانة كاملة ، كما احب ان اكون .
            معك ، انا طفلة بريئة و انثى متفجرة العطاء ، شابة مراهقة تلعب و تتدلل .. و امرأة ناضجة تتحدث عن علم في الفلسفة و السياسة الدولية .
            ارادت ان تصرخ فيه محتجة :
            (( ليس من حقك ان تكون حاكما مستبدا في مملكة حبنا ، تنفرد بالقرار وحدك ، و في التوقيت الذي يناسبك . منذ ان انتخبتك ملكا على مشاعري ، توقعت منك الحكم بالشورى .. و الاتفاق فيما بيننا على الاصلح لنا . ))
            ارادت ان تقول له ،
            ثم ارادت
            و ارادت
            ..... لكن سماعة الهاتف سقطت من يدها من فرط الالم ، و لم تقل شيئا ...!!!!!!

            تعليق


            • #21
              آه .. لو كنت معي !



              كلما همست في اذني بكلمة (احبك) تذكرت احباطات قلبي السابقة .. فيقشعر بدني ..
              و يغلب الخوف ، على احساسي بالفرح !

              ***

              فتحت المذياع على برنامج (ما يطلبه المستمعون) ، فاجأني اسمك ينادي اسمي و يهديني اغنية (اهواك) .
              اسرعت منزعجة الى الهاتف اسألك :
              ( و هل حقا تتمنى لو تنساني ؟)
              قال محاولا ان يطمئن قلقي :
              ( لو كان النسيان اختياريا .. لما كان حبنا حقيقيا ) .
              قلت بعناد :
              ( و لكني اريدك ان تختار الحب .. و تختار عدم النسيان )
              قال ساخرا :
              ( و هل هناك عاقل يختار الامساك بالنار) ؟!!!

              ***

              تعمدت ليلة البارحة ان احدثك عن جاري الجديد. افصحت بخبث اصفه لك على انه شاب وسيم الطلعة . بعدها انهيت مكالمتك الهاتفية باقتضاب و لم تعلق بشئ .
              في الصباح الباكر جاء صوتك يوقظني من نومي .. قلت بلهجة اجتهدت كى تجعلها طبيعية :
              ( سوف احضر عند نهاية الاسبوع ، لاراك)
              ضحكت في سري ... و قد اشرقت شمس قلبي ..
              لقد نجحت خطتي !

              ***
              التعديل الأخير تم بواسطة *MONA*; الساعة 15-06-2008, 07:29 PM.

              تعليق


              • #22
                اه ... لو !

                جمعتني صدفة بغريب .
                وجدها فرصة كى يعبر امامي عن مشاعر وجده و هيامه تجاهي .
                حاولت ان اشرح له انني لا ابادله مشاعره ، لكنه اصر على ان يسمعني كل ما دفنه في قلبه من سنين .
                بعدها شهرت ان الحب كالصعام ، لا يمكن ان نتقبل منه المزيد اذا كان داخلنا ممتلئا !

                ***
                عندما اجلس الى جوارك اتحول فجأة من نمرة شرسة الى نمرة مستأنسة ،
                و الغريب .. اني اجد متعة بالغة في ذلك !

                ***

                قال معبرا عن استيائه :
                ( لماذا تتشككين في صدق حبي .. كلما افصحت له عنه ؟! )
                قلت بتلقائية :
                ( لان كلامك عنه ، يسبق افعالك . و الحب عندي موقف .. خبرة مشتركة .. و فعل يتفوق على المعاناة . اما ما كان مجرد كلام ، فأغنيات الحب كلماتها تكفي !! ) .

                ***

                تغيرت تصرفات صديقة عمري بعد ان احبت .
                اصبحت تتهرب من لقائي
                و تتكتم اخبارها عني .
                بعدها ايقنت ان غيرة المرأة مسدس طلقاته عمياء ،
                تقوس بلا تمييز في كل الاتجاهات !!

                ***
                اعذرني حبيبي ، لو كان ظل من احببته قبلك يشاركك جزءا من مجلسك معي ، فبعض البشر يعوزهم وقت اطول لتستوعب مشاعرهم حقيقة ان الوقت قد حان ليدفنوا موتاهم !

