إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

آلام الواقع

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • آلام الواقع

    [align=center][«®°·.¸.•°°·.¸¸.•°°·.¸.•°®»moveo=right]آلام الواقـــــع[/moveo]«®°·.¸.•°°·.¸¸.•°°·.¸.•°®»

    الجزء الاول

    رفعت مريم عينها لفوق ، واطالعت الساعه المعلقه على جدار غرفة نومها ، وكانت الساعه تشير تقريبا للخامسه صباحا . وبعد ثواني من التأمل في عقارب الساعه ... نزلت مريم عيونها باتجاه الارض ، والضيق والالم والحسره واضحين بملامحها ..

    رجعت مريم بذاكرتها الى ماضي قريب ... قبل ست شهــور تقريبا ... وبالتحديد في فبراير من سنة سبع وتسعين ( 1997 ) .. يوم ما دخلت عليها أمها الغرفه وقالت لها :
    ام مريم : مريم ... بغيتج بموضوع مهم ..
    سالتها مريم باهتمام :
    مريم : موضوع شوه اميه ؟!
    قعدت ام مريم على الكرسي المقابل وقالت :
    ام مريم : شوفي يا مريم ... انتي والحمدالله اتخرجتي من الجامعه قبل شهر واحد .... صح ..
    ردت مريم بهدوء :
    مريم : هيه صـح ... اتخرجت في الفصل الدراسـي الاول.. وبعدني ما اشتغـلت ؟!
    ضحكت ام مريم وقالت :
    ام مريم : انزين توج متخرجه ....ما صارلج شهر واحد وتبين تشتغلين على طول .. وعلى الاقل... ريحي شوي ...
    ومع بابتسامه ممزوجه بالضيق قالت مريم :
    مريم : شو اسوي .. خايفه اقعد وقت طويل وانا ما مشتغله .. وساعتها.. بعاني من الملل ووقت الفراغ الطويل ... وربيعاتي اللي اتخرجوا قبلي قالولي مآسي عن حالتهم بعد التخرج ... سائت حالتهم النفسيه بشكل فظيع .. خصوصا في السنة الاولى اللي تلي التخرج ..
    سالتها امها :
    ام مريم : يعني اللي يشتغلون ....حالتهم احسن ؟

    وبهدوئها المعتاد قالت مريم :
    مريم : اكيد ... على الاقل ايلاقون شي يشغلهم ويقضي وقت فراغهم ...
    سكتت ام مريم وبعدها قالت :
    ام مريم : كلامج صحيح ... موزه بنت جارتنا متخرجه قبل سنتين وقاعده في البيت .. وامها اتقول انها وايد تعبانه نفسيا .. واتقول ان السنه الاولى بعد التخرج اتعذبت معاها وايد ... مع ان موزه كانت دوم اتحن واتقول متى بتخرج ..
    ابتسمت مريم وهيه اتقول :
    مريم : صدقج يا اميه .. يوم كنا ندرس في الكليه ... كنا دوم انفكر وانقول متى بيي اليوم اللي نتخرج فيه .. ويوم اتخرجنا نتمنى نرجع ولو يوم للحياه الجامعيه بكل ما فيها من متاعب .... حنينا للكليه وبنات الكليه .. حنينا للمحاضرات والدكاتره .. الطيبين منهم والغلسين ...
    سكتت مريم لحظات وبعدها تابعت :
    مريم : اتذكر يوم كنت في السنه الثانيه بالكليه .. كنت دوم احن وازن على اربيعتي واقولها متى بنتخرج ... وهيه دوم تبتسم واتقولي : يا مريم .. لا تفكرين بها الموضوع بتاتا .. وعيشي يومج بكل حلاوته .. وصدقيني... مافيه اسرع من الايام .. وما بتوعين الا وانتي [/align]

  • #2
    [align=center]متخرجه .. وقاعده في بيتكم ....
    وساعتها بتتمنين ترجعين ولو ساعه وما بتقدرين ...
    وبابتسامه خفيفه ردت عليها امها :
    ام مريم : ربيعتج معاها كل الحق ... الانسان لازم ايعيش يومه .. ويترك المستقبل بكل ما فيه لتصريف الخالق ..

    حركت مريم راسها باشارة الايجاب وقالت :
    مريم : صدقتي يا اميه صدقتي ..و
    قاطعتها ام مريم وقالت :
    ام مريم : خذتنا السوالف ونسيتيني الموضوع اللي كنت ناويه اقوله ..
    سألتها مريم باهتمام متزايد:
    مريم : هيه صدق .. شو الموضوع......
    سكتت ام مريم لحظات ثم قالت :
    ام مريم : الموضوع هذا مرتبط بالموضوع اللي كنا اناقشه قبل شوي ..

    استغربت مريم من كلام امها وقالت :
    مريم : ما فهمت ..شو علاقة موضوعج ... بموضوع الملل والضيق اللي يعقب التخرج ..
    ابتسمت ام مريم وقالت :
    أم مريم : بوضحلج اكثر .. كيف تقدر البنت انها تكسر الملل والفراغ بعد التخرج ..
    فكرت مريم دقيقه وقالت :
    مريم : أحسن حل انها تشتغل او ..
    قاطعتها امها وقالت :
    ام مريم : او شوه .

    سكتت مريم لحظات وهيه اتفكر ، وهمت انها اتجاوب ... لكن امها سبقتها وكأن الصبر نفذ منها وقالت :
    أم مريم : انها اتعرس .. وفي ها الحاله بتلتهي بالريل والعيال ... .
    بدت الدهشه واضحه على ملامح مريم وهيه اتقول :
    مريم : يعني... تبيني اعرس ..
    ردت ام مريم وهيه اتحرك ايدها :
    ام مريم : هيه .. شوفيها لو عرستي .. وانتي مب صغيره.. وانا يوم كنت بسنج كنت معرسه وعندي عيال ...
    سكتت مريم لحظات اطول وهيه اتفكر .. وفي النهايه جاوبت بحذر :
    مريم : . افهم من كلامج انه في واحد متقدملي ..
    ابتسمت ام مريم وقالت :
    ام مريم : طول عمرج ذكيه ... وتفهميني دايما ... كلامج صح ... في واحد متقدملج .. ومتقدملج من زمــــان بعد .. من يوم ما كنت صغيره ..
    فتحت مريم عينها من شدة الاستغراب وقالت :
    مريم : امي ... انتي شو اتقولين .. كيف متقدملي من زمان ... لا... ومن يوم ما كنت صغيره بعد ... وبعدين انا ما سمعتج من قبل تتكلمين بها الموضوع ؟!
    ردت ام مريم بهدوء :
    ام مريم : شوفي يا مريم ... انتي ( محيره ) لولد عمج راشد من يوم ما كنتوا صغار .. يعني [/align]

    تعليق


    • #3
      [align=center]ابوج عطى كلمه لعمج انج اتكونين زوجة ولده لما تكبرين...
      زاد تأثير المفاجاه عند مريم وقالت :
      مريم : انا محيره لولد عمري راشد ... اول مره ادري ...
      قاطعتها امها وقالت :
      ام مريم : والحين دريتي ... شو ردج ...
      سكتت مريم لحظات ثم قالت :
      مريم : بصراحه يا امي .. انا ما ارتاح ابدا لولد عمي راشد ... وراشد معروف عنه انه لعاب وايد .. وما يقر في البيت دقيقه وحده .. وانا سمعت بعد ... انه يمشي مع شله تعبانه و ..
      قاطعتها امها بسرعه وقالت :
      ام مريم : ما عليج من هذا كله .. يوم بيعرس بيعقل .. وبيستوي خوش ريال .. وياما رياييل كانوا طايشين ومتهورين قبل الزواج ... وانصلحوا بعده ..
      حركت مريم ايدها وردت بانفعال :
      مريم : وانا ليش اخاطر وآخذ واحد طايش على أمل اصلاحه بعدين... ليش ما اخذ واحد صالح من البدايه .. بدل الدخول في مغامره مب مضمونة العواقب ..
      سكتت امها شوي يوم حست ان كلام بنتها منطقي وقالت بصوت اهدى :
      ام مريم : شو انسوي ... الواقع يفرض علينا ها الشي ... ابوج عطى كلمه لعمج وانا اعرفه زين ...لا يمكن يتراجع ابدا عن كلمته ... انتي الحينه اتوكلي على الله وانشا الله ما يصير الا كل خير .. وبعدين هذا ولد عمج .. من لحمج ودمج .. اكيد بيراعيج وبيعطيج كل حقوقج... و بتكسبين اجر كبير لو قدرتي تصلحينه و..
      ردت عليها مريم بعد ما خف انفعالها :
      مريم : ولو ما قدرت اصلحه .. بشو بيكون مصيري .. بتتحملون ذنبي وعذابي طول عمركم ..

      ما عرفت ام مريم بشواتجاوب .. وعشان جذيه سكتت .. ولهذا تابعت مريم وقالت بعد ما خفت من لهجتها :
      مريم : يا اميه.. انا ما ابغي اعصي امركم ... وطاعتكم واجبه علي .. وكلامكم على العين والراس .. لكن .. هذا زواج وعشرة عمر... واي خلل في اساسه وقواعده بيتسبب في هدم حياتي الزوجيه كلها.... ويمتد تأثيره على مستقبلي كله ..

      جاوبتها امها والصدق يلمع بعيونها :
      ام مريم : صدقيني يا بنتي ها الشي مب بيدي ... الشور والامر كله عند ابوج .. وانا... لاحول لي ولا قوه ..
      ترددت مريم قبل لاتقول بصوت هادي وايد والخجل بدا ينرسم على وجها :
      مريم : انزين ... ليش ما اتزوجوني ولد عمي الثاني ... اخو راشد الصغير حمد ... ماشاالله عليه .. خلوق ومؤدب ودين .. وانا احترمه واعزه وايد و ..

      ردت عليها امها بابتسامه خفيفه وقالت :
      ام مريم : معاج حق ... بس حمد ( محير ) ومحجوز حق اختج الصغيره ظبيه.

      بدا الاحباط واضح على ويه مريم بعد سماعها عن سلسلة الحجوزات وكأنهم قاعدين في شركة طيران ... وقالت :
      مريم : اسمحليلي يا اميه اقولج اني ما موافقه على راشد ... وابيج تقنعين ابوي بها الشي .. وانا ما مستعده اخاطر بمستقبلي عشان ....[/align]

      تعليق


      • #4
        [align=center]قطع كلامها صوت طرق خفيف على الباب .. واتحركت ام مريم باتجاه الباب وفتحته ... واول ما انفتح الباب ... دخل عليهم ابو مريم وقال :
        بو مريم : السلام عليكم ..
        رد ام مريم السلام :
        ام مريم : وعليكم السلام .
        وبصوت عالي قال بو مريم :
        بو مريم : هاه ام مريم.... خبرتي بنتج عن الموضوع .
        ام مريم : هيه خبرتها .. بس ..
        قاطعها بو مريم بصوت مرعب وقال :
        بو مريم : بس شوه ...
        وبصوت خافت قالت ام مريم :
        ام مريم : بنتك ما مقتنعه فيه .. واتقوله انه طايش ومتهور و ..
        وبصرخه عنيفه قاطعها ابو مريم وقال :
        بو مريم : شو ها الكلام ياحرمه.. مقتنعه ولا ما مقتنعه .. هذا ولد عمها ولازم تاخذه .... انا عطيت كلمه لاخوي ولا يمكن اتراجــع عنها ولو على قص ارقبتي.

        اتكلمت مريم للمرة الاولى من بداية كلامهم وقالت :
        مريم : يا بويه.... الله ايخليج .. انا راشد هذا ... ما ارتاحله ابدا و ..
        وبصوت اعلى قال بومريم :
        بو مريم : شو ها المنكر اليديد اللي منتشر بين بنات اليوم ... هذا ما ارتاحله .. هذا ما داش خاطري ... قلبي عايفنه .... وما ناقص الا اتقول ..هذا ما حبيته و .
        قاطعته مريم بصوت باكي :
        مريم : يا بويه انا ما قلت جذبه بس ..
        قاطعها ابوها بصوت منفعل وقال :
        بو مريم : لا بس ولا شي بتاخذين ولد عمج راشد يعني بتاخذينه ... انا كلمتي ما تنزل الارض ابدا .. وانتي الحينه .... تبين على آخر زمن... تفضحين ابوج واتصغرين راسه جدام اخوه ..

        سكتت مريم وما عرفت شو اتقول .. وفي ها اللحظه مسكها ابوها من ايدها ، واطالعها بنظره ناريه وقال بصوت حاد ومخيف اختزن فيه كل اصراره :
        بو مريم : هاه ... موافقه..

        نظرت له مريم بنظره خوف ورعب ... والتفتت صوب امها واطالعتها بنظرات حزينه .. وكأنها تطلب من امها التدخل واقناع ابوها بتغيير رايه ... لكن الام نزلت راسها للارض وهيه تتهرب من نظرات بنتها .. وكأنها اتقول: اسمحيلي يا بنتي ما بيدي شي ... والتفتت مريم مره ثانيه باتجاه ابوها وحطت عينها بعنيه بنظرة توسل... وكأنها تترجى ابوها وتطلب منه الرحمه ... وكأنها اتقول .. ارحمني يا يبا .. ارحمني من مستقبل مظلم ومصير مجهول ..

        لكن .. الرحمه ما عرفت طريجها لقلبه .. أو انها موجوده لكن العناد او العقل المتحجر رفض هذا الطلب ..

        وفي النهايه نزلت مريم راسها للارض بعلامة الاستسلام لواقع مرير وقالت في النهاية :
        مريم : اللي اتشوفه ابوي ..
        ابتسم ابوها وقال :
        بو مريم : على بركة الله .. الاسبوع الياي بتكون الملجه .. وكلها شهرين بالكثير وبتكونين في بيت ريلج ...
        انفتضت جسم مريم وهيه اتقول :
        مريم : بها السرعه ؟!
        حرك بو مريم ايده وقال :
        بو مريم : عمج عوض وايد مستعيل .. يبا يفرح بولده .. وبعدين احنا ما علينا قصور.. وكل التكاليف مقدور عليها ...
        حاولت مريم بيأس انها اتأخر كل هذا وقالت :
        مريم : يا بويه ... راشد مخلص الثانويه من ثمان سنين .. ولين الحين ما اشتغل و ...
        ضحك بو مريم وقال :
        بو مريم : وليش يشتغل .. ابوه ماشاالله عليه... عنده مجموعة شركات .. ومع هذا... اطمني.... راشد الحينه يشتغل عند ابوه بوظيفة مشرف عام على جميع مشاريع الشركة ..
        حست مريم باحباط بعد ما فشلت ها المحاولة وقالت للمره الثانيه :
        مريم : اللي اتشوفه يا بوي ..

        سكتت مريم بعد ه الكلمه وغرقت في بحر من التفكير في مستقبل مجهول .. مستقبل فرضه عليها واقعها الأليم .. البنت محجوزه لولد عمها ...
        .....وساعتها قالت في خاطرها... وبكل الالم والحزن :
        حيرتوني لابن العــم وما دريتوا
        ................................... انهـــــــا في النفس حســره وضيقه
        عقدتوني بحبل واهي وما وعيتوا
        ................................... انكم قطعتوا كــــل الرجاء و البصيـره
        بتزفوني بكل فرحكـم وما علمتوا
        ................................... أن الكـدر والألــم واقـــع بعيشــــه






        ومرت الايام وملجة مريم ... وعاشت ايام الملجه مثل كل البنات ... لكنها عاشتها غير .. لان زوجها كان قليل الزيارات .. شحيح الهدايا ... قليل الاهتمام فيها وبمشاعرها .. وما كانت تسمع منه أي كلام حلو سواء اكان مجامله او حتى كذب ...

        لكنها اصبرت على أمل انه يتغير .. وقالت يمكن يتغير بعد العرس ...
        وبعد شهرين عرست مريم .. كان العرس ضخم بحق... ومع ان مريم وزوجها راشد من سكان منطقة ( القطاره ) بمدينة العين .. الا ان العرس استوى بخيمه ضخمه في الساحه الكبيره بجوار حديقة العاب ( الهيلي (......

        ... وطوال الاربع الشهور اللي اعقبت العرس .. ما عاشت مريم الا بكل كدر وضيق والم ... راشد وبدل ما يتغير .. زاد طيشه وتهوره .. ما يقعد في البيت الا وقت الغداء او العشى او النوم .. يعني كفندق لا اكثر .. واصبرت مريم وحاولت اتغيره لكنه كل يوم يستوي اسوأ من اللي قبله ..

        غرفة النوم اللي المفروض اتكون مكان للراحه والهدوء .. حولها لاستديو غنائي ... شرايط الاغاني والسيديات الانجليزيه من ( الروك ) و ( الجاز ) و( الديسكو ) متشره في كل انحاء الغرفه ..

        وفي منتصف الغرفه وبمقابل السرير كان هناك جهاز ستريو ضخم وعالي التقنيه .. وفي منتصف الجهاز شاشه كبيره كلها ازار .. ويعمل ها الجهاز بتقنيه متقدمه تسمى الصوت الدائري المحيطي ( DOLBY DIGITAL SURROUND ) ..... وهذا معناه ان الصوت ينتشر بعنف بكل ارجاء الغرفه ... وعلى طرف الغرفه الايمن كانت هناك سماعات صغيره تطلع صوت حاد مثل المطرقه وتسمى بسماعات التردد العالي ( super tweter ) ، وفي الجهه الثانيه اليسرى توجد ساعات حجمها اكبر وترددها واطي ( super woofer ) وتطلع صوت يشبه الطبل او مرات يسمونه ( البيس bass )....
        وكان كل هذا... يمثل صداع ما ينقطع لمريم ... وحاولت اكثر من مره تقنعه ان ها التصرفات تصرفات شباب طايشين .. مب ريال متزوج وعلى ذمته حرمه ... لكنه كان دايم الاستهزاء فيها .. ويقول : هذي حياتي واعيشها مثل ما احب ...

        واليوم ... وبها اللحظه بالذات .. قررت مريم اتحط حد لكل هذا .. لازم اتواجهه .. وتجبره انه يحترمه ويقدرها .. ويمنحها كل حقوقها ..
        وو ..
        ما قطع تفكيرها .. وحبل الذكريات الطويله اللي كانت هايمه فيها الا صوت الباب وهو ينفتح.... ودخول ريلها راشد للغرفه ..

        ولحظتها التفتت مره ثانيه للساعه ولاحظت انها اتجاوزت الساعه سته الصبح .. و قالت :
        مريم : صباح الخير ..
        جاوبها راشد بابتسامه باهته وساخره وقال بكل ثقل دم :
        راشد : وانتي من أهله ؟ّ!
        استفزها جوابه واستهزائه وقالت :
        مريم : انته عارف كم الساعه الحينه ؟!
        رد عليها بكل استهزاء وهوه ايأشربايده على الساعه المعلقه على الجدار ..
        راشد : امم .. العقرب الصغير تحت.. وبنص الدايره تقريبا .. والعقرب العود فوق وبنص الدايره بعد ... يعني كم تستوي الساعه ... احزري ... انا اقول يمكن اتكون الساعه ست ...

        احمر ويه مريم من كثر الغصه والضيق وقالت بانفعال :
        مريم : وليش متأخر لين الحينه ..
        ضحك راشد ضحكه طويله و ساخره وقال :
        راشد : عشتوا ... مريوم قامت اتعصب واتحاسبني وين ساير ووين ياي ..

        وفجاه انفعل راشد وقال :
        راشد : انا كم مره قايلج لا تسأليني ها السؤال ... انا انسان حر .. احب اعيش حياتي مثل مابي ... و بحريه كامله ... اطلع واهيت على كيفي .. فهمتي ولا لا ..
        حست مريم بخوف من كلامه لكنها قالت باصرار :
        مريم : بس انا زوجتك ولي حقوق عليك .... من حقي انك تقعد معاي ... واتراعيني.... واتشوف كل طلباتي الماديه والنفسيه وو ..
        قاطعها راشد بضحكه عاليه وايد وقالت :
        راشد : الله عليج يا الفيلسوفه .... فكينا بس من فلسلفتج الاجتماعيه ... وخليني ارقد ... تراني اليوم وايد تعبت ...
        ردت عليه مريم بهدوء :
        مريم : وشوه متعبنك ..
        ابتسم راشد بابتسامه خبيثه ..
        راشد : من طول القعده .. وعلى فكرى ترى القعده كانت وايد حلوه اليوم ... لعب ورقه وشيشــه وبنــات ووو ..
        صرخت مريم في ويهه وقالت :
        مريم : واشكره اتقولها بويهي ... تقعد مع بنات يا راشد ..
        استمر راشد في ضحكه واستهزائه وقال ببرود عجيب :
        راشد : مب انتي زوجتي .. والزوج لازم ايصارح زوجته بكل شي .. وبعدين انتي لازم تفرحين يوم اتشوفين زوجج سعيد ومبسوط ..
        حست مريم باحتقان شديد في كل شعره من جسمها.. بسبب استهزائه الغير معقول بمشاعرها وقالت بصوت عالي:
        مريم : انته من شوه مخلوق... من حجر ..

        ماسوالها راشد أي اعتبار واتجاهل سؤالها تماما .. ووقف جدام المنظره وبطل وفك لفة الشعر اللي رابط فيها شعره .. وانسدل شعره الطويل بنعومه على كتفه .. وبعدها طلع من الدرج سيديات اغاني واختار منهم السي دي اللي عجبه وحطاه في المسجل وطول على الصوت بشده.. واستلقى على السرير وهو يردد كلمات الاغنيه على لسانه ..

        وها التصرف ...كان له اثره العنيف على مريم اللي اقتربت من المسجل .. وسكرته بكل قوتها ... ولحظتها التفت لها راشد وقالت بكل عصبيه :
        راشد : شو فيج ... ليش سكرتي المسجل ..
        ردت عليه مريم بكل عصبيه :
        مريم : ممكن اسألك سؤال واحد ..
        بدا الضيق واضح على ويه راشد وقال :
        راشد : اللهم طولك يا روح ... هذي الانسانه ما تبي اتعدي هاليله على خير ..اتفضلي اسألي يا سيدة الحسن والجمال ...
        وبكل انفعال وقهر قالت مريم :
        مريم : انته ليش اتزوجتني ..
        ابتسم راشد بسخريه وقال :
        راشد : لنفس السبب اللي اتزوجتيني عشانه .
        ردت عليه بدهشه :
        مريم : شو تقصد .
        رد عليها بهدوء :
        راشد : لانج كنتي محيره لي لما كنت صغيره .. يعني كنتي من ضمن أملاكي .. ومستحيل حد غيري ياخذج قبل لا اتمتع فيج انا اولا و ...
        سكت لحظات وبعدها تابع ببرود وهوه يطلع الولاعه ويشعل صلب سيجاره :
        راشد : الحياه تجارب .. وانا اعتبرج تجربه مفيده و ..
        قاطعته مريم بشده وقالت :
        مريم : اتسمي اللي بينا مجرد تجربه و تنتهي..

        جاوبها راشد ببرود قاتل رهيب وهوه يردد كلمات اغنيه لمطرب معروف :
        راشد : تجربه كانت .. كانت حكيمه ... عمر المجرب حكيم ..
        صرخت مريم بويهه :
        مريم : بس انا بنت عمك ... يعني لحمك ودمك ..

        مسك راشد صدره بيده ، وبدا يتحسسه بالكامل وقال ببرود وسخريه :
        راشد : لحمي ودمي داخل جسمي ... ما اظن انه طلع واتشكل بصورتج ..

        سكتت مريم لحظات بعدما ما بلغ الغضب عندها اعلاه .. وبعدها.. انفجرت بصرخه عظيمه اختزنت فيها كل مشاعرها المكبوته وقالت :
        مريم : راشد ... الحينه ... وبها اللحظة لازم انحط حد لكل شي .. يا أنك تستوي مثل باقي الازواج ... وتعطيني كل حقوقي الزوجيه ... يا أما تتركني لحال سبيلي... واعيش حياتي بعيده عنك ...
        ابتسم راشد بمكر وقال :
        راشد : عرضج مقبول يا بنت العم ...
        ردت عليه مريم بدهشه :
        مريم : شو قصدك ..

        راشد : يعني خلاص ... دورج انتهى ...شبعت منج ... مالج لازوم عندي .. سيري بيتكم وانتي طالق .. طالق ... طالق ....

        اتراجعت مريم للخلف من شدة الصدمه ... لانها ما كانت تتوقع ان راشد يطلقها بمنتهى السهوله وكأنه يدخن صلب سيجاره...
        صحيح ان حياتها معاه كانت كلها مراره .. لكنها ما تمنت ابدا توصل لها النهايه ...
        ما كانت تتمنى ابدا انها تحمل ها اللقب ... اللقب اللي يرعب الكثير من البنات
        لقب ... مطلقــــه ...
        اللقب اللي بيصير واقــــع أليم لازم تتعايش معاه ..
        الواقع اللي بيحمل معاه كل آلام الدنيا ......[/align]

        تعليق


        • #5
          [align=center]

          الجزء الثاني

          فتحت مريم عيونها... والتفتت حواليها وهيه تتطالع الموجودين بالغرفه بنظرات زايغه... وكانت امها واقفه مع ابوها بالاضافه لاختها ظبيه ...
          وظلت تناظرهم بنظرات غريبه ومذعوره ... وكأنها قايمه من ارعب كابوس بحياتها ..

          واول ما التقت عيونها بعيون ابوها ... نزل ابوها عينه للارض وكأنه يتحاشى النظر في عيون بنته من شدة الندم والحسره .. ولانه معتبر نفسه السبب الرئيسي في اللي جرالها من مآسي ..
          وبعد لحظات اقتربت امها منها وقالت :
          ام مريم : هاه مريم .. اشحالج الحينه .. عساج بخير ..

          ما ردت مريم وظلت اطالع امها بعيون مفتوحه بالكامل .. وكأنها ما مستوعبه لها اللحظه فداحة ما جرالها ..

          وهنيه... اتكلم بو مريم بعصبيه :
          بو مريم : النذل الحقير .. ما اكتفي باللي سواه من فعل جبان .. واتصل فينا وقال بكل برود وهوه يضحك : تعالوا شلوا بنتكم .. لانها طاحت واغمى عليها بعد ما طلقتها ..
          ردت عليه ام مريم :
          ام مريم : انا عمري ما شفت انسان بها السفاله وبرودة الدم ... حتى صلة الدم ما راعها وكأنها مب بنت عمه ..

          اتكلمت ظبيه ولاول مره من بداية الحديث وقالت :
          ظبيه : يا أميه مب وقته ها الكلام .. المهم الحينه مريم .. حالتها النفسيه وايد صعبه وكلما تفتح عينها شوي .. اتغط مره ثانيه في اغمائه طويله من كثر الغصه والحره اللي فيها ...

          وبصوت يغلب عليه التأثر قال بو مريم :
          بو مريم : انا السبب في كل هذا .. انا اللي زوجتها غصب و.
          قاطعته ظبيه وقالت :
          ظبيه : يا بويه... مب وقته الله ايهداك .. اللي صار صار وهذا قدر مكتوب .. المهم الحينه مريم .. لازم نوقف معاها في محنتها وانخفف عنها مصيبتها.

          سكتت ظبيه بعد كلامها السابق.. ومحد علق على كلامها وبالتالي تابعت وقالت :
          ظبيه : لو سمحتم الحين اطلعوا من الغرفه .. مريم محتاجه لراحه اكثر ليما تهدى نفسيتها شوي ..

          واثناء ما كان ها الحوار داير كانت مريم تتلفت بنظرات غريبه وزايغه .. وكأنها بعالم ثاني ... وكأنها ترفض اللي صار... أو اتحاول الهروب من الواقع .. او اتوهم نفسها بان اللي جرى مجرد حلم وانتهى ..

          واتحركوا الثلاثه من الغرفه .. وخلوا مريم في عالمها ... عالم الهم والقهر .. عالم ما يحس بألمه الا اللي بلع سمه .. وما بلع سمه ولا ذاق طعمه... ولا حس بفظاعة وبشاعة هالعالم .. الا المطلقات .. المطلقات وبس ..

          ومضى اسبوع واحد من طلاق مريم .. وحالتها ازادات سوءا بعد سوء .. وما كانت اتكلم حد الا فيما ندر .. انعزلت عن الناس .. وبدت اتهلوس .. تضحك فجأه واتصيح فجاه .. وها الشي.... خلى امها قلقه عليها وايد ..

          ولهذا دخلت ام مريم على بنتها ظبيه في غرفتها وقالت :
          ام مريم : ظبيه .. شو فيها اختج ... تصرفاتها مب طبيعية ابدا ..
          ظبيه : يا امي ... المطلقه اتمر بحاله نفسيه سيئه .. وتتصرف تصرفات احنا انحسها مب طبيعية ..
          قالت ام مريم بعد ما نزلت دموعها :
          مريم : بس انا خيفانه عليها وايد .. حالتها كلما وتسوء .. لما اقعد معاها ما اتقول الا كلمات بسيطه.. وفجأه.. تنهار واتصيح .. وبعد ثواني اتلاقينها تضحك وكأنها ما صاحت قبل شوي .. انا خايفه ايكون عقلها خف ... صدقيني اختج مب طبيعيه موووول ..

          سكتت ظبيه وهيه اتفكر لحظات قبل لا تقول :
          ظبيه : يا امي ... اعتقد انها محتاجه لعلاج نفسي بعد صدمة طلاقها .. ولا تنسين يا امي ان مريم حساسه وايد .. وصعب عليها تتكيف بسهوله مع وضعها وواقعها الحالي ..
          استغربت ام مريم من ملاحظة بنتها وقالت :
          ام مريم : يعني شو قصدج .. انوديها مستشفى الميانين ؟!
          جاوبتها ظبيه بانفعال :
          ظبيه : انا ما قلت جذيه .. وبعدين المريض النفسي غير... والمينون غير ... ومع هذا انا عندي راي زين ..

          اتساءلت امها :
          امها : راي شوه ؟
          جاوبت ظبيه بهدوء :
          ظبيه : جارتنا موزه .. دكتوره في علم النفس بجامعة الامارات .. بنخبرها وبنشوف رايها .. واكيد بتخبرنا بالطريقه الصحيحه اللي نتعامل فيها مع مريم ..
          ارتاحت امها من جواب ظبيه وقالت :
          ام مريم : ونعم الراي .. الحين بتصلها تلفون وبخبرها بالسالفه ..

          وقامت ام مريم واتصلت على تلفون الدكتوره موزه ...
          وكلها دقايق معدوده وكانت موزه موجوده في بيتهم .. ودخلت على مريم وظلت معاها اكثر من ساعه .. وهيه تسألها مجموعة اسأله وترصد كل اجاباتها باهتمام واضح .. وادقق على تعبيرات وجه مريم وبكل التفاصيل .. واتلاحظ كل انفعالاتها وحركاتها.. و

          وفي الاخير... طلعت الدكتوره من غرفة مريم .. وشافت ظبيه في طريجها واللي كانت تتريا النتيجه على احر من الحمم ... ولحظتها قالت ظبيه بكل لهفه ..
          ظبيه : هاه دكتور موزه .. طمنينا شو فيها اختي ..

          ردت عليها دكتور موزه بتأثر واضح :
          موزه : والله شو اقولج يا ظبيه .. حالة اختج وايد صعبه .. ما قادره تتكيف ابدا وتتأقلم مع الواقع الجديد .. ما قادره تقتنع ابدا انها مطلقه .. والمشكله الاكبر انها حساسه وايد وها الشي يزيد من صعوبة الحاله ..
          وبانفعال وبصوت عالي قالت ظبيه :
          ظبيه : بس يا دكتوره .. اختي تتصرف تصرفات مب طبيعيه بالمره .. تضحك فجأه بدون سبب .. وبعد دقيقه تلاقينها اتصيح ... واتظل ساكته فتره طويله.. وما ترد ابدا على من يناديها ..

          عدلت الدكتور موزه نظارتهـا وقالت بشكل رسمـي واضح :
          الدكتوره موزه : سمعي يا ظبيه .. انتي بنيه جامعيه ومتعلمه وتقدرين تستوعبين الكلام اللي بقوله ...يا ظبيه ..المطلقه اتعاني من حاله انفعاليه حاده تختلف عن الانفعالات الواقعية اللي تتميز بها الفتاه العاديه سواء اكانت متزوجه او غير متزوجه... وتعاني المطلقه من الشعور بالقلق والاكتئاب والاحباط والصراع وعقدة الذنب وتأنيب الضمير وإيلام الذات وكره الذات ... وبالتالي فان المطلقه ما تستطيع انها تكون متزنه نفسيا ولا ثابته انفعاليا... بحيث تتأرجح بين البكاء والضحك غير الطبيعيين وبدون مبرر وفي اوقات غير مناسبه ابدا .. ولكنها تلجأ لها الشي كوسيله دفاعيه اتحاول من خلالها حماية جوانب شخصيتها المفككة وتحاول تخفي انفعالاتها الحقيقية اللي تدل على ما تعانيه من مشاعر دفينه حول طلاقها ..

          ما استوعبت ظبيه كل الكلام اللي قالته الدكتوره .. وحطت ايدها على راسها وهيه اتفكر .. وفي النهايه علقت على جزئيه من كلام الدكتوره وقالت :
          ظبيه : يعني تقصدين يا دكتوره .. ان الضحك المفاجىء والبكاء .. هو وسيله دفاع نفسي عند المطلقه.. عشان ما تنهار نفسيا ..
          ابتسمت الدكتور موزه وقالت :
          د . موزه : عليج نور.. هذا اللي قصدته بالضبط ..
          وبصوت يغلب عليه التأثر قالت ظبيه :
          ظبيه : والحل يا دكتوره ..
          جاوبتها الدكتوره بهدوء :
          د. موزه : سبق اني قلتلج ان مشكلة اختج انها حساسه وايد ، وبالتالي .. من الصعب عليها انها تتكيف بسرعه مع واقعها الاليم هذا وبتحتاج لوقت طويل ... وعشان جذيه.. مريم.. محتاجتنكم وايد في ها المرحله اليايه .. حاولوا تقعدون معاها اطول فتره ممكنه .. لاتذكرونها ابدا بموضوع طلاقها ... ولا تحسسوها انكم مشفقين عليها لان المطلقه حساسه وبتفهم ها التصرف بمعنى ثاني ... والافضل من هذا كله .. لازم تنشغل باي شي عشان تنسى عذابها ..
          واتذكروا... ان وقت الفراغ الطويل ممكن ايزيد من حالتها .. لان الفراغ يعني تفكير اكثر .. وبالتالي نفسيه اسوأ ..
          تساءلت ظبيه :
          ظبيه : وكيف تشغل وقت فراغها .. اختي مريم متخرجه من الجامعه من سبع شهور .. ولين الحين ما اشتغلت .. يعني عايشه اساسا بوقت فراغ طويل ..
          سكتت الدكتور موزه قبل لا اتقول :
          د. موزه :.. شوفوا أي وسيله ثانيه مناسبه .... تشترك في نادي صحي .. او جمعيه من جمعيات النفع العام او ما شابه ...
          حركت ظبيه راسها باشارة الايجاب :
          ظبيه : مشكوره يا دكتوره .. ما قصرتي .. تعبناج وايد ويانا ..
          ابتسمت د. موزه وهيه اتقول :
          د. موزه : افا عليج يا ظبيه .. مريم مثل اختي .. واحنا جيران .. وهذا واجبنا .. واذا احتجتوني بأي وقت أنا حاضره... أنتوا آمروا بس ..
          وبابتسامة امتنان قالت ظبيه :
          ظبييه : ما يامر عليج عدو .. وتسلمين يا الغاليه ... طول عمرج راعية واجب .. الله ايخليج ويطول عمرج ..

          ابتسمت الدكتوره موزه وودعت ظبيه ، وطلعت من البيت باتجاه بيتها ..

          ومضى اسبوع ثاني .. وما طرأ أي تحسن يذكر على حالة مريم ... وجوم وحزن ودهشه ... كلما حاولت تنسى .. ترجع لها الذكرى ... والسبب معروف .. لانها ما قادره تهرب من واقعها .. الواقع الاليم ... الواقع اللي يقول انها تحمل لقب مطلقــه .. هاللقب مغروس بنصل حاد باعماق قلبها .. هاللقب اللي اتحس فيه من كلام الناس .. وحتى نظراتهم ... اتحس بنظرات الشفقه بعيون كل اللي حواليها ..اتحس انها عبء ثقيل على اهلها .. مع انهم السبب في شقائها ...

          وفي اليوم الاخير من هالاسبوع .. كانت مريم كعادتها طايحه على السرير واتفكر ... وبعد لحظات من التفكير .. سمعت صوت طرق على الباب .. لكنها ما قامت ولا حتى ردت على صاحبها .. ولان صاحبة الطرقات عارفه ان مريم ما راح تفتح لها .. فانها... وبشكل عفوي فتحت الباب .. وكانت صاحبة الطرقات هيه ظبيه اللي قالت بهدوء :
          ظبيه : آآ مريم .. ربيعتج ساره تبى اتشوفج ...
          التفتت مريم صوب اختها واطالتعها بنظره طويله ، وما جاوبت ولا قالت شي ، وهذا اللي خلى ظبيه اتعيد الجمله مره ثانيه .. وبعد لحظات طويله من الصمت قالت مريم بصوت عالي :
          مريم : انا كم مره قلتلكم .. ما ابغي اشوف حد ... انسوا اني موجوده ... فاهمين ولا لا .
          قالت ظبيه بانفعال :
          ظبيه : بس يا مريم هذي ...

          قطع حديثهم دخول ساره المفاجىء للغرفه .. وكأنها متوقعه رفض مريم لمقابلتها .. وبأشاره من يد ساره فهمت ظبيه انها تباها تطلع من الغرفه... على اساس انها تاخذ راحتها مع مريم .. وفعلا طلعت ظبيه من الغرفه .. وبعدها التفتت ساره باتجاه مريم وقالت :
          ساره : معقوله يا مريم .. ما تبين اتشوفين رفيجة دربج واعز صديقه عندج حبيبتج سارونـــه ..

          ظلت مريم جامده في مكانها .. وما بان عليها أي تأثر .. وما نطقت بأي حرف .. وهذا اللي خلى ساره اتقول ..
          ساره : يا الله عاد .. الدنيا ما تستوى الزعل ... ارجعي مثل ما كنتي .. ارجعي مريم اللي الضحكه ما اتفارقها لحظه ..

          ما علقت مريم على كلامها وظلت صامته .. وعشان جذيه تابعت ساره بخبث وكأنها اتحاول تنطق مريم بالغصب :
          ساره : لا اتحبكينها وايد .. شو اللي صار عشان هذا كله ... اللي صارلج شي عادي .. ممكن أي وحده اتمر بنفس ظروفج و ..

          وفجأه... اصرخت مريم وكأنها اطلع جبال من القهر من داخلها وقالت :
          مريم : اتسمين اللي صارلي عادي .. اتسمين طلاقي واهانة كرامتي وتحطيم نفسيتي عادي .. انتي لو مريت لحظه وحده باللي مريت فيه شان ما قلتي ها الكلام ... انا قاعده اشوف الشفقه بعيون كل اللي حولي .. واسمعهم ايقولون : مسكينه اللي ايعنيها على ما ابتلت ...
          واحس عمري منبوذه من كل الناس بدون ذنب سويته ...

          نزلت ساره عيونها للارض وقالت بهدوء بعد ما اتفاجأت بثورة مريم المفاجاه :
          ساره : يا مريم انتي حساسه شوي .. احنا كلنا انحبج ... وكلنا واقفين معاج و ..
          قاطعتها مريم بانفعال وجسمها يرتعش :
          مريم : واقفين معاي ؟! اتحبوني ؟! .. هذا كلام بس ..
          فتحت ساره عينها وهيه مستغربه ..
          ساره : انتي ليش تقولين جذيه .. احنا فعلا انحبج .. والله انا انحبج..

          سكتت مريم.. وما علقت .. لكنها وبلحظة خاطفه انفجرت بموجه حاره من الصياح وهيه اتقول ..
          مريم : ها الكلام سمعته من كلا اربيعاتي في البدايه .. قالولي ما عليج ... واحنا معاج وما بنتركج ابدا .. والحينه...و بعد اسبوعين من طلاقي .. مافي ولا وحده فكرت تتصل فيني ... اتصدقين اني دريت ان امهاتهم منعوهم من ها الشي بالقوه لاني مطلقه ..

          حركت ساره ايدها وكأنها ما مصدقه :
          ساره : لها الدرجه ؟!
          وبألم قالت مريم :
          مريم : واكثر يا ساره ... صدقيني أكثر .. نظرة المجتمع للمطلقه وايد فظيعه ... يمكن تسمعينهم ايواسونج ويتعاطفون معاج .. لكن من داخلهم ينفرون منج ويتحاشونج ..

          سكتت ساره لحظات والتأثر واضح عليها وقالت :
          ساره : طيب والحل ... تبين تستسملين للواقع واتعيشين حياتج تعيسه ..

          جاوبتها مريم بيأس :
          مريم : ما ادري .. صدقيني يا ساره ما ادري ..

          قالت ساره بانفعال :
          ساره : لا يا مريم ... لازم تتكيفين مع الواقع بكل ما فيه من آلام .. واتحاولين تنسين و ...
          قاطعتها مريم بعنف :
          مريم : حاولت واااايد وفشلت ..
          ردت عليها ساره بهدوء .
          ساره : هذا لانج عايشه بفراغ .. وكلما زاد وقت الفراغ زاد التفكير .. وكلما فكرتي اكثر اتركمت الهموم والاحزان عليج اكثر ...

          هدت مريم شوي بعد ما مسحت دموعها وقالت :
          مريم : وشو تبيني اسوي .. انتي تدرين اني ما اشتغل .. ولا محصله شي اسويه و .

          قاطعتها ساره وقالت :
          ساره : ممكن تقضين وقتج باي شي .. . اممم ... مثلا .. سجلي بمعهد تدرسين فيه لغه ... او شاركي بأي نشاط ثقافي .. او ...

          سكتت ساره بعد كلمة ( لو ) الاخيره وهذ اللي خلى مريم تسألها باهتمام :
          مريم : أو شوه ..
          ظلت ساره اتفكر لحظات قبل لا تقول :
          ساره : سمعيني يا مريم ... انا عارفه زينه انج شاله هموم كبيره على قلبج .. هموم كابسه على صدرج مثل الجبال .. وبالتالي فانتي محتاجه لتفريغ كبيره لها المشاعر .. وبنفس الوقت اتسلين نفسج ..

          بدا الاستغراب واضح على مريم وهيه اتقول :
          مريم : ما فهمت ... شو تبيني اسوي ..
          جاوبتها ساره بهدوء :
          ساره : اشتركي بخدمة.. الانترنت ...
          وبدهشه قالت مريم :
          مريم : الانترنت ؟!
          ردت ساره بابتسامه :
          ساره : هيه الانترنت .. ولا تخافين ترا الفواتير رخصوها وصارلت الحينه ( ستة دراهم في الساعه )(( سنة 97 ((..
          سكتت مريم لحظات وقالت :
          مريم : هيه بس ... شو بستفيد اذا دخلت موقع او موقعين او حتى عشره في اليوم و ..

          قاطعتها ساره وهيه اتقول :
          ساره : انا ما قلت تدخلين موقع ولا عشره .. ادخلي موقع واحد بس ..
          اتساءلت مريم : موقع مثل شوه ..
          وبصوت واطي قالت ساره :
          ساره : موقع المحادثه بالرسايل ( الشات (
          بدا الغضب واضح على مريم وهيه اتقول :
          مريم : الشات .. مب هالموقع اللي يتحاور فيه الناس ... شباب كانوا او بنات .
          جاوبت ساره :
          ساره : هيه ..
          رفعت مريم صوتها وقالت :
          مريم : انتي شو اتقولين يا مريم .. تبيني ادخل شات واختلط مع شباب واتكلم معاهم بعد ...
          ابتسمت ساره وقالت :
          مريم : اول شي محد بيعرفج .. وبعدين انتي مب مجبوره انج اتكلمينهم .. ممكن اتردين عليهم بكلمات بسيطه .. او حتى ماتردين نهائيا ..
          تساءلت مريم :
          مريم : عيل... شو بستفيد من دشتي الشات ..
          قالت ساره بهدوء :
          ساره : بتكتبين كل اللي بخاطرج ... واتفرغين فيه كل آلامج .. من خلال كتابة شعر او نثر اتعبرين فيه عن احساسج .. وبنفس الوقت بتتسلين و تضحكين من خلال تعليقات الزوار .. و..
          قاطعتها مريم :
          مريم : بس انا رافضه ها الفكره من الاساس ..كيف تبيني اعيش بواقع خيالي مع ناس فاضيه ما يربطني فيهم الا كلمات تنرسم على الشاشه ..

          ابتسمت ساره وقالت :
          ساره : مؤقتا يامريم مؤقتا ... صدقيني هذا هو الحل الوحيد المتوفر حاليا .. واول ما تشتغلين انشا الله .. جابلي شغلج وودري النت ..
          سكتت مريم لحظات وهيه اتفكر :
          مريم : بس اخاف ادمن النت !
          ضحكت ساره وهيه اتقول :
          ساره : لازم تتحكمين بنفسج واتكون ارادتج قويه .. عشان ما تغرقين في بحوره ..
          ظلت مريم لحظات وهيه اتفكر .. وبعدها قالت :
          مريم : ما عليه .. بجرب ..على الاقل ارتاح شويه من الافكار السوداء اللي اطاردني كل ثانيه ..

          طلعت ساره من حقيبتها ورقه صغيره وقالت :
          ساره : عيل خلينا نبدا من الحين .... قومي افتحي كمبيوترج وبسلفج مؤقتا الباسوورد مالي ليما تشتركين بالخدمه ...

          قامت مريم وشغلت الكمبيوتر اللي ما كانت تستخدمه الا في دروسها الجامعيه ...
          وبعدا ما اشتغل الكمبيوتر... مسكت ساره الماوس .. وفتحت برنامج الاتصال بعد تعريفه... ودخلت الباسوود .. وبدا الاتصال .. وبعد ثواني بسيطه اشتبك الكمبيوتر بشبكة المعلومات الدوليه ... وبدت ساره اتعلم مريم اصول استخدام النت .. وطريقة التخاطب باستخدام التراسل الفوري او شبه الفوري ( الشات )

          وبعد ما اتقنت مريم اغلب القواعد ... بدت في الابحار في ها العالم اللامتناهي ... وبعد ايام قليله .. ما كانت مريم اتفارق النت ابدا .. الصبح والظهر والعصر وطول الليل.. وتتضايق وايد اذا قامت دقايق قليله للاكل او حتى لقضاء حاجه ...
          صار النت عالمها الحقيقي ... واهلها ما اعترضوا على ها الشي دام انها كافيه خيرها شرها .. ولان نفسيتها صارت احسن ..
          كانت دايما تفتح على صفحة ( الحوار العام ) في احد غرف الشات المعروفه .. واتقول كل اللي في خاطرها .. واتفرغ كل همومها على شكل ابيات شعريه او نثريه او حتى هلوسة كلام .. المهم انها اتفضفض .. وما كانت اترد في ) الحوار العام ) على الشباب ولا حتى البنات الموجودات..... وتكتفي بشوفة تعليقاتهم ... وكانت تتجاهل التجاوزات الاخلاقيه من بعض الشباب اللي يدخلون عليها في غرفة) الحوار الخاص ) .. وماكانت اترد عليهم ابدا لانها عارفه زين ان هدفهم الاكبر هو تصيد البنات ...

          وفي مره من المرات وبينما كانت تكتب شعر ونثر في ( الحوار العام ) دخل واحد من شباب النت السيئين.. وكان يفوح من كلامه قلة الادب والتفاهه ... وكان يتكلم بكل سفاهه ويهاجم الزوار واحد وراء الثاني ... ليما شاف الاسم الرمزي ( النك نيم ) لمريم .. وحاول يتحرش فيها .. لحظتها قال كلام عفوي ناتج عن سوء تربيته .. لكنه ما كان يدري تأثير ها الكلام على مريم ....
          لانه قال : انتي بنت مو متربيه ومحد يباج والكل يعرف عنج انج خايسه ومحد يطيق ايشوف ويهج و .

          هالكلام... ممكن يكون مألوف بالنسبه للبنات اللي يدخلون هالمواقع .. واي بنت عاديه في مكانها كانت ممكن تتجاهله او ترد عليه بهدوء او تشتمه على قد شتيمته ..
          لكن بالنسبه لمريم كان الموقف مختلف .. لان كلماته اخترقت اعماقها وكأنه واقف جدامها . واتذكرت الايام المره مع راشد واتخيلت ها الشاب التافه هوه راشد بعينه .. راشد اللي ظلمها وحطمها ودمر مستقبلها.. و على طول ردت عليه بشكل هستيري عنيف .. وكأنها تبى اتبري نفسها من ذنب طلاقها جدام الناس الموجودين وهيه في الاساس بريئه .. وقامت اطرش رساله وراء رساله على ( العام ) وكتبت فيها..
          مريم : احلف احلف اني بنت خايسه ... اذا انته ريال احلف اني بنت خايسه ومو متربيه ...

          والولد يتجاهل رسايلها .. وهيه تكررها على العام في كل دقيقه ... وتصرفها هذا كان لا ارادي نابع من ألم دفين انفجر في اعماقها ... ألم ما يحس فيه الا المطلقه وحدها .. وحدها دون غيرها .. واللي ايده بالماي مو مثل اللي ايده بالنار ..

          وبنفس ها الوقــــــــــــــت ....
          وفي بيت ثاني موجود في منطقة ( الصاروج ) اللي تبعد عن المكان اللي تسكن فيه مريم ( القطاره ) بحوالي ( 15 ) كيلومتر في الجهه الشرقيه من مدينة العين ...
          في هاك البيت... كان عادل فاتح الكمبيوتر على نفس ها الصفحه وعلى الحوار العام .. وكان يراقب الردود اول باول .. وبعد ثواني دخل عليه اخوه خالد وهوه يقول :
          خالد : هلا عدول اشحالك ..
          التفت عادل لخالد وقال :
          عادل : هلا خالد .
          اقترب خالد من عادل وقال :
          خالد : ما شي .. قاعد على الشات اسولف مع الشله . ..
          رد خالد بانفعال :
          خالد : والله قاعدين اتضيعون وقتكم على اشياء فاضيه ما منها ادنى فايده ..
          نزل عادل راسه وقال :
          عادل : شو انسوي... قاعدين نتسلى ونقضي وقت فراغنا .
          قال خالد بحماس :
          خالد : اقضوا وقتكم باشياء تنفعكم ...
          ابتسم عادل وقال :
          عادل : بنفكر باقتراحك مستقبلا ..
          وبابتسامه مماثله قال خالد :
          خالد : ما اعتقد ..... المهم ... انا ساير برع .. عندي شغله وبخلصها ..
          جاوبه عادل بسرعه :
          عادل : فمان الله ..
          قبل لا يتحرك خالد .. القى نظره خاطفه على الشاشه .. ولاحظ عليها تكرر اسم بعينه اكثر من مره في صفحة الموقع.. وكان ها الاسم هو الاسم الرمزي ( نك ) لمريم فقال وهوه ايأشر على الاسم :
          خالد : آآ عادل ليش ها الاسم يتكرر وايد وشو معناه ؟!
          التفت عادل صوب خالد .. قبل لايلتفت مره ثانيه على الاسم وقال :
          عادل : هالاسم الرمزي ( آلام _ الواقع ) اسم رمزي لبنيه .. وانا عرفت ها الشي من كتاباتها .. وهيه تدخل النت اربع وعشرين ساعه ..و
          قاطعه خالد وهوه يكرر نفس السؤال :
          عادل : ليش الاسم يتكرر وايد على الشاشه ..
          قال عادل بهدوء : ها البنيه بالذات ما الها خص بحد .. كل اللي اتسويه انها اتحط اشعار ونثر وكلام حزن وغم وهم .. ولا ترد على حد .. وكأنها وحده متعقده ... بس اليوم في واحد استفزها وشتمها قبل شوي .. ولهذا ردت عليه بكل قوه ..
          سكت خالد لحظات وهوه يفكر وقال :
          خالد : وكل وحده تنشتم هنيه اترد بنفس الاسلوب العنيف ..
          حركت عادل راسه باشارة النفي وقال :
          عادل : لا ... في العاده البنيه تتجاهل ها الشي .. او ترد على قد الشتمه .. بس هذي اول مره اشوف بنت اترد بها العنف .. وانا بصراحه مستغرب منها .. لاني ومن خلال ملاحظتي لكتاباتها عمري ما شفتها اترد بها الطريقه... او حتى اترد اصلا ... .
          اتساءل خالد :
          خالد : انته قلتلي انها تدخل النت فتره طويله .. واكيد متعوده ومستعده لتقبل أي كلام مهما كان جارح ..
          جاوبه راشد وهو ايهز كتفه :
          عادل : المفروض جذيه ...

          سكت خالد فتره طويله وهو يفكر .. ويفكر..
          وفجأه .. شعر خالد بألم يخترق قلبه ... ألم ما حس فيه بسابق حياته .. وما عرف شو مصدره .. ولا طبيعته ... شعر كأنه يشارك انسان ثاني آلامه ... اتخيل وكأن الاحساس اتجاوز الحدود... وانطلق يخترق كل العوائق ليصل في النهايه لقلب انسان ثاني .. انسان ما يعرف هويته ولا يدري بمكانه ....
          وفي النهايه قال خالد بعد ما اتجاهل آلامه :
          خالد : شو اللي يخلي هالبنت اترد بكل ها الحماس والصدق والعفويه ... وكأن كلام ها الولد الفاسق.... فجر بركان خامد من الالم داخلها ...وبنفس الوقت تدخل النت طول اليوم ... ومختاره اسم ( الم _ الواقع ) .. الا اذا كانت ...
          حرك عادل ايده وهو يتساءل :
          عادل : الا اذا شوووه ؟!
          ما جاوبه خالد .. وظل يفكر . وفي الاخير قال له :
          خالد : آآ .. عدول .. خوز شوي ...
          تساءل عادل :
          عادل : ليش ؟!
          رد عليه خالد بسرعه :
          خالد : انته خوز وبعدين بخبرك ..
          قام عادل من الكرسي .. وحل محله خالد .. واول ما اعتدل على الكرسي قال :
          خالد : عدول .. ما اقدر اطرشلها رساله بدون ما يشوفها كل الموجودين ..
          استغرب عادل من سؤاله وقال :
          عادل : هيه اكيد .. تقدر اطرش رساله على ( الحوار الخاص ) .. وكل اللي بتسويه انك تضغط على الـ ( نك ) مالها.. واول ما اتشوفه طلع على مربع الكتابه .. اكتب الرساله اللي تباها وبتوصل رساله خاصه لها و..

          نفذ خالد كل اللي قاله عادل بسرعه .. ولهذا قاله عادل :
          عادل : لا تعب نفسك مع ها البنيه بالذات... ما ترد على حـد ابدا ... مستحيل اترد ..و..

          اتجاهل خالد كلامه وكتب الرساله بسرعه وطرشها وكتب فيها..
          خالد : ممكن أسألج سؤال واحد بس ؟!

          بعد ثواني وصلت الرساله لمريم اللي ما زالت بقمة انفعالها بسبب هذاك الشخص اللي مس وتر حساس باعماقها .. واول ما شافت الرساله فكرت تتجاهلها .. لكن.. وبدون سبب.. غلبها الفضول .. ولاول مره منذ دخول مريم هذا الموقع اترد على رساله خاصه وكتبت بمنتهى الاختصار..
          مريم : سؤال شو ..

          رد عليها خالد بكل ثقه بعد ما اتلقى الرساله مباشرة وكتب ..
          خالد : انتي قاعده تتألمين لانج مطلقه .. صح ..

          هزت المفاجأة كيان مريم .. وحست برعشه في كل اطراف جسمها ..واتساءلت .. كيف عرف اني مطلقه .. كيف قدر يخترق حاجز الزمان والمكان ويوصل لاعماقي... ويكتشف حقيقتي .. وكل اللي شافه مني مجرد كلمات تتسطر على الشاشة ..

          زادت ربكتها وحاولت اترد عليه وتسأله .. لكنها حست برعشه في جسمها .. واول ما ضبطت نفسها .. فاجأها انقطاع خط الاتصال بالنت .. وحاولت اتعيد الاتصال .. لكن .. طلعلها اطاراحمر يفيد بوجود اخطاء كبيره في برنامج التشغيل ..
          وهذا معناه انها لازم تعيد تشغيل الكمبيوتر عشان تقدر تتصل مره ثانيه ..
          واتذكرت مريم ان كمبيوترها وايد بطىء ..
          واتساءلت في خاطرها .. هل ينتظرها هذاك الشخص المجهول ليما ترجع مره ثانيه وتتمكن من الاتصال بالنت مره ثانيه ....
          ويجاوبها عن سؤال.... يتردد صداه في اعماقها ..
          كيف اخترق احشائها.. واكتشف آلامها...[/align]

          تعليق


          • #6
            [align=center]
            الجزء الثالث ..

            بعد ما أرسل خالد رسالته الاخيره .. انتظر لحظات وهو يتريا الرد .. وطال انتظاره .. ولما يأس من الرد قال لاخوه عادل :
            خالد : شو السالفه ليش ما ترد..
            قال عادل بهدوء :
            عادل : انا قلتلك من قبل.... هذي ما ترد على حد ..
            التفت خالد تجاه عادل وقال :
            خالد : بس هيه ردت قبل شوي ..
            حرك عادل كتفه باشارة التعجب وقال :
            عادل : ما ادري ... يمكن طرشتلك رساله بالغلط ..
            سكت خالد شويه وبعدها قال :
            خالد : انا بطرشلها رساله ثانيه .. يمكن الرساله الاولى ما وصلت لأي سبب من الاسباب ..

            وبسرعه كبيره كتب خالد رساله جديده وضغط زر الارسال .. وعلى طول طلعت على الشاشه نافذة اتقوله ان المستخدم الآخر غير موجود ...
            ولهذا التفت خالد لعادل وقال :
            خالد : شو السالفه .. وين سارت ..
            رد عادل بهدوء :
            عادل : يمكن اطلعت من الموقع نهائيا .. بعد مازعلت من كلام هذاك الولد ..

            حس خالد باحباط و لهذا صمت فتره .. لكن عادل تابع كلامه وقال :
            عادل : او يمكن... انقطع عنها النت .. او صار عندها خطأ في البرنامج خلى الموقع يسكر ..
            اتساءل خالد بلهفه :
            خالد : واشكثر يبالها عشان ترجع ..
            جاوبه عادل :
            عادل : على حسب ... يعني بالكثير دقايق معدوده ..هذا.. اذا حبت اصلا ترجع.
            سأله خالد مره ثانيه :
            خالد : والحين شو اسوي ..
            حرك عادل ايده وقال :
            عادل : لازم اتخلي الـ ( نك ) مالك على ( الحوار العام ) دايمـــا ، عشان لما ترجع اتشوفه وترسلك رساله ..

            نفذ خالد كلام عادل مباشره .. وكتب كلمة ( وينك ) وضغط زر الارسال .. وقام يكرر العملية كل دقيقه تقريبا وينتظر...واثناء ما كان ينتظر .. رفع عادل ايده اليسرى واطالع الساعه وقال :
            عادل : عن اذنك خلود... انا رايح
            التفتله خالد وقال :
            خالد : وين بتسير
            جاوبه عادل :
            عادل : بعد شويه بيمرون ربعي علي .. وينسير سينما العين .. وينشوف العرض الاول لفلم عن السفينه البريطانيه ( تايتنك )
            اتساءل خالد : مب هذي... هيه السفينه العملاقه اللي غرقت في ( 15 / 4 / 1912 ) لما اصطدمت بجبل جليدي .
            جاوبه عادل :
            عادل : هيه بالضبط ..

            استغرب خالد وقال :
            خالد : بس ها الفلم على ما اذكر ..مسوينه عدة مرات في امريكا ... شو اليديد ها المره .
            ابتسم عادل وقال :
            عادل : ها المره غير .. اسلوب جديد وفكر جديد في تصوير وعرض الفلم ... ومخرج ها الفلم ها المره هو المخرج العالمي ( جيمس كاميرون ) اللي ابدع في تصوير المشاهد واعطى صوره دقيقه وحية للاحداث .. واختار ممثلين غير مشهورين لاعطاء الفلم اكثر مصداقيه مثل الممثل ( ليوناردو ديكابريو ) والممثله ( كيت وينسلت ) والفلم اتكلف اكثر من ( 200 مليون دولار ) واستخدم فيه احدث تقنيات الصوت والصوره في العالم .... وكل ربعي اللي شافوا الفلم في دبي قالوا عنه انه رهيب ...
            اتساءل خالد :
            خالد : وليش ها الضجه الاعلاميه على ها السفينه بالذات؟!
            فكر عادل في الاجابه وقال :
            عادل : اعتقد عشان حجمها الكبير بحيث انها كانت اكبر بمئة مره عن اكبر سفينه في ذاك الوقت .. او يمكن بسبب عدد ا لناس اللي ماتوا فيها واللي قدروا بألف وخمسمية شخص ..و ..
            قاطعه خالد وقال :
            خالد : بس العالم مر بكوارث اكبر بكثير من كارثه ها السفينه ، ومع هذا ما سمعنا عنها ولا حد اهتم فيها الناس اهتمامهم بها السفينه ..
            احتار عادل من كلام خالد وسأله :
            عادل : عيل... وبرايك .... شو سبب الاهتمام الكبير بها السفينه بالذات ؟؟
            حرك خالد ايده وقال :
            خالد : اذا تبى رايي .. ومثل ما اعتقد ... لان صاحب السفينه ( يهودي الاصل ) كون امه يهوديه.. وانته اتعرف انهم مسيطرين على زمام الاعلام في ( هوليوود ) .. ودايما يصورون انفسهم مظلومين ومنكوبين وناس شرفاء ..

            هز عادل راسه وقال :
            عادل : والله يمكن ..... المهم خالد... بخليك الحين .. واذا تبى شي اتصلي تلفون .. باااااي ..
            رد عليه خالد بهدوء :
            خالد : مع السلامه ..
            التفت خالد مره ثانيه جهة الشاشه .. واتفاجأ بوجود اكثر من رساله خاصه .. وبدون ما يرد عليها .. والظاهر انه انشغل بحديثه مع عادل ونسى يطالع الشاشه .. وكانت كل الرسائل مكتوب فيها نفس الجمله ...الجمله اللي كتبتها مريم وكتبت فيها :
            مريم : كيف عرفت...
            وبسرعه كبيره كتب خالد وكتب :
            خالد : من خلال اسلوبج .. وانفعالج الغير طبيعي .. والنك اللي داخله فيه ( آلام_ الواقع ) ... وقبل هذا كلــه ... احساس ..
            ردت عليه مريم وكأنها ما قرت من كلامه الا الكلمه الاخيره وكتبت :
            مريم : احســاس ..
            ومباشرة كتب الها خالد :
            خالد : هيه احساس .. وفي بعض الاحيان.... الاحساس يسبق العقل ...
            وبانفعال كتبت مريم :
            مريم : انته ريال .... مستحيل اتكون ريال ... انته اكيد بنيه ...
            استغرب خالد من كلامها وظل فتره ايفكر .. وفي النهايه كتب لها :
            خالد : والله اني ريال ... وبعدين انتي ما شفتي اسمي الرمزي ( النك ) اللي هوه ( ألم _ الامارات ) .. يعني اكيد بكون ولد ... لكن .. شو اللي خلاج اتظنين اني بنيه ..
            ردت مريم مباشره :
            مريم : لانك قلت احســاس ... والرياييل ما عندهم احساس .. الرياييل وحوش .. وما تلقى منهم الحرمة الا كل مذله ومهانه ...
            وبانفعال متزايد كتب خالد :
            خالد : يا اختي ... الرياييل ... مب كلهم واحد .. اتلاقين فيهم الزين والشين .. حالهم حال الحريم ..و.
            كتبت مريم بانفعال اكبر :
            مريم : انته اتقول جيه لانك ريال ولازم تدافع عنهم ..

            وبحركه سريعه من انامل خالد كتب :
            خالد : صدقيني يا اختي .. انا ما ادافع عنهم .. انا قاعد انقلج الواقع بصدق ...
            صحيح انج مريتي بتجربه قاسيه مع ريال ما عرف قدرج ... لكن هذا... ما يعطيج الحق اتعممين تصرفاته على كل الرياييل ..
            استغربت مريم من كلامه وكتبت :
            مريم : وشو دراك اني ريلي كان سيء ... ليش ما يكون العيب فيني ... وانا قاعده ابرىء نفسي .
            ابتسم خالد وكتب :
            خالد : اتصدقين لو قلتلج ما ادري ... ما ادري ليش ... حاس انج وايد اتعذبتي وانظلمتي مع ريال ظالم جائر ... ما عرف قيمة الدره اللي معاه ..
            حست مريم باضطراب في مشاعرها مع كلامه الاخير.. وهمت انها اتجاوبه باي شي ، لولا ان امها نادتها من خارج الغرفه وقالت :
            ام مريم : مريم ...تعالي بسرعه اباج الحينه ..
            ارتبكت مريم وردت على امها بسرعه وقالت :
            مريم : لحظه ... دقيقه بس .
            وبعدها كتبت رساله باصابع مرتجفه لدرجة ان الاخطاء الاملائيه اكثرت عندها وكتبت :
            مريم : آآآ الم الامارات .. اميه تباني بسرعه ..
            وبارتباك اكثر كتب خالد .
            خالد : وكيف بلتقي معاج بعدين ..
            كتبت له بارتباك اكبر :
            مريم : ما ادري ... ولا قولك ... خذ ( الايميل ) مالي .. وضيفني عندك على الماسنجر ..
            وبسرعه خارقه رد خالد :
            خالد : الماسنجر ... شو الماسنجر .. انا ما اعرف شي بالنت ..
            وقفت مريم في مكانها وكتبت له الكلمات الاخيره قبل لا اتسكر النت :
            مريم : انته اكتب ها الايميل ... وبعدين دور حد ايخبرك عن الماسنجر ... ياالله مع السلامه ...
            التفت خالد لليمين والشمال وهوه يدورعلى قلم وورقه .. وحصل قلم وورقه صغيره موجود على الطاوله المقابله .. وعلى طول اتناولها وكتب الحروف الموجوده على الشاشه .. وبعدا ما خلص ارسل رساله كتب فيها : مع السلامه .. ولكن .. طلعتله نافذه اتخبره بان المستخدم غير موجود حاليا ...

            وبعدها رفع سماعة التلفون واتصل برقم اخوه عادل وقال :
            خالد : هلا عدول... وينك ..
            رد عليه عادل :
            عادل : اهلين .. الحين مره بدخل السينما ..
            ساله خالد :
            خالد : عدول .. شو يعني الماسنجر ..
            استغرب عادل من سؤاله وقال :
            عادل : الماسنجر برنامج تراسل فوري غير مرتبط بموقع ... يعني يعتبر من الوسائط المتعدده وهو مرتبط اساسا بخدمة البريد الالكتروني اللي اتقدمها شركة ميكروسوفت مجانا لخدمة المشتركين و..
            قاطعه خالد وقال :
            خالد : انا ما عليه من هالتفاصيل .. انته اتعرف اتشغله .
            جاوبه عادل :
            عادل : طبعا .. انا دايمن اشتغل عليه .. بس ليش ..
            سكت خالد فتره وبعدها جاوب بهدوء :
            خالد : عندي الايميل مال هاييك البنيه .. انا اشتبكت معاها مره ثانيه .. وما قدرت اتكمل وعطتني ايميل مالها وقالت ضيفني عندك ..
            ضحك عادل وقال :
            عادل : بل بل عليك .. من اول مره .. عطتك ايميلها ... انته اللي تنحنا واتقول لا اتضيعون وقتكم باشياء تافهه .. الحين قمت اتشيت مع بنات .. وعلى الماسنجر بعد ..
            حس خالد بضيق من عادل وكأنه ما يرضى على مريم اعتبارها مجرد بنت على النت وقال بانفعال وعصبيه :
            خالد : بس خلاص لا تحشرنا .. يوم بترجع بنتفاهم .. يا الله باي ...
            استغرب عادل من عصبية خالد لكنه قال :
            عادل : مع السلامه ..

            **************
            طول الليل ظلت مريم اتفكر وأتأنب نفسها على اللي صار ... كيف سمحت لنفسها وعطت شاب غريب عنها ايميلها وطلبت منه ايضيفها ... هذا مب من اخلاقها ولا تربيتها.. كيف فكرت اصلا اتراسل شاب وهي معتبره كل الشباب مجرمين او حتى سفاحين بسسب قساوة التجربه اللي مرت فيها ...
            ظلت تسأل نفسها طول الليل ... كيف ... ... لكن .. وبنفس الوقت... كانت حاسه برابط خفي يشدها بقوه لها الشخص بالتحديد .. ليش .. ما تدري ..

            وبنفس الوقت... كان خالد ايفكر بنفس هالتفكير ... كيف رضى على نفسه انه يكلم بنت غريبه ولو عن طريق الشات .. لا اخلاقه ولا تربيته ولا مبادئه ولا سلوكه يسمحوله بها الشي .. ولكن .. حتى خالد ... كان حاس بأغلال غليظه اتشده بعنف نحو ها الانسانه بالتحديد ... ليش ... ما يدري .

            ***************

            في اليوم الثاني .. وقريب الساعه ثنتين الظهر ... كان خالد وعادل قاعدين مع بعض بمواجهة الكمبيوتر .. وعادل قاعد ايضيف ايميل مريم لمفضلته .... واول ما انتهى من هالعمل قال :
            عادل : خلاص تم اضافتها يا بوالوليد ..
            ساله خالد :
            خالد : يعني اقدر اراسلها الحينه ..
            هز عادل راسه باشارة النفي وقال :
            عادل : لا .. لانها مب ظاهر على الماسنجر بوضع الاتصال.. يعني يمكن مسكره النت او ما فاتحه البرنامج .
            اتساءل خالد مره ثانيه :
            خالد : وكيف اعرف انها متصله او فاتحه الماسنجر .
            جاوبه عادل :
            عادل : بتحصل علامه خضراء بجانب اسمها الرمزي ..او ايميلها اذا كانت متصله .. وعلامه حمراء اذا ما كانت متصله ..

            حرك خالد ايده وتساءل :
            خالد : والحين شو انسوي ..
            وبهدوءه المتعاد جاوب عادل :
            عادل : انخلي البرنامج مفتوح ليما تدخل النت وتفتحه ..

            ظهرت بوادر نفاذ الصبر على خالد وقال :
            خالد : بنصبر .. ما النا غير الصبر ..
            سكت خالد ثواني بعد كلامه الاخير .. وبعدها تابع وقال :
            خالد : الا قولي يا عادل ... الساعه كم .. طيارتك باجر..
            التفت عادل لخالد وقالت :
            عادل : الفجر الساعه اربعه تقريبا ..

            حرك خالد راسه باشارة الايجاب وقال :
            خالد : وكم ساعه تقريبا تاخذون من مطار دبي ليما توصلون امريكا ..
            سكت عادل ثواني للتفكير وقال :
            عادل : يعني حوالي عشرين ساعه .. لان الطياره تتوقف في مطار هيثرو في بريطانيا ..
            ساله خالد :
            خالد : ومتى بترد انشاالله من امريكا .
            جاوب عادل :
            عادل : بعد ست شهور انشا الله .. في عطلتهم اللي ايسمونها ( كريسمس )
            ابتسم خالد وقال :
            خالد : الله ايوفقك .. انا ادري ان دراسة الطيران المدني صعبه شوي و ..
            قاطعه عادل وهو يقول :
            عادل : البنيه فتحت الماسنجر .. واسمها الرمزي باين على الشاشه ..

            التفت خالد للشاشه واول ما شاف اسمها الرمزي مسك عادل من كتفه وسحبه وجلس مكانه وقال :
            خالد : عدول لو سمحت فارج الحينه .. واذا احتجتك بناديك ..
            قام عادل من مكانه وهو يبتسم :
            عادل : ما اعتقد بتحتاجني ..
            جاوبه خالد وهوه يحرك ايده باشارة الطرد وقال :
            خالد : عدوول مب وقته الحينه ..

            ابتسم عادل وهو يغادر الغرفه .. وبعدها التفت خالد للشاشه مره ثانيه وظل ايراقبها باهتمام .. وبعد ثواني انفتحت نافذه جدامه وهيه اتنبهه بوصول رساله من الطرق الثاني اللي هيه مريم وكانت اتقول :
            مريم : السلام عليكم ..
            رد عليه خالد بسرعه وكتب :
            خالد : وعليكم السلام والرحمة ..
            كتبت مريم باختصار :
            مريم : اشحالك..
            جاوبها خالد بحروف مكتوبه :
            خالد : بخير وعافيه اشحالج انتي ..
            وباختصار متكرر جاوبت مريم :
            مريم : تمام ..
            عند ها النقطه اتوقف الطرفين عن الكتابه لانهم.... وما عرفو كيف يبدون ... ولهذا اتجرأ خالد وكتب :
            خالد : بغيت اقولج .. اني طول الليل كنت افكر بالموقف اللي صارلي معاج امس .. وما قدرت اشيلج ابدا عن بالي ..
            بعد ما قرت مريم رسالته الفوريه ظلت اتفكر لحظات وكان خاطرها اتقوله انها تحمل نفس الشعور او حتى اكثر .. لكن حيائها منعها وقالت ..
            مريم : وليش اتفكر فيني ..
            ابتسم خالد بينه وبين نفسه وقال :
            خالد : اتصدقيني لو قلتلج ما ادري ... من امس وانا حاس برباط شديد يربطني فيج ... بدون ما اعرف هويته ولا طبيعته ..
            استغربت مريم من كلامه وحاولت اتغير الموضوع ولهذا قالت :
            مريم : ممكن اسألك سؤال ..
            رد عليها مباشرة وكتب :
            خالد : اتفضلي ..
            كتبت مريم :
            مريم : شو رايك باللي قاعدين انسويه .. ما تعتقد انه غلط .. بنيه قاعده اتكلم ولد على النت برسايل مباشره ..

            اتوقف خالد لحظات عن الكتابه وهو يفكر بجواب لسؤالها وفي النهايه كتب :
            خالد : بصراحه .. ما يجوز . او حتى حرام .. والعلماء ...ناقشوا ها المسأله وافتوى بعدم جواز ها لشي واعتبروه مثل رمسة التلفون . وقالوا ما يجوز البنت اتكلم الشاب باي وسيله من وسائل الاتصال سواء بالتلفون او النت .. لكنهم اجازوا بعض الحالات الخاصة بالنت مثل مناقشه بعض القضايا الاسلاميه والاجتماعيه في المنتديات او غيرها .. اما السوالف العاديه والضحك والتعارف وما شابه.. فهذا لايجوز اطلاقا ..

            استغربت مريم من كلامه وقالت :
            مريم : عيل ليش قاعد اتراسلني ..
            ابتسم خالد بينه وبين نفسه وكتب :
            خالد : بتصدقيني لو اقولج اني ما ادري ... وكل اللي اقدر اقوله ان مرات الواقع يفرض علينا امور احنا رافضينها من الاساس ..
            جاوبته باستغراب :
            مريم : الواقع ؟!
            رد عليها خالد بانفعال :
            خالد : هيه الواقع .. الواقع اللي خلقه النا الله تعالى .. وهو اللي قدر النا التعارف .. ومع انه في الاساس غير مشروع .. لكن يشفعلي في هذا ان هدفي نبيل وشريف ..

            وباستغراب متصاعد قالت مريم :
            مريم : هدفك نبيل ومشروع .. ما فهمت .. تقدر اتوضحلي اكثر ..

