قصــة مــن زوايــا بيــوت الحــارة
بعد أن هلك عمهما استحوذ الأخ الأصغر الأكثر نفوذا على جميع تركته وأعطى الزهيد منها أخاه الأكبر ضعيف الحيلة والذي يتلاشى بحسن نيته خلق صدامات مع أخيه مراعياً توطيد العلاقة بينهما في ظل كبر سن أبيهما وعجزه.
يستحوذ كذلك على جميع أوراق ومستندات وممتلكات ما تخص أبوهم العاجز ويتوكل كذلك باستلام مستحقات راتبه من الشئون الاجتماعية والذي يستحوذ عليها بكاملها متجاهلاً تخصيص جزء منها لحاجات والده العاجز مستغلا نفقة أخيه عليه من راتبه الزهيد الذي يتقاضاه من الشركة التي يعمل بها من الصباح إلى المساء والذي يعيل به عائلته بالإضافة إلى أبيه, وعندما يسأله عن راتبه يتعلل بحفظه له لمستقبل والدهم مع علمه بأن أباهم طريح الفراش طاعن السن على مشارف الهلاك فأي مستقبل ذلك الذي يعنيه؟ وهو ما يضع عليه الأخ الأكبر علامات الاستفهام.
اشتد على أباهم المرض وأصبح بحاجة لمن يعتني به لقضاء حاجته والأخ صاحب النفوذ لا يعنيه الأمر شيء كونه يسكن في بيت بمفرده ميسور الحال مطمئن النفس هو وعائلته، ومن يتكفل بأبيه هو أخاه وعائلته يرعونه ويقومون في خدمته وبحوائجه، وعندما يسأله أخاه بأن يأخذ أبيه في بيته ليقوم بواجبه ويتقاسموا أجره ترفض زوجة الأخ صاحب النفوذ الأمر رفضاً قاطعاً بأن يجلب أبيه الخرف العاجز في بيتها ليمتثل هو لأمرها الذي لا يتجرأ مخالفتها فيه ولو اقتضى فيه هلاك والده.
وصل الأمر بمرض الأب وعجزه نقله إلى المستشفى وهنا تكمن المشكلة في مرافقة الأب من قبل الأخ صاحب النفوذ على أخيه..؟؟
فقد تعلل لأخيه بأن مشاغله تعيقه المكوث في المستشفى مع أبيه مع أنه غير مرتبط بعمل رسمي كأخيه الذي تستهلك الشركة التي يعمل بها جمَّ وقته من الصباح إلى المساء، وقضى رأيه بأن يمكث والدهم بدون مقيم الأمر الذي حزَّ في نفس الأخ الأكبر ترك والدهم بدون مرافق كونه عاجز حتى عن تناول طعامه وقضاء حاجته بمفرده.
وقضى الأمر بينهم أن يتناوبوا الإقامة مع أبيهم بإيعاز من الأخ الأصغر صاحب النفوذ الأمر الذي أثر سلباً على دوام الأخ الأكبر في الشركة بل أن في بعض الأوقات كان يتأخر عن تبديل أخوه الذي كان يحظر للمستشفى مباشرتاً بعد انتهاء دوامه قرب المساء من الشركة ليقضي وقته مع أبيه بينما يستبدله الآخر ليعود بعدها الأخ الأكبر إلى البيت ليرتاح ثم يستأنف دوامه صباح اليوم التالي.
بعد فترة ليست بالقصيرة من خروج أبيهم من المستشفى استفحل المرض فيه وأجهده كثيراً وهو مرمي بغرفته حتى أنه أصبح لا يستطيع الأكل والشرب بالأيام وعائلة الابن ليس لها حول ولا قوة في الأمر سوى ملاحظته ورعايته وتقديم أدويته له في فترة دوام ابنه.
وفي ليلة دخل عليه أبنه بعد أن رجع من دوامه ووجده قد فارق الحياة، ويذكر لنا أبنه أنه قبل وفاته بأيام كان كلما دخل عليه ليلاحظه وينظفه ويرعاه كان يرى دموعه تسيل من محجر عينيه.
لقد رحل الأب من هذه الدنيا بائساً باكياً تطاولت عليه هموم العجز والمرض والإهمال بلا حول له ولا قوة.
وهنا نقول بأن الوئام قد يعود إلى قلب الأخ الأصغر تجاه أخيه الأكبر ضعيف الحيلة بعد وفاة أبيهم، إلا أنه فاجئ أخيه بما هو أمر من سابقه وهو ما سنتطرق إليه ونعرفه..؟؟
بعد انتهاء مراسم العزاء بفترة وجيزة بدر من الأخ صاحب النفوذ ما هو أمر من سابقة، حيث قَدَمَ يفاوض أخيه على بيع بيت والدهم واقتسام أجره، وهنا تكمن مشكلة الأخ الأكبر حيث أنه لا يملك بيت سوى بيت أبيهم هذا الذي يعيش فيه والذي ولدوا وتربوا وعاشوا فيه ولا يستطيع بناء أو شراء أو على أضعف الاحتمالات استئجار بيت يؤويه هو وعائلته بسبب ضعف راتبه الذي لا يفي بمصروفات عائلته فكيف سيشتري به بيتاً..؟
رفض الأخ فكرة بيع البيت للضرر الذي سيلحقه به تبعات نوايا أخيه، ومن يومها ولا زال يزن في إذن أخيه محاولاً إقناعه نواياه السيئة عله يستجيب على حتفه ولو جلس أخيه وعائلته على الرصيف راكضاً وراء طمعه الذي أعمى بصره وأنساه دم أخيه الذي خرجا معا لهذه الدنيا من بطن واحدة، أو علّه يستخدم حِيَل أخرى غير الإقناع لأخيه لبيع البيت والله أعلم بنواياه
فاللهم ارحم بني البشر من ظلم بني البشر اللهم آمين.. اللهم آمين.
تعليق