                ***

                تعليق


                • #23
                  يعذبني عذابك في حبي
                  يعذبني شوقك المفضوح في عينيك
                  يعذبني كبرياؤك الشامخ حينما يسقط منهارا امام دفق مشاعرك ..
                  تعذبني حيرتك عن كيفية التصرف معي
                  يعذبني صبرك الطويل .. الطويل على سقوط قلاعي العالية .
                  و اتابعك بشفقة بعيني
                  و انت تتحول الى بندول ساعة
                  يتقدم نحوي مدفوعا بوجده
                  ثم يفر هاربا بعيدا عن الغازي الغامضة .
                  ادفعك برفق .. الى ما وراء حشائشي
                  التي تشبه غابات السافانا
                  ادلك على وديان النسيان ..
                  و لكنك تهرب من دليلي و تعود لتتمرغ في حشائشي
                  اعترف لك في همس .. ان قلبي مغلق للاصلاح
                  و انه سوف يمر زمن طويل .. طويل
                  قبل ان يعود للانفتاح ..
                  و انه حتى لو صبرنا الى ان يحين الحين ،
                  الله وحده يدري ، من الذي سيقع في هواه ... و يختار ؟!
                  و مع كل ذلك
                  اجدك تلف رقبتي بحبال حنانك الجارف
                  و عطائك الذي يتلهف على اى بارقة امل ، فأشعر بالحصار .. و الاختناق
                  اجاهد كى اتخلص من حبالك التي تزيد من احكام التفافها حول رقبتي ..
                  اصارع للهرب بعيدا عن سوطك الذي يلهب ظهري ،
                  يجلدني تكفيرا عن عذابه معي ..

                  و اخيرا اتمرد على شبكة الحلقة المفرغة ..
                  استجمع شجاعتي ..
                  و اصرخ في وجهك :
                  ان كنت اخترت العذاب ، فأنا اخترت حريتي !!

                  تعليق


                  • #24
                    هذا الشبح ... احبه !


                    هل تتصور ان هناك حبا من الممكن ان يستمر في التنفس و الحياة و انت تواظب على قطع الاوكسجين عن رئتيه بغيابك المفاجئ بلا سبب و لا تبرير .
                    حقا لم اعد ادري ، ان كنت موجودا في حياتي ام غير موجود ؟!!!
                    سألتني صديقتي و هى تدعوني و زوجها على العشاء ان اصحب معي من احب و اهوى .
                    شعرت بحرج بالغ و انا ابحث عنك لادعوك و لا اجدك . كنت كعادتك قد اختفيت في ظروف غامضة ، بلا اى رسالة تخبرني فيها عن زمانك و مكانك .
                    يومها بانت لي الحقيقة بصراحة عارية ، بعد ان ايقنت لاول مرة اني احب شبحا . و عرفت لحظتها كم ان حظي عثر .
                    كل نساء الارض يعشقن اناسا مثلهن ، و انا وحدي دونهن جميعا التي وقعت في شراك شبح يبين لها احيانا فيزين لياليها بنجوم لامعة ، ثم يعود و يسقط كالشهب و يختفي في زمن مجهول .
                    اعتبرتها نكتة مسلية حين ظهرت لي ذات مساء وانت شبحا متخفيا فى زى انسان و طلبت مني كما يفعل بعض الاناس الطبيعيين ، الزواج !!!
                    ضحكت ليلتها من كل قلبي ، و ندمت على افتقاري للسذاجة و الغباء .
                    لو كنت صدقت طيبة نواياك ، لكنت الان عروسا فاتنة الجمال تجلس بثوبها المطرز ، يزين رأسها تاج من الؤلؤ الابيض ، تتلقى تهاني الاقارب و الاصدقاء ، و الى جوارها مقعد خاو لشبح زين له خياله الجميل ذات مرة انه من الممكن ان يكون كسائر الرجال ، زوجا لامرأة يحبها .
                    و لكني لحسن حظي – او لسوئه – اعرفك و افهمك .. الى درجة تفسد على متعتي في الاستمتاع بأوهامك الجميلة .