            اتوقف خالد فتره عن الكتابه وبعدها تابع :
            خالد : قبل لا اوضحلج ها الشي .. بغيتج اتجاوبيني على سؤالي ..
            اتساءلت مريم :
            مريم : أي سؤال ..
            تردد خالد قبل لا يكتب :
            خالد : اول شي بغيت اقولج .. اني متأكد تماما انج انظلمتي مع ريال ما عرف قدرج ولا قدر ايصونج ..
            تساءلت مريم بدهشه :
            مريم : للمره الثانيه اسالك ... شو دراك انه ظالم ..
            جاوبها خالد مباشرة :
            خالد : وللمره الثانيه اقول ..احساس ... الاحساس اللي استنكرتي وجوده عند الرياييل.... هو اللي قاعد الحينه.... يلهمني الحقيقه ..
            ظلت مريم لحظات وهيه اتفكر وبعده كتبت :
            مريم : انزين .. شو سؤالك ..
            رد عليها خالد :
            خالد : بغيت اسأل .. اذا ها الشي ما يضايقج ... عن ملابسات طلاقج ..

            حست مريم بألم يعتصر قلبها .. وكأنها ما كانت تتمنى حد يسألها ابدا عن ها الفتره المريره من حياها ومع هذا جاوبت :
            مريم : شو اقولك يا ....
            كتب خالد بسرعه ..
            خالد : خالد .. اسمي ... خالد ..

            تابعت مريم والدموع تنزل بالغصب من عينها :
            مريم : شو اقولك يا أخ خالد .. ابتليت بوحش كاسر .. ما عنده ذرة احساس ولا عواطف .. همه بس تلبية شهواته ...وانا عمري بحياتي ما شفت انسان بها البشاعه وبرودة الدم والتكبر .. عذبني وذلني ومسح كرامتي ... وكان يعتبرني مثل الجاريه عنده او حتى اقل .. وحتى لو كنت جاريه كان بيعاملني احسن .. كنت عنده مثل أي قطعة اثاث او أي شي يشتريه بفلوسه .. ومع اني بنت عمه ومن لحمه ودمه.... الا انه ما راعاني وطلقني وطردني مثل الكلبه الجرباء ... وانا الصراحه مستغربه وايد .. كيف ها الانسان النذل البشع ايكون عنده كل ها الثروه والخير .. كيف الله يرزق ها الانسان الوضيع والحقير والجبان كل ها الخير والثروه .. كيف .. كيف؟!

            ابتسم خالد وكتبلها :
            خالد : يا اختي ... في بعض الاحيان... ما تكون الثروه الخير نعمه على صاحبها .. وممكن تتحول لنقمة وعذاب وانتقام من الله ضد صاحبها الظالم والله تعالى ايقول في كتابه (( فلا تعجبك أموالهم ولا أولادهم إنما يريد الله ليعذبهــم بها في الحياة الدنيا وتزهق أنفسهم وهم كافرون )) صدق الله العظيم ..
            حست مريم براحه من كلامه وقالت :
            مريم : الحمدالله على كل حال ..
            كتبلها خالد :
            خالد : المهم الحين .. لازم تنسين الماضي وتفتحين صفحه يديده ومشرقه لمستقبل احسن انشا الله ..
            ابتسمت مريم وكتبت له :
            مريم : مستقبل .. أي مستقبل ينتظر وحده مطلقه مثلي ..
            رد عليها خالد بانفعال :
            خالد : وشو فيها المطلقه ..المطلقه انسانه حالها حال كل البشر .. وما ينقص من قدرها ابدا كونها مطلقه دام انها شريفه وعفيفه .. وبعدين.. أي انسانه بالعالم ممكن اتمر بنفس الظروف اذا الله تعالى كتبلها ذلك .
            ابتست مريم وكتبت ..
            مريم : هذا كلام بس .. اما الواقع .. يختلف تماما ..
            استغرب خالد وكتب :
            خالد : ليش اتقولين جذيه ..
            سالته مريم :
            مريم : انته مثلا .. وعلى ما اعتقد... شاب في مقتبل حياتك .. بترضى تربط نفسك بوحده مطلقه مثلا ..

            جاوبها خالد بصدق :
            خالد : اذا دخلت قلبي وكنت مقتنع فيها ... ليش لا .. ما يفرق عندي ابدا اذا كانت مطلقه او لا .. دام انها انسانه شريفه وعفيفه وحنونه ومن اصل طيب وكريم .
            ردت عليه مريم بانفعال وكتبت :
            مريم : هذا كلام اتقوله بس .. يعني كلام انشائي .. يعني في عالم الخيال لا غير .. اما في عالم الواقع فمن المستحيل تنفيذه ابدا .. صدقني مستحيل ابدا .

            اتوقف خالد لحظات وهو يفكر وبعدها تابع :
            خالد : لا .. مب كلام .. وباثبتلج بالفعـــل قبل الكلام صدق ما اقول ..
            وبدهشه عارمه كتبت :
            مريم : ما فهمت شو قصدج ..

            رد عليها خالد بكل جرأه و صدق :
            خالد : يعني انا مقتنع فيك ... وقلبي مرتاح لج .. وحاس انج الانسانه الانسب لي ....

            اتفاجأت مريم بالكلمات المسطره امامها على الشاشه ..وظل وقت طويل وهيه متردده تكتبله .. ولهذا كرر خالد نفس الرساله . وفي النهايه ردت وقالت :
            مريم : انته بوعيك .. كيف ترتبط بانسانه ما تعرفها ولا شفتها .. وكل اللي يوصلك منها مجرد كلمات تتسطر على الشاشه ..
            رد خالد :
            خالد : اتصدقين لو قلتلج ما ادري .. ومع هذا... ان حاس او حتى متأكد انج الوحيده اللي بتسعديني واللي بحاول بكل ما املك اسعادها ..
            وباستغراب متصاعد قالت :
            مريم : وشو دراك اني صادقه بالاساس .. انته عارف ان عالم النت وخصوصا الشات مليان كذب وكذب .. واللي ايدور الصدق فيه كأنه يدور نقطة ماي في بحر .. او حبة رمل في صحراء... واحتمال اكون كذابه واقص عليك في كل اللي قلته.
            رد عليها خالد بثقه :
            خالد : ادري ... ادري ان عالم النت وخصوصا الشات مليان بالكذب.. ومع هذا انا اعتبرج ... ذرة من صدق في عالم من الكذب ... صدقيني انا شاعر فيج وكأنج حقيقه واقعه جدامي ..

            فكرت مريم فتره بكلامه وبعدها تابعت :
            مريم : وانته مقتنع بالاساس من زواج النت ..
            جاوب خالد :
            خالد : تبين الصدق .. ما كنت مقتنع ولا زلت ما مقتنع .. بس ما ادري .. مرات الواقع يفرض علينا اشياء احنا رافضينها بالاساس ..
            ردت مريم بانفعال اكبر :
            مريم : وشو هالواقع اللي يفرض عليك ها الشي ..

            بكل صدق الدنيا رد عليها خالد :
            خالد : الواقع هوه ...... انتـــي ...

            حست مريم باضطراب متزايد بمشاعرها ...و شعرت وكأن القلب ينبض لاول مره بصدرها ... القلب اللي ما عرف الا طعم المراره والالم .. ولهذا قالت والاحلام بدت تتراءى بخيالها ..
            مريم : والله ماادري شو اقولك بس ..
            رد عليها خالد بانفعال :
            خالد : لا تقولين شي غير انج موافقه .. وصدقيني انا مقتنع تمام الاقتناع فيج .. ومتعلق فيج قبل لا اشوفج او حتى اسمع صوتج ...
            ترددت مريم قبل لاتقول :
            مريم : حتى لو وافقت على كلامك العجيب والغريب او المجنون حتى .. انته ما تعرف شي عني .. كيف بتتقدملي مثلا ... وانا مستحيل ابدا ابدا اعطيك رقمي واسم عيلتي ولا حتى اسمي .. اتأكد من ها الشي تماما ..
            سكت خالد لحظات وبدا يفكر وقال :
            خالد : اكيد بنحصل طريقه مناسبه .. ولا... اقولج ... بعطيج اقتراح مناسب اذا كان ها الشي ما يضايقج ..
            اتساءلت مريم : اتفضل ..
            جاوبها خالد :
            خالد : شو رايج تتصلين باختي ... انا بعطيج رقم تلفون هاتفها المتحرك .. وانتي تقدرين تتصلين من تلفون عمومي .
            جاوبت بانفعال :
            مريم : لا مستحيل انا استحي .. شو بتقول اختك عني ..
            رد عليها بهدوء :
            خالد : لا تخافين .. انا بخبر اختي بالموضوع قبل لا تتصلين .. وبترد عليج بكل ادب واحترام ...
            ردت عليه مريم :
            مريم : اسمحلي اخوي ما اقدر ..
            وبكلمات توسل ورجاء كتب خالد :
            خالد : الله ايخليج ..هذا الحل الوحيد .. لا تكسرين قلبي واتضيعين علينا الفرصه الاخيره ..
            استغربت مريم اكثر واكثر من توسله ورجائه وهو في الاساس ما يعرفها..
            ولهذا قالت :
            مريم : يستوي خير .. لكن في البدايه لازم افكر .. انا بعدني ما مقتنعه بفكرة الزواج ونفسي عايفه الرياييل خصوصا بعد التجربه المره اللي مريت فيها ..وبعدين انا ما متخيله اتزوج بها الطريقه ( زواج بالانترنت )
            جاوب خالد بحماس
            خالد : انا بعطيج مهله لين باجر عشان اتردين علي... وفي حال موافقتج .. ادخلي على الماسنجر وبلغيني .. وعكس ها الشي .. بيكون هذا آخر لقاء بينا .. وبتكونين سبب في عذابي مستقبلا .. ولهذا ارجوج انج اتفكرين زين... وفي كل الاحوال انا احترم رغبتج مهما كانت .. وواللي فيه الخير يقدمه ربج .. والحينه .. بترخص منج .. على أمل اني القاج باجر ..
            فكرت مريم لحظات وبعدها ردت :
            مريم : فمان الله وحفظه ..

            وسكرت مريم النت حتى بدون ما تتريا جواب آخر من خالد ، وهيه في قمة استغرابها ودهشتها ومامصدقه ابدا للي صار .. وظلت اتفكر .. واتفكر ..و
            والله اعلم ... وين هداها تفكيرها ...

            *********

            بعد ما انتهى خالد من محادثته الكتابيه مع مريم .. قام من على الكرسي واتحرك باتجاه الصاله في الدور العلوي ... وشاف الساعه المعلقه فيها واللي كانت تشير للساعه ثلاث الظهر .. ولمح اخوه عادل وهو واقف برع في البلكونه .. وعلى طول سار عند اخوه وقاله :
            خالد : شو فيك وافق برع عدول .
            جاوب عادل وهوه يطالع السماء :
            عادل : شوف يا خالد .. شوف هذيك الغيوم اللي يايه من صوب الشرق .. هذي باذن الله حامله معاها المطر مثل ما متعودنا كل سنه في مثل ها الوقت من السنه في شهر سبعه وثمانيه من الصيف بالتحديد ..
            ابتسم خالد وقال :
            خالد : هذي الظاهره ايعرفونها اهل العين زين... ففي صيف كل سنه وبالتحديد في شهر سبعه وثمانيه .. وخصوصا بعد الظهر نلمح الغيوم وهيه يايه من جهة الشرق يعني من صوب سلطنة عمان ... عكس الشتاء اللي الغيوم فيها اتيي من صوب الغرب يعني من صوب بوظبي .. والسبب معروف .. وهو تأثر المدينه بامتداد ( منخفض الهند الموسمي ) .. لان الرياح الموسميه اتأثر على سلطنة عمان ويمتد تأثيرها ليوصل للعين تحديدا وبعض انحاء الامارات في بعض الاحيان.

            رد عليه عادل بهدوء :
            عادل : صدقت .. والغيوم في العاده توصل بعد الظهر واتنزل حمولتها ليما تتلاشي جريب المغرب ..

            واثناء كلامهم .. بدأ المطر يهطل .. وهالمره بدأ يهطل بشده غير معهوده .. واستمر لمدة نص ساعه والمطر يتساقط بكل قوه وعنف .. وها الشي خلا عادل يتساءل :
            عادل : غريبه .. اول مره اشوف المطر يطيح بها القوه في الصيف ... صحيح ان المطر مرات يطيح بغزاره.. لكن مب لها الدرجه ..

            رفع خالد عينه للسماء وشاف الغيم وقال :
            خالد : السبب في ها السحاب اللي في السماء ، وها السحاب ايسمونه ( بالركام المزني ) ويتكون اساسا من تراكب طبقتين ... وحده حاره والثانيه بارده .. فيحصل تكاثف كبير ويطيح مطر غزير ... وها الحاله نادره في الصيف .
            قاطعه عادل وقال :
            عادل : ما فهمت .. وضحلي اكثر ..
            جاوبه خالد :
            خالد : افترض ان عندك ملعقه بارد .. وحطيتها على بخار ماي ساخن .. شو بيصير ..
            رد عادل بهدوء :
            عادل : اكيد بتنقط ماي وايد ..
            ابتسم خالد وقال :
            خالد : نفس الشي قاعد يصير في طبقات الجو العليا و ..

            قطعت كلامهم صوت اختهم روضه :
            روضه : شباب .. شو قاعدين اتسوون ..
            جاوبها عادل :
            عادل : ما شي قاعدين انطالع المطر ..
            قالت روضه بانفعال :
            روضه : شو رايكم نطلع نتمشى بالسياره برع شويه .. الجو وايد حلو .. وانا واختكم الثانيه مهرا ضايقين وايد من يلسة البيت ..وخاطرنا نطلع شوي.
            جاوبها عادل بحماس
            عادل : افا عليج .. ما طلبتي .. البسوا ثيابكم بسرعه وبنترياكم في السياره انا وخالد و ..
            قاطعه خالد :
            خالد : لا انا ما اقدر اسير و .
            عادل : بستير يعني بتسير .. ولا تبى اتخليني بوسط ثنتين بنات .. يحشروني ويصدعون براسي ..
            ابتسم خالد وقال :
            خالد : ما عليه ... عشان خاطرك ...بسير ..
            ضحك عادل :
            عادل : يا الله سرينا ...

            *****

            اتحركت السياره بعد ما احتل عادل مكان السايق وقعد خالد بالكرسي المقابل بينما قعدت روضه واختها مهرا في الكراسي الخلفيه …وكانت السياره اللي راكبينها من نوع لكزس ( LX470 ) ذات الدفع الرباعي ..

            واتحركت السياره في شوارع العين ..وكان الجو جميل بالفعل .. وظلوا ساكتين .. وماقطع هالصمت الا صوت روضه لحظة ما قالت :
            روضه : آآ شباب ... ليش ما انسير صوب الوديان .. اكيد الوديان الحينه تجري والناس متيمعين هناك ...

            التفت الها خالد وقال :
            خالد : توه المطر طايح .. وما اعتقد ان السيل وصل لمجرى الوادي الحينه .
            ردت عليه مهرا ها المره :
            مهرا : يا خالد .. المطر نزل بغزاره ساعه كامله .. وما اتوقف الا من دقايق ... يعني اكيد الوادي يجري الحينه .. وبعدين احنا مب خسرانين شي .تراها كشته ونزهه والوديان مب بعيده لها الدرجه ..
            جاوبها عادل ها المره وقال :
            عادل : بما اني مسافر باجر الفجر بابنات .. فما برفض الكم أي طلب اليوم .. انتوا آمروا بس ...

            وعلى طول لف عادل السياره واتحرك جهة وديان منطقة ( خطم الشكله ) .. واثناء ما كانت السياره تتحرك قالت روضه :
            روضه : آآ عادل .. لو سمحت .. حطلنا أي شريط اغاني ... عنبوه .. يالسين بصخه وكأنا بمأتم ..

            التفت خالد صوب روضه واطالعها بنظرات تشف عن عدم الرضا وقال :
            خالد : كم مره قايلج اني ما اسمع اغاني .. وكم مره قايلكم ان الاغاني حرام وما يجوز تسمعونها ..
            ردت عليه روضه ببرود :
            روضه : لا تحبكها وايد ... احنا طالعين نتمشى ونفرفش .. وما فيها شي لو سمعنا موسيقى هاديه او اغنيه حلوه اتغذي روحنا واتريح قلبنا ... وبعدين احنا بعدنا صغار مب شياب... ولازم نتمتع بشبابنا شوي ..

            سكت خالد وما جاوبها .. لانه يدري ان النقاش ما ينفع معها... وياما نصحها لكن بدون فايده لكنه قالها بمنتهى الحزم :
            خالد : شوفي ... ما بتسمعون اغاني وانا موجود ... فهمتي ..

            حركت روضه بوزها بضيق وعصبيه .. وهنيه ادخل عادل وقال :
            عادل : يا جماعه .. انا عندي حل وسط .. انتوا نسيتوا ان هالسياره يابها الوالد بطلب خاص من اليابان وان المواصفات اللي فيها غير موجوده في السيارات المتوفر في سوق الامارات ..
            اتساءلت روضه :
            روضه : وشو علاقة ها الشي بموضوعنا ؟؟
            ضحك عادل وقال :
            عادل : لو ركزت شوي .. بتلاحظين وجود مسجل خلفي في السياره .. وها المسجل فيه فتحتين... تقدرين ادخلين فيهم سماعات الراس ( الهيد فون ) وهذا معناه انكم تقدرن تسمعون اغاني بروحكم و بدون ما يدخل ( المطوع ) اخوكم ويمنعكم ..

            التفت خالد صوب عادل واطالعه بنظرات عصبيه .. لكنه ما علق وفضل السكوت .. ولحظتها طلع عادل سماعتين راس ( هيد فون ) وناول الاولى لمهرا والثانيه لروضه اللي ما صدقت تاخذها الا وهيه محطيه شريط في المسجل الخلفي .. وبدت تسمع هيه واختها ...

            التفت خالد صوبهم وشاف اخته روضه ومهرا وهم حاطات الهيد فون بأذونهم و يسمعون الاغنيه ويدندنون معاها بصوت خفيف ... وهوه من داخله يتألم لفعلهم هذا .. لكنه شو ايسوي... هذا هوه الواقع .. ولازم يتحمله بكل آلامه ... مرات الواقع.... يفرض على الانسان ما يرفضه تماما ..

            وبعد دقايق معدوده وصلت السياره لطرف الوادي وساعتها قال عادل :
            عادل : غريبه ما شي ناس ...
            التفت خالد صوبه وقال :
            خالد : هالشي طبيعي .. لان الوادي ما فيه قطرة ماي ... وبعدين ما اتشوف الغيوم الكثيفه اللي في السماء .. يعني احتمال ايطيح المطر باي وقت ..
            اتساءل عادل :
            عادل : وشوانسوي الحينه ..
            جاوبه خالد بانفعال :
            خالد : احسن شي نرجع .و
            صرخت روضه فجأه وقالت :
            روضه : لا ... شو نرجع .. احنا ما صدقنا طلعنا وتبانا نرجع .. عادل .. اخطف ها الوادي .. يمكن شي وديان بعده...

            نفذ عادل كلامها بسرعه وكأنه كان عازم على ها الخطوه من البدايه .. واتحرك ببطء شديد لان ارضيه الوادي كانت وايد وعره والحفر كانت منتشره في كل ارضيه الوادي .. واول ما وصل عادل لنص الوادي تقريبا وبلحظة خاطفه .. انهمر المطر بغزاره فظيعه من السماء وكانها خيوط تهبط من السماء .. وانحجبت الرؤيه تماما عن السايق وهذا اللي خلى عادل يوقف فجأه بنص الوادي .. ولحظتها قالت روضه :
            روضه : شو فيك وقفت ؟! ليش ما تتحرك ..
            جاوبها عادل بانفعال قوي :
            عادل : كيف اتحرك وانا ما اشوف شي .. اخاف اطيح بحفره او ادعم الصخر اللي على اطراف الوادي .و

            قبل لا يكمل عادل كلامه سمعوا اصوات اشياء ترتطم بسيارتهم بقوه واتحركها ولما التفتوا للجهة اليسرى .. شافوا ماي السيل يجري في الوداي بشدة ويضرب سيارتهم بكل قوه وعنف ويسحبهم باتجاه اعماق الوادي ..

            ولحظتها صرخت روضه صرخه عوده وتبعتها اختها مهرا .. وعادل كان يحاول ايلف السياره عكس اتجاه السيل .. عشان ما تنجرف السياره .. ويضغط على دواسة البترول بكل قوته .. ولكن .. مع ان ماكينة ومحرك اللكزس جباره وتعادل قوة ( 250 حصان ) .. الا انها ما قدرت تصمد امام قوة الطبيعه اللي خالقنها الرب .. وبدت المكينه تصرخ معلنه العجز عن مواجهة قوة السيل ...وبدت السياره تنجرف بوضعيه خطيره والامطار لازالت تنهمر بكل قوتها ..
            كل هذا وخالد كان صامت .. وكأنه ما مستوي شي .. ولما حس الجميع بشدة وخطورة الموقف بدت روضه تدعي ربها ولحقتها مهرا وشاركهم عادل نفس التصرف مع انه ماسك السكان ويصارع امواج السيل الثائر ..

            ورغم خطورة الموقف ابتسم خالد وقال :
            خالد : يا سبحان الله ... الحين قاعدين تدعون ربكم .. وانتوا قبل دقايق كنتوا تعصونه وتسمعون الاغاني ... يعني وقت الخطر والشده عرفتوه ووقت الفرج والراحه نسيتوه ..

            ردت عليه روضه والدموع بدت اتسيل من عينها :
            روضه : الحين مب وقته يا خالد .. اتصل باي حد .. شوفوا أي حد ينقذنا ..

            وبانفعال بلغ مداه قال عادل :
            عادل : ليما نتصل تلفون واييونا بنكون في خبر كان ..
            قاطعته روضه بصوت يائس :
            روضه : ما في أي حد على اطراف الوادي عشان ينقذونا ..
            قال عادل بيأس اكبر :
            عادل : حتى لو شي ناس .. محد بيخاطر بحياته وبيدخل بسيارته بها السيل الجارف .. واللي يفكر يدخل كانه يحكم على نفسه بالموت *** (( حدث ذلك حقيقة في السنه الماضيه عندما دخل احد افراد مدينة العين بسيارته لانقاذ عائله اماراتيه ولقي حتفه معهم(( ***

            صرخت روضه من قمة راسها والدموع اتغرق ويها بينما اختها جالسه وعيونها زايغه وما عارفه شو اتسوي والسياره تنجرف بسرعه اكبر وقالت :
            روضه : يعني شوه .. ما شي طريقه نطلع من هنيه و ..

            قبل لا تكمل كلامها حسوا بالماي يتسرب للسياره بعد ما ارتفع منسوب ماي الوادي .. وبدا الصريخ باعلى مستوياته وروضه تطلم خدها ومهرا تنتفض من الخوف والرعب ...
            ولحظتها ادخل خالد وقال :
            خالد : بس اسكتوا .. الصريخ مامنه فايده .. خلونا انفكر ...

            رد عليه عادل اللي ما اتحمل ها لموقف وبدت ادموعه في السيلان بسرعه اكبر من السيل نفسه .. وقال :
            عادل : شو تبانا انسوي يا خالد .. المطر من فوقنا والسيل محاصرنا من كل صوب .. صدقني ما شي امل .. ما شي امل ..
            سكت خالد فتره يفكر وقال :
            خالد : آآ عدول .. وين حبل ( القلص ) اللي بالسياره .. دلني على مكانه وانا بحاول اطلع من السياره و اربط الحبل باي صخره في قعر الوادي عشان ما تنجرف السياره ..
            فكره عادل ثواني وقال بيأس وحسره :
            عادل : الحبل موجود بالسياره الثانيه .. وانا اليوم الصبح نزلته من هالسياره.

            لحظتها بس حس خالد باحباط شديد ...
            ولحظتها .. شعر انه لا مفر من مواجهة واقعهم بكل ما يحمل ..
            حتى لو كان الواقع هو الموت بكل آلامه الفظيعه ..
            والموت جزء لا يتجزأ من واقعنها .. وآلامه صايبتنا لا محاله ..
            ولازم نتقبل هالواقع بكل آلامه ..[/align]

            تعليق


            • #7
              [align=center]الجزء الرابع

              كان الموقف والظرف عصيب جدا ... والموت على بعد خطوات أو حتى أدنى منهم .. والسياره .. على وشك الانجراف... وعادل... قاعد يضغط على دواسة البترول بكل قوته في محاوله يائسه لمنع انجرافها ... وصرخات روضه ومهره كانت أعلى من صوت جريان السيل الهادر نفسه ..

              وخالد... قاعد يفكر بأي طريقه ممكن تنقذهم ... ولما اتقطعت فيهم السبل .. وضاقت عليهم الارض بما رحبت.... صرخ فيهم خالد بأعلى صوته :
              خالد : بس .. اسكتوا... خلونا على الاقل... نتمسك بالامل الأول والأخير ...

              سكتوا فجأه وهم مدهوشين من كلامه ولهذا قال عادل :
              عادل : أي أمل يا خالد ..الأمل انتهى و ..
              قاطعه خالد وقال :
              خالد : لا .. الامل موجود .. وامل كبير .. املنا بالله تعالى ..
              ردت عليه روضه بانفعال :
              روضه : يا خالد .. من فتره واحنا قاعدين ندعي وندعي ربنا .. ولين الحين ما صار شي .. الحاله كلما اتزيد سوء..و
              التفت الها خالد وقال بلهجه صارمة :
              خالد : هذا لأنكم ... ما دعيتوا ربكم ..
              استغربت روضه من كلامه وقالت :
              روضه : عيل... شو كنا انسوي ؟!
              قال خالد بانفعال :
              خالد : الدعاء المستجاب له شروط... ومن أهمها.. الدعاء بقلب صادق تائب عازم على عدم العوده لسابق عهده من المعاصي ... ساعتها بس .. يمكن ربكم يتمنن عليكم ويقبل دعواكم ..
              ردت روضه بسرعه :
              روضه : خذني على قد عقلي وفهمني .. شو تباني اسوي ..
              جاوبها خالد :
              روضه : قبل شويه كنتوا تعصون ربكم وتسمعون الاغاني .. والحينه .. وعشان ربكم يقبل دعائكم .. لازم تنوون و بقلب صادق انكم ما ترجعون لها العمل ابدا ما استطعتوا ..

              كان الموقف ما يتحمل أي تفكير من روضه ولهذا قالت بقلب صادق :
              روضه : اعاهدك ياربي أن كتبت لي الحياه .. اني ما ارجع لسابق عهدي من معاصي ..

              وكررت مهرا نفس ها الدعاء وبنفس الصدق والإخلاص... وتمتم عادل بنفس الكلمات ..

              وبعد ما سمعهم خالد .. أشار الهم بأشارة الصمت .... واتعلقت العيون بخالد .. وشخصت الابصار ... وارتجفت القلوب ... ورفع خالد ايده للسماء ... واتركزت عينه بالسماء وهوه يطالع ماي المطر المنهمر منها .. ويحس بماي السيل يزحزح السياره .. وبكل صدق وخشوع الدنيا دعى ربه وقال :

              خالد : يارب ... إن كنت ترى أن الحياة زيادة لنا في رضاك فاكتبها لنا إن شئت .. وان كنت ترى .. انها زيادة علينا فيما لا تحب .. فأخذنا بما تأخذ به عبادك الصالحين ... يارب .. انت القائل في كتابـــك .. بســم الله الرحمــن الرحيــم (( وقيــل يـا أرض إبلعي مـاءك ويـاسماء أقلعـي ))... فاجعل الأرض تبلع .. واجعل السماء تقلع .. وارحمنا برحمتك يا ارحم الراحمين ..

              بعد كلمة ودعاء خالد الأخير ساد المكان صمت رهيب .. والكل يتلفت حواليه و ينتظر الفرج والنجاة من العذاب ... وبعد ثواني معدوده ... بدأت السماء تقلع عن المطر ليما تلاشى .. وبعدها بلحظات بدت الارض تبلع .. بحيث قل منسوب الماي بالوادي.. في مشهد مدهش وغير معقول وما يتصدق .. وهذا اللي خلى عادل ايقول :
              عادل : مو مقعوله .. اللي قاعد ايصير معجزه .و
              قاطعه خالد بسرعه :
              خالد : لا ... مب معجزه .. المعجزه أمر خارق للعاده و الطبيعه ولا يؤتى الا للانبياء... وكل اللي صار الحينه أمر طبيعي .. والله تعالى مسبب الأسباب هو اللي سبب الاسباب لنجاتنا ..
              رد عليه عادل بانفعال :
              عادل : كيف مب معجزه يا خالد .. المطر وقف... وبنقول طبيعي .. مرات المطر يوقف فجأه مثل ما انهمر فجأه ... لكن الوادي .. كيف قل الماي فيه بها الصوره المفاجئه..
              ابتسم خالد وقال :
              خالد : قلتلك ... الله تعالي هو مسبب الاسباب ..
              وبانفعال اكبر قال عادل :
              عادل : وشو السبب ... قولي ..

              أشر خالد بايده على نقطه معينه وعلى مكان محدد في الطرف الايمن من الوادي وقال :
              خالد : لاحظ يا عادل هذيك المنطقة هناك .. هاي المنطقه اصلا قناة فرعيه من ها الوادي الكبير .. وهالقناة كانت مسدوده بحاجز طيني صلب كبير .. وها الحاجز ما تحمل هالمره سرعة الماي الكبيره فانهار وبالتالي اندفع جزء كبير من ماي الوادي في القناة الفرعيه .. وبالتالي قل منسوب الماي في الوادي بصوره مفاجئه .....
              شفت كيف.... الله تعالى هو اللي سبب الاسباب .. يعني كان مقدر النا سلفا ... انكون هنيه في بطن الوادي .. ويصير اللي صارلنا من محنه ... و ندعيه .. وقدر لنا بعد.. ان الحاجز الطيني ينهار في ها اللحظه قبل لا تنجرف سيارتنا وانموت ...

              سكت عادل وعلامات الدهشه مرسومه عليه وقال :
              عادل : سبحان الله ..
              رد عليه خالد بسرعه وقال :
              خالد : المهم الحين .. تحرك بسرعه ... احتمال يرتفع الماي مره ثانيه بعد ما ينترس الوادي الفرعي ...

              وما كذب عادل خبر .. ومباشرة اتحرك ببطء ليما وصل لطرف الوادي وطلع منه بسلام .. ولحظتها التفت خالد باتجاه خواته البنات واللي آثار الصدمه والخوف مازالت عليهم .. وقال..
              خالد : ها يا بنات .. انوديكم وادي ثاني ..
              صرخت روضه من كل قلبها وقالت :
              روضه : لا لا .. خلاص .. رجعونا البيت .. يلست البيت أرحم بوايد من الرعب اللي شفناه ...
              ابتسم خالد وما علق على كلامها بينما واصل عادل خط سيره باتجاه البيت ..

              ********
              وبها الوقت كانت مريم قاعده اتفكر.. واتفكر بالكلام اللي وصلها من خالد على شكل رسائل مكتوبه ... والذهول مازال ساري بكيانها ... وسألت نفسها اكثر من مره .. كيف تتصرف .. هل اتوافق على طلبه .. وكيف تضمن اصلا انه صادق .. الاحتمال الأكبر... والأكبر جدا انه يكون من شباب النت الكذابين .. وهذا هو الاحتمال الارجح ... صراع بين عقلها و قلبها .. ولكن ..
              لحظة ... ليش قالت قلبها .. وشو دخل قلبها أصلن بالسالفه ؟! ... كل اللي بينها وبينه مجرد كلمات تنخط على الشاشه و .. لكن... ما تدري ليش دايمن على بالها .. ليش ..

              واثناء ما كانت اتفكر دخلت عليها اختها ظبيه .. واللي لاحظت شرود مريم ولهذا قالت :
              ظبيه : مريومه ... شوفيج سرحانه ..
              انتبهت مريم لوجود ظبيه وللكلمة الاخيرة اللي قالتها فردت :
              مريم : ما شي والله .. مصدعه شوي ..
              حطت ظبيه ايدها على جبهة مريم وقالت :
              ظبيه : مب شانج مصخنه ..
              ابتسمت مريم وقالت :
              مريم : لا لا عادي ما فيني شي ..
              ابتسمت ظبيه بدورها وقالت :
              ظبيه : هذي اول مره اشوفج تبتسمين من يوم ما .....
              سكتت ظبيه وما كملت كلامها ، ولهذا أنابت مريم عنها في التكمله قالت :
              مريم : من يوم ما اطلقت صح ..

              سكتت ظبيه وكأنها ندمت على جملتها وحاولت اتغير الموضوع وقالت :
              ظبيه : المهم مريومه ..بغيت اسألج .. شو المواقع اللي ادشينها في النت ... مواقع اسلاميه .. أو منتديات الحوارت الاجتماعيه والادبيه ..

              ابتسمت مريم وقالت :
              مريم : لا هذا ولا ذاك ..
              اتساءلت ظبيه :
              ظبيه : عيل ..
              جاوبت مريم بكل صراحه :
              مريم : الشات ..
              اندهشت ظبيه من كلام اختها ومن صراحتها وقالت :
              ظبيه : مريم انتي شو صارلج .. ما احيدج جذيه ... مبادئج واخلاقج ما يسمحولج بدخول ها المواقع السخيفه ..
              جاوبتها مريم بضيق :
              مريم : اللي صار عاد .. دشيتها بلحظات ضعف و يأس واحباط .. يعني مثل المهدىء أو حبة مسكن... اللي تريح الجسم بعض الوقت ..
              قالت ظبيه بانفعال :
              ظبيه : مهمن كان .. اللي سويته غلط ...
              ردت مريم بهدوء :
              مريم : ادري يا ظبيه ادري ... ومب هذا المهم ..
              سالتها ظبيه باندهاش :
              ظبيه : عيل... شو المهم ...
              اترددت مريم قبل لا اتقول :
              مريم : ما بتصدقين يا ظبيه... شو اللي صار لي ...
              وباندهاش متصاعد قالت ظبيه :
              ظبيه : وشو اللي صارلج ...
              وبهدوء قالت مريم:
              مريم : شوفي يا ظبيه انتي اختي.. وعزيزه على قلبي ... وعمري ما خبيت عنج شي انتي بالذات .. ولهذا... بخبرج بكل اللي صارلي .. يمكن احصل مشوره عندج .. اتريحني واطمن بالي وتشرح صدري واتهدي سري ..

              وبدت مريم تروي لظبيه كل التفاصيل .. تفاصيل ما جرالها مع خالد .. وبعد ما انتهت من السرد قالت :
              مريم : هاه ظبيه .. شو رايج ...
              سكتت ظبيه لحظات وهيه اتفكر ثم قالت بانفعال:
              ظبيه : سالفه ما ادش العقل ابدا .. وواضح انه من شباب النت اللعوبين ... وانتي انسانه متعلمه وعاقله ومتربيه .. وعارفه ان الشات.. عالم من الكذب الصريح .. صح ولا انا غلطانه ..

              جاوبتها مريم :
              مريم : ادري .. والله ادري ...لكن .. ما ادري ليش .. أثر فيني وايد ها الانسان ..و ..
              قاطعتها ظبيه :
              ظبيه : يا مريم ..انتي مريتي بتجربه قاسيه .. وطبيعي اتكون مشاعرج مضطربه ومشوشه خلال هاي الفتره ..
              اتساءلت مريم بدهشه :
              مريم : بس المفروض اني اكره كل الرياييل .. مب احس بميل لواحد منهم ..
              ابتسمت ظبيه وقالت :

              ظبيه : يعتقد الكثيرين أن المطلقه و بحكم تجربتها بتكره كل الرياييل .. والواقع ايقول أن بعض الحريم كان شعورهم العكس .. لأنه في بعض الحالات.. اتحاول المطلقه انها تتمسك بأي ريال اتشوفه مناسب ... عشان ينقذها من محنتها.. وبنفس الوقت يحسسها انها ما زالت مرغوبه .. بعد شعورها بنفور الناس وانصرافهم عنها ...

              سكتت مريم لحظات بعد تعليق اختها الاخير وبعدها قالت :
              مريم : وبشوه اتشورين علي ..
              ردت ظبيه بهدوء :
              ظبيه : اول شي .. لازم تقتنعين تماما أن اللي سويته غلط بغلط .. بديتي بغلطة الشات .. وكبرتيها بغلطة الماسنجر .. واتماديتي اكثر لما اوهمتي عمرج انج ممكن تتزوجين عن طريق الانترنت وانتي عارفه زينه انه مستحيل او مصيره الفشل مع ريال يغلب الظن فيه انه لعوب وبعالم مليان كذب وكذب ... ونصحيتي لج ...انج تتركين كل هذا وتنسين ها الشخص تماما واللي واضح انه من الشباب الطايش اللعوب ... وبعدين خبريني .. كيف بينظرلج ها الشاب ؟! ...ما بتكونين بنظره اكثر من بنت لعوب سمحت لنفسها بدخول اماكن مشبوهه مثل هاي المواقع ... كيف بيثق فيج ... صدقيني هذا قاعد يتسلى فيج ويعلب بعواطفج .. والاحسن انج تتركينه نهائيا قبل لا تنصدمين مره ثانيه .. وجرح الصدمه الاولى بعده ما برأ ولا طاب لليوم ..

              حست مريم بمنطقية كلام اختها ظبيه .. ولهذا قالت :
              مريم : انتي اتشوفين جذيه ..
              ردت ظبيه بحزم :
              ظبيه : اكيد طبعا .. واكثر من جذيه لازم تنقطعين نهائيا عن الشات والماسنجر.. وتقطعين علاقتج نهائيا ومن هاللحظه بهذا الشاب .. لان ما وراهم الا الدمار ... دمار للوقت .. ودمار للنفس ....
              سكتت مريم وبعدها قالت بكل صدق :
              مريم : اوعدج اني ما ادخل الشات نهائيا بعد اليوم ..
              عقبت ظبيه على كلامها وهيه تتطالعها بعيون حاره وقالت :
              ظبيه : والماسنجر ... وتنسين أمر هالشاب نهائيا ..

              فكرت مريم لحظات وبعدها قالت بصدق:
              مريم : بنسى امر ها الشاب نهائيا ... والماسنجر بخصصه لصديقاتي المعروفات بس ...
              هزت ظبيه راسها باشارة الايجاب وقالت ..
              ظبيه : اللي فيه الخير يقدمه ربج ...
              ردت مريم بعفويه :
              مريم : انشا الله .

              ********
              وفي اليوم الثاني .. وعند الساعه ثلاث الفجر... جلس خالد وراء مقود سيارته ..وهوه يسوقها .. و كان على وشك انه يوصل البيت بعد ما وصل اخوه عادل لمطار دبي الدولي اللي اتوجه بدوره للولايات المتحدة الامريكية ... واول ما وصل خالد للبيت ... اتوضأ .. وصلى بعض الركعات .. وبعدها جلس يسبح ربه بانتظار آذان الفجر .. واول ما أذن الفجر اتجه مباشره للمسجد القريب من بيتهم .. وصلى الفجر في جماعة .. وظل في المسجد يسبح ويقرأ القرآن الى أن اقتربت الشمس من الشروق .. ساعتها .. رجع مره ثانيه بيتهم .. وغرق في نومه عميقة .. نومه جرته لعالم ثاني .. عالم الاحلام .. أو عالم الرؤى .. ورأى فيما يرى النائم ... رأى بنت شابه تلبس ثوب ابيض ناصع ..و كانت تتحرك بين الاشجار الخضراء ... وشاف سحابه بيضاء صغيره اطارد البنت بين الشجر .. والبنيه تجري بسرعه ... و شاف ينابيع من الماي الشفاف الصافي تتدفق على الارض ..وبلحظه خاطفه شاف البنيه الشابه وهيه تسقط على الارض وتتألم بشده . ومع ألمها حس خالد بألم حقيقي .. وكأنه في الواقع.. وكان الحلم واضح جدا .. وكأنه حقيقه ملموسه .. وصحى من نومه مفزوع وآثار الالم لازالت تسري بجسمه.

              وبعد ثواني سمع آذان الظهر ... والحلم لازال يتراءى بخياله .. وظل ايفكر ويفكر بالحلم... واللي شاف فيه ... السحاب .. والشجر .. والماي .. والثوب الابيض .. والألـــم اللي اصاب هذي الشابه اللي ماعرفها... والالم اللي حس فيه هوه بنفسه ولازال يحس فيه ...... ولكن .. ما لقى أي تفسير واضح.. ومع هذا بدت فكره عجيبه غريبه تتكون في راسه ...

              وكالعاده قام خالد من مكانه و راح المسجد وصلى ورجع البيت مره ثانيه ...
              واول ما دخل غرفة عادل المسافر ... فتح الكمبيوتر وفتح النت ... وظل ينتظر الموعد مع مريم بعد ما فتح برنامج الماسنجر ... وظلت عيونه معلقه بالشاشه على أمل دخولها والافكار تعصف بخياله ...

              وبنفس الوقت اللي قام خالد فيه من نومه .. قامت مريم وهيه مدهوشه من الحلم اللي شافته وكأنه حقيقه واقعه ... شافت شاب لابس ثياب بيضاء ... وحواليه اشجار خضراء .. وفوقه سحابه بيضاء كانت اطارده بين الشجر والماي يجري من تحت اريوله .. وبلحظه خاطفه سقط ها الشاب على الارض وبدأ يتألم .. ومع آلامه شعرت هيه نفسها بآلام شديده وكأنها حقيقه واقعه وقامت من النوم والألم لازال ساكن بجسمها ... وفكرت بتفسير لها الحلم الغريب اللي كان اشبه بالحقيقه .. لكنها ما لقت أي تفسير .. وبالتالي قررت تتجاهله وتنسى امره ... وبعد ما قامت... صلت صلاة الظهر ..وفتحت النت ... وبعدها فتحت موقع اسلامي .. تقرأ فيه بعض المواضيع والقضايا الاسلاميه .. بعد ما وعدت اختها انها ما تدخل الشات نهائيا .. وكانت عند وعدها فعلا ...
              ولكن ... ومع انها حاولت تتناسى كلام خالد وموعد خالد ... الا انها حست بدفعه قويه من اعماق نفسها ..لمراسلته للمره الاخيره .. وابلاغه رفضها الكامل لطلبه .. مهما كانت الظروف والاسباب ..

              وحست مريم باضطراب وشوشره ما حست فيها بكل حياتها ... مره اتفكر وتقرر انها تنساه نهائيا وما ترد عليه ابدا ... ومره اتفكر بابلاغه قرارها الاخير بالرفض ... وبين صد ورد .. وجزر ومد ..
              .. قررت مريم انها اتخبره بقطع العلاقه نهائيا ورفضها الكامل لطلبه .... صحيح انها وبلحظة ضعف ويأس واحباط اخطأت وراسلته .. لكن... المبادىء والاخلاق لا مساومه عليها ... بترفض طلبه وتعتبره مجرد تجربه اتعلمت منها الكثير ... وانه لا عذر لانسان يدعوه للخطأ مهما كانت الظروف ...
              ولهذا .. فتحت الماسنجر .. وهيه ناويه انها تراسله للحظات بسيطه عشان اتقوله يبعد نهائيا عنها ... واتقوله انها ما بتدخل شات ولا بتكلم شاب على الماسنجر بعد ها اللحظه .. وفعلا فتحت الماسنجر ...

              وأول ما فتحته شافت اسم خالد الرمزي على الخط وقالت:
              مريم : السلام عليكم .
              كتبلها خالد ..
              خالد : وعليكم السلام ..
              مريم : اسمعني زين يا خالد .. هذي آخره مره اراسلك فيها .. وانا اعترف اني غلطيت يوم راستلك .. ويمكن الظروف النفسيه والياس والاحباط اللي مريت فيهم هم اللي دفعوني لها الشي .. لكن الغلط غلط .. ولازم انصلحه .. وانا قررت اني ما دخل الشات ولا افتح الماسنجر نهائيا بعد ها المره ... واتمنى منك اتسوي نفس الشي .. وصدقني يا خالد ... مستحيل يصير زواج ناجح عن طريق النت .. شيل ها الفكره نهائيا من راسك .. لا انته اتعرفني ولا اعرفك ..واي شاب او فتاه اتفكر تتزوج بها الطريقه بيكون مصير زواجهم الفشل بالتأكيد .. والحين بترخص منك لاني بسكر الماسنجر وما بفتحه مره ثانيه .. واعتبر طلبك مرفوض نهائيا .. وفي امان الله ..

              وفعلا كانت على وشك انها تغلق البرنامج نهائيا .. وتطوي ها الصفحه للابد .. لولا انها شافت كلمات تنرسم على الشاشه واللي اصابتها بالذهول لانها كانت اتقول وبخط خالد :

              خالد : السحاب الأبيض .. الشجر .. المـاي .. الثوب الابيض .. الألـــم ..

              اتفاجأت مريم باللي اتشوفه عيونها وكتبت :
              مريم : شو تقصد ..
              ابتسم خالد وكتبلها :
              خالد : اقصد... هذا هو الحلم اللي آلمج اليوم صح ..
              اندهشت مريم وكتبت :
              مريم : وشو دراك اني حلمت ها الحلمت واتألمت لاجله ..
              جاوبها خالد :
              خالد : لاني حلمت نفس الحلم وشعرت بنفس الالم ..
              زاد اندهاش مريم وكتبت :
              مريم : ما فهمت .. وضح اكثر ...
              وبسرعه كبيره كتب خالد :
              خالد : ما سألتي نفسج .. انا كيف عرفت انج مطلقه وتتألمين في المره الاولى يوم شفت اسمج وقريت كلامج في الشات ..
              ردت عليه باندهاش :
              مريم : سألت ... وسألت وايد ... لكن.... ما حصلت جواب شافي ...
              وبسرعه كبيره كتبلها خالد :
              خالد : اللي بينا... اكثر من مجـرد اتصــال بالنت ... اللي بينها نــوع مــن (( الاتصال التخاطري اللاحسي)) .. صحيح انه حاله نادره جدا .. لكني شعرت فيه ... وحسيت بأنه حقيقه وواقع..
              وباندهاش اكبر كتبت مريم :
              مريم : (( الاتصال التخاطري اللاحسي )) .. شو هذا بعده .. انا أول مره اسمع فيه ..
              رد عليها خالد برد مطول وبشكل رسمي :
              خالد : صحيح ان ها الحاله نادره .. وهيه موجوده احيانا بين الأم واعيالها أو التوائم المتطابقه.. ولكن.. ممكن تنوجد ها العلاقه بين اشخاص ما تربطهم أي علاقه دم ... وبدقه اكثر .. هذي الظاهره عباره عن لغة من لغات النفس حال اليقظة و تحدث غالباً بين طرفين مرتبطين نفسياً برباط المودة و الآلفة و الرحمة و غالباً ما يتم التخاطر في أوقات النهار و ذلك بان تحدث حالة شديدة من المشاعر الفياضة من الفرح او الحزن من المرسل إلى المستقبل و ينبغي ان يكون المستقبل في حالة ارتياح نفسي و المرسل في حالة توتر و تأزم ... و عندها يتم الإرسال التخاطري بين الطرفين.... ** )) معلومات حقيقية (( **
              ولاحظي اني كنت في حالة ارتياح نفسي لما شفت اسمج على الشاشه لاول مره وانتي كنتي في قمة توترج وانفعالج .. وانتي اللي كنتي ترسلين الالم والضيق وانا كنت استقبله وكنا نتخاطر في وقت الظهر يعني ساعات النهار .

              سألته مريم باهتمام وشك وقالت :
              مريم : وفيه حالات مسجله من قبل ..
              جاوبها خالد بسطور طويله ...
              خالد : هيه نعم ... ومن بين الحوادث المعروفه .. ان احدى الفتيات كانت تتمشى في ردهة بيتها ثم وقعت و هي تبكي و تتألم من أوجاع في ساقها اليمنى و عند وصول الطبيب اختفت هذي الآلام فجأة , و بعد فترة من الزمن عادت أليها صديقتها التي كانت في عطلة خارج المدينة واللي حدثتها عن واقعة سقوطها من على ظهر الجواد الأمر اللي أدى لكسر في ساقها اليمنى , و الغريب هنيه ان وقت هالحادثه كان هو نفسه الوقت الذي شعرت فيه الفتاة بالآلام في ساقها اليمنى....
              والحادثه الثانيه كانت سنة 1947 وكان بطلها شخص يسمى السيد ( أيرز ) وهذا الشخص.. حل ضيف على عائله .. هيه عائله السيد ( كليفورد ماك ) وزوجته اللي كانوا من سكان نيويورك المنزل رقم 56 وست شارع 54 .. والحادثه صارت بعد ما اتعشوا .. حيث انهم وبعد العشى قعدوا يسولفون ويتضحكون... ولحظتها استأذنت زوجة صاحب البيت(كليفورد ماك) لدخول الحمام .. وبعد ثلث ساعه من السوالف شعر الضيف (ايرز) ان زوجة صاحب البيت صارلها مكروه .. ولهذا قفز على ريوله وهو يصيح ويصارخ ويقول .. فلنكسر باب الحمام ... فاستغرب صاحب البيت من كلامه .. وبعد الحاح شديد ولحظة ما فتحوا الباب حصلوا زوجة صاحب البيت مغمى عليها في البانيو ووجها مغمور بالماي .. وبعد ما عملولها الاسعافات الاوليه اتعافت من آثار الحادث .. وكان هذه بفضل احساس ضيفهم السيــد (ايرز) *** (( حوادث حقيقة مسجله )) ***

              اتوقفت مريم فتره وهيه اتفكر والذهول مخيم عليها وهيه ما قادره اتصدق وفي النهايه كتبت :
              مريم : بس انته اتقول انها حالات نادر جدا ..
              كتبلها خالد بهدوء :
              خالد : بس موجوده ... وما تدرين... يمكن الرب زرعها فينا لحكمه ما يعلمها سواه .
              اتساءلت مريم :
              مريم : وانته كنت اتعرف ها الشي من البدايه ..
              جاوبها خالد بسرعه :
              خالد : انا ادركت ها الشي من البدايه .. بس ما كنت متأكد تماما .. لكن .. وبعد ما شفت هاييك الرؤيا .. واطابقت مع رؤياج .. زاد يقيني .. وأتاكدت ان المج حقيقي .. وعلى فكره انا كنت احس بآلالام مجهوله اثناء ما كنتي معرسه .. يعني لما كنتي تتعذبين مع ريلج .. وزادت الآلام بصوره حاده بلحظه مفاجئه واعتقد انها لحظة طلاقج وماكنت عارف شو سبب ها الآلام... والحينه تقريباعرفت السبب..... وصدق احساسي فيج.. وانا متأكد وواثق كل الثقه أنج بنيه طيبه وحساسه وحنونه..

              جاوبته مريم بسرعه وبدون وعي :
              مريم : اتصدق ... نفس الشعور كان يدور بكياني .. لكني كنت اصده دايما ..وابعده عن تفكيري واحساسي ...
              تابع خالد كلامه وقال :
              خالد : لا تفكرين ابدا اني مقتنع بفكرة الزواج بالنت .. انا رافض ها الفكره تماما .. ولو ما كنت مقتنع بان اللي بينا شي عظيم واكبر بكثير من مجرد اتصال بالنت .. شان ما فكرت مجرد تفكير بها الشي ..
              ردت مريم :
              مريم : وانا بعد كنت وما زلت رافضه ها الشي نهائيا ..
              رد عليها خالد بسرعه :
              خالد : والحينه ...
              اتساءلت :
              مريم : الحينه شوه ..
              جاوبها : الحينه بعد ما عرفتي... اني انا وانتي كتله متصله من المشاعر .. وانه لا غنى لاي منا عن الثاني ... واني مرتبط فيج حسيا وشعوريا.. ومحد بيحس بآلامي كثرج... ولا حد بيحس بآلامج كثري ... وان ارتباطنا ماله أي دخل بالنت ..... بتقبلين طلبي ...
              اترددت مريم وظلت اتفكر بهدوء ...وفي النهايه قالت :
              مريم : ما ادري صراحه شو اقولك .. لكن ... معرفتك بالرؤيا... والتفاصيل العجيبه والغريبه اللي قلتها عنها .. اكبر دليل على صدقك ... وصعب جدا اتحصل الحرمه انسان ايشاركها نفس الشعور ويحس بألمها بها الصوره العجيبه ..
              ابتسم خالد وقال :
              خالد : وعشان جذيه .. انا بعطيج رقم اختي .. وانتي اتصلي من تلفون عمومي فيها و .
              ردت مريم بسرعه :
              مريم : وبعدين ..
              اتساءل خالد :
              خالد : انتي ما عندج خوات ...
              جاوبته مريم باستغراب :
              مريم : هيه عندي اخت وحده ..
              وبسرعه كتب خالد :
              خالد : وشو رايج فيها ..
              استغربت من سؤال وقالت :
              مريم : من أي ناحيه ..
              جاوبها :
              خالد : يعني انسانه عقلها كبير وتتفهم الامور زين ..
              ردت عليه :
              مريم : طبعا .. وانا دايم اعتز فيها وبافكارها وعقلها الكبير ..
              ابتسم خالد وكتب :
              خالد : زين عيل .. ها لشي بيسهل مهمتنا اكثر .
              اتساءلت مريم :
              مريم : ما فهمت وضحلي اكثر ..
              كتب خالد بهدوء :
              خالد : سمعي يا مريم .. لازم ايتم ارتباطنا بصوره طبيعيه ... يعني لما تتصلين باختي .. وتتأكدين منها ... اطلبي منها زيارتكم في البيت على اساس انها صديقة اختج .. وخبري اختج بالسالفه كلها .. وبهذا بتكون وكأنها صديقة اختج .. اللي بتشوفج بالصدفه في بيتكم وبتنعجب فيج وبتخطبج لاخوها ....
              فكرت مريم بكلامه وقالت :
              مريم : انزين . .بس متى تباني اتصل فيها ..
              جاوبها خالد :
              خالد : أي وقت اتحبين وياريت بعد اكثر من ساعه عشان اخبرها بالسالفه كلها ..
              اترددت مريم قبل لا تقول :
              مريم : بالرغم من كل هذا .. انا باتصل من تلفون عمومي .. واذا سمعت صوت ريال .. بسكر على طول ..
              ابتسم خالد وقال :
              خالد : اطمني .. وخلي قلبج ايطمنج ... لانج لو حسيتي باي شي مب طبيعي.. بيكون قلبج سباق في منعج ...
              كتبت مريم :
              مريم : انشا الله ..
              كتب خالد رقم اخته روضــه على الشاشه وتابع بعدها :
              خالد : وبتكون هذي آخر مره نلتقي فيها على الماسنجر...
              ابتسمت مريم وقالت :
              مريم : اللي فيه الخير يقدمه ربك .. يا الله .. مع السلامه ..
              كتب خالد بسرعه ..
              خالد : مع السلامه ..

              ********************************
              *****************************

              بعدها ما سكرت مريم عنه.. حست بموجة فرح تجتاح كيانها .. ولاول مره من يوم ما اطلقت تشعر بها النشوه والسعاده والامل .. وكأن خالد.. رحمه نازله من السماء... لتبدد كل احزانها وآلامها ... آلام الواقع ..

              وخالد بدور حس بنفس المشاعر .. مشاعر الفرح والسرور بعد ما بلغت الموجه ( التخاطريه اللا حسية ) اعلى مستوياتها .. بحيث يشعر كل طرف بشعور الآخر تماما وكأنه قاعد معاه أو ساكن بقلبه ...

              ومباشرة اتجه خالد لغرفة اخته روضه .. وبعد ما دق الباب واستأذن بالدخول.. وسمحتله بالدخول... ولما دخل عليها ..بدأ بالسلام وقعد يتسامرمعاها لحظات قبل لا يقول :
              خالد : آآ .. روضه بغيتج اكلمج بموضوع مهم ..
              سالته روضه بدون اهتمام :
              روضه : أي موضوع ..
              جاوبها بصوره مباشره :
              خالد : أبي اعرس ..
              سكتت روضه لحظات وهيه تتطالع خالد .. لكنها ضحكت بعدها وقالت :
              روضه : اخويه العود خالد بيعرس .. ما اتصور ها الشي ..
              اتفاجأ خالد بجوابها وقال باستغرب :
              خالد : وليش ... شو فيها يعني ؟!
              ضحكت مره ثانيه وقالت :
              روضه : ما فيها شي .. بس ما ادري .. اتعودنا عليك جذيه .. عازب ..
              ابتسم خالد يوم ادرك انها تتغشمر وقال :
              خالد : يا روضه انا الحين كملت خمس وعشرين سنه .. والزواج مصير كل ريال وحرمه .. ومافي مبرر لتأخير العرس أكثر من جذيه دام انه الامكانيات متوفره والحمدالله ..

              ابتسمت روضه ابتسامه كبيره ها المره وقالت :
              روضه : أفا عليك يا بوالوليد .. انا اسولف وياك بس .. ولك علي .. اني اخطبلك احسن بنيه من صديقاتي و .
              قاطعها خالد وقال :
              خالد : ما يحتاي تخطبيلي ... لاني اخترتها خلاص ..
              اندهشت روضه من كلامه وظلت تتطالعه بعيون مفتوحه وقالت :
              روضه : مش معقوله ابدا ... خالد يختار ..
              رد عيها باستغراب مماثل :
              خالد : ليش ؟! .. انا مب انسان .. ممكن أختار مثل باقي الخلق ..
              جاوبته بهدوء :
              روضه : انا ما قصدت جذيه .. بس انته ياخالد ...واعذرني على هالكلمة كنا ومازلنا نعتبرك ( مطوع ) .. يعني عمرك ما اطالعت البنات ولا ركزت فيهم ... وحتى بنات خالك وعمك .. كنت تكتفي بالسلام عليهم من بعيد .. بينما اخوك عــادل .. عينه زايغه .. ومخلنها سيبل لكل من هدب ودب ...

              ابتسم خالد وقال :
              خالد : انا بوضلج الامر اكثر ...

              وبدا خالد يروي باختصار اللي صار بينه وبين مريم من لقاء بالنت ، ومعرفته بطلاقها .. ومع كل كلمه ايقولها كانت دهشة روضه اتزيد .. وفي النهايه ما تحملت كلامه وصرخت بويهه وقالت :
              روضه : شو ها الاخبال اللي اتقوله يا خالد .. معقوله .. انته خالد اخونا العود اللي دايما ما نعتز برايك وعقلك الكبير ... اتقول جذيه .. عيل شو خليت لاخوك الطايش عادل ..... تبى تاخذ وحده عن طريق النت .. هذه كلام اتقوله!
              رد عليها خالد بانفعال :
              خالد : انتي ما فاهمه شي .. ما فاهمه شي.. هذي ..
              قاطعته روضه بسرعه وقالت :
              روضه : وحتى لو وافقتك على ها الشي .. كيف تباني ارضى على زواجك من وحده مطلقه .. مطلقه عاد ..
              حرك خالد حاجبه في غضب وقال :
              خالد : ليش وشو فيها المطلقه ..
              جاوبته روضه بانفعال :
              روضه : هذا سؤال تسأله يا خالد .. شو بقول لصديقاتي يوم يسألوني عن مرت اخوي .. اقولهم ما خذ مطلقه... أو كيف بعزمهم على عرسك .. قولي كيف ..
              رد عليها خالد بانفعال :
              خالد : يا روضه .. أي بنيه بالعالم ممكن اتمر بنفس الظروف اللي مرت فيها ها البنيه ...
              وبانفعال مماثل قالت روضه :
              روضه : هذا مجرد افتراض مب اكثر .. وليش نفترض اصلا اشياء ما صارت .. وبعدين مب كل بنات العالم يطلقون .. وانا مثلا .. يوم بتزوج بختار الريال الزين اللي ايعيشني طول عمري ملكه .. مب مثل الاختيار السيء لها البنيه ..
              سكت خالد فتره وبعدها جاوبها بهدوء :
              خالد : احنا ما ندري شو ظروف ها البنيه .. ولا الاسباب اللي خلتها تختار ها الريال و ..
              قاطعته روضه بانفعال :
              روضه : وبعدين شو اللي يضمنلك انها ما تكون بنيه لعابه .. وانته اتعرفه انه من من الصعب او حتى المستحيل انك اتحصل بنيه صادقه خصوصا في النت ...
              رد عليها خالد بهدوء :
              خالد : انا هذي البنيه بالذات... واثق منها ثقتي بنفسي ..
              وبعد نفخه طويله من فم روضه قالت :
              روضه : حتى لو افترضنا انها بنيه زينه .. شو اللي يجبرك تاخذ بنت مطلقه والبنات تارسين الدنيا ...
              استغرب من سؤالها خصوصا انه طالع من بنيه وقال :
              خالد : والمطلقه .. منو ياخذها ..
              ردت عليه بسرعه :
              روضه : ياخذها واحد متزوج .. او أرمل .. او مطلق مثلها .. او ما شابه ..

              اتفاجأ خالد من جوابها .. وما كان يظن انه فيه بنيه اتفكر ها التفكير ضد بني جنسها وعشان جذيه قال :
              خالد : انتم يا الحريــم أمركم غريب. .. اطالبون بحقوقكم وانتوا أول من يهدرها ...
              سكت فجأه وهو يطالع الساعه باهتمام وقال :
              خالد : شوفي روضه .. انا ماعندي وقت .. بتتصل البنيه بعد شويه .. وابيج اتكلمينها واتحددين موعد معاها واتسيرين بيتهم وتتعرفين عليها وعلى اختها .. عشان تمشي الامور طبيعيه .. فهمتي .
              وبكل حزم قالت روضه :
              روضه : مستحيل .. اللي تطلبه مني مستحيل .. لايمكن انفذ شي.. انا بالأساس ما راضيه عنه ..
              اطالعها خالد بنظرات غضب وقال :
              خالد : شوفي .. اذا ما بتقدمين هالخدمه لاخوج .. عطيني تلفونج .. وبخلي اختج الصغير مهره اتقوم فيها عنج .. ومهروه ما بتقصر ودوم تسمع كلامي بدون ما تحشرني مثلج ..

              سكتت روضه فتره وهيه اتفكر .. وفي الآخر اطالعته بنظره غريبه وقالت بلهجه هاديه وايد وكانها ما كانت منفعله قبل شوي :
              روضه : عشان خاطرك بس .. بنفذ اللي قلته ..
              بدت علامات الفرح على خالد وقال :
              خالد : الله ايخليج لي ياروضه ..
              سالته روضه :
              روضه : متى بتتصل ..
              جاوبها خالد :
              خالد : الحينه بعد شوي .
              صمتت روضه لحظات وهيه تفكر وقالت :
              روضه : انزين لو سمحت خلني بروحي عشان اكلمها على راحتي.. وانته اتعرف ..البنات بينهم سوالف خاصه ..
              اطالعها خالد بنظرة شك وبعدها قال :
              خالد : على أمرج .. واول ما تخلصين خبريني .. انا قاعد بغرفتي ..
              ردت عليه بسرعه :
              روضه : اوكيه .

              وطلع خالد من الحجره ..واتجه لحجرته .. بانتظار نتيجة المكالمة ...

              و بها الاثناء كانت مريم واقفه عند التلفون العمومي اللي يبعد عن باب بيتهم أمتار بسيطه .. وكانت كعادتها متنقبــه ... وما يطلع من جسمها أي شي .. حتى العيون غير ظاهره ..لانها حاطه غشايه صغيره..وحتى كفوف ايدها ..غطتها بقفازات سود ..

              وكانت مريم حاسه بسعاده .. وقلبها يشع بالامل ... واتضاعف ها الشعور بعد احساس خالد بالفرح في موجه تخاطريه ثانيه ....

              ورفعت سماعة التلفون ودقت الرقم .. وبعد ما سمعت صوت روضه قالت بصوت واطي وايد :
              مريم : السلام عليكم ..
              رد عليها روضه ببرود :
              روضه : وعليكم السلام ..

              سكت مريم واحمر ويها والخجل والحياء بالغ عندها مداه.. مع انها قاعده اتكلم بنيه مثلها .. ولهذا تابعت روضه وسألتها :
              روضه : انتي اللي خبرني اخوي خالد عنها ..
              سكتت مريم لحظات.. وبعدها جاوبت بكل اختصار وهدوء وبراءه :
              مريم : هيه .
              انفعلت روضه فجأه بصوره ارعبت مريم وقالت بصوت عالي :
              روضه : انتي ما تستحين على ويهج ..
              اتفاجأت مريم من كلام روضه وردت بصوت مرتجف ..
              مريم : ليش ..
              وبانفعال اكبر قالت روضه :
              روضه : واتقول ليش بعد ... قاعده اتركضين وراء الشباب وتتصيدين الرياييل ولعبت براس اخوي .. وتبينه ياخذج ..و اتقولين ليش ..
              قاطعتها مريم بصوت مر :
              مريم : انا لعبت براس اخوج ..
              ردت روضه بعنف :
              روضه : هيه عمري .. شفتي عمرج مطلقه ومحد يباج .. قلتي بدورلي ريال اقص عليها .. وما حصلتي الا اخوي ...وشفتيه طيب وعلي نياته فقلتي هذا هوه ... صيده حلوه وطاحت بشباكي ..

              نزلت كلمات روضه مثل سهام النار على قلب مريم .. اللي ما اتحملت وبدت تنتحب واتصيح بصوت مسموع وهذا اللي خلى روضه اتقول :
              روضه : سمعيني حبيبتي...هالحركات والصياح ودموع التماسيج ما تمشى علي .. انتي لو فيج خير شان ما طلقج ريلــج ...

              حست مريم وكأن ابواب جهنم تنفتح عليها وقالت بصوت مذبوح :
              مريم : حرام عليج .. والله حرام ..
              وبصوت يحمل كل الغضب والسخط قالت روضه :
              روضه : حرمت عليج عيشتج .. اصلن اخوي خالد ما يتنزل ياخذ وحده مثلج .. هاللي قاصر .. مطلقه تدخل بيتنا ...

              استمرت مريم في صياحها حتى ان نقابها ابتل بالكامل .. وتابعت روضه كلامها وقالت :
              روضه : شوفي من الحينه مالج خص بخالد .. ما بيج تتصلين فيه باي وسيله .. سواء عن طريق النت ولا غيره.... فاهمه ..
              ردت عليها مريم بصوت إنســان يحتضــــر :
              مريم : فاهمه .. اوعدج اني ما افتح النت ابدا طول حياتي .. انا اتعلمت درس وايد وايد قاسي ..
              ابتسمت روضه ساعتها وقالت :
              روضه : ايكون أحسن .. ولو اني اشك انه وحده مثلج تتعلم ..
              سكتت مريم وما علقت .. ولهذا تابعت روضه ..
              روضه : يا لله بااااي .. انتي خذيتي وايد من وقتي ... صدق ناس ما عندهم دم ولا احساس .

              وسكرت روضه التلفون بويه مريم ... اللي حست بعمرها تترنح يمين وشمال .. وخطت خطوات بطيئه جدا بين مكان التلفون وباب بيتها .. ومع ان المسافه ما كانت تبعد الا امتار بسيطه .. الا أن مريم حست وكأنها تقطع الارض كلها... وحست وكأنها تتحرك على أشواك او حمم من نار .. واول ما وصلت باب البيت.. وفتحت باب الصالــه .. لقت اختها ظبيه جالسه على الكرسي وهيه تقرأ كتاب ...
              وأول ما انتبهت ظبيه لوجودها.. رفعت عينها وشافت اختها مريم .. واستغربت ظبيه من وقفت مريم الطويله على باب الصاله ... لكن دهشتها اتضاعفت لما رفعت مريم النقاب عن وجها .. وشافت ظبيه طوفان من الدموع يغرق وجه مريم .. وبسرعه كبيره رمت ظبيه الكتاب من ايدها واركضت صوب اختها .. ومسكتها من ايدها الثنتين .. وحست بانفاس مريم تتردد بسرعه .. وكأنها اتعاني سكــرات المــوت .. وشعرت بعذاب عظيم يلتهب بجسم مريم ... عذاب يساوي اضعاف واضعاف العذاب اللي حست فيه مريم يوم اطلقت ...
              ألم زحاف ..ما يقدر قلبها الحساس على تحمله ابدا .. ولهذا.. زاغت عيون مريم وارتمى راسها على صدر اختها ظبيه واللي اتبلل من غزارة دموع مريم .. وغابت مريم في غيبوبه طويله .. معلنة بداية مرحله جديده وفظيعه من الالام ..





              يتبع
              لكن اولا ردودكم الكريمة[/align]

              تعليق


              • #8
                [align=center]الجزء الخامس

                رفع خالد ايده اليسرى بتوتر ، واطالع الساعه باهتمام واضح ، وهو ينتظر نتيجة اتصال اخته روضه بمريم ،... وفجأه... وبدون سابق انذار .. حس بموجة آلام عنيفه اتهاجم كل جسمه .. وبلا رحمه ... آلام يستقبلها من مكان بعيد .. ولما استشار قلبه عن سرها... افتاله بأن مصدرها... ومرسلها.. هيه ..مريم ...

                وعلى طول اتحرك خالد وطلع من غرفته وهوه يتحرك باتجاه غرفة روضه .. وأول ما دق الباب .. كانت روضه على وشك انها اتسكر التلفون بويه مريم .. ولحظتها ارتبكت روضه وقالت :
                روضه : لحظه شوي ..

                وبسرعه الريح سكرت روضه التلفون ومسحت كل الارقام اللي استقبلها التلفون وقالت بصوت خافت :
                روضه : اتفضل ادخل ..
                دخل خالد الغرفه واتساءل بحماس ولهفه :..
                خالد : هاه.. شو صار .. ما اتصلت البنيه ..

                زاد ارتباك روضه .. واتحاشت النظر بعيون خالد خوفا من كشف توترها وقالت بهدوء ونظرات عيونها تتحرك على الارض :
                روضه : آآ .. لين الحينه ما اتصلت ..
                رد عليها خالد باستغراب واضح :
                خالد : غريبه .. قالت تتصل بعد ساعه .. ومضى من الوقت اكثر من ساعه وثلث ..
                حركت روضه راسها باشارة النفي وناولته التلفون وقالت :
                روضه : والله ما ادري ... واذا ما مصدقني .. فتش في التلفون على كل الارقام الوارده...

                سكت خالد وظل يطالعها بنظرات حيره و شك وريبه، وهذا اللي زاد من ارتباك روضه وتوترها ، وحاولت تتظاهر انها مشغوله بأي شي .. ولهذا... مسكت كتيب صغير كان موجود على طاولتها وبدت تتطالعه بدون ما تقرأ حروفه .. ولحظتها قال خالد وهو يردلها التلفون:
                خالد : ما يحتاي أفتش .. بس انتظريها شوي .. يمكن انشغلت او طلعها ظرف طاريء .
                ردت روضه بصوت واطي ممزوج بالتوتر :
                روضه : انشا الله .. تلفوني مفتوح دايما ..

                اطالعها خالد بنظرات ثانيه وكأنه يحاول انه يستشف من عيونها سر ارتباكها لكنه قال :
                خالد : انا الحين طالع . واذا صار شي اتصلي فيني تلفون .. انزين .

                ردت ورضه بسرعه وكأنها اتحاول تنهي الحوار بسرعه :
                روضه : انزين ..

                طلع خالد من الغرفه .. والافكار اتشرق بعقله واتغرب .. وقلبه في قمة حيرته وانفعاله و... ألمه ..

                ومرت ساعات طويله .. وخالد ...وبكل ساعه... يتصل بروضه وبدون انقطاع .. لكن .. الجواب كان واحد .. وهوه ... ما اتصلت البنيه .. ومر اليوم الاول والثاني .. وخالد ينتظر .. ولما مل من الانتظار فتح النت والماسنجر .. وظل ساعات طويله ينتظر دخولها النت .. لكن .. لا وجود لمريم في هذا العالم ... عالم النت ..

                وبعد مرور اسبوعين .. وبمكان ثاني .. وفي بيت مريم بالتحديد بمنطقـة ( القطاره ) .. كانت مريم مستلقيه على سريرها في غرفتها ... السرير اللي ما فارقته من اسبوعين كاملين .. من ساعه ما ارتمت باحضان اختها ظبيه... أي بعد ما انتهت المكالمه المشؤومه مع روضه .. وطوال ها الاسبوعين ساءت حالة مريم النفسيه والعصبيه بصوره فظيعه وغير مسبوقه .. طوال الوقت.. كانت طايحه على السرير.. ودوم اتفكر والدمعه ما تفارق عينها ... ما اتكلم أحد.. وحتى الاكل .. كانوا اييبونه الها لين السرير .. وبعد كل وجبه كانت تبلع حبه مهدىء ومعاها حبة مسكن عشان اتخفف من اكتئابها و تحفظ توازنها النفسي..
                .وها الشي آلم ظبيه وايد .. واللي حاولت اكثر من مره انها اتخفف من بؤس واكتئاب اختها مريم واللي اتجاوز كل الحدود... لكن.. بدون أي فايده .. واليوم وبعد اسبوعين من هالحاله .. حاولت ظبيه كعادتها وبدون يأس انها اتهدي اختها شوي فقالت :
                ظبيه : يا مريم .. حرام عليج اللي اتسوينه بنفسج ... لين متى بتمين جذيه ..
                ارحمي نفسج شويه .. شوفي عمرج في المنظره.. ويهج شاحب مثل الموتى .. وجسمج ضعف مثل الجوعى ..

                ما جاوبتها مريم وظلت صامته .. و جامده .. وكأنه تمثال من حجر ..
                ولهذا تابعت ظبيه وقالت بحسره :
                ظبيه : كم نصحتج يا مريم لكنج الله يهداج ما سمعتي النصيحه ... قلتلج هالشاب طايش ولعوب.. واتلاقينه هو اللي مطرش اخته اوحتى وحده من صديقاته عشان يتسلون فيج ويلعبون بعواطفج .. ناس ماعندها ذرة عطف ولا احساس .

                التفتت مريم لظبيه واطالعتها بنظرات شك وكأنها ما مقتنعه بكلامها .. لكنها آثرت الصمت كعادتها .. وهذا اللي زاد من حيرة ظبيه وحسرتها ..
                لكنها فجأه اتذكرت أمر مهم ... وبدا ها الشي واضح من مظاهر الفرحه اللي اكتسحت وجه ظبيه وقالت :
                ظبيه : آآ مريم .. عندي لج ابشاره حلوه ....ابشاره.. بتفرح قلبج انشا الله ...

                اطالعتها مريم بنظرات تساءل بدون ما تفتح فمها بكلمه .. فتابعت ظبيه بحماس وقالت :
                ظبيه : اليوم طلع اسمج في الجريده ..هيه ... اسمج من ضمن الدفعه الثانيه المعينين من جهة وزارة التربيه بمدينة العين ..يعني خلاص... اتعينتي بوظيفه مدرسة ( تربيه خاصه ) بمدرسه من مدارس العين ...

                ولاول مره... ومن اسبوعين كاملين اتكلمت مريم .. و بصوت واطي صادر من السان كان محبوس بباطن الارض قالت :
                مريم : صدق !
                ابتسمت ظبيه بعذوبه وقالت :
                ظبيه : هيه والله صدق .. وشدي حيلج ... ماباقي غير ثلاثة اسابيع عن المدارس .. لازم اتخلصين اغراضج بسرعه واتفصلين ثياب يديده للمدرسـه ..

                حست مريم بشىء من الارتياح .. خصوصا انها بتشغل عمرها بشي ينسيها ولو مؤقتا .. زوبعة الالم والعذاب ... ولهذا قالت بكل خفوت :
                مريم : ظبيه ... بغيت منج طلب .... تقدرين اتسرين معاي السوق .. عشان اشتري .. كل اللي احتاجه من أغراض ..

                ومع ضحكة كبيره مخطوطه بفن على وجه ظبيه قالت :
                مريم : الا بسير وياج .. بخليج اتلفين السوق كله .. ما بنخلي محل الا واندشه .. انتي آمره بس .. يالله قومي البسي ثيابج... خلينا نطلع وانغير جو شويه ..وانعيش حياتنا بكل ما فيها من بسمه وسعاده ..

                اتحركت مريم ببطىء باتجاه كبت ثيابها .. وغيرت ملابسها .. وطلعت مع ظبيه للسوق لشراء كل احتياجاتها ..

                ومرت الايام والشهور واتوظفت مريم في المدرسه .. وخصصت أغلب وقتها للمدرسه والطالبات .. اتحضر دروسها .. واتعد احدث الوسائل العلمية والتعليميه .. واتنظم اغلب الانشطه الصفيه واللاصفيه ... وحتى شغل المدرسه الخاص واللي ما كان من ضمن عملها .. اتشارك فيه .. كل هذا عشان تنسى او تتهرب من واقعها الأليم .. وعشان تنسى شخص واحد .. هوه ..خالد .. وفعلا ... قطعت مريم شوط طويل بعد ما خذت المدرسه ومشاغلها اغلب وقتها .. لكن .. وبين فتره وثانيه ايرادوها نفس الحلم ... السحاب الابيض والشاب بالثوب الابيض والشجر والالم .. وكل هذا .. كان يذكرها بخالد .. لكنها ما تلبث ان تتجاهل الحلم نهائيا.. وترجع لحياة الواقع اللي تتهرب منه !! وبنفس الوقت نست نهائيا موضوع النت وما كانت تفتحه ابدا ابدا .. وما تستخدم الكمبيوتر الا في شغل المدرسه وبس ..

                وفي الجانب الآخر ..كان و مازال خالد يذكرها .. وكيف ما يذكرها ...ومشاعرها واحساسيها تسري بكيانه ... وبين فتره وثانيه .. يقعد على الكمبيوتر ويفتح النت وينتظرها .. وينتظر ...على امل انه ايلاقيها في يوم .. ولكن .. ما الها أي وجود ... لان مريم كانت فعلا مصممة كل التصميم انها ما تفتحه ابدا .. ومانعه بها الشي أي وسيله ممكنه للاتصال بينها وبين خالد ..

                ومضت الايام اكثرواكثر ... ست شهور كامله مضت من آخر لقاء جمع خالد بمريم بواسطة النت .. ولهذا... بلغ اليأس مداه عند خالد .. وساعتها ايقن تمام اليقن انه لا لقاء بينه وبين مريم مره ثانيه في هذا العالم ...

                ومع نهاية الشهر السادس .. رجع عادل اخو خالد من الولايات المتحده الامريكية في اجازه قصيره لبلده الامارات ، واول ما خطت رجلاه ارض الدوله .. لقى خالد بالانتظار... وبسلام حار على أرض المطار .. واتجهوا مباشرة لمدينة الاحـرار .. العيـن.. اللي استقبلتهم بكل الحب والازهار ..

                وبعد ما استراح عادل من تعب وعناء السفر .. كان له قعده طويله مع خالد .. يحكيله ويسولفله فيها عن المواقف اللي صارته في سفره وبنفس الوقت ... يطمن على اخبار خالد .. وبدأ عادل بالكلام وقال بلهفه :
                عادل : والله اشتقنالك واااايد يا خالد ..
                ابتسم خالد وقال :
                خالد : شوقك اكبر يا عادل ..
                ابتسم عادل بدوره وقال بصدق :
                عادل : والله ان العيشه بامريكا بكل اللي فيها من تطور .. ماتسوا لحظه وحده اعيشها هنيه على ارض بلادي ...
                ابتسم خالد وقال بهدوء:
                خالد : طبعا .. لانها بلادك .. أرض أحبابك ...
                تنهد عادل وقال :
                عادل : اكيد ..
                تابع خالد كلامه وقال بلهجة عتاب :
                خالد : الا قولي يا عادل .. ليش ما ييت عرس اختك روضه قبل شهرين ... انتي قلت بتترخص اسبوع واحد من المعهد وبتحضر العرس ..
                قال عادل بحسره :
                عادل : انا اترخصت من المعهد .. بس ما حصلت حجز للامارات في ذاك الاسبوع .. والصراحه .. الغلط كان مني لاني اتأخرت في الحجز شويه ..

                عقب خالد على كلامه وقال :
                خالد : صح كلامك .. الحجوزات صعبه شويه .. خصوصا في ها الفتره ..
                ابتسم عادل وقال :
                عادل : هيه بس زواج روضه تم بسرعه .. ما لحقوا يملجون الا وعرسوا بعد شهرين ؟!
                جاوبه خالد :
                خالد : كل شي تم بسرعه .. بعد ما اتقدم الريال لاختك قبل اربع شهور .. ووافقت عليه اختك .. ملجوا بعد اسبوع .. وما كملوا شهرين الا وهم معرسين ..

                حرك عادل ايده وهو ايأشر اتجاه غرفة روضه :
                عادل : والله ما اتصور البيت بدون روضه .. صدق انها حشره وصدعه والسانها طويل .. بس كانت ماليه البيت حركه ونشاط ..
                رد عليه خالد بأسف :
                خالد : صدقك والله .. كان ماليه البيت حياه وحركه .. بس شو انسوي .. مصير كل بنيه الزواج..

                هز عادل راسه باشارة الايجاب ، وحاول ايغير ها الموضوع ولهذا قال :
                عادل : على فكره يا خالد .. بغيت اسألك .. شخبار هاييك البنيه اللي عرفتها في الشات قبل لا اسافر... يعني قبل ست شهورتقريبا ..

                شعر خالد بضيق في صدره واتغيرت ملامح وجهه ، وكأنه ماكان يرغب في تذكرهالذكرى الاليمه .. ومع هذا قال بحسره واضحه :
                خالد : البنيه ضاعت يا عادل ..
                استغرب عادل من كلامه وردد نفس الكلمة :
                عادل : ضاعت ؟!
                جاوبه خالد بأسف وحسره :
                خالد : هيه ضاعت ..
                اتساءل عادل :
                عادل : كيف يعني ضاعت ..
                سكت خالد فتره وهوه يفكر .. ومن ثم قال بمراره :
                خالد : شوف ياعادل .. انا عايش بغصه وقهر ومراره من ست شهور كامله .. من يوم ما ضاعت عني ها البنيه ..
                رد عليها عادل بدهشه متصاعده :
                عادل : انا مب فاهم شي ابدا .. ممكن اتوضحلي اكثر ..
                التفت خالد باتجاه نقطه بعيده من الغرفه وقال :
                خالد : يا عادل ... انا محتاج لشخص افضفضله همي ويشاركني ألمني .. ألم الواقع .. واللي معذبني من شهور طويله .. وما بحصل حد يفهمني كثرك .. لانك في النهايه اخوي .. وقلبك على قلبي ..
                ساله عادل باهتمام :
                عادل : وشو اللي معور قلبك يا خالد ..
                رد عليه خالد بأسى :
                خالد : أنا بخبرك بكل السالفه وبكل التفاصيل.. من يوم ما سافرت .. لين هذي اللحظة ...

                وبدأ خالد يروي القصه كامله وبكل تفاصيلها الدقيقه لعادل .. واللي بانت عليه مظاهر الدهشه والاستغراب .. وبدا يفكر بالموضوع لحظات قبل لا يقول :
                عادل : والله سالفه غريبه وعجيبه ...بس اللي امحيرني .. هالبنيه ليش ما اتصلت بروضه اختي .. ليش اختفت بهالصوره المفاجئه طول هالفتره ..

                جاوبه خالد بانفعال وبصوت عالي :
                خالد : يا ريتني ادري .. عيزت وانا ادورها في الشات .. واظل قاعد بالساعات على الماسنجر على أمل انها تدخل ... لكن بدون أي فايده .. ضاعت يا عادل ضاعت ... ضاعت للابد.. ضاعت للابد ..

                سكت عادل لحظات وهوه يفكر .. وبعدها ابتسم ابتسامه خفيفـه وقال بحماس مشوب بالثقه :
                عادل : ما اعتقد انها ضاعت تماما ..
                اندهش خالد من كلامه وقال بصوت منخفض :
                خالد : شو قصدك ؟!
                التفتله عادل وقال :
                عادل : شوف يا خالد .. احتمال كبير ان هالبنت تدخل النت .. لكنها ما تدخل غرف الشات ولا تفتح برنامج الماسنجر... صح ..
                اتساءل خالد بدهشه :
                خالد : هيه صح .. بس في النهايه النتيجه وحده .. ما بنقدر نوصلها الا اذا دخلت الشات او الماسنجر ..
                ابتسم عادل وقال :
                عادل : لا ... ممكن نوصلها طبعا اذا فتحت النت ..
                اتساءل خالد باستغرب :
                خالد : كيف ...
                جاوبه عادل بسرعه :
                عادل : شوف يا خالد .. من حسن حظك ان برنامج الماسنجر اللي عندي بالكمبيوتر .. مربوط ببرنامج خاص كنت يايبنه خصيصا من أمريكا .. وها البرنامج يرسل ملف يشبه ملف ( الكوكيز ) وبصوره تلقائيه لاي شخص يرتبط فيه عن طريق الماسنجر..و بدون ما يدري الطرف الثاني ... وبما ان البنت اشتبكت معاك .. فمن الطبيعي ان البرنامج ارسلها ملف يشبه ملف (الكوكيز ) ..
                اتساءل خالد بدهشه :
                خالد : ملف ( كوكيز ) .. شو هذا بعد ...

                بانفعال خفيف قال عادل :
                عادل : ملف الكوكيز عباره عن ملف صغير يتكون عاده من 256 شفره تنرسل للقرص الصلب من المواقع التي تقوم بزيارتها اثناء تجوالك في شبكة الانترنت... وهي تعتبر اداه تقنيه رايعه لمتابعة أثرك اللي تتركه على الشبكه ، ووسيله مريحه عشان يتم تعقبك مستقبلا .. لكنها تعتبر ( خطره ) اذا ساء استغلالها لجمع المعلومات عن كمبيوترك ..

                اتساءل خالد..
                خالد : وكيف يدخل ها الملف للكمبيوتر ؟!
                جاوبه عادل :
                عادل : اول ما تزور موقع على الشبكه وتدخل صفحه رئيسه او فرعيه من موقع .. يقوم الموقع باصدار نسختين من ملفات ( الكوكيز ) الخاصه فيه .. نسخه يرسلها لجهازك والنسخه الثانيه يحتفظ فيها في ( السيرفر ) الخاص فيه ، ويستخدمون ها الملف في بعض المواقع مثل المنتديات او غرف الشات ..
                حرك خالد ايده وهو يتساءل :
                خالد : وشو بنستفيد منه ..
                ابتسم عادل ابتسامه خفيفه وقال :
                عادل : ملف التجسس اللي يشبه ملف) الكوكيز ) واللي يرسله برنامجي ... من النوع المتقدم والمتطور وغير عن ملفات الكوكيز العاديه... ومن مميزاته انه يتناسخ بمجرد دخوله كمبيوتر الطرف الثاني .. فيسويله نسخه في الذاكره الرئيسه وحتى في الذاكره الاحتياطيه .. بحيث تقدر اتحوله لـ ( حصان طرواده ) او ( جاسوس نائم ) .. وببساطه يتحول لملف تجسس ..وحتى لو أعدت برمجة الكمبيوتر ( الفورمات ) بيظل موجود .. لانه ينسخ نفسه او ( يتكاثر ) في كل أجزاء واقسام الكمبيوتر وانته في العاده ما بتفرمت الا الجزء الرئيسي اللي فيه بيئة الوندوز ...

                سكت خالد فتره وهو يفكر بدهشه وفي النهايه قال :
                خالد : يعني قصدك تبانا انسوي اللي ايسمونه ( هكـــر ) ونتجسس على كمبيوترات الناس ..
                ابتسم عادل وتابع :
                عادل : يمكن ايكون نوع من الاختراق او التجسس.. لكنه مب ( هكر ( ..

                اتساءل خالد باندهاش شديد :
                خالد : بس انا اسمعهم ايقولون ان (الهكر ( هم الناس اللي يتجسسون على كمبيوترات الاخرين ويسحبون ملفاتهم ومرات ايلعوزونهم مثل قلب الشاشه او تحريك ( درايفارات ) الكمبيوتر ..
                جاوبه عادل بحماس :
                عادل : اسمعني يا خالد .. الكثير من الناس فاهم ( الهكر ) غلط .. المقصود بالهكر او الناس ) الهكيره ) .. هم المتخصصين في نظم المعلومات والبرمجيات او مجموعه من المبرمجين الاكفاء والمهره .. يعني ( الهاكرز ) هم اللي صنعوا أغلب برامج الحاسبات و الشبكات و البرمجيات ... يعني باختصار هم ناس طيبين و خيرين وفنانين ساعدوا في تطوير جهاز الكمبيوتر ..

                سكت عادل لحظات وبعدها تابع :
                عادل : وفيه مفهوم ثاني معروف بعد وهو ( الكراكرز ) واصل ها الكلمه من ( الكسر او التكسير ) ومعناها العام بالنسبه لموضوعنا هو التخريب والتحطيم والسرقات ..وهم ناس مهره ومتخصصين بعد .. والفرق بينهم وبين ( الهاكرز ) ان الهكرز... مثل ما قلت... ناس خيرين سخروا مهاراتهم في التطوير .. بينما ( الكراكرز ) هم اللي يستخدمون مهاراتهم في التخريب والسرقه .. ومن اشهرهم ( كيفن ميتنيك ) اللي قدر يسرق ميتين الف ( 200000 ) بطاقة ائتمان عام الف وتسعمية وخمس وتسعين ..

                عقب خالد على كلامه وقال :
                خالد : أفهم من كلامك ان الفرق بين الهكر والكراكرز هو فرق أخلاقي ، يعني ( الهاكرز ) يبتكر ويخترع ... و( الكراكرز ) يخرب ويسرق ..

                جاوبه عادل بحماس ..
                عادل : بالضبط ..
                سكت خالد فتره وهوه يفكر وبعدها قال :
                خالد : والتجسس اللي ايسوونه الشباب ... شو انسميه ..
                ابتسم عادل وقال :
                عادل : شوف يا خالد ... نوايا الشاب العربي بشكل عام تعتبر طيبه اذا ما قارناها بنوايا الشاب في الغرب .. الشاب العربي هدفه انه يتسلى او يلعب.. وابشع شيء ممكن ايسويه انه ينتهك حرمة كمبيوترات البنات وينسخ صورهم .. بينما الشاب الغربي نوايا غيره .. الغربي ما يدور صور او يلعب ... الشاب في الغرب هدفه الفلوس او التخريب .. يعني ( الكراكرز في الغرب ) يسرق البطاقات ويخترق كمبيوترات الشركات لسرقة اسرار المناقصات وغيره .... وفي ها الحاله ... الشاب العربي ....ما يوصل لدرجة ( الكراكز ) من حيث الشر الكبير اللي فيه ... وبنفس الوقت ما يعتبر ( هاكرز ) يعني لا هذا ولا ذاك ..
                اتساءل خالد :
                خالد : عيل ليش ايسمونهم ( هاكرز) ..
                ضحك عادل وقال :
                عادل : مثل ما قلتلك .. الهاكرز في العاده هم الناس الطيبين .. وبما ان الشاب العرب طيب ... سمى نفسه ها التسميه وابتعد عن تسمية الشر اللي هيه ( الكراكرز )...

                سكت خالد فتره وبعدها قال :
                خالد : المهم الحين ... خلنا من ها التفاصيل الممله وقولي شو تبى اتسوي ..
                حرك عادل راسه وقال :
                عادل : يعني عقب ها الكلام كله ما فهمت .. بنحاول نخترق كمبيوتر البنيه اول ما تتصل في النت .. ونتحكم فيه ونسيطر عليه سيطره كامله .. ونفتح البرامج اللي نباها ...

                اتغير ويه خالد وقال بعصبيه واضحه :
                خالد : بس هذا حرام وما يجوز .. عيب نتجسس على اسرار الناس .. ونتلصص على خصوصياتهم ..

                جاوبه عادل بهدوء :
                عادل : مرات الواقع يفرض علينا اشياء احنا رافضينها بالاساس ..
                صرخ خالد :
                خالد : أي واقع هذا اللي ايخلينا ننتهك حرمة الناس واسرارهم الخاصة ..

                صمت عادل فتره وكأنه يحاول امتصاص ثورة الغضب عند خالد وقال :
                عادل : عندك حل ثاني ....

                شعر خالد بألم وغصه وحسره .. وقال بمنتهى الأسى :
                خالد : للأسف ما عندي حل ثاني ... والظاهر أن الواقع يحمل في طياته الكثير من الآلام .... بس شوف .. هذي اول وآخر مره تستخدم هالبرنامج فهمت ...
                وبابتسامه خفيفه جاوب عادل :
                عادل : انشا الله على أمرك ...

                قعد عادل على الكرسي ، وبدا بتشغيل البرنامج ، وتعديل الخيارات ، واثناء ما كان ايعدلها التفت لخالد وقال :
                عادل : ها لبرنامج فيه خيار اضافي ، وهو انك تقدر اتعرف رقم تلفون الطرف الثاني المشبوك بالكمبيوتر اذا كان يتصل من تلفون عادي بنظام الديل آب ( dial_ up ) ..

                رد عليه خالد بعنف :
                خالد : لا طبعا .. هذا سؤال تسأله .. الغي ها الخيار بالحال...مهمن كانت الاسباب والظروف... حرام وحرام انعرف هالشي حتى لو ما فادنا بشيء ..فهمت ..
                سكت عادل فتره وبعدها قال :
                عادل : وفيه شي ثاني لازم اتعرفه ..
                اتساءل خالد بضيق :
                خالد : شوه بعد ؟!
                جاوبه عادل :
                عادل : البرنامج ما بيشتغل اكثر من خمس دقايق.... من لحظة ما تشتبك مع الكمبيوتر ثاني ..
                سأله خالد بدهشه :
                خالد : ليش ؟
                جاوبه عادل باسهاب :
                عادل : مع ان البرناج قوي ومعقد .. الا ان الحمايه فيه ضعيفه شوي وممكن ينكشف من قبل شركة الاتصالات في غضون حوالي ست دقايق .. وعشان جذيه انا حاطه فيه ساعه توقيت اتعد تنازليا .. وأول ما تخلص الخمس دقايق بيسكر البرنامج ومعاه الكمبيوتر ....

                حرك خالد ايده بتوتر وقال :
                خالد : اتمنى اتكفيني ها الخمس دقايق ..

                استمر عادل في شغله... وبدأ بتجربة البرنامج .. ولما انتهى قال :
                عادل : كل شي تمام ..البرنامج شغال بكل كفاءه ... بس البنيه مب على النت .. ولازم نتريا شوي ليما تدخل النت ..
                رد عليه خالد بتوتر :
                خالد : بنصبر .. ما النا غير الصبر ...

                وفي ها الاثناء كانت مريم قاعده في غرفتها و تقرأ في كتاب ...واتذكرت لحظتها أن ( موجه ) مادتها .. مادة ( التربيه الخاصه ) طلب منها اعداد بحث عن ما يسمى بـ ( التوحد ) .. واتذكرت ان ( الموجه ) عطاها مواقع على النت خاصه بها الموضوع .. واتذكرت بعد.. انها ما حصلت المراجع الكافيه لبحثها .. ولهذا قررت وعلى مضض انها تفتح الكمبيوتر لاول مره من ست شهور كامله ولدقايق معدوده .. ليما اطلع المعلومات المطلوبه .. لكنها اتفاجأت بنسيانها للباسورد الخاص بدخول الشبكه .. ولهذا.. قامت من مكانها وسارت عند اختها ظبيه عشان تتسلف منها باسوردها ...

                وفي الطرف الثاني ما زال خالد وعادل ينتظرون على النت والبرنامج مفتوح .. وخالد قاعد ينتظر وكأنه واقف بقلب الشمس من شدة لهيب قلبه واحتباس انفاسه ...

                و لهذا ..حاول خالد انه يكسر حاجز الصمت والانتظار وسأل عادل :
                خالد : الا قولي يا عادل .. كم سنه باقلك وتتخرج من معهد الطيران ..

                جاوبه عادل بهدوء وعينه معلقه على الشاشه :
                عادل : على السنه اليايه بكون متخرج انشا الله ..
                اتساءل خالد مره ثانيه :
                خالد : واول ما بتتخرج بتتعين طيار مدني في شركه من شركات الطيران المحليه ..

                ضحك عادل بهدوء وقال : .
                عادل : لا .. وينك .. يوم بتخرج وبحصل على رخصة الطيران بكون انجــزت ( 320 ) ساعة طيران .. وشركة طيران الامارات تطلب الفين ( 2000 ) ساعة طيران على الاقل عشان اتعين بوظيفة طيار ..يعني لما اتخرج بشتغل بوظيفة مساعد طيار ليما اكمل الساعات المطلوبه ..
                سأله خالد باهتمام :
                خالد : انزين ليش ما تكمل الالفين ساعه طيران في المعهد نفسه .. لانك بهذا بتكتسب خبرات كبيره على يد متخصصين في الطيران ..

                ابتسم عادل وقال :
                خالد : يا خالد .. انتي تدري اني مسافرادرس على حسابي الخاص .. يعني من جيب الوالد .. وتكاليف دراسة الطيران عاليه وايد ... انته تدري ان ساعة الطيران الوحده اتكلف ( 150 دولار ) !! يعني لحد الآن انا صارف حوالي ( 300 ) الف درهم مصاريف معهد وسكن وغيرها .. واذا بكمل الالفين ساعه محتاج لمليون درهم .. وحرام اخسر ها المبلغ وانا اقدر أدرب في شركة من شركات الامارات الوطنيه .. طيران الامارات و ..

                قبل لايكمل كلامه .. سمعوا صوت صادر من الكمبيوتر .. ومعنى هذا الصوت... ان الكمبيوتر المراد اختراقه ... دخل الشبكه ...

                وبها اللحظة كانت مريم داخله النت .. وفتحت موقع البحث المعروف جووجل ( google ) وكتب عنوان الموضوع المراد بحثه .. وضغطت زر الارسال .. وبعد ثواني .. طلعتلها عدة مواضيع .. واختارت الموضوع اللي شافته مناسب واللي كان عن مفهوم ( التوحد ) .. وفعلا ومع اول محاوله طلعتلها كلمة التوحد .. وشافت كلمات على الشاشه توضح مفهوم التوحد وكانت اتقول : التوحد هو إعاقه متعلقه بالنمو وعادة ما تظهر في السنوات الثلاث الاولى من عمر الطفل و ....

                وبسرعة البرق انفتح جدامها برنامج الماسنجر... مع انها ما حاولت اساسا فتحه .. ومع هذا... حاولت توهم نفسها انها ضغطت عليه بالغلط ..
                فحاولت اتسكر البرنامج اكثر من مره لكنها ما قدرت . .. وهذا بسبب السيطره الكامله الموجهه ضدها من جهة الجهاز الثاني .. واثناء ما كانت اتكرر المحاولة اتفاجأت برساله مكتوبه اتقول :
                خالد : ( الام _ الواقع ) .....

                ارتبكت مريم يوم شافت اسمها الرمزي السابق واستهلكت وقت طويل في التفكير ومحاولة تفسير للي قاعد يصير وفي النهايه قالت :
                مريم : منو انت ... وكيف دخلت علي ..

                جاوبها خالد بسرعه وهوه يطالع ساعة الكمبيوتر اللي اتعد تنازليا :
                خالد : مب مهم كيف دخلت .. المهم... لازم اتعرفين اني خالد .. خالد اللي كان يراسلج قبل ست شهور .. وقطعتيه فجأه ..

                سكتت مريم فتره طويله وهيه اتفكر و تستهلك المزيد من الوقت وفي الآخر كتبت وبمنتهى العصبيه :
                مريم : وشو تبى مني .. مب كفايه اللي سويتوه فيني ... تبون اتكملون آخر فصول جريمتكم وتقضون علي نهائيا ... لو سمحت سكر هالبرنامج .. او اني بسكر الكمبيوتر نهائيا في ويهك ..

                كتبلها خالد باسلوب توسل ورجاء :
                خالد : الله ايخليج .. اصبري دقايق بس .. وبعدها اوعدج اني ما اتعرضلج نهائيا على النت ..
                ردت عليه مريم بضيق بلا حدود :
                مريم : قول بسرعه وخلصني ..
                كتبلها خالد بكل سرعته في الطباعه :
                خالد : سؤال واحد بس .. ليش ما اتصلتي هذاك اليوم بأختي ..
                ردت مريم بانفعال وغضب ثائر :
                مريم : اسأل اختك ..
                كتبلها باستغراب :
                خالد : اختي ؟! شو فيها اختي ... اختي قالت انج ما اتصلتي فيها ..
                ردت عليه مريم بعنف :
                مريم : لا والله ... انا ما اتصلت ؟! انا اتصلت فيها وهزئتني آخر تهزيء .. وعايرتني بطلاقي .. ومسحت بكرامتي الارض وذلتني آخر ذل ...وحطمت كل نبضة احساس ومشاعر بقلبي ... وانا شاكه انك مشترك معاها باللعبه بعد .. او يمكن ما اتكون اختك اصلا ..

                اندهش خالد من كلامها حتى انه نسى التوقيت الزمني واللي قاعد يمر بشراهه ولما انتبه له مره ثانيه كتب بسرعه :
                خالد : معقوله؟ روضه اختي اتسوي جذيه ! معقوله ؟!
                ردت مريم بانفعال متصاعد وكتبت :
                مريم : هيه معقوله... وسوتها فعلا .. والحين... أي اسأله ثانيه ..

                رد عليها خالد بكل يأس واحباط الدنيا :
                خالد : ما عندي أسئلة ثانيه.. بس حبيت اقول... وقبل لا افارقج نهائيا .. اني ما ادري نهائيا عن اللي سوته اختي روضه .. وانتي حره... اتصدقين ولا لا .. مع انج تقدرين تستفين قلبج وهوه يجاوبج..
                كتبت مريم بكل مراره :
                مريم : انا قلبي مات من زمان .. من يوم ما اطلقت.. وموتته مره ثانيه اختك ..

                تابع خالد كلامها وكأنه ما انتبه لحروفها الاخيرة :
                خالد : وبغيت اقولج بعد ... ان روضه بعدها شابه صغيره وما عارفه ولا خابره الحياه زين .. وفي كل الاحوال... روضه الحين اتسهلت وعرست وقاعده في بيت ريلها في ( القطاره ) .. والله ايهديها.. ويسامحها ..

                كانت مريم على وشك انها اتسكر الكمبيوتر نهائيا حتى بدون ما تقرأ الباقي من كلام خالد .. ولكن .. شدتها حروف خالد الاخيره لحظة ما ذكر المنطقة اللي متزوجه روضه منها وهيه ( القطارة ) ... ودفعها الفضول وقالت بدون وعي :
                مريم : زوج اختك من ( القطاره ) .. انا بعد من ( القطاره ) ..

                حست مريم بندم وحسره بعد ما ارسلت جملتها الاخيره لأنها كشفت مكان سكنها .. ولهذا تابع خالد بسرعه كبيره بدون ما يهتم كثير بمكان سكنها :
                خالد : هيه من القطاره ..
                سالته مريم باهتمام وفضول متزايد :
                مريم : وريل اختك .. شو اسمه .. يمكن حد من جيرانا ..

                كتبلها خالد بهدوء وعلامات الاحباط تنخر بعظمه :
                خالد : اسمه راشد بن عوض الـ .......... .

                صرخت مريم يوم شافت اسم ريل اخت خالد.... وحطت اياديها الثنتين على خدها في حركة لا إرادية وكتبت بكل سرعه وتوتر :
                مريم : مب معقوله ابدا ..
                سألها راشد باستغراب :
                خالد : وليش مب معقوله :
                رد مريم بسرعه وارتباك :
                مريم : راشد هذا.... طليقــــي!!!! ..

                اتراجع خالد للخلف من عنف الدهشه والاستغراب .. وسألها باهتمام ولهفه :
                خالد : معقوله!! .. زوج اختي ... راشد بن عوض.. يصير طليقج ..
                ردت مريم عليه :
                مريم : هيه طليقي وولد عمي.. بس انتوا... ما كنتوا تدرون انه معرس ..

                اتوقف خالد لحظات عن الكتابه وهوه يرجع بذاكرته لماضي قريب وبعدها كتب :
                راشد : الصراحه ابوي هو اللي سأل عنه.. وقالوله ان راشد ريال من عايله محترمه وابوه ريال معروف... وماظني يدري انه كان معرس.. وبعدين ابوي شاور اختي روضه وكانت راضيه وفرحانه فيه بعد .. والحينه كملت شهرين وهيه معرسه .. وعمري ما سمعت انه على خلاف مع ريلها ..

                انخفض انفعال مريم شويه وقالت بكل صدق واخلاص :
                مريم : رغم كل اللي سوته فيني روضه .. انا والله ومن كل قلبي مسامحتنها .. واتمنالها التوفيق في حياتها مع ولد عمي .. وانشاالله راشد يهتدي على ايدها و ..

                قاطعها خالد بكلمات جديده ...
                خالد : تعالي .. قبل اسبوع واحد شفت اختي روضه هنيه في بيتنا وكانت مب طبيعيه ابدا .. و كان ظاهر عليها علامات حزن خفيه و ..

                ومع آخر كلمه كتبها وارسلها خالد .. انتهت الدقايق الخمس..وانقطع البرنامج ومع انقطاعه سكر الكمبيوتر مره وحده ..
                ومع تسكيرة وانغلاق الكمبيوتر... سمع خالد صرخة فزع قويه وبصوت عالي ومرعب.. وعرف بحدسه أن مصدرها أمـــه واللي كانت قاعده تحت في الصالة مع ابوه ...

                ومباشرة... فز خالد من مكانه واتحرك بخطى سريعه ومرتبكه وطلع من غرفة عادل ونزل على الدرج بسرعه وأول ما وصل لمنتصف الدرج .. لقى امه واقفه وهيه حاطه ايدها على راسها والدمعه تنساب بحرقه من عينها .. وابوه كانت واقف مثل التمثال.. وهوه يطالع باتجاه مكان معين من البيت .. ولما التفت خالد لنفس المكان اللي يطالعه ابوه.. واللي هو باب الصاله الكبير .. لقى أخته روضه وهيه شاله شنطة ثيابها والدمعه مغرقه عينها واللي اختلطت مع الدم النازف من جبهتها .. وآثار الرضوض والكدمات ظاهره على ويها .. واعاصير من الألم والقهر محاصره كيانها ...

                لحظتها بس .. عرف خالد .. ان روضه دخلت في عالم جديد.. وبتحمل لقب جديد ...... لقب مطلقـــــه ...
                وان روضه بتشرب من نفس الســم اللي عايرت غيرها فيه .. ومن يـد نفس الشخص ....
                وانه بانتظارها ....عالـــم شنيع وفظيع من ألآلام ..[/align]

                تعليق


                • #9
                  [align=center]الجزء السادس
                  *****************

                  )) هذا وحش .. لا يمكن ايكون انسان ابدا((

                  بها الكلمات نطقت روضه وهيه ماسكه منديل ابيض وتمسح الدموع اللي رافضه التوقف ولو لثواني من عيونها .. وعلى بعد امتار منها .. كان واقف خالد .. واللي صعد معاها لغرفتها ... وتابعت روضه كلامها وقالت بلوعه وجزع :
                  روضه : ما تتصور يا خالد بشاعة ها الانسان .. كل ما حاول اصلحه يزيد شراسه وقسوه .. واليوم.. وبعد ما طفح فيني الكيل .. ما تمالكت اعصابي ورميته بمزهريه صغيره وقعت تحت نظري .. وصابته المزهريه في ركبته .. وسال الدم منها ... وبعدها ..ما شفت منه الا الويل .. مسكني بقوه وضرب راسي في الطوفه ..واتناول العقال.. وظل فتره وهوه يجلدني وبدون رحمه .. وبعدها.. قال بمنتهى البرود والسفاله انتي طالق وبالثلاث ..

                  ومع آخر كلمه قالتها روضه رفعت كفيها.. وغطت ويها.. واستمرت في الصياح والنحيب ..
                  وخالـد .. كان محتار .. هل ايعاتبها على اللي سوته في مريم ..او يواسيها على ما اصابها من مصيبه ... ولهذا آثر الصمت .. وما علق على كلامها وانتظرها ليما تهدأ شوي .. لكنها ما هدت.. وتابعت كلامها وقالت بمراره :
                  روضه : اتصور يا خالد .. راشد طلع معرس قبل لا ياخذني .. يعني غشني الجبان .. وما عرفت انه معرس الا بعد شهر كامل من زواجنا ..

                  اطالعها خالد بنظرات حاده وقال بصوت واطي :
                  خالد : ادري .. ادري انه معرس.. قبل لا ياخذج ..
                  التفتت روضه بحركة حاده واطالعت خالد بدهشه وقالت :
                  روضه : تدري؟! ... كيف تدري؟! .. ومن متى تدري ؟! ..
                  سكت خالد فتره بسيطه وبعدها جاوب بهدوء :
                  خالد : دريت اليوم .. وبالتحديد.. قبل لا تدخلين بدقايق بس ..
                  اتساءلت روضه باستغراب :
                  روضه : ومنو خبرك ؟!
                  ابتسم خالد بمراره وقال :
                  خالد : نفس الانسانه اللي عايرتيها بطلاقها هذاك اليوم .. قبل ست شهور .. تذكرين ولا اذكرج ..
                  زاد ارتباك ودهشه روضه وما عارفت شو اتقول .. ولهذا نزلت راسها للارض وقالت بصوت خافت :
                  روضه : انته عرفت ...
                  سكتت روضه لحظات لكنها تابعت بانفعال وقالت :
                  روضه : وها البنيه .. كيف عرفت بزواج راشد السابق ..
                  اطالعها خالد بنظره ناريه وقال :
                  خالد : لان البنيه هذي.. هيه الزوجه الاولى لراشد طليقج ...

                  فزت روضه من مكانها من فرط المفاجأه وظلت تتطالع راشد بكل استغراب وقالت بتوتر :
                  روضه : معقوله؟! معقوله الكلام اللي اتقوله !!.. هالبنيه .. هيه نفسها زوجة راشد الاولى .. يعني انا اتسببت لعمري بكل هذا .. يعني لو ما قلت هاك الكلام القاسي و الجارج لمريم ..كان ممكن اتحذرني من راشد ..

                  جاوبها خالد بجزء من آيه كريمه وقالها بخشوع :
                  خالد : (( وما ظلموا ولكن كانوا انفسهم يظلمــــون ))
                  اتساءلت روضه بتعجب :
                  روضه : معقوله!! اخــت ظبيه .. هيه نفسها البنت اللي كلمتها !!
                  بدا التوتر واضح على ويه خالد لما سألها :
                  خالد : ظبيه .. ها البنيه عندها اخت اسمها ظبيه ..
                  حركت روضه راسها باشارة الايجاب وقالت :
                  روضه : هيه.. اسمها ظبيه .. وانا مرات كنت اشوفها يوم كانت اتزور عمي ابو ريلي واللي يصير عمها طبعا... وهيه اللي خبرتني ان ولد عمها راشد كان متزوج اختها مريم ..
                  حس خالد بموجه من الارتياح يوم عرف اسم البنيه ولهذا غمض عينه وقال بصوت حالم :
                  خالد : ياســلام ..اسمها مريم ... على اسم اشرف واطهر نساء الكون .. مريم بنت عمران ....و
                  قاطعته روضه وهيه اتقول بحماس :
                  روضه : بس صراحة .. انا وايد معجبه بظبيه .. بنيه عاقله وحنونه وحكيمه و عقلها كبير و ..
                  أكد خالد على كلامها فقال بمنتهى الثقه :
                  خالد : ومريم ما تقل عنها عقل وحنان ...
                  عقبت روضه على كلامه بهدوء وقالت :
                  روضه : اكيد .....

                  سادت لحظات صمت طويله بعد كلمة روضه الاخيره .. لكن.. ما لبثت ان انفعلت روضه وقالت بصوت عالي :
                  روضه : انا لازم اصلح غلطي .. لازم اعتذر لها الانسانه المظلومه مريم .. واحب على راسها عشان اتسامحني .. وبعد هذا.. لازم اكفر عن ذنبي واجمع بينكم .. مثل ما فرقتكم من قبل ...
                  ابتسم خالد بفرحه وقال :
                  خالد : صدق يا روضه صدق ....
                  جاوبته روضه بحزم :
                  روضه : هيه صدق ..
                  اتساءل خالد بهلفه :
                  خالد : وكيف بتتوصلين الها ..
                  جاوبته بثقه :
                  روضه : من ناحية الوصول اطمن .. انا وظبيه صرنا ربع.. وما بتنقطع علاقتي معاها بسبب طلاقي من ولد عمها .. انا باتصلها وبحدد معاها موعد وبكلمها بالموضوع وبقابل مريم وبستسمح منها .... انا ما برتاح ولا يهدالي بال الا يوم اتسامحني ..
                  مد خالد ايده ومسح الباقي من دموع روضه وقال :
                  خالد : الله ايخليج النا يا روضه .. ويعوضج بريال صالح ... انا ادري ان الطلاق صعب .. لكن .. هذا قدر من رب العالمين ولازم نرضى فيه ...
                  نزلت روضه راسها للارض وقالت بأسى :
                  روضه : احمدك على كل حال يارب ... صحيح اني بمر بفتره نفسيه صعبه .. لكني بحاول اتكيف مع وضعي اليديد على قد ما اقدر .. لازم اواجه الواقع و اقاومه بكل مراراته .. لان الاستسلام له اكبر هزيمه ..
                  ابتسم خالد من كلام اخته وقال :
                  خالد : صدقتي ..
                  تابعت روضه كلامها وقالت بصوت خافت :
                  روضه :... وقبل لا اطلب من الله العون والمساعدة ... وعشان اقدر اقاوم وضعي بكل شجاعه.. لازم اصحح كل الاخطاء الكبيره اللي ارتكبتها بحق ها الانسانه وبحقك يا خالد ... وانشا الله بعد كم يوم .. وبعد ما تهدأ نفسيتي شويه .. بسير بنفسي وبصلح كل اللي انكسر ..

                  مسك خالد راس اخته وحبها بنعومه عليه .. وقالها بكل حنان ..
                  خالد : الله ايخليج يا روضه .. ولايحرمنا منج ..
                  حطت روضه عينها بعين خالد واتسربت دمعه من عينها وقالت بصدق وحنـان :
                  روضه : ولا يحرمنا منك يا خالــــــد ....

                  *****************************************

                  بعد مضي يومين .. كانت روضه راكبه مع خالد بسيارته وبطريقهم لبيت مريم .. بعد اتصلت روضه بظبيه وحددت معاها الموعد ..

                  واثناء ما كانوا بالطريق .. اتساءل خالد فقال:
                  خالد : اشكثر بتمين عندهم ياروضه..
                  جاوبته روضه بعد تفكير بسيط :
                  روضه : مب وايد . ساعه او ساعتين بالكثير ..
                  سكت خالد شويه ثم قال :
                  خالد : وشو بتسوين عندهم بالضبط ..
                  ومع ابتسامه خفيفه جاوبته :
                  روضه : اول شي بقعد اسولف ويا ظبيه .. وبعدها بشوف مريم وبستسمح منها و ..

                  قاطعها خالد بعد نفاذ صبره :
                  خالد : وشو بعد ..
                  ابتسمت روضه وقالت :
                  روضه :مثل ما اتفقنا بحاول اصلح اللي انكسر ..
                  وبلهجة توسل ورجاء قال خالد :
                  خالد : ارجوج يا روضه .. اسأليها اذا كانت بتوافق علي او لا ...
                  حركت روضه راسها باشارة الايجاب وقالت بهدوء :
                  روضه : انشا الله .. بسوي كل اللي اقدر عليها...
                  ابتسم خالد بلطف وقال :
                  خالد : بس هاه .. مب اتسوين مثل المره اللي فاتت ... واتخربين بدل ما تصلحين ..
                  ضحكت روضه مع كل حزنها وقالت :
                  روضه : لا.. ماعليك .. ها المره انا متحمسه اكثر منك ... ومب عيب ان الانسان يغلط .. لكن العيب انه يستمر فيه.. وما يحاول يصحله ..
                  ابتسمت خالد بدوره وقال :
                  خالد : بارك الله فيج يا روضه ... على العموم بعد ما تخلصين اتصلي فيني تلفون عشان ايي آخذج ..
                  ردت عليها روضه :
                  روضه : انشا الله ...

                  ****************
                  وبعد دقايق معدوده اشرت روضه لخالد لدخول شارع محدد عشان ادليه البيت واللي كان مجابل لبيت عم مريم تماما بمنطقة ( القطاره بالعين ) ، ولماوصلت السياره لبيت مريم .. نزلت روضه من السيارة ودقت جرس الباب .. ولما فتحولها الباب اتحرك خالد باتجاه طريق العوده للبيت .. واول ما دخلت روضه بيتهم كانت ظبيه في الاستقبال ..وبعد السلام والترحاب والضيافه .. بدت ظبيه في الكلام وقالت :
                  ظبيه : بصراحه يا روضه.. انا ما عارفه وين اودي ويهج منج ... طبعا بسبب اللي سواه فيج ولد .. لكن شو انسوي .. قدر ومكتوب .
                  نزلت روضه راسها للارض وقالت بأسى :
                  روضه : بالعكس ..انا اللي مب عارفه ، اودي ويهي منج وين ..
                  استغربت ظبيه من كلامها وقالت :
                  روضه : وانت شو ذنبج .. انتي الضحيه .. وراشد هو السبب في طلاقج مثل ماكان السبب في طلاق اختي مريم ..
                  ردت عليها روضه بخجل :
                  روضه : انا ما اقصد سالفة طلاقي ..
                  اتساءلت ظبيه باهتمام :
                  ظبيه : عيل شو تقصدين ..
                  اتوترت روضه وقالت بصوت خافت :
                  روضه : انا اقصد الجرم اللي سويته بحق اختج مريم ..
                  زاد اندهاش روضه وقالت :
                  روضه : اللي سويتيه في مريم ؟! غريبه ! انتي عمرج ما شفتي مريم !!

                  جاوبتها روضه بصوت مرتجف :
                  روضه : آآآ .. بصراحه .. بغيت اقولج .. انا روضه اخت خالد .
                  اتساءلت ظبيه :
                  ظبيه : خالد !! أي خالد !

                  اتحاشت روضه النظر بعيون ظبيه وقالت بخجل :
                  روضه : انا اللي اتصلت باختج مريم قبل ست شهور .. وسمعتها كلام جارح وعايرتها بطلاقها و ..
                  قاطعتها ظبيه باستغراب وقالت :
                  ظبيه : معقوله .. انتي يا روضه اتسوين جذيه !.. انتي! .. انتي ما تتصورين شكثر الالم اللي سببتيه لمريم ..
                  نزلت دمعه من عين روضه وقالت :
                  روضه : ادري والله ادري .. وندمانه كل الندم على كل كلمه قلتها في حقها.. وانا يايه الحينه خصيصا عشان اعتذر الها واترجاها اتسامحني ..

                  سكتت روضه لحظات .. وظلت عينها متركزه في عين ظبيه ثم قالت بهدوء :
                  ظبيه : مدام عرفت غلطتج .. فالله تعالى غفور رحيم وانشا الله بيسامحج ويتجاوز عن اخطاءج .. اما من جهة مريم فلازم تستسمحين من صاحبة الشأن نفسها ..
                  قالت روضه بانفعال :
                  روضه : هذا اللي اتمناه .. ان مريم اتسامحني بعدالله تعالى .. لكن.. قبل ها الشي .. بغيتج اتسوليفلي اكثر عن مريم .. وانا بصراحه وايد مشتاقه اشوف ها الانسانه بالذات واعرف اخبارها...

                  سادت لحظة صمت قصيره.. وبعدها تابعت روضه كلامها وقالت بصدق :
                  روضه : تدرين يا ظبيه ..يوم اشوفج والمح الرقة و الجمال الغير طبيعي في ملامحج... اقول بخاطري .. اكيد مريم ما تقل ابدا عن جمال اختها وروعتها ..

                  ضحكت ظبيه من تعليق روضه وقالت :
                  روضه : انتي اتبالغين وايد .. انا عاديه والله .و
                  قاطعتها روضه وقالت بحماس :
                  روضه : لا عاد .. انتي مب عاديه .. الجمال الفتان اللي فيج .. يسحر القلوب قبل العيون ..
                  استمرت ظبيه في ضحكها وقالت :
                  ظبيه : مع اني ما زلت مصره انج اتبالغين واتبالغين وايد .. الا اني بقول ..ان جمالي.. اذا كان فعلا موجود.. ما يعادل شي اذا ما قارناه بجمال اختي مريم ..

                  فتحت روضه عينها من الدهشه وقالت :
                  روضه : هاااه .. معقوله ..

                  ابتسمت ظبيه وتابعت باسهاب :
                  روضه : هيه والله .. ما شاالله عليها .. كانت دايما محط انظار كل العيون ... واكثر من هذا.. كانت دايما تهتم بنفسها وبجمالها .. وحتى في ايام الامتحانات اللي الوحده ما تحصل وقت اتمشط شعرها .. اتلاقينها بأحلى واجمل صوره .. ودايما اتقول (( ان الله جميل يحب الجمال))... كانـت دوم حــلوه .. وحلوه في كل شي ..حلوه بشكلها .. حلوه بحنانها .. حلوه بإحساسها .. حلوه بطيبتها .. حلوه ببسطاتها ورقة قلبها .. حلوه بنشاطها وحيويتها وحبها للحياه .. حلوه بابتسامتها اللي ما اتفارق وجها ...وكانت اتحب الورود بشكل غير طبيعي .. في الغرفه اتلاقين باقات الورود ... وكانت تجلس في الحديقه بالساعات وهيه تعتني بالورد وتسقيها .. ولما كنت اسألها عن سر شغفها وحبها للورود.. كانت اترد علي ببيت شعر واتقول :

                  الورد في غصنه هيمان لا عجب
                  .................................... إن نستلـذ الهوى في عطره العبــق
                  عطر الورود أحاسيس مرهفــة
                  .................................... ينداح رفافــه كالنور في الغســـق

                  وعلى فكره ترا (العبق ) معناه الريحه الحلوه الزكيه ،... و ( ينداح ) معناه ينسكب برفق ...و ( الغسق ) هو بداية ظلمة الليل ...

                  سكتت ظبيه لحظات بعد تعليقها الاخير وبعدها تابعت كلامها وقالت :
                  ظبيه : وكانت اتحب الورد البنفسجي بشكل خاص ..
                  ضحكت روضه بدلال وقالت :
                  روضه : طبيعي اتحب البنفسجي .. لانها طبيعي... عيناويـــــه ... والمنطق العيناوي يفرض نفسه ..
                  شاركتها ظبيه الضحك وقالت :
                  ظبيه : والله يمكن ... ومع هذا انا اعتقد ان الالوان الها مدلولات نفسيه خاصه عند بعض الناس ... ويمكن ايكون الها مدلول خاص عند مريم ..
                  اتساءلت روضه بدهشه..:
                  روضه : يعني اللون البنفسجي ، على شوه ايدل ..
                  فكرت ظبيه لحظات وبعدها قالت بهدوء:
                  ظبيه : يدل اللون البنفسجي على الرقه والمشاعر المرهفة الودودة المخلصة ، وبنفس الوقت يرى الخبراء ان الشخصيات اللي اتفضل اللون البنفسجي تبدو وكأنها تنتمي لعالم آخر غير اللي نعيش فيه ، هي شخصيات خلاقه ومبتكره وتتسم بقدر من الروحانيـــه والحساسية وتعرف كيف تهرب من الواقع عن طرق الاحلام ، .. وها اللون يساعد على مقاومة الانفعالات العصبيه الشديدة ، لكنه مع هذا لا ينصح للشخصيات الحزينة او اللي لديهم الاستعداد للاكتئاب والحزن ..

                  صمتت ظبيه لحظات ثم تابعت بأسى :
                  ظبيه : هذي كانت حياة مريم قبل الزواج .. لكنها بعد الزواج .. اتغيرت كليا .. راشد سرق وسلب منها كل شي .. جمالها .. ضحكتها .. سعادتها .. وحتى احساسها قضى عليه راشد ... جعل من مريم .. قلب بدون نبض .. وجسم بلا روح ... وظلت مريم على ها الحاله اثناء زواجها .. وزادت طبعا بعد طلاقها .

                  نزلت روضه راسها للارض وقالت بأسى :
                  روضه : ما تستاهل مريم.. اللي صارلها يهد جبال.. وانا بغبائي كملت عليها .. الله ايصبرها انشا الله .

                  ابتسمت ظبيه فجأه وقالت :
                  ظبيه : بس الحينه مريم .. والحمدالله .. اتجاوزت محنتها .. وخصوصا بعد ما اشتغلت واتفاعلت مع المجمتع بصوره طبيعيه .. اتحب شغلها وايد ومجتهده فيه لابعد حدود .. واكثر عن جذيه.. ان مريم ومع انها اول سنه تشتغل فيها الا انها ابتكرت الكثير من البرامج التعليميه اللي اتساعد على تبسيط المناهج الدارسيه . وهذا اللي خلى المنطقة التعليمية تمنحها الكثير من الجوائز وشهادات التقدير .. ورشحوها بكل ثقه لجائزة ( الشيخ حمدان بن راشد ) للاداء التعليمي المتميز.. وقالوا انها فوزها بالجائرة مسألة وقت لا اكثر.. والحينه مريم ، مطلوبه وبشده عند كل مديرات المدارس..

                  ابتسمت روضه من خاطرها بعد سماعها لها الاخبار وقالت :
                  روضه : والله انج اثلجتي صدري بها الاخبارالحلوه ..

                  تابعت ظبيه كلامها وقالت بكل حماس :
                  ظبيه : مريم اختي عرفت طريجها عدل .. وعرفت ان الخيره فيما اختاره الله .. مهمن كانت صعوبته على النفس ...
                  وان الظروف اللي يمر فيها الانسان ما تعيقه ابدا عن تكملة حياته ونجاحه فيها ..
                  و ان الابتلاء من رب العالمين هو اللي يدفع الانسان للتميــز والتفوق ....
                  وان النجـــــاح يـولـــــد مــن رحــــــم المعانـــــاة .....

                  قالت روضه بلهفه :
                  روضه : والله شوقتيني موت لشوفة ها الانسانه الرايعه مريم .. اللي قدرت اتحطم كل القيود وتوصل لابعد حدود ...
                  ردت عليها ظبيه بهدوء:
                  ظبيه : مريم الحينه .. قاعده في غرفتها وتشتغل في اعداد برنامج تعليمي جديد .. ما شاء الله عليها.. دايما اتفكر بالاحدث والافضل لطالبتها ..
                  قالت روضه بامتنان :
                  روضه : الله يطول عمرها ويخليها ذخر لبنات وطنها ..
                  قامت ظبيه من مكانها وهمت انها تتحرك باتجاه غرفة مريم وقالت :
                  ظبيه : عن اذنج دقيقه .. بسير اناديها ..
                  اتحركت ظبيه باتجاه غرفة مريم لكنها وقفت بنص الطريق والتفتت مره ثانيه جهة روضة وقالت الها بحماس :
                  ظبيه : ولا اقولج .. تعالي معاي ندخل الها الغرفه سوا ..
                  قامت روضه مباشرة بعد كلام ظبيه .. وكان تصرفها هذا نابع من لهفتها لمقابلة مريم .. ولهذا لحقت ظبيه مباشرة وبدون تفكير لغرفة مريم ...

                  وقبل دقايق قليله من دخول ظبيه وروضه لغرفة مريم... كانت مريم قاعده على الكرسي بمواجهة الكمبيوتروتشتغل بالبرنامج اليديد .. ولما سمعت آذان العشاء .. وقفت كل شغلها على الفور ... وقامت من على الكرسي وفتحت صندوق ابيض صغير وطلعت منه سجادة الصلاة ، وفتحت السجاده ، وطلعت منها شيله بيضاء طويله ، وفرشت السجاده على الارض ، وانتظرت ليما انتهى المأذن من رفع الآذان ، ودعت بدعائه ، وتوسلت للرب ليمنح نبيه الشفاعه الموعوده ..

                  وبدت بالصلاه .. وصلت بخشوع شديد .. حتى انها ما حست ابدا بدخول ظبيه و روضه من باب الغرفه واللي كان خلف ظهرها تماما ... واول ما دخلت ظبيه ومعاها روضه وقفوا بمكانهم خلف ظهر مريم وهم ينتظرونها ليما اتخلص صلاتها .. ولما انتهت مريم من صلاتها .. رفعت ايدها للاعلى وبدت تدعي ربها.. وموجة الخشوع ما زالت في ذروة نشاطها حتى ان الدمعه سالت من عينها .. وبدت دعائها بآيه كريمه فقالت ..

                  مريم : (( لا إله الا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين ))... يارب.. رزقتني فلم أشكر ، وابتليتني ولم أصبر .. يــارب .. طغت علي النفس.. وأذاقتني طعم المرارة واليأس ... يــارب .. اصطفيتني بمصابك فلا تحرمني أجرك .. وثبت قلبي بما تثبت به قلب عبادك ... اللهــم اقسم لنا من خشيتك ما تحول بيننا وبين معصيتك ، ومن اليقيــن ما تهون علينا مصائب الدنيا ..وارحمنا واعفوا عنا ، يا عفو يا رحيم ...

                  بدا التأثر واضح على روضه لتعجبها من خشوع مريم الشديد ، حتى انها ما قدرت اتقاوم دمعتها .. واول ما انتهت مريم من دعائها .. قالت ظبيه بصوت هادي :
                  ظبيه : آمين ...

                  وبها اللحظه بس انتبهت مريم لوجودهم بالغرفه.. ولهذا التفتت للخلف .. واول ما التفتت صوبهم .. اتفاجأت روضه بحزمه من الانوار تتجه صوبها ، بحيث امتزج نور الجمال اللي تتمتع فيه مريم ، بنور الايمــان المشع من عينها ، ليتجسد الجمال في اروع صوره ، لدرجة ان روضه غمضت عينها لحظات لحماية عينها من شدة وهج النور المنطلق من وجه مريم .... وفتحت عينها مره ثانيه وظلت اتبحلق واتحدق في وجه مريم للحظات طويله .. وبعد ما استوعبت الموقف بكل ما فيه من روعه قالت بهدوء :
                  روضه : السلام عليكم..
                  ردت مريم بصوت مرحب :
                  مريم : وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ..
                  ساد الصمت المكان للحظات قصيره بعد ما ردت مريم السلام وما قطعه الا صوت ظبيه لما قالت وهيه اتوجه كلامها لمريم :
                  ظبيه : اعرفج على ها البنيه الحلوه .. هذي روضه زوجة ولد عمج راشد..

                  اتغير وجه مريم واتذكرت اللحظات الاليمه يوم ما كلمت روضه بهذاك اليوم الاليم .. وبان على ويها الضيق والكدر.. واطالعت روضه بنظرات ما تحملتها روضه ابدا ...فنزلت راسها للارض من الحسره والندم .. ولهذا.. حاولت ظبيه التخفيف من صعوبة الموقف شوي فقالت :
                  ظبيه : على فكره يا مريم ... ترا روضه وللاسف .. اطلقت قبل يومين .. وانا الصراحة ما لقيت فرصه مناسبه عشان اخبرج ..

                  زادت موجة الالم عند مريم .. حتى ان الدمعه نزلت من عينها من شدة حزنها على روضه .. وحست روضه باحساس مريم وعشان جذيه اقتربت منها وحبتها على راسها وقالت بتأثر:
                  روضه : سامحيني يا مريم .. انا كنت ياهله وما افتهم .. وعمري ما اتصورت انج بها الطيبه والاحساس .. صدقيني انا ما اسوا شي عندج .. ارجوج يا مريم... سامحيني.. سامحيني.

                  رفعت مريم ايدها ومسكت راس روضه ، وبدت اداعب خصلات شعرها بحنان عجيب ، وكأنها بنتها ، وقالت بكل صدق وحنان :
                  مريم : صدقيني ياروضه .. من كل قلبي..مسامحه... وبدعي ربي ليل ونهار عشان ايسامحج .. وكنت اتمنى اتعيشين حياه سعيده مع ولد عمي .. لكن .. شاء الله وما قدر فعل ..

                  قالت روضه بامتنان :
                  روضه : مشكوره يا مريم .. انتي ريحتيني من هم كابس على صدري .. و جميلج هذا ما بنساه طول عمري .

                  ابتسمت مريم في ويه روضه وهيه اطبطب على كتفها برقه .وقالت :
                  مريم : افا عليج ما مريم .. انتي شرات اختي وما بين الخوات زعل ..

                  ابتسمت روضه برقه وقالت :
                  روضه : وكرمج هذا يشجعني اطلب منج طلب ثاني اذا قدرتي عليه ..

                  اتساءلت مريم بدهشه :
                  مريم : طلب ؟! أي طلب ؟!

                  سكتت روضه لحظات وبان عليها القلق والتوتر قبل لا تقول بصوت خافت ومرتبك :
                  روضه : اخوي خالد يا مريم ..

                  وبدهشه متزايده سالتها مريم :
                  مريم : اخوج خالد !! شو فيه ؟

                  جاوبتها روضه بحماس :
                  روضه : اخوي خالد بعده شارنج .. وكان ومازال وبيظل ايعزج .. ويباج على سنة الله ورسوله .. وهو طالب مني آخذ رايج اذا كنت موافقه عليه او عندج راي ثاني ...

                  اتغير وجه مريم .. وبان عيها مظاهر الغضب و الانفعال .. وترجمت ها الشي من خلال خلعها لشيله الصلاه بقوه من راسها ولفتها بمنتهى السرعه مع سجادة الصلاه وقامت من مكانها وهمت انها اتغادر الغرفه .. وروضه في قمة اندهاشها .. واول ما وضعت مريم السجاده في مكانها اتحركت صوب باب الغرفه وقالت بصوت عالي وهيه على وشك انها تطلع من باب الغرفه :
                  مريم : اللي يباني يدخل البيوت من ابوابها .. وساعتها بفكر اذا كنت بوافق او لا ..

                  طلعت مريم من الغرفه وروضه اتحدق في الباب بدهشه ، وزادت دهشتها أكثر لما التفتت لظبيه وشافتها تبتسم وملامح الفرحه ظاهره على ويها ولهذا سألتها روضه بانفعال ودهشه :
                  روضه : شو فيها مريم .. انا ما قلت شي ايزعلها .. بعدين شو تقصد بكلامها الاخير ..

                  قالت ظبيه والفرحه معطره ويها :
                  ظبيه : بالعكس.. اللي صارهذا .. كنت اتمناه من زمان ... مريم تقصد .. ان اللي يباها يتقدملها رسميا عن طريق اهله.. يعني والديه ، امه وابوه ، ... وساعتها بيكون الها مطلق الحريه بالموفقه او لا .. وهذا ان دل.. فيدل انها استعادت كل ثقتها بنفسها واتحس انها بنت عاديه حالها حال أي بنت وانها مطلوبه وبشده وان كرامتها وكبريائها اهم من كل شي .. وان طلاقها مب معناه انها اتوافق على أي حد عشان تهرب من الواقع.... وانتي اتعرفين زين ان اكبر مشكله اتواجه بعض المطلقات هيه فقدان الثقه بالنفس بحيث يتصورن انهم غير مرغوبات من المجمتع ...

                  هزت روضه راسها وقالت بصوت خافت :
                  روضه : معاج حق يا ظبيه ...

                  سكتت روضه للحظه ثم تابعت :
                  روضه : المهم ... بترخص منج الحينه... الصراحه انا اتأخرت وايد ..

                  مسكت ظبيه ايدها وقالت بانفعال :
                  ظبيه : وين سايره ، توه الناس ، قعدي اتعشي معانا ..

                  حركت روضه ايدها وقالت :
                  روضه : مشكوره ما تقصرين ... خيركم سابق .. لكن اخوي خالد ياي في الطريج .. وخالد مواعيده دقيقه .. وانا قايلته اني ما بقعد اكثر من ساعتين..

                  ابتسمت ظبيه وقالت :
                  ظبيه : عاد لا تقطعينا .. حياج الله بأي وقت .. هذا بيتج واحنا اهلج ..

                  وبامتنان قالت روضه :
                  روضه : تسملين يا ظبيه..

                  ومع ابتسامه ردت ظبيه :
                  ظبيه : الله ايسلمج ..

                  لبست روضه عباتها واتصلت تلفون بخالد وخبرته على عجل انه اييلها وسكرت التلفون ثم قالت :
                  روضه : يا الله .. فمان الله يا ظبيه ..

                  وبلهجة وداع قالت ظبيه :
                  ظبيه : فمان الله ..

                  *********
                  بعد ما طلعت روضه من بيت مريم .. لقت خالد واقف بسيارته بالقرب من باب البيت .. وركبت معاه السياره واتحركوا باتجاه بيتهم .. وفي الدقايق الاولى من جلوس روضه في السياره كانت ساكته وما نطقت بأي حرف ، وهذا اللي زاد من توتر خالد ، فسألها بحذر :
                  خالد : هاه .. شفتي مريم ...

                  سكتت روضه لحظات وكأنها ما سمعت سؤال خالد لكنها جاوبته باختصار وقالت :
                  روضه : هيه ..

                  ازداد انفعال خالد وقال :
                  خالد : وشو رايج فيها ..

                  زادت فترة الصمت عند روضه وبعدها قالت بصوت هادي :
                  روضه : اتصدق يا خالد ... ما ببالغ اذا قلت ... انته ما تستاهلها ..

                  ابتسم خالد وقال بانفعال :
                  خالد : شو قصدج .. فيني شي ينعاب ..

                  جاوبته روضه بعد تفكير عميق :
                  روضه : انا ما قلت جذيه .. انته تستاهل كل خير .. بس الصراحه.. اذهلتني مريم بجمالها وطيبتها واحساسها .. شي ما ينوصف.. صنف من البشر ما مر علي من قبل ..

                  بدت الفرحه واضحه على وجه خالد لما قال :
                  خالد : والموضوع.. خبرتيها عن الموضوع ..

                  ردت روضه بهدوء :
                  روضه : خبرتها بس ..

                  اتساءل خالد بلهفة :
                  خالد : بس شوه ..

                  جاوبته بصوت خافت :
                  روضه : رفضت ..

                  اتفاجأ خالد بشده ، لدرجة ان السياره احتكت برصيف الشارع بعد ما فقد تركيزه على الطريق.. وبعد ما عدلها بسرعه قال بصوت باكي :
                  خالد : رفضت ..

                  انتبهت روضه الى خطأها في التعبير ولهذا صححت كلامها وقالت :

                  روضه : انا اقصد.. انها رفضت اترد علي .. و قالت اللي يباني يدخل البيوت من ابوابها وساعتها بفكر ..

                  اتنهد خالد بعد ما حس بالارتياح وابتسم ابتسامه خفيفه وقال :
                  خالد : هذا اللي اتوقعته منها .. كبريائها وثقتها بنفسها يدفعونها لها الشي .. وكلامها هذا زاد قدرها اكثر واكثر عندي ...

                  عقبت روضه علىكلامه :
                  روضه : وهذا نفس الكلام اللي قالته روضه ..لكن يا خالد .. كيف بتقنع امي وابوي بها الزواج ..

                  صمت خالد في بحر من الفكر .. ثم قال :
                  خالد : صحيح ان المهه شوي صعبه .. لكني بحاول وبكل قوتي اني اقنعهم .. وببدأ بامي .. واذا اقتنعت بيقتنع ابوي انشا الله ....

                  قالت روضه بهدوء :
                  روضه : على بركة الله ....

                  ومع كلمة روضه الاخير وصلوا البيت ، ونزلوا من السياره ودخلوا البيت بسلام... والتفكير يعصف بخالد مثل الاعصار ...
                  .... بانتظار ما تحمله الايام من قرار ..


                  في اليوم الثاني .. وعند الساعه عشر الصبح تقريبا .. كانت أم خالد موجوده في غرفتها .. وكانت تتحرك بالغرفه وهيه حاطه ايدها على ظهرها .. وكان واضح عليها بعض متاعب الحمل .. ومع هذا .. ما كانت متضايقه من الآم الحمل كثر ما كانت متضايقه لانها حملت بها السن المتأخر ، على الرغم انها في بداية الاربعينات من عمرها .. واثناء ما كانت تتحرك بالغرفه ، سمعت طرقات خفيفه على الباب .. فقالت ..
                  ام خالد : اتفضل ..

                  دخل خالد الغرفه وقال بصوت عالي :
                  خالد : السلام عليكم ...

                  ردت عليه امه بحنان :
                  ام خالد : وعليكم السلام ..

                  اتقدم خالد من أمه وحبها على راسها وقال :
                  خالد : شخبار الوالده اليوم ..

                  ابتسمت ام خالد وقالت :
                  ام خالد : الوالده بخير دام ان ولدها الغالي بخير ..

                  رد عليها خالد :
                  خالد : تسلمين يا الوالده ..

                  ردت عليه :
                  ام خالد : الله ايسلمك يا ولدي ولا يحرمنا من طلتك الحلوه علينا ..

                  وبنفس الحنان قال خالد :
                  خالد : ولا يحرمنا منج يا احلى أم بالدنيا ..

                  سكتوا اثنينتهم بعد جملة خالد الاخيره .. وبعدها تابع خالد كلامه :
                  خالد : وشو اخبار اخونا الصغير واللي بشوف النور انشاالله بعد شهرين .. وعلى فكره ترا اختي مهره خبرتني انج سويتي اختبار بالموجات فوق الصوتيه ( السونار ) اللي بينت انج حامل بولد ..

                  اتغير ويه ام خالد وبدا عليها الضيق وقالت :
                  ام خالد : هذي غلطت العمر .. ما كان لازم احمل بها السن ..

                  حرك خالد وقال بحماس :
                  خالد : وليش اتسمينها غلطه .. انتي بعدج يا اميه صغيره .. وانتي لما ولدتيني كان عمرج ( 15 ) سنه .. وانا الحين عمري ( 25 ) ، يعني عمرج الحين ( 40 ) سنه .. وهذا معناه انج بعدج بعز شبابك وعطائج ..

                  بحلقت ام خالد بويه خالد وقالت :
                  ام خالد : يا خالد .. متى بربي هالولد واكبره واعلمه ..

                  ابتسم خالد وقال :
                  خالد : بتربينه انشا الله وبتكبرينه وبتعلمينه وبتعرسينه وبتشوفين عياله وعيال عياله ..

                  ضحكت ام خالد وقالت :
                  خالد : اعرسه ... كيف اعرسه واخوه العود لين الحين ما عرس ..

                  بدا التوتر والقلق الشديد واضح على خالد لما قال :
                  خالد : خلاص .. اخوه العود ناوي ايعرس ..

                  اتفجرت ابتسامه عريضه على شفاة ام خالد وقالت :
                  ام خالد : اخيرا نويت اتعرس .. اخيرا ولدي العود بيعرس ..وبيدخل على بيتنا الفرح بعد طول غياب ..

                  زاد توتر خالد .. وظل صامت ويفكر .. مما دعى امه لتكلمة كلامها وقالت :
                  ام خالد : من باجر بخطبلك احسن ابنيه في العين ومن اكبر العائلات و ..

                  قاطعه خالد بأدب وقال :
                  خالد : ما يحتاي تختارين يا اميه ..

                  اندهشت امه من كلامه وقالت :
                  ام خالد : شو تقصد ..

                  جاوبها بهدوء :
                  خالد : انا اخترتها بنفسي ..

                  حس خالد انه اتسرع شوي ، ولهذا استدرك الموقف بسرعه وقال :
                  خالد : اقصد ان روضه اختي شافتلي خوش بنيه ، وانا بصراحه ارتحتلها وايد من كلام اختي عنها ..

                  اتساءلت ام خالد :
                  ام خالد : منو ها البينه ، وبنت منو ..

                  جاوبها خالد بحذر :
                  خالد : تستوي بنت عم راشد بن عوض ، طليق اختي ..

                  سكتت ام خالد لحظات وهيه اتفكر وقالت :
                  ام خالد : واختك اتعرف هالبنيه ، وواثقه من اخلاقها ..

                  رد عليها خالد بثقه :
                  خالد : كل الثقه ، وها البنت محبوبه من كل الناس اللي ايعرفونها ، واختي ما خلت كلمة مدح ما قالته فيها .. بس ..

                  لقطت ام خالد الكلمه الاخيره من كلامه واتساءلت باهتمام :
                  ام خالد : بس شوه ..

                  عند هالنقطة بالذات اتعلثم خالد ، وحس بجسمه يرتجف وانفاسه تتردد بقوه في صدره ، لكن اصراره وعزيمته دفعته بقوه لانه يقول :
                  خالد : بس هيه مطلقه .. وطليقها هو نفسه راشد بن عوض.. طليق اختي ..

                  حست ام خالد بصدمه عنيفه تسري بكيانها ، صدمه بددت كل مظاهر الفرحه اللي كانت موجوده قبل شويه ، وبعد ما استوعبت الموقف صرخت باعلى صوتها :
                  ام خالد : انته شو اتقول .. ولدي البكر خالد .. ياخذ وحده مطلقه .. ليش .. قلت البنات في العالم عشان ياخذ مطلقه ...

                  حاول خالد يمتص ثورة الغضب عند امه فقال :
                  خالد : يا اميه .. حتى اختي اطلقت .. ومن نفس الشخص ... وهذا معناه ان البنيه مظلومه مثل ما اختي مظلومه ..

                  وبانفعال جارف قالت ام خالد :
                  خالد : انا ما عليه اذا كانت مظلومه ولا لا .. انا اللي حارني وباط جبدي .. وفاقع مرارتي .. انك مب مجبور ابدا تاخذها والبنات تارسين الدنيا .. وبعدين مب كفايه علي مصيبة وفضيحة طلاق اختك .. عشان اتكلمها انته وتاخذ مطلقه ..

                  سكتت ام خالد فتره وانفاسها تتردد بسرعه وبعدها تابعت :
                  ام خالد : وبعدين شو بيقولون الناس عني .. بيقولون ما عرفت اتربي عيالها .. بنتها اطلقت .. وولدها بياخذ مطلقه .. اكيد بيتكلمون وبتكثر الاشاعات والاقاويل .. وبتشمت فينا الصديق قبل العدو ..

                  بدا اليأس يتسرب لخالد بعد الثوره العنيفه من أمه ولهذا حاول ايهدي من الموقف فقال :
                  خالد : يا اميه .. لا تتسرعين في حكمج .. اهدي شوي وفكري بهدوء و .

                  قاطعته بكل عنف وقالت بصوت عالي :
                  ام خالد : المسأله ما تحتاي تفكير .. مستحيل اوافق على ها البنيه طول ما فيني عرق صاحي ..

                  وباحباط متصاعد قال خالد :
                  خالد : صدقيني يا اميه .. ها البنيه وايد زينه و ..

                  ما عطته امه فرصه لاكمال كلامه وقالت بصوت صارخ :
                  ام خالد : حتى لو كانت احسن بنيه في الدنيا .. انا مب موافقه يعني مب موافقه فاهم ولا لا ...

                  ومع صرختها الاخيره انفتح باب الغرفه ، ولهذا التفت خالد ومعاه امه باتجاه الباب ،.. وبعدها.. دخل عليهم ابو خالد واللي باينه عليه مظاهر الدهشه بسبب الصوت العالي الظاهر من الغرفه ، ولما دخل قال بصوت منفعل :

                  ابو خالد : شو فيكم .. ليش اتصرخون ...

                  جاوبته ام خالد بصوت غاضب :
                  ام خالد : تعال يا بوخالد .. تعال يا حبيبي .. تعال شوف ولدك البكر خالد شو ناوي ايسوي .. يبى يفضحنا على آخر عمرنا ... ويشمت فينا العدو ..

                  بدا الاهتمام والتوتر يتسرب لقلب بو خالد واتساءل :
                  بو خالد : وشو ناوي ايسوي ...

                  جاوبته ام خالد بضيق وغضب :
                  ام خالد : ولدك العاقل والفاهم والمتعلم .. يبى يتزوج وحده مطلقه ..

                  التفت بو خالد صوب خالد واطالعه بنظره ناريه وسأله :
                  بو خالد : صدق الكلام اللي اتقوله أمك ..

                  ارتبك خالد واللي ما كان يتصور ان الموقف عصيب لها الدرجه .. ولهذا نـزل راسه للارض وقال باختصار وبصوت خافت :
                  خالد : هيه صدق ..

                  صرخ بوخالد فجأه في ويه خالد وقال بصوت مرعب :
                  بوخالد : ارفــع راســك ...

                  رفع خالد راسه فجأه.. وظل يبحلق بعيون ابوه وهو يحاول ايجاد تفسير لكلمة ابوه الاخيره ، ولحظتها.. اقترب ابوه منه ورفع اياديه الثنتين ومسك خالد من كتفيه وقال :

                  بو خالد : انا كم مره قايلك .. طول ما انته واثق انك على حق.. لا تنزل راسك ابدا ... قول اللي عندك وراسك مرفوع...

                  اتفاجأت ام خالد من كلام ريلها وقالت :
                  ام خالد : انته شو تقول يا بوخالد !!

                  اتجاهل بوخالد كلامها ، ووجه كلماته لخالد ، وبصوت حاني قال:
                  بو خالد : يا خالد ..انته مقتنع باللي ناوي اتسويه ، يعني درست الموضوع عدل ومن كافة النواحي ..

                  هز خالد راسه باشارة الايجاب وقالت بصوت مبحوح :
                  خالد : هيه يا بوي .. انا فكرت واقتنعت ودرست الموضوع بعقلي وقلبي .. وواثق ان الانسانه هذي وبإذن الله.. بتسعدني .. واكثر من جذيه انا استخرت رب العالمين وحسيت عمري مرتاح ..

                  ابتسم بو خالد وقال :
                  بو خالد : انته ولدي العود ، وانا كنت ولازلت واثق فيك وبرجاحة عقلك و ..

                  صرخت ام خالد وقالت بعنف :
                  ام خالد : الريال اتينـن هوه مع ولده !!

                  استمر بوخالد في تجاهله لام خالد وقال لخالد :

                  بو خالد : ومع هذا انا بسأل عن البنيه زين وبدقه ها المره .. عشان ما اكرر غلطتي مع اختك .. واذا اتأكدت انها بنيه زينه .. بخطبلك اياه على طول .. وبكون اول واحد يبارلك فيها ..

                  وبانفعال وصل مداه مسكت ام خالد تحفه صغيره ورمتها بالارض وهيه اتقول..
                  ام خالد : اذا سويتوا هالاخبال اللي براسكم ، ما بحظرلكم .. لا بخطبه ولا بملجه ولا بعرس .. وانسوا ان عندكم وحده اسمها ام خالد ..

                  اتحركت ام خالد باتجاه الباب .. ولحقتها عيون خالد وابوه .. واول ما عدت الباب سكرته بكل عنف ، حتى ان جدران الغرفه اهتزت من الصدمه ..
                  ولهذا قال خالد بأسى :
                  خالد : بس يا بويه ، اميه ما موافقه ، وانا خايف على مشاعرها ، وبعدين قالت انها ما بتحضرلي لا في خطبه ولاملجه ولا عرس ..

                  ابتسم بو خالد وقال :
                  بوخالد : لا تشوفني طيب مع امك وساكت عنها وتعتقد ان ما اقدر عليها .. لا .. لازم اتعرف اني في الحق ما خاف لومة لايم ، ومن أي انسان مهمن كان ، وأمك بتحضر غصبن عنها وريولها فوق راسها كل مراسم العرس ، وهيه تضحك بعد ،.. وأمك عارفه زين ان زعلي صعب .. وعارفه بعد.. شو اقدر اسوي ... ومثل ما قلتلك .. وبقولك مره ثانيه وبظل اقولك .. طول ما انته على حق ..لا تخاف الا من ربك ..