                    تعليق


                    • #25
                      هذا .......... احبه


                      هل تعرف ، ما اكثر ما يغيظني منك ؟
                      اصراري الدؤوب في ان اختلق لحالات اختفائك المتكررة ، حججا و مبررات لا معنى لها .
                      ساعة اقول ، لا بد ان عملا هاما قد فاجأه ..
                      ساعة اقول ، لا بد انه سافر على غير ترتيب ..
                      ثم ارتاب في انه ربما مرض خطير قد داهمك ..
                      او انك سقط في بحر من الاكتئاب النفسي ..
                      او ان احدا من اسرتك وافته المنية ..
                      او ان سيارة مجنونة قد اوقعتك في النهر بعد ان اوصلتني الي منزلي اخر مرة .
                      و اخيرا تظهر و تبين كالخيط الفاصل بين انتهاء الليل و شروق النهار ، و لا سبب عندك و لا تبرير سوى حنينك المرضي الى حريتك ، و حبك المجنون لذاتك .
                      ساعتها اجد غيظي قد تحول منك الى نفسي ، اغتاظ من قلقي المهووس عليك ، و من شفقتي على طبيعتك غير المستقرة ، و تفهمي لمخاوفك و ترددك .
                      اغتاظ من تراجعي عن قراري بهجرانك للمرة العاشرة بعد المئة ، بحجة انك تعلمت من درس المرة الفائتة .
                      اغتاظ من تسامحي الدائم مع اسبابك التي افهمها و لا اقتنع بها .
                      ارجو ان يكون الفارق واضحا بالنسبة لك .. ان افهم تصرفاتك ليس معناه اني اوافقك عليها .
                      فأنا افهم السبب الذي قامت بشأنه حرب فيتنام .. و لكني لا اوافق عليها .
                      و افهم الحجج السياسية و الاقتصادية التي تجعل الدول الغنية تزداد غنا ، و الدول الفقيرة تزداد فقرا ..
                      و مع ذلك ارفض هذا الاسلوب ، و بشدة .
                      و بالمثل ، فأنا افهم طبيعتك المفتقدة للامان ، و التي تقاوم كل محاولة للمس الكهربائي العاطفي ، و لكني ارفض اسلوبك في التصرف معي ، و لا اجد معنى لاستمراري في التسامح معك ، رغم يقيني ان شيئا في طبعك لن يتغير .. و ان شيئا من غضبي لن يقل .

                      تعليق


                      • #26
                        و هكذا تبقى حياتي معك مشكلة معلقة .. اشبه بمؤتمر السلام العربي الاسرائيلي المعلق بلا اتفاق .
                        هل احكي لك عما حدث لي بالامس ؟
                        قابلت صديقتي التي عادت من السفر ، و سألتني ان اصف لها الرجل الذي احب .
                        فقمت بتلقائية و بساطة بوصف شخصيتك لها وصفا دقيقا .
                        فإذا بها تفتح عينيها في ذهول و هى تهتف بي متعجبة : (كأنك تحدثيني عن عدة اشخاص لا تتشابه اوصافهم) !!
                        و ادركت ان تعبي معك له مبرره.
                        من قال ان المراة مخلوق محير ، و لغز يستعصي فهمه ؟!
                        اعرف الان ان الذين ظلموا النساء على مر العصور بهذه الاوصاف ، كانوا رجالا ممن استحال عليهم فهم انفسهم ، فلما عجزوا ، اسقطوا قصورهم على المراة و جعلوها كبش فداء ذنوبهم .
                        فنشروا عنها المعلقات التي تدين عقلها ، و توصم بالعار جسدها ، ليقرأها العامة في الاسواق و الميادين الشعبية .
                        اما الطبقة المثقفة ، فقد تفننت في نظم الاشعار التي جعلت من حب النساء نارا ، و القرب منه عذابا ، و الاطمئنان لها يقابله غدر ، و محاولة فهمها سرابا و وهما .
                        و امعانا في توصيل و تأصيل هذه الاوصاف .. قاموا بتلحينها و تنغيمها حتى يرددها الناس بلا لحظة نسيان .
                        و الان حبيبي ، ها قد جاء الزمان الذي تشهد فيه عليك امراة .. بلا تشهير و لا تلحين .. انك طفل يفقد توازنه .. يسقط عنه قناع الامان .. يهرب كناسك ضل طريقه ، يحتمي بجدران ديره الباردة الرطبة .. اذا ما رقت مشاعره !!

                        تعليق


                        • #27
                          ولا عزاء للشـامتات !