                  نزلت دمعة فرح من خالد ، ومسك ايد ابوه وقبلها بكل امتنان وحب وقال :
                  خالد : الله ايخليك النا يابوي ولا يحرمنا من عطفك وحنانك ..

                  وبحنان ابوي قال بوخالد :
                  خالد : ويخليك النا يا خالد وانشوف عيالك عن قريب بإذن واحد احد ..

                  ومع لحظات الحنان هذي انتهت مهمة خالد بنجاح .. وبانتظار الخطوه الثانيه وهيه التقدم رسميا لمريم .. واللي ماطولت الا ايام بسيطه ... وفي هالايام قام بوخالد بالسؤال وبمنتهى الدقه عن مريم واهلها ، ..وما وصله عنهم الا كل خير.. واكثر حتى مما كان يتوقع ، وهذا اللي دفعه لانها يسارع بطلبها من ابوها بشكل مباشر وبدون انتظار ... وكالعاده.. رد عليهم ابو مريم بضرورة الانتظار لفتره ليما يسألون عن خالد وبنفس الوقت ياخذون راي البنت ...

                  ************************

                  كانت مريم قاعده في غرفتها وهيه فاتحه المصحف وتقرأ مجموعة آيات من الذكر الحكيم .. وبعد لحظات سمعت صوت طرق خفيف على الباب فقالت :
                  مريم : اتفضل ..

                  دخل عليها ابوها ولاحظ انها فاتحه المصحف فقال بصوت خافت :
                  بومريم : الظاهر اني قطعت عليج قرايتج ..

                  سكرت مريم المصحف وحبته وحطته بمكانه المعتاد وقالت :
                  مريم : لا ابدا .. انا فعلا خصلت الايه اللي كنت اقراها ..

                  سكت بومريم لحظات ، وهوه يفكر ... يفكر بالطريقه اللي يفاتح فيها بنته بموضوع الشاب اللي اتقدم الها فقال :
                  بو مريم : بغيت بموضوع مهم يا مريم ..

                  اتساءلت مريم باهتمام :
                  مريم : أي موضوع ..

                  جاوبها ابوها بحماس :
                  بومريم : فيه واحد متقدملج ...

                  اتساءلت مريم بدهشه :
                  مريم : واحد متقدملي ...

                  هز بومريم راسه وقال :
                  بومريم : هيه .. واحد اسمه خالد ومن عايله طيبه واصيله .. وانا بصراحه ماشايف عليه أي قصور ..

                  سكتت مريم وهيه تتطالع ابوها بنظرات غريبه ، وهذا اللي دفعه لانه يقول :
                  بومريم : هاه يا بنتي شو رايج ...

                  جاوبت مريم بهدوء :
                  بومريم : اللي اتشوفه مناسب يا بوي سوه ، وانا عمري ما عصيتلك أمر ..

                  قال بومريم بحماس :
                  بومريم : بس مع هذا لازم أخذ رايج وتبدين مواقفتج ...

                  ابتسمت مريم وقالت ببرود وبصوت واطي :
                  مريم : عيل .. ما خذيت رايي في زواجي الاول ...

                  حس بومريم بحسره وهوه يعض شفايفه باسنانه ، وقال بمراره :
                  بومريم : كانت غلطه وغلطه عوده وبظل اكفر عنها طول عمري ..

                  نزلت مريم راسها للارض وما ردت عليه بأي جواب ، ولهذا تابع بومريم كلامه وقال بحزم :
                  بو مريم : شوفي يا مريم ، لاتفتكرين ابدا اني ابغي الفكاك منج .. لا .. انتي بنتي وبتعيشين معززه ومكرمه طول ما انا عايش ..سواء اوافقت او ما وافقتي ، ومع هذا.. انا ودي اطمن عليج وازوجك ريال يصونج ويقدرج ..

                  ما لقى بومريم أي جواب من مريم ، فقال :
                  بومريم : ها شو قلتي يا مريم ...

                  جاوبته مريم ها المره وقالت بهدوء :
                  مريم : اهم شي.. صلاح الريال واخلاقه ..

                  وبانفعال قال بو مريم :
                  بو مريم : من ها الناحيه اطمني .. الكل يمدح فيه .. والريال معروف بصلاحه واخلاقه عند اهل المنطقه كلها ..

                  قالت مريم بصوت حاني :
                  مريم : والحرمه شو تبى اكثر من ريال صالح يصونها ويحترمها ويقدرها ويعطيها كل حقوقها ...

                  بدت ملامح الفرحه على بو مريم لما قال :
                  بومريم : افهم من كلامج انج موافقه ...

                  سكتت مريم ونزلت راسها في حياء ، وما عطته أي جواب ، وهذا اللي خلاه ايقول في فرح :
                  بومريم : بعتبر سكوتج هذا علامه من علامات الرضى ، وبرد خبر على الناس وابشرهم بموافقتج ...

                  ردت عليه مريم بابتسامه خجوله نابعه من قلب صادق وطاهر ... وهيه تمنى نفسها بمستقبل اكثر اشراقا وسعاده ..

                  وفي اليوم الثاني.. ردوا خبر على جماعة خالد .. وحددوا موعد لقدوم الرياييل لتحديد المهر ( القصص ) والاتفاق على كل التفاصيل ..
                  ومع أن مريم ، رفضت انها تاخذ درهم واحد كمهر من خالد ، وقالت انه صلاحه واخلاقه هو اغلى مهر تحلم فيه أي بنيه ، الا ان بو خالد ومعاه خالد أصروا انهم يدفعولها مهر ، ويتحملون تكاليف العرس بكل تفاصيله ، وبكل خسايره ، حالها حال أي بنيه عاديـــه ....
                  وتمت الخطبه ، وتم تحديد موعد الملجه... وبالتحديد بعد اسبوعين من تاريخ الخطبه .... واستعد الطرفان ( مريم وخالد ) لها اللحظات التاريخيه من حياتهم .... وبكل فرح وسرور وأمــــــــــــــل ....

                  *************************

                  وبعد مضي اسبوع ثاني ... وفي غرفة خالد بالتحديد .. قعد خالد ايفكر .. وكان تفكيره منصب طبعا على الحياه الجديده اللي بيعيشها ، والفترات اللي بيمر فيها ، الخطبه والملجه وبعدها الزواج .. وما قطع حبل افكاره الا صوت طرق الباب ولحظتها قال :
                  خالد : اتفضل ..

                  دخلت عليه اخته روضه الغرفه وكان باين عليها بعض الانزعاج وقالت:
                  روضه : هلا خالد ..

                  رد عليها خالد بهدوء بعد ما لاحظ ضيقها :
                  روضه : اهلين روضه ..

                  اترددت روضه ثواني لحظات قبل لا تقول بصوت حزين :
                  روضه : خالد .. قبل شوي اتصلت فيني خطيبتك مريم .. وقالت انهم مضطرين ايأجلون الملجه اسبوع واحد ...

                  اتساءل خالد بقلق :
                  خالد : ليش ...

                  وبلهجة يغلب عليها التأثر قالت روضه :
                  روضه : مريم اتقول انه ولد عمها وطليقى السابق راشد بن عوض اتوفى أمس ..

                  حرك خالد راسه في آسى وقال :
                  خالد : لاحول ولا قوة الا بالله .. راشد اتوفى ... راشد اللي كان كله شباب وحيويه يروح بلحظه .. صدق ان الموت ما يعرف صغير ولا كبير .. وما نقول الا الله يرحمه ويغفر له سيئاته ..

                  وافقته روضه على كلامه وقالت بهدوء :
                  روضه : لكل اجل كتاب ..

                  اتساءل خالد بحزن :
                  خالد : وما عرفتي شو سبب الوفاة ..

                  هزت روضه راسها باشارة الايجاب وقالت :
                  روضه : اتقول مريم ان سبب الوفاة حقنة مخدرات خاطئه ..

                  بدا التأثر ايزيد على خالد وقال :
                  خالد : لا حول الله .. الله نسألك حسن الخاتمه .. والنجاة من النار ..و

                  قاطعته روضه وقالت بتأثر :
                  روضه : يا سبحان الله ، بالرغم من كل الملايين والسلطه اللي عند راشد ، الا انه ما قدر ايمد بعمره ثواني ومات وهوه في عز شبابه ...

                  رد عليها خالد بخشوع :
                  خالد : (( ما أغنى عني ماليه * هلك عني سلطانيه ))...
                  وعلى العموم .. الميت ما تجوز عليه غير الرحمه ، وحسابه عند رب العالمين ، انشاء غفر له وان شاء عذبه ...

                  وبهدوء قالت روضه :
                  روضه : المهم الحين .. اسبوع واحد مب وايد .. بس مريم خبرتني.. اطلب منك شي ثاني ..

                  سألها خالد باهتمام:
                  خالد : طلب شوه ..

                  ردت روضه بسرعه :
                  روضه : اقترحت مريم ان حفلة الملجه اتكون عائليه وما نعزم حد ، مراعاة لمشاعر عمها ... ومصابه الجلل في وفاة ولده ...

                  قالت خالد بصوت خافت :
                  خالد : عندها حق .. مراعاة مشاعر الناس وخصوصا المقربين واجب ...

                  ما علقت روضه على كلامه ، وظلوا ساكتين دقايق ، وفجأه اتذكر خالد موضوع مهم كان في باله ، وبدت عليها ملامح الفرحه لما قال :
                  خالد : روضه .. بغيتج بسالفه واااايد مهمه ..

                  اتساءلت روضه :
                  روضه : سالفة شوه ..

                  اتردد خالد لحظات ثم قال بفرح :
                  خالد : انتي اتعرفين ان ماجد ولد جارتنا ام ماجد الله يرحمها ، يعتبر من أعز اصدقائي ، وانتي اتعرفين ان زوجته اتوفت قبل سنتين بحادث سياره ، مع انهم ما كملوا الا شهرين وهم معرسين ، وصارحني ماجد اليوم انه يباج ، وقال انه كان يتمنى يتقدملج قبل لا تتزوجين راشد ، لكنه كان خايف ترفضينه لانه كان معرس ، واليوم اتشجع اكثر وصارحني بالموضوع ..

                  احمر ويه روضه من فرط المفاجأه ونزلت راسها للارض وقالت بدلع :
                  روضه : وانته شو رايك فيه ..

                  ابتسم خالد وقال :
                  خالد : الصراحه... ماجد ما عليه قصور ، ريال خلوق ومتعلم .. وماجد الحينه عايش بروحه بعد وفاة امه وابوه ، وما عنده اخوان ، ومحتاج لحرمه صالحه ترعاه واتشوف طلباته ، و ما بيحصل احسن عنج يا روضه...

                  ما لقت روضه أي جواب بعد كلام اخوها , واستمرت في حيائها وخجلها ، ولهذا تابع خالد كلامه وقال :
                  خالد : ها شو قلتي .. اذا موافقه بخبر الوالد ، والوالد يحترم ماجد وايد ويقدره ، واكيد بيوافق على طلبه .. وبيتقدملج ماجد رسميا بعد انتهاء فترة العدة ..

                  جاوبته روضه ببسمه دلال ، وكأنها تعلن موافقتها المبدئيه عليه .. ومع ابتسامتها ابتسم خالد وقال :
                  خالد : وبنخلي ليلة فرحنا بيوم واحد .. خالد ومريم ... وروضه وماجد ..

                  ضحكت روضه وضحك معاها خالد ، وحسوا بقرارة انفسهم بأن الآلام .. آلام الواقــع... انتهـــت ..
                  وبعيشون بكل سعاده وهناء ما بقى من عمرهم ......
                  ولكن ...
                  هل انتهت فعــلا .....آلام الواقــــع...
                  مـــن يـــــدري .......

                  ************************************
                  بعد مرور اسبوع واحد .. وبصالة بيت خالد .. كانت ام خالد قاعده على كرسي من كراسي صالتها.. وهيه سارحه واتفكر .. وما قطع تفكيرها الا صوت الخدامة لما قالت :
                  الخدامه : ماما .. فيه حرمه يريد انتي عند الباب ..

                  اتساءلت ام خالد :
                  ام خالد : حرمه ؟! أي حرمه ؟! ما قالت شو اسمها ؟!

                  ردت الخدامه :
                  الخدامه : ايقول اسمها ام يابر ..

                  اتساءلت ام خالد بينها وبين نفسها ..
                  ام خالد : ام يابر ؟! أي ام يابر هاي ؟!

                  أشرت ام خالد على الخدامه وقالت بلهجه آمره..
                  ام خالد : خليها تدخل ..

                  وبعد دقايق كانت ام يابر قاعده مع ام خالد في الصاله ، وبعد السلام والترحيب ، قالت ام خالد بتساءل :
                  ام خالد : اسمحيلي يا ام يابر .. مع ان شكلج مألوف ... لكني صراحه .. ما اتذكرج ..

                  ابتسمت ام يابر وقالت :
                  ام يابر : طبيعي ما تتذكريني .. لانج ما شفتيني من سنين طويله ..

                  وبدهشه قالت ام خالد :
                  ام خالد : من سنين طويله ..

                  هزت ام يابر راسها وقالت :
                  ام يابر : هيه من سنين طويله ... يوم ما كنت جارتكم في الحي القديم بمنطقــة( المرخانيه ) ... انا ام يابر زوجة جاركم المرحوم غافان بن فارس ..

                  وبعد تفكير عميق وبحث دقيق في سجلات الذاكرة ، قالت ام خالد بلهفه :
                  ام خالد : ايوه ايوه.. الحين اتذكرتج انتي ام يابر اللي كانــت اتسوي ( البراقع) ..

                  ضحكت ام يابر وقالت :
                  ام يابر : هيه يا بنيتي .. انا هيه بالضبط ..

                  سالتها ام خالد بلهفه :
                  ام يابر : وانتي الحينه وين ساكنه ..

                  جاوبتها ام يابر بهدوء :
                  ام يابر : بنفس الفريج وبنفس البيت بعد ..

                  قالت ام خالد باستغراب :
                  ام خالد : معقوله .. لين الحين ساكنه بها الفريج وبنفس البيت القديم ..

                  هزت ام يابر راسها وقالت :
                  ام يابر : شو اسوي يا بنيتي .. بعد ما اتوفى زوجي .. وعرس ولدي الوحيد يابر .. ظليت بروحي في البيت ... لا أنيس ولا ونيس .. لا حد يسأل عني ولا يهتم فيني .. ولا حد يصرف علي ... عايشه على الله وعلى الشؤون ..

                  سألتها ام خالد :
                  ام خالد : ليش ؟! .. وولدج يابر وبينه ؟! ليش ما يسأل عنج ويهتم فيج ويصرف عليج..

                  قالت ام يابر بأسى :
                  ام يابر : يابر من عرس وخذته الحرمه ، ما قمت اشوفه الا بالاعياد .. ويابر على قد حاله وعنده دسته عيال ، وبالقوه يكفي احتياجات بيته ..

                  حركت ام خالد ايدها وقالت بضيق :
                  ام خالد : هاي الدنيا ... محد مرتاح فيها ..

                  قالت ام يابر بدهشه :
                  ام يابر : يا ام خالد .. انتوا واللهم لا حسد عايشين بنعمه وخير كثير .. يعني مرتاحين .. مب مثلي انا الفقيره اللي بالزور اتحصل لقمة عيشها ..

                  ابتسمت ام خالد بمراره وقالت :
                  ام يابر : فيه هموم ثانيه اتصيب الانسان غير قلة الفلوس ..

                  اتساءلت ام يابر:
                  ام يابر : ما فهمت ..شو الهم اللي يحمله الانسان غير قلة الفلوس ..

                  تنهدت ام خالد وقالت بعد ما طلعت نفخه قصيره من فمها ..
                  ام خالد : العيال يا ام يابر .. العيال متعبيني وايد..

                  سكتت ام يابر لحظات وبعدها قالت :
                  ام يابر : هيه.. انتي قصدج روضه .. روضه بعدها صغيره وبييلها نصيبها انشا الله ..

                  اتفاجأت ام خالد لما سمعت سيرة روضه وقالت :
                  ام خالد : وانتي شدراج عن روضه ..

                  قالت ام يابر بهدوء :
                  ام يابر : يا ام خالد .. صحيح اني بعيده عنكم .. لكن اخباركم توصلني اول بأول .. واخبار مثل هذي ما تنخش ..

                  قالت ام خالد بمراره :
                  ام خالد : الاخبار الشينه ما نتخش ابدا ..

                  ردت ام يابر :
                  ام خالد : اكيد .. الناس ما يصدقون يحصلون خبر .. وينشرونه مثل النار في الحطب ..

                  اكدت ام خالد على كلامها وقالت :
                  ام خالد : اكيد طبعا .. بس البنيه والحمدالله طالبنها ولد جارتنا ، وهوه ريال زين ، وينتظر اتخلص عدتها عشان يخطبها رسمي ..

                  اتساءلت ام يابر :
                  ام يابر : ومدام البنيه بتتسهل وبتعرس .. شو اللي متعبنج ..

                  غمضت ام خالد عينها وقالت بدون وعي :
                  ام خالد : ولدي العود يا ام يابر .. ولدي العود يبى يفضحني وياخد وحده مطلقه ..
                  ردت ام يابر باستغراب وبصوت عالي شويه :
                  ام يابر : مطلقه ؟ ! وانتي ليش اتوافقين عليها ؟

                  قالت ام خالد بضيق :
                  ام خالد : انا في الاساس مب موافقه .. لكن بوخالد اجبرني وهددني انه بيطرشني بيت اهلي ومعاي ورقة طلاقي اذا ما وافقت وباركت عرس خالد ، وبوخالد معروف اذا قال شي سواه مهمن كانت النتايج ..

                  سادت لحظات صمت طويله ، قبل لا تقطعها ام يابر واتقول :
                  ام يابر : اكيد فيه حل ...

                  اتساءلت ام خالد باهتمام :
                  ام خالد : حل ؟! أي حل ؟! ها المريوم ما ادري وين طلعتلي .. واقفتلي مثل العظم في البلعوم ..

                  قالت ام يابر بهدوء :
                  ام يابر : هيه اسمها مريم ..

                  ردت ام خالد بغضب وغصه :
                  ام خالد : هيه .. مريم .. الله لا ردها قولي آمين ..

                  فكرت ام يابر ثم قالت بهدوء وبرود :
                  ام يابر : شوفي يا ام خالد .. ليش ما تتكتمون على الملجه ، واتسونها عائليه بدون ما تعزمون ولا تخبرون حد ..

                  استغربت ام خالد من كلامها وقالت :
                  ام خالد : احنا فعلا بنسويها جذيه لان ولد عم البنت اتوفى .. لكن .. شو الفايده . خيرتهم بيعرسون وينتشر خبرهم عن كل الناس ...

                  ابتسمت ام يابر بخبث وقالت :
                  ام يابر : هذا اذا عرسوا اصلن ..

                  وبدهشه متصاعده قالت ام خالد :
                  ام خالد : ما فهمت .. شو تقصدين ؟

                  قالت ام يابر بهدوء :
                  ام يابر : شوفي يا ام خالد .. لما يملج خالد على البنيه .. بيسير بيتهم وبيشوف البنت صح ..

                  ردت ام خالد وهيه اتحرك كتفها :
                  ام خالد : طبيعي ..

                  تابعت ام يابر وقالت بحماس شديد :
                  ام يابر : وصلنا لاهم نقطه... لما يشوفها اثناء الملجه بينفر منها واتعافها نفسه ... وما بيطيق ايشوف خلقتها .. وعشان جذيه بيطلقها ..

                  صرخت ام خالد بويها وقالت :
                  ام خالد : هذا كلام ا تقولينه يا ام يابر .. البنت مثل القمر.. وتسحر عقل.. وتجذب أي ريال ايشوفها مب ينفر عنها ..

                  قالت ام يابر بمنتهى الدهاء :
                  ام يابر : حتى لو كانت احلى بنيه في العالم .. بينفر منها وبيكرها ويطلقها ..

                  وبمنتهى الدهشه قالت ام خالد :
                  ام خالد : كيف ...

                  ضحكت ام يابر وقالت ببرود :
                  ام يابر : بنسويلهم سحر ...

                  فتحت ام خالد عينها بشده ورددت :
                  ام خالد : سحر ؟!

                  تابعت ام يابر كلامها وقالت :
                  ام يابر : هيه سحر .. يعني ( عمل ) مثل ما نقول .. وبهذا ما بيقدر يستمر معاها.. وكل ما يشوفها بيحس انه شايف شيطان رجيم .. وبيطلقها قبل العرس ... وبتزول نهائيا وتفتكين من مريم وسيرة مريم ..

                  وبانفعال جارف قالت ام خالد :
                  ام خالد : مستحيل!! انا اسوي جذيه .. انا ام خالد .. اللي كنت دوم الــوم الحريم .. واتعجب من تصرفاتهم الغبيه هذي .. وسيراتهم عند المشعوذين والدجالين والنصابين .. اسويها بنفسي .. مستحيل .. ها لشي مرفوض عندي نهائيا ..

                  ابتسمت ام يابر بخبث وقالت كلمــة حـــق يـــراد بهـــا باطـــــل :

                  ام يابر : مرات الواقع يفرض علي اشياء احنا رافضينها بالاساس ... وبعدين احنا ما بنسير عند مشعوذ ولا دجال .. احنا بنسير عند ساحر معروف ..عنده خبره طويله في ها المجال ..

                  هزت ام خالد راسها بعلامة النفي :
                  ام خالد : مستحيل ابدا ... مستحيل اسير عند ساحر مهمن كانت الاسباب ..

                  قلت ام يابر بحماس :
                  ام يابر : ما تحتاي اتسيرين يا ام خالد ..اتركيلي كل شي .. انا بخلصلج الموضوع كله .. وبدون ما تتحركين خطوه وحده من بيتج ...

                  فكرت ام خالد لحظات وقالت :
                  ام خالد : وحتى لو وافقتج على كلامج ، شو بيقولون الناس لما ايعرفون ان ولدنا طلق بنت العرب ..

                  قالت ام يابر بمكر :
                  ام يابر : اذا سألوج .. قوليلهم.. اسألوا مريم .. اسألوها ليش اطلقت في المره الاولى ،.. وبهالحاله بيكون اللوم كله على مريم ، لانه مب معقوله تتطلق مرتين بدون ما يكون السبب منها ..

                  عقبت ام خالد على كلامها بتوتر وقالت :
                  ام خالد : ولو سألوني وقالوا .. ليش ولدج عقد زواجه وملج على بنتهم دام انها شينه ، شو اقول ..

                  وبدهاء شديد ردت ام يابر :
                  ام جابر : ساعتها قوليلهم .. ان مريم امسويله سحر لولدي ، واول ما فكينا السحر ، عرفها على حقيقتها وطلقها .. والناس بيصدقونج لانها مطلقه وولدج ريال عازب .. وبيقولون.. شو اللي يخلي واحد عازب ما متزوج من قبل ياخذ مطلقه .. الا اذا كان مسحور فعلا ..

                  سكتت ام خالد وهيه اتفكر بعمق ، ولهذا تابعت ام جابر كلامها وقالت :
                  ام جابر : هاه .. موافقه ولا لا ..

                  طالت فترة سكوت ام خالد لكنها تكلمت وقالت :
                  ام خالد : للاسف ما فيه حل ثاني .. والظاهر ان الواقع فعلا يفرض علينا اشياء كانت مرفوضه .. بس سمعي .. ما بدفعلج فلس واحد قبل لا اشوف النتايج بعيني .. فهمتي ..

                  ضحكت ام يابر وقالت بثقه :
                  ام يابر : وانا موافقه .. لا تدفعين فلس واحد قبل لا تشوفين بعينج قبل لا تسمعين بإذنج نهاية المقروده مريم ... واكثر من جذيه لا تدفعين شي قبل لا اتشوفين ورقة الطلاق اتلعلع بايدج ..

                  قالت ام خالد بحزم :
                  ام خالد : بس سمعي .. ابيج تدفنين العمل بمكان بعيد .. دوريلج على ابعد مكان بالصحراء وادفنيه فيه .. مابغي مخلوق واحد ايعرف مكانه حتــى انا .. فهمتي ..

                  ابتسمت ام يابر وقالت :
                  ام يابر : اطمني .. لا انس ولا جان بيعرف مكانه مهمن كان ...

                  ابتسمت ام خالد وقالت :
                  ام خالد : ومتى بتسوين السحر ..

                  جاوبت ام يابر بحماس :
                  ام يابر : في البدايه لازم تعطيني اسم البنت بالكامل واسم امها . . وانا بعد ما اطلع من عندج مباشره .. بسير عند اكبر ساحر واسوي العمل .. بس حبيت اقولج .. ان السحر ما يبدأ مفعوله الا لما يشوفها خالد ، يعني ويه بويه على الطبيعه .... ويزول مفعوله اذا ابتعدت عن نظره .. واضح..

                  قالت ام خالد بسرعه :
                  ام خالد : مفهوم مفهوم .. بس عطيني ارقامج .. عشان اتصلبج واتأكد ان كل شي تمام ..

                  ناولتها ام يابر ورقه بعد ما كتبت ارقامها وقالت :
                  ام يابر : اطمني .. كلها ايام وبتفتكين من مريم .. وللابد ...

                  ضحكت ام يابر وشاركتها ام خالد الضحكه وهم يشربون القهوه... ويضعون آخر باقه ورد على نعـــش المسكينه مريم ....
                  ومع ضحكتهم .. انفتحت ابواب جديده وعظيمه من الالام ...[/align]

                  تعليق


                  • #10
                    [align=center]


                    الجزء السابع

                    مع بداية اول يوم من أيام الاسبوع .. السبت ... وعلى كرسي من الكراسي الموجوده بمحكمة العين الشرعية ، قعد خالد وبجانبه ابوه ، وعلى يسارهم قعد اثنين من الشهود اللي احضرهم بوخالد للشهادة على عقد الزواج .. و كانوا ينتظرون قدوم وجيت بومريم .. عشان يباشرون باجراءات عقد الزواج .. والاعلان عن الملجه رسميا ...
                    وما طال انتظارهم وايد ... فكلها ساعة زمن.. وكان بومريم موجود وسطهم .. واول ما وصل قال بصوت عالي وهوه يخاطب الجميع :
                    بو مريم : السلام عليكم ..

                    ردوا عليه جميعا بلهجة ترحيب :
                    بوخالد : وعليكم السلام والرحمه ..

                    تابع بو مريم ترحيبه وقال :
                    بومريم : شخباركم وشخبار معرسنا ..

                    وبابتسامه رد عليها بو خالد :
                    بوخالد : تسلم طال عمرك .. المعرس مستعيل .. وينتظر قدومك.. وكأنه قاعد في جدر على نار ..

                    ضحك بومريم وقال :
                    بومريم : شباب ها اليوم ما فيهم صبر .. دايمن عجولين ومشتطين... وكأن الدنيا بطير ..

                    استمر بوخالد في ابتسامته وقال بدهاء :
                    بوخالد : يا بومريم .. انته يوم عرست كان عمرك عشرين سنه .. وخالد ولدي عمره الحينه خمس وعشرين سنه .. وهذا يعني .. ان ولدي صبر اكثر عنك .. صح ولا انا غلطان ..

                    ضحك بومريم وقال :
                    بومريم : عندك حق والله .. انته يا بوخالد .. ما تنغلب بالرمسه ..

                    شاركه بوخالد شعوره وقال :
                    بوخالد : افا عليك يا بومريم .. انته استاذنا .. واحنا نتعلم منك ..

                    وبامتنان قال بومريم :
                    بومريم : مشكور يا بوخالد .. هذا من طيب اصلكم ...

                    رفع بومريم ايده واطالع الساعه وتابع :
                    بو مريم : يا الله يا جماعه قوموا ... شو تتريون .. خلونا اندش على القاضي وانخلص شغلنا .. وانتوا اتعرفون القضاه ، ما يتحصلون بسهوله هالايام ...

                    قاموا من مكانهم واتحركوا مباشرة بعد كلمته الاخيره .. وباتجاه مكتب القاضي لاتمام هذا العقد .. عقد زواج مريم وخالد...

                    *********************

                    بعد دقايق قليله كانوا بالفعل قاعدين عند القاضي ، واللي كان فاتح ملفهم ويدقق في اوراقه .. ولما انتهى من شغله هذا رفع راسه وقال بلغه فصحــى :
                    القاضي : اين ولي العروس .. أي وكيلها ..

                    جاوبه بومريم بسرعه وقال :
                    بومريم : انا ابوها يا شيخ ...

                    اطالعه القاضي بنظره متفحصه وقال :
                    القاضي : اعتقد اني رأيتك من قبل عندما زوجت ابنتك البكر .. صحيح ..

                    ارتبك بومريم واتذكر انه هذا هو نفس القاضي اللي زوج مريم في المرة الاولى ، وشاء القدر انه يجتمع من نفس القاضي دون غيره عشان يزوج بنته مره ثانيه ، مع ان المحكمه فيها اكثرمن قاضي ،... ولحظتها ...ما حصل بومريم جواب غير انه ايقول بصوت خافت :
                    بومريم : هيه ..

                    اتساءل القاضي :
                    القاضي : وهل تريد الآن تزويج ابنتك البكرالاخرى ..

                    زاد ارتباك بومريم وقال بصوت مرتجف :
                    بومريم : لا يا شيخنا .. هذي نفس البنت بتتزوج مره ثانيه .. بعد ما اطلقت ..

                    استغرب القاضي ورفع الاوراق مره ثانيه واطالعها بدقه اكثر ثم قال :
                    القاضي : الظاهر ان الكاتب اخطأ في كتابه بيانات الزوجه وكتب بكرا بدل ان يكتب ثيبا ..

                    وبها اللحظه.. ادخل بو خالد وقال :
                    بوخالد : حضرة القاضي .. عطني الورقه وانا بدقايق بصلح هذا الخطأ ..

                    وفعلا اخذ بوخالد الورقه وبسرعة البرق نزل عند الكاتب ، وعدل الكلمه بسرعه وصعد مره ثانيه .. واول ما صعد لقى القاضي يسأل بومريم ويقوله بلهجه تساؤل وهوه يأشر على خالد :
                    القاضي : إبنتك مريم ... موافقة على هذا الرجل ..

                    جاوبه بو مريم بحماس :
                    بومريم : هيه نعم .. موافقه ..

                    اطالعه القاضي بنظرة شك وقال :
                    القاضي : لقد قلت هذا الكلام في المرة السابقة .. ولازلت اذكر ذلك اليوم ، بالرغم من مرور وقت طويل عليه ..

                    حس بومريم باحراج شديد وما عرف شو ايجاوب .. غير انه قال بحماس :
                    بومريم : والله انها موافقه .. واذا عندك شك انا مستعد اجيبها لك الحينه جدامك وتسمع رايها بنفسك ..

                    شعر القاضي بحكم خبرته وحدسه ، ان بومريم صادق هذي المره ، بعكس المره الماضيه ، واللي كان متشكك فيها بنوايا بومريم ، وما لقى في المره السابقه من وسيله غير النصح والارشاد .. وبعد لحظـة التفكير هذي قــال القاضي وهوه يهز راسه :
                    القاضي : اني اصدقك يا أخي ... ولست بحاجة لسؤال واحضار البنت .. طالما الاجابة حاضرة في عيونك ...

                    وبعدها... بدأ القاضي يلقن بومريم جملة عقد النكاح باعتباره الولي والوكيل .. ولما انتهى منه .. بدأ يلقن بخالد .. واللي قالها بكل حماس ولهفه ... وبعد ما انتهى .. رفع الورقه .. وخلى بومريم ايوقع عليها .. ثم وقع عليها خالد .. بالاضافة الى توقيع الشهود بعد التأكد من هوياتهم ... ثم ختم القاضي مجموعة التواقيع بتوقيعه وختمه .. وبعدها قال بصوت باسم :
                    القاضي : بارك الله لكم هذا الزواج ، ورزقكم بالذرية الصالحة انشا الله ..

                    رد عليه بوخالد وقال :
                    بوخالد : مشكوره يا شيخنا ما قصرت ..

                    اتحرك خالد جهة ابوه واتحاببوا وكل واحد يبارك للثاني .. ثم التفت جهة عمه بومريم وحباه على راسه واتبادلوا التهاني الحاره بها الزواج المبارك.

                    وبعد ما طلعوا من المحكمة اتحرك خالد ومعاه ابوه باتجاه بيتهم ، واول ما وصلوا البيت لقوا ام خالد ومعاها روضه ومهره ينتظرون جيتهم ، وبعد ما دخلوا ، استقبلتهم روضه بزغروطه طويله مشبعه بالفرح والسرور ، بينما اكتفت ام خالد بابتسامه صغيره مرسومه بالغصب على شفاها .. ولحظتها بدت روضه بالكلام وقالت بصوت فرح وهيه اتمـد في حروف كلماتها :.

                    روضه : الف الصلاة والسلام عليك يا حبيب الله محمد ...

                    وانطلقت زغروطه ثانيه من حلق روضه ، بينما ضحك خالد ومعاه ابوه ... واتحرك خالد جهة امه ، وحبها على راسها ، وهيه بدورها قابلته بابتسامه باهته وقالت بصوت هادي :
                    خالد : مبروك يا خالد .. مبروك ..

                    وبانفعال وسعاده رد عليها خالد :
                    خالد : الله ايبارك فيج يا اميه ولا يحرمنا من دعواتج ...

                    التفت خالد جهة اخته روضه .. واتوايه وياها بدوره .. وسوا نفس الشي مع اخته الثانيه مهرا .. واتذكر خالد اخوه عادل اللي سافر قبل يومين واللي كان يتمنى وجوده بها اليوم .. واثناء ما كان يفكر سمع صوت روضه وهيه تقول بحماس :
                    روضه : شد حيلك يا عـريس وقوي قلبك ، دخلت القفص ومــالك منه هـــروب ...

                    ضحك خالد وقال :
                    خالد : الله يقطع سوالفج يا روضه ، حتى بها اليوم.. اتوترين اعصابي..

                    ابتسمت روضه بدلال وقالت :
                    روضه : المهم .. تعال معاي الغرفه الحينه... بعطيك رقم مريم عشان تتصل فيها واتكلمها ..

                    خفق قلب خالد وقال بحياء :
                    خالد : انزين تونا مالجين .. على طول جيه اكلمها ..

                    ابتسمت روضه وقالت بصوت عالي :
                    روضه : اطاعوا هذا شووو يقول .. ياعمي افهم .. مريم الحين زوجتك ، اتكلمها متى وكيف ما حبيت ، لا.. واكثر من جيه ، ما تخطي شبر برع البيت من غير شورك ...

                    جاوبها خالد بابتسامه عذبه وقال :
                    خالد : اف .. لها الدرجه ..

                    رد عليها بسرعه :
                    روضه : واكثر عن جذيه بعد .. يا الله... تعال معاي الغرفه.. وطفي نار اللهفه والشوق اللي حارقين قلبك .. يالله ..
                    قال خالد بحرج :
                    خالد : هيه بس ..

                    ما عطته روضه فرصه عشان يكمل كلامه ، ومسكته من ايده وسحبته وراها والابتسامه تعلو وجوههم وركبوا الدرج ، وتلاحقهم عيون بوخالد وام خالد ، ليما اختفوا عن الانظار تدريجيا ، وساعتها قال بوخالد :
                    بوخالد : الله ايهينه انشا الله ، ويجعل هالزواج باب خير وسعاده عليه وعلينا بإذن رب العالمين ...

                    انتظر بوخالد تعليق من ام خالد لكنها ظلت ساكته وجامده وكأنها اتفكر في شي او سرحانه بعالم ثاني ، ولهذا قال بوخالد بصوت عالي وهو يهز جسم ام خالد:
                    بوخالد : ام خالد .. شو فيج !!

                    نقزت ام خالد لما صحاها بوخالد من احلام اليقظه وقالت بانفعال :
                    ام خالد : هاااه ... لا.. ماشي .. آآآ .. عن اذنك بسير غرفتي شويه ..

                    اتحركت ام خالد بسرعه وعيون بوخالد المدهوشه وراها ليما وصلت غرفتها وسكرت بابها بعنف واول ما سكرت الباب ، طلعت تلفونها واتصلت على رقم معين ، ورن التلفون ، وانتظرت دقايق طويله على اعصابها ، وفي النهايه سمعت صوت الطرف الثاني يتكلم بهدوء ويقول :
                    المتكلم : ألوووو .
                    ردت ام خالد بانفعال :
                    ام خالد : وينج انتي .. ليش ما تردين على المكالمه بسرعه ... ام يابر .. اباج ضروري .. ضروري.

                    وبسرعه ولهفه قالت ام يابر :
                    ام يابر : بنت حلال .. تونيه بتصلج ..

                    اتساءلت ام خالد بدهشه :
                    ام خالد : بتتصلين فيني؟! .. ليش؟! .. هيه ....اكيد سويتي السحر ..صح..
                    جاوبتها ام يابر بتوتر :
                    ام يابر : لا.. ما سويته .. وعشان جذيه كنت بتصلج ..

                    وبعصبيه قالت ام خالد :
                    ام خالد : وليش ما سويتيه .. احنا ما اتفقنا انج اتسوين السحر اول ما تطلعين من عندي ..

                    جاوبتها ام يابر بهدوء وتركيز :
                    ام يابر : شوفي يا ام خالد ، طول ها الاسبوع وانا ادور، ماخليت ساحر الا وسرلته ، لكني ما اقتنعت بأي واحد منهم خصوصا ان اكثرهم دجالين ومشعوذين ونصابين وما يعرفون بالسحر الحقيقي شي ، وفي الآخر دلوني على أكبر ساحر وابرعهم في عمل الاعمال ، وعنده اتصالات كبيره مع كبار الجن واتباعهم من الشياطين ..

                    سألتها ام خالد بحماس :
                    ام خالد : وليش ما سويتي السحر عنده ؟!..

                    اترددت ام يابر قبل لا تقول بصوت خافت :
                    ام يابر : الساحر رفض يسوي السحر قبل لا ندفعله ...

                    حست ام خالد بضيق وقالت :
                    ام خالد : بس احنا اتفقنا اني ما ادفعلج فلس قبل لا تظهر نتايج السحر .

                    جاوبتها ام يابربتوتر متصاعد:
                    ام يابر : شو اسوي يا ام خالد ... السحره العاديين ممكن يصبرون.. لكن الساحر هذا بالذات ولانه معروف وسحره حقيقي و قوي ومفعوله شديد .. مارضي ايسوي شي قبل لا ندفع ، وانا لوكان عندي هالبلغ ، ما كنت اتردد لحظه وحده بدفعــه ، كرمان لخاطرج ...

                    سكتت ام خالد لحظه وقالت :
                    ام خالد : وكم يبى ها الساحر ..

                    ردت ام يابر بهدوء مشوب بالقلق :
                    ام يابر : بعد المكاسر والتخفيض طلب خمسة آلاف درهم ..

                    فتحت ام خالد عيونها من الدهشه وقالت :
                    ام خالد : خمسة الالاف شوووه ... خمسة آلاف عزرائيل ياخذونج انتي وياه بيوم واحد قولي آمين .. لالا مستحيل... مستحيل ادفع ها المبلغ الكبير ..انا ما بدفع اكثر من الف درهم .. الف درهم فقط لاغير .

                    زاد ارتباك ام يابر وقالت :
                    ام يابر : يا ام خالد ، انا حاولت وياه مية مره ، لكنه ما رضى ينزل فلس واحد ، وقال ان الغالي ثمنه فيه ، والكل يعرف قوة سحره وتأثيره الفظيع ..
                    واذا انتي ما موافقه بخبره ، وبندور ساحر غيره ..بس ما بيكون عملهم مثل عمله من حيث التأثير والقوه وما بندري اصلن اذا كانوا فعلا سحره حقيقين.. او كانوا دجالين ونصابين ... يعني خلينا على المضمون احسن ..

                    سادت لحظة صمت وام خالد اتفكر ، واتفكر واتقلب المسأله في مخها شمال ويمين ، وفوق وتحت ، وفي النهايه قالت :
                    ام خالد : ما باليد حيله .. الوقت مب في صالحنا ، واخاف خالد يشتط ويصر على االعرس باقرب فرصه وساعتها بيخترب كل اللي سويناه ..

                    ابتسمت ام يابر وقالت :
                    ام يابر : هذا هو الكلام الصح و ..

                    قاطعتها ام خالد وقالت :
                    ام خالد : انا بترياج الحينه..... اتييني البيت وتاخذين البيزات .. مفهوم ..

                    هزت ام يابر راسها باشارة الايجاب مع انها تتكلم بالتلفون وقالت :
                    ام يابر : مفهوم ..

                    وبعد مضي نص ساعه كانت ام يابر موجوده في بيت ام خالد ، وعلى عجل خذت البيزات من ام خالد ، واتحركت باتجاه كبير السحره ، عشان تدفعله ها المبلغ الضخم مقابل سحر ملفوف بقطعة قماش ، وكل هذا في سبيل تحقيق هدف واحـــد ... التفريق بين خالد ومريم ... وبأي سيلــه .. مهمـن كانت النتايج ..

                    *********************************

                    رفع خالد سماعة التلفون وهو ينوي الاتصال برقم انسانه عزيزه عليه... زوجته مريم .. وبالرغم ان اخته روضه عطته الرقم قبل يوم كامل .. الا انه اتردد وايد في الاتصال فيها .. وبدون سبب واضح ... يمكن خجل.. ويمكن خشية ورهبة اللقاء الصوتي الاول ... وبعد ما دق الارقام وضغط زر الارسال ..سمع الرنة اللي اتشير لتلقي الطرف الثاني للمكالمة بدون عائق او انشغال ... وعلى الطرف الثاني كانت مريم جالسه على مكتبها ، وسمعت صوت التلفون وهوه يرن .. فقامت من مكانها واتناولت التلفون واللي كان محطوط على السرير .. واول ما مسكته بيدها.. اطالعت الرقم .. واستغربت من غرابته .. لكنها مالبثت ان افتكرت ان روضه عطتها رقم ريلها خالد .. واول ما اتذكرت الرقم بدا عليها الارتباك .. وزادت نبضات قلبها .. وحست بجسمها يرتجف .. واترددت وايد قبل لا ترد على المكالمه .. لكنها في النهايه خافت ان خالد يستبطـي الرد فيسكر عنها .. ولهذا ضغطت بكل قوتها على زر القبول ...
                    ومع انها الطرف المستقبل .. لكنها ظلت ساكته وماقالت كلمة الترحيب المعروفـه ( الوو ).. وكأن الكلمات انحبست في حقلها من الخجل .. حتى ظن خالد ان المكالمة انقطعت ولهذا ردد بصوت عالي :
                    خالد : ألوووو ..

                    احمر وجه مريم ومرت فترة صمت قصيره قبل لاتقول مريم وبصوت هادي جدا :
                    مريم : الو..

                    حس خالد بانتعاش وراحه لما سمع رقة وجمال وعذوبة صوت مريم ، فتابع كلامه بسرعه وقال بحماس :
                    خالد : السلام عليكم ورحمة الله ..

                    وبنفس الهدوء والتوتر والخجل قالت مريم :
                    مريم : وعليكم السلام ...

                    وبصوت حاني تابع خالد :
                    خالد : شحالج مريم ...

                    سكتت مريم لحظات ثانيه قبل لا اتابع وباختصار :
                    مريم : زينه.. الحمدالله ...

                    بدا العرق يتصبب من وجه مريم وبعدها تابعت بصوت خافت حاني :
                    مريم : اشحالك ..

                    ابتسم خالد وقال :
                    خالد : بخير وعافيه ...

                    سادت فترة صمت ثانيه... وهم محتارين بالكلام اللي ممكن ينقال بها الموقف ، وهنيه ادرك خالد ان المبادره مطلوبه منه ، كون انه ريال ولهذا قال وهو يحاول ترطيب الجو شويه :
                    خالد : آآ .. الصراحه ، هذي اول مره اكلم فيها بنيه .. طبعا غير اخواتي الملقوفات روضه ومهره ..

                    ابتسمت مريم بدلال واتردد صدى ابتسامتها في مسامع خالد ، واللي ابتسم بدوره وتابع :
                    خالد : والحق ينقال .. صوتج احلى واعذب صوت سمعته بحياتي ..

                    ازداد احمرار وجه مريم ، لدرجة انها نزلت راسها وكأن خالد قاعد معاها ويطالعها .. وقالت بمنتهى الهدوء والرقه ..
                    مريم : مشكور .. هذا من ذوقك ..

                    ابتسم خالد وقال بخفوت :
                    خالد : اتصدقين يا مريم .. كانت روضه اختي دايما اتعلق علي واتقول لي : انته ما عندك ذوق ، خصوصا يوم اتشوف رداءة مشترياتي .. وكنت اوافقها في كثير من الاحيان ... لكني انتصرت عليها في النهاية وطلعت اكبر ذويـق في العالم ..
                    اتساءلت مريم باهتمام :
                    مريم : كيف ؟!

                    رد عليها خالد بحماس وحنان :
                    خالد : وفي ذوق اسمى وارقى من اختياري لج يا مريم ؟!

                    ارتسمت ابتسامة عريضه على ويه مريم ، وحست بمشاعر فرح دفاقه تسري بكل عروقها ... سعاده ما حست فيها من زمان ... ولهذا اتسربت دمعة فرح من عين مريم وقالت بامتنان :
                    مريم : مشكور ..

                    شعر خالد بارتباك مريم وخجلها ، ولهذا..حاول ينهي المكالمه عشان يعطيها فرصه لاستجماع شجاعتها وللتخفيف من ارتباكها وخجلها، على أن يكلمها في وقت لاحق .. لكنه اتذكر شي مهم فقال بحماس :
                    خالد : آآ مريم .. اذا ما فيه مانع .. متى اقدر اييكم البيت ..

                    وهالمره ما حاولت مريم تخفي لهفتها بعد ما فضحها شوقها فقالت بدلع :
                    مريم : حياك الله بأي وقت ..

                    ابتسم خالد بفرح وقال بانفعال :
                    خالد : الحينه بييج ..

                    قاطعته مريم بسرعه وهيه اترد بانفعال اكبر :
                    مريم : لالا .. الحينه ما قدر ..

                    اتساءل خالد بدهشه ويأس :
                    خالد : ليش؟!

                    جاوبته مريم بصدق :
                    مريم : بصراحه... ما مستعده ..

                    وبدهشه اكبر قال خالد :
                    خالد : وليش تستعدين ؟! انا راضي فيج مثل ماتكونين ..

                    ابتسمت مريم وجاوبته بدلال :
                    مريم : لاتنسى يا خالد ان هذا اول لقاء بينا .. ولازم اظهرلك باحلى واجمل صوره اقدر عليها .. وبعدين انا بغيت اكلمك بالتلفون اكثر عشان افهمك اكثر ، وبهذا بنخفف من حاجز الحياء اللي بينا ...

                    حس خالد باقتناع لوجهة نظرها وقال :
                    خالد : معاج حق .. بس ارجوا انج اتحدديلي موعد مناسب ..

                    فكرت مريم لحظات ثم قالت :
                    مريم : احسن موعد على ما اظن .. الخميس الياي ..

                    بدت علامات الامتعاض تظهر على ويه خالد لما قال :
                    خالد : الخميس الياي ؟! واااايد !.. اليوم الاحد .. يعني باقي حوالي اربعة أيام ليوم اللقاء .. حرام عليج ..وااااايد ...

                    وبابتسامه ممزوجه بدلع ودلال قالت مريم :
                    مريم : عشان خاطري ياااااااا خالد ..

                    انتفض قلب خالد بين ضلوعه لما نطقت مريم باسمه لاول مره من بدايه حديثهم هذا فقال بمنتهى النشوه ..

                    خالد : الله الله الله.. عمري ما حسيت بطعم وحلاوة اسمي الا من طـرف السانـج .

                    ما ردت عليه مريم واكتفت بابتسامه بينها وبين نفسها .. فتابع خالد وقال :
                    خالد : مريم .. بخليج الحينه .. واسمحيلي اذا طولت عليج ..

                    ردت مريم بسرعه وهيه تتمنى المكالمه اتطول اكثر ، او حتى ما تنتهي ابدا :
                    مريم : بسرعه جيه...

                    وبصوت هادي قال خالد :
                    خالد : ما عليه يا مريم .. جدامنا العمر كله .. بنتكلم وبنسولف .. وبيي اليوم الي بتملين فيه مني ..

                    وبدون وعي قالت مريم بهلجه رقيقه وهيه اتعض بقوه على حروف كلماتها :
                    مريم : معقوله يا خالد .. انا أمل منك ... هل ايمـل الشجر من ماي المطر ... أو اتمـل الارض من نور القمــــر ..

                    حست مريم بالاحراج والندم لانها كشفت عن مشاعرها لخالد ، خصوصا انها اول مكالمه الها معاه ، لكن خالد حس بعكس شعورها بالرغم من انسجام مشاعرهم وقال برقه :
                    خالد : تسلمين يا مريم ..
                    ردت مريم بخفوت :
                    مريم : الله ايسلمك ..

                    ارتفع صوت خالد شوي وهوه يحاول انهاء المكالمه وقال :
                    خالد : انزين مريم ، ما تامرينا بشي ..
                    قالت مريم بامتنان :
                    مريم : مشكور وما تقصر ..
                    وبلهجة وداع قال :
                    خالد : فمان الله وحفظه ، مع الف سلامه يا مريم ..
                    ردت مريم بعذوبه :
                    مريم : مع السلامه ياااا خالد ..

                    بعد كلمتها الاخيره.. سكر خالد التلفون بعد ما سبقته مريم لنفس هذا العمل ..

                    وبنفس الوقت اللي انتهت فيه هذي المكالمة ، رن تلفون ثاني موجود بنفس هذا البيت .. بيت خالد ، وبحجرة ام خالد بالتحديد ، وكان ها التلفون هوه تلفون ام خالد ، واللي اسرعت صوبه بسرعه ورفعته من على الطاوله واول ما شافت الرقم ردت على المكالمة وقالت بانفعال :
                    ام خالد : هاه ام يابر .. شو سويتي ..
                    جاوبتها ام يابر بحماس :
                    ام يابر : كل شي تمام ..الساحر سوالج هذاك العمل اللي ما مثله عمل ، ... وقالي الساحر ... ان ها السحر بالذات مايسويه الا للناس الخاصين بس ، لأن تأثيره شديد ومفعوله الاكيد .. ويزرع كره الدنيا كلها في قلب المقصود فيه .

                    ابتسمت ام خالد وقالت :
                    ام خالد : والعمل ؟؟ وين وديتي العمل؟!..

                    ابتسمت ام يابر بخبث وقالت :
                    ام يابر : لا تخافين .. العمل دفنته بمكان بعيد .. بعيد .. ما توصله يد انس كان أو جان ..

                    ضحكت ام خالد ها المره وقالت :
                    ام يابر : زين سويتي .. بتفكيني من هم قاعد ينخر بصدري ..

                    سألتها ام يابر بلهفه :
                    ام يابر : ومتى بتعطيني اتعابـي ..

                    فكرت ام خالد شويه ثم قالت :
                    ام خالد : بعد ما اشوف النتايج ويصير كل اللي في بالي ..

                    بدا الضيق واضح على ام يابر وقالت :
                    ام يابر : انزين .. ما عليه .. انا بالانتظار ..

                    قالت ام خالد بهدوء :
                    ام خالد : ما عليه يا ام يابر .. انا باتصلج بعدين انزين ..

                    ردت ام يابر بنفس الهدوء :
                    ام يابر : انزين ..

                    قالت ام خالد بهلجه مودعه :
                    ام خالد : يا الله ، مع السلامه يا ام يابر ..

                    رددت ام يابر نفس االجمله وقالت :
                    ام يابر : مع السلامه يا ام خالد ..

                    ومع انتهاء المكالمه ، غرقت ام خالد في بحور من التفكير ، وهي تتساءل عن تأثير هذا السحر على خالد ... وكلها أمل انه يعطي كل مفعوله .. حتى لو كانت النتيجه ، تحطيم قلب مريم وتدميره ...

                    *******************

                    ومضت ايام الاسبوع .. والاتصالات التلفونيه دايره على مدار الساعه بين خالد ومريم .. وكانوا يتكلمون لساعات طويله .. وحتى الساعات الاولى من فجر اليوم الثاني .. كانوا يتكلمون بكل شي ، وعن أي شي .. ومع كل دقيقه من حديثهم ، تنبني جبال من المحبة والألفه بين مريم وخالد .. وظل البناء مستمر ليما فاضت اراضيهم وما ظل موضع قدم واحد لصخره حب اضافيه .. ليكتمل التوافق والتفاهم والانسجام والتكامل بارفع وأسمى صوره ..

                    وفي يوم الخميس ... يوم اللقاء .. وبعد صلاة العشاء بالتحديد .. وقف خالد امام المرايه ، وهوه ايعدل غترته وعقاله بهدوء وتركيز ويتعطر باحلى وافخم العطورات ، ولابس احلى ثياب عنده .. وكان هذا كله... بسبب لقائه القريب مع مريم ، واثناء ما كان يتعدل سمع طرقات على الباب قال بهدوء :
                    خالد : اتفضل ..

                    دخلت عليه روضه بهدوء ، وظلت تبحلق بعيونها فيه ، وتطالعه من فوق لين تحت وبعدها قالت بصوت باسم :
                    روضه : يا عيني يا عيني ، شو ها الكشخه كلها ؟! خلووود.. انا عمري ما شفتك كاشخ جيه !! ...

                    التفت خالد صوبها وقال :
                    خالد : اليوم غير عن كل يوم .. اليوم موعدي الاول مع مريم ..

                    ضحكت روضه وقالت :
                    خالد : لو كنا ندري انها بتسوي فيك جذيه ، كنا عرسناك اياها من زمان ..

                    ضحك خالد من تعليق اخته وقال :
                    خالد : الحمدالله على نعم الله ، بأي مكان وباي زمان ..

                    شاركته روضه ضحكته لكنها اتساءلت وقالت :
                    روضه : الصراحه يا خالد .. انا كنت وايد احاتيك ...

                    سالها خالد باهتمام :
                    خالد : اتحاتيني ؟! ليش ؟

                    جاوبته بهدوء :
                    روضه : كنت احاتيك لاني ادري انه ما عندك خبره في التعامل مع البنات ، والبنت محتاج لريق حلو وكلام حب احلى و ..

                    قاطعها خالد بعد ما فهم قصدها وقال بصوت عالي :
                    خالد : اطـاع هاي شو اتقول ... يا حبيبتي .. انا عشان مريم .. اصنعه الحب صناعه ..

                    ضحكت روضه وهيه اتقول :
                    روضه : ووين بتوزع انتاج مصنعك هذا ..

                    جاوبها بصدق وحماس :
                    خالد : صاحب المصنع وانتاج المصنع ملك انسان واحد بس ... مريم ..

                    شاركته روضه احاسيسه وفرحته ، وقالت :
                    روضه : انزين.. متى بتروح عندهم ..

                    جاوبها خالد بهدوء :
                    خالد : بعد شويه ، عقب ما اضع اللمسات الاخيره على اناقتي ..

                    اتساءلت روضه :
                    روضه : وشو بتوديلها ..

                    وبدهشه قال خالد :
                    خالد : اوديلها ؟! اوديلها شوه ؟!

                    حاست روضه بوزها وقالت بحماس :
                    روضه : هذا كلام اتقوله يا خالد .. طبعا اتوديها هديـه ..

                    رفع خالد ايده ومسك راسه وهوه يقول :
                    خالد : اتصدقين.. نسيت هالسالفه بالمره.. ومايت على بالي نهائيا ..

                    حركت روضه ايدها وهيه اتقول :
                    روضه : لالا يا خالد لازم اتوديها هديه ..

                    سألها خالد :
                    خالد : يعني ضروري وايد اوديلها هديه الحينه ..

                    جاوبته بحماس وصوت مرتفع :
                    روضه : طبعا ضروري ..

                    عقب خالد على كلامها وقال :
                    خالد : بس احنا انعز وانحب بعضنا .. وها الهديه .. ما بتزيد ولا بتنقص الحب اللي يجمعنا ..

                    هزت روضه راسها باشارة النفي وقالت :
                    روضه : اتحبها واتحبك .. ما اختلفنا .. لكن الهديه بالذات لا غنى عنها بالنسبه للبنت ..مهما حبها الريال ، لان الهديه رمز ، اتعزز ثقة الحرمه بحب زوجها ، واتحسسها بمدى اهتمامه بها ، والهديه مب في قيمتها الماديه كثر ما تمثله بقيمتها المعنويه للبنت ، وانته تدري ان الهديه تزيد المحبه بين الناس العادين ، فما بالك بين الزوجه وزوجها واللي العلاقه بينهم من اوثق واقوى العلاقات ، وعشان جذيه لازم الريال ما يقطع هداياه عن زوجته ابدا ، سواء قبل الزواج او بعده ، عشان ايحسسها دايما انها بقلبه وعقله طـول حياتـه ..

                    ابتسم خالد وقال :
                    خالد : مشكور يا روضه على توجيهاتج المفيده هذي ، وانا بخبر خطيبج ماجد عشان ايغرقج بالهدايا يوم تملجون ..

                    احمر ويه روضه يوم سمعت اسم ماجد وقالت بصوت خافت :
                    روضه : خالد عاد .. لا تحرجني ..

                    ضحك خالد وقال :
                    خالد : طيب ، شو تقترحين اهديها ..

                    وبعد تفكير بسيط جاوبت روضه :
                    روضه : يعني مثلا .. عقد صغير او خاتم او عطر او ..

                    قاطعها خالد وقال بحماس :
                    خالد : وليش ما اهديها اكثر شي اتحبه ..

                    سكتت روضه لحظات وهيه اتفكر وتحاول تتذكر احلى شي تحبه مريم ، ولما اتذكرت ها الشي قالت بخبث :
                    روضه : احزر .. شو اكثر شي اتحبه مريم .. غيرك انته طبعا ..

                    ابتسم خالد ، وبعدها غمض عيونه لفتره قصيره وكأنه يسأل قلبه وينتظر الجواب من قلب مريم ،، ولما اتلقى الرساله جاوبها بكلمات شعريه وقال :

                    انتي روح الربيـع ، تختــال في
                    ................................ الدنيا ، فتهتـز رائعـات الـورود

                    لقطت روضه كلمة خالد الاخيره ، وفتحت عينها من الدهشه وقالت :
                    روضه : وشو دراك انها اتحب الورود ؟! اكيد هيه قالتلك ..

                    جاوبها خالد ببرود :
                    خالد : لا.. ما قالتلي .. وادري انها اتحب الورد البنفسجي بعد ..

                    زادت دهشه روضه وقالت بانفعال :
                    روضه : لالا انته اكيد ساحر .. قولي صدق كيف عرفت ..

                    جاوبها خالد ببرود اكثر :
                    خالد : قلب المؤمن دليله ..

                    رفعت روضه ايدها وضربته على كتفه برفق ودلال وقالت بتوسل :
                    روضه : خالد عاد .. قولي كيف عرفت ..

                    ابتسم خالد ، وقال :
                    خالد : الحينه ما شي وقت ، يوم برجع بخبرج ، وانا ادري .. بتمين يالسه على اعصابج والفضول يقطعج ليما ارجع واخبرج ...لكن.. ما لج غير الصبر ..

                    حاست روضه بوزها وقالت :
                    روضه : مثل ما قلت... مالي غير الصبر .بس انا ما برقد ليما اتخبرني ، حتى لو اترييتك للفجر ..

                    رفع خالد ايده وطبطب على كتف روضه برفق وقال :
                    خالد : المهم .. انا مروح الحينه .. ادعيلي بالثبات والتوفيق في المواجهه ..

                    ضحكت روضه وقالت :
                    روضه : اللي يسمعك ايقول هذا ساير الحرب ..

                    حرك خالد راسه بانفعال وقال :
                    خالد : الحرب اهون ... انا حاس ان جسمي كله يرتعش .. وما اتصور عمري بقعد مع بنيه بروحنا .. ولا ادري شو بقول ..

                    اطالعته روضه من طرف عينها وقالت :
                    روضه : ما عليك .. بتستحي دقيقه ولا عشر ، وبعدها عادي ، ما بتوعى الا ولسانك شغال مثل المكينه ..

                    ابتسم خالد من تعليقها وقال :
                    خالد : بنشوف ..

                    اتحرك خالد باتجاه الباب ، لكنه وقف لما سمع روضه اتقول :
                    روضه : بس هاه .. خلك خفيف عليهم ..

                    اتساءل خالد بدهشه :
                    خالد : خفيف ... كيف يعني ؟!

                    جاوبته بسرعه :
                    روضه : يعني ما اطول عندهم وايد ، ساعه او ساعتين ، مب اتم قاعد عندهم للفجر ...

                    ابتسم خالد وقال :
                    خالد : بهالسالفه بالذات ، ما اوعدج ، اخاف ياخذني الشوق وينسيني زماني ..

                    ضحكت روضه وقالت :
                    روضه : ما صار شوق هذا اللي اينسى الواحد زمانه ..

                    شاركها خالد ضحكتها وهوه طالع من باب الغرفه ، واتحرك بعدها باتجاه الدرج ، ونزل عليه بخطوات سريعه ، واول ما وصل الصاله في الدور الارضي شاف امه اللي كانت اتشوف التلفزيون ، واول ما انتبهت امه لوجوده سألته بحذر :

                    ام خالد : وين ساير..

                    جاوبها خالد بابتسامه وقال :
                    خالد : ساير بيت عمي ابومريم .. اليوم موعدي الاول مع مريم ..

                    عضت ام خالد على شفايفها باسنانها وقالت بهدوء :
                    ام خالد : خالد .. انته اتحس عمرك مرتاح وياها ..

                    جاوبها خالد بعفويه :
                    خالد : الا مرتاح يا اميه .. عمري ما حسيت براحه كثر ماحسيتها مع مريم ..

                    زادت غصة ام خالد وضيقها وقالت بحذر اكثر :
                    ام خالد : يعني ما حسيت بشي مب طبيعي معاها ابدا ..

                    اندهش خالد من كلامها وقال :
                    خالد : مب طبيعي ؟! مثل شوه يعني ؟!

                    ارتبكت ام خالد شويه ثم قالت :
                    ام خالد : يعني .. اتحس انك متفاهم وياها ، واطباعها موالمه لاطباعك ..

                    ابتسم خالد وقال :
                    خالد : اطمني يا اميه .. انا حاس ان مريم نسخه مستنسخه مني ..

                    زاد حنق وقهر ام خالد وقالت من وراء خاطرها :
                    ام خالد : بالتوفيق بالتوفيق ..

                    اقترب خالد منها وحباها على راسها وقال :
                    خالد : مشكوره يا الوالده ... الله لايحرمنا منج ولا من بركة دعائج ، يا الله فمان الله ..

                    ردت ام خالد من طرف السانها :
                    ام خالد : فمان الله ..

                    اتحرك خالد صوب الباب وهوه يترنح من الفرحه ، وعيون ام خالد اتلاحقه ليما وصل لباب الصاله وفتحه ثم طلع منه .. واول ما شافت الباب يتسكر .. رفعت سماعة التلفون على عجل ، واتصلت برقم معين ، وانتظرت ثواني ، ولما سمعت صوت المتكلم على الطرف الثاني .. قالت بغضب :
                    ام خالد : الحينه الحينه .. اترجعيلي كل فلس عطيتج اياه يا الكذابه ..

                    اندهشت ام جابر وقالت :
                    ام جابر : ليش ؟!

                    وبعصبيه اكبر قالت ام خالد :
                    خالد : واتقولين ليش بعد ؟! العمل اللي سويته فشل ، فشل يا الهبله ..

                    ارتبكت ام يابر وقالت :
                    ام يابر : فشل ؟! معقوله السحر فشل ؟!..

                    ردت ام خالد بانفعال
                    ام خالد : هيه فشل يا النصابه ..

                    زاد ارتباك ام يابر وقالت :
                    ام يابر : وكيف عرفتي انه فشل .. الولد شاف البنيه ..

                    وبصوت غاضب قالت ام خالد :
                    ام خالد : لين الحين ما شافها ، لكنه ايكلمها بالتلفون، وكل يوم يتعلق فيها ويحبها اكثر و اكثر .

                    حست ام يابر بارتياح وهيه اطلع تيارهواء ساخن من صدرها وقالت :
                    ام يابر : وييه .. خوفتيني ... يا ام خالد .. انا قلتلج ان السحر ما يبدأ مفعوله الا لما يشوفها على الطبيعيه جدامه ، مب ايكلمها بالتلفون ، يعني العمل يبدأ متى ما شافها ، ويزول تأثيره متى ما ابتعد عنها ..

                    سكتت ام خالد لحظات وهيه اتفكر ثم قالت :
                    ام خالد : يعني السحر هذا ، مفعوله اكيد وبينجح ميه في الميه ..

                    اترددت ام يابر لحظات قصيره وبعدها قالت بحذر :
                    ام يابر : ما فيه شي مضمون ميه في الميه .و .

                    قاطعتها ام خالد بعصبيه :
                    ام خالد : شو قصدج .. يعني في احتمال ان العمل يفشل ..

                    اتلعثمت ام يابر في الكلام وقالت :
                    ام يابر : آآآ ...احتمال الغلط موجود .. لان الساحر يمكن ايغلط بالاسم ، او يغلط بتوجيه العمل ويطيح على راس ناس ثانيين ..

                    وبضيق اكثر قالت ام خالد :
                    ام خالد : ولو فشل الساحر في سحره .. بيرجعلي بيزاتي ..

                    اتصبب العرق من ام يابر وقالت بخفوت :
                    ام يابر : لا طبعا .. الفلس اللي يدش في جيب الساحر مايطلع منه ابدا و ..

                    ثارت ام خالد بعنف وقالت بمنتهى العصبيه :
                    ام خالد : والله اذا فشل السحر ، بخيلج اتـزوعين الفلوس كلها من جيبج .. . حتى لو بعتي الثياب اللي عليج .. فهمتي ..

                    حاولت ام يابر اتهدي ام خالد شويه فقالت :
                    ام يابر : لا تسبقين الاحداث ... اول شي ..خلي الولد يشوف البنت وبعدها لكل حادث حديث .. واللي في الجـدر ايطلعه المـلاس ..

                    ردت ام خالد بصرامه :
                    ام خالد : الظاهر اني بطبخج بها الجـدر اذا فشلتي يا ام يابر ..

                    انتفضت ام يابر وحست بحراره وكأنها قاعده فعلا في الجدر وقالت :
                    ام يابر : الصبر يا ام خالد ، الصبر ..

                    وبصوت عالي تابعت ام خالد :
                    ام خالد : بنصبر وانشوف ... انا بتصلج بعد ما اتأكدت من النتايج ويا ويلج اذا محصلتج ...بييلج وين ما كنت فهمتي ...

                    ابتسمت ام يابر وقالت بخبث :
                    ام يابر : مفهوم مفهوم ...

                    قالت ام خالد بسرعه :
                    ام خالد : يالله مع السلامه ..

                    ردت ام يابر :
                    ام يابر : مع السلامه ..

                    وسكرت ام خالد التلفون ، وظلت بعدها اتفكر باللي راح يصير ، هل سينجح العمل ويفترق خالد عن مريم ... ام تطلع ام يابر نصابه وتاكل أكبــر مقلب في حياتها ويفشل كل مخططها ...
                    الساعات القليله اليايه بتجاوب على كل تساؤلاتها ..

                    ************************

                    وقفت مريم امام المراية وهيه تتعدل وتتجمل ، وكانت علبة المكياج مفتوحه جدامها .. وتستعمل اغلب ما فيها من ألوان بكل سعه صدر وطولت بال ... وكان باين عليها السعاده وهيه اتحاول تظهر عمرها بأحلى صوره تقدر عليها بالرغم من جمالها الفتان ،.. واثناء هذا.. دخلت عليها اختها ظبيه وشافتها على هالحاله فقالت باستغراب :
                    ظبيه : مريومه .. انا اول مره اشوفج تتعدلين جذيه ؟!

                    التفتت مريم اتجاه اختها وقالت بصوت باسم :
                    مريم : انتي نسيتي ان خالد بيزورني بعد شويه ..

                    ابتسمت ظبيه وقالت بهدوء :
                    روضه : هيه بس انت ما محتاجه لكل هذا .. انتي جمالج يسحر ويسلب عقل أي ريال .. وبدون مكياج ولا غيره ..

                    جاوبتها مريم بصوت حالم :
                    مريم : بس خالد مب أي ريال ..

                    ضحكت ظبيه بصوت مسموع وقالت :
                    ظبيه : يا سلام !! .. ليش عاده .. خالد من عالم ثاني ...

                    شاركتها مريم الضحكه وحطت اياديها الثنتين على صدرها وقالت بصدق :
                    مريم : على الاقل ، بالنسبه لي .. وعشان جذيه ابيه ايشوفني وباحلى واحلى صوره..

                    ابتسمت ظبيه من كلامها وقالت :
                    ظبيه : الله ايهنيكم اكثر واكثر يارب ..

                    رفعت مريم اياديها في الهواء ، ودارت دوره كامله حول نفسها ، وفي ملامحها من الفرحه ملامح. .. وتابعت بكلمات نابعه من قلبها قبل لا ينطقها السانها :
                    مريم : انا اليوم بطير بطير من الفرحه .. الدنيا ما بتشيلني من السعاده ..

                    ابتسمت ظبيه من كل قلبها و قالت :
                    ظبيه : خلي شوية فرح حق الليله الكبيره ، ليلة العرس ..

                    اطالعتها مريم من طرف عينها ، وبعدها قالت بحماس :
                    مريم : يقولون أن احلى ليله في حياة البنت ، هيه ليلة عرسها ، وانا اقول لا .. احلى ليله عندي ليلة لقاي الاول مع خالد .. اليوم يا ظبيه اسعد يوم بحياتي ..

                    اندهشت ظبيه من كلام اختها فقالت بتساءل :
                    ظبيه : هالكثر خالد أثر فيج ؟!

                    ردت مريم :
                    مريم : واكثر يا ظبيه اكثر ، انا عمري ما حلمت اني بحصل انسان مثل خالد ،.. ما شاالله عليه ، طيبه وحنان وايمان ... اتصدقين يا ظبيه .. انا حاسه ان خالد نعمه عظيمه نازله من أعلى سماء ... خالد يا ظبيه وبفضل الله .. أحيا فيني كل السعاده اللي ماتت فيني ، في السنه الاخيرة من حياتي ... و بعد كل هذا.. ما تبيني افرح فيه واتعدلــه !!... الا بتعدله واتعدله واتعدله ....

                    قالت ظبيه وهيه اتشاورباصابعها اتجاه مريم :
                    ظبيه : وانتي بعد يا مريم... ما شاالله عليج.... لو لف الدنيا كلها ما بيحصل مثلج .. يا بخت خالد فيج يا بخته ..

                    ابتسمت مريم وقالت وهيه تعض على حروف كلماتها :
                    مريم : وياااا بختني فيه ..ياااا بختي..

                    سكتت مريم لحظات بسيطه ، وبعدها تابعت وبصدق :

                    مريم : وبعيش طول عمري أخدمه .. واعطيه كل شي .. قلبي .. حناني .. احساسي .. وكل حياتي ... ، بعامله مثل الام الحنون لما تحضن طفلها الصغير ، ومثل الارض لما تحضن كل البشر ..

                    ما لقت ظبيه رد اتقوله لمريم غير هزه بسيطه من راسها وابتسامه عذبه من شفاها ، ومع هذا همت ظبيه انها اتقول شي ، لكن سبقتها مريم وقالت بانفعال :
                    مريم : ظبيه حبيبتي .. ماشي وقت .. وخالد على وصول .. وانا بعدني ما خلصت ..

                    اتحركت ظبيه اتجاه الباب وهيه تبتسم وقالت :
                    ظبيه : خذي راحتج مريومه .. وانا بنزل تحت ، بقعد شويه مع أمي ..

                    طلعت ظبيه من باب الغرفه ، بينما استمرت مريم في التعدل والتكشخ والتجمل لخالد .. وبكل سعاده وفرح ..

                    *********************

                    بعد ما وصلت سيارة خالد لدوار منطقة( الجيمي ) .. التفت للمقعد الخلفي ، فشاف باقة الزهورالطبيعية الكبيره اللي اشتراها قبل شويه من محل الزهور ، وكانت الباقه باكملها ورود بنفسجيه مثل ما تحب مريم تماما .. وبعدها رفع سماعة التلفون واتصل على تلفون مريم .. واللي كانت على وشك الانتهاء من تضبيط باقي مكياج وجها .. واول ماشافت مريم الرقم ردت على التلفون وقالت :
                    مريم : هلا خالد ..

                    رد خالد بسرعه وقال على عجل :
                    خالد : اهلين مريم .. دقايق وبكون عند باب بيتكم ..

                    ارتبكت مريم ، وحست بمشاعرها تلتهب بعد ما قربت لحظة اللقاء وقالت :
                    مريم : آآ .. خالد .. اول ما توصل بيتنا وتنزل من سيارتك .. افتح باب البيت وبتلاقيه مفتوح ، وبعدها اتحرك داخل البيت ليما توصل لباب المجلس ، ودق الباب مرتين ، وانا بفتحلك لاني بكون قاعده داخل المجلس .. انزين ..

                    جاوبها خالد بسرعه :
                    خالد : انزين .. يا الله فمان الله ..
                    ردت مريم :
                    مريم : فمان الله .. ..

                    بعد ما سكرت مريم عنه ، انهت الباقي من شغلها بسرعه ، واتحركت صوب المجلس في الدور الارضي ، وفتحت بابه وقعدت فيه وهيه تنتظر خالد ..

                    واول ما وصل خالد .. نزل من السياره بعد ما حمل باقة الورود البنفسجية ، واتحرك جهة الباب ، وحرك قفل الباب فانفتح على طول ، وبعدها اتحرك داخل البيت لامتار معدوده ليما وصل لباب المجلس ..
                    ولحظتها رفع خالد ايده عشان ايدق على باب المجلس ، لكنه توقف فجأه لانه حب انه يفاجأ مريم ، ولهذا وقف على طرف الباب ، و خش وخبأ راسه وراء الجدار على يسار باب المجلس ، ورفع باقة الورود البنفسجه باليـد اليمني ، ولصقها بالباب مباشرة ، وباليـد اليسرى طرق على الباب ثلاث مرات ، وبعدها.. خبأ ولصق راسه بقوه على الحايط.. وظلت ايده ماسكه بالباقه ولاصقه في الباب ..
                    ولما سمعت مريم صوت الطرقات ارتبكت ، ورفعت اياديها الثنتين و بدت اتعدل شعرها بسرعه ، ثم قامت من مكانها ، ..واول ما فتحت الباب ، اتفاجأت بباقة الورود البنفسجية امام وجها مباشرة ، ولما ركزت اكثر ، شافت يد انسان ماسكه بباقة الورود ، وعلى طول فهمت السالفه وضحكت وهيه اتقول :

                    مريم : خااااالد .. الله يقطع سوالفك.. خوفتني .. بس صراحه.. فاجأتني بالباقه .. وااايد حلوه .. ومثل ما احب تماما ..

                    وبها اللحظه.. كان خالد .. مازال مخبي وجهه وراء الجدار وما يظهر من جسمه الا ايده اللي ماسكه باقة الورود ، وبعد ماسمع ملاحظتها ضحك بدوره .. وطلع ويهه بكل لهفه وشوق عشان ايطل في وجه مريم ... واول ما نظر في وجها وركز اكثر في ملامحها ... كانت آثار الضحكه لازالت مرسومه على وجهه ..

                    لكـن .. وفجـأه .. اتحولت ضحكة خالد الى عبوس وشحوب ، بعد ما حس بنيران رهيبه تحرق صدره .. وكأن جبال الارض راسيه على قلبه .. وانفاسه تتردد بقوه ... وعين مريم مركزه في عينه وهيه تنظرله بكل دهشه واستغراب ، وتنتظر منه أي كلمه ، او حتى همسه ... لكنه استمر في صمته وجموده ... وبعد ثواني .. انتفض جسمه كله ، لدرجة ان باقة الورود البنفسجية طاحت من ايده واتناثـرت واتبعثرت عند ريول واقدام مريم واللي كانت واقفه جدامه مباشرة... وبحركه عفويه... نزلت مريم راسها للارض واطالعت الورود المنثوره تحت ريولها بذهول ، ورجعت مره ثانيه ورفعت راسها وركزت عيونها بعيون خالد .. لكنها صعقت وخافت لما شافت عيون خالد وهيه حمراء مثل لون الدم .. وسرى تيار من الالم بجسدها .. واللي كان مصدره ، خالد من خلال قوة التخاطر بينهم ..

                    وخالد بدوره .. كان في قمة ارتباكه وعذابه .. فكره كان مشوش ... عقله كان شبه متوقف... حاول انه ايقاوم وايقاوم ها الشعور الغريب وبكل قوته ... وكان يشعر وكأنه يحارب شياطين الارض مجتمعين.. وكأنهم... قاعدين يقطعون قلبه قطعه قطعه وبدون شفقه ...واتكونت ضبابه كبيره جدام عيونه... وحس وكأنه ايشوف ويصارع مخلوقات من عالم ثاني ...
                    لكنه ما استسلم وظل ايقاوم ويقاوم .. وجسمه يرتعش بقوه .. وعيون مريم متعلقه بعيونه ، بدون ما تدري سبب عذابه ولا نهاية آلامه ...
                    وبذل خالد مجهود خــرافي يفوق طاقة واحتمال أي بشر ... وظل يصارع ويصارع ... وكان كلما يصرع ويهزم شيطان منهم .. يطلعوله العشرات والعشرات غيرهم .. ويدفعونه بدون رحمه بعيدا عن مريم ، ويحاولون انتزاع حب مريم من قلبه مثل ما تنتزع الروح من الجسد ...

                    كان معركه غير متكافئه .. خالد لوحده يقاوم شياطين من عالم ثاني وقوة سحر عجيبه ادل على فظاعة الساحر اللي راحتله ام يابر الملعونه ...

                    وفي النهاية .. وامام قوة ضرباتهم العنيفه .. ما قدرت شجاعة خالد اتجاري كثرتهم .. فانهارت قواه بالكامل .. وحس بريوله تسحبه للخلف وعينه مازالت متركزه بعيون مريم واللي بدا جسمها يرتعش من فرط الخوف والالم والذهول ...

                    ... وبدا خالد يتراجع شوي شوي .. وعيون مريم اتلاحقه ليما حس بعظام ظهره اتلامس باب البيت الخارجي .. وبعدها وبدون وعي من خالد .. امتدت ايده وفتحت الباب .. واندفع برع البيت واتسكر الباب خلفه ، وعيون مريم ترصد كل حركاته.ليما اختفى وتلاشي نهائيا عن انظارها ..

                    ولحظتها.. حست مريم ان اسعد لحظات حياتها اتحولت لسراب وخيال او حتى احلام ... وبدون سبب معروف ...
                    ولحظتها.. نزلت مريم راسها للارض ، وشافت وركزت بصرها بالورود البنفسجيه المنثوره والمفروشه تحت ريولها واقدامها ...
                    وانسكبت سيول من دموع مريم الحاره على الورود البنفسجيه ...
                    وارتـوت الورود من دموع مريم وألمها وعذابها ...
                    واتشبعـت سيقانها واوراقها من كل ما تحمله مريم من آلام ..[/align]

                    تعليق


                    • #11
                      [align=center]

                      ...*** ملخــــص مـا نشــــــر وما سينشــر*** ...

                      ### ((( في لحظة من لحظـات العمــر، يتحــول طــيف الأمــل لسراب وخــراب ، والسعاده لشقـاء وعـذاب ... ولكــن … عندما نسمــوا بأرواحنــا وأيماننـــا بربنـــا فإننـا حتمــا سنقهــر ونقهــر ألـــــم الحيــــاة ))) ###

                      (( الذهول ... التوتــر … الاضــراب … الضياع … الهذيان ))

                      هذي أبسط حالات ممكن نوصف بها حالة خالد بعد الهزه النفسيه المدمرة اللي اتعرضلها قبل لا يطلع من بيت مريم ، بحيث اتحول احلى واجمل موعد لاسوأ وأمر كابوس ، وسالت دموع مريم انهارا وانسكبت ها الدموع على اغلى ما قدر خالد تقديمه من هدية.. الورد ... ، وكان كل هذا بفعل السحر القاتـل والطاغي اللي سوتـه ام خالد القاسيه بالتعاون مع ام يابر الخبيثه ، وبعد ما طلع خالد من بيت مريم ، ركب سيارته ، واتحرك فيها بشوارع العين …. ولأول مره بحياة خالد… يضطرب ويتشوش تفكيره لها الدرجه العنيفه ، مع انه معروف عنه الهدوء ، حتى في اقصى درجات الخطر ، ولعل ما جرى في حادثة الوادي كان اكبر دليل على هذا … ولكن ..الموقف اللي مر فيه ولقاءه المريرمع مريم كان اكبرمن احتماله ، او تصوراته ، او حتى خياله … لدرجة انه ما فكر حتى بالبحث عن تفسير للي حدثـله ، لانه اصلن ما قادر لها اللحظه بلع واستيعاب او تصديق ما جراله ، ...واصعب اللحظات اللي اتمر على الانسان هي لحظات التحول من الفرح الشديد الى الحزن الشديد ، خصوصا لو كان التحول لسبب مجهول ، ويسمي البعض ها الشعوربـ ( الانقلاب العاطفي الحرج ) لانه يخلخل نفسية الانسان ويشل تفكيره ويدهور تركيزه..... وهذا كله راح يتسببله فيما لا يحمد عقباه .. وبيحمل معاه كل ما يمكن حمله من آلام .....
                      آلام الواقــع ......................

                      .....((( آلام الواقع – الجزء الثامــــن ))) ......

                      اتحرك خالد بسيارته في شوارع مدينة العين .. وفكره شارد بعيد .. وهوه يحاول لملمــة بعض من اشلاء نفسيته المتحطمه ... كان يمشي من غير هدى ... وبدون وجهه محدده .. وين ماودتـه السياره بيروح معاها… وما كان يشوف من الشارع الا الخط الابيض اللي يفصل حارتي الشارع … وما كان يحس بريوله اللي قاعده تضغط وادوس على دواسة البترول بقوه وبدون رحمه ،… وما رأت عيونه عداد السرعه اللي يتحرك بشكل جنوني معلنا بداية مرحلة الخطر ،… ولا سمعت اذناه صوت منبه السرعه واللي يرن بتواصل وكأنه ينادي ويطلب ويتوسل لصاحبه لتخفيف السرعه ،… لكن .. استمر خالد في حركته المتسارعه … وتفكيره كلما ويشـط ويروح بعيـد... ليما وصل لمنطقه لابد من الوقوف فيها ، وهيه منطقة تقاطع الشوارع واللي كان فيها مجموعة من الاشارات ، ومن قدر خالد ان الاشارة كانت حمراء ، وما شافها خالد ... لانه ما كان يشوف بها اللحظه الا قسوة ما ألـم به في لقاءه المفجع مع مريم ، واتجاوز خالد وعدى الاشاره الحمراء وبكل سرعته .. ولحظتها... وبعد ما انتبه اخيرا للخطر ... اتفاجأ بالسيارات اليايـه من جهة اليمين وهيه تقطع خط سيره ، وبحركه لا إردايه لـف وأدار سكان ( مقود ) السياره بكل قوته عشان ما يتصادم مع السيارات اللي امامـه ، ومن شدة اللفــه مالـت سيارته وانحرفـت بزاويه خطيره ، وفقـد خالد سيطرته عليها نهائيا ، واستسلم لمصيره وقدره وهو يردد الشهادتين على لسانه بعد ما ادرك قسوة ما ينتظره ، وبعد ثواني بسيطه او أقل ، دخلت السياره في منطقة الجزيره اللي بوسط الشارعين ، واول ما توايرها ( عجلاتها ) لامست الرصيف طارت السياره في الهواء لامتار كثيره ، قبل لا تهوي بكل سرعتها باتجاه عمود الاضاءه وتصطدم فيه وتقـتلعـه من مكانه ، ولحظتها... سمع خالد صوت فرقعـه قويه ودوي اشبه بانفجار ، وموجة الم تهز راسه ... لكن.. ما لبث الألــم ان اتلاشى نهائيا ، بعد ما اغمضــت عيناه وفقد كل احساسه العصبي بالألــم ..

                      ***********************
                      **************

                      قعدت ظبيه على كرسي من كراسي المطبخ ، وهيه مشغوله باعـداد اكواب من العصير ، واثناء هذا ، دخلت عليها امها وشافتها وهيه على ها الحاله فقالت متساءله :
                      ام مريم : شو اتسوين ؟

                      التفتت ظبيه صوب امها وقالت بهدوء :
                      ظبيه : قاعده اسوي عصير ، لان خالد ريل مريم على وصول ، واكيد الحينه قاعد مع مريم في الميلس لأنه اتصل فيها قبل شويه ، ونزلت تترياه وتستقبله في الميلس ، وطبيعي لازم انضايفه ...خصوصا انها المرة الاولى اللي يزورنا فيها ..

                      هزت ام مريم راسها بايجاب وقالت :
                      ام مريم : اكيد طبعا .. بس وين الخدامه ، ليش ما اتسوي العصير عنج ..

                      وبلهجة تساؤل قالت ظبيه :
                      ظبيه : عيزت وانا انادي عليها ، بس ما ترد علي .. ما ادري وين سارت ؟

                      اتذكرت ام مريم انها طرشت الخدامه بيت جيرانهم فقالت :
                      ام مريم : ايوه اويوه ... انا طرشتها بيت يرانـا قبل ساعه ، و الظاهر انها نست نفسها وقعدت تلغـي واتهـربي مع خدامتهم ..

                      ابتسمت ظبيه وهيه اتقوم من مكانها واتحط وتضـع اكواب العصير داخل الصينيه ، واتشلهــا ، واتجهت صوب الباب وقبل لا توصله سألتها ام مريم بصوت عالي :
                      ام مريم : وين سايره ؟!

                      جاوبتها ظبيه :
                      ظبيه : بودي العصير عند مريم وخالد في الميلس ..

                      فتحت ام مريم عيونها وبان عليها الغضب لما قالت :
                      ام مريم : شوووه .. انتي ما تستحين .. بدشين على الريال وحرمته جذيه ..

                      ابتسمت ظبيه وقالت بمكـر :
                      ظبيه : وشو فيها .. خالد مثل اخوي .. وعادي لو دشيت عليهم حتى بدون شيله !!

                      صرخت ام مريم فيها بصوت عالي وقالت :
                      ام مريم : قصورج بعد .. تبيني اقص راسج .. شو بيقول عنا الريال ؟! ...

                      ضحكت ظبيه وقالت :
                      ظبيه : يا اميه هذا كلام اتقولينه ، يعني معقوله ادخل على الريال وحرمته .. معقوله بنتج تربيتج تدخل على ريال ينقــض عليها حتى لو كان ريل اختها ...

                      انخفض صوت ام مريم شويه وقالت :
                      ام مريم : عيل... كيف بتودين الصينيه ..

                      جاوبتها ظبيه بسرعه :
                      ظبيه : اول ما بوصل عند باب الميلس بدق الباب ، وبنتظر ليما تطلع لي مريم وبناولها الصينيه ..

                      ابتسمت ام مريم وقالت وهيه اتأشر باصبعها اتجاه راسها :
                      ام مريم : ايواا .. كيف ماخطر على بالي ها الشي ... الظاهر اني كبرت وخرفت و ..

                      قاطعتها ظبيه وهيه اتقول:
                      ظبيه : لا يا اميـه ، انتي كلج شباب وحيويه ، وانا دايمـا اغار منج ، من كثر حلاوتـك يا حلو ...

                      ابتسمت ام مريم وما علقت على كلام ظبيه ، ولهذا تابعت ظبيه كلامها وقالت :
                      ظبيه : تدرين يا اميه .. هذي اول مره اشوف فيها مريم فرحانه لها الدرجه ، الدنيا ما شالتنها من السعادة والفرحــة ..

                      ارتسمت ابتسامه عريضه على ويه ام مريم وقالت :
                      ام مريم : الله ايهنيها اكثر واكثر ...مريم اختج تستاهل .... والمسكينة اتعذبت وايد في السنه الماضيه ، ومن حقها تستانس وتغسل كل همومها واحزانها...

                      هزت ظبيه راسها وقالت بسعاده :
                      ظبيه : صدقج يا اميه ، وانا مستانسه وايد وايد لان مريم اختي سعيده ومبسوطه ..

                      ناظرتها ام مريم بنظرات امتنان ورضى ، وقالت بحنان :
                      ام مريم : الله لا يحرمكم من بعض.. قولي آمين …

                      سكتوا لحظات بسيطه قبل لا اتقول ظبيه بكلمات سريعه :
                      ظبيه : اوو.. خذتنا السوالف وما وديت العصير ، يا الله ، دقايق بوديه وبرجع..

                      وبدون ما تنتظر ظبيه جواب اتحركت وطلعت من باب المطبخ ، واتوجهت مباشرة صوب الميلس ، واول ما وصلت للمـر اللي ايوصل للميلس … اتفاجأت و انصدمت وانصعقت بمنظر اختها وهيه قاعده على الارض والورود البنفسجيه منثوره حواليها ، ومن شدة الصدمه طاحت صينية العصير من ايدها ، وركضت صوب اختها ، ولما وصلت لمكانها ، شافتها ساكته وشاحبه ودموعها على خدها وعيونها باتجاه الارض ، وكأنه مصايب الارض مجتمعه قد صبت على راسها فقالت بتوتر وبصوت عالي :
                      ظبيه : مريومه.... شو فيج .. عسى ما شر ..

                      رفعت مريم راسها واطالعت ظبيه بنظرات غريبه ودموعها مستمره في الجريان ، لكنها ما قالت أي شي ، وهذا اللي خلى ظبيه تمسكها من كتوفها واتهزها بقوه واتقول :
                      ظبيه : مريم…شو فيج .. ليش اتصيحين …وبعدين .. وين خالد .. ليش راح بها السرعه!!..

                      فتحت مريم فمهـــا بكل صعوبه والكلمات تطلع منه بصعوبه وتكسر ، وقالت بصوت خشن غير مألوف :
                      مريم : ظبيه .. انا تعبانه .. لو سمحتي وديني غرفتي بسرعه ، لاني حاسه بريولي ما قادره اتشلني ..

                      نفذت ظبيه كلام مريم بسرعه ، فمسكت يــد مريم اليمنى وحطتها على كتفها ورقبتها ، وساعدتها في القومه من على الارض بهدوء ، وسحبتها ببطء ليما وصلت لباب الصاله ودخلتها ببطء اكثر لداخل البيت ، وفعلا كانت مريم اشبه بالمشلوله ، و ما قادره اتحرك اطرافها من شدة التأثر النفسي اللي خلفاه الموقف المرير مع خالد ، وكان واضح انها اتعاني من آلام نفسيه حاده تنهـش وتـفـرم اعماق احشائها … ولكن … ومع كــل ها الآلام …
                      ما كانت تــدري ان بانتظـارها وبعد قليل ، نوع آخـر من الالام يختلف عن ألمهــا الحالـــي ..
                      ألم بيهاجمها بكل وحشيه وقسوه ..
                      وبدون رحمه ...
                      ليضيف لمسلسل آلامها المزيد والمزيد من ألآلام......آلام واقعها المخيف ....

                      ***************************
                      *****************

                      رفعت أم خالد راسها واطالعت الساعه المعلقه بحائط من حيطان صالة بيتها ، وكانت الساعة تشير للعاشره وخمس وخمسين دقيقه ، ونزلت راسها مره ثانيه والتفكير مغرقنها ، والهواجس والوساوس تعصف براسها ، وهيه تنتظر ما سيجري ويصير بين مريم وخالد في لقاءهم الاول .. واثناء هذا .. انفتح باب الصاله ببــطء ، ودخل بوخالد للبيت ، وبدت على ملامحه علامات الغبطه والسرور ، وبعد ما سلم وردت عليه ام خالد السلام ببرود قال بوخالد بلهفه وسرور :
                      بوخالد : شخبارج يا ام خالد ..

                      استمرت لهجة البرود عند ام خالد وقالت :
                      ام خالد : زينه ..

                      اتلفـت بوخالد حواليه ، وبعدها قال بلهفه :
                      بوخالد : عيل .. وين معرسنا ..

                      التفتت له ام خالد ببرود قاتل ، وقالت بهلجة تحمل بعض الضيق :
                      ام خالد : المعرس هناك... هناك ... عند العروس في بيتهم .

                      ابتسم بوخالد بفرح وقال :
                      بوخالد : الله ايهنيه وايعينه ، انا ادري ان اللقاء الاول وايد حساس ومحرج ..

                      ومع ابتسامه باهته قالت ام خالد :
                      ام خالد : وانته شو دراك ان اللقاء الاول حساس ومحرج ، انا ماشفتك الا يوم الدخله مثل ما كان عليه الحال في ذاك الوقت ..

                      جاوبها بوخالد بحماس :
                      بوخالد : وهاك اللقاء بالذات كان احلى يوم بحياتي ، اليوم اللي بدا حبج ينتظم وياخذ مكانه الطبيعي في عتبات ودروب روحي ..

                      اتوقع بوخالد ان ام خالد تبتسم من تعليقه لكنها ظلت ساكته وهيه تتطالع الارض ، وكان باين عليها الشرود والقلق ، ولهذا سألها :
                      بوخالد : ام خالد شو فيج ..

                      ماردت عليه وظلت ساكته لحظات قبل لاتقول ببرود :
                      ام خالد : ما فيني شي ..

                      ابتسم ها المره بوخالد وقال :
                      بوخالد : ايوا ايوا .. اكيد الحمـل متعبنك ولاعب فيج دور .. يا الله… اصبري شويه ، كلها شهرين وبتولدين وترتاحين ..

                      ارتفع صوت ام خالد فجأه وقالت :
                      ام خالد : أي حمل يا بوخالد ، انته تـتحراني شرات بنات ها اليوم ، اللي ادنى وجع يخليها اتصيح واتصارخ ... انا من بنات الرعـيل الأول، يعني لحقت على حريم مال قبل .. وانته اكيد تذكر يوم ولدت عادل شو كنت اسوي ..

                      حاول بوخالد يتذكر هذاك اليوم ، ولما ما قدر سألها باهتمام :
                      بوخالد : شو كنت اتسوين ..

                      جاوبته بحماس وثقه :
                      ام خالد : انا كنت قاعده اطبخ ، ولما جتني آلام الوضع ، سرت عند جارتنا وولديته ، وبعدها رجعت البيت وكملت طباخي ، واول ما رجعت انته ، نجبت وغرفت لك الغذاء وولدي في ايدي ..

                      بدات علامات الاستغراب وعدم التصديق واضحه على بوخالد وهو يقول :
                      بوخالد : عاد قلنا حريم مال اول ، مب لها الدرجه !! ولا شفتيني ريال عود قلتي بقـص عليه ..

                      ضحكت ام خالد من كلامه وشاركها بوخالد بالضحك ، واستمرت ضحكتهم لفتره طويله ،
                      واثناء ما كانوا يضحكون سمعوا صوت رنين تلفون البيت ، لكنهم اتجاهلوه واستمروا في مرحهم وضحكهم وكأنهم يدرون شو تحمله لهم ها المكالمه من أخبار وبالتالي فضلوا ايعشيون اطول فتره من الفرح قبل ما توصلهم موجه الحزن هذي .. وفي النهايه ومع استمرار رنين التلفون وبدون كلل ولا ملل وبعد ما عاد المتصل الاتصال مرات كثيره ، قامت ام خالد من مكانها ورفعت سماعة التلفون ، واول ما رفعتها قالت كلمة الاستقبال المعهوده وآثار الضحكه بعدها مرسومه على ويها :
                      ام خالد : الوو .. من معاي ..

                      كشف المتكلم عن نفسه وشخصيته بكلمات سريعه ، وقبل لا تسأله ام خالد سؤال ثاني ، سمعها المتكلم كلمات فاجعــه ، وحقنـــها بخبــر صاعـــق سرى سمــه الزعاف بلحظات في كل مجرى وشريان للدم في اوصالها ، ليصل السم القاتل في النهايه الى قلبها ، ويبدأ بنهش قلبها بكل وحشيه وشراهــه ... وما تحمل قلبها المرهف ثـقـل هذا الخبر الفظيع اللي نقله المتكلم ، ولهذا.... طاحت السماعه من ايدها قبل لا يكلم المتكلم كلامه ، وخـرت على الارض وهيه فاقده احساسها بالدنيا تماما ..
                      وكان كل هذا يجرى امام بصر ومسمع بوخالد ، واللي اتفاجأ بطيحة ام خالد العنيفه بعد ما رفعت سماعة التلفون بثواني , وركض صوبها ، وانبـطح بجانبها ، ورفع راسها من على الارض ، وحاول ايفوقها وهوه يناديها باسمها ، لكنها ما فاقت ، ولما فشلت كل محاولاته ، قام من مكانه واتجه صوب الغرفه عشان يجلب معاه علب عطر ، او أي منبه قوي، قد يساعد في تقويم وتفويق ام خالد ..
                      لكنه ايقن في قرارة نفسه ..
                      ومن خلال ما شافه من سلوك لام خالد وطيحتها العنيفه ..
                      ان المكالمة تنـذر بهبـوب خبر مؤلم ..ومؤلم جدا ..
                      خبر يحمل في طياته كل الالام .. آلام الواقع ..

                      ****************************
                      *************

                      نزل بومريم على الدرج بخطوات متسارعه ، واول ما وصل لصالة البيت في الدور الارضى ، رفع صوته وهوه ينـادي على بنته ظبيه ويقول :
                      بومريم : طبيه .. وينج يا ظبيه ..

                      انتظر بومريم للحظات قبل لا يأتيه الجواب .. ولكن.. أتاه بصوت زوجته ام مريم وهيه طالعه من المطبخ وتقول :
                      ام مريم : شو تبى بظبيه ..

                      التفت بومريم صوبها وقالت بسرعه :
                      بومريم : ابيـها اتسير الصيدليه وتشتريلي دواء ، لأن دواي خلص ..

                      قالت ام مريم وهيه اتأشرجهة باب الصاله الرئيسي :
                      ام مريم : ظبيه سارت اتودي العصير لمريم وريلها ، وبترجع بعد شويه ... اترياها ليما ترجع ..

                      اتحرك بومريم ببطء ليما وصل لكرسي من كراسي الصاله وقعد عليه وهوه يتساءل:
                      بومريم : خالد موجود عدنا في البيت ؟! متى وصل ؟!

                      جاوبته ام مريم بهدوء :
                      ام مريم : ظبيه قالت ان مريم كانت تنتظره قبل مدة في الميلس ، واكيد الحين وصل وقاعد معاها هناك ..

                      قام بومريم من مكانه وقال بهلفه:
                      بو مريم : دام ان خالد مشرفنا في البيت لاول مره ، بقوم اسلم عليه واقدمله واجب الضيـافـه بنفسي ..

                      اتحرك بومريم فعلا باتجاه باب الصاله ، وقبل لا يوصل الباب بمتر واحد انفتح الباب ، واتسمر بومريم في مكانه لما شاف ظبيه وهيه اتعاون اختها على المشي ، ويـد ظبيه اليمني محاوطه كتف ورقبـة مريم ، ولهذا اتساءل بو مريم بدهشة :
                      بومريم : شو فيها اختج يا ظبيه ؟!..

                      ما ردت ظبيه وظلت ساكته لانها في الاساس ما عندها جواب ، ولهذا التفتت صوب مريم عشان تنوب عنها في الاجابه على هالسؤال ، ومريم بدورها ارتبكت لما شافت كل العيون اتسلطت عليها وحاولت اتفكر بأي مبــرر يفسر حالتها هذي ولهذا قالت بتوتر وارتباك:
                      مريم : آآآ ..اطمن يا بويه ، ما فيني شي ...

                      رد عليها بومريم بانفعال :
                      بومريم : كيف ما فيج شي ، وانتي ما قادره توقفين على ريولج ..

                      ازادت ارتباك مريم واتناست احزانها مؤقتا وقالت بتعلثــم :
                      مريم : الصراحه با بويه ، وانا طالعه من الميلس افتركت ريولي وانزلقت على الارض ، وطحت وبعدها ما رمت امشي ..

                      وبقلق وخوف قال بومريم :
                      بومريم : لا سلامتج .. انتي الحينه سيري غرفتج ، وانا باتصل بالطبيب عشان ايي ويفحص حالتج ..

                      وبتوتر متزايد قالت مريم :
                      مريم : لا لا .. ما يحتاي .. صدقني يا بويه .. ما فيني شي .. واذا ما مصدق .. شوفني بمشي جدامك عادي ..

                      وفعلا بدت مريم تتحرك عادي باتجاه غرفتها ، وهذا اللي جعل ابوها يبتسم ويحس بالراحه ، لكن اول ما بدت مريم تركب الدرج استوقفها ابوها وقال باستغراب:
                      بومريم : الا قوليلي يا مريم .. خالد ريلج وين .. اكيد قاعد في الميلس .. صح ..

                      نزلت مريم راسها للارض ، وحست بغصه بعد ما رجع هالسؤال الالم لمريم ، لكنها حاولت مره ثانيه تبرير اللي صار فقالت بصوت خافت:
                      مريم : خالد راح .. ما تم عندي وايد ...

                      اتساءل بومريم بدهشه :
                      بومريم : ليش .؟!

                      ردت مريم بصوت مكتوم :
                      مريم : يتـله مكالمة طارئه ، فاضطر انه يستأذن ويروح ..

                      استغرب بومريم من تبريرها وقال :
                      بومريم : أي مكالمة هذي اللي اتخلي الريال ما يقعد مع حرمته الا دقايق وهوه اول مره ايشوفها ..

                      ادخلت ظبيه مباشرة بعد كلام ابوها الاخير وقالت بسرعه :
                      ظبيه : يا بويه .. يمكن طلعله شغل طارىء ما يتحمل التأخير ، وبعدين الايام بينهم طويله ويقدر ايشوفها متى ما يحب ..

                      هز بومريم راسه بعلامة الاقتناع وقال :
                      بومريم : معاج حق يا ظبيه .. المهم .. خذي اختج وطلعيها لغرفتها فوق .

                      قالت ظبيه بهلجه طاعه :
                      ظبيه : ان شاء الله ..

                      وفعلا اتحركت ظبيه صوب مريم ، ومسكتها من ايدها ، وبدوا يصعدون الدرج بهدوء.. ولما وصلوا لنص المسافه ، وقفت مريم فجـأه واتجمدت في مكانها، وهذا اللي أثـار استغراب ظبيه فقالت :
                      ظبيه : شو فيج ؟! ليش وقفتي ؟!

                      ما جاوبتها مريم الا بصرخه عنيفه تطلع من فمها ، وبعدها مسكت راسها واستمرت في الصراخ وسط دهشه واستغراب الكل ، وكانت مريم اتحس بألم جسدي حقيقي يقطع وينخـر في راسها وهنيه ادخل بومريم وقال بتوتر :
                      بومريم : مريم .. شوفيج ؟!

                      حاولت مريم انها اتجاوب لكن السانها ما طاوعها ، وفي النهايه اتكلمت بصعوبه وقالت بصوت متحشرج وخشن :
                      مريم : ما ادري شوفيني .. احس بسكاكين تنغرس براسي ، وقاعده اتقطع بلحمي ، واحس كأن الدم بيسيل من راســي ..و

                      مارامت مريم اتقول اكثر عن جيه ، واحمر ويها بالكامل واستمرت في الصراخ والالم ، ليما طاحت واغمى عليه من شدة الالم ، ولحظتها اتحرك بو مريم ومسك بنته وحملها بيده بمساعدة بنته ظبيه وهوه يقول بكل توتر وقلق :
                      بومريم : اتصلي بالدكتور يا ام مريم ، وانا الحينه بوديها غرفتها على طول... يا الله بسرعه..

                      وبسرعه البرق اتحركت ام مريم جهة التلفون ، بينما حمل بومريم مريم ، ووداها باتجاه غرفتها ، وعلامات الدهشه والاستغراب مرسومه على ملامحه وهو يحاول ايجاد تفسير وسبب لألم مريم المفاجىء ..
                      وما كانوا يدرون ولا يتوقعون ان سبب الألم هذا هوه خالد ، لانها قاعدة تستقبل الألــم من مكان بعيد .. المكان اللي ســوا فيه خالد الحادث ..
                      المكان اللي حمل ومازال يحمل كل الالالم للطرفين ..
                      خالد .. ومريم ...

                      ****************************
                      *****************

                      ضغط بوخالد على بخاخ غرشـة العطر بكل قوته ، وهوه موجهنها جهة خشم ام خالد مباشرة ، وظل يضغط ويرش مره ومرتين ، ليما فاقت ام خالد ببطء ، واول ما فتحت عيونها ظلت تـتـلفـت وتتطالع بوخالد بدهشه وبعيون مفتوحه ، وكأنها مستغربه من وضعها هذا وليش ايقومها وايفوقها بها الطريقه ، لكنها ما لبثت ان استرجعت كامل ذاكرتها ، فاتذكرت اللحظات الاخيره قبل لا يغمى عليها ، وكل ما جاء في المكالمه الاخيره ، ولحظتها .. اهتـزت جدران البيت من صرختـها ، و قامت اتنشع واتنـتف شعرها بيدها ، وتضرب على صدرها بشده واتقول بكل انفعـال وبصـوت مكلوم يذوب الحجر :
                      ام خالد : خاااااالد .. وينك يا خالد … ييـبولي خالد .. خذوا عمري كله ورجعولي خالد .. الله ايخليكم...احب ريولكم ... رجعولي خالد .. رجعولي خالد .. تعال يا خالد.. تعال بحضن أمك يا خالد .. ارجع لحضن امك يا خالد ..

                      انخلع قلب بوخالد لما ذكرت اسم خالد وهيه تطريه بها الطريقه المريعه ، وبدت علامات الخوف والهلــع تهاجم بوخالد ولهذا مسك بوخالد ام خالد وهزها بقوه وهو يقول بعصبيه :
                      بوخالد : شو فيه خالد .. قولي يا حرمه .. شوف فيه خالد ..

                      اتجاهلتــه ام خالد وكأنها ما سمعته واستمرت في صياحها وقامت اتهلـوس وتصرخ بهستريا وهذيــان واتقول :
                      ام خالد : راااح خالد راااح … ولدي البجــر راح .. واافديت انا خالد .. وااا حرقت قلب امك عليك يا خالد … خذوني معاه .. اخذوني معاه وين ما يسير... كيف اعيش بدونك يا خالد ... ليش اتروح واتخلي امك يا خالد .. حرام عليك يا خالد .. خذني معاك يا خاااااالد .. خذني معاك يا خاااااالد ...

                      غلى الدم بعروق بوخالد وهوه يسمع أنين ولوعة ام خالد ، ولهذا صرخ بكل قوته بويها بعد ما استمر في هــزها وبكل عنف وقال :
                      بوخالد : قولي يا حرمه… شو صاير، ومنو كلمج قبل شويه ..

                      رفعت ام خالد عينها صوبه واطالعته بعيون زايغه ، وادفقت دموعها بغزاره واتكلمت بكل صعوبه وكأن الكلمات قاعده تجرح واتقطع السانها :
                      ام خالد : المتصل كان ولد اخوك سالم ..

                      نزلت ام خالد راسها ، وحطت اياديها الثنتين على وجها وبدت اتصيح وتنتحب بصوت عالي ، وهذا اللي خلى بوخالد يصرخ بويها ويسألها بكل اهتمام وخوف :
                      بوخالد : شو قال سالم ؟!

                      وبصوت متقطع وما ينفهم الا بصعوبه قالت ام خالد :
                      ام خالد : يقول سالم ، انه كان مـار صوب اشارات الجيمي ، ولمح سيارة ولدك خالد ، وكانت قطعها متناثره على طرف الشارع ، وكانت متكسره ومتقطعه قطع قطع على الشارع حتى انه ما ميـز السياره ولا عرفها الا من رقمها ، ولما سأل واحد من الماره عن الحادث وحالة السايق قاله : ان الحادث استوا قبل اكثر من نص ساعه ، وقاله بعد انه شاف السايق وهوه طايح على الشارع بدون حركه والدم يسيل من راسه ، والناس لحفوه بخلقه بيضاء ، وبعدها يت الاسعاف وشالته...

                      انتفض بوخالد في مكانه ، وما قدر يمسك الدموع اللي قامت تسبح على خده ، لكنه حاول يثبت عمره ويثبت ام خالد معاه لما قال :
                      ام خالد : لا حول ولا قوة الا بالله ، يا ام خالد هدي اعصابج شويه ، ولا يسير فكرج بعيد ، يمكن الولد منصاب و متعـور بس و ….

                      قطع كلام بوخالد صوت رنين جرس الباب وهوه يرن بسرعه وبدون انقطاع ، وكأن اليد اللي تضغط عليه ملتصقه فيه ، و كأن طارق الباب يحمل معاه الخبر اليقيــن والاكيد فيما جرى لخالد ..
                      ولهذا.. اتوقفت ام خالد فجأه عن الصياح ، والتفتت صوب الباب ، وشاركها بوخالد نفس التصرف والشعور ، وظلت الابصار شاخصه وهيه متركزه على الباب في رعب وهلع ، وما اتجرأ أي منهم انه يتحرك خطوه وحده جهة الباب لفتحه بسبة الخوف والهلع من الخبر اللي يحمله طارق الباب ، او انهم حبوا يعيشون على الامل ولو لثــواني بسيطه ، وفي النهاية وبعد لحظات طويله من الترقب والصمت ، اتحرك بوخالد ببطء شديد جهة الباب ، وكأنه يجر معاه أثقال الدنيا كلها .. وام خالد فاتحه عينها في ذعر وكل شعره من جسمها ترتجف وتكاد تسقط من جسمها .. واول ما وصل بوخالد للباب التفت خلفه واطالع ام خالد بنظرات مرتجفه وحايره ، وهيه جامده بمكانها وقلبها يرجف بمكانه ، وبعدها التفت بوخالد مره ثانيه جهة الباب ، ورفع ايده ببطء صوب قفل الباب وهيه ترتجف بشده ، ورنين الجرس ما ينقطع ثانيه ، واول ما مسكت ايده المرتجفه قفـل الباب ، ضغط عليه بشده ، وشعر وكأنه قاعد يهـرس ويسحق قلبه بايده ، وما تحمل بوخالد شدة الموقف فجـرت الدموع من عينه ، وفي الاخير ، وبعد ما ذابت اعصابه واكتوت مشاعره فتح الباب بكل قوته . وو ..
                      اتفاجأ بوخالد بالشخص الواقف جدامه ، فانربط السانه ، وانسجنت الحروف بحلقه ، لكنه فجـر كل احاسيسه بصرخه عنيفه ارتجت واهتزت الها كل حيطان البيت :
                      بوخالد : خااااااااالد ..

                      كان الشخص الواقف جدامه هوه خالد بعينه ، وهوه رابط راسه بشاش طبي وكان باين عليه الارهاق والتعب الشديد وكأنه ماشي الالاف الكيلومترات ، وباين على ويهه آثار لرضوض وكدمات ، وثيابه متقطعه ومتوسخه ببقع كبيره من الدم ..
                      وما تحمل بوخالد ولا صدق اللي ايشوفه ، فمسك يـد ولده وضماه بقوه لصدره وهوه يحببه على خده وراسه، و يصيح مثل الياهل او حتى أكثر ، وبعد ما طفى نار عذابه بمـاي حضــن خالد الدافي ، قال بنبره امتزجت فيها العبره مع الفرحه :
                      بوخالد : خالد .. حبيبي .. حرقت قلبي عليك ... انته بخير؟.. ما فيك شي؟ .. ما يعورك شـي؟ ..

                      ابتسم خالد بصعوبه وهوه يمسك ويحط راس ابوه على صدره برفق ويحبه على راسه ويقول بحنان و بصوت انسان اهلكـه التعب :
                      خالد : لا تخاف يا بويه .. انا الحمدالله بخير وعافيه.. وما فيني غير ها التعويرات البسيطه ، والله تعالي قدر ولطف ...

                      وطول ها الوقت ، ومن لحظة ما دخل خالد البيت ، كانت أم خالد واقفه وهيه متجمده مكانها ، وعينها ما مصدقه ان ولدها خالد واللي ذاب قلبها على فراقه قبل شويه واقف جدامها وبكل شحمه ولحمه ، وبعد ما استوعبت الموقف وادركت انها بعالم الواقع ومب في خيال ، اندفعت بكل قوتها صوب خالد ، وركضت ركضه ما ركضتها طول حياتها ، حتى انها ما خففت من سرعتها لما وصلت لخالد ، وارتمت بحضنه بكل قوه حتى انه اتراجع للخلف شويه لحظة ما التحــم معاها ، وبعد ما روت ام خالد ظمأ روحها من حضنه ، وبللت صدره بدمع نابع من قلبهــا ، بـدت تتحسس جسم خالد واطرافه وكأنه ياهل صغير واتقول بانفعال :
                      ام خالد : حبيبي خالد ، ما يعورك شي ، ايدك .. ريلك .. راسك .. أي شي ..

                      ابتسم خالد بويها ، وهوه يحـاوط كتوفها ورقبتها بايده اليمني ، ومسح على راسها بحنان ، وطبع على راسها قبلة حب وامتنان ، وقال بخفوت :
                      خالد : اطمني يا اميه .. وطمني قلبج يا أحـن أم ، ولـدج وبفضل الله ورعايته بصحه وعافيه ...

                      ظلت ام خالد لحظات طويله وهيه اتبحلق في عيون خالد وتشبع نظرها من شوفته ، وما قطع لحظات الحزن والفرح هذي الا صوت بوخالد لما قال بهدوء :
                      بوخالد : آآ . خالد .. ما قلتلنا .. كيف صار الحادث ..

                      التفت خالد صوب ابوه ، وجاوبه بصوت حزين وخافت :
                      خالد : كنت اتحرك بسرعه كبيره بسيارتي بالقرب من تقاطع من تقاطعات الجيمي ، وما انتبهـت للاشارة الحمراء ، واتجاوزتها ، واتفاجأت بالسيارات اليايه ، ولفيت السكان عنها ، وما وعيت الا والسياره ضاربه الرصيف وطايره في الهواء قبل لا تضرب بعمود الاضاءه ، ولحظتها انفتحت كل الاكيـاس الهوائيـة في السياره وانضرب راسي فيها ، واطايرت قطعه من سقف السياره واحتكت براسي بقوه ، فانجرحت وسال الدم من راسي ، وبعدها ومن شدة الالم اغمي علي على طول ، لكني صحيت وانتبهت وانا بسيارة الاسعاف ، وطلبت منهم ايودوني البيت لاني حاس عمري زين ، لكنهم رفضوا وقالولي لازم نفحصك اكثر ، وودوني فعلا المستشفى وسوولي فحص سريع واتأكدوا من سلامتي خصوصا لما شافوني اتحرك عادي وبدون صعوبه ، وما فيني شي غير الجرح اللي براسي والرضوض اللي في بعض جسمي .. وبعدها وصلوني مشكورين لين البيت .. ولما وصلت اتذكرت ان مفتاح البيت موجود في السياره ، فدقيت عليكم الجرس بها الطريقه بعد ما انهـد حيلي وانقطع نفســي ..

                      سكت خالد فتره بسيطه وهو يلتقط انفاسه بصعوبه ، وبدا يترنح من التعب ، لكنه تابع كلامه وقال :
                      خالد : انا آسف يا بويه ، السياره اللي يبتلي اياها اتكسرت ، واكيد التأمين ما بيعوضنا بشيء ، لاني طايف الاشارة الحمراء ...

                      رد عليه بوخالد بانفعال صادق :
                      بوخالد : فداك السياره واللي يابلك السياره يا خالد ..

                      صمت بوخالد لحظة بسيطه قبل لايقول بتعجب :
                      بوخالد : بس يا خالد ، انا ما احيدك تسرع جذيه او اطوف الاشارات ..

                      ما جاوبه خالد ، ونزل راسه للارض في حزن وأسى ، ولحظتها ادخلت ام خالد وقالت بانفعال :
                      ام خالد : يا بوخالد .. مب وقته الحينه .. انته شايف الولد تعبان وما قادر يصلب طوله .. خله يرتاح والصباح رباح ..

                      شعر بوخالد بمنطقية كلام ام خالد ، ولهذا ادارك الموقف وقال بسرعه :
                      بوخالد : آآآ .. خالد .. اوديك غرفتك... انته ما قادر تمسك نفسك ..

                      اشر خالد بيده باشارة النفي وقال بهدوء :
                      خالد : لا لا ما يحتاي .. فيني شده .. واول ما اوصل السرير بفسخ ثيابي وبنام على طول ..

                      وفعلا اتحرك خالد بهدوء وبطء ، وبدأ يركب درج البيت بهدوء اكثر ، ليما وصل لربع المسافه ، ولحظتها اتذكرت ام خالد الموضوع الآولي فجأه وهوه موضوع الزياره ، فنادت على خالد وقالت :
                      ام خالد : خاااالد ..

                      التفت خالد صوبها بنظره متساءله ، وظل ساكت ، فتابعت ام خالد كلامها وقالت :
                      ام خالد : انته سرت بيت عمك ويلست مع مريــــم ..

                      مع آخر حرف نطقته ام خالد ، نزلت دمعه حاره من عين خالد ، وبدت انفاسه تتردد بصوره مسموعه ، وبعدها ركض خالد بسرعه صوب غرفته واتلاشى عن انظارهم ،
                      وكانت حركته ودموعه اشاره واضحه وجواب بليغ فهمت ام خالد معناه على طول ، وهذا اللي سبب احتقان شديد في مشاعرها ، وعرفت ان سبب الحادث كان لقاء خالد مع مريم ، وان السحر نجح تماما معاهم ، وانه لقاءه مع مريم هو الي دمر نفسية خالد واتسبب في ها الحادث المروع ، ولحظتها حست بالتهــاب شديد بمشاعرها ، وبموجة ذنـب اتخلخل كيانها .. لكنها مسكت نفسها وحبست مشاعرها بستار من حديد عشان ما تنهار جدام بوخالد .. وبوخالد بدوره كان مستغرب وايد من تصرف خالد ، خصوصا لما شاف دمعته وحركته السريعه بعد سؤال ام خالد ، وعشان جذيه سأل ام خالد بلهفة :
                      بوخالد : شو فيه خالد .. ليش دمعت عينه وركض بسرعه بعد ما ذكرتــي اسم مريــم جدامه..

                      ارتكبت ام خالد وماعارفت شو اتقول ، وحاولت اطلع أي مبرر وعشان جذيه قالت بصوت متلعثم :
                      ام خالد : آآ .. يمكن صدمة الحادث مأثره فيه ...

                      اتحركت ام خالد بعد كلمتها الاخيره ، وركضت صوب غرفتها واول ما فتحت بابها دخلت الغرفه بسرعه وصكت بابها وراها بقوه ، وهيه تاركه و مخليه بوخالد وهوه في قمة دهشته ، سواء من تصرف ولده خالد الغريب .. أو من تصرف ام خالد العجيب ..

                      واول ما دخلت ام خالد لغرفتها ، قفلت الباب وراها ، وظلت واقفه مكانها ، وهيه ما مصدقه ولا مستوعبه ابدا اللي صارو جـرى ، واللي كان ممكن يصير و يجرى بسببها …
                      وبعدها… اتحركت بهدوء صوب كبـت غرفتها ، وفتحت بابه ، وفتحت درج من الادراج الداخليه فيه ، وطلعت منه شي عزيز عليها ، عزيز وايد ، طلعت البوم صور كبير ، وفتحت اول صفحاته ، وشافت في الصفحه الاولى صورة خالد وهوه طفل رضيع صغير .. وكان يضحك .. وملامح البراءه اتشع منه ... وبعدها.. جلبت الالبوم على الصفحه الثانيه ، وشافت صوره لخالد لما كان في الابتدائيه وهيه واقفه عنده اتلبسـه ثيابه... واتذكرت هذاك اليوم زين ، لانه اول يوم لخالد في الابتدائيه وما كان يبى يسير المدرسه واضطرت انها اتلبسه غصب ...وبالصدفه شافهم بوخالد وصورهم ...
                      ابتسمت ام خالد لما اتذكرت ها الشي .... وبعدها .. استمرت في تقليب صفحات الالبوم .. وبعدما جلبت الالبوم على الصفحه الثانيه شافت صورة خالد لما كان في الاعداديه .. واللي بعدها صورته في الثانوية … وصورته في اول يوم له في الجامعه ... ثم صورته وهو يستلم شهادة تخرجه من الجامعة من يد الشيــخ … ذكريات حلوه محتفظه بها ام خالد بقلبها قبل لا اتشوفها بعينها من البــوم الصور ..

                      وبعد ما شافت ام خالد آخر صوره في الالبوم صكته وسكرته بكل بقوه ، ثم مسكت الالبوم باياديها الثنتين ، وضمت الالبوم بشده لصدرها ، وهيه اتحس انها اتضم احلى سنين عمرها كلـه… السنين اللي شافت فيها ولدها يكبر يوم بعد يوم .. ولحظه بلحظه … من يوم ما كان طفل صغير ليما صار ريال كبير .. واشتد ضم ام خالد لها الالبوم ...و بكت....بكت ام خالد بحرقه وهيه تتذكر كل هذا ...
                      وبكت اكثر واكثر لما حست ان سنوات العمر الطويله اللي قضتها في تربيه خالد ، والحب اللي كان ولا زال ينمو ويكبر يوم بعد يوم .. كان ممكن يضيع وينتهي .. والسبب .. هيه... السحر اللي سوته كان السبب ... كانت ممكن تقضي عليه ويغيب عن ناظرها نهائيا بعد ما كسرت قلبه وحرمته من حبه ...

                      كلما تذكرت ام خالد الدقايق القليله اللي حست فيها بفقدان خالد فيها بعد سماعها لخبر الحادث ، تهتز كل مشاعرها وتتمنى الموت لمجرد سماعها الخبـر ، فما بالها لو فقدته فعلا وكانت هيه السبب في قتلــه !! ... ما تتصور ها الشي يصير .. كيف بتعيش .. كيف بتعيش وهيه دافنــه ولدها بيدها .. كيف بتعيش وهيه تدفن كل سنين الحب والسعاده اللي عاشتها وكرستها في تربيه ولدها خالد .. شي ما يتصوره عقلها .. ولا يدركه خيالها ...
                      وبعدها .. بدت ام خالد تـأنب واتعذب نفسها وبدون رحمــه ، وكأنها مرتكبه اكبر الجرايم ، واي جريمه اكبر من محاولة قتلها لولدها وبابشع الوسايل .. السحر ... والادهى من هذا كله والأمـر ... ليش ؟! ليش سوت كل هذا ؟! .. صحيح انها ككل ام تتمنى لولدها العود انه يتزوج مثل كل الشباب مع بنت بكر ما متزوجه من قبل .. لكن... لكن هذا ما يعطيها الحق تتصرف بأنانيــه وتعطي نفسها الحق بالتحكم وقتل مشاعر ولدها ، وحرمانه من اللي اختارها قلبه .. وبأي حجه مهمن كانت .. طالما انه ما يرتكب ما يغضب الله ....

                      والسبب الثاني .. وآآآه من السبب الثاني .. خوفها من الناس ...وسألت نفسها اهم سؤال .. هل بمقدور الناس انهم يرجعولها ولدها لو راح ... أويعيشونه لحظة سعاده مع أي بنت ثانيه ؟..

                      كل ها الافكار والمشاعر قاعده ادور بقوه وتعصف بعقل وقلب ومشاعر ام خالد في ها اللحظات .. وفي النهايه …ما تحملت ها الضغط النفسي الرهيب ... فانفجرت نفسيتها .. حتى انها ضربت راسها بقوه بالكبت اللي جدامها ليما سال الدم منه .. وقالت بصوت مسموع ..

                      ام خالد : وينج يا مريم ... تعالي يا مريم وانا اصير خدامه عندج .بس ولدي ما يروح عني .. اشوفه .. المسه .. احضنه ... احس فيه ...، قلبي عند ولدي ، وقلب ولدي عندج ، ولجذيه ، انتي يا مريم قلبي.....
                      بعيش طول عمري احبج واحبه .. لانج منـه وفيــه.. قلبج قلبه..وحبج حبه ..
                      بعيش طول عمري احبج وأحبه .. بس تعالـــي ... تعالي لاحضان امج وامـه ....... تعالي يا مريم تعالي ..

                      سكتت ام خالد بعد جملتها الاخيره ، وقررت في قرارة نفسها انها اتصلح كل شي .. كل شي .. قررت انها ومن باجرب بتتصل او تسير بنفسها عند ام يابر وبطلع السحر وين ما يكون ، وتحرق العمل واتفك السحر بايدها الثـنتين ومهمن كان الثمن ، حتى لوكان ثمنه حياتها ، كل هذا في سبيل انها اتشوف ولدها خالد سعيد ولو لحظة .. وتمتع نفسها بشوفته وقربه طول حياتها..

                      وبهذا... بتنتهي كل الالام اللي عاشها خالد ومريم بسببها ...

                      وقف الدكتور بالقرب من بومريم ، وكانوا يتكلمون عن حالة مريم ، وبادره بومريم بالسؤال لما قال بلهفه :
                      بومريم : هاه دكتور . شو فيها بنتي !

                      رد عليه الدكتور وهوه يحرك كتفه باستغراب :
                      الدكتور : بنتك ما فيها الا العافيه .. انا فحصت النبض والحراره والضغط ، وكل شي عادي ، حتى اني مستغرب منك .. ليش مناديني دام ان انها طبيعيه ؟!...

                      استغرب بومريم من كلامه وقال بانفعال :
                      بومريم : انته شو اتقول يا دكتور .. البنيه كانت تتلــوى من الالـــم، واللي كان يعصـر وينخر براسها وكأنه بينفجر ، واتقول طبيعية ..

                      احتار الدكتور من كلام بومريم ، واتبادر لذهنه تفسير ثاني بعيد وهوه ( التخاطر ) ، لكنه استبعد هالاحتمال في النهايه نظرا لنـدرته الشديده فقال :
                      الدكتور : والله ما ادري شو اقول .. وانا يعني لو شفت شي مب طبيعي ، ليش ما اخبرك .. لكني أأكدلك مره ثانيه انها طبيعيه .. وعلى العموم ..انا عطيتها مهدىء قوي ، لاني شكيت ان اعصابها تعبانه ، وبها المهدىء بتنام على طول ، وبتصحى مرتاحه وطبيعيه ان شـاء الله ..

                      سكت بومريم لحظات ثم قال :
                      بومريم : وما تحتاج ادويه ثانيه ..

                      حرك الدكتور راسه باشارة النفي وقال :
                      الكدتور : لالا ما يحتاي .. واذا راسها عورها مره ثانيه .. عطوها حبة بندول عاديه ..

                      اتحرك بوخالد مع الدكتور ليما طلعوا من الغرفه وسكروا الباب وراهم ، وخلوا مريم وهيه نايمه بهدوء وسكينه ، وفعلا .. غاصـت مريم في بحر من النوم ، ليما وصلت لاعماقه ..ولحظتها انتقلت لعالم ثاني .. هوه عالم الاحلام .. او الرؤى .. وشافت هذاك الحلم او الرؤيـه .. وكأنها حقيقه متجسده امامهـا … شافت عمرها وهيه وافقه وسط بقعه خضراء جميله ، والماي يجري من تحتها والزهور منتشره حواليها ، وشافت على مسافه قريبه منها ، خالد وهوه يطالعها ويبتسم الها ، واول ما شافته ابتسمت له ، ورفعت ايدها واشرتلــه عشان ايـيلها مكان ما كانت واقفه ، واول ما اقترب خالد منها ، وصار على مسافه قريبه منها وأوشك انه ايلامسها ، اتفاجأت بعشرات الوجوه الشيطانيه البشعه ، وهيه اتحاوطها واتحاصرها من كل مكان وعلى شكل دائره ، وكانت الشياطين قاعده اتهاجــم و تدفع خالد بعيد عنها وبكل قوه وبدون رحمه ... وفي النهاية شافت خالد وهو يتراجع بعيد عن دائرة الشياطين هذي ، وهوه يرمقها بنظره حزينه ودموعه تنزل بغزاره من عينه .....

                      وبنفس الوقت اللي كانت مريم نايمه وتحلم ها الحلم ، كان خالد غرقان في نومه بعد ما هـده التعب والارهاق ، وبها اللحظه.. كان يحلم ويشوف رؤيا وحلم مشابه … شاف في حلمه ، وكأنه يتحرك في بقعه خضراء ، وبعد ما مشى لمسافه بسيطه ، شاف مريم من بعيد وهيه واقفه والزهور من حواليها والماي يجري من تحتها ، وشافها وهيه اتأشر له عشان يقترب منها ، وهوه بدوره ابتسم ، وحاول يتقرب منها اكثر واكثر ، لكنه.. ولما وصل لبعد خطوه منها وعلى وشك انه ايلامسها ، ظهرت وبرزت من العـدم مجموعه من الشياطين البشعه ، وبدت اتحاصر واتكون دايره شيطانيه حول مريم ، وكلما حاول الاقتراب من مريم تدفعه الشياطين بكل قوتها وبشاعتها ، ولما ركز نظره على مريم شافها وهيه ماده ايدها وتستنجد وتستغيث فيه ، وتذرف دموعها بكل حرق وألم ...

                      ولحظتها .. فـز خالد من النوم وهوه مذعور ومرعوب … وحس باختناق كبيرفي انفاسه ، ولهذا قام من مكانه على طول ، وفتح ستاره الدريشـه ، ليفاجأ بشعاع الشمس الساطع يلفح وجهه ، والتفت خالد لوراه وشاف الساعه واللي كانت أتأشر على الساعه عشر الصبح ، ومباشرة ، اتجه خالد للحمام واتغسل ، ولبس ثيابه ، ودور تلفونه المحمول ، لكنه اتذكر ان التلفون كان موجود في سيارته المتحطمه ، ولهذا فتح درج المكتب وطلع تلفونه الثاني ، واللي فيه بطاقه وخط ثاني وحطاه في جيبه ، وبعدها .. نزل تحت في الصاله ، لكنه ما شاف حد ، ووقتها .. اتحرك خالد باتجاه باب الصاله ، وفتحه وطلع من البيت ، وبدأ يمشـي على ريوله في شوارع الحاره .. والافكار تلعب براسه .. واحداث الامس ما زالت محيره كيانه ...
                      وظل يمشي ويمشي ، ومن غير وجهه محدده ، وظل يمشي لدقايق ليما انتبه للبيت الواقف جدامه .. كان واقف جدام بيت اربيعه ماجد … ماجد خطيب اخته روضه ، وعلى طول اتحرك ليما وصل الباب ودق بابه ، وانتظر دقايق ليما انفتح الباب ، واللي فتح الباب كان ماجد نفسه فقال بلهجة ترحيب وهوه يضمه لصدره :
                      ماجد : بو الوليد ...الحمدالله على السلامه.. سلامات ما تشوف شر ان شاء الله .. ولد حلال… تونيه بمر عليك .. انا اتصلت بيتكم امس وقالي ابوك انك نايم بعد الحادث اللي سويته البارحه ..

                      رد عليه خالد بهدوء :
                      خالد : الله ايسلمك ....

                      وبلهفه قال ماجد :
                      ماجد : بنتم واقفين وايد جدام الباب ، يا الله تفضل داخل خلنا نقعد وانسولف ونطمن على عليك وعلى احوالك ..

                      دخل خالد بيت ماجد ، ولاحظ ان بعض اغراض البيت غير مترتبه ومب محطوطه في مكانها الطبيعي ، وانتبه ماجد لنظرات خالد فقال وهوه يبتسم :
                      ماجد : عاد اتعرف يا بوالوليد ، انا عزوبي وعايش بروحي ، بعد ما اتوفوا اهلي واتوفت زوجتي ، وان شاء الله اختك روضه لما اتشرفني كزوجه عزيزه بتضبطني واتصلح كل الكسل والرباده اللي فيني ..

                      ابتسم خالد على الرغم من معاناته وقال :
                      خالد : ان شاء الله ...

                      اتحرك ماجد صوب المطبخ وياب دلة الشاي والقهوه ، وبدأ يصب الشاي والقهوه لخالد ، وفعلا .. شرب خالد الشاي والقهوه وهو يحاول يخفف من توتراته العصبيه ، وهنيه عاجـله ماجد بسؤال خاطف وقال :
                      ماجد : الصراحه يا خالد انا مستغرب منك ..

                      اتساءل خالد :
                      خالد : ليش ؟!

                      جاوبه ماجد :
                      ماجد : بصراحه ما صدقت لما قالي ابوك انك كنت مسرع وطايف الاشارة الحمراء ، انته عمرك ما سويتها ، وانا اعرفك زين ، سواقتك هاديه ، وعمـرك ما خالفت القواعـد المرورية .

                      اتغيرت ملامح خالد وبدا عليه الضيق وهو يقول بيأس ودموعه بدت تنزل من عينه:
                      خالد : شو اقولك يا ماجد ، اللي صارلي امس ما ينوصف ، اهتزت مشاعري كلها .. وقف تفكيري ، وحسيت عمري كأني انسان ثاني .. اللي صارلي يا ماجد فظيع ، فوق طاقه أي انسان على تحمله ..

                      اتفاجأ ماجد من نبرة الحزن اللي حلت على خالد ، وما عرف شو مغزى كـلام خالد لكنه قـال :
                      ماجد : لالا يا خالد ، انته اليوم مب خالد اللي اعرفه ابدا ، وين خالد اللي دايما ينصحنا ويقول حكموا عقلكم دايما ، وخلكم هاديـن ، واتمسكوا بالأمل حتى لو كان مجرد طيف ، وبعدين شو صار يعني عشان هذا كله .. شو صار عشان تهمل نفسك واتعرضها للخطر بها الصوره ؟!

                      سكت خالد فتره وهو يركز نظره بعيون ماجد ثم قال بهدوء :
                      خالد : انته ما تعرف شو صارلي ، ولا حتى انا عارف شو صارلي ... شي .. اكبر من تفكيري وادراكي ، كلما حاولت افكر فيه اوصل لطريج مسدود وما احصل أي سبب او منطق للي صار ..

                      ما فهم ماجد مقصـد خالد… لكنه حاول يجاريه بكلامه لما قال:
                      ماجد : هذا لانك ما كنت في حاله تسمحلك بالتفكير الصحيح ، انته لازم اتهدي اعصابك واتركز تفكيرك عشان توصل لتفسير منطقي للي صارلك ..

                      مسك خالد راسه بقوله وقال :
                      خالد : حاولت والله اني حاولت ، بس ما قدرت ..

                      تنهد ماجد لحظه وهوه يطالع خالد وقال :
                      ماجد : انزين… خلني اشاركك تفكيرك.. يعني قولي شو صارلك .. و يمكن الله يوفقني واشوف شي ، انته ما قادر اتشوفه بسبب حالتك هذي ..

                      صمت خالد بعد كلمة ماجد الاخيره ، وبعدها قال :
                      خالد : فعلا ، انا محتاج لحد يشاركني همي وعذابي ، وما بحصل حاليا أي انسان اقرب منك يا ماجد ..

                      ابتسم ماجد بهدوء ، وبعدها ، بدأ خالد يرويله تفاصيله ما جراله في لقاءه الاخير مع مريم ..
                      وبعد ما انتهى خالد من سرد كل التفاصيل ، بدت ملامح التفكير العميق تظهر على ويه ماجد وهو يحاول ايجاد تفسير واضح للي صار ، وفي النهايه قال بصوت خافت :
                      ماجد : اعتقد اني عرفت بالضبـط شو اللي صارلك ..

                      انتفض جسم خالد وسأل ماجد بانفعال :
                      خالد : شو اللي صارلي ؟! قووول ..

                      ومباشرة جاوب ماجد :
                      ماجد : واضح انك مسحور !!

                      فتح خالد عيونه من الدهشه وقال :
                      خالد : مسحور !!

                      أكد عليه ماجد وهوه يعض على حروف كلماته :
                      ماجد : هيه مسحور ...

                      اتساءل خالد :
                      خالد : وانته كيف عرفت اني مسحور ..

                      سكت ماجد فتره قبل لا يقول بهدوء :
                      ماجد : يا خالد .. انا عندي قراءات كثيره في السحر .. وصادفت نـاس وايدين اتعرضوا لنفس المشكله ، وكانوا مسحورين بنفس درجة سحرك ...

                      وبانفعال قال خالد وهو يشكك بكلام ماجد :
                      خالد : وانته اتصدق ها الخرابيط يا ماجد ... هذي مب اكثر من دجل وشعوذه وخربطة ناس نصابين ، واللي يضحكون على الناس البسطاء ويوهمونهم بأشياء مستحيله بعد ما يسرقون منهم بيزاتهم ...

                      انعقد حاجب ماجد وهوه يقول :
                      ماجد : يا خالد .. السحر انواع كثيره .. منها ما يعتمد على خفـة يـد الساحر وبراعته الحركيه ، مثل اللي انشوفه في التلفزيون ، ومنهم المشعوذين والدجالين واللي يضحكون على الناس مثل ما قلت ، ومنهم اللي يسحرون عيون الناس ، ويوهمونهم برؤيه اشياء مب موجوده ، مثل ما يوهم الساحر الناس انهم يشوفون حيوان مثلا ، وهوه في الاصل طاوله او صخره .و ..

                      قاطعه خالد وقال :
                      خالد : وهذيل كلهم نصابين ، ودجالين ، وما يقدرون ايضرون أي انسان ..

                      جاوبه ماجد بحده :
                      ماجد : معاك حق ، كل اللي ذكرتهم ما منهم ضرر ولا خوف منهم على سلامة الانسان ، ولكن هناك نوع ثاني خطير ، هم السحره الحقيقين اللي يقدرون فعلا الحاق الضرر بالانسان ..

                      اتساءل خالد بدهشه :
                      خالد : منو هم ..

                      رد عليها ماجد :
                      ماجد : هم السحره اللي الهم اتصالات وتعاملات مع الجن والشياطين ، وبها الحاله يقدرون يستفيدون من قوى وجبروت ها العالم ، ويسخرونه لخدمة مصالحهم الشخصيه ...

                      سكت ماجد لحظات وهو يطالع بعيون خالد ، ثم تابع كلامه وقال :
                      ماجد : يا خالد ، عدم علمــك بالشــي ما ينفـي وجوده ، ولا تنسى ان السحر ثابت ومذكور في القرآن الكريم ، والآيــة الكريمـــة اتقول (( فيتعلمون منهما ما يفرقــون بين المــرء وزوجــه ))

                      بدا الاقتناع يتسرب لعقل خالد ، لكنه قال :
                      خالد : طيــب .. واللي صابني من أي نوع ...

                      جاوبه ماجد بأسف :
                      ماجد : للاسف .. اللي صابك من أسوأ الانواع، واللي مسوي السحر ساحر قدير وكبير ، وواضح من وصفك للي صارلك ، انه الساحر له باع طويل في السحر والتعامل مع الجن والشياطين ، وهذا اللي سبب قوة وشدة النفــور عندك ...

                      انتفض قلب خالد لما ادرك بشاعه ما فيه وقال :
                      خالد : وماشي طريقه انزيح ها السحر الملعون ..

                      ما جاوبه ماجد ، وظل ساكت ويفكر بهدوء وفي النهايه قال :
                      ماجد : اسمعني يا خالد .. ها السحر بالذات ماله حل الا انك اتحصل السحر او العمل نفسه وتحرقه .. وغير جذيه ، ما اعتقد فيه حل مناسب .. وعلى فكــره انا اذكر أن واحد من الربع صابه نفس الشــي وكــان متزوج فعلا وعنده طفـــل صغير ، وسوتـله زوجة ابوه سحر لانها ما كانت تحب مرته ، وفعلا عانــى من نفس اللي اتعانيه وكان ينفــر ويتضايق من زوجته وحتى من ولــده ، وما خلى ساحر ولا مطوع الا وسارله.. لكن .. بدون فايده ، ولما فشلت كل محاولاته .. اضطر انه يطلـق حرمته ، وحتى ولــده ما كان يزوره ولا يهتم فيه بعد ما فارق أمــه (( حادثه حقيقة واقعيه وقعت فعلا ))
                      انصعق خالد لما سمع ها الحوادث الواقعيه اللي اتسمـم البدن ، وما تصور مجرد تصور ، او اتخيل مجرد تخيل ، انه ممكن يفارق مريم ، وللابد ..
                      لان مجرد التفكير بفراقها ، يحمل معاه كل ما في ها الدنيا من أوجاع وآلام ..

                      ******************************************
                      **********************************

                      فتحت مريم عيونها بصعوبه ، وحست بضبابه خفيفه تغشي بصرها ، ثم ما لبثت ان انقشعت ها الضبابه لتتكون امامها صوره واضحـه لملامح اختها ظبيه واللي بادرتها بالكلام لما قالت :
                      ظبيه : الحمدالله على السلامه ..

                      ردت عليها مريم بخفوت :
                      مريم : الله ايسلمج ..

                      اتلفتت مريم حواليها وهيه تسأل :
                      مريم : آآ ظبيه ... كم الساعه الحينه ..

                      اطالعت ظبيه ساعتها وقالت بهدوء :
                      ظبيه : الساعه الحينه عشر وخمس وخمسين دقيقه بالضبط ..

                      وبدهشه قالت مريم :
                      مريم : يا الله .. ها الكثر نمت ؟!

                      ردت عليها ظبيه :
                      ظبيه : هذا لان الدكتور عطاج حقنة مهدىء عشان ترتاحين شويه ..

                      اتساءلت مريم :
                      مريم : وشو قال الدكتور عني ... يعني شو سبب الوجع اللي كان براسي ..

                      حركت ظبيه كتفها باشارة عدم المعرفه وقالت :
                      ظبيه : الدكتور ماعطانا تفسير او سبب واضح لها الوجع ، وقال انج طبيعيه تماما ، وقال يمكن السبب يكون نفسي ... المهم .. الحمدالله على سلامتج وما تشوفين شر يا مريم ..

                      هزت مريم راسها بامتنان ، وعاجلتها ظبيه بابتسامه وهيه اتقوم من مكانها واتقول :
                      ظبيه : انا بسير باتصل في ريلج خالد ..لازم ايعرف انج مريضه عشان يزورج ويطمن عليج ..

                      قاطعتها مريم وقالت بصوت مرتفع :
                      مريم : لالا ... لا تتصلين...

                      اندهشت ظبيه من طلب اختها ، لكنها ابتسمت في النهايه وقالت :
                      ظبيه : انتي اتغارين على ريلج من اختج ... لا تخافين .. ما بغازله .. انا بييبلج التلفون واتصلي فيه بنفسج ..

                      ازداد ارتباك مريم وقالت :
                      مريم : انا ما قصدت جذيه بس ..

                      هالمره قاطعتها ظبيه وقالت :
                      ظبيه : بس شوه .. من واجبج انج اتخبرين ريلج ، ومن واجبه يطمن عليج ويزورج وانتي مريضه...

                      سكتت مريم وما عرفت شو اتقول ولا بشو اتجاوب ، وهنيه ، فاجأتها ظبيه بسؤال خاطف لما قالت :
                      ظبيه : مريم .. شو اللي صار بينج وبين خالد امس ؟!

                      سرت نفضه شديده في جسم مريم ، ونزلت راسها في الارض ، ثم ردت بصوت خافت :
                      مريم : ما صار شي .. انتي ليش اتقولين جذيه .. انتي ما سمعتيني امس لما خبرت ابوي باللي صار .. وانتي بنفسج أكدتي على كلامي امس ..

                      اطالعتها ظبيه بنظره طويله وقالت :
                      ظبيه : انا فعلا أكـدت على كلامج امس ، وسويت ها الشي عشان افكج وانقذج من الاحراج مع ابوي .. لكن في قرارة نفسي ، انا شاكه او حتى متأكده انه في شي غير طبيعي حدث بينكم .. وانتي عارفه مثل ما انا عارفه ، اني فاهمتنج زين ، كونج اختي واعلم كل طبايعج ، واعرف صدق كلامج من عدمه من نبرات صوتج ونظرات عيونج ...

                      نزلت مريم عيونها للارض بتوتر ، في اشاره ثانيه لصحة توقع ظبيه ، وصمتت لفتره طويله ثم قالت بصوت هادي وحزين :
                      مريم : شو اقولج يا مريم ... انا بنفسي ما عارفه شو اللي صار ..

                      اتساءلت ظبيه بدهشه :
                      ظبيه : ما عارفه شي ؟! كيف يعني ، وضحي اكثر ؟

                      تنهـدت مريم للحظات وبعدها بدت تروي باختصـار وبصعوبه تفاصيل ما جرالهـا مع خالد ...
                      وسادت فتره صمت طويله بعد ما انتهت من السرد ، وبدا على ظبيه علامات التفكير العميق قبل لا تقول :
                      ظبيه : شي غريب والله .. شو اللي يخلي خالد يتضايق جذيه وينسحب بها السرعه ..

                      اطالعتها مريم بنظره حزينه وقالت :
                      مريم : ما ادري والله .. انا من ساعتها والهواجس والوساوس تنهشني .. لدرجه اني فكرت اني ما عجبته ولا دشيت بخاطره ..و.

                      قاطعتها طبيه بانفعال واستنكار :
                      ظبيه : لالا يا مريم ، انا ما اتفق معاج بها الراي تماما .. صحيح ان الناس اذواق واللي يعجب الواحد ممكن ما يعجب حد غيره ، لكنج انتي ما شاء الله عليج ، جمالج يرضي كل الاذواق ، وبعدين ومن الاساس ، لما فكر فيج خالد واختارج ، ما اختارج عشان جمالج او حسن صورتج ... خالد اختارج لأخلاقج وطيبة قلبج ، وفي كل الاحوال مو من الذوق ابدا انه يتركج ويروح عنج بها الطريقه حتى لو ما كنت عاجبتنه !!!

                      بدت الحيره واضحه على مريم لكنها قالت وهيه اتأشر على تلفونها:
                      مريم : انزين وليش ما اتصل فيني عشان يشرحلي موقفه ، وانتي على شوفج عينج ، من طلع من عندي ما فكر يتصل ولا يسأل فيني ...

                      ما عرفت ظبيه شو اتقول بعد ما حست بمنطقية كلام اختها ، وما حصلت جواب غير :
                      ظبيه : الغايب عذره معاه يا مريم ..

                      انفعلت مريم فجأه وقالت :
                      مريم : أي عذر يا ظبيه .. أي عذر يخلي الريال يشرد عن حرمته بها الطريقه ، وحتى لو كان فيه سبب ، ليش ما يطلعني عليه ؟!

                      هزت ظبيه راسها وقالت :
                      ظبيه : والحينه شو بتسوين .

                      قالت مريم بحزم :
                      مريم : ما بتصل فيه ولا بستقبل أي مكالمه منه ، ليما اييني هنيه البيت ويعتذر ويعطيني سبب مقعنع لكل اللي صار ..

                      اندهشت ظبيه من كلامها وقالت :
                      ظبيه : يا مريم .. انتي عارفه شو اتقولين... انتي ..

                      قاطعتها مريم وقالت :
                      مريم : يا ظبيه .. انا كرامتي فوق كل شي ... مب معقول انجرح وانهان بها الطريقه وبعدها ادوره من مكان لمكان .. هذا آخر راي عندي .. ولو سمحت خلي تلفوني عندج ، ولو اتصل قوليله تعبانه وما تبى اتكلم حد .. انزين ..

                      حست ظبيه بجديه وصرامة كلام اختها وعشان جذيه قالت :
                      ظبيه : حاضر ..

                      سكرت مريم عيونها مره ثانيه ، وبدت اتفكر ، وهيه حاطه في بالها ومصره فعلا انها ما اتكلم خالد ابدا قبل لا ايجيلها شخصيا ويوضح كل الامور ..
                      ما بتكلمه .. ومهمن كان الثمن .. حتى لو كان ..
                      فصل جديد من الآلام .. آلام الواقع ..

                      ****************************
                      **************

                      ((ارجوك يا ماجد .... شوفـلي حل ارجوك ))

                      نطق خالد الكلمات السابقه بحرقه وتوسل ، وهوه يستنجد بماجد ويطلب منه المشوره والحل .. وبدوره عاجله ماجد بالرد لما قال :
                      ماجد : يا خالد.. سبق واني قلت لك .. ما في حل على ما اظن الا انك اتحصل ها السحر المشئوم..

                      وبيأس و حيره قال خالد :
                      خالد : وكيف احصله ، وانا ماادري في الاساس منو اللي مسونه ؟!

                      جاوبه ماجــد :
                      ماجد : يا خالد اهدأ شوي ، وخلنا انفكر بهدوء .. وبصراحه ، اذا استمرت بعصبيتك هذي ما بنوصل لحل سريع ابدا..

                      حاول خالد انه ايهدي من نفسه شوي ويفكر بهدوء ، ولهذا خفض من نبرة صوته وقال :
                      خالد : انزين يا ماجــد ، بحاول افكر بهدوء ، لكن ساعدني ارجوك ، انته الحينه اهدأ مني ويمكن اتشوف شي انا ما اشوفه ..

                      سكت ماجد لحظات وهوه يفكر بعمق على أمل انه يلقـى شي يساعد فيه خالد ، وفي النهايه اتكلم بهدوء وقال :
                      ماجد : اسمعني زين يا خالد ، وركزي معاي ، اذا بغينا نوصل للفاعل لازم نسأل انفسنا بعض الاسئله ..

                      اتساءل خالد باهتمام :
                      خالد : اسئلة مثل شوه ؟!

                      جاوبه ماجد بحذر :
                      ماجد : اسأل نفسك ، منو اللي يكرهــك لدرجه انه يسويلك سحر بها الدقه والبشاعه ..

                      رفع خالد ايده اليمني وحطاها على راسه وبدأ يفكر بصمت ، لكنه في النهايه هز راسه باشارة النفي وقال :
                      خالد : والله ما اظــن ان فيه حد يكرهني لها الدرجه!! ، وبعدين انا ما عرف الناس اللي يكرهوني من الناس اللي يحبوني ، ها الشي بعلم الغيب ، وما يعلم ما في القلــوب الا الله ..

                      نزل ماجد راسه لحظات للارض ، ثم عاود رفع الراس وقال :
                      ماجد : انزين ، بسألك سؤال ثاني ، منو اللي عارض زواجك هذا ، وما كان موافق عليه ابدا ؟؟

                      ولأول مره بدأ خالد يفكر بتركيز وهدوء ، وبدت تتشكل افكاره وادور حول انسان واحد بس ولحظتها هز راسه بعنف وهوه يقول :
                      خالد : لالا مستحيل ..

                      اتساءل ماجد بسرعه :
                      ماجد : شو المستحيل ..

                      جاوبه خالد وانفاسه تتردد :
                      خالد : مستحيل ايكون اللي في بالي هو اللي مسونها ..

                      وبصرامه شديده قاله ماجد :
                      ماجد : يا خالد .. لا تستبعد أي احتمال مهمن كان بعيد او مستحيل ، ومرات الواقع يحمل النا اشياء ما نتوقعها ولا تخطر لنا في بال أبدا ..