                          في كل مكان ادخله ، اعرف ان نظرات النساء تنصب على .. تحاصرني في ركن مظلم من عيونهن ، و من مركز الذاكرة داخل عقولهن .
                          اسمع بعضهن يمصمصن شفاهن علامة التحسر و الشفقة على ما آل اليه حالي .. اما الباقيات ، فأرى حدقات عيونهن يرشقن في صدري سهام الشماتة و التشفي .
                          كانت النساء متشحات بالسواد ، و قد جلسن متراصات يقدمن واجب العزاء ، و يستمعن الى مقرئ آيات الله البينات .
                          انا ايضا مات لي عزيز لم يعزيني فيه احد .. لم ارتد عليه السواد .. و لم ادفنه في التراب .. مع ان نعيه تناقلته كل صحف الصباح .. و رفضت بإصرار ان اقيم له ليالي المأتم ، و اتقبل فيه العزاء .. و اكتفيت بأن دفنت صرة قلبي تحت غلالة سوداء لا تراها عين غير عيني .. و لا يجتر طعم مرارتها غير حلقي .
                          كان المأتم فرصتي الذهبية لإطلاق العنان لدموعي المكبوتة .. و قهر قلبي المحروق من نار الحسرة و الندم .
                          سمعت احداهن تهمس لجارتها و الشيخ يقرأ :
                          (و لا يغتب بعضكم بعضا ) و هى تقول غير منصتة :
                          - هى لا تبكي مصابنا ، فهى لم تر المرحوم في حياتها ، و لكنها تبكي سوء حظها .
                          همست اخرى ترد عليها :
                          - طلقها الغادر بعد اقل من العام ، مع انها كانت تتباهى بقصة حبهما في كل مكان .
                          اشتركت ثالثة في الحديث و هى تردد في قسوة :
                          -تستحق ما جرى لها ، اللهم لا شماتة ، و لكنها قهرت قلب زوجته الاولى ، و الان جاء دورها ليقتص الله منها .
                          لم يسمع مجتمعنا عن قصة زواج و طلاق شطرت آراء الناس الى قسمين متوازيين ، مثلما فعلت قصتي مع ذلك الرجل الثعبان ، الذي كان حبيبي و زوجي حتى شهر فات .
                          من كان يصدق ان اعيش دور الزوجة ، و انا مطلقة منذ فترة دون علمي ؟!
                          جعلني – النذل – محل سخرية الحاقدين و قد عرف الجميع الخبر ، قبل ان اعرفه .. فكنت كما يقولون ، اخر من يعلم .
                          يا الهي ، كيف كنت غافلة عن الحقيقة الى هذه الدرجة ؟!
                          كيف تصورت برومانسيتي الساذجة ، ان الحب سوف يغير من سوء طبعه ، و انه سوف يعرف اخيرا طريقه للاخلاص ، و يكف عن ارتياد الحانات ، طالما ان كيوبيد فتح قلبه ، و تربع فوق عرشه !

                          تعليق


                          • #28

                            كنت اجد له الاعذار واختلق له المبررات .. و انا ارد على كل من يتدخل ليفتح عيني على الحقيقة المرة : ( انتظروا لتروا بانفسكم .. سوف يكون معي في مثل عفاف يوسف عليه السلام ، بعد ان يتم الزفاف )
                            كنت ارد عليهم و هم يقدمون لي دليل تليفوناته الخاص ، المسطور بأسماء و ارقام كل غانيات المدينة :
                            ( و ماذا يفعل المسكين ، و زوجته مريضة من سنين بلا امل في الشفاء )
                            فجأة دخلت من الباب المرأة التي مازال لحم زوجها طريا داخل صندوقه الخشبي تحت التراب .
                            اخذت تبكي و تولول ، و تلطم خديها ، و تشق صدر ثوبها ، و تشد شعرها من منابته ، و هى تندب بصوت شرخه سكين الالم :
                            (كيف سأعيش من بعدك يا غالي .. من سيربي اولادنا ..
                            من سيسأل عني في وحدتي .. من سيصحبني للطبيب .. و من سيسهر على فراشي عند مرضي ) ..
                            بهرني المشهد المسرحي فنسيت حزني مؤقتا ، و اخذت ارقبها و انا افكر متأملة في نفسي :
                            ( يبدو اننا في جميع احوال الفراق ، نبكي على انفسنا اكثر مما نبكي على من فقدناهم ) .فهذه المرأة لا تبدو حزينة على المصير المجهول الذي سيلاقيه زوجها بعد انتقاله الى عالمه الغامض الجديد . و لكن حزنها كله محصور على ذاتها .. و على الخسائر المادية و العاطفية التي ستفقد امتيازاتها بعد رحيله .
                            و كأننا حتى و نحن في اقصى حالات المنا و مصابنا الحزين ... نكون في اشد حالات حبنا لذاتنا ..
                            و اقصى غاياتنا في التمسك بحياتنا !!