                      سادت فترة صمت طويلة بعد كلمة ماجد الاخيره ، وخالد بدوره نزل راسه للارض وهوه يفكر بتركيز شديد ، وبدأ يستعيد ذكرياته ، وخصوصا لقاءاته الاخيره مع امه .. اتذكر اللحظات الل سبقت طلوعه من بيتهم لما كان ساير عند مريم .. اتذكر اسئله امه اللي في ظاهرها عاديه لكن في باطنها غريبه .. خصوصا لما سألته (( انته مرتاح مع مريم )) ولما سألته (( ما تحس بشي غير طبيعي مع مريم )) .. بالاضافه الى ردود امه الفاتره وبرودها كلما ذكروا اسم مريم .. وفي النهايه.. وبعد ما اكد عقله ها التوقع ، صرخ بصوت عالي وبدون وعي :
                      خالد : معقوووله .. معقوله أمي اتسوي فيني جذيه ..

                      اتفاجأ ماجد بصرخة خالد وقال بتعجب :
                      ماجــد : أمــك ؟!

                      انخفضت نبرة صوت خالد وقال بأسى :
                      خالد : للاسف .. الاحتمال الاكبر او الاكيد انها أمي .. كل الدلايل اتشير لها الشي .. هيه الوحيـدة اللي كانت معارضه ، وتصرفاتها قبل وبعد الملجه كانت مريبه ومـب طبيعية ابدا ..

                      ارتفع صوت ماجد فجأه وقال :
                      ماجد : مدام السالفه جذيه ، لازم اتواجه امك ، واتحط حـد لكل شي ..

                      انفعل خالد بشده وقال :
                      خالد : يعني شو تباني اسوي ، اسير حق امي واتهمها واقولها انتي امسوتلي سحر !! ولو انكرت ها الشي ، شو بيكون موقفي معاها ؟!

                      رد عليه ماجد بنفس اللهجه :
                      ماجد : انا ما قلت جذيه ، انا قصدت انك اتواجها بدون ما تتهمها بشكل مباشر ..

                      اتساءل خالد :
                      خالد : يعني شو تباني اسوي ..

                      جاوبه ماجد بهدوء :
                      ماجد : استخدم ذكائك يا خالد .. حاول تقرأ ها الشي بعيونها واتحسسها انك عارف كل شي ، وبشويه ضغط نفسي ، بتعرف منها كل شي ... وساعتها .. بتقولك وادلـك على مكان العمل وينتهي كل شي ..

                      نزلت دمعه من عين خالد وقال :
                      خالد : وحتى لو اعترفتلي ودلتني على مكان العمل ، كيف بحط عيني بعينها عقب الفعل الشنيع اللي سوته ..

                      جاوبه ماجد بحزن :
                      ماجد : يا خالد .. مرات الانسان يرتكب اخطاء فظيعه ، ما يعرف نتايجها الا بعد ينكوي بنارها .. حاول اتكيف عمرك مع هالوضع ، وتلتمس لأمك السماح والعفو ... ومهمن كان هذي امك ..ويمكن ايكون خطأها ناتج عن حبها لك وان كانت الطريقه غلط ..

                      تنهد خالد لحظه وقال :
                      خالد : معاك حق يا ماجد .. والظاهر ان الواقع أمر بكثير مما نتصور .. على العموم انا الحينه ساير البيت ، وبضع حد لكل ما جرى ...

                      ابتسم ماجد في ويه خالد وقال :
                      ماجد : بالتوفيق يا خالد .. ولا تنسى اتسلم على اختك روضه ..

                      ابتسم خالد بدوره وقال :
                      خالد : يبلغ انشا الله .. ومشكور يا ماجد .. انته ريحتني وفكيتي من هم كبير كان جاثم على صدري ...

                      وبحماس رد عليه ماجد :
                      ماجد : لا تقول جذيه يا خالد ، احنا اخوان وربع وجريب بنكون نسايب بعد ..

                      استمر خالد في ابتسامته وقال بهلجة وداع :
                      خالد : تسلم يا ماجد .. يا الله فمان الله ...

                      رافقه ماجد لين باب البيت وقال :
                      ماجد : فمان الله وحفظه يا خالـــد ..

                      وطلع خالد من بيت ماجد وبدأ يمشي في طريق رجعته لبيتهم ، وفي الطريق طلع تلفونه النقال من جيبه ، ودق مباشرة على تلفون مريم ، وبعد ما سمع صوت الرنين ، انتظرت ليما اترد مريم على المكالمة ..
                      وفي بيت مريم ، كانت ظبيه مازالت جالسه عند اختها مريم ، ولحظتها رن تلفون مريم ، وكان التلفون بالقرب من الكرسي اللي قاعده عليه ظبيه ، فحركت راسها وشافت الرقم وقالت :
                      ظبيه : آآ مريم .. رقم غريب على تلفونج ...

                      ناولتها ظبيه التلفون ، وبعد ما شافت مريم الرقم قالت :
                      مريم : هذا رقم خالد الثاني .. لأن خالد عنده بطاقتين تلفون ...

                      قالت ظبيه بسرعه :
                      ظبيه : انزين .. ليش ما تردين عليه ..

                      انفعلت مريم وقالت :
                      مريم : انا قلتلج من قبل ، ما برد عليه ليما اييني البيت هنيه ...

                      سالتها ظبيه :
                      ظبيه : والحينه شو بتسوين ، ما بتردين على المكالمة ..

                      فكرت مريم ثواني وقالت :
                      مريم : ردي عليه انتي وقوليله ، مريم تعبانه وما تقدر اتكلم حد ..

                      وفعلا نفذت ظبيه كلام اختها ، واول ما ردت على المكالمة سمعت صوت خالد وهوه يقول بصوت بلهفــه :
                      خالد : مريم .. انا بغيت افهمج كل شي انا ...

                      قاطعته ظبيه بسرعه وهيه اتقول :
                      ظبيه : انا ظبيه .. انا ظبيه اخت مريم يا خالد ..

                      انخفض صوت خالد وقال :
                      خالد : اشحالج يا ظبيه ..

                      ردت عليه :
                      ظبيه : بخير الحمدالله ..

                      عاجلها بطلبه :
                      خالد : عطيني مريم يا ظبيه ..بسرعه الله ايخليج..

                      ارتبكت ظبيه وقالت بتلعثم :
                      ظبيه : آآ .. مريم اختي تعبانه شويه ، والصراحه ما تقدر اتكلم حد .و.

                      ولأول مره يتجاوزخالد حدود الـذوق في الكلام ويصرخ بويه ظبيه صرخه عاليه ويقول:
                      خالد : ناديلي مريم وين ما كانت ، وبـأي حالـه كانت .. ابيها ضروري ضروري ..

                      اتفاجأت ظبيه من ثورة خالد المباغته ، حتى انها نزلت التلفون من اذنها ، وقالت لمريم بارتباك :
                      ظبيه : ريلج يصرخ علي ويقول يباج ضروري .. وانا الصراحه ما اقدر اكلمه .. خذي تيلفونج واتفاهمي انتي وريلج ، ولا ادخلوني بينكم ..

                      وفعلا ناولت ظبيه التلفون لمريم بسرعه ، و اتحركت باتجاه الباب وغادرت الغرفه ، ولحظتها رفعت مريم التلفون ببطء شديد ، وبعد ما حطت السماعه على اذنها ، ظلت فتره طويله قبل لا تقول ببرود :
                      مريــم : نعم ...

                      عاجلها خالد بصوت صارخ :
                      خالد : سمعيني يا مريم .. وافهميني عدل .. كل اللي صار بينا شي غير طبيعي .. يعني خارج عن ارادتنا ...

                      جذبت كلمات خالد الاخيره اهتمام مريم بشده فتساءلت بدهشه :
                      مريم : غير طبيعي ؟! خارج عن ارادتـنا ؟! ممكن اتفهمني اكثر ..

                      جاوبها خالد بحزم :
                      خالد : هيه غير طبيعي .. يا مريم .. الصراحه .. احنا معموللـنا سحر ..

                      فتحت مريم عيونها من الدهشه وقالت :
                      مريم : سحر ؟!

                      وبأسى عميق قال خالد :
                      خالد : للأسف يا مريم .. كل اللي صارلنا امس بسبب ها السحر اللعين .. وها السحر ما يبدأ مفعوله الا لما نلتقي مع بعض ، وكل اللي صارلنا البارحه كان بسبب ها السحر المدمر ..

                      اتساءلت مريم بدهشه :
                      مريم : ومنو يكرهنــا لدرجة انه يسوي فينا ها الفعل البشع ..

                      عض خالد على شفايفه بغصه وقال بقهر :
                      خالد : بعدين .. بعدين بخبرج بكل شي يا مريم ... وانا تقريبا عرفت منو اللي مسولنا ها الشي ، ومدام عرفناه بتنحل كل المشكله ، لانه بيدلنا على مكان السحر وينتهي كل شي ..

                      طال صمت خالد بعد كلمته الاخيره ، وحاول يغير الموضوع فقال :
                      خالد : عيل .. ما تشكرتيلي بالسلامـه ..

                      وبفضول ولهفه سالته مريم :
                      مريم : ليش ؟! شو صار ؟!

                      جاوبها خالد بصوت واطي :
                      خالد : البارحه لما طلعت من بيتكم ، استوالي حادث قوي ، والله تعالى نجاني و ..

                      قاطعته مريم بعد ما ارتــج واتزلزل قلبها من فرط المفاجأة وقالت بصوت مفجوع :
                      مريم : سلامتك يا خالد ... ان شاء الله فيني ولا فيك ...

                      ابتسم خالد من لهفتها وخوفها وقال :
                      خالد : الله ايسلمج يا مريم .. وان شاء الله الشر بعيد عنج وعني .. والله ينجينا ويبعدنا عن كل مكروه ..

                      ردت بصدق :
                      مريم : آمين يارب العالمين ...

                      انخفض صوت خالد وايد وهوه يقول بحنان :
                      خالد : الصبر يا مريم ... مشكلتنا بإذن الله بتنحل اليوم ، وانا مثل ما قلتلج ..عرفت الفاعل ، وبهذا بنعثر على السحر ونحرقه ، ولحظتها بتـنـتهـي كل آلامنا .. آلام الواقع .. وبنعيش مثل ما نتمنى... بسعاده وهناء .. خالد مع مريم ، ومريم مع خالد ...

                      بدت أطياف الأمل تدفـق بقلب مريم .. وبدت ها الاطياف اداوي و تمحــو تدريجيا آثــار الصديد اللي خلفـه جرح الامــس ، وبدت الابتسامه تـتـنفـس مره ثانيه على شفاه مريم بعد ما اخـتـنقـت بالأمس من دخان الألـــم ... وحس خالد بشعورها.. وشاركها ابتسامتها ، لكنه طمـع بالاكثر لما قـال :
                      خالد : يا لله عاد .. سمعيني احلى ضحكه من بين احلى شفايف بالدنيا ..

                      انحرجت مريم واحمر ويها فقالت بدلال :
                      مريم : خااالد .. الصراحه ما اقدر اضحك .. بعدني تعبانه ..

                      رد عليها خالد بحنان اشد :
                      خالد : فــداج عمري يا مريـــم ، وانا طلبتج طلبه ، وما يهون عليج تكسرين خاطر خلــودي ...

                      وفعلا ضحكت مريم وبمنتهى الدلال والدلع ، وقلبها يقطر فرح وسرور ، واسمترت في ضحكتها وقت طويل ، ليما وصل خالد لباب بيتهم ولحظتها قال بفرح :
                      خالد : والله ما ودي اودر او اتودر اذني ها الضحكه العذبه ، بس الحين لازم اسكر عنج يا مريم ، وبتصلج بعدين بعد ما ينتهي كل شي .. انزين ..

                      ومع ابتسامه بريئه ردت عليه :
                      مريم : انزين ..

                      ودعها خالد بصوت رقيق وقال :
                      خالد : فمان الله وحفظه يا مريم ..

                      رد عليه بصوت يشع بالامل والسرور: ..
                      مريم : فمان الله يا خالد ..

                      وبعدها .. سكر خالد التلفون ، ودخل البيت عشان ايواجه أمه ، وينهي كل ها المهزله والتصرف القبيح اللي قامت فيه وادلـه على مكان السحر المشؤوم ، وترجع الامور لمجراها الطبيعي .. وتـنتهي كل الآلام ... آلام الواقع ....

                      **********************************
                      ***************************

                      بهدوء شديد ، انفتح باب الصاله ، ودخل خالد بخطوات بطيئه وحذره ، واول ما اتغلغـل بصره وانتشر في ارجاء صالة بيتهم الكبيره ، لقى أمه قاعده على الكنب الوسطي .. وكان باين عليها ملامح التعب والضيق في نفس الوقت ..

                      ولحظة ما انتبهت ام خالد لدخول خالد المكان ، امتد بصرها صوبه ، وشاركها خالد نفس التصرف بدون ما يلقي السلام .. واستمر خالد في نظراته الحاده اتجاه أمه للحظات قبل لا يقول وبلهجة خافته جافه :
                      خالد : السلام عليكم ..

                      حركت ام خالد حواجبها من الدهشه ، وردت بصوت اوطى :
                      ام خالد : وعليكم السلام ...

                      اسمتر خالد في نظراته الغريبه لأمه وهيه ترمـقه بنظرة تعجب ، وبعدها … بدأ خالد يتحرك في الصاله بخطوات بطيئه تاره وسريعه تاره ثانيه ، بحيث كان يتحرك سيره وييه ، وذهاب واياب من اقصي يمين الصاله الى ابعد مكان في يـسار الصاله ، وهوه منزل عينه للارض ، واول ما يوصل لمنتصف الصاله ، يرفع راسه ويطالع امه بنظرات حاده وثاقبه ، ولحظة ما تلتقي نظراته مع نظرات امه ، انتزل امه راسها للارض عشان تتحاشي ها النظرات القاسيه .. واستمر خالد بها السلوك لدقايق معدوده ، وكان يقصد بسلوكه هذا انه يستفزها و يمارس اكبردرجه من الضغط النفسي عليها ، وفعلا .. بدا التوتر يتضاعف عند ام خالد ، ومع كل نظره سامـه من عين خالد ترتجف اعضاءها اكثر ، وحركة خالد المستمره تزيد من ارتباكها وارتجافها ، وفي النهايه ما تحملت هذا كله ققالت بصوت مرتجف :
                      ام خالد : خااالد .. شو فيك ..

                      وبحركه سريعه ومفاجئه التفت خالد صوبها ، واطالعها بنظرات شرسه ، لكنه ما جاوب على سؤالها ، واستمر في نفس التصرف والحركه المستفزه وهوه يضرب بريله على الارض بقوه ويطلع صوت عالي ..
                      و .. ارتفع صوت خالد بشكل مباغت وهوه يقول بصوت عالي اتردد صداه في المكان كله :
                      خالد : اتصدقين يا اميه ..

                      اتفاجأت ام خالد من الارتفاع المباغت في صوته ، فنقـزت في مكانها ، وحطت ايدها على صدرها ، وحست بقلبها يكاد يطلع من صدرها ، لكنها حاولت اتهدي من روعها شوي وقالت بهدوء رهيب :
                      ام خالد : شووه ..

                      استمر خالد في نظراته القاسيه صوب امه ، وهيه تحاول نتشـر بصرها في كل ارجاء الصاله عشان تهرب من نظراته ، وبعدها تابع خالد كلامه وقال بحده :
                      خالد : ما بتصدقين يا اميه اللي بقولج اياه ... شي لايمكن يخطر ابد في بالج ولا بخيالج ... اتصدقين يا اميه انه في ناس مسويلي سحر عشان ايفرقون بيني وبين مريم ..

                      انتقضت ام خالد غصبن عنها ، على الرغم من محالاتها المستميته للتحكم بأعصابها ، ولهذا.. جاوبت بمنتهى الاختصار عشان ما يفضحها السانهــا :
                      ام خالد : معقوله ؟!

                      هز خالد راسه بايجاب وقال بصرامه :
                      خالد : هيه يا اميه صار ها الشي ..صار ..

                      حاولت ام خالد انها تظهروتتصنع نوع من الدهشه على ملامحها عشان تخفي توترها فقالت :
                      ام خالد : ومنو ها الناس اللي يتمنولك ها الشـر كله ؟!

                      سكت خالد لحظات قبل وبعدها اتجرب من امه ليما صار يواجهها ويه بويه ، ورفع ايده ومسك اكتوفها وهوه يقول بعصبيه :
                      خالد : اتخيلي يا اميه ، في ناس يكرهوني كل ها الكره ، لدرجة انهم يسوولي ها السحر المدمر ويبون يفرقون بيني وبين اكثر ما احب .. مريم .. ناس قلوبهم سوداء .. ناس ما في قلوبهم ذرة حب او رحمه .. ناس مافي قلوبهم الا الكره .. انا شو سويت فيهم عشان يكرهوني كل ها الكره !!

                      ما اتحملت ام خالد كل ها الضغط النفسي العنيف ، وبدت اتهز راسها بقوه ، ليما انفلتت اعصابها وصرخت بدون وعي :
                      ام خالد : لالالا.. والله اني احبك … والله اني احبك يا خااالد..

                      مع صرختها الاخيره انتفض كل جسمها ، وحطت ايدها على شفايفها ، واتراجعت للخلف لخطوات كثيره ، ونزلت راسها تحت ، ولحــم الوجـه يكـاد يتـساقــط على الارض من شدة الاحراج والخجل ... وعيونها تهرب واتفــر عن عيون خالد مثل ما يفـر الانسان من الموت .. وخالد كان يلاحقها بنظرات جـارحه ونفسه تعتصر من الألـم ، وفي النهايه وقال والقهر متغلغـل بصوته :
                      خالد : انتي يا أميه انتي ؟!…

                      ما جاوبته امه ، وظلت نظراتها تتحرك لليمين واليسار وهيه اتحس بنظرات الاتهـام مثل السهام تخترق كل شبـر من جسمها ، وماشالتها ريولها ، فخـرت وطاحت بقوه على الكنبــه اللي خلفها ، وهيه تتمنى انتهاء ها الموقف العصيب اللي يعادل كل عمرها ، وبعدها تابع خالد كلامه وهجومه وقال :
                      خالد : على قــد ما كنت اتمنى معرفة الفاعــل ، على قد ما كنت اتمنى انج ما تكونين انتي الفاعله .. عمري ما تصورت ولا اتخيلت انج اتسوين بولدج جذيه ..

                      ما اتحملت ام خالد اكثر من جذيه ، وحاولت اتقاوم ها السيل من الاتهامات فقالت بانفعال :
                      ام خالد : بس خلاص .. ارحمني يا خالد .. ما اقدر اتحمل اكثر .. ولا تنسى اني امك .. وكل اللي سويته لاني احبك .. والله اني احبك ..

                      اتساءل خالد باستنكــار :
                      خالد : واللي ايحب انسان يحاول يضره ؟!

                      جاوبته ام خالد بضراعه وخفوت :
                      ام خالد : قبل كل شي .. اعترف اني غلطت .. وغلطتي كبيره وما تغتفر .. لكن .. لازم اتقدر مشاعري يا خالد .. وانا ما ادور على مبررللي سويته ، بس بغيت أاكدلك ان اللي سويته كان دافعه حبي لك يا خالد ..

                      سكتت ام خالد فتره بسيطه قبل لا اتابع واتقول بصوت اعلى :
                      ام خالد : يا خالد .. حـط نفسك مكاني ..حط نفسك مكان أي أم في الدنيا ..كل ام تتمنى لولدها الخير مهمن سـوت وفعلت ، ولازم اتعرف اني كأي أم اتمنى اشوف ولدي مثل باقي الناس ، ايعيش مثل ما يعيشون ويعرس مثل ما يعرسون ، و كنت اتمنى تتزوج مثل كل الشباب العادين … تاخذ بنيه بكــر … وتاخذ نصيبك من متعة الدنيا ، ولا تنسى انك اول فرحتي في هالدنيا ، وانته ولدي العود ، وكنت احلم طول عمري ازوجك وافرح فيــك مثل ما تفرح كل أم بولــدها وانته من حقك تاخذ بنيه ما عرسه من قبل ، لانك ما معرس من قبل ...

                      تنهدت ام خالد لفتره وهيه تلتقط انفاسها ، وبعدها تابعت بصوت اوطى :
                      ام خالد : صدقني يا خالد ، ما كنت بزعل لو كانت مريم زوجتك الثانيه ، او زوجتك بعد طلاقك او زوجتك بعد ما تتوفى زوجتك .. لكن… اتكون هيه زوجتك الاولى .. الصراحه صعب واايد اتقبل ها لشي .. طلاقهــا كان حجرعثره جدامي .. وانا ما رفضت مريم لذاتها .. انا رفضتها للوضع اللي كانت فيه.. لأنها مطلقه … بس صدقني يا خالد انا سويت هذا كله لاني احبــك .. والله اني احبك ...

                      اقترب خالد منها وقعد على الكرسي اللي مجابلنها ، وقالت بهدوء :
                      خالد : يا اميه .. اللي ايحب انسان لازم يتمنالــه السعاده مثل يشوفها ويتمناها الانسان اللي ايحبه ، مب مثل ما يشوفها ويحبها هوه نفسه .. يعني اذا كنتي اتحبيني لازم ادورين على كل ما يسعدني وريحي بالي ، مهما كان ها الشي مخالــف لاهوائج ورغباتج وامنياتــج ..

                      هزت ام خالد راسها باشارة الايجاب وقالت :
                      ام خالد : صدقني يا خالد ، ما عرفت ها الشي ليما انفجعت واتروعت من اللي صارلك … احساسي بفقدانك وفراقك كان فظيع .. فظيع وايد .. وما اتصوراعيش حياتي لحظه وحده لو كنت فعلا اتسببت بضياعك .. وللابد ..

                      رمقها خالد بنظره حاده وقال :
                      خالد : وبعدين يا اميه ، ومهما كانت دوافعج ومبرراتج ، ما يجوز ابدا تستعينين بالسحره ، انتي ما تعرفين ان الساحر كافر ، ومجرد سؤاله يعتبر كفر وخروج من الملــة ..

                      انفجرت ينابيع الدموع من عين ام خالد وقالت بغصه :
                      ام خالد : هذي اكبر غلطه بحياتي ، وبظل اكفر عنها طول عمري ، وصدقني يا خالد انا ندمت على كل اللي سويته ... وانا كنت فعلا انانيــه ، وكنت أتحــرى ان اللي قاعده اسويه بيحقق السعادة لولدي ، وما دريت ان لا سعاده لولدي الا مع اللي حبها قلبه ... وللأسف...
                      اخيرا عرفت... عرفت ان نـار مريم خيـر من جنة حريم الارض كلهم ، لانها الوحيده اللي بغاها ورادها وحبهــا قلب ولــدي ..

                      ابتسم خالد بعد ما شعر بنــدم أمه الشديد ، ونبرة الصدق المتواتره في صوتها فقال:
                      خالد : خلاص يا اميه .. اللي راح راح .. خلينا نفتح صفحه يديده ..وامل يديد ..وانعيش كلنا بسعاده ، انا وانتي وبنتج الحنونه مريم ..

                      ردت عليه ام خالد بكل صدق :
                      ام خالد : يا ريت والله ياريت ، وانا مستعده اعيش خــدامه عند مريم ، بس ولدي ما يروح عني .. اشوفــه .. المســه .. واحـس فيه .. حياتي كلها ثمن رخيص لسعادتك يا خالد ..

                      اتسعت ابتسامة خالد وقال بهدوء :
                      خالد : اللي انكسر يتصلح ، واللي صار سحابة صيف وبتعدي ، وعشان اتكفرين عن ذنبج لازم اطلعين السحـر اللي سويتيه وتحرقينيه ، وتنهين كل آلامنا .. آلام واقعنا المره..

                      نزلت ام خالد راسها للارض ، وانهمرت من عيونها المزيد من الدموع ، وقالت بكل آسى وحزن :
                      ام خالد : ياريت ياولدي ياريت ..بس ..

                      اندهش خالد من كلامها وسألها بلهفه وتوتــر :
                      خالد : بس شووووه ؟!

                      طال سكوت ام خالد ، وبدا جسمها يرتعش بشكل مريب ، وانتقلت ها الرعشه بسرعه لخالد ، واللي اقترب منها ومسكها من كتوفها وهزها بقوه وهوه يقول يردد كلامه السابق وبكل انفعال :
                      خالد : بس شووووووه ؟!

                      التقطت ام خالد نفس عميق ، وبلعت ريقها بصعوبه وقالت بصوت متقطع :
                      ام خالد : المشكله يا خالد ، اني مب انا اللي مسويه السحر ..

                      اتساءل خالد بدهشه :
                      خالد : عيل منو مسوي السحر ؟!

                      جاوبته بخفوت :
                      ام خالد : الصراحه .. انا ملكفه وحده اسمها ام يابر ، وهيه اللي سوت السحر ، ودفنت هذا السحر في مكان بعيد .. وهيه الوحيدة اللي اتعرف مكانــه ..

                      انفعل خالد بويها وصرخ :
                      خالد : انزين شو المشكله .. اتصلي فيها وقوليلها اطلع السحر ، وانا مستعد اعطيها اللي تباه
                      بس اتفكنــا من شره ..

                      اطالعته ام خالد بنظرات حايره قبل لا تنفجر بالصياح الحار ، واول ما هدت شويه قالت :
                      ام خالد : انا فعلا اتصلت فيها اليـوم ومن الفجـر بعد ، مره ومرتين وثلاث ، وفي النهايه ردوا علي جيرانها على التلفون وقالوا ….

                      ما قدرت ام خالد اتكمل كلامها ، وحصت بحرقة تشوي بلعومها ، لكنها اتحاملت على نفسها وقالت :
                      ام خالد : ام يابر ماتـت يا خالد .. ماتت أمــس بالليل ..

                      صرخ خالد بويه امه وقال:
                      خالد : ماتت ؟! كيف ماتت ؟!

                      جاوبته ام خالد بكل عســر وغصه واطرافها ترتجف بقوه :
                      ام خالد : قالولي ان احترقت في المطبخ امس بالليل بعد ما اتسرب الغاز من فرن مطبخها ، وانا ما صدقت كلامهم ، وسـرت بنفسي بيت ام يابر ، وشفت هذاك المنظر البشع ، شفت ام يابر وهيه محترقـه ومتفحمه مثل الفحــم المحروق ، وكان منظرها بشع .. بشع وايد ، حتى اني ما اتحملت بشاعته ، وطحت غشيانه على طول ...

                      قاطعها خالد وهوه يتساءل بكل يأس واحباط :
                      خالد : وهذا شو معناه ؟؟

                      رد عليه بصوت باكي :
                      ام خالد : ماتت ام يابر يا خالد .. ماتت ومات سـر السحر معاها ..ماتت ومات سـر السحر معاها ...وللابد ..

                      اتراجع خالد للخلف في ذهول ويأس ، وحط ايده على راسه ، وبدت تتراواله وتتخيله سحابه سوداء عظيمــه ، سحابه بتحول حياته لظلام دامس .. ظلام فراقـه من مريم ...
                      بعد ما انسدت كل الطرق والدروب في ويهه ...
                      وما ظــل ولا بقــى الا طريق واحد بس ..
                      هوه... طريـق الآلام ... آلام الواقع ..[/align]

                      تعليق


                      • #12
                        [align=center]



                        الجزء التاســـع

                        ملخص ما نشر ونبــذه عما سينشر

                        مضت ساعات طويله على خالد وهوه قاعد يفكر ويفكر … يفكر بحل أو مخرج لحالته بعد ما انقطع ظاهريا الأمل الأخير لفـك هذا السحر اللعين بعد موت صاحبة السحر ام يابر ، وما بقاله من أمل الا الامل الاول والاكبـر وهوه امله بالله تعالى .. ولكن.. ومع أن الألــم يزرع الأمـل .. الا أن الامــل يحتاج عمــل والعمـل يعقبه أجــل .. يعني في البداية لازم ياخذ بالاسباب ويسعى حثيـا وبكل مايستطيع للقضاء على السحر ، وبعد هذا ينتظر أجل الله وقدره ، ان شاء نجـاه وأراح باله ، وإن شاء ابتلاه واستمر في امتحــانه …
                        آلام الواقع - الجزء التاسع …

                        فتح خالد عيونـه بصعوبه .. واشاح ببصره باتجاه بلكونة الغرفه ، ولاحظ خالد ان نور الشمس خفيف وايد .. واتذكر مباشرة انه نام بعد صلاة الظهر مباشرة بعد ما هـده واتبعه التفكير المتواصل ، وهوه يحاول ايجاد أي مخرج لمشكلته العويصه بعد لقائه مع امه واللي خبرته بكارثة موت ام يابر .. ام يابر اللي كانت في حياتها كارثه على خالد ومريم ، وبموتها تعاظمت هذه الكارثه …

                        وبحركه سريعه نهض خالد من سريره ، وهوه يأنـب ويلـوم نفسه بشده لانه نام عن صلاة العصر وبالرغم محاولات شيطانه ونفسـه اللوامه تبرير هذا التأخير بحجة التعب وما اصابه من ألـم ، لكنه ما قبل أي عذر ، فلا عذر يشفع تأخير الصلاه عنده ، وبعدها .. وبعد ما توضأ خالد وصلى صلاة العصر .. لبس ثيابه ، وهوه حاط في باله وناوي انه ايسير عند اربيعه وخطيب اخته روضه .. ماجد .. على وعسى يلقى عنده الدواء الشافي لآلامه او تخفيفها على الأقل ..

                        وأول ما انتهى من لباسه ، اتحرك صوب الباب وفتحه ، واتحرك في الممر في الدور العلوي ، ليما وصل لطرف السلم العلوي ، ونزل على الدرج بخطوات سريعه ، ولحظة ما وصل لآخر درج من السلم ، اتفاجأ بوجود مجموعة من البنات الغـرب القاعدات في الصاله ويوصل عددهم لاربعة بنات ، وكانت تتوسطهم أخته روضـه ، وشعرخالد بالخجـل والاحراج يسري بكيانه .. ولهذا .. نزل راسه بسرعه .. والقى عليهم السلام بصوت واطي ممزوج بالحرج والحياء …. واتحرك بخطوات سريعه ومرتبكه صوب باب الصاله ، والبنات ردوا عليه السلام بصوت جماعي وبنبره عاليه ، وعيونهم متركــزه عليه بشده ، وما راضيه تنزعل عنه لحظه ، وكان واضح من نظراتهم انها نظرات اعجاب ودهشه ، وها الشي ، زعــل روضه منهم ، واحمر ويها من شدة العصبيه والغضب ، وهيه تتطالعهم بنظرات حاده ، ولحظة ماوصل خالد لباب الصاله نادت عليه روضه بصوت عالي وقالت :
                        روضه : خاااالد ..

                        وقف خالد بمكانه بدون ما يلتفت خلفه ، عشان ما تصيب نظرات عيونه وحده من البنات القاعدات خلفه ، ولهذا قامت روضه من مكانها ومشت ليما وصلت لعنـد خالد ، واول ما صارت روضه بقربه عاجلها خالد بكلام حاد لكنه بصوت واطي واقرب للهمس فقال:
                        خالد : روضه .. ليش ما اتودين صديقاتج الميلس ؟! انتي عارفه ان الصاله مكشوفه للكل .. الطالع والنازل يمر فيها..

                        جاوبته روضه بانفعال وخفوت :
                        روضه : يا خالد ، أمك قاعده مع الحريم في ميلس الحريم ، واختك قاعده مع صديقاتها في ميلس الرياييل ، وصديقاتي فاجأوني بزيارتهم هذي فاضطريت ايلسهم هنيه في الصاله ..

                        هز خالد راسه بتفهــم وقال :
                        خالد : ما عليه ماعليه ..خذي راحتج .. انا ساير ..

                        اتساءل روضه :
                        روضه : وين ساير ؟!

                        جاوبها على عجل :
                        خالد : ساير بيت اربيعي ماجد ..

                        ابتسمت روضه بخجل وقالت :
                        روضه : سلـم عليه …

                        شاركها خالد الابتسامه وقال :
                        خالد : يبلغ انشا الله .. يالله فمان الله ..

                        ردت عليه روضه وهيه اتسكر الباب وراه :
                        روضه : فمان الله ..

                        بعد ما طلع خالد واتسكـر الباب خلفه ، التفتت روضه جهة البنات اليالسات على كنبات الصاله ، واتحركت صوبهم بعصبيه واضحه وهيه اتقول بانفعال :

                        روضه : انتــن ما تستحــن على ويوهكـــن .. ولا فيكــن لاحشيمه ولا مذهب ولا حياء.. عيونكن ما نزلت ثانيه عن الريال .. عيون ينـدب فيها مدفع ..

                        ردت عليها البنت الاولى واللي اسمها نوره فقالت ببرود واستنكار:
                        نوره : بل بل عليج يا روضانه .. احنا شو مسوين .. جريمه.. احنا ما بناكل اخوج .. كلها ثانيه اطالعناه وسار ..

                        عقبت البنت الثانيه على كلامها وكان اسمها خولــه فقالت بحماس:
                        خولــه : اتصدقين يا روضه.. اخوج وايد وايد وسيم وصوته حلو وعذب خصوصا لما كان منحرج و ..

                        قاطعتها روضه وقالت :
                        روضه : انتي ما تستحين على ويهـج ..مب عيب عليج تتكلمين عن الريال جذيه .. احشمي مذهبج ، وخلج بنت ثجيلـه ورزينه ..

                        شاركتهم البنت الثالثه في الحديث واللي اسمها موزه وقالت باستنكار :
                        موزه : لا تحبكينها عاد ، احنا كلنا بنات وربع ، وعادي لو انطلع وانبـوح بمشاعرنـا وآرائنا لبعض ..

                        اطالعتها روضه بنظرات حاره وقالت :
                        روضه : نعـم يا أختي !! .. أي مشاعــر هذي اللي تطلع منها ها التعيسات اللي قاعدات جدامج ..

                        ادخلت خوله بصوت عالي وقالت :
                        خوله : انتي المفروض منج تفرحين لما تسمعينا نمدح اخوج ونثـني على وسامته وشياكته ورقة صوته..

                        التفتت روضه صوبها وقالت بعصبيه :
                        روضه : لا ياعمري .. ما ابغيكم تمدحون اخوي ، ولا تطرونه بأي كلمه فهمتوا ..و .

                        قاطعتها نوره وهيه اتقول بلهفه :
                        نوره : واخوج هذا خاطب ولا بعده ..

                        التفتت روضه صوبها وقالت ببرود واستهزاء :
                        روضه : استريحي حبيبتي .. اخوي خالد مالــج الحينه ، وعرسه قريب ان شاء الله ..

                        حست نوره باحباط شديد ، وبان ها الشي من ملاحمها لانها نزلت راسها بسرعه وكتمت غصه بجبدها لانها حست فعلا بميل شديد اتجاه خالد من اول ما وقع بصرها عليه...
                        لكن البنت الرابعه واللي اسمها كوثرواللي كانت ساكته طول الوقت ادخلت في الحديث فجأه وكانت عارف بكل تفاصيل ملجة خالد ومريم فقالت بانفعال وبدون وعي لا ادراك للي اتقوله :
                        كوثر : يعني اخوج ما حصل غير مطلقه عشان ياخذها ..

                        التفت الكل صوب كوثر ، وكان بايـن عليهم ملامح الدهشه ، لانهم ما كانوا يدرون فعلا بطلاق مريم الا الحينه ومن السان كوثـر ، وكوثر بدورها حست بالندم ، فنزلت راسها صوب الارض ، بينما اشتعل فتيل الغضب بقلب روضه ، لكنها ظلت ساكته ، وهنيه اتكلمت نوره بعصبيه وقالت :
                        نوره : معقوله يا روضه ، اتزوجون اخوكم لوحده مطلقه والبنات تارسات الديره ..

                        اطالعتها روضه بنظره حــاده وقالت وهيه اتأشـر على عمرها :
                        روضه : واللي ياســه جدامج وحده مطلقه ، ليش ما قلتيلها هالكلام يوم اتقدملها واحد؟! ..

                        ردت عليها نوره ببرود وقالت :
                        نوره : ياروضه .. انتي قلتيلنا ان خطيبج سبق له الزواج ، وزوجته متوفيه ، يعني أرمــل ، بينما خالد اخوج ما عرس من قبل .. صح ..

                        سكتت نوره لحظات ثم تابعت كلامها وهيه تمسـك شيلتها واتعدلها بخفه ودلال :
                        نوره : واحسله ايشوفله بنيه بجـر وحلوه ، تسعده واتعرف قدره.. وولد العرب ما ياخذ مطلقه والمهـرالاصيله تسرح وتمـرح جدامه على مـد البصر...…

                        ادركت روضه ان نوره كانت تقصد بالمهر نفسها ، وبان ها الشي ووضح من حركاتها ، فردت عليها ببرود مماثـل وقالت بصدق وحزم :
                        روضه : والله لو اجتمعت احلى مهــورالارض ما تسوى عند خالد حبة تراب ادوس او اتخطي عليها مريــم ..

                        بدت الدهشه واضحه على الجميع ولهذا ردت عليها نوره وقالت :
                        نوره : لها الدرجه ايحبها ومتعـلق فيها ..

                        وبثقه عاليه ردت روضه :
                        روضه : واكثر مما يتخيــله تفكيركم المريض او يخطر ببالكم … شو اقولكم بس … هذيلا اشبه بروح وحده موزعه على جسمين منفصلين ..

                        اشتركت هالمره خوله في الكلام وهيه تتساءل بحده :
                        خوله : وشو فيها من صفات عشان ايحبها على الكثر ؟! ، اذا هيه حلوه ، وايد غيرها حلوات واحلى منها بعد ..

                        ابتسمت روضه وهيه اتجاوب :
                        روضه : ما اعتقد ان خالد يركز على ها الشي بالذات ، وبعدين فيه اشياء وايده اتخلي الريال يحب ويتعلق بالحرمــه غير اللي ذكرتيه..

                        اتساءلت خوله :
                        خوله : اشياء مثل شوه ؟!

                        ردت روضه بثقه كبيره :
                        روضه : والله ها الاشياء معروفه عند الكــل بس احنا للاسف غافلين عنها ، واندور على اشياء مظهرية وسطحيه عشان نجذب الريال صوبنا فتلاقينا نهتم بالجمال والاناقه وغيرها ، وبالرغم انها مطلوبه عشان اتمتع نظر الريال ، لكنها مب الاساس في سر انجذاب وتعلق الريال فيها … الريال يحترم البنت المدينه والعاقله والخلوقه والحنونه اكثر من غيرها مهما كانت جميله ..و

                        شككت خوله بكلامها وقالت :
                        خوله : فلسلفتـج الاجتماعيه هذي ومثالياتج ما الها وجود في واقعنا ، اكثر الشباب يدورن على الجمال اولا ، لكنهم دايما يتفلسفون ويقولون عكس ها الشي ..

                        عقبت روضه على كلامها وقالت :
                        روضه : ما فيها شي لو دورا على الجمال ، بس مب على حساب الجوانب الاخلاقيه الثانيه ، يعني الجوهر اولا والمظهر ثانيا ..

                        اصرت خوله على كلامها وقالت :
                        خوله : لالا .. اكثر الشباب يدورن على المظهر اولا والجوهر ثانيا ، وانا متأكده من كلامـي ..

                        ردت عليها روضه بهدوء :
                        روضه : انتي اتقولين اكثر الشباب ، يعني في فئه ولو قليله ادور على الجوهـر ..

                        ضحكت خوله وهيه اتقول :
                        خوله : وها الفئه القليله ان كانت موجوده ، وين تتحصـل …؟!!

                        ابتسمت روضه وهيه اتقول :
                        روضه : توكلي على الله وادعيه يرزقج بالريال الصالح ، وربج يفعل ما يشاء ان شاء رزقج بريال صالح ، وان شاء ابتلاج بعكس هذا وساعتها بتكسبين اجر الصبر عليه ، لكن في البدايه لازم اتحاولين وعلى قد ما تقدرين انج تحسنين اختيار شريك حياتج ..



                        وبعد طول سكوت اتكلمت هالمره موزه وهيه اتحاول تغيير الموضوع فقالت بفضــول :
                        موزه : ومتى العرس ان شاء الله ؟ ..

                        هزت روضه راسها بالنفــي وقالت :
                        روضه : الصراحه.. ما ادري ، هالشي متروك لخالد ومريم ، وهم وحدهم ايقررون متى بيكون العرس ..

                        وبها اللحظه كانت نوره تتكتم على مشاعرها بشده ، ولما سمعت عن سالفة العرس تمنت في قرارة نفسها انه ما يتم ابدا ، حقدا وحسدا من نفسها ، لكنها اتصنعت الفرح وقالت :
                        نوره : عرس مبارك انشا الله ..

                        ابتسمت الها روضه وقالت :
                        روضه : الله ايبارك فيج .. وعقبال ما انشوفج عروس ..

                        ردت نوره ببرود :
                        نوره : الله كريم …

                        بعد كلمة نوره الاخيره ، ساد الصمت للحظات ، قبل لا تتحول دفـة الحديث ، وبدوا يتكلمون بأمور ثانيه ، في اغلبها امور نسائيه عامه ، قبل لا يغادرون البيت بعد فتره بسيطه ويودعون روضه بكل سرور..
                        لكن نوره بالذات .. ودعت روضه والالم يعتصر قلبها ..
                        وصورة خالد ما تفارق خيالها ..
                        ولهذا.. كانت حاسه بحقد كبير على مريم ..
                        وكل امنياتها في هذي اللحظه .. الفراق ..
                        فراق خالد ومريم ….

                        ***************************
                        ******************

                        جلست مريم على الكرسي المواجه لمكتبها في غرفتها ، وانشغلت بقراءة كتاب عن السحر والشعوذه في محاوله منها لمعرفة بعض من اسرار هذا العالم وخباياه ، ومع كل صفحه تقراها كانت دهشتها وخوفها تزداد وهيه تقرأ عن الحوادث المروعه اللي وصفها وذكرها مـؤلف الكتاب ، وما اتحملت مريم ما تراه عينها من سطور، وما صدقت ما تقراه من بشاعة السحر والحوادث الواقعية الأليمـه اللي أصابت الناس بسببه .. ولهذا ..اتعوذت بالله من شره ومن شـر من عمل به ..
                        واثناء ماكانت مشغوله بالقرايـه سمعت صوت طرقات خفيفه على الباب ، فردت مباشرة :
                        مريم : اتفضــل ..

                        دخلت عليها ظبيه بهدوء وهيه اتقول بصوت هادي :
                        ظبيه : مريومه .. عنـدج ضيوف ..

                        اتساءلت مريم باهتمام :
                        مريم : ضيوف ؟! أي ضيوف ؟!

                        جاوبتها ظبيه وكان بادي عليها عدم المعرفه :
                        ظبيه : بنتيـن ، وحده اتقول ان اسمها شمسه وانها اربيعتج ايام الثانويه ، والبنت الثانيه يايه معاها وما قالت شو اسمها ... وهم الحين قاعدين في الصاله تحت ..

                        قامت مريم من مكانها واتحركت باتجاه باب الغرفه ولما اقتربت من اختها ظبيه عاجلتها الاخيره بقولها :
                        ظبيه : آآ مريومه .. اسمحيلي .. ما بقدر اقعد معاكم .. انا الصراحه كنت لابسه وناويه اسير السوق قبل لا اييون ربعـج ..

                        ابتسمت مريم بويها وقالت :
                        مريم : لا.. ما عليج ... خذي راحتج .. وانا موجوده وهذيل ربعي .. يعني عادي وما في أي احراج معاهم ..

                        ومع ابتسامه مماثله قالت ظبيه :
                        ظبيه : انزين عيل .. بخليج الحينه .. يا الله فمان الله ..

                        ردت عليها مريم :
                        مريم : فمان الله ..

                        وبخطوات سريعه مشــت مريم ، ونزلت بحركه اسرع على الدرج ، واول ما وصلت تحت لقت اربيعتها شمسه قاعده مع البنت الثانيه ، وعلى طول اقتربت منها واتوايهت معاها ، وسوت نفس الشي مع البنت الثانيه ، وبعد ما انتهت التفتت لشمسه وهيه اتقول بلهفـه وشـوق :
                        مريم : الغاليه شموسه .. اشحالج حبيبتي ..

                        ردت عليها شمسه :
                        شمسه : تسملين عزيزتي ، اشحالج انتي ، والله لج وحشه ..

                        ابتسمت مريم وهيه اتقول :
                        مريم : انا بخير يا الغاليه ، وانا مشتاقتلج موت يا القاطعه .. معقوله ، من ايام الثانويه ما اشوفج ..

                        هزت شمسه كتوفها وهيه اتقول :
                        شمسه : شو اسوي يا مريومه ، الدنيا اتفرق بين الاحباب ، وانتي اتعرفين زين ، احنا افترقنا بعد الثانويه ، انتي دخلت الجامعه وانا دخلت التقنيه ..

                        وبانفعال صادق قالت مريم :
                        مريم : لالا هذا مب عذر .. احنا عايشين بمدينه وحده والبيوت قريبه ، والمواصلات متوفره .. وعلى الاقل اتصلي فيني تلفون.

                        جاوبتها شمسه بهدوء :
                        شمسه : الدنيا مشاغل يا مريم ، ومع هذا اعترف اني مقصره ، واطلب منج السموحه..

                        ابتسمت مريم في ويها وقالت :
                        مريم : افا عليج يا شماسي ما يحتاي تعتذرين ، وانا بعد اعترف اني مقصره معاج وايد.. لكن مثل ما قلتي .. الدنيا مشاغل ..

                        اتبادلوا الابتسامات الحاره ، وبعدها تابعت مريم كلامها وقالت بلهفه :
                        مريم : خذتنا السوالف ونسيت اسألج عن ها البنيه الحلوة اللي معاج ، ما عرفتنيني عليها ..

                        التفتت شمسه جهة البنيه وقالت :
                        شمسه : معقوله ؟ ما عرفت ها البنيه منو ..

                        ركزت مريم بصرها بدقه كبيره في ويه وملامح البنيه ، لكنها ما وصلت لنتيجه مرضيه فقالت بتساؤل :
                        مريم : والله بصراحه ما اتذكرها ، ولو ان ملامحها مب غريبه عليه ..

                        ابتسمت شمسه وقالت :
                        شمسه : ها البينه الدلوعه اسمها هنــد ، وكانت معانا بنفس المدرسه ايام الثانويه ، وكانت في الصف اللي مجابلنا على طول في المدرسه ..

                        هزت مريم راسها باشارة النفي وقالت :
                        مريم : تبين الصدق .. لين الحين ما متذكره ..

                        ضحكت شمسه وهيه اتقول :
                        شمسه : وانتي تتذكرين حد ولا اتعرفين حــد ، انتي طول الوقت قاعده في الصف وفاتحه كتب المدرسه الممله وتقرين فيهـا ، ونادر لما انشوفج تطلعين من الصف او تختلطين مع بنات الصفوف الثانيه ، وما استغرب لو ما عرفتي ها البنيه ، لانج ما شفتيها وايد ..

                        شاركتها مريم ضحكتها وقالت :
                        مريم : صح كلامج ، انا كنت مشغوله وايد بالدراسه ، ونادرا ما كنت اطلع من الصف و .

                        قاطعتها شمسه وهيه اتقول بمرح :
                        شمسه : وها الشي كان من صالحنا ، احنا طول الوقت كنا انهيت برع وانتوا يا الشطار اتذاكرون ووقت الامتحان انغش منكـم ..

                        ضحكوا ثلاثتهم على تعليق شمسة ، وبعدها قالت مريم بصوت باسم :
                        مريم : انا لين الحينه اتذكر كلامج عدل ، كنتي دايما اتقولين ... انتوا اسهروا واتعبوا وذاكروا واحنا بيوم الامتحان بنغش منكم ...

                        ضحكت شمسه بصوت عالي وهيه تلتفت صوب هنـد واتوجه كلامها الها :
                        شمسه : اتصدقين يا هنــد ، ايام الامتحانات شو انغصص في مريم ، انسوي حولها دايره وحلقه كبيره ، انا وكل الكسالى اللي مثلي ، واول ما يبدأ الامتحان ، ما تقدر تكتب كلمه على بعضها ، اللي تغمــز الها واللي تهمــس ، وما تطلع من الامتحان الا وهيه منشعـه شعرها من كثر ما يلعوزون فيها ويغصصون عليها ..

                        ارتسمت ابتسامه عريضه على شفاه مريم وقالت :
                        مريم : ومع هذا ما كنت اخلي فراغ واحد بالورقه ..

                        استمرت شمسه في ضحكاتها وهيه اتقول :
                        شمسه : هيه عاد ..انتي منو قدج ..اتصفين الدرجات النهائيه صف في الشهاده كأنج مصــريه ما تقولين وحده مواطنه ..

                        ابتسمت مريم وهيه تتساءل :
                        مريم : ليش ؟! المصريات هم بس المتفوقات ، المواطنات فيهم عقل وفكر ويقدرون يتفوقون على من كان اذا شغلوا مخهم ووظفوا تفكيرهم التوظيف الصحيح ..

                        ردت عليها شمسه ببرود :
                        شمسه : عاد انا ما عندي بارض اشغل مخي شراتكم ، انا احب اريح وادلع نفسي ، واشغل نفسي بأمور ثانيه …

                        حاولت مريم تغيير هذا الموضوع فقالت بهلجه هاديه :
                        مريم : الا قوليلي يا شمسه ، انتي وين تشتغليـن الحينه ؟!

                        بدا بعض الضيق على وجه شمسه فقالت :
                        شمسه : وين اشتغل يا حظي .. من خلصت التقنيه انا وها المقروده هند ، واحنا قاعدين في البيت حاطين ريل على ريل ، لا اشتغلنا ولا يانا نصيبنا وعرسـنا مثل باقي الخلق ..

                        ارتسمت ابتسامه خفيفه على شفاه مريم وقالت :
                        مريم : معقوله !! ماحصلتي شغل والوظائف تارسه البلد !!..

                        جاوبتها شمسه بضيق :
                        شمسه : يا مريم ، اكثر المؤسسات والوزارات يطلبون خبره ولغــه و كمبيوتر .. يعني لغه وكمبيوتر تتدبر ، لكن الخبره وين اييبها ؟! يعني اسافر برع واشتري ها الخبره من هناك!!! وبعدين اكثر المؤسسات الحكوميه وحتى الخاصه عندهم اكتفاء وظيفي ، وما تحصلين عندهم وظايف شاغره الا بالزور او الواسطه ، والفرص كلما واتقــل ..

                        وبهدوءها المعتاد ردت مريم :
                        مريم : صدقج والله ، الامور وكلما تصعب والفرص وكلما اتقل .. الله ايعيـن ..

                        سكتت مريم لحظات وبعدها تابعت :
                        مريم : اوو خذتنا السوالف ونسيت اضايفكم . شو تشربون يا الحلوين ؟

                        جاوبتها شمسه :
                        شمسه : لالا ما يحتاي .. لا اتعبين نفسك و

                        قاطعتها مريم وهيه اتقول باصرار :
                        مريم : لا ما يصير .. مدام شرفوتنا في بيتنا لازم نسقيكم من خيرنا..

                        ابتسمت شمسه وقالت :
                        شمسه : طول عمرج راعية واجب وكرم .. وكل اللي يطلع منكم حلو..

                        قامت مريم من مكانها وهيه اتقول :
                        مريم : دقايق بوصل المطبخ وبوصي الخدامة اتيبلكم عصير ..

                        اتحركت مريم باتجاه المطبخ ولما اتوارت عن انظارهم ، قالت هنــد لشمسه وبصوت واطي :
                        هنــد : اربيعتج هذي تحفه .. كلها ذوق وطيبــه ..

                        ردت عليها شمسة بصوت حاد لكنه خافت اشبه بالهمس :
                        شمسه : انجبـي انتي ..

                        اتفأجأت هند من انفعال شمسه فقالت :
                        هند : ليش ؟!

                        ردت عليها شمسه بحزم :
                        شمسه : انا ما احبها ولا اواطنها بعيشة الله .. وقلبي مليان حقد عليهــا ..

                        استغربت هند وقالت :
                        هند : وشو السبب ؟!

                        جاوبتها شمسه باحتقان شديد :
                        شمسه : طول عمري وانا حاقده عليها وحاسدتنها من يوم ما كنا في الثانويه ، مريم كانت محبوبه من كل المدرسات وحتى الطالبات واتييب اعلى الدرجات ، وانا مكروهه من اغلبهم ..لانهم ايقولون ان سلوكي وشغبي ما يعجبهم ..

                        سكتت شمسه لحظات ثم تابعت كلامها :
                        شمسه : واكثر من جذيه انها عاشت طول حياتها مدلـله في بيت ابوها ، وانا عشت حياتي محرومه من كل شي ، ويوم اتخرجت مريم اتوظفت بعد شهور بسيطه ، وانا مثل ما تشوفين قاعده في البيت بدون شغله ولا مشغله .. وحتى العرس ما لي نصيب فيه رغم كل الجمال اللي اتمتع فيه ..

                        ابتسمت هند غصبن عنها لانها تدري ان جمال شمسه قليل ومحدود وايد ، وهذا اللي اثار عصبية شمسه فقالت بصوت حاد :
                        شمسه : شو فيج تضحكين ؟!

                        ارتبكت هند شويه ثم قالت :
                        هند : لالا ماشي ، بس بغيت اقول ان مريم ومثل ما قلتيلي من قبل عاشت تجربه مريره بعد طلاقها من زوجها الاول ..

                        ابتسمت شمسه ابتسامه شماته وتشفــي وقالت:
                        شمسه : وهذا اللي فرحني وايد … انا فرحت وايد لما عرفت ان اهلها اجبروها على الزواج من ولد عمها ، وفرحت أكثر يوم عرفت انه كان ايعذبها ، واكتملت فرحتي يوم وصلني خبر طلاقها ..

                        اتغير ويه شمسه وارتسمت على ملامحها تكشيره واسعه تنــم عن غيض عظيم فقالت :
                        شمسه : لكن ها الانسانه اللعينه عندها حــظ ايكسر الصخر ، فبعد كم شهر من طلاقها ، خطبها واحــد ولد عــز ، وابوه ريال معروف ، و الغريبه انه ما معـرس من قبـل ، يعني بعده ولـد!!! ، شفتي عاد مطلقــه وتنخطب بسرعه ومن احسن الناس ، وانا العازبه محد فكر يسأل عني ولو من بعيد .. وهذا اللي بــاط جبدي وفاقــع مرارتي ..

                        اتساءلت هند بدهشه :
                        هند : ومدام انج تكرهينها هالكثر ، ليش ساحبتني معاج ويايين انزروها الحنيه..

                        ابتسمت شمسه وقالت بخبث ومكر :
                        شمسه : بعد شويه بتعرفين كل شي .. لما ابرد نارالحقد المستعـره فيني..

                        سكتت شمسه لحظات ثــم مسكت يــد هند بقوه وقالت :
                        هند : سمعيني زين يا هند .. لما ترجع مريم .. انا بقولها سالفه عن ريلها ، وانتي أكـدي على كلامي انزين ..

                        اتساءلت هند بدهشه :
                        هند : سالفه ؟! أي سالفه ؟! انتي اتعرفين سوالف عن ريلها هيه ما تعرفها ؟!

                        ابتسمت شمسه بخبث وقالت :
                        شمسه : فهمي يا غبيه ، لازم انطلع سالفه عن ريلها وانقولها حقها عشان انشكهها فيــه ..و

                        قاطعتها هند بصوت حاد :
                        هند : بل بل عليج لها الدرجه تكرهينها ..

                        ردت شمسه بصدق :
                        شمسه : واكثر مما تتخيلين .. المهــم .. نفذي اللي قلتلج عنه .. فهمتي ..

                        هزت هند راسها باشارة الايجاب ، وبعد لحظات وصلت مريم وقعدت معاهم وهيه اتقول :
                        مريم : اسمحولي يا بنات ، لم سرت المطبخ ما حصلت الخدامه فاضطريت اسوي العصير بنفسي ، ولما خصلت يـت الخدامه ، وهيه الحين قاعده اتحط العصير في الصينيه وبتيبه بعد شويه ..

                        ومع ابتسامه مصنوعه بالغصب ردت شمسه :
                        شمسه : افا عليج مريامي ، خذي راحتج ، واسحميلنا ، تعباج وكلفنا عليج وايد ..

                        ابتسمت مريم وقالت :
                        مريم : لا تعب ولا شي ، واحنا اخوان قبل لانكون ربع ، وما بين الاخوان تعـب ولا تكليف ..

                        مضت ثواني صمت وترقب قليله قبل لا اتقول شمسه وبصوت خبيث وواطي :
                        شمسه : آآ .. مريم .. بغيتج بموضوع مهم .. بس الصراحه مستحيه منج واايد وما عارفه كيف اقولج اياه .. ولو ما كنت اعزج ما كنت فكرت دقيقه اني اقولج ها الموضوع بالذات ..

                        جذبـت كلمات شمسه اهتمام مريم فقالت :
                        مريم : افا عليج يا شمسه... تستحين من اختج مريم .. قولي ولا يهمج من أي شي ..

                        تنهدت شمسه فتره وهيه اتحرك بصرها باتجاهات مختلفه وقالت بصوت خافت:..
                        شمسه : سمعيني يا مريم ، الاسبوع الماضي كنا قاعدين انا وهنـد في بيت وحده من زميلاتنا ايام الثانويه ، وبالصدفه يبنـا سيرتج ، فسألتنا عنج وقلنالها انج ملجتي عن قريب ، ولما سألتنا عن اسم ريلج ، خبرناها ، ولحظتها اتفاجأت وقالت انه كان على علاقــه فيها ، وكانوا في حكم المخطوبين ، وانه قطع علاقته فيها بعد ما اتعرف على وحده ثانيه ، واذا ما ما مصدقتني عندج هنــد اسأليها وبتخبرج اكثر … وعشان تتأكدين تقدرين تتصلين بالبنيه وتسمعين رمستها بنفسج ..

                        مع آخر كلمة قالتها شمسه كانت الخدامه قاعده اتحط وتضع الصينيه على الطاوله اللي امامهم ، وقبل لا تــروح عنهم ، صرخة فيها مريم صرخه عاليه وهيه اتقول للخدامه :
                        مريم : رجعــــي العصيــر يا ميـــري !!..

                        اتفاجأوا كلهم من صرختها العاليه ، وشاركتهم الدهشه الخدامة نفسها ، واللي ما كان امامها من خيار الا تنفيذ أمـر مريم ، وفعلا شلت الصينيه باللي فيها ، واتحركت صوب المطبخ البعيد واختفت فيه ..

                        وبعد لحظات ترقب وصمت اتكلمت مريم وقالت بكل حنق وضيق :
                        مريم : شو يا شمسه .. انتي يايـه بيتي عشان اتسمعيني ها الرمسه الشينـة واتشككيني بريلـي .

                        ارتبكت شمسه لحظه لكنها استجمعت شجاعتها وقالت :
                        شمسه : يا مريم .. انا قصدي مصلحتج لما وضحتلج حقيقة الريال اللي بتاخذينه ، وبعدين مب من الاصول اوالذوق انج ترفعين صينيه العصير عنا بها الطريقه المهينه .

                        اطالعتها مريم بنظرات ناريه وهيه اتقول بعصبيه :
                        مريم : الضيف اللي ما يحترم مضيفه ، ما له عنده احترام .. ولازم اتعرفين ياشمسه اني واثقه كل الثقه في خالد ... ومب من الذوق والاحترام انج تنقليـن رمســـه شينه ممكن اتسبب الفـراق بين الريال وحرمته دام انهم مرتبطين فعلا ، وحتى لو كان مثل ما قلتي ، خالد الحينه ريلــي وما اسمح حد ايمسه بكلمه او بأي رمسه حتى لو كانت منقوله... وانا ملزومـه اطيعه واصبرعليه طول ما هو محترمني وما مقصر علي بشي .. فهمتي ..

                        بدا الضيق والحره والغصه على ويه شمسه وهيه اتقول :
                        شمسه : فاهمه .. فاهمه ..

                        انخفض صوت مريم شويه وهيه اتقول :
                        مريم : اذا بتراعون اصول الضيافه بترجع صينيه العصير وبتقعدون معززين ومكرمين ، وغير جذيه … حياكم الله ..

                        عضت شمسه على شفاها بعنف وهيه اتقوم من مكانها واتقول :
                        شمسه : مشكوره .. خيرج سابق .. بنروح .. ورانا شغل..

                        التفتت شمسه باتجاه هند وصرخة في ويها وقالت :
                        شمسه : قومي انجعلي من مكانج ، ليش قاعده .. خلاص.. الزياره انتهت ..

                        اتحركت شمسه ومعاها هند صوب الباب واتلاحقهم عيون مريم الصارمه ، واول ما عبروا الباب واتسكر وراهم ، مشوا خطوات بسيطه ليما وصلوا للشارع ولحظتها قالت شمسه بكل غضب :
                        شمسه : أخ يا القهــر ، انا انطرد وانهان بها الطريقه الشينه .. بس ما عليه يا مريوم .. انا اروايج ، ما اكون شمسه الا لما انتقم منج ..

                        ردت عليها هند بسخريه :
                        هند : شو بتسوين يعني ؟!

                        اطالعتها شمسه بنظرات خبث ودهاء وقالت :
                        شمسه : تعالي معاي وانا بقولج شو بسوي ..

                        وفعلا ركبت هند مع شمسه في سيارتها القديمــه واللي ما اشتغلت الا بعد محالاوت كثيره ، وسارت معاها ، وكان في نية شمسه وهدفها ، الانتقام من مريم وبأي وسيله ..في محاوله لاضافة ألم جديد لمريم واللي في الاساس ما زالت تعاني من ألم اكبر يحاصرها ويهدد مستقبلهــا …
                        مستقبلهــا مع خالد …

                        **************************************
                        **************************

                        بعد صلاة المغرب بدقايق ، كان خالد موجود فعلا في بيت ارفيجه ماجــد ، وكان واضح من ملامحه الحيره والضيق والقلق ، لدرجة انها ما اتكلم كلمة وحده من لحظة ما دخل بيت ماجده ، ولهذا بادره ماجد بالسؤال وقالت :
                        ماجد : شو فيك يا خالد ؟! ليش ساكت ؟!

                        ما جاوبه خالد وظل ساكت وهوه يطالع ماجد بنظرات حزينه ، ولما طال انتظار ماجد وما حصل على جواب تابع كلامه وقال :
                        ماجد : عيل ... شو سويت مع الوالده .. طلعت هيه اللي مسويه العمل ..

                        اطالعه خالد بنظره طويله قبل لا يهز راسه بالايجــاب ، فعاجله ماجد بسؤال ثاني :
                        ماجد : والسحــر .. عرفت مكان السحـــر ..

                        هالمره هـز خالد راسه بالنفــي ، مما رفع من توتر ماجـد وقال بانفعـال :
                        ماجد : ليش ؟!

                        طال صمت خالد ها المره ، لكنه في النهايه فتح فمــه وجاوب بصوت مليان أســى :
                        خالد : الوالده يا ماجد مكلفه حرمه ثانيه اتسويلها السحــر ..و

                        قاطعه ماجد بسرعه :
                        ماجد : انزين شو المشكله ، خلها اتخبر الحرمه عشان ادلها على مكان العمل .

                        جاوبه خالد بصوت واطي :
                        خالد : هنيه المشكله .. الحرمه اللي مسويه السحر ماتــت .. ماتــت قبل لا اتخبر الوالده عن مكان السحر .. ماتــت ومات ســر السحر معاها ..

                        اتغير وجه ماجد وبان عليه الضيق والانزعاج ، وبحركه عفويه ضرب بيـده على الطاوله بقوه وهوه ايقول بكل عصبيه :
                        ماجد : خساااااره .. كانت هيه الخيــط الاخير والوحيد اللي ممكن ايوصلنا للسحر ...

                        عض خالد على شفايفه في كدروحسره وقال :
                        خالد : صدقت .. كانت أملنا الاخير .. لكنها مب الأمــل الاول ولا الاكبر ..

                        اتساءل ماجد :
                        ماجد : شو تقصد ؟!

                        وبهدوء وثقه جاوبه خالد :
                        خالد : بيظل املنا بربنــا باقي طول حياتنا .. واتمنى يهدينا ويدلنا على طريق ممكن نبعد فيها ها الشر الكبير..

                        هـز ماجد راسه وهوه يقول :
                        ماجد : ونعم بالله تعالى ...

                        سادت فترة صمت طويله بعد كلمة ماجد الاخيره ، والاثنين قاعدين يفكرون ويعتصرون كل خليه من مخهم ، عل وعسى ، ايحصلون ولو بــارقة أمـل صغيره اتساعدهم على تفريج ها الكرب الشديد ، وبعد طول تفكير ، وصمت ، نطق ماجد بغته وبصوت عالي وقال :
                        ماجد : خالـــد .. اسمعني زين .. انا اتذكرت شي ممكن ايساعدنا ويحل مشكلتك ..و

                        قاطعه خالد وهوه يساءل بلهفه :
                        خالد : شي مثل شوووو ؟!

                        تنهدت ماجد لحظات وبعدها جاوب بهدوء :
                        ماجــد : قبل فتره اتصل فيني ولد عمي ، وكان يخبرني عن حاله رفيجه المسحور ، وقال لي ان رفيجه سار عن مطــوع موجود في دوله ثانيه ، وفكاله السحــر فعلا ..

                        بدا الضيق الشديد على ويه خالد وهوه يقول :
                        خالد : هذا كلام اتقوله يا ماجد ؟! تبانــي اسيـــر عند ساحــر ومشعوذ ؟؟ انا اللي طول عمري ارفض هذا الشي ، تباني اليوم اسير عندهم !!

                        وبشده وحزم جاوبه قال ماجد :
                        ماجد : مرات الواقع يفرض علينــا اشياء احنا رافضينها من الاســاس ..

                        انفعل خالد بويه ماجد وهوه يقول :
                        خالد : أي واقع هذا اللي يفرض علينا انسير عند واحـد كافــر ونطلب منه العـون والمساعـده !!

                        رد عليه ماجد بسرعه :
                        ماجد : يا خالد .. الانسان لما يمرض بمرض خطير لا سمح الله ، ممكن يسير عند دكتور كافر طلبا للعلاج ، واعتقد ها لشي غير محرم او مكروه دام انه بيبعد الضرر عنه والضروروات تبيج المحظورات ..

                        وبعصبيه متصاعده قال خالد وهوه ايحرك ايده بشده :
                        خالد : لا تنسى يا ماجد ان الطـب علــم محلــل والسحــر علم محــرم .. يعني يجوز للانسان تعلم الطب ومحرم عليه تعلم السحر ..

                        سكت ماجد لحظه عشان يمتص ثورة الاعصاب اللي ايمر فيها خالد ، وبعدها قال بهدوء شديد ..
                        ماجد : والحين شو بتسوي .. كيف بتعالج مشكلتك ...

                        وبحزم وثفه جاوبه خالد :
                        خالد : بتوكل على الله تعالى ، والله ما يضيع عباده ولا ينساهم ابدا ..

                        تنهــد ماجد لحظات قبل لايقول بحذر :
                        ماجد : قولي يا خالد .. اذا الانسان انصاب بمرض خبيث ، يعني ورم خبيث لاسمح الله ، شو ايسوي ؟؟

                        ما عرف خالد مغزى سؤال ماجد لكنه قال :
                        خالد : اكيد بيسير عند الطبيب وبيستـأصل هذا الورم الخبيث عشان يشفى من المرض ، وبعدها يتوكل على الله ، ان شاء شفي بالكامل ، وان شاء استمر في مرضه ..

                        ابتسم ماجد وقال بهدوء :
                        ماجد : عليك نور يا خالد ، الانسان لازم ياخـذ بالاسباب ، ويسعي على قد ما يقدر انه يحل مشكلته بالطرق المتاحه ، وبعدها يتوكل على الله ويرضى بقضاءه وقدره فيما يقدرله في مستقبله ..

                        سكت ماجد لحظات قبل لا يقول بتأثر :
                        ماجد : انته يا خالد والعياذ بالله ، منصاب بمرض خبيث ، ومرضك هالسحر اللعين ، ولازم تاخذ بالاسباب واتحاول انك تستأصل هذا السحر وتبعده عن طريقك ، وبعدها تتوكل على الله بكل ما يشاء ويقدر .و

                        قاطعه خالد بصوت عالي وقال :
                        خالد : لشوه تبى توصل بالضبط .

                        جاوبه ماجد بخفوت :
                        ماجد : لازم اتحاول بكل الطرق مهمن كانت مستحيله برايك ، يعني لازم اتجرب آخر الحلول ، يعني انسير عند ذلك الريال ، وبعدين احنا بنسير عند مطوع مب ساحر بالمفهوم الحرفي لها الكلمه و ..

                        قاطعها خالد بعصبيه وقال :
                        خالد : لالا اسمه ساحر .. انسان يتعامل مع الجن والشياطين ساحر .. كيف بيكون مطوع ويتعامل بشي حرام ؟! قولي كيف ؟!

                        ما عرف ماجد شو ايجاوب الا انه ايقول :
                        ماجد : الصراحه ما ادري .. لكن.. ما عندي حل بديل غير هذا .. واذا ما مقنتع بها الشي .. ما لك غير الحل الثاني ..

                        اتساءل خالد بلهفه :
                        خالد : أي حل ؟!

                        وبعد تردد قصير جاوبه ماجد بحذر :
                        ماجد : انك تنفصل عن زوجتك ، ومثل ما دخلتوا بالمعروف تطلعون بالمعروف ، وكل واحد يشوف طريقه وعسى الله انه يقدر الخير الكم بعد هذا و ..

                        صرخ خالد بويه ماجد في شده وقال :
                        خالد : انته شو اتقووول ؟! تباني اطلق مريم !! هذا المستحيل بعينه ..

                        وبصرخه مماثله قال ماجد :
                        ماجد : اذا عندك حل ثاني .. قول … تبى تربــط واتعلـق البنيه معاك طول عمرك .. حتى لو رضيت على نفسك بها الشي ، كيف بترضاه على ها البنيه وهيه ما لها ذنب في كل اللي صار .. مب حرام عليك.. قول .. مب حرام !!!

                        نزلت دمعة ألــم أليمـــه من عين خالد وهوه يقول :
                        خالد : انته ما حاس فيني يا ماجــد ، انا ما اتصور حياتي من غير مريم ... الله ايسامحج يا اميه ، هاذي سوايه اتسوينها ، سديتي علينا كل الابواب ، ودخلتينا في نفق مظلم ماله نهايه غير الفراق ..

                        اتفاعل ماجد مع خالد من خلال دمعه حزينه نزلت من عينه وهوه يقوله بصوت واطي :
                        ماجد : انا عارف ها الشي يا خالد .. عارف اشكثر اتحب زوجتك .. وعشان جذيه انا حبيت اساعدك وازيح عنك جبل الهــم اللي جاثم على صدرك ، وما حصلت غير ها الحل ، ولو كان عندي حل ثاني ما كنت اترددت لحظه وحده في عرضه عليك و ..

                        قاطعه خالد بقوه وقال :
                        خالد : لالا مستحيل .. مستحيل اقبل بها الحل مستحيل و ..

                        قطع كلامه صوت تلفونه النقال وهو ايرن بهدوء ، وعلى طول طلع خالد التلفون من جيبه ، وشاف رقم مريم ، فقام من مكانه وهو يقول لماجد :
                        خالد : عن اذنك يا ماجد بدخل الغرفه شوي عشان اكلم زوجتي ..

                        رد عليه ماجد :
                        ماجد : خذ راحتك .. البيت بيتك ..

                        وفعلا اتحرك خالد ودخل غرفه من الغرف الموجوده في البيت ، واول ما استقر فيها رد على المكالمه وقال :
                        خالد : السلام عليكم ..

                        ردت مريم :
                        مريم : وعليكم السلام والرحمه .. اشحالك خالد..

                        جاوبها خالد :
                        خالد : بخير والحمدالله ، اشحالج انتي ..

                        ومع ابتسامه دلال قالت مريم :
                        مريم : بخير وعافيه .. آآ خالد ما بطول عليك ، بس حبيت اسألك .. شو سويت في موضوعنا الامسي .. اقصد موضوع السحر .. يعني حصلت السحر وحرقته ..

                        ارتبك خالد ، وما عرف شو ايجاوب ، وظل ساكت فتره ، ولهذا عاجلته مريم بسؤالها :
                        مريم : عيل .. ماجاوبتني …

                        وبصوت مرتبك جاوبها :
                        خالد : الصراحه يا مريم .. لين الحين ما قدرت احدد مكان السحر ..لان الحرمه اللي مسويه السحر ماتت وهيه الوحيده اللي اتعرف مكان السحر ..

                        انتفض قلب مريم ، وحست بانزعاج وقلق شديد من كلامه فتساءلت بشده :
                        مريم : ومنو ها الحرمه اللي مسوتلنا ها العمل ، وشو مصلحتها من ها الشي ..

                        ازداد ارتباك خالد ، وحاول أيدور على مخرج وقال :
                        خالد : السالفه طويله وايد ، وبخبرج بكل تفاصيلها بعد ما ينحل كل شي.. و ..

                        قاطعته مريم وقالت :
                        مريم : وكيف بتحـل المشكله وصاحبة السحر ماتت مثل ما تقول ..

                        شعر خالد بالعجـز يسري في كيانه ومع هذا قال :
                        خالد : اطمني.. اطمني .. عن قريب بينحل كل شي .. يعني بالكثير يوم او يومين ..و

                        وللمره الثانيه اتقاطعه مريم واتقوله :
                        مريم : ما ادري ليش .. انا مو مرتاحه ابدا لنبـرة صوتك الغريبه .. خالد.. اذا فيه شي صارحني وانا بتفهم الموضوع مهمن كان ..

                        وبصوت متقطع جاوبها خالد :
                        خالد : صدقيني يا مريم مافيه شي .. كل شي بينحل .. كل شي بينحل ..

                        سادت فتره من الصمت الرهيب بعد كلمة خالد الاخيره ، وما قطع ها الصمت الا صوت حزين من مريم وهيه اتقول بلهجة ألــم مفاجئه :
                        مريم : خالد .. اذا ما قدرت اتفــك السحر .. انا اعفيك من كل التزام اتجاهي ، وصدقني ما بزعل منك ، لاني ادري انك اتحبني واللي صار غصبن عنك ..

                        انفعل خالد بشده وقال :
                        خالد : انتي شو اتقولين!!.. تبينا ننفصل !!

                        وبصوت ملتاع باكي قالت مريم :
                        مريم : لو ما كنت احبك.. ما كنت قلت ها الشي ..ومب معقوله ترتبط بانسانه وانته ما تقدر اتشوفها و ..

                        قاطعها خالد بصرخه عنيفه :
                        خالد : مستحيل ابعد عنج يا مريم … مستحيل .. وبعدين انا قلتلج عطيني فرصه يوم ولا يومين وبحاول احل كل شي … عشان خاطري يا مريم .. اصبري شويه واوعدج اني اسوي كل اللي اقدر عليه عشان انرجع الامور لمجراها الطبيعي ..

                        وبعد لحظة ترقب وصمت ردت مريم بصوت واطي :
                        مريم : صدقني يا خالد انا اللي هامنــي في الموضوع كله هو انته ، سعادتك اهم مــن سعادتي .. وانا مستعده اصبر لآخر العمر عشانك .. لكن .. لايمكن اظل معاك دقيقه وانا ما قادره امنحك السعاده اللي تتمناها ، واللي ممكن اتحصلها مع وحده غيري ..

                        وبحزم قال خالد :
                        خالد : اصبري يا مريم اصبري .. وامنحيني ها الفرصه الاخيره وان شاء الله بينحل كل شي ..

                        طال صمت مريم وفي النهايه همست في اذنه وقالت :
                        مريم : بصبر يا خالد بصبر .. عشانك انته بس بصبر ..

                        ابتسم خالد بصعوبه وقال :
                        خالد : تسلمين يا مريم .. والحينه.. بخليج اتكلمين شغلج ، وانا بتفرغ لحل ها المعضله الكبيره … يا الله .. فمان الله ..

                        ردت عليه مريم بصوت هامس :
                        مريم : فمان الله يا خالد ..

                        ولحظة ما سكرت مريم التلفون ، حست مريم بموجــة احبــاط ويأس شديدين ، بعد ما استأنف الالــم وواصـل هجومــه عليهــا ، وكأن الألـم مكتوب عليها دايما ، فكلما تفرح تحزن ، وكلما تضحك تبكي ، ولحظتها اتذكرت مريم كلمات شعريه قديمه ، وكانت تصف حالتها بدقه ، وكأنها مكتوبه عشانها هيه بالذات واتقول :

                        كــأن الحــــزن مشغــوف بقلبــــي
                        ………............................ فســـاعة هجــرها يجــد الوصالا
                        علــى قلـــق كـــأن الريــــح تحتي
                        ……................................ أوجههــــــــا يمينــــا أو شمـــالا

                        أمــا خالد وبعد ما سكر عن مريم ، بدت الافكار تعصف براسه ، مره اتوصله لاعلى سماء ومره تهوي فيه لأدنى أرض ، وفي الاخير ، طلع من الغرفه ، وشاف ماجد اللي مازال قاعد في الصاله وصرخ فيه وقال :
                        خالد : خلاص يا ماجد .. انا موافق ..

                        اتساءل ماجد بدهشه :
                        ماجد : موافق على شوه ..

                        جاوبه خالد :
                        خالد : بنسير باجر عند هذاك الساحر او المطوع على قولتك ، وبنحاول انفك السحر وبأي طريقه ، والغرقان يتعلق بقشــه .. والظاهر أن ألــم الواقع اكثربكثير مما تصورت ولازم نقبله ونرضى فيه وبكل آلامه مهمن كانت قاسيه علينا .. لكن اسمعني زين .. اذا قال هذاك الريال أي كلام غير مقبول ولا يدش العقل بنسحب على طول ، مفهوم ..

                        ابتسم ماجد وقال :
                        ماجد : مفهوم مفهوم ، ودام انك وافقت ، بنتحرك ان شاء الله باجر الفجر .. بعد ما اسأل ولد عمي عن مكان المطوع بالضبط ، ويعطيني خريطه واضحه لمكانه ، وعلى فكره ترا مكانه وايد بعيد في الدوله المجاوره لدولتنـا ..

                        جاوبه خالد بحماس :
                        خالد : على بركة الله ، وانا بعد صلاة الفجر بكون واقف جدام بيتك .. اتفقنــا ..

                        رد عليه ماجد بحزم :
                        ماجد : اتفقنــا ..

                        وفعلا .. اتمسك خالد بها الخيط الرفيع من الامل ، عل وعسى يوصل لمبتغاه ويعالج اجراحه ، لكنه ما كان يدري شو بيسمع ولا بيشاهد في ذاك المكان البعيد .. المكان اللي فيه هذاك الساحر أو المطوع على قول ماجد ارفيجه !!

                        *********************
                        وقفت شمسه ومعاها رفيجتها هند بجانب كابينة تلفون عمومي في شارع من شوارع العين الجميله ، وكان هدفهم بالطبع اجراء مكالمه هاتفيه لطرف محدد ، وبها اللحظه اتكلمت شمسه فقالت بصوت حازم :
                        شمسه : فهمتي بالضبط شو قلت ، الحينه بنتصل لمريم وبتكلمينها وبتقولين الها كل اللي اتفقنا عليه مفهوم ..

                        ردت هند بتعجب :
                        هند : مفهوم مفهوم بس شو الفايده نتصل فيها وانقولها ها الكلام … اكيد ما بتصدقه لانها ما صدقته اساسا لما كنا قاعدين معاها اليوم ..

                        ابتسمت شمسه بخبث وقالت :
                        شمسه : اهم شي الحينه انشككها في خالد ، والرصاصه اللي ما تصيب تدوش ، وبعدين ها المكالمه بتكون الخطوه الاولى قبل لا تعقبها خطوه ثانيـه ..

                        اتساءلت هند بفضول :
                        هند : خطوه ثانيه ؟! أي خطوه ثانيه ؟!

                        جاوبتها شمسه ببرود :
                        شمسه : بعد شويه بقولج . المهم الحينه .. هذا رقم مريم واللي قدرت احصله عليه من وحده من صديقاتها .. يا الله دقي عليه وقوليلها الكلام اللي اتقفنا عليه ..

                        رفعت هند سماعة التلفون العمومي ، لكنها عاجلة شمسه بسؤال وقالت :
                        هند : وانتي ليش ما تتصلين فيها ..

                        حاست شمسه بوزها بعصبيه وقالت :
                        شمسه : يا الغبيه .. مريم ذكيه ويمكن تكشف صوتي .. وهيه ما سمعتج تتكلمين وايد ، وبعدين انتي تقدرين اتغيرين صوتج بسهوله وياما سويتي فينا مقالب ..

                        اتفهمت هند منطق شمسه ودقت فعلا على رقم مريم ، واول ما رفعت مريم السماعه قالت هند بصوت اشبه بالهمس :
                        هند : مرحبا ..

                        ردت مريم بهدوء :
                        مريم : مرحبتين ..

                        تابعت هند رمستها وقالت ببرود :
                        هند : اشحالج …

                        ردت مريم باختصار وهدوء ..
                        مريم : زينه .. بس.. لو سمحتي… منو معاي ..

                        جاوبتها هند بخفوت :
                        هند : وحــده ..

                        ارتفع صوت مريم فجأه وقالت :
                        مريم : و ها الوحده ما الها اسم ؟!..

                        وببرود متصاعد ردت هند :
                        هند : اكيد الها اســم ..

                        اتساءلت مريم :
                        مريم : شو ؟! ..

                        جاوبت بمكــر :
                        هند : فاعلــة خير ..

                        حست مريم بضيق من برود ها البنت وقالت :
                        مريم : اف .. وشو تبين يا فاعلة خير ..

                        جاوبتها بهدوء قاتل :
                        هند : بغيت اقدملج نصيحه …

                        وباهتمام قالت مريم :
                        مريم : نصيحة شووه ؟!

                        طال صمت هند ها المره وبعدها بدت تنطق جمله بكلمات متقطعه بحيث تنطق كلمه ثم تسكت وبعدها تنطق كلمه ثانيه فقالت :
                        هند : خلي .. بالج .. من .. ريلج .. لانه .. قاعد.. يلعب .. من .. وراج..

                        انزعجت مريم بشده من كلامها وقالت :
                        مريم : شو قصدج ..

                        رفعت هند من وتيرة كلامها فجأه وقالت بلهجه متسارعه :
                        هند : يعني ريلج عنده علاقات وااايده مع بنات وااايد ، واذا ما مصدقه بخيلهم ايكلمونج ويحلفولج بعد ..

                        انتقض قلب مريم من الغصه وقالت :
                        مريم : وليش اتخبريني بها الشي ..

                        ردت هند ببرود :
                        هند : عشان مصلحتج … انتي بينه طيبه وما تستاهلين ريال خاين مثله ..

                        تنهدت مريم لحظات قبل لاترد بكل عنف :
                        مريم : سمعيني زين .. كل كلامج هذا وكلام ربيعاتج ما يهزون شعره من جبل الثقـه اللي بيني وبين ريلي .. ولو كنت فاعله خير مثل ما تدعين ، كنتي واجهتين ويه بويه ، مب تنخشين وراء تلفون خفي واتحاولين اتشككيني في ريلي ، وانا شاكه ان التلفون اللي بين ايدج تلفون عمومــي..

                        ارتبكت هند وما عرفت شو اتقول لكنها تابعت :
                        هند : انا نصحتج وانتي بكيفج اذا بغيت و..

                        قاطعتها مريم بعصبيه وقالت :
                        مريم : وفري نصايحج لنفسج يا حلوه .. وما اعتقد ان وحده فاسقه مثلج اتعرف اتقول نصايح او ايهمها مصلحة غيرها من الاساس . مع السلامه ..

                        سكرت مريم التلفون بعنف ، ثم عادت تتصل بنفس الرقم ، ولما بان الها أن الرقم غير مستخدم ، ارتاحت نفسيتها اكثر لانها ادركت انها تلفون عمومي وان المتصله مب اكثر من وحده حاقده وهدفها خبيث ..

                        وعلى الطرف الثاني وبعد ما سكرت مريم في ويها صرخت هند بصوت عالي وقالت :
                        هند : انا شو قلتلج .. هذي ما منها فايده .. ما سوتلي أي اهتمام .. وهزئتني ومصخرتني آخر مصخره ..

                        وعلى الرغم من ثورة هند ابتسمت شمسه وقالت :
                        شمسه : انا كنت متوقعه ها الشي ، بس قلت بنحاول ، يمكن أناثر عليها ، لكن .. ومدام فشلت هاي الخطوه ، ما ظل النا غير الخطوه الثانيه ..

                        اتساءلت هند باهتمام :
                        هند : خطوة شوه ؟

                        وبمكر ولئـم قالت شمسه :
                        شمسه : بنتصل في خالد ريلهــا ..

                        فتحت هند عيونها من الدهشه :
                        هند : انتي شو اتقولين .. نتصل بريلها .. شو بنقوله ؟!

                        هزت شمسه راسها في خبث وقالت :
                        شمسه : هيه .. بنتصل فيه وانتي بتكلمينه بعد ..

                        بدا الضيق على ويه هند لما قالت :
                        هند : وليش انا دايما اتكلم .. مريم وبنقول اتعرف صوتج .. لكن خالد ما يعرفج ولا يعرف صوتج ..

                        ومع ضحكه ساخره وخبيثه ردت شمسه :
                        شمسه : لانج وباختصار تمتلكين صوت ساحر وجذاب يذوب الحجر .. وبتقدرين اتأثرين على خالد بكل بساطه ..

                        اتساءلت هند :
                        هند : واتهقيـن خالد بيتأثر او بيرضى ايكلمني ..

                        ضحكت شمسه من خاطرها وقالت :
                        شمسه : خالد مهمن كان ريال ، والرياييل ايموتون في الحريم ، اسأليني عنهم ، وانتي بشويه دلال ودلع منج بتذوبينه وبتسيحين قلبه مثل الشمع المحــروق ..

                        سكتت هند لحظات ثم قالت :
                        هند : انزين .. من وين بتيبيـن رقم خالد ؟!

                        جاوبتها شمسه بثقه:
                        شمسه : اول شي بنسأل باستعلامات الدليل ، واذا ما حصلنا الرقم، باتصل برفيجتي اللي تشتغل بالاتصالات ، وبثواني بيكون رقمه عندي .. ولحظتها بنخطف حبيب قلب مريومه ، ونكسر قلبها وانحطم حياتها ، وابرد ناري..

                        ومع آخر كلمه نطقتها شمسه اضحكت ضحكه طويله وساخره وهي تمني نفسها بقطع كل خيوط الآلفـه والمحبه بين خالد ومريم ..
                        دافعها بذلك .. احساس منتشر عند الكثير من البشر ..
                        وهوه الغيره و الحسد والحقد والدفين ..
                        وبالتالي ، بتنفـث سمومها كالمطر عليهم
                        وبدون ادني رحمه او انسانيه …

                        *************************
                        *****************

                        اول ما وصل خالد للبيت ، اتجه مباشره لغرفته ، وغير ثيابه على طول ، واستعد للنوم بوقت مبكـر ، استعدادا للرحله الطويله في الغـد واللي بتبدأ بعد صلاة الفجر مباشرة .. .
                        وبعد ما رمى نفسه على السرير ووضع راسه على المخده ، حاول انه ينــام ، لكنه ما قدر لان تفكيره كان مشغول وايد … كان مشغول بمريم وكلامها الاخير معاه ، وكان مشغول اكثر برحلة باجر لذاك الساحر او المطوع ومدى قدرة هذاك الريال على حل مشكلته ..

                        واثناء عاصفة التفكير هذي ، سمع صوت رنين تلفونه النقال ، فامتدت يـده ومسكت التلفون ، وبحركه عفويه شاف رقم المتصل ، واستغرب لغرابته ، لكنه في النهايه ضغط على زر الاستقبال وقال:
                        خالد : السلام عليكم ..

                        ما لقى خالد جواب سريع ، وكأن الطرف الثاني قاعد يحضر نفسه ويغير من صوته ولهجته ، وفي الاخير سمع صوت انثوي عذب ايقول :
                        المتكلم : وعليكم السلام .. هلا بالغلا.. اشحالك ..

                        كان المتكلم هي هند نفسها ، وكانت شمسه واقفه بقربها عند التلفون العمومي واتحاول تتسمع كلام خالد ، واتفأجات بعذوبة صوت خالد ، مما زادها حقدا على مريم ، ولهذا خــزت هند بقوه على عضدهاعشان اتكمل كلامها وهند بدورها همت انها اتكمل كلامها لولا ان سبقها خالد وقال بدهشه :
                        خالد : نعم ؟!

                        استجمعت هند كل الدلال والدلع اللي عنده وصبته على خالد وقالت بكل ميوعــه :
                        هند :.. هلا بالغالي… يا اغلى ناسي …واعز احبابي …واحلى خلاني ..وكل حياتي و ..

                        قاطعه خالد بصرامه وقال:
                        خالد : لو سمحتي اختي .. انتي غلطانــه بالرقم..

                        ضحكت هند ضحكه طويله ومايعـه اشمئـز منها خالد وقالت :
                        هند : لالا . مب غلطانه .. انته مو خالد ..

                        وبدهشه متصاعده جوابها :
                        خالد : هيه ..انا خالد .. بس انتي .. كيف عرفتيني ؟!.. ومن وين يبت رقمـي ؟! ..

                        طولت هند في صمتها في محاولة لاطالة أمــد ووقت المكالمة ، ثم قالت ببرود :
                        هند : مـب مهم من وين يبت الرقم ..

                        اتساءل خالد باهتمام :
                        خالد : عيل شو المهم ..

                        وبصوت خافت ناعــم جاوبته :
                        هند : انتــه ..

                        وبدهشه قال :
                        خالد : أنـــا ؟! ما فهمت ؟..

                        جاوبته برقه شديده :
                        هند : الصراحه انا معجبك فيك واااااايد وايد ، وكان خاطري اتعرف عليك واكلمك من زمان ، وأول ما حصلت رقمك اتصلت فيك على طول و ..

                        قاطعها خالد بحزم وقال :
                        خالد : لو تكرمتي اختي .. ها لكلام عيب وما يجوز بنيه مسلمه اتقوله لواحد غريب عنها ..

                        انتظر خالد ثواني قبل لا يسمع ضحكه دلال ودلــع غير معقوله ، لدرجة انه ابعد اذنه على السماعه للحظات عشان يحميها منها ، وبعد ما انتهت هند من ضحكتها الماصخــه قالت :
                        هند : اووه .. خالد حبيبي .. عن التغلي عـــاد ..

                        ازداد ضيق خالد لكنه حاول يمسك اعصابه فقال :
                        خالد : لو سمحتي اختي .. انا ما احب اسمع ها الرسمه ، وعشان جذيه اسمحيلي لأني بسكر التلفون بويهج و ..

                        قاطعته هند بصوت صبت فيه كل انوثتها ورقتها ودلالها في محاوله شديده للتأثير على خالد فقالت:
                        هنـد : فديــت روحك حبيبــي .. انا اموت فيك حيــاتي .. انته ما تدري اشكثر احبك و ..

                        انفلتت اعصاب خالد فجأه فصرخ بويها باعلى صوته وقال :
                        خالد : صدق انج ما تستحين ولا اتخيلين .. انتي ما تخافين ربج ، ما تخافين من يوم ينشــوي فيه السانج بجمــرات من جهنــم ...لازم اتعرفين أن كل كلمة اتقولينها محســوبه عليـج ، وكل حـرف فاسـق تنطقينـه بيتحول لجبل من نـار بيطحـن جسمج ويـذوب عظامــج ..

                        بدا الرعب والخوف يندفع بقوه لاعماق هند ، وبحركه عنيفه ، فرت هند السماعه من أيــدها ، وركضت بحركه سريعه ، وشمسه تتطالعها باستغراب وتصرخ عليها واتقول :
                        شمسه : تعالي .. وين سايره يا الهبلــه !!

                        ما سوتلها هند ادنى اهتمام ، لانها كانت مشغوله بالكلمات اللي قالها خالد واللي قاعده اتــرن بقوه في عقــلها وقلبها ، وتزرع الخوف والرعب في كل ركن من كيانها ..

                        وبعد ما اختفت هند عن انظار شمسه ، عضت شمسه باسنانها على شفايفها بكل غصه وقهــر ، وادركت لحظتها ان كل اللي سوته فشل ، حتى انها ما قدرت اتأثر ولو تأثير بسيط عليهم .، وايقنت ساعتها بوجود نوعيه من البشر يمتلكون سلاح خاص يحميهم من هجمات الحاقدين امثالها ..
                        وهوه .. سلاح الايمان .. والثقه بالنفس .
                        لكــن ..
                        مازال الخطر الثاني متربص بخالد ومريم ..
                        خطــر عظيم ..
                        خطر هذاك السحر اللعين …

                        ******************************
                        *****************

                        فتح خالد عينه بهدوء ، بعد ما تسلل صوت آذان الفجر بنعومه لأذونـــه وشعر وكأنه ما نام الا ثواني معدوده ، وبحركه سريعه ورشيقه ، قام من فراشه وبدل ثيابه ، ونزل بخطوات متسارعه ، ليما طلع من البيت وركب سيارته ، باتجاه المسجد ، وبعد ما انتهي من صلاة الفجر ، اتجـــه مباشرة صوب بيت ماجــد ، واللي كان ينتظره بالفعل عند باب بيته ..
                        ولحظتها … أشرله ماجد بايده وهو يطلب منه ايقاف سيارته في كراج البيت ، ونفذ خالد ها الشي مباشرة ، فوقف سيارته ونزل منها ، وبعد ثواني بسيطه كان خالد واقف فعلا بجانب ماجد واللي قاله :
                        ماجد : خالد .. تعال اركب معاي بها السياره ..

                        اتساءل خالد :
                        خالد : سيارة منو هاي ؟

                        جاوبه ماجد على عجل :
                        ماجد : الجمـس ( gmc ) هذي سيارة ولد عمي ، وانا خذتها عنه لان فيها جهاز خارطه الكترونيه ( ماجلان ) ، مسجل فيها بدقه مكان هذاك الريال ، وبعدين الجمس هذي مرتفعه وايد واحنا بنسلك طريق جبلي وايد وعــر ..و

                        قاطعه خالد وهو ينتفض من البرد :
                        خالد : يا الله بسرعه خلنا نركب السياره ، الجو وايد بارد …

                        مع كلمة خالد الاخيره ركبوا السياره واللي انطلقت بخفــه في شوارع العين الجميله لدقايق طويله قبل لا تطلع من المدينه وتتحرك في شارع خارجي لمســافات أطول ليما وصلت السياره للمنطقة الحدودية مع الدولة المجاوره للمدينة مباشره ، وبعد ما انتهوا من الاجراءات السريعه للعبور بين البلدين ، قطعت السياره ومشت مسافات ومسافات طويله ..

                        في البدايه كانت ارضيه الشارع ممتازه والسياره تتحرك عليها بسلاسه ويسـر ، لكنها ما لبثت ان تغيرت واصبحت اكثر صعوبه شيئا فشيء ..

                        وطول هالوقت ما فتح خالد فمـه بكلمه وحده ، وكان باين عليه الضيق الشديد ، وسبب الضيق هوه عدم اقتناعه نهائيا باللي سايره عشانه ، لانه ما كان يتصور او يتخيل انه اييله يــوم ويسير فيه عند ساحر او حتى مطوع .. لكن .. هذا هوه الواقع ..

                        وبعد ما قطعت السياره ما قطعت ، انقطع الشارع فجأه ودخلوا في منطقة جبيله وعره ، وبدا ماجد يطالع الخريطه بدقه على شاشة الجهاز .. ومع مرور الوقت اصبح الطريق صعب وايد وشديد الوعوره ، لدرجة ان السياره الجمـس الكبيره ومع انها مرتفعه وايد ، بدت ارضيتها تخدش وتحتك بالحصى والصخور الجبيله بشده ، ومشوا مسافات طويله في ها الارض الصعبه وارتفعوا لارتفاعات شاهقه قبل لا يوصلون لمنطقه لايمكن التحرك فيها بالسياره لشده وعورتها ، ولحظتها وقف ماجد السياره على طول وهذا اللي خلى يسأله ويقول :
                        خالد : ليس وقفت ؟

                        جاوبها ماجد :
                        ماجد : على شوفة عينك ، الشارع وايد وعـر، وصعب تتحرك فيه بالسياره ، وعشان جذيه بنمشي شويه ، والبيت ما بقاله الا امتار بسيطه ..

                        وفعلا نزل خالد ومعاه ماجد ، ومشوا لدقايق معدوده ليما ظهر لهم البيت ، وكان على ارتفاع امتار بسيطه وهوه قابع على مرتفع جبلي .. وبعد ما صعد خالد ومعاه ماجد هالمرتفع ، اصبحوا على مرمى من باب البيت واللي كان قديم بدرجه غير عاديه ، ولحظتها .. طرق ماجد البيت عدة طرقات ، وانتظر ثواني قبل لا يفتــح الباب شاب صغير ويقول :
                        الشاب : نعم..

                        القى عليه ماجد السلام :
                        ماجد : السلام عليكم ..

                        رد عليه الشاب بسرعه :
                        الشاب : وعليكم السلام .. أي خدمه ..

                        وبأدب واحترام عالي قال ماجد :
                        ماجد : لو سمحت اخوي .. بغينا الشيخ بخدمه ..

                        اطالعهم الشاب بنظره متفحصه وقال :
                        الشاب : لحظه شوي .. بشوف الشيخ وبرد عليكم خبر ..

                        رد عليه ماجد بهدوء :
                        ماجد : تسلم اخوي ..

                        وبعدها اغلق الشاب الباب ، وغاب داخل البيت ، وهنيه التفت ماجد لخالد وقاله :
                        ماجد : خالد .. لما ندخل عند الريال لا تناديه الا بالشيخ انزين ..

                        وبلهجة استنكار قال خالد :
                        خالد : تباني اسمي الساحر شيخ ؟!

                        ارتفع صوت ماجد شويه وقال :
                        ماجد : يا خالد .. انا قلتلك ان الريال هذا مطوع .. وكل اللي ايسويه انه ايساعد الناس ويفك عنهم السحر .. والمطوع انقول عنه شيخ ..

                        وبلهجة تهكم اتساءل خالد :
                        خالد : وها المطوع ما ياخذ فلوس نظير خدماته ؟! ..

                        جاوبه ماجد بثقه :
                        ماجد : لا .. ما ياخذ شي ، وكل اللي راحوله ما خـذ منهــم فلس واحد ..

                        اندهش خالد من كلام ماجد فقال :
                        ماجد : ليش .. لا تقولي ايساعد الناس لوجه الله ..

                        رد عليه ماجد بتردد :
                        ماجد : بصراحه يا خالد.. ما ادري .. ولد عمي قالي ها الكلام بدون ما يقولي السبب لانه بنفسه ما يدري ليش و ..

                        قطع كلامهم صوت الباب وهوه ينفتح ، ثم خرج منه هذاك الشاب وقال :
                        الشاب : اتفضلوا داخل الميلس وبييكم الشيخ بعد شويه ..

                        وبخطوات سريعه دخلوا البيت ، وكان باب الميلس على يمينهم مباشرة ، واول ما دخلوا وقعدوا على المساند الارضيه ، حسوا عمرهم وكأنهم قاعدين في بيت من أيام الستينات وهم ايشوفون النوافذ القديمه واللي كانت عباره عن عوارض حديديه ووراها ابواب من الخشب القديم ، وحتى الارضيه كانت مغطاه بالحصير الخشن ، ولا حظوا بعد وجود ( خرس ) قديم والخرس هو القاروره اللي كانوا يحطون فيها الماي قديما عشان يبرد … لكن اكثر ما لفت انتباهم في هذا المكان هوه المكتبه الضخمه الموجوده في طرف الغرفه ، لانها كانت اتضم مجموعه كبيره من الكتب القديمه جدا والغريبه في نفس الوقت .. كانت كتب غير مألوفه ومكتوبه بلغه غريبه وعليها رموز واشارات عجيبه ، لكنهم في قرارة انفسهم ادركوا انها كتب خاصه بالجن والشياطين او ما شابه من ها الامور ..

                        وطول ما كانوا قاعدين ما نطق السانهم بحرف واحد ، وهم يتأملون كل ركن من اركان هالغرفه الأثريه ، وما قطع صمتهم الا صوت الشيخ نفسه لما دخل عليهم وقال :
                        الشيخ : السلام عليكم …

                        التفتوا مباشرة لجهة الصوت ، فشافوا ريال ضخم الجثه ، وكان وجهه حالك السواد ، وراسه مشتعل بالشعر الابيض الناصع ، ولحيته كانت بيضاء طويله ، ولحظتها رد عليه ماجد وقال :
                        ماجد : وعليكم السلام يا شيخ ..

                        قاموا من مكانهم وسلموا عليه وتبادلوا معاه التحيه ، وبعدها سألهم الشيخ :
                        الشيخ : شو تشربون..

                        جاوبه ماجد :
                        ماجد : مشكور يا شيخ .. ماتقصر ..و ..

                        ادخل خالد فجأه في الحديث وقال :
                        خالد : يا شيخ ..احنا يايين من مكان بعيد .. وما بغينا انعطلك ، وكل اللي نبغيه منك اذا تكرمت مشوره صغيره يمكن اتساعدنا في حل مشكلتنا ..

                        نطق خالد الجمله السابقه على الرغم من كل ضيقه ، لانه ماكان راضي ابدا عن وجوده في ها المكان وما كان متصور بيوم انه بيقعد مع ساحر او مطوع وهوه اللي كان رافض ها الشي نهائيا ، لكنه استمع باهتمام لكلام الشيخ لما قال :
                        الشيخ : وانا بالخدمه يا عيال ، وانا هدفي مساعدة كل اللي يقصدني من الناس وبدون أي مقابل ..

                        صمت الشيخ للحظات قبل لايقول باهتمام :
                        الشيخ : هاه ياعيال .. شو مشكلتكم ..

                        ناظره خالد بنظرات شك وريبه ، لكنه بدأ يروي قصة السحر كاملة وبكل تفاصيلها الدقيقه ، وكل الاعراض اللي صاحبته في لقائه الاخير مع مريم ، وبعد ما انتهى من عرضها انتظر الجواب من الشيخ ، لكن الشيخ ظل صامت وهوه يفكر بعمق ورويــه ، وفي النهايه نطق الشيخ بصوت خافت وقال :
                        الشيخ : أممم .. من خلال كلامك يا ولدي ، عرفت ان الساحر اللي مسوي السحر ساحر كبير ، ومسولكم سحر غير عادي ، وتأثيره شديد ، بحيث يستعين بمجموعه غير قليله من الجن الشياطين ويسخرهم ضدكم .. للتفريق بينك وبين زوجتك..

                        اتساءل خالد بفضول كبير :
                        خالد : وشو الحل برايــك ..

                        وبعد نظره طويله من عيون الشيخ قال :
                        الشيخ : للأسف .. السحر هذا بالذت ماله علاج ..

                        انصعق خالد من كلام الشيخ وقال :
                        خالد : انته شو اتقول .. يعني ما شي أمل ابدا ..

                        وبعد تفكير سريع قال الشيخ :
                        الشيخ : اسمعني يا ولدي .. السحر انواع ودرجات ، وهناك درجات متقدمه بالسحر ، يعجز عن حلها أي انسان ثاني ، مهما بلغ علمه ، وهذا الشي ينطبق على حالتك تقريبا .. لكن ..

                        وبيأس قال خالد :
                        خالد : لكن شوووه ..

                        جاوبه الشيخ بخفوت :
                        الشيخ : الحل الوحيد هوه العثور على مكان السحر وحرقـه …

                        وبامتعاض وضيق قال خالد :
                        خالد : وانا لو كنت عارف مكان السحر كنت ييـت عندك اصلا!! ..

                        استغرب الشيخ من لهجة التهكم اللي ابداها خالد لكنه قال :
                        الشيخ : وانتوا ما عرفتوا منو اللي مسوي العمل ..

                        حاس خالد بوزه بقوه وقال :
                        خالد : هيه عرفنا .. اللي مسويه السحر حرمه اسمها أم يابـر .. لكنها ماتت قبل لا ادلينا على مكان السحر ..

                        طال سكوت الشيخ بعد جملة خالد الاخيره ، وظل يفكر لدقايق طويله قبل لا يقول :
                        الشيخ : اطمنوا يا شباب … بحول الله بنحصل مكان السحر ..

                        صرخ خالد بوجه الشيخ بلهجة استنكار واستهزاء كبيره فقال :
                        خالد : وكيف بتحصله .. عندك رادار خاص يكشف مكان السحر ، ولا بتستعين بالاقمار الصناعيه لتحديد موقعه .. او انك تعلم الغيب عشان اتقولنا مكان السحر !!!

                        بدا الضيق واضح على ويه الشيخ بعد لهجة خالد الساخره لكنه جاوبه بهدوء وقال :
                        الشيخ : انا ما قلت اني اعلم الغيب .. وعلم الغيب عند خالق الغيب ..

                        وبفضول متزايد اتساءل خالد :
                        خالد : عيل .. كيف بتعرف مكان السحر ؟!

                        صمت الشيخ وهوه يناظر خالد بنظرات غريبه وفي الاخير اتكلم بهدوء وقال :
                        الشيخ : الوحيده اللي اتعرف مكان السحر ، هذيك الحرمه .. اللي اسمها ام يابر.

                        جاوبه خالد مباشره :
                        خالد : طبعا .. وام يابر ماتت.. والميت لا ينطـق ولا يتكلــم ..

                        ابتسم الشيخ وهوه ايقول بدهاء :
                        الشيخ : حتى لو ام يابر ماتت ، روحها بعدها ، ما ماتت ..

                        فتح خالد عيونه من الدهشه وقال :
                        خالد : شو قصدك ؟

                        جاوبه الشيخ بحزم :
                        الشيخ : الحل الوحيد هوه استدعــاء ومنـاداة روح ام يابر يعني بنقوم بتحضير روحها ونســألها عن مكان السحر و .

                        قبل لا يكمـل الساحر كلامه اتفجــرت صرخة هــادره عظيمه بين شفتي خالد ، وانفلتت اعصــابه على الآخر وقام من مكانه ، ومسك الشيخ من ثيابه بقوه وبدأ يهـزه بعنف ، والشيخ ايطالع خالد بعيون خايفه ، وهوه مستغرب من الثوره المفاجئه والعنيفه لخالد ، ولحظتها صرخ خالد باعلى صوته وقال :
                        خالد : شو ها الكفـــر والتخاريف اللي اتقولها يا دجال ..

                        وكرد فعل طبيعي قام ماجد من مكانه ، ومسك خالد من ايده عشان ايخلص الشيخ من قبضة يد خالد وقال بانفعال وتوتر :
                        مــاجد : هــد الريال يا خالد .. هـد الريال .. بتذبحه.. حرام عليك ..

                        التفت خالد جهة ماجد وقال بغضب :
                        خالد : ان الغلطان لأني سمعت كلامك , ورضيت أيي عند ها الشايب المخــرف واللي اتقول عنه مطوع ..

                        التفت خالد مره ثانيه جهة الشيخ وقال بصرامه :
                        خالد : لازم اتعرف ياهذا ، انا علم الروح عند الله فقط، اختص فيها ذاته ، وكل اللي انعرفه عن الروح انها تصعد لبارئها بعد وفاة الجسد ، اما عن مصيرها فعلمه عند الله ، إن شاء انعم عليها ، وإن شاء شاء عذبها ، ولايمكن لاي مخلوق مهمن كان انه يدعي بقدرته على الاتصال فيها ، وهذا الشي ثابت لا جدال فيه ابدا ، ومذكور في القرآن في قوله تعالى (( ويسئلونك عن الروح قـل الروح من علم ربي وما أوتيتم من العلم الا قليلا )) صدق الله العظي)

                        بعد كلمة خالد الاخيره ، دفع خالد بالشيخ بعنف على الارض واللي صرخ بألم من أثر الطيحه ، وبعدها التفت خالد جهة ماجد ، وقاله :
                        خالد : يا الله سرنا .. خلنا انروح ونفتك من شيفت ها الشيبه الجذاب ..

                        وفعلا اتحركوا جهة الباب وهموا انهم يطلعون لولا صرخة من الشيخ لما قال :
                        الشيخ : يا أخ خالد … كلمه أخيره لو سمحت ..

                        التفت خالد صوبه وقال بسخط:
                        خالد : ولك عين تتكلم بعد ...

                        وبهلجه صارمه ومفاجئه قال الشيخ :
                        الشيخ : انته معاك حق في كل اللي قلته .. لكنك غلطان لانك ما سمعت كلامي للآخر ..

                        اتساءل خالد بفضول :
                        خالد : شو قصدك ؟!

                        رد عليه الشيخ بثقه :
                        الشيخ : مثل ما قلت .. معاك حق في كل اللي قلته .. لايمكن لأي انسان مهمن كان انه يدعي بقدرته على الاتصال بالارواح .. لانه ومثل ما ذكرت انته ، علمها عند الخالــق بس … وهذا الشي لا خلاف عليه وواضح وضوح الشمس ..

                        اندهش خالد من كلامه وقال :
                        خالد : بس انته قلت انك بتحضر روح الحرمه الميته و..

                        قاطعته الشيخ بصرامه وقال :
                        الشيخ : انا ما قلت بحضر روح الحرمه الاصليه .. الروح الاصليه علمها عند الرب بس .. انا قصدت تحضير واستدعاء الروح الثانيــة ..

                        وبدهشه متصاعده قال خالد :
                        خالد : أي روح ثانيه ؟!!! بعد فيه روح ثانيه غير روح الانسان الاصليه ؟!

                        جاوبه الشيخ بهدوء :
                        الشيخ : قبل لا اجاوبك على استفسارك، خلنا نقعد واناقش الامر بهدوء وتركيز وعقل .. واي كلمه بتسمعها مني واتحس انها بعيده عن العقل والمنطق .. تقدر تنسحب وتروح على طول واتقول عني أي كلام اتحبه ..

                        وبعد لحظات صمت بسيطه ، نفذ خالد ها الشي وقعد فعلا ، وبعدها بدأ الشيخ يتكلم بهدوء فقال :
                        الشيخ : قولي يا اخ خالد .. شو اتعرف عن القريـن ؟

                        سكت خالد لفتره بسيطه وبعدها جاوبه بثقه فقال :
                        خالد : لكل انسان قرين من الملائكه ، مهمته تسجيل حسنات الانسان وتدوين سيئاته ، وفيه قريــن ثاني من الجــن و ..

                        قاطعته الشيخ بلهفه وقال :
                        الشيخ : انا اللي ايهمني القرين الثاني اللي من الجــن ، شو معلوماتك عنه :

                        جاوبه خالد :
                        خالد : القرين الثاني ، واللي هوه من الجــن مهمته تضليل الانسان ، وها الشي ثابت ومعروف ومذكور في القرأن في الآية اللي اتقول (( قال قرينه ربنا ما اطغيته ولكن كان في ضلال بعيد )) …. وعندك بعد حديث الرسول ( عليه الصلاة والسلام ) (( ما منكم من أحد ألا وقد وكل به قرينه من الجـــن ))
                        ابتسم الشيخ وقال بهدوء :
                        الشيخ : ما شاء الله عليك ، عندك معلومات طيبه في ها لمجال ..

                        ارتفع صوت الشيخ فجأه فتابع كلامه وقال :
                        الشيخ : بسالك يا خالد .. هل يتوفي القرين بمجرد وفاة الانسان.. يعني يتوفى معاه بنفس اليوم واللحظه ؟؟

                        وبعد لحظة تفكير طفيفه قال خالد :
                        خالد : مب شــرط .. ممكن ايعيش القرين بعد ما يتوفي صاحبه لسنوات ، وفي العاده ، اعمار الجن اطول بكثير من الانســان ..

                        هــز الشيخ راسه بالايجاب وقال :
                        الشيخ : انزين .. شو علاقة هالقرين بالانسان .. اقصد شو المعلومات اللي ممكن ايعرفها القرين عن صاحبه اللي ظل ملازمه طول حياته ؟؟

                        حرك خالد ايده وهوه ايقول بهدوء :
                        خالد : شي طبيعي انه ايعرف كل شي عن حياة الانسان ، وبكل التفاصيل بعد لانه كان ملازمنه طول حياته … وين ما سار ايسير معاه ، ويعرف كل ما قام به الانسان من اعمال وبكل دقه …

                        عاجله الشيخ بسؤال ثاني :
                        الشيخ : والقرين هذا… نقدر انشوفه بالعين المجرده …

                        جاوبه خالد :
                        خالد : لا طبعا لان الجن عموما لا يمكن مشاهدتهم في العاده لان اجسادهم خفيفه و شفافه ما تنشاف بالعين المجرده ، ونستدل على ها الشي بقول الله تعالى وهوه يخاطب ابليس وبني جنسه من الجن (( إنه يراكم هوه وقبيله من حيث لا ترونهم )) … ومع هذا… يمكن للانسان انه ايشوفهم في حالات خاصه ، اذا اتشكلوا مثلا بصورة حيوان ، وبعض الجن يمتلكون قدرات خاصه بحيث يقدرون يظهرون بصورتهم الطبيعية جدام بعض النـاس

                        .. ((في حالات خاصه يستطيع الانسان مشاهدة الجني في صورته الطبيعيه ، ويفسر البعض هذا الشي بقولهم : ان بعض الجن يمتلك قدرات خاصه تمكنهم من تخفيض درجة ( الاهتزاز )او ( الذبذبـة ) الخاصة بجسمه بحيث تقل سرعة اهتزازة ذراتـه فيصبح اقل شفافيه ، ويمكن بذلك رؤيته بالعين المجردة .( حالات استثنائية)..




                        عقب الشيخ على كلامه وقال :
                        الشيخ : صحيح كلامك .. واحنا نسمي الاجساد الغير مرئيـه ارواح ، يعني معنى مجازي نطلقه على الاجساد اللي ما تشوفها العين ، فالجسد الغير مرئي انسميه في العـاده روح ، لكنه طبعا تختلف عن روح الانسان الاصليه اللي خلقها الرب واودعها في كل جسد حي .. ولهذا .. احنــأ نستدعي او انادي او انحضر هذي الكائنات الغير مرئيه واللي هيه من الجن لسؤالها عن بعض ما مر بــه الانسان من احداث ..

                        حاول خالد يستجمع تفكيره ، ويحلل كل الكلام اللي سمعه من الشيخ وفي النهايه طلـع بهذا الاستنتـاج فقال :
                        خالد : افهم من كلامك ، انه يقصد بالارواح عندكم جنس الجـن اللي خلقهم الله تعالى من النــار ، وسميتوها ارواح لانها غير مرئيه ، ويقصد بتحضيرها استدعائها وندائهــا وطلب حضورها حتى تتكلم مع البشر ..

                        ابتسم الشيخ وقال :
                        الشيخ : بالضبط .. كلامك اصاب كبد الحقيقه .. والمطلوب مني الحينه هوه محاولة طلب هذا القريـن واللي انسميه مجازا روح ، والقرين مثل ماذكرت عايش مع الانسان طول حياته ، واكيد ها القرين حضر مع ها الحرمه لما خبـت أو دفنــت هذا السحر ، ويعرف مكانه بالضبط ... واذا كان هالقرين ما زال على قيد الحياه ، بنســأله وبيدلنا عن مكان السحر ..

                        بدا كلام الشيخ منطقي بالنسبه لخالد ، لكنه قال بشك وحذر :
                        خالد : وكيف بتستدعي هذا القرين المزعوم ، من بين الملايين اوالمليارات من امثالــه ..

                        جاوبه الشيخ بهدوء :
                        الشيخ : انا بنفسي ما اقدر اوصل للقرين ، وكل اللي اقدر عليه اني استدعي ( وسيـط ) من الجن وها الوسيط هو اللي يحضر هالقرين ويسأله عما يريد..

                        كرر خالد سؤاله وقال :
                        خالد : وكيف بيجــد هالوسيط هذاك القرين من بين الملايين من امثاله ؟!!

                        صمت الشيخ لحظه ثم قال :
                        الشيخ : عن طريق اسم صاحب القرين واسم امه ، يعني المطلوب منكم تذكرون اسم الحرمه اللي مسويه العمل واسم امها ..

                        التفت خالد لماجد وقال بقلق :
                        خالد : انا ما اعرف اسم الحرمه بالكامل ولا اسم امها ..

                        جاوبه ماجد بسرعه :
                        ماجد : يا خالد اتصل في امك واسألها وهيه اكيد اتعرف..

                        هز خالد راسه بايجاب ، ثم التفت للشيخ وقال بحذر :
                        خالد : بس ها القرين مهمته تظليل البشر ، فكيف بنوثق بصدق كلامه ..

                        جاوبه الشيخ :
                        الشيخ : اول شي القرين مهمته تظليل صاحبه ، وصاحبه مات ، وبعدين احنا بنتصل فيه عن طريق وسيط اكبر درجة منه ، ومن الصعوبه عليها انه يكذب على هالوسيط ..

                        تابع خالد مسلسل اسألته فقال :
                        خالد : وها العمليه.. يعني التحضير.. سهله لها الدرجه ..

                        ابتسم الشيخ وقال :
                        الشيخ : بالعكس العمليه محتاجه لدرايه ودقه وخبره طويله ، وما يقدره عليها الا القليل والقليل من الناس ..

                        اتساءل خالد بفضول :
                        خالد : وشو معنى ها لقدره متوفره لك انته بالذات دون غيرك ؟!

                        جاوبه الشيخ بهدوء :
                        الشيخ : القدره هذي ما حصلت عليها بين يوم وليله .. هذي خبرة سنين طويله في التعامل مع ها العالم الغامض .. عالم الجن والشياطين ..

                        اطالعه خالد بنظرات شك وريبه وقال :
                        خالد : ممكن سؤال شخصي ..

                        رد عليه الشيخ بثقه:
                        الشيخ : اتفضل اسأل على راحتك ..

                        سأله خالد وهو يطالع الشيخ بطرف عينه :
                        خالد : انته اتقول انه هدفك مساعدة النــاس عشان يفتكون ويتخلصون من السحر .. يعني هدفك الظـاهر نبيل .. وهني بسأل .. دام ان هدفك الخيـر للناس ونيتك طيبه ، فليش تعلمت السحر وتتعامل مع الجن والشياطين وانته تدري تمــاما انه حـــرام ؟!!!

                        ارتسمت ابتسامه عريضه على ويه الشيخ وهوه ايقول :
                        الشيخ : انا اول ما شفتكم حسيت انكم ناس اذكياء ، وتتحرون الدقه في كل شي ، وفعلا.. ما خاب ظني فيكم ، والدليل انكم اول ناس يدخلون علي ويسألوني ها السؤال …

                        طال صمت الشيخ بعد كلمته الاخيره وبعدها تابع :
                        الشيخ : وعشان جذيه ، انا بخبركم القصه كاملة ولو انها مؤلمه وايد بالنسبه لي ، ودايما احاول نسيانها .. لكن …

                        بدا الشيخ يسترجع ذكريات قديمه جدا ويــغرف من بحر الماضي البعيد فقال بصوت يغلب عليه التأثر :
                        الشيخ : من زمن بعيد ، ولما كنت شاب صغير ، كان ابوي ساحر كبير ومعروف في كل البلاد ، وكان الناس يقصدونه من كل مكان ، وهوه اللي علمني اصول السحر وقواعده ، وكان سحره كله شر بـشر ، بحيث تقصده الحريم للتفريق ما بين الازواج ، او حتى بين الاصدقاء والاحباء ، واستمـر في هذا العمل الشينع لين ما ….

                        سكت الشيخ فجأه ، وبدت دموعه تنزل ، وبعدها تابع بلكنه حزينه وبصوت دامع باكي :
                        الشيخ : لين ما مات ابوي ….

                        وهنيه اتساءل خالد بفضول شديد :
                        خالد : وشو صار لما مات ؟!

                        جاوبه الشيخ بصوت واطي ومرتبك :
                        الشيخ : لما مات ابوي .. سرنا المقبره عشان ندفنه .. وحفرنا قبره .. واول ما حطيناه في القبر .. انـتـفــخ بطنه فجــأه بصوره كبيره ليما وصل لسقف القبر … وهنيه طلعناه من القبر .. ووسعنا القبر وكبرنا الحفره ، ولما وضعناه مره ثانيه في القبــر ، انتفـخ بطنه اكثر ليما وصل مره ثانيه لسقف القبر.. وطلعناه للمره ثالثه وسوينا نفس الشي واستمرت ها العملية اكثرمن مره ، وفي النهايه .. انفجـر بطن أبوي بقوه واتناثـرت اشلاءه بصوره بشعه وشنيعه داخل قبره ، وساعتها وارينا جثته بالتراب مثل ما هوه *** ((( أحداث حقيقية واقعية حدثت لساحر حقيقي )) ***

                        استمر الشيخ في البكاء للحظه قبل لايستجمع اعصابه مره ثانيه وقال :
                        الشيخ : ومن يومها ، سخرت حياتي كلها لمساعدة الناس … يمكن كرغبه مني في التكفيـرعن الذنوب العظيمه اللي سواها الوالد .. وكل ما اييني شخص يبى الخلاص من سحره ، اتذكر كل اللي سواه الوالد في الناس والاسـر اللي ادمرت وضاعت واتفرقت بسببه …

                        شاركه خالد في الحزن وبان عليه التأثر ، والتفت خالد جهة ماجد واللي ايضا كان متأثر ، وبعدها قال خالد بصوت هادي وايد :
                        خالد : بس يا شيخ .. نيتك السليمه ما تشفع لك اللي قاعد اتسويه .. اللي اتسويه حرام بحرام حتى لوكان قصدك مساعدة الناس والتخفيف عن آلامهم والغايه ما تبرر الوسيله ..

                        هـز الشيخ راسه بعلامة الايجاب وقال :
                        الشيخ : انا عارف ها الشي ، وكل مره اقول بقلع عن ها الشي ، لكني ما اتحمل يوم اشوف انسان متعذب من السحر ومحتاجلي ، ومع هذا اوعدكم اني اتوب نهائيا وما استخدم السحر بعد ما احل لكم مشكلتكم … وانا فعلا قررت من فتره اني اهجر هذا البيت وانزل لاي قريه واعيش حالي حال كل الناس ..

                        صمت الشيخ للحظه وبعدها قال بلهجه سريعه :
                        الشيخ : يا الله يا عيال .. عطوني اسم الحرمه واسم امها ، عشان انعرف مكان ها السحر اللعين … لكن.. لازم اتعرفون ان عملية الاتصال ممكن تفشــل اذا مــات القرين وفارق الحياه ..

                        قام خالد من مكانه ، وخرج برع البيت وطلع تلفونه اللي يعمل بنظام ( جي اس ام ) ، والقادر على ارسال المكالمات من دوله ثانيه ، واتصل في امه ، واللي بدورها عطته كل المعلومات بسرعه .، وبعدها رجع للشيخ وعطاه كل المعلومات بدقه …

                        ولحظتها قام الشيخ ، وغطى كل نوافذ الغرفه عشان ما تدخل الانوار لها ، وطلع من المكتبه كتاب قديم ، ووضع امامه قطـعه او رقعـه من الجلـد واللي كانت باللون الابيض .. ووجه كلامه لخالد وماجد فقال :
                        الشيخ : سمعوني زين .. ما ابغي حد يتكلم كلمه وحده قبل لا أأذنله بهذا مفهوم ..

                        ردوا عليه :
                        خالد وماجد : مفهوم ..

                        فتح الشيخ الكتاب ، وبدأ يتكلم بلهجه غير مفهومه ، وينطق كلمات غريبه جدا .. و استمر في ها لوضع لفتره طويله ، وبعدها سكت وهوه مركز عينه على قطعة الجلد البيضاء الموجوده أمــامه ، وخالد ومعاه ماجد ساكتين وبنفس الوقت مرتبكين ، ومركزين عينهم على الارض ..

                        وبعد فترة صمت وترقب .. انتبه خالد اخيرا لقطعة الجلد البيضاء هذي ، وشاف أمر غريب وعجيب ، بحيث بدت تنكتـب حروف ورموز غريبه وغير مفهومه على قطعة الجلد الصغيره ، بـدون ما يكتبها حد !! وكانت عباره عن حروف رمزيه مايفهمها الا الشيخ نفسـه …

                        وبعدها ..طال الصمت اكثر ، والقلق يتزايد اكثرواكثر ، وفي النهايه .. ابتسم الشيخ وقال :
                        الشيخ : مبروك يا عيـالي .. الاتصال نجح فعلا .. وقدرنا نستدعي وانحضر القرين ونسأله عن مكان السحر .. وخبرنا بالفعل عن مكانه ..

                        سأله خالد بلهفه :
                        خالد : خبرنا بسرعه .. وين مكان السحــر ؟

                        جاوبه الشيخ بهدوء :
                        الشيخ : مكان السحر مكتوب على قطعة الجلد اللي اتشوفونها جدامي .. بس اصبروا دقايق ليما اقراها حروفها وأفك رموزها ..

                        وفعلا رفع الساحر القطعة الجلدية من على الارض وبدأ يقرأ الورقه وهم يبتســم...
                        ولكن ..
                        بدا وجه الشيخ يتغير تدريجيا مع كل كلمة يقراها...
                        كانت عيونه كلما وتتسع ، وبدت أيــده ترتجف و تنتفـض بشده مما اثار دهشة خالد وماجد وتوترهم ، وبدا على الشيخ علامات عظيمه من الذهول وعدم التصديق ، لدرجة ان القطعة الجلديه طاحــت من ايده من شدة انتفاض جسمه وبعدها صرخ بعنف :
                        الشيخ : مستحيــــل !!!!

                        اتكهرب الجو بشده مع كلمة الشيخ الاخيره ، ولحظتها سأله خالد بكل فضول الدنيا .
                        خالد : شو المستحيل ؟!!

                        رفع الشيخ ايده وهوه ايأشر على القطعه الجلديه المرميــه على الارض واصابعه ترتجف بقوه وقال :
                        الشيخ : المكان اللي موجود فيه السحـــر .. مستحيل ؟!!!

                        وبصوت هايل صرخ خالد :
                        خالد : ليش مستحيل ؟!… وين مكان السحر؟! … اتكلم ..

                        ولحظتها .. بدا الساحر يقولهم عن مكان السحر .. ومع كل كلمه ايقولها ينتفض جسم خالد و ومعاه ماجد من هول المفاجأه ..
                        لان المكان الموجود في السحر كان فعلا مستحيل ..
                        ومستحيل جدا …
                        وفعلا ..
                        كانت ام يابر صادقه تمــاما لما قالت لام خالد انها بتدفن السحر في مكان ما يفكر فيه ولا يوصله لا انس ولا جان ..
                        مكان ما صدقه الشيخ نفســه ولا يصدقه أي ساحر ثاني مهمن كان ..
                        مكان .. مجرد التفكير فيه .. يحمل كل ما في الدنيا من آلام ..
                        آلام الواقع ….[/align]

                        تعليق


                        • #13
                          [align=center]

                          الجزء العاشـــر ..

                          ماذا حدث في الجزء التاسع؟ !!

                          بعد ما اتوصل خالد بمساعدة الشيخ لمكان السحر ، عن طريق الاستعانة بالقرين عشان ايدلهم على مكان السحر ، فاجأه الشيخ بمكان وجود السحر ، لان المكان الموجود فيه السحر لا يخطر على البال ولا يصدقه عقل …
                          مكان فظيع .. وفظيع جدا ..
                          مكان خلى الشيخ ينتفض في رعب ويرمي الورقه من ايده ..
                          لكن .
                          وين مكان السحر … بنعرف بعد قليل …..

                          آلام الواقع – الجزء العاشر
                          (( مستحيل!! الكلام اللي اتقوله لا يمكن يتصدق ))

                          نطق خالد ها الكلمات بذهول تــام ، وهوه يوجه كلامه للشيخ الواقف أمامــه ، بعد ما خبرهم الشيخ عن مكان السحر ... لكن الشيخ أكد على كلامه السابق وقال باصرار :
                          الشيخ : صدقني يا خالد ..هذا اللي حصل بالضبط .. والظاهر ان الحرمه هذي واللي اسمها أم يابر، قلبها مليان شـر و بصوره ما تتصدق ..و

                          قاطعه خالد وقال باستنكار واضح :
                          خالد : مب لها الدرجه .. معقوله يوصل الشر بانسان لها المستوى الفظيع من البشاعه !!!

                          رد عليه الشيخ وهو ايحرك كتوفه :
                          الشيخ : للأسف ...هذا اللي حصل .. ومرات الواقع يحمل لنا حقائق أغرب بكثير من الخيال ..

                          وبشك شديد قال خالد :
                          خالد : يعني تباني أصدق ان ام يابر حاطه السحر بكفـن انسان ميت !!!

                          وبثـقه أشــد جاوبه الشيخ :
                          الشيخ : هيه نعم .. ام يابر حاطه السحر بكفن انسان ميت قبل لا يندفــن .. واعتقد انها سـوت ها الشي عشان تضمن عدم كشف مكانه… وفعلا .. منو يتوقع وجود ها السحر بها المكان بالذات !!

                          استمر خالد في تشككه وقال :
                          خالد : وكيف قدرت ام يابر اتحط السحر بالكفـــن ؟!!

                          صمت الشيخ للحظه قبل لا يرتفع صوته ويقول :
                          الشيخ : يقول الوسيـط على لسان القريـن .. إن الناس كانوا يطلبون ام يابر مرات عشان اتغسل بعض الاموات من الحريم وتكفنهم بعدين .. وكانت ام يابر اتييب معاها اكفان جاهزه .. وكانت قبل لا اتييب الكفن لبيت المتوفى .. اتحط العمل في الطبقه الاولى من الكفن .. وبعدها.. كانت اتخيـط السحر داخل الكفن عشان ما يبين .. وكانت اتكفن الميت بنفسها عشان تضمن نجاح عمليه دس السحر فيه … *** (( حدثت قصه حقيقيـة واقعيـه مشابهه لممرضه كانت تـدس السحر بفــم الموتي !!!))) ***

                          انصعق خالد وهوه يسمع ها الكلام اللي ايـسم البدن وقال :
                          خالد : معقوله !! معقوله الشــر يوصل فيها لدرجـة انها تنتهـك حرمــة الامــوات !! .. هاي شوه ..ما تخاف ربها ولا بقلبها ذرة احساس او مشاعر!!!

                          شاركه الشيخ دهشته وقال :
                          الشيخ : الصراحه.. هذي اول مره اتمر علي حاله جذيه .. في العاده اللي ايسوي السحر يدفنه في الارض او يرميه في البحر مثلا ..

                          اطالعه خالد بنظرات حايره قبل لا يقول :
                          خالد : يعني السحر الحينه مدفون مع هذا الميت في قبره .. صح ..

                          هـز الشيخ راسه بالايجاب وهوه يقول :
                          الشيخ : صح .. وعلى فكره ترى الميت انثى ، يعني حرمه حسب ما قال القرين ، وهوه يعرف اسم المتوفية تماما لان ام يابركانت اتعرفهــا ..

                          سأله خالد :
                          خالد : والحينه شو الحل ؟

                          وبحسره وضيق جاوبه الشيخ :
                          الشيخ : الصراحه ما عندي أي حل .. وكل اللي أقدر اعطيكم اياه الحين واقولكم اياه هوه اسم الحرمه المتوفيه .. و..

                          سكت الشيخ بعد كلمته الاخيره وهذا اللي خلى خالد ايقول :
                          خالد : وشو بعد ؟!

                          اتكلم الشيخ مباشره بعد كلام خالد وقال :
                          الشيخ : السحر موجود بالضبط فوق الكتــف الايـســر للمتوفـيــه وبالتحديد في الطبقه الاولى من كفنهــا ... وهذا آخــر شي شافه القرين قبل لا ياخذون المتوفيه عن ام يابر .

                          شعر خالد باحباط شديد وهوه يقول :
                          خالد : يعني حتى مكان السحر ما نقدر انعرفه ، ولا انعرف المكان اللي اندفنت فيه ها المتوفيه .. وحتى لو عرفنا.. كيف بنفتح قبرها ونوصلها .. هذا الشي مستحيل .. مستحيل ..

                          حرك الشيخ راسه في آسى وقال :
                          الشيخ : قلبي معاكم يا عيالي .، وكان خاطري اساعدكم واحل مشكلتكم لكن .. هذا ما كتبه الله عليكم ..

                          اتكلم ماجد ها المره وقال :
                          ماجد : ما قصرت ياشيخ .. انته سويت اللي عليك واكثر ..

                          رد عليه الشيخ بصدق :
                          الشيخ : افا عليك يا ولدي .. انا بالخدمه دايما ..

                          قام خالد من مكانه وقال والتأثر الشديد باين على وجهه :
                          خالد : انزين يا شيخ .. بنترخص منك الحينه .. ونشكرك على المجهود الكبير اللي سويته عشانا ..

                          قام الشيخ من مكانه وقال :
                          الشيخ : العفو يا ولدي ..

                          مسك الشيخ بورقه صغيره وبدا يكتب عليها بعض الكلمات وبعد ما انتهى منها ناول الورقه لخالد وهوه يقول :
                          الشيخ : انا سجلت في الورقه هذي اسم الحرمه المتوفيه … خذوها .. يمكن تحتاجونها بيوم..

                          اتناول خالد الورقه من يد الشيخ وقال بيأس :
                          خالد : ما اظن نحتاجها ... وما اعتقد منها أي فايده .. بعد ما تسكــر آخر باب يوصلنا للسحر .. وكل هذا بسبب الشــريره ام يابر .. وبسببنا احنا بعد …

                          مشى خالد ومعاه ماجد باتجاه الباب بعد ما ودعوا الشيخ .. وبعد خطوات بسيطه ركبوا سيارتهم في هدوء ، واتحركوا باتجاه دولتهم ومدينتهم وبيتهم ..
                          وطول الدرب، ومن ساعة ما طلعوا من عند الشيخ ، ما نطق خالد بكلمة وحده ، ولكن .. اول ما وصلوا للبيت اتكلم خالد بصعوبه وقال :
                          خالد : ماجد .. انته مصدق كلام ها الشيخ ..

                          جاوبه ماجد بحذر :
                          ماجد : مع انه كلام غريـب وعجيب وما يتصدق .. لكني حاس انه صادق فعـلا ..

                          اشتدت موجة اليأس بنفس خالد وقال :
                          خالد : وشو الحل يا ماجد ؟!

                          طال صمت ماجد وما جاوب خالد الا بعد فتره طويله لما قال :
                          ماجد : والله ما ادري ..

                          صرخ خالد بويهه فجأه وقال :
                          خالد : يعني شوه ما تدري ؟

                          اندهش ماجد من ثورته المفاجأه وقال :
                          ماجد : صدقني يا خالد .. انا ما شايف حاليا أي حل مناسب لها المشكلـه المعقـده ..

                          سكت خالد لحظه قبل لا يقول بحزم :
                          خالد : بس أنا عندي الحل ..

                          اتساءل ماجد بفضول :
                          ماجد : وشو الحل ..

                          جاوبه خالد :
                          خالد : انا عندي اسم الحرمه المتوفيه .. يعني بنخبر أهلها وهم يتصرفون ، يعني لازم يفتحون قبرها ويطلعون السحــر و ..

                          قاطعه ماجد بعنف :
                          ماجد : هذا كلام اتقوله يا خالد .. كيف تباهم يرضون انهم يفتحون وينبشون قبــر ميتهم بدون أي دليل على صحة كلامك !! شو بتقولهم .. بتقولهم الجني قالي ان السحر موجود في قبر ميتهم ؟؟ .. كلام ما بيدش عقلهم ابدا.. اكيد بيظنونك مينــون ، او سكــران ، او يمكن ايبغلـون عنك الشرطــه ويقولون انك تبى تنبش قبر ميتهم ...

                          شعر خالد بمنطقية كلام ماجد وهذا اللي زاده احباطا فقال :
                          خالد : انته ليش اتسكرها بويهي !!

                          انخفض صوت ماجد بغته وقال :
                          ماجد : انا ما سكرها بويهك .. انا قاعد انقلك الحقيقه كامله .. وعلى العموم .. خلنا انسير بيوتنا ونرتاح شويه من السفر ، وبعدها بنفكر على راحتنا ، ويمكن نوصل ساعتها لحل مناسب …

                          وبصوت واطي قال خالد :
                          خالد : صح كلامك .. تفكيرنا مشوش وما نقدر انفكر صح الحينه .. ماجد .. انا بنزل بيتنا الحينه .. وبشوفك بوقت ثاني ان شاء الله ..

                          رد عليه ماجد :
                          ماجد : ان شاء الله ..

                          نزل خالد من السياره ، وكان بادي عليه التعب والارهاق من أثر السفر الطويل ، ومشى خطوات قليله لين ما وصل لباب بيتهم ، لكنه وقف مكانه بعد ما هاجتمه موجه من الافكار المحبطة واليائسه وبدت يتراءاله المتسقبل القريب بكل آلامــه ..
                          آلام فراقه الشبه حتمي من اغلـــى انسانـــه بحياته .. مريم ..

                          ******************************
                          *****************

                          ))سحــر !!((

                          بها الكلمه نطقت ظبيه ، والدهشه قاعده تنمــو على ملامحها ، بعد ماخبرتها مريم بالسالفه كامله ، وبعدها تابعت ظبيه كلامها وقالت باستغراب :
                          ظبيه : انتي متأكده من كلامج هذا ؟!

                          جاوبتها مريم بخفوت :
                          مريم : هيه متأكده ، وخالد بنفسه خبرني ..

                          عاجلتها ظبيه بسؤال سريع :
                          ظبيه : ومنو ها الحقيراللي مسولكم السحر ؟!.

                          هـزت مريم راسها بالنفي وقالت :
                          مريم : الصراحه خالد ما قالي ، لكنه قال ان الحرمه اللي مسويه العمل اتوفت قبل ادلــه على مكان السحــر .

                          بدا التوتر والضيق يتسرب لنفسية ظبيه فقالت :
                          ظبيه : ماتت!!

                          أكدت مريم على كلامها وقالت :
                          مريم : هيه ماتت قبل لا نعرف مكان السحر ..

                          وبعد لحظة تفكير سالتها ظبيه :
                          ظبيه : يعني ماشي طريقه ثانيه اتعالجون فيها السحر غير انكم اتعرفون مكانه؟ !! … انا سمعت يارتـنـا اتقول ان قراءة آيات من القرآن ممكن اتعالج السحر ..

                          هــزت مريم راسها بايجاب وقالت :
                          مريم : فعلا .. قراءة القرآن اتعالج الكثير من انواع السحر ، لكن هناك انواع متقدمــه من السحر ما تتعالج الا لما انحصل السحر نفسه ، وهنيه تكمن المشكله الحقيقية في السحر واللي تتسبب في البلاء للناس ، والسحر الخبيث مثل المرض الخيبث ما ينحل الا بازالته نهائيا يعني بحرقه او تدميره ..

                          ازداد توتر وقلق ظبيه وقالت :
                          ظبيه : معقوله في ناس قلبهم اسود لها الدرجه ؟!!

                          وبصوت خافت حزين قالت مريم :
                          مريم : الدنيا مليانه بناس قلوبهم تحمل كل الشــر ، وما يحمينا منهم الا ايمانا بالله ، وان صابنا منهم شي فهو ابتلاء … ندعو ربنا ايصبرنا عليه ..

                          نزلت ظبيه راسها للارض في كــدر وقالت :
                          ظبيه : والحل .. شو الحل يا مريم ؟ ..

                          طال سكوت مريم لحظات ثم قالت :
                          مريم : ما في حل غير الصبر .. وخالد قالي انه بيحاول ايعالج السحر خلال ها اليومين على الأكثر ..

                          اترددت ظبيه قبل لاتقول بحذر :
                          ظبيه : واذا لا قدر الله وما قدرخالد انه ايعالج السحــر .. شو بتسوين ؟!

                          اطالعتها مريم بنظرات أسـى لكنها قالت بحــزم :
                          مريم : ساعتها .. بنقبل بقضاء الله وقدره .. مهمن كانت النتايج ..

                          انتفض قلب ظبيه بين ضلوعها وقالت في لوعه :
                          ظبيه : شو تقصدين ؟! بتنفصلين عن خالد ؟! خالد اللي ..

                          قاطعتها مريم بصرامه شديده وقالت :
                          مريم : هيه .. لاني احبه لازم انفصل عنه .. كيف امنحه حبي وانا ما اقدر اطل في عينه ولا تلمسه ايدي ولا اغرقه بحناني .. واذا كانت سعادته بعيده عني فاحسن لـه يبحث ويدور عنها وين ما كانت ..

                          حـست ظبيه بحرقه ألم تلهب صدرها فقالت وهيه اتعض بقوه على كلمـات حروفها :
                          ظبيه : هيه.. بس خالد ايحبج يا مريم ..

                          سكتت مريم لحظات قبل لا تنهار اعصابها بغته وتدخل في دوامه غزيره من الصياح والبكاء المؤلم ، لكنها جففت دعوعها بسرعه وقالت بصـوت مرتجـف :
                          مريم : وحتى انا… احبه … ويشهد الله اني احبه .. وبظل طول عمري أحبه .. لكن.. اذا نفـذ قدر الله ما النا عليه اعتراض ، ولازم انفكر بمصحلة اللي انحبهم حتى لو دســنا على قلبنا او ذبحناه بالمره ..

                          شاركتها ظبيه بكاءها وقالت بصوت خافت :
                          ظبيه : معاج حق يا مريم .. مب كل اللي نبيه انحصله ، ولا كل اللي انحب لقائـه ، ينكتب لنا لقــاه …

                          هــزت مريم راسها بايجاب وقالت :
                          مريم : على العموم… مابيدنا غير الصبر … عسى الله انه يكتب النا الخير فيما بقى من حياتــنا ..

                          رفعت مريم راسها فوق وكانها تدعوا رب السماوات والأرضين ان يهون عليها مصايب الدنيا ..
                          ويخفف عنهم كل ما ستحمله الايام اليايــه من آلام ..
                          آلام الواقع …

                          *******************************
                          *********************

                          بخطوات مرحــه ورشيقه نزلت روضه على درج بيتهم المقوس ، واول ما وصلت للصاله التحتيه شافت امها وهيه قاعده على الكنبه الوسطيه ، وكانت شــاردة الفكــر وسرحانــه وكأنها ما تحس بالعالم اللي حواليها ، ولهذا اتكلمت روضه وقالت بصوت عالي ممزوج بالمرح :
                          روضه : شو فيها المامـــي ؟ وين سرحانـــه ؟ اللي ما خذ عقلها يتهنى به ؟

                          انتبهت ام خالد من غفوتها ، فالتفتت لروضه بحركه حاده وقالت بصوت واطي :
                          ام خالد : روضه .. انتي هنيه .. ما انتبهت لج ..

                          ضحكت روضه بهدوء وقالت :
                          روضه : اكيد ما انتبهتي .. لانج غرقانه بعالم ثاني ..

                          اقتربت روضه من امها اكثر ، وجلست على الكنب المجابلنها تماما ، وحطت ايدها اليمنى على وجهها وهيه اتقول :
                          روضه : بشو اتفكر جميلة الجميلات ، وسيـدة الاميـرات ، وأم البنات الحلـوات ؟

                          ارتسمت ابتسامه خفيفه على شفاة ام خالد ، وحاولت ادورعلى سبب معقول يبرر شرودها وفي النهايه قالت :
                          ام خالد : الحمــل يا روضه .. الحمل تاعبني وايد.. ولا تنسين اني دخلت الشهر الثامـــن ، يعني باقي أقل عن شهر واولــد ..

                          حركت روضه بوزها يمين وشمال وهيه اتقول :
                          روضه : اللي يسمعها اتقول حمل ، .يقول اول مره تحمــل ، مب كأنها مربيه قبلهم اربع عيال .. ولدين حلوين وبنتين أحلى ..

                          اطالعتها ام خالد بنظره حانيه وهيه اتقول :
                          ام خالد : يا روضه .. يوم حملت فيكم كنت بنيه شابة وصغيره ، وانا الحينه كبرت ، والحمل على كبر وااايد متعب و ..

                          قطعت روضه رمستها وهيه اتحرك ايدها وكأنها ما قابله عذرها وقالت :
                          روضه : أي كبر أمايــه ، انتي بعدج صغيره ، وتوج داخله الاربعين من عمرج ، يعني في عز نضوجج وعطائــج ، وانا سمعت قبل فتره عن حرمه حملت و ربــت وعمرها فوق الستين ..

                          ضحكت ام خالد من تعليقها وقالت :
                          ام خالد : الحريم مب كلهم واحد ، اجسامهم تختلف ونفسياتهم تخلتف .. فيه حريم يوصلون للستيـن واجسامهم بعدها قويه ، وفيه حريم يذبـل جسمهم بسرعه وهم بعدهم في بداية الاربعينات ..

                          اتساءلت روضه باهتمام :
                          روضه : وشو السبب ؟!

                          جاوبتها ام خالد وهيه ترمقها بنظره باسمــه :
                          ام خالد : اسباب وايده .. منها اختلاف طبيعة اجسام الحريم ، يعني كل وحده تختلف عن الثانيه بتركيبها الجسمي وهذي خلقة رب العالمين ، والسبب الثاني هو البيئه اللي اتعيش فيها الحرمه ، والبيئة الصحيه تساعد الحرمه على الحفاظ على صحتها ورشاقتها ..

                          هــزت روضه راسها بتفهــم ثم قالت :
                          روضه : بسألج اميه .. وها السؤال ايدور دايمــا على بالي ..

                          اطالعتها ام خالد بنظره تساءل وقالت :
                          ام خالد : أي سؤال ؟!

                          ردت عليها روضه بشي من الخجل :
                          روضه : الحرمه لما تولـد.. يعني اتربي .. اشكثر تتعب ؟ .. وتبين الصدق ..انا كل ما اتذكر اني بعيش ها اللحظات ارتعب وينتفض جسمي من الخوف ..

                          اضحكت ام خالد من خاطرها وقالت وهيه تضرب بايدها اليمنى برقـه على خد روضه :
                          أم خالد : صحيح انها لحظات متعبه ومؤلمــه ، بس لحظتها بتحسين بكل فرح الدنيا وسعادتها ..

                          استغربت روضه من كلامها وقالت :
                          روضه : كيف بتكون لحظات مؤلمه ومفرحه بنفس الوقت ؟!! ..

                          استرجعت ام خالد من ارشيف ذاكرتها لحظات ولاداتها الاربع بسرعه كبيره ، وكأنها صايره بالامس وقالت بصوت يغلب على التأثـر :
                          ام خالد : احلى اللحظات اللي اتمر على الحرمــه يا روضه .. اللحظات اللي اتشوف فيها روح ولدها او بنتها وهيه تـنبت وتطلع من روحها… روح تطلع من روح …وعشان جذيه .. انتي ما تتخيلين سعادتي يوم اشوف ولدي او بنتي وهم يشوفون نور العــالم لاول مره .. ساعتها .. انسى الألــم كلـه ... خصوصا لما أشــل وأحمـل روحي بين ايدي .. ولدي أو بنتي … فهمتي؟

                          هزت روضه راسها وهيه تبتسم وقالت :
                          روضه : هيه فهمـــت ..

                          بعد ما نطقت روضه كلمتها الاخيرة انفتح باب الصاله ، ودخل عليهم خالد بهدوء شديد، والقى عليهم السلام ، وردوا عليه السلام ، وبعدها ابتسمت روضـه بدلال وقالت وهيه تطالع خالد من طرف عينها :
                          روضه : هاه بو الوليد .. وين ياي .. اكيد ياي من عندها .. عند العروس طبعا ...صح

                          انتكست عيون خالد ونظراته باتجاه الارض ، وشعـر بضيق في صدره ، وجاوبها بجفاف :
                          خالد : لا .. كنت مع ماجد انقضي بعض الاشغال المهمــة ..

                          ما قدرت روضه انها اتخبي لهفتها فقالت :
                          روضه : وشخباره ماجــد .. عساه بخير ..

                          ومع ابتسامه خفيفه قال خالد :
                          خالد : ماجد بخير ويسلم عليج وايد ..

                          بدا الخجل واضح على ملامح روضه وهمــت انها تسأل خالد سؤال ثاني لولا تدخل امها اللي قالت بصرامه :
                          ام خالد : روضه .. سيري المطبخ وسويلنا شاي ..

                          استاءت روضه من كلام امها فرفعت صوتها وقالت :
                          روضه : وليش ما تنادين على الخدامــة عشان اتسويلكم شاي ..

                          رفعت ام خالد صوتها بغته وقالت :
                          ام خالد : الخدامة انا مرخصتنها اليوم عشان اتزور اختها في المقــام ..

                          اطالعتها روضه بنظرة شك ، وحست ان امها تباها تروح بأي طريقه ، لكنها ما اعترضت ونفذت كلام امها على طول ، واول ما غابت عن أنظارهم ، التفتت ام خالد لخالد وقالتله بصوت اقرب للهمس :
                          ام خالد :خالد .. انته ليش سألتني اليوم عن اسم ام يابر واسم امها ؟!، وانا حاولت اسألك بهذاك الوقت لكنك ما عطيتني فرصه ..

                          حرك خالد راسه في آسى وقال بصوت خافت :
                          خالد : كنا قاعدين مع ريال مطوع ، وكان يبى اسمها عشان يكشف عن مكـان العمـل ..

                          وبلهفه شديده سألته ام خالد :
                          ام خالد : ودلاكم على مكان العمل ؟!

                          طول خالد في صمته وهو ينظر لامه بنظرات حادة ثم قال :
                          خالد : هيه قالنا ..و

                          قطعت رمسته بكل شوق وقالت :
                          ام خالد : وين ؟!

                          اقترب خالد منها اكثر ، وركز عينه بعينها وقال :
                          خالد : وين تتوقعين ..

                          جاوبته على طول :
                          ام خالد : اكيد دافتنه بمكان .. او حتى فارتنه في البحر و ..

                          ارتفع صوت خالد فجأه وقال :
                          خالد : لا هذا .. ولا ذاك ..

                          وبدهشه متصاعده قالت ام خالد :
                          ام خالد : عيل .. وين ؟!!

                          جاوبها بصوت واطي :
                          خالد : في الكفـــن ..

                          فتحت ام خالد عيونها بهلع وقالت :
                          ام خالد : كفـن ؟!!

                          ناظرها خالد بنظرات تعكس ما يسكن صدره من ألم حسره وقال :
                          خالد : هيه يا اميه .. ام يابر حطت السحر في كفـن قبل لا يكفن فيه انسان ميت ويندفـن معاه في قبره ..

                          وبحركه عفويه لطمت ام خالد خدها بقوه ، وهيه ما مستوعبه ولا مصدقه الكلام اللي تسمعه ، وبعد لحظة طويله من الصمت الرهيب نطقت وقالت بصوت مرتجف :
                          ام خالد : انته شو اتقول !! معقوله ام يابر اتسوي جذيه !! معقوله الشر يوصلها فيها لها الدرجه من البشاعة !!

                          أكد خالد على كلامه وقال بعد ما ارتفع صوته :
                          خالد : هيه.. سوت جذيه!! ومن تصاريف الاقدار ان شـرها يطالنا احنا بالذات دون غيرنا .. والسبب في هذا كله … احنا … وقبل لا انلومها لازم انلوم نفسنا .. لانه… وبيدنا جلبنا ها الشـر لاعمارنا ..