                            تعليق


                            • #29
                              و شرعت افكر و المرأة تندب حظها ، و كأن صوت عويلها مطرقة تدق الجدران التي تحاصر الافكار المسجونة وراء نفسي التي اظلمت .
                              فسقط الجدار فجأة .. و تسربت من ورائه مخاوفي ، و احزاني .. تكشف عن غموضها و تطاردني بقولها :
                              ( انت ايضا لست متحسرة على زوجك الذي مات و دفنته في قلبك .. و لكنك حزينة متحسرة على نفسك .. لانك خسرت المميزات التي كنت تتنعمين بها و انت تعيشين بقربه .. تبكين على هيبتك و كرامة انوثتك التي رماها ارضا ، و ترك الحاقدين يدوسون باقدامهم فوقها ) .
                              و اخيرا هبت عزة نفسي واثبة على قدميها ، و اخذت تهزني من كتفي .. لتفيقني من غفوتي و هى تقول لي :
                              ( اصحي لنفسك .. فالحياة داخلنا ، و النسيان رحمة من عند الله لا بد ان نستخدمها .. و كلام الناس لن يخرسه الا تجاهلك له .. و شماتتهم لن تنتصري عليها الا بطرق ابواب السعادة و تفوقك على هزيمتك ) .
                              بعدها ، قمت واقفة من مقعدي .. و قد انقشعت الغمامة السوداء من فوق عيني .. و اتجهت بخطى مثابرة في كبرياء نحو زوجة المرحوم .. امسكتها من يديها اللتين كانت تشوح بهما في انفعال هستيري .. و نظرت بثبات في عينيهها الغارقتين في بحر من الدموع الحمراء .. و هتفت بها بصوت سمعته كل الحاضرات ..
                              ( النور في داخلك .. فمزقي عنه ستارتك السوداء .. ) .
                              ووسط ذهول الموجودات .. شققت الصفوف في اتجاه الباب .. و على ثغري ترتسم ابتسامة الموناليزا .

                              تعليق


                              • #30
                                إستغاثة .. لالتقاط الانفــــــــــــــاس !






                                ودعتني .. و سافرت
                                لم تضرب لي موعدا قادما ..
                                لم تحدد زمان و مكان لقائنا الآتي ..
                                و لم اسألك .
                                بل ودعتك في صمت .. و لم اسألك !
                                ***
                                لا شئ اعرف عنك ، غير انك ظهرت في حياتي ذات مساء اخضر بلون العطاء الخصب .
                                ليلتها قمت بتطويق شعري .. و عنقي .. و خصري بأكاليل من زهور الزنبق ، فزاد خوفي منك .. و هروبي بعيدا عنك .
                                فهذا زمان الشوك .. و الصبار .. و العلقم .
                                لا احد يقطف زهورا ليعطر بها اجواء من يحب .
                                الزهور لم تعد تشترى الا لتغطية اجساد الموتى ، و لتزيين قبور من قتلناهم بجحودنا و قسوتنا .
                                كلام الحب المعسول ، اصبح كالدولار المغشوش ، لا نكتشف حقيقته المزيفة ، الا بعد ان ندخله في رصيد حسابنا .
                                كلام الغزل المنمق . عملة صدئت منذ ان اعتلت كليوباترا عرش مصر ، و هزمها انطونيو بكلامه المنمق كلوحة من الفسيفساء المزينة بزهور الزنبق .
                                انا يا فارسي كليوباترا جديدة ..
                                قرأت صفحات التاريخ ،، و حفظت دروسه جيدا .. و بات عليك كى تغزو قلبها ، و تستقر في قمة براكينه المتأججة دون ان تلتهمك حممه المتقلبة ، ان تبتدع لعبتك المنفردة التي لم يسبقك اليها فرعون .. او قيصر .. و لا روميو اخر .
                                الكلام المعسول ، لم يعد المفتاح السحري الوحيد و المضمون لقلوب نساء هارون الرشيد ، الذي انتهى بأن هبط الى حفرة قبره وحيدا .
                                ابيات شعر الغزل المحفوظ ، لم تعد خاتم سليمان الذي يحبس قلوب العذراوات في بنصر الشبان العابثين ..
                                فها هى الخنساء تعود الى الحياة ، و تلتقي في ساحة الشعر مئات المتباريات .

                                تعليق

                                يعمل...
                                X