                          حست ام خالد بنغـزات شديده في قلبها خصوصا انها عارفه ان خالد يقصدها بكلامه هذا ، لكنها سألته باهتمام وقالت :
                          ام خالد : وكيف قدرت ام يابر اتحـط العمل في الكفن واتكفن الميت فيه ..

                          وبهدوء شديد جاوبها خالد :
                          خالد : ام يابر كانت اتغسل واتكفـن بعض الحريم المتوفين ، وقبل لا تحضر لتكفين الميت كانت العمل داخل الكفن واتخيطــه وتخفيه تماما بحيث ما ينشاف ابدا ، وكانت اتسوي هذا عشان تضمن اختفاء العمل نهائيا ..

                          بدت على ام خالد علامات الحسره والندم والخوف في نفس الوقت ، ونزلت راسها للارض في خجل ، وما قدرت اتحط عينها بعين ولدها ، لكنها رفعت راسها فجأه وكأنها اتذكرت شي فجأه ، وقالت بانفعال واضح:
                          ام خالد : خالد .. انا الحينه اتذكرت شي ..

                          جذبت كلماتها اهتمام خالد فسألها بفضول :
                          خالد : اتذكرتي شوه ؟!!

                          وبعد لحظة تفكير بسيطه جاوبته فقالت :
                          ام خالد : لما كنت يالســه في العــزاء في بيت ام يابر ، سمعت وحده تتكلم مع رفيجتها واتقول أن ام يابر خبرتها عن شي غريب، انا ما صدقته في وقته ..

                          اتساءل خالد باهتمام شديد :
                          خالد : شو قالت ؟!!

                          تنهدت ام خالد لثواني قبل لا تقول :
                          ام خالد : قالت الحرمة إن ام يابـر سارت الحج سبع مــرات ، لكنها وفي كل سيراتها السبــع ما كانت تشــوف الكعبة ابــدا ، حتى انها كانت تلمــس الكعبة بدون ما تشوفـهــا بعينها… ** )) أحداث حقيقية واقعية وقعت لنفس المرأة (( ** ..

                          بــلغ التوتر مــداه عند خالد بعد كلمات امه الاخيره ، وأيقـن بها اللحظة صحة وصدق كلام هذاك الشيخ ، فكيف تنحجب الكعبة عن انسان الا اذا كان عاصي ربه معصية بشعة عظيمه مثل اللي سوتها أم يابــر في حياتـها … ولحظتها ما لقى خالد أي كلام ينقال… فقام من مكانه واتحرك ببطء جهة الدرج اللي يوصل لغرفته ، لكنه سمع صوت امه من خلفه وهيه اتقول بارتباك وقلق :
                          ام خالد : خالــد …

                          التفت خالد لوراه وهوه يحرك راسه بتساؤل بدون ما ينطق كلمة وحده ، وهنيه تابعت ام خالد كلامها وقالت باهتمام :
                          ام خالد : شو بتسوي الحينه .. يعني كيف بتحل ها الاشكال ؟

                          اطالعها خالد بنظرات عتاب قاسـيه مثل السهام السامــة ، وكأنه يحملها كل المسئولية ، ويلقي عليها اللــوم بما وصله من حــال ، لكنه ايضا ما اتكلم واسمتر في صمته ، والتفت خلفه مره ثانية وتابع طريقه لغرقته ، وترك أمه وراه وهيه تحترق بحسرتها وندمها وقهــرها بسبب الجرم الفظيع اللي ارتكبتة في حق ولدها ...

                          واول ما اختفى عن نظــرها ، حطت اياديها الثنتين على وجها ونزلته على الارض وبدت تبكي بحرقة وصمت .. وبها الاثناء.. دخلت عليها روضه وهيه شاله صينية الشاي ، وشافت امها وهيه بها الحالة ، وعلى طول حطت الصينية على الطاولة ، وقعدت عند امها وقالت بدهشة :
                          روضه : امايــه … شو فيج ؟!!

                          رفعت ام خالد راسها ونزلت اياديها من على وجهها فبانت دموعها السايله على خدها مما زاد من دهشة روضه وخوفها فقالت بهلع :
                          روضه : امايه .. انتي تعبانه .. شي ايعورج ؟!!

                          اطالعتها ام خالد بنظرات أليمة ، لكنها تمالكت نفسها شويه ، ومسحت دموعها ثم قالت بصوت مبحوح من أثر البكاء :
                          ام خالد : لا مافيني شي .. بس الحمل ها المرة وايد متعبني.. واحس ان بطني بينفجر من كثر الوجــع ..

                          قامت روضه من مكانها ، ومسكت امها من كتفها وهيه اتقول :
                          روضه : يا الله قومي ..

                          سألتها امها :
                          ام خالد : على وين ؟!

                          جاوبتها روضه بسرعة وحزم :
                          روضه : بنسير المستشفى او العياده.. عشان ايشوفون شو سبـب الويع اللي ببطنج ..

                          ارتبكت ام خالد شويه ، لكنها قالت :
                          ام خالد : لالا ما يحتـاي .. انا عارفه عمري .. بعد شوين بيخـوز الوجع عني و ..

                          وبعناد واصرار قالت روضه :
                          روضه : يا اميه .. انتي الحينه في الشهر الثامن .. ولازم اتراجعين العيادة عشان تطمنين على نفسج اكثر ..

                          وبعناد أشد قالت ام خالد :
                          ام خالد : يا روضه .. انا عارفه عمري زين ، وهذي مب أول مره احمل فيها .. انا الحمدالله بخير.. والآلام هذه طبيعية ، واتمر فيها كل حامل في شهرها الثامـن .

                          ادركت روضه انه لا فايده من محاولة اقناع امها ، خصوصا لما لاحظت تحسن حالة امها ، وعشان جذيه رجعت لوراها شويه وجلست على الكنبه ، لكنها اتذكرت شي فقالت :
                          روضه : عيل .. وين خالد .. ليش ما قعد يشرب الشاي معانا .؟!

                          تنهدت ام خالد فتره ثم قالت :
                          خالد : اخوج خالد تعبان شويه .. وطلع فوق في غرفته عشان ايريح جسمه ..

                          قامت روضه من مكانها وهيه اتقول بسرعه:
                          روضه : عيل بسيرله قبل لا يرقد ..

                          وبفضول سألتها امها :
                          ام خالد : شو بتسوين عنده ؟..

                          جاوبت روضه وهيه تتطالع امها بخبــث :
                          روضه : كنت ابي أساله عن شي ، وبعدين فيه اسرار خاصه بيني وبينه ما ابي يعرفها حـد ..

                          حركت ام خالد حواجبها في دهشه وقالت :
                          ام خالد : اسرار ؟! أي اسرار بعد ؟!

                          ابتسمت روضه بمكـر وناظرت امها من طرف عينها وهيه تقول :
                          روضه : مثل ما بينج وبينه أسرار ... بيني وبينـه أسرار بعد ..

                          ابتسمت ام خالد غصبن عنها وقالت وهيه ترمــي روضه بمخدة كانت ماستكنها :
                          ام خالد : الله عليج انتي يا المكارة … سيري .. سيري فكينا من خرابيطج هذي ..

                          ابتسمت روضه وهيه تتحرك على الدرج بخفه وقالت بصوت باسم :
                          روضه : بااااي ماااامي …

                          اتحركت روضه برشاقة ليما وصلت لباب غرفة خالد ، ودقت على الباب برقة ، وانتظرت ليما سمعت صوت خالد يناديها من الداخل ويقول بهدوء :
                          خالد : اتفضل ..

                          دخلت روضه الغرفه وتسبقها حشرتها المعهودة وشافت خالد وهوه قاعد على طرف السريرفقالت :
                          روضه : هــاي ..

                          ومع ابتسامه باهته رد عليها :
                          خالد : وعليكم ..

                          مشت روضه لخطوات قليله ليما وصلت للسرير وقعدت عندال خالد وقالت :
                          روضه : هاه .. طمني .. شخبار ام العيال ..

                          اتسربت موجه من الضيق لخالد لما ذكرته روضه بمريم ، لكنه مسك نفسه وقالت بهدوء :
                          خالد : الحمدالله زينه .. اتسلم عليج وايد ..

                          لاحظت روضه ضيق خالد ، فسكتت فتره وهيه اتفكر بهدوء ، وفي الاخير قالت وهيه تتطالعه بعيون قوية :
                          روضه : خالد .. انته متى زرت مريم آخر مره ..

                          نزل خالد عيونه للارض وقال :
                          خالد : يوم الخميس الماضي ..

                          زادت روضه من تركيز عينها عليه وقالت :
                          روضه : وما زرتها بعدين ؟

                          جاوبها بصدق :
                          خالد : لا .. لكن .. ليش تسألين ..

                          وبهدوء مشوب بالبرود قالت :
                          روضه : لا .. بس .. مريم مريضه من يومين .. وكان واجب ولازم عليك انك اتزورها ..

                          سألها خالد بدهشة :
                          خالد : وانتي شو دراج انها مريضه ؟!

                          هزت روضه كتوفها وهيه اتجاوبه بكل بساطة :
                          روضه : لاني اتصلت في ظبيه وهيه خبرتني عن مرض أختها ، وانته اكيد عندك خبروعلم بهذا الشي .. صح ..

                          حاول خالد تجنب نظرات روضه ، وحاول ايجاد مبرر لهذا فقال :
                          خالد : هيه ادري .. بس الصراحه .. ما ادري شو اقولج .. كنت مشغول وايد ها اليومين و ..

                          قطعت روضه رمسته وهيه اتقول :
                          روضه : شوف يا خالد .. صحيح انه مو من حقي ادخل بينكم ... لكن.. لازم اقولك وبحكم اني اختك .. انه مافي شي يمنع الريال عن زيارة زوجته عشان يطمن عليها ولو لساعة وحده ، خصوصا لو كانت مريضة ..

                          ما عرف خالد بشوه ايجاوبها وشعر باحراج عنيف ، ولهذا حاول انه ينهي ها الحوار بسرعة فقال :
                          خالد : اطمني .. عن قريب بزورها ان شاء الله.. بس الحينه خليني أنام شويه ، لاني الصراحه وااايد تعبان ..

                          قامت روضه من مكانها وهيه تتطالعه بنظرات شك قاسية ، لكنها اتحركت باتجاه الباب وقبل لا تتجاوز الباب وتطلع من الحجرة التفتت لخالد بسرعة وقالت :
                          روضه . آآ .. خالد ..كنت بسالك عن شي ونسيت ..

                          وبعد نفخه قصيره من فم خالد قال :
                          خالد : شوووه ..

                          كادت روضه انها تاكل الكلمات في حلقها من شدة سرعة رمستها لما قالت :
                          روضه : آآآ … من اسبوعين وراسي عـان علي ويعورني، واحسه بينفجر من كثر الألــم ، وظهري بعد ..احسه بينكسر ، وعشان جذيه بسألك ، انته ما اتعرف دكتور زين في دبي او الشارجة أقدر اسيرله ويفيدني ..

                          وبهدوء وبرود رد عليها :
                          خالد : وليش ما تروحين لعيادة خاصة في العين ..

                          حركت روضه اياديها بعصبيه وهيه اتقول :
                          روضه : ما خليت عيادة في العين الا ورحتلها ، بس ما شي فايدة ، كل أدويتهم اللي وصفولي اياها ما جابت نتيجة ..

                          وبعد لحظة تفكير بسيطه قال خالد وهوه يحاول ايوزعها بأي طريقه :
                          خالد : ما عليه .. انا بسألج عن عيادة زينه .. وبرد عليج خبر بعدين .. انزين..

                          هزت راسها بايجاب :
                          روضة : انزين ..

                          اتذكر خالد شي شاف انه مهم فقال :
                          خالد : روضه .. فيه طريقة ثانيه ممكن اتجيب نتيجة زينة وتشفيج ان شاء الله من اوجاعج ..

                          سألتــه باهتمام :
                          روضه : طريقة شوه ..

                          عاجلها بجوابه وهوه ايأشر بصبعه صوبها :
                          خالد : ليش ما تقومين الليل … انتي ماتدرين ان قيام الليل .. دأب الصالحين وشفــاء من الأســقام …

                          حركت روضة حاجبها بأشارة لعدم الفهم ، ولهذا سألته :
                          روضه : ما فهمت شو تقصد بالضبط .. قيام الليل دأب الصالحين وفهمته .. يعني عمل يقوم فيه الاتقياء طلبا لمرضاة الله … لكنها كيف بتكون شفاء من الاسقام ؟!!

                          فتح خالد فمه عشان ايجاوبها لكنها ما عطته فرصة وتابعت كلامها بسرعة وقالت :
                          روضة : ايوا ايوا .. انته قصدك ان الصلاة رياضة تساعد على علاج الجسم وتليين مفاصلة مثلا!!

                          ابتسم خالد وقال :
                          خالد : مع ان كلامج صحيح والصلاة فعلا تقوي البدن .. لكني ما قصدت ها الشي بالتحديد ..

                          وهنيه اتساءلت روضة باهتمام أكثر :
                          روضة : عيل .. شو تقصد ..

                          سكت خالد ثواني قبل لايجوابها ويقول :
                          خالد : ياروضة .. اللي ايقوم الليل وخصوصا الثلث الاخير منه .. اتحيط فيه واتحفه اجساد نورانيـــة ..و

                          قطعت رمسته وهيه اتقول بدهشه :
                          روضة : اجساد نورانيـــة ؟!!

                          هــز خالد راسه بايجاب وهوه يقول:
                          روضه : هيه .. اجساد نورانيه … والاجساد النورانية هيه اجساد الملائكة اللي اتحف الانسان واتحيط فيه اثناء قيامه الليل.. وها الاجساد النورانية تطلـق أشعــة خاصة.. وها الاشعة تساعد على علاج بعض الامراض المزمنه في جسم الانســان ..

                          هــزت روضة راسها بتفهم وقالت :
                          روضة : ايــوا .. الحينه فهمت .. وان شاء الله بنفذ وصيتـك ، والليله قبـل باجــر ..

                          ومع ابتسامه خفيفه من شفتي خالد قال :
                          خالد : بس سمعي .. لازم يكون هدفج الاول من قيام الليل هو الطاعة .. يعني ما تقومين الليل عشان اتصحين وبس وبعدها ما اتصحين تنقطعين …

                          شاركته روضه ابتسامته وقالت :
                          روضة : لا .. ما عليك .. الله ايقدرني واقوم الليل وانا صاحيه وبعافية قبل لا اكون مريضة وتعبانه ..

                          ابتسم خالد وهوه يغمزلها من طرف عينه ، وهنيه قالت روضة بسرعة :
                          روضة : يا الله فمان الله ..

                          رد عليها خالد :
                          خالد : فمان الله

                          طلعت روضة من الغرفة بهدوء شديد ، وسكرت الباب وراها ، ولحظتها نزل خالد راسه ولصـق خده بالطاولة وغمض عينيه ، وما حس بعمره الا وهوه غايـص في سبات عميق بعد المجهود الفكري العنيف اللي سواه ..
                          واللي ما وصلاه لأي نتيجة …
                          وما ظل بيده الا الانتظار ..
                          يوم او اثنين او ثلاثة ..
                          بكل ما تحمله هالايام من قـــرار …

                          *************************************
                          *******************************

                          يومين كاملين مروا على خالد ، وهوه ما بارح ولا طلع من غرفته الا وقت الصلاه بس .. كان طول الوقت يفكر... ويفكر .. شو بيقول لمريم.. وشو بتكون ردة فعلها لما اتعرف انه فشــل في علاج وفـك ذاك السحر الملعون .. ولهذا .. وخلال ها اليومين ماقدر خالد انه يتصل بمريم نهائيا ...

                          ومع انه يدري ان الاتصال لازم ايصيروآتي لا محاله .. لكنه ما استجرأ ابدا مواجهة المشكله أو على الأقل أجـل المواجهه .. حاله حال الكثير من البشر اللي يؤخرون مواجهة مشاكلهم أمــلا في حلها حتى لو استحال الحــــل ...
                          وكل الموجودين في البيت لاحظوا انطــوائه وانعزاله ، وسألوه عن السبب ، لكنه كان يبرر ها الشي بالتعب والارهاق وغيرها من المبررات ..

                          امــا مريم .. فكانت ناطــره على اعصابهــا ، ومستغربه من الانقطاع الطويل لاتصالات خالـــد .. واكثر عن مرة .. كانت على وشك الاتصال فيه لكنها تتراجع في آخر لحظه ظنــا منها ان خالد مشغــول في البحث عن حل لهذه المشكله ...
                          لكــن .. ولمـــا طــال الانتظــار .. وطـــال .. وبزغت شمس اليوم الثالث .. نفذت آخــر قطرات الصبر عند مريـــم ... لكنها انتظرت ليما وصلت الشمس لكبد السماء ، ثــم رفعت سماعة التلفون ودقت على رقــم خالــد .. وانتظرت على الخـــط ليما ايرد عليها خالد ..

                          وبها اللحظة كان خالد حــاط راسه على الطاوله ومغمض عينه وغرقان كالعادة في تفكير عميق .. لكنه نقــز بقوة لما سمع رنين تلفونــه ... وشعر وكأن صوت التلفون سكين تخترق صدره ...
                          ووقتها.. شعر خالد ان اللحظه اللي خايف منها وصلت ... بكل آلامها … ولا مفــر من المواجهــة ... والموت أهــون من انتظــاره ... ولهذا .. اتحرك خالد بسرعة جهة التلفون ورفعه بحركة سريعه وشاف رقم مريم .. وكان يتمنى انه ما يشوفه .. وبعدها.. ضغط على زر الارسال بكل قوته لكنه سكت فتره وبعدها قال :
                          خالد : السلام عليكم ..

                          وعلى عجل ردت عليه مريم وهيه اتقول :
                          مريم : وعليكم السلام .. اشحالك خالد ..

                          وبصوت مرتبك قال خالد :
                          خالد : الحمدالله .. بخير .. اشحالج انتي ..

                          جاوبته بسرعه :
                          مريم: نحمدالله على كل حال ...

                          طال سكوتهم بعد كلمة مريم الاخيرة ، وما قدر خالد ينطـق ولو بحـرف واحد من زود التوتر والقلق ، وهنيه اتكلمت مريم وقالت وهيه اتعاتبه :
                          مريم : وينــك … من يومين ما اتصلت ولا سألت عني … مب شأني مرتك ..

                          ما لقى خالد أي جواب واستمر في صمته وحيرته ، ومريم قاعدة تتريا جوابه على أوتار حاره من اعصابهـا .. ولما طـال صمته اكثر ويأسـت من رده قالت :
                          مريــم : عيل .. ما خبرتني .. قدرت اتحل المشكله .. يعني قدرت اتعالج السحر ..

                          وللمره الثانيه ما جاوبها خالد ، بعد ما سرى تيار عنيف من الغصة والالم في نفسية خالد واللي آثــر الصمت والسكون ، ولحظتها اتسربت سيول من القلق لقلب مريم , وادركت ان خالد عجـز عن علاج المشكلة فقالت بصوت اشبه بالهمس :
                          مريم : انته ما قدرت اتعالج السحر.. صح ..

                          شعر خالد بعجــز ما شعر فيه طول حياته .. لكنه اتكلم وجاوبها بكل مرارة :
                          خالد : الصراحه ... لا ..

                          انتفض قلب مريم بشدة ، وحست بلهب حارق من اليأس والاحباط ينهشون كيانها .. لكنها بذلت مجهود كبير عشان تمسك اعصابها ، فقالت بكل صرامة:
                          مريم : للمره الثالثه اسألك .. منو اللي مسوي السحريا خالد ؟.

                          اتردد خالد وايد قبل لايقول :
                          خالد : يا مريم .. اللي مسويه السحر عرفت خطأها وندمت أشد الندم على اللي سوته ..و

                          ما عطته فرصه ايكمل كلامه وسألته بهلجة اشد وهيه اتعيد سؤالها السابق :
                          مريم : منو اللي مسوي السحر يا خالد ؟

                          وبصوت مرتجف وخافت قال خالد :
                          خالد : أميه… أميه كانت مكلفـه حرمة عشان اتسويلها السحر ، لانها ما كانت راضيه عن زواجنا في البدايه .. لكنها .. والله شاهد .. ندمت على كل اللي سوته أشد الندم ، وتطلب منج السموحه والعفو ..

                          حست مريم بغصة فظيعة ، ومع هذا ارتفع صوتها وقالت بكل حزم :..
                          مريم : خالد ... ممكن اطلــب منك طــلب ..

                          استغرب خالد من طلبها المفاجىء ، فسألها :
                          خالد : طلب !! طلب شوه ؟!!

                          طولت مريم في صمتها ، وخالد قاعد ينتظرها في حيرة وقلق ، وفي النهاية فجرت في ويهه كلمة عنيفة اخترقت بقسوة اعماق قلبه لانها قالت :
                          مريم : طلقـنـــــــي…

                          نزلت صواعق الارض مجتمعه على قلب خالد ، وانتابــه شعور فظيع بالعجز وانشل تفكيرها نهائيا ، وحاول انه ينطق بأي كلمه ، لولا انه سمـع صوت صياح وبكاء أليم من مريم ، ويتردد صدى بكاءها في أذنه وقلبه وروحه .. وانفطر قلب خالد لبكائها وهوه يحس بمقدار الألم اللي قاعده اتحس فيه الحينه .. وبعدها .. طال صمتهم ومريم مستمره في بكائها ، وبعد فتره طويله انقطع هذا البكاء ، وبدت مريم تستعيد شجاعتها ، وقالت بصوت عالي :
                          مريم : مثل ما قلتلك .. طلقني ..

                          انفعل خالد وااايد وقال :
                          خالد : انتي شو اتقولين!! .. تبينا نطلق !! ليش!! .. انتي ما تبيني !!

                          رفعت مريم صوتها أكثر وهيه اتقول :
                          مريم : يا خالد .. انا سبق وقلتلك .. انا أحبك وابيك من كل خاطري .. لكن.. شو انسوي ..القدر والواقع يفرض علينا الفراق .. والسعادة اللي ما بتحصلها عندي ، اكيد وبإذن الله بتحصلها عند غيري ، وانا بدعي ربي ليل نهار انه يوفقك ويرزقك بالزوجة الصالحة اللي تسعدك طول حياتك .. وصدقني يا خالد .. بيظل حبك في قلبي طول ما فيه عرق ينبض .. وبتظل ذكراك حاضره في روحي في كل يوم باقي من حياتــي ..

                          ما اتحمل خالد كلامها ، ولا اتخيل ان لحظة الفراق حانت فعلا ، فبدت الدموع تتهرب من عينه وهوه ايقول :
                          خالد : مريم … لا تقولين جذيه .. حرام عليج و .

                          قطعت كلامه وهيه اتقول بخفوت :
                          مريم : يا خالد .. هذا أول وآخر طلب اطلبه منك .. واتمنى انك اتنفذه بسرعة ، واتمنى بعد انك اطرش ورقة طلاقي بأقرب وقت لو سمحت ... وهذي آخر كلمات تسمعها من لسانــي .. وما اقول الا الله ايوفقك ويكتبلك الخير في كل لحظة قادمـــة من حياتك … مع السلامه ..

                          صرخ خالد بأعلى صوته وهوه ايقول :
                          خالد : مريم .. لااااااا ..

                          ما حصل خالد أي رد أو جواب ، لان مريم سكرت التلفون في ويهه وقطعت المكالمة بعد كلمتها الأخيرة ، وخلت خالد في قمة حسرته وقهرة وعذابه ، ولحظتها رمى خالد بجسمه على السرير ، ولصـق راسه بالمخدة بقوه ، وخــر في موجه حارقه من البكاء ، واستمر في صياحه وقت طويل لدرجة ان المخدة اتبللت من كثرة الدموع اللي نزفت من عينه …وظل يبكي ليما جف الدمع من العين واتجمد الدم في القلب ..وبعدها .. ومن شدة التعب والاجهاد النفسي ، غـرق في سبات ونوم عميق … لكن عقله الباطــن ظل صاحي ويفكر ويفكر أثناء نومه ، ويدور على أي حل ، مهمن كان ...
                          واثناء ما كان نايم ويفكر ..
                          برزت في ذهنه فكره عجيبه .. او مجنونه !!
                          وبرغم انه ما نام الا دقايق قليله ، الا انه فــز من نومه بحركه حاده ومفاجأه ، ووقف على ريوله بحركه اسرع وقلبه يخفق بشده، وكأنه ما كان نايم قبل شويه .. واتحرك مباشرة صوب الطاولة واتناول التلفون واتصل بماجد على عجل ، وانتظر ثواني قليله ، لكنها مرت عليها كأنها دهر ، واول ما رد ماجد عليه عاجله بكلامه وقال :
                          خالد : ماجد .. ابيك الحينه ضروري.. ضروري ..

                          اندهش ماجد من طلبه المفاجىء وقال :
                          ماجد : الحينه مره !! ما ينفع اتأجل الموضوع لين باجر الصبح ..

                          صرخ خالد بويهه وقال :
                          خالد . لا لا .. ما ينفع .. الحينه لازم اشوفك ..

                          حس ماجد برغبة خالد الملحة بشوفته وعشان جذيه قال :
                          ماجد : انزين انزين .. انا بترياك في البيت ..

                          وبكلمات سريعه قال خالد :
                          خالد : وانا بعد دقايق بكون عندك .. مع السلامه ..

                          سكر خالد التلفون بسرعه حتى بدون مايسمع كلمه ثانيه من ماجد ، ولبس ثيابه بثواني خاطفه ، وغادر الغرفه بخطوات اسرع ، وطلع برع البيت وركب سيارته وسابق الريح ليما وصل لبيت ماجد ، ودخل البيت وكان هدفه عرض آخر فكره أو حل وصله ..
                          وكانت الفكره عجيبه بالفعل ..
                          او بالاصح كانت مجنونه ..
                          لا بل هيه الجنون بعينه !!!….

                          **********************************

                          )) انته أكيد اتخبلت !!!! ))

                          بدهشه عظيمه نطق ماجد بهذي الكلمات ، وهوه ما مصدق الكلام اللي ايقوله خالد ، ولهذا تابع خالد كلامه وقال ببرود غريب :
                          خالد : شو اسوي … ما عندي حــل ثاني …

                          وبصوت صارخ قال ماجد :
                          ماجد : أي حل .. اتسمي سيرتك للمقبـره ، وحفـر قبـر المتوفيه حل !! .. هذا الاخبال بعينه وعلمه ..

                          استاء خالد من كلام ماجد لكنه قال بحزم :
                          خالد : وانا ما اقدر اشهد بعيني ضياع زوجتي مريم عني والامل موجود بحل مشكلتنا .. ومهمن كان الحل صعب او مستحيل ..

                          وبدهشه متصاعده قال ماجد :
                          ماجد : يا خالد .. اللي ناوي اتسويه فظيع .. ها الفعـل يخاف منه اشجع الرياييل في العالم .. وانا ما اتصور ابدا انك اتسويها !! انته اكيد مب في وعيك ..

                          اشتدت صرامة خالد وقال بانفعال متزايد :
                          خالد : انا خلاص قررت .. ومثل ما قلتلك كل اللي بسويه عشان مريـم .. ومريم تستاهل الف الدنيا عشانها مب اسيرالمقبره وبس …

                          اتساءل ماجد باستنكار :
                          ماجد : يعني مريم تستاهل كل هذا !!!

                          نطق خالد وهوه يعض على حروف كلماته :
                          خالد : وتستاهل اكثر من جذيه بعد .. ومع هذا .. حبيت اقولك . انه في انسانه ثانيه بتستفيد من فعلتي هذي ..

                          حرك ماجد وهوه يسأل خالد بدهشه :
                          ماجد : إنسانه ثانيه !! منو قصدك !!

                          جاوبه بثـقـه :
                          خالد : المتوفيه نفسها .. ولا تنسى انها انسانه مسلمه والسحر الخبيث قاعد ايأذيها في قبرها ..

                          هــز ماجد راسه في تفهم لكنه اصر على عناده وقال :
                          ماجد : مهمن كان .. اللي بتسويه غير مقبول أبدا .. وحتى القانون يعاقب على الفعله هذي ويعتبرها انتهاك لحرمة الاموات ..

                          سأله خالد باستنكار :
                          خالد : ولو خبرناهم بالسالفه بيصدقون كلامنا ؟!!

                          هــز ماجد راسه بالنفي وقال :
                          ماجد : بصراحه .. ما اظن .. هذا اذا ما اعتبرونا ميانين .. خصوصا ان ما عندنا دليل واحد يثبت كلامنا ..

                          وهنيه ابتسم خالد وقال :
                          خالد : وعشان جذيه لازم اسير بنفسي للمقبره واطلع السحر ويفتك الجميع من شره ..

                          وبعناد متزايد قال ماجد وهو يصارخ :
                          ماجد : مهمن كان … ها الشي مرفوض .. مرفوض .. مرفوض ..

                          اطالعه خالد بنظرت حاره وهو يقول :
                          خالد : مرات الواقــع يفـرض علينا أشيــاء احنا رافضينا بالأســاس ..

                          ارتفع صوت ماجد بشده وقال :
                          ماجد : أي واقع هذا اللي يخليك اتسير المقبره ، وتفتح قبر أنسان متوفي ؟!!

                          وبثقه مدعومه بقوة اعصاب عجيبه قال :
                          خالد : الواقع اللي خلى أم يابر ترتكب جريمتها الفظيعه وادس السحر في كفن انسانه مسلمه ما الها ذنب في كل هذا ، واتأذيها في قبرها بها الصوره الشنيعة …الواقع اللي ممكن يتسبب في فراقي من أغلى إنسانه في حياتي … مريم ..

                          تنهد ماجد لحظات ثم قال بصوت هادي :
                          ماجد : يعني مصـر ؟!

                          وبكل ثقة قال خالد :
                          خالد : كامل الاصرار ..

                          سكت ماجد فترة اطول قبل لا يرتفع صوته مره ثانيه ويقول :
                          ماجد : بس اسمعني يا خالد .. انا مستحيل ادخل معاك المقبره ، وارجوك .. لاتحملني فوق طاقتي ..

                          اقترب منه خالد اكثر ، ومسك كتوفه برفق وبصره متركز في عيون ماجد وقال :
                          خالد : لا تخاف .. انا لوحدي بدخل المقبره ..

                          سأله ماجد بحيره :
                          ماجد : عيل .. شو المطلوب مني ..

                          ترك خالد كتف ماجد والتفت لوراه وقال وعيونه باتجاه نقطـة بعيده مـن المكـان :
                          خالد : اسمعني يا ماجد .. المطلوب منك انك تجمعلي بعض المعلومات عن المتوفية ..

                          وبفضول متواصل سأله ماجد :
                          ماجد : معلومات مثل شوه ؟!

                          التفـت خالد مره ثانيه جهة ماجد وقال بهدوء :
                          خالد : شوف يا ماجد .. الشيخ عطانا بعض المعلومات اللي ممكن تساعدنا ونستنـد فيها في بحثنا عن قبر المتوفيه .. واهم شي انه عطانا اسمها .. وانا ادري يا ماجد انه لـك اصدقاء يشتغلون بالطب الوقائي و بالسجلات المدنيه .. واكيد اهل المتوفيه طلعولها شهادة وفاة ، وبالتالي بنقدر انعرف مكان سكنها من خلال بياناتها في الطب الوقائي او من خلال بحثـنا في السجل المدني ..

                          هــز ماجد راسه بتفهم وقال :
                          ماجد : وبعدين ..

                          وبعد لحظة تفكير قصيره تابع خالد كلامه وقال :
                          خالد : وبعد ما نعرف مكان سكن المتوفيه .. اباك اتصلي بالمسجد الموجود بنفس المنطقه ، واكيد بتحصل واحد من المصلين ممن حضروا جنازتها ودفنها … وساعتها ابيك تسأله بدقه عن مكان القبر ..

                          فتح ماجد عيونه من الدهشه واتساءل :
                          ماجد : واذا قالي ليش تسأل عن قبر المتوفيه شو اقوله ؟!

                          وبهدوء مشوب بالحذر جاوبه خالد :
                          خالد : ساعتها بتقوله انك واحد من أهل المتوفيه البعيدين ، وانك ما حضرت عزاها لانك كنت مسافر ، وانك حــاب اتزوهــا في قبرها عشان اتسلم عليها وتدعيلها ..

                          اتفهم ماجد لمقصود خالد لكنه ما نطـق بكلمه ، فتابع خالد كلامه وقال :
                          خالد : وفيه نقطه ثانيه قالها الشيخ .. ممكن اتساعدنا او اتخفف من صعوبة استخراج السحر من القبر ..

                          وباهتمام وفضول اتساءل ماجد :
                          ماجد : شو قصدك ؟!

                          قال خالد وهوه ايأشر على كتفه الايسر :
                          خالد : الشيخ قال ، ان السحر موجود في الكتف الايسر للمتوفيه ، وانته اتعرف تماما ان الميت يندفن على طرفه الايمن ، يعني بعد ما أحفرالقبر بيواجهني الكتف الايسر مباشره ، وساعتها بعمل شـق خفيف في الكفـن وبطلع السحر مباشرة وبينتهي كل شي بإذن الله ..

                          نزل ماجد براسه للارض وغرق في تفكير شديد قبل لايقول :
                          ماجد : وانته من الاساس .. متأكد من كلام هذاك الشيخ .. مب احتمال ايكون كلامه كذب ..

                          هــز خالد راسه بالنفي وقال :
                          خالد : والله ممكن .. والعلم عند الله .. لكن هذا أملنا الحالي .. ولازم نتمسك فيه للآخر .. وبعدها .. لكل حادث حديث .. واكيد بنرضى بقدرنا مهمن كان أليم .. لكن في البدايه لازم انحاول ونسلك كل الطرق في سبيل تحيقق أملنا ..

                          حرك ماجد اصابعه بعفويه وقال :
                          ماجد : ومتى بتسير المقبرة ؟

                          انعقدت حواجب خالد بشده وقال :
                          خالد : والله لين الحين ما حددت ..بس .. ليش ما نسير باجر و ..

                          قاطعه ماجد بسرعه وقال :
                          ماجد : لالا ماينفع .. لاباجـر ولا بعده ..

                          سأله خالد :
                          خالد : ليش ؟!

                          جاوبه ماجد :
                          ماجد : اول شي لازم تعطيني وقت كافي عشان اجمعلك كل المعلومات ، وبرايي.. احسن وقت اتسير فيه المقبرة هوه يوم الجمعه ..

                          حرك خالد بوزه يمين ويسار وقال :
                          خالد : وليش يوم الجمعه بالذات ..

                          ارتفع صوت ماجد شويه وقال :
                          ماجد : لان زيارة الاموات تكثر يوم الجمعه ، ولو حد شافك بيظن انك ياي اتزور حد من اهلك ..

                          اندهش خالد من كلامه وقال :
                          خالد : بس انا ناوي أسير المقبرة بالليل ، يعني بعد صلاة العشى مباشرة عشان ما يحد ايشوفني .. والزيارات موعدها العصر !!

                          ابتسم ماجد وقال :
                          ماجد : انا عارف ها لشي وادري ان الزياره في العادة موعدها العصر من كل جمعه ، ولكن بنستغل ها النقطه بالذات… يعني لو حد شافك في الليل ، وسألك ليش ياي بها الوقت المتأخروليش ما ييت العصر مثلا .. بتقوله انك ياي من مكان بعيد ووصلت متأخر .. وانك لازم ترجع بيتك اليوم .. ولهذا ييت في ها الوقت المتأخر من الليل عشان اتزور الميت واتسلم عليه … فهمت ..

                          استوعب خالد منطق ماجد وقال :
                          خالد : هيه فهمت .. بس اليوم هوه يوم الثلاثاء ، يعني لازم ننتظر ثلاثة ايام كامله عشان انسير هناك ..

                          رد عليه ماجد :
                          ماجد : شو انسوي .. لازم نصبر..

                          أكد خالد على كلامه لما قال :
                          خالد : الله ايصبرنا واتعدي ها الايام على خير …

                          سكت خالد نهائيا بعد كلمته الاخير ..
                          ولمعت عيونه ببريق التحدي والاصرار ..
                          الاصرار على هذي المهمه الصعبة ..
                          او بالاحرى المجنونـــه …

                          *************************
                          *******

                          مثـل عادة كل الايام ، مرت الايام الثلاث كأنها ثواني أو أقل ، او نقدر انقول مرت كطرفة عين لا اكثر .. والعمر كلها يمضي بثواني فما بالنـا بأيــام ثــلاث !!
                          وبعصــر يوم الجمعة .. وفي بيت بو مريم .. وفي صالة البيت بالتحديد .. قعد بومريم بجانب زوجته ام مريم .. واثناء ما هم يسولفون .. اتبادر لذهن بومريم أمـر مهم شاف انه غير طبيعي فقال :
                          بومريم : ما تلاحظين شي غريب يا ام مريم ..

                          جذبت كلمات بومريم اهتمامها فسألته :
                          ام مريم : شي غريب؟! مثل شوه يعني !!

                          حرك بومريم ايده في قلق وقال :
                          بومريم : ما تلاحظين ان خالد ريــل مريم ما يزورها مــول ، وانا ما اذكر انه زارها الا يوم الخميس القبـل الماضي ، وما طولت زيارته اكثر من دقايـق بـس ..

                          انعقدت حواجب ام مريم بشدة وقالت :
                          ام مريم : الصراحة ..هيه .. ملاحظة ها الشي .. وكنت بقولك نفس الشي .. بس خفت اتقولي اني ادخل بخصوصيات الريال وحرمته ..

                          انفعل بومريم ، وقال وهوه يطالع ام مريم بنظرات حادة :
                          ام مريم : أي خصوصيات يا حرمــه .. الريال لازم يسأل عن حرمته ويطمن عليها خصوصا لو كانت مريضة ..

                          ما لقت ام مريم أي اجابه معقوله لسؤاله ، ففضلت السكوت ، ولهذا تابع بومريم كلامه وقال بقلق متزايد :
                          بومريم : تبين الصدق …انا خايـف ..

                          وبحيـره وقلق سألته :
                          أم مريم : خايف من شووه ؟! ..

                          طال صمت بومريم هالمرة وبعدها جاوب وهو يحرك راسه بتوتر :
                          بو مريم : أنا خايف مـن نـدم خالد على زواجه من مــريم .. يعني كون انها متزوجة من قبــل .. والشباب ها الايام ايغيرون رايهم وتفكيرهم بين يوم وليلـة ..

                          انرعبــت ام مريم من توقعه ، وحست بمنطقيته بعض الشي ، لكنها حاولت تنفي هالتوقع فقالت :
                          بومريم : مو معقولة !! مريم ما قالت لي شي ولا اشتكت من شي ..

                          ارتفع صوت بومريم اكثر وقال :
                          بومريم : انتي اتعرفين طبع بنتج زين .. كتومــه .. وما تشكتي .. ودايما تخفي آلامـها وحزنها داخل قلبها ..

                          هــزت ام مريم راسها تأكيدا لكلامه وقالت :
                          ام مريم : صدقت والله .. وانا ملاحظة بعد ان مريم مب طبيعية ها الايام .. يعني تســرح وايــد وما تطلع من غرفتها مثل قبل ..

                          نكس بومريم براسه للارض في غصة وقهر ، لكنه رفع راسه بغته وهوه يقول بهيجان شديد :
                          بومريم : لكن لا ... كرامــة بنتي فوق كل شي .. هوه شو فاكرنها ...

                          التفت بومريم صوب زوجته وصرخ فيها بعصبية مرعبه :
                          بومريم : وين بنتج مريم ؟

                          اندهشت ام مريم من سؤاله المفاجىء عن مريم فقالت بعد ما ارتفع صوتها شويه :
                          ام مريم : شو تبى بمريم ؟!!

                          صرخ بويها بصوت أعلى وقال وهوه يعض على حروف كلماته بشده :
                          بومريم : قلتلج .. وين مريم ..

                          بلعت ام مريم ريقها بصعوبه وهيه مرعوبه من ثورته وقالت بصوت واطي :
                          ام مريم : مريم فوق .. فوق .. في غرفتها ..و

                          وبثورة أشد صرخ بومريم :
                          بومريم : ناديها بسرعة ..

                          نفذت ام مريم أمـــره بسرعه وهيه اتقول بهلــع :
                          ام مريم : ان شاء الله .. ان شاء الله ..

                          سابقت ام مريم الريح وهيه تصعد بسرعة كبيره على الدرج ، وبعد ثواني قليله ، كانت راجعه ومعاها مريم واللي نزلت بهدوء وارتباك واضح ، واتضاعف ارتباكها أكثر لما شافت النظرات الساخنة ، والشـرر اللي يتطاير بغزارة من عيون ابوها .. وصرخ بويها وقال :
                          بومريم : مريم .. شو سالفتج مع خالــد ..

                          كانت الصرخه من القوه بحيث اقشعـر لها بدن مريم كله ، ووصل صدى الصرخه الى غرفة ظبيه واللي طلعت مفزوعه من غرفتها ونزلت بسرعة ليما صارت خلف مريم تماما وهيه اتوزع نظراتها على الكل في حيرة ، ولاحظت ظبيه ارتباك مريم الشديد واللي جاوبت ابوها وقالت بصوت اشبه بالهمس :
                          مريم : آآآ .. خالد !! مافي شي ابويه .. احنا زينين و

                          قطع كلامها بصراخه وقال :
                          بو مريم :لالا.. أكيد فيه شي .. تصرفات خالد معاج مب طبيعية ابدا .. وانا عمري ما شفته زارنا في البيت غير هاييك الدقايق القليلة اللي اتقولين انه زارج فيها .. وحتى يوم طحتــي مريضه ما فكــر يسأل عنــج ..

                          ازداد ارتباك مريم ، وما عرفت بشوه اتجاوب ، فاستمرت في صمتها وتوترها ، فتابع بومريم كلامه الشديد وقال :
                          بومريم : ليش ساكته ؟! ارمســي .. قولي ..

                          نكست مريم براسها للارض وهيه تتجنب نظرات ابوها القاتلــة ، وهنيه ازداد هيجان بومريم وقال :
                          بومريم : هوه يتحرى بنات الناس لعبة عنده ؟!..أو لانه شافج مطلقه فاتحراج بنت بايــرة وبيلعب فيج على كيفه ..

                          رفعت مريم راسها بسرعة واستجمعت بعض من شجاعتها وقالت بحزم :
                          مريم : لا يابويه .. انا السبب ..

                          صمت ابوها لحظة وعلامات الدهشه مرسومه عليها وقال :
                          بومريم : انتي السبب ؟!!

                          جاوبته وهيه تتصنع الصدق :
                          مريم : هيه يا بويه انا السبب .. احنا الصراحه ما تفاهمنا .. وكنا مختلفين على اشياء وايده .. وحسيت اني ما ارتاحله ، وعشان جذيه انا الحينه ما ابغيه ، وأبي الانفصال عنه ..وانا فعلا طلبت منه ايطرش لي ورقة طلاقي بسرعه ..

                          ما استحملت ظبيه كلام مريم وهيه العارفه السبب الحقيقي لبعد خالد عن مريم ، فادخلت بسرعة وانفعال وقالت :
                          ظبيه : لا يا بويه.. السالفه هيه ..

                          التفتت مريم صوب ظبيه وصرخت بويها بعصبيه هايله وقالت :
                          مريم : ظبيــه ..

                          اتجمدت الحروف في حلق ظبيه بعد صرخة مريم الاخيره ، ومريم تطالعها بعيون حاره ، وكأنها تطلب منها الصمت وعدم التدخل .. وهنيه اتحرك بومريم من مكانه ليما وايه مريم مباشرة ، وركز بصره في عيونها وقال :
                          بومريم : ما تعرفين اتجذبين يا مريم … وحتى في المرة الاولى لما قلتيلي ان ريلج كان مستعيل وما قدر ايتم وايد ، ماكنت مصدقنج ابدا ..

                          انتظر بومريم جواب منها لكنها طولت في صمتها ، وفي النهاية اتكلمت بصعوبة وتعلثهم وقالت :
                          مريم : لا يا بويه .. صدقني .. انا اللي ما بيـه ..

                          ارتفع صوت ابواها بغته وقال :
                          بومريم : تقدرين تحلفين انج ما تبينه ؟!

                          انتكس راس مريم وهيه اتعض على شفايفها بألم وحرقة، وما قدرت تنطق بأي حرف ، وهذا اللي خلى بومريم يصرخ بحسرة وغصة ويقول :
                          بومريم : أخ .. معقوله ..معقولة انخدعت في خالد .. معقوله خالد جذيه؟!! .. مع اني يوم شفته اتحريته ريال زين.. لكن .. شو اقول .. صدق إن المظاهر خداعة ..

                          حست مريم بغصة شديدة بسبب الكلام اللي ينقال بحق خالد ، لكنها ما قدرت ادافع عنه عشان ما ينكشف السبب الحقيقي للفراق وتنهـز صورة أهل خالد في نظرهم ، ففضلت السكون مهمن كانت نتيجته ، وهنيه تابع بومريم ثورته وهيجانه وقال بحزم :
                          بومريم : انا لازم احــط حد لك هذا .. وهالخالد لازم يحترم نفسه ويعرف كيف يعامل بنات العرب .. وانا الحينه باتصل في ابوه وبقوله عن كل شي ..

                          سكت بومريم ثواني وهوه ايطالع بعيون مريم في شدة ثم تابع كلامه وقال بحزم :
                          بومريم : ويا أمــا يعاملج باحترام ويحشمج حالج حال كل البنات .. يا أمــا تفترقون ومثل ما دخلنا بالمعروف نطلعه بمثله ، وكرامة بنتي فوق كل شي ..

                          ارتــج قلب مريم بهلع وحاولت تمنع ابوها عن ها الشي عشان ما ينحرج خالد مع ابوه فقالت بتوسل شديد :
                          مريم : لا يا بويه .. ارجوك .. خلني انهي كل شي مع خالد بنفسي ، ولا ادخل ابوه في السالفه و .. صدقني يا بوي .. انا سبب الطلاق وانا اللي طلبته و ..

                          قطع بومريم كلامها بصوت هادر وهو ايقول :
                          بومريم : بس .. ولا كلمة .. المواضيع هذي يتكلمون فيها الرياييل .. والحينه سيري غرفتج ولا تدخلين في سوالف الرياييل .. فهمتي ..

                          نفذت مريم أمر ابوها في مرارة واتحركت ببطء على الدرج ، وقلبها يعتصر بالألــم خوفا على خالد وعلى مشــاعـر خالد ، لكن ما بيدها شي ..
                          وكل اللي تقدر اتسويه الحينه ..
                          انها تدعي لخالد ..
                          عـل وعسى ..
                          يخفف الله عنه محنتــه ..

                          ***************************
                          ********************

                          بعد صلاة المغرب بدقايق ، وفي بيت بوخالد بالتحديــد ، انفتح باب الصالة بقوه ، ودخل من خلاله بوخالد ، وكانت دخلته سريعه وعلامات الغضب والضيق مرسومه على ويهه ، واول ما شاف ام خالد قاعده على الكنبه صرخ في ويها بأعلى صوته وقال :
                          بوخالد : خالد ولدج وين ؟!!

                          زاغت ام خالد من صراخه المرعب ، وبحركة لا ارادية حطت ايدها على صدرها في هلــع وهيه اتقول :
                          ام خالد : بسم الله الرحمن الرحيم .. شو فيك يا بوخالد .. ليش اتصارخ ..

                          استمر بوخالد في صراخه العنيف وقال وهوه ايحرك ايده بشدة :
                          بوخالد : ليش اصارخ ؟! اسألي ولدج خالد يا ام خالد ..

                          وبدهشه متصاعدة قالت :
                          ام خالد : ولدي خالد .. ليش .. شو امسوي خالد ؟!!

                          جاوبها بكل عصبية :
                          بوخالد : تسأليني شو امسوي خالد ؟!…خالد ولدج فشلنا جدام العرب..

                          مافهمت ام خالد مقصودة فسألته باهتمام وتعجب :
                          ام خالد : أي فشيله وأي عرب !!!

                          انتظرت ام خالد ثواني قبل لا تسمع الجواب مع نبرة انفعالية عالية من بوخالد وهوه ايقول :
                          بوخالد : خالد ولدج هامــل بنت الناس وما مسولها أي اعتبار .. لا يزورها ولا يسأل عنها حتى وهيه مريضة ، وابوها اتصل فيني قبل شويه وهو يتشكى منه
                          وايد وايد ..

                          نكست ام خالد راسها في خوف وتوتر ، وحاولت ادور على أي سبب يبرر سلوك خالد فقالت بصوت مرتجف :
                          ام خالد : يا بوخالد … يمكن خالد مشغول و .

                          قبل لا تكمل كلامها سمعت صرخه عنيفه من بوخالد لما قال :
                          بوخالد : أي شغل يا حرمه .. مافي شغل في العالم يمنع الريال عن حرمته ..

                          ما حصلت ام خالد أي رد لكلامه ، وظلت الحروف جامدة في حلقها ، فتابع بوخالد كلامه وعصبيته وقال :
                          بوخالد : بومريم ايقول .. اذا ما اصطلب ولدج وصار ريال .. وعرف قدر حرمته وحشمها .. ما بيشوف رقعة ويها ابدا ، واحسله يطرش ورقة طلاقها اليوم قبل باجــر ..

                          اتزلزل قلب ام خالد لما سمعت كلمة الطلاق ، وبدا العرق بتصبب بغزارة من جبهتها وهيه تسأل بوخالد :
                          ام خالد : وانته شو قلتله ؟!

                          ما انتظرت ام خالد وايد قبل لا يعاجلها بجوابه فقال :
                          بوخالد : وشو تبيني اقوله !! انا اصلا ما لي ويـه اكلمه .. معاه حق في كل كلمة قالها .. هذي بنته ومن حقه يدور على مصلحتها ويحفظ كرامتها ، وانا الصراحه لاحظت من كلامه انه ايفضل الطلاق بعد ما خـاب أملـه في ولدج خالد .. وانه ما عاد يثق بولدج خالد ولا يقدر يأمنه على بنته بعد اللي شافه من أهماله ..

                          همــت ام خالد انها اتقول شـي ادافع فيه عن ولدها.. لكن .. وقبل لا تنطق بكلمة سبقها بسؤاله فقال :
                          بوخالد : عيل .. ما قلتيلي .. خالد ولدج وين ؟!

                          جاوبته بصدق :
                          ام خالد : خالد ولدك طالع من العصر ، ولين الحينه ما رد ..

                          اتحرك بوخالد ببطء وقعد على الكنبه وهوه يقول :
                          بوخالد : ما عليه .. يوم يرجع بيكون لي تصرف ثاني معاه ..

                          طال صمت بوخالد بعد كلمتة الاخيره ، وهدت اعصابه شوي ، واتحولت مشاعره من الغضب الى الحسرة والحيرة وهوه ايقول بغضة :
                          بوخالد : معقوله خالد ولدي ، تربيت ايدي ايسوي جذيه !!

                          تمنــت ام خالد في ها اللحظة ان السانها ينطق ويبري ولدها من ها التهمه ، وتمنت انها تعترف لبوخالد بكل شي ، لكنها خافت ، وفضلت كتمان الغصة والقهر في قلبها ، وعشان جذيه التزمت الصمت الشديد ، ولحظتها اتكلم بوخالد وقال بحرقه وحيرة :
                          بوخالد : مـدام انه ما يباها من البدايه ، ليش ايورطنا مع الناس ويخلينا نطلبها منهم !!! .. يعني غلطنا لما عطيناه كامل حريته في اختار زوجته!!! .. واحنا عمرنا ما جبرناه على شي .. ليش ايسوي جذيه ليش .. ليش يا خالد ليش ؟!! …

                          نطق بوخالد كلماته الاخير وهوه مايدري انه خالد وبها اللحظة بالذات يستعد للروحه لمكان يخاف منه اشجع الريايلل .. وكل هذا عشان منـو ؟!! … عشان مريم ..

                          *************************************
                          ******************************

                          بعد صلاة العشاء بحوالي عشرين دقيقة ، وعند الموعد المحدد ، جلس خالد بجانب ماجد واللي كان يقود سيارته باتجــاه المقبرة ، وكان خالد لابس ثـوب أسود داكــن ، وهدفه من هالشي التستر في ظلام الليل لما ايكون هناك .. هناك في المقبره .. وظلوا ساكتين في الدقايق الاولى من تواجدهم بالسيارة ، قبل لا يقطع ماجد ها الصمت لما قال :
                          ماجد : سويت كل اللي قلتي عنه يا خالد ، وجمعت لك كل المعلومات المطلوبة ..
                          وبفضول شديد سأله خالد :
                          خالد : الحقني فيها الله ايخليك ..

                          استرجع ماجد في ذهنه كل المعلومات اللي عنده وقال بهدوء :
                          ماجد : سألت ربيعي اللي ايداوم بالطب الوقائي وربيعي الثاني بالسجل المدني، فقالوا لي ان الحرمة المتوفية ساكنه المرخانية القديمة ، حتى انهم دلوني على مكان بيتها بالضبط ، وعشان جذيه .. رحت المرخانية وقت صلاة الظهر ، وصليت في المسيد الموجود هناك ، وسألت أحد المصلين اذا كان ايعرف هذي الحرمة ، وفعلا .. طلع ايعرفها وقال انه شارك في جنازتها ودفنهــا .. وقال انها حرمه معروفه بطيبتها وصلاحها ومحبوبـه بين كل اهل الحي ..

                          سكت ماجد بد كلامه الاخير مما دفع خالد لان يتكلم ويلح عليه ويقول :
                          خالد : هاه .. شو صار بعدين ؟

                          تنهد ماجد لحظات قبل لايقول :
                          ماجد : انا سألت الريال عن مكان المقبره ومكان قبر الحرمة بالتحديد ، وطبعا الريال استغرب من كلامي وسألني عن السبب ، وانا بررتله طلبي هذا لما قلتله اني اصير واحد من أهلها البعيدين ، وما قدرت احضر جنازتها ، وانا الحين حاب ازور قبرها عشان اسلم عليها وادعيلها بالرحمة ..و

                          قطع خالد رمسته وهوه يسأله بتلهف زايد :
                          خالد : والريال .. صدق كلامك ؟

                          هــز ماجد راسه بايجابيه وقال :
                          ماجد : هيه .. صدقني ودلاني بدقـة على مكان القبــر .. لكن ..

                          اهتــز قلب خالد وهوه يسأله :
                          خالد : لكن شوووه ؟

                          انقعد حاجب ماجــد وهوه يقول :
                          ماجد : الريال قالي شي غريب ..

                          اتساءل خالد بسرعه :
                          خالد : شو قال ..

                          وبعد فترة هدوء طفيفه قال ماجد :
                          ماجد : الريال قال ، ان زوجته اتعرف اخت المتوفيه زين ، وهيه اربيعتها من زمان .. وقال ان زوجته نقلت كلام غريب عن اخت المتوفاة بعد وفاتها ..

                          ازداد فضول خالد وهوه يسأل ماجد باصرار شديد :
                          خالد : شو قالت ؟!

                          ما جاوبه ماجد لانهم وصلوا لمنطقة فيها دوار صغير ، وبعد ما عدوا الدوار جاوبه ماجد وقال :
                          ماجد : قالت زوجته وهيه تنقـل كلام اخت المتوفاة ، ان اخت المتوفيه وبعد ما توفت اختها ، كانت تحلم بصورة متكرره بحلم غريب ..

                          اشتد فضول خالد وقال :
                          خالد : حلم شوو ؟!!

                          وبهدوء مشوب بالدهشه جاوبه ماجد :
                          ماجد : كانت تحلم باختها المتوفية وهيه اتيـيها في المنام ، وكانت اتشوفها وهيه اتصيح وتبكي بغزاره ، ولما تسألها عن سبب صياحها ، كانت اتأشر صوب كتفها الايسـر ، واتشوف جمرة حامية فوق الكتف الايســر ، وعلى طول اتقوم من النوم مفزوعه من هذا الحلم ..

                          صمت ماجد لحظة قبل لا يتابع ويقول :
                          ماجد : وهيه مستغربه وايد من ها الحلم ، لانها اتعرف اختها زين واتعرف صلاحها وتدينها وانها كانت حرمه خايفه ربها ومواظبه على كل العبادات، وعشان جذيه سألت واحد من مفسري الاحلام عشان ايفسرلها ها الحلم ..و

                          قطع خالد كلامه بشده وقال :
                          خالد : وشو قالها المفســر ؟!

                          وباستنكار واضح جاوبه ماجد :
                          ماجد : قاللها المفسر ، ان اختها ارتكبت ذنب كبير في حياتها ، وها الذنب معذبها في قبــرها !!! وقال ان الذنب اتشكل بصورة جمرة حامية لاصقه في كتفها الايسر، واستند في تفسيره هذا على رؤية الكتف الايسر ، وقال ان العاصي يستلم كتابه في شماله وبالتالي فانها قاعدة تستلم ما جنته من معصية على شكل جمرة في كتفها الايسر !!!

                          ابتسم خالد بسمة استنكار وتعجب وقال :
                          خالد : الظاهر ان اخونا المفسـر ، فسرها حرفيا بدون ما يعرف شو الاحداث والظروف اللي مرت فيها وعاشتها المتوفيه ، وكأنه عالم الغيب ..

                          رد عليه ماجد باستنكار مماثل :
                          ماجد : المفسرين الهم الظاهر وما يعرفون ببواطن الامور ، ومثل ما قلت ، المفسر ما يعرف بكل الاحداث والظروف اللي مرت على الانسان في حياته ، ويمكن نلقى اثـنينه يحلمون نفس الحلم وبنفس التفاصيل ، ولكن لكل حلم نفسير مختلف ، لانه يختلف باختلاف ما مــر في حياتهم من مواقف واحداث ….

                          هــز خالد راسه في تفهم وقال :
                          خالد : معاك حق .. بس ها المفسر خوف اخت المتوفاة وخلاها اتخاف على اختها واتظن السوء فيها ..

                          تنهد خالد فترة وبعدين تابع كلامه وقال :
                          خالد : بس تدري يا ماجد .. حلم اختها هذا زادني اصرارعلى فتح قبرالمتوفيه ، عشان اخلصها من ها السحر ، وترتاح منه للابد بإذن الله ..

                          اطالعه ماجد بنظرات مرتجفه وقال :
                          ماجد : انا لين الحينه ما تتصور ولا متخيل ، انك بتدخل مقبره بها الليل وتحفر قبر انسان ميت !! انا كل ما اتخيل ها الشي تنتفض كل شعر من جسمي من الخوف ..

                          وعلى الرغم من شدة الموقف ابتسم خالد وقال :
                          خالد : انا بنفسي ما متخيل هالشي .. لكن .. ما عندي خيار ثاني .. هذا قدري ولازم اواجهه واتحمله بكل ما فيه من آلام ..

                          مرت لحظات طويله من الصمت الرهيب وهم يتحركون بالسيارة ، ومشت السيارة مسافات ومسافات ، ليما وصلوا لشارع شبه خارجي وبعيد عن العمران ، واتحركوا فيه مسافات ثانيه ، قبل لا يدخل ماجد في فتحه فرعيه على جانب الشارع ، ويمشي فيها مسافات قصيرة في طريق مب مرصوف او مب معبد ، قبل لا يوقف ماجد السياره فجأه ، مما دفع خالد لان يسأله ويقول :
                          خالد : شو فيك؟ ليش وقفت ..!!

                          بدا الخوف واضح على ملامح ماجد وقال وهوه ايأشر على مكان بعيد شويه :
                          ماجد : شوف خالد ... هذيك هيه المقبرة .. وانا وقفت هنيه عشان ما نثير الشبهات من جهة ، وعشان اراقب حركة السيارات هنيه لاني خايف اتمر جنازه من هنيه وانته داخل المقبرة ..

                          بدا التأثر واضح على وجه خالد وهوه يطالع المقبرة وهذا اللي خلى ماجد يسأله بفضول ويقول :
                          ماجد : انته ياي المقبره هذي من قبل ؟!

                          وبعد لحظة صمت طويله هــز خالد راسه وقال :
                          خالد : هيه .. يا ينها من قبل .. المقبرة هذه مدفون فيها اثنين من أهلي .. جدتي أم ابـوي ، وبنتها الكبيرة واللي اتصير عمتي طبعا .. الله يرحمهم جميعا ..

                          شاركه ماجد مشاعره وقال بأسى :
                          ماجد : الله يرحمهم ويغفر لهم ..

                          استمر خالد في تأثره وبدت عليه علامات الندم والحسرة وهوه يقول :
                          خالد : اتصدق يا ماجد .. انا مقصر وايد في حقهم .. لاني من زمان ما زرت قبرهم .. والارحام الموتي محتاجين للزيارة أكثر من الاحياء .. لان الدعاء بالرحمة أغلى ما يتمناه الميت ويسعد فيه ..

                          أكــد ماجد على كلامه وقال :
                          ماجد : صدقت والله ..

                          التفت خالد صوب ماجد وقال :
                          خالد : وعشان جذيه لازم ازورهم الحينه مره قبل لا اسوي أي شي .. بدعيلهم بالرحمة وباستمد منهم الثبات ان شاء الله ..

                          نزل خالد راسه في تأثر ، لكنه استجمع شجاعته وقال :
                          خالد : المهم.. ما نبى انضيع وقت ..وانته زين يوم وقفت بعيد عشان اتحذرني اذا يت جنازه ، ويكفي انك ادقلي رنه وحده بس وانا بانخش على طول ..

                          فتح خالد باب السياره ، وحمل معاه حقيبة السوداء واللي كان فيها عدة الحفر وبعض الاغراض الصغيرة ، واستعد للروحه للمقبره ، ولحظتها طلع ماجد ورقه صغيره من الدرج الايمن وناوله لخالد وقال :
                          ماجد : هذي الورقه مرسوم فيها مكان القبر بدقه ، وعلى فكره ترى القبر فوقه شاهد وبتلاقي اسم الحرمه مكتوب عليه..

                          هــز خالد راسه بتفهم ، وهم انه يتحرك لولا انه سمع صوت ماجد وهوه ايقول بـتأثر :
                          ماجد : خالد …

                          التفت خالد صوبه واطالعه بنظرة تساؤل ، ولهذا تابع ماجد كلامه وقال ولسانه يرتجف من التوتر :
                          ماجد : الله وياك يا خالد ..

                          اطالعه خالد بنظره حاده وحزينه بنفس الوقت لكن بدون مايجاوبه ، واتحرك بخطوات حذرة جدا وهو يطالع يمين ويسار عشان يتأكد من خلو المكان ..

                          ومشى خالد لمسافة مائتين متر على الاقل قبل لا يوصل لباب المقبرة ، واول ما وصل بابها رفع عينه للسماء وشاف القمر واللي كان على شكل ( نص بدر ) و كـان عاطي اضاءه خافته في المقبرة لكنها كافيه للتحرك فيها ، ولما عدى خالد واتجاوز باب المقبرة حس بوحشه شديده، وعشان جذيه بدا الخوف والتوتر بالتدفق و بغزاره لقلبه ، خصوصا وهوه يشوف الكم الكبير من المقابر فيها ، وبدا عليه الاضطراب وهو يتنقل بينها ، وكان يمشي ببطء ليما وصل لقبر جدته ، وعلى يمين قبرها بالضبط ، شاف قبــر عمته ، لانها توفت بعد جدته بأشهر قليله فدفنوا البنت بجانب قبر امها تمامــا ..

                          وعند قبرهم … الجده والعمة ..ما اتحمل خالد نفسه ، وبدت دعوعه اتسيل ، والخشوع بلغ حده وهوه يشوف اللي كانوا من أعز الناس عنده في هالدنيا ، مدفونين الحينه تحت هالتراب الموجود تحت ريوله...
                          واللي أثر فيه اكثر وزاده خشوع ورهبه ، وجود قبر جدته عدال قبر عمته تماما .. ولهذا .. قال وهو يكلم نفسه بهمس خفيف :
                          خالد : يا سبحان الله … مثل ما كانت يـدتي تحتضن بنتها وهم احياء على ويه الارض .. الحينه .. قاعده تحتضنها وهم أموات تحت سطح الارض ….
                          يا الله … كنا انزروهم وهم احياء ، والحينه انزورهم وهم أموات ، وبيي اليوم اللي بننزار فيه لما انصير في يوم تحت هذا التراب ..

                          التفت خالد صوب قبرعمته ، ورمى بنفسه على الارض ، ولامست ركبتيه ترابها ، وامتدت ايده اليمنى باتجاه القبر ، ومسك بايده حبات رمل صغيره ، وحملها ببطء ، وجعلها تنساب وتسقط من ايده ببطء اكثر.. وبها اللحظات استرجع خالد شريط طويل من ذكريات الماضي .. ذكرياته البعيده مع عمته المرحومه المدفونه تحته في الارض .. اتذكر يوم كانت اتـنومه في حضنها لما كان صغير ، ويوم كانت تشتريله احلى الالعاب ، واتذكر يوم كان يحتمي فيها عشان تحميه من أمه لما كان يتشيطن و يغلط وهوه صغير …
                          ذكريات طويله ما الها وجود الا في خياله .. بعد ما اندفنت صاحبتها تحت التراب ... ولحظتها .. سبح قلب خالد في بحر من الخشوع ، وأيقن تمام اليقين هــوان هذي الدنيا.. ورخصها .. هذا اذا الها ثمن اصلا … وان حياة الانسان بأكملها مب أكثر من ومضه خاطفة اتمر بلمح البصر او حتى اقـل ..

                          وبعد لحظات الخشوع هذه ، رفع خالد بايده للسماء ، ودعــا لعمته وجدته بأحر واصدق الدعاء .. واتوسل للرحمن ليدخلهم في ملكوت رحمته ويدخلهم ارفع جناتـــه …

                          وبعدها.. وقف خالد على ريوله مره ثانيه ، وودع جدته وعمته ، ثم التفت للخلف واتحرك جهة قبر الحرمة المتوفيه عشان يكمل مهمته ويطلع السحر منه ..

                          وأثناء ما كان يمشي ، بدت اتهاجمه مجموعة من الهواجس والوساوس المخيفة ، ومما ساعد على زيادة هذي الوساس صمت المكان ووحشته وظلمته ، بحيث بدأ يتخيل وكأنه يسمع مجموعة من الناس وهيه تتعذب في قبورها ، واللي زاد من ها الشعور هو علمه او يقينه بأن بعض الناس فعلا تتعذب في قبورها ، وان الألــم اللي ايعاني منه بعض الناس تحت تراب الارض اشد بكثير من الألــم اللي ايعاني من الناس فوق تراب الارض ، وإن آلام وصريخ الناس تحت الارض يسمعها كل دواب الارض ما عدا الانسان …

                          .. وبهاي اللحظات بالذات .. اتذكر خالد بعض اللي قراه من قبل .. فاتذكر انه قـرأ قبل فتره ان مجموعة من الناس كانت تحفر تحت الارض ، واتفاجأوا بارتفاع شديد في درجة حرارة الارض ، لدرجة ان آلات الحفر بدت اتذوب من شدة حرارتها ، وساعتها نزلوا ميكروفونات لسماع اصوات تحرك طبقات الارض.. لكن .. وبدلاً من سماع اصوات تحرك طبقات الأرض سمعوا اصوات بشريه على شكل صياح مع ألــم !!.. في البدايه كانوا يعتقدون انها اصوات ناتجه من الالات ولكن.. بعد عمل بعض الضبط للأجهزه إتضح ان الي يسمعونه هو عباره عن صراخ لملايين من البشر.. *** )) حادثة حقيقية وقعت فعلا(( **

                          زادت هذه الوساوس من خوف خالد وتوتره ، عشان جذيه .. حاول خالد انه يطرد موجة ها الوساوس من راسه ، واللي هاجمته بدون رحمة او شفقه ، ولهذا بدا يتحرك بسرعة باتجاه قبر المتوفة ، واللي وصفه ماجد بدقة تامه ، وقبل لا يوصل للقبر بامتار بسيطه ، اتذكر خالد بعض الكلمات واللي سبق أن أثرت عليه من قبل .. لكن.. زاد تأثيرها الحينه عليه وكانت اتقول :

                          تفـــيء من ظلال الارض حينـا ..
                          ……………………… ولا تغتـــر يومـــا بالســـــراب
                          وقف فوق القبور فرب ذكــــرى
                          ……………………….. ستحمدها وتــــأوي بالايــــاب
                          أول ما وصل خالد لقبر الحرمة المتوفية ، وحانت لحظة الحقيقة ، شعر برهبه شديد اتهز جسمه كله ، وبدا الرعب والخوف ينهش في كيانه ، واتيبس في مكانه ، وخانته شجاعته ، وما قدر ينفذ مراده .. فظل وقت طويل وهوه واقف ، وكلما هــم بحفر القبر يتوقف في آخر لحظة ..
                          واستهلك وقت اكثر في جموده ، ولهذا حاول انه يشجع عمره بأي شي … وهنيه .. اتذكر خالد دموع مريم اللي انسابت بحرقة من قلبها في مكالمته الاخيره معاها ، فتسربت لنفسه بعض الشجاعة ، لكنها ما كانت كافيه لمباشرة مهتمه ..
                          ولحظتها .. اتذكر خالد شي أهم بكثير من مريم .. اتذكر ايمانه بالله .. وان الله هو الذي يثبت المؤمنين بالقول الثابت في الدنيا والآخرة.. وعشان جذيه ادفقــت سيول من الشجاعة والاصرار لقلب خالد .. وكانت كافيه بالفعل لأن يبدأ مهمته على الفور ..

                          .. وفعلا .. باشر خالد مهمته ، وفتح الحقيبة السوداء اللي حاملنها على كتفه ، وطلع منها الشيول او الحفار الصغير ، وبدأ يحفر، لكن مع اول غرفــه من الشيول انخفضت شجاعته مره ثانيه ، ومع هذا استمر في الحفر ، وكان يحفر بسرعة كبيره عشان ايخفف من توتره قدر الامكان ، واستطاع بفترة قصيره انه يزيل اغلب التراب من قبر المتوفيه ، ليما وصل للالواح اللي اتغطي المتوفيه .. وهاي الالواح هيه اللي يحطونها على قبر الميت الصغير عشان تحميه من تساقط التراب من القبر الكبير ، وهنيه اتجمد خالد مره ثانيه ، وحاول يستجمع شجاعته مره ثانيه ، وبعد فترة صمت قصيره طرأت فكرة مفاجئة في عقل خالد ، وبدأ السانه يتحرك بالدعاء للمتوفيه ، وكأنه يحاول ايعوضها عن فتح ونبش قبرها بالدعاء لها ، وعشان ايخفف توتره من جهة ثانيه ..
                          وبالفعل ، نجحت طريقته الى حد كبير ، وبدأ يجلع ويفك الالواح اللي اتغطي القبر الصغير للمتوفيه ، وبعد ما انتزع بعض الالواح ، وجد ان الميته مدفونه على جنبها الايمن مثل ما توقع ومثل ما يدفن موتى المسلمين ، ولا حظ ان جسد المتوفيه لازال مكتمل مما اثار استغرابه ، لكنه ما ضيع وقت ، فطلع الليت الصغير ( المصباح ) من الحقيبة ، واشعل المصباح ، وحطاه على الارض عشان ايزيد من الاضاءة داخل القبر ، وامتدت ايده الى كتف المتوفاة والمغطاة بالكفن ، وبدأ يتحسس الكفن برفق وحذر شديد ، وهوه يحاول على قــد ما يقدر انه ما يأذي المتوفيه .. واستمر خالد في لمسه الخفيف وتحسسه للكفن لفترة قصيره ، وفي النهاية حس خالد بندبـة بارزه في منطقة صغيره من الكفن ، وادرك خالد ان السحر موجود فيها ، وعلى طول سحب الحقيبة وطلع منها مقـص صغيرعشان يقص فتحة صغيره من الكفن ويطلع السحر منه ..

                          وبسرعة كبيره طلع المقص ، وامتدت ايده الى القبر ببطء شديد ، وهوه يرتجف بشدة ، واول ما وصل المقص الى الكفن وهـم انه ايقصه ، سحب المقص فجــأه ، بعد ما سمع صوت خفيف وغائر طالع من طرف القبر!!

                          وهنيه ، ارتبك خالد بشدة ، واتزلزل جسمه من شدة الخوف والهلع ، وهوه يتلفت لليمين واليسار عشان يبحث عن مصدر الصوت ، لكنه ما حصل سبب ، ولهذا رفع المصباح الصغير من على الارض ، ووجه المصباح جهة طرف القبر الايمن ، وبعد تركيز بسيط اكتشف خالد ان مصدر الصوت هو الديدان الصغيرة اللي قاعده تحفر في اطراف القبر واطلع اصوات غايره بسيطه ..

                          ولحظتها .. شعر خالد باشمئزاز من شكل الديدان ، ولاعت جبده من منظرها .. لكنه حس بالخجل الشديد من نفسه يوم اتذكر انه بيعيش مع هالديدان في يوم جنبا الى جنب ، وها اليوم قريب مهمن كان بعيــد ..

                          تابع خالد شغله ، وامتدت ايده مره ثانيه جهة الجثه ، وبدا يقص قماش الكفن بكل حذر ، ويحدث فتحه صغيره وايد حول الندبة البارزه ، واول ما انتهى من هذا امتدت ايده المرتجفه عبر الفتحه الصغيره اللي سواها ، وسحب بكل هدوء وبطء ، قطعة القماش الملفوفه على السحر ، ووضع السحر مباشرة في جيبه ..

                          ولحظتها .. شعر خالد بموجة من الفرح تسري بكيانه ، واللي زاد هذي الفرحه ..الشعور الخفي اللي اتسرب لقلبه لانه شعر وكأن المتوفيه اللي امامه فرحــانه معاه ، وكأنها اتخاطره وتشكره على تخليصها من هذا السحر اللعين ، ولحظتها اتراوى لخالد وكأن القبر اضاء بومضه خافته لتعبير عن سعادة ساكنيه ..

                          وبعدها .. بدا خالد يرجع الالواح اللي اتغطي المتوفيه ، وبعد ما انتهى من ها الشي ، مسك الشيول وقعد يدفن القبر بالتراب الموجود على اطرافه ، ليما اندفن تماما ورجع مثل ما كان ..

                          واول ما انتهى من الدفن بالكامل ، رمى خالد بجسمه على الارض ، وهوه يلهث ويلتقط انفاسه بصعوبة من شدة المجهود اللي سواه ، لكنه قعد مره ثانيه ، وبدت على ملامحه علامات الفرح الشديد بعد ما انزاح هالكابوس الثقيل وعثر على السحر اللعين … ولحظتها .. شعر خالد وكأنه مولود من جديد ، بعد ما انزاح آخر عائق او عثره في طريق سعادته مع مريم ..
                          اخيرا..
                          اخيرا بيلتقي مع مريم وبيعيش معاها مثل ما كان يتمنى وهيه تتمنــى..
                          اخير بيقدر ايشوفها ويتمتع بجمال طلتها ..
                          اخيرا …

                          وبحركه سريعه ومرحه قام خالد من مكانه ، والابتسامه مرسومه على شفايفه ، واتحرك بهدوء وسكينه باتجاه باب المقبره وقلبه يكاد يرقص من الفرحه ….
                          وبعد وقت قصير اقترب من باب المقبره ، وماظل بينه وبين باب المقبرة الا متر واحد بس …
                          وفجــــــأه …..
                          اتجمد خالد في مكانه … وما قدر يتحرك خطوه وحده !!..
                          وسبب وقفته هوه الصوت الخفي اللي قاعد يتردد في كيانه … والغريبه ان الصوت كان يتردد في قلبه بس ، وما كان يسمعه بإذنه .. يعني صوت اشبه بالتخاطر مع شخص ثاني .. والاغرب من هذا كله ان الصوت يشبه صوت عمته المتوفيه من سنوات داخل هاي المقبره !!!!

                          وهنيه .. تحولت ابتسامه خالد الى جبل من الرعب والهلع .. لكنه .. حاول يقنع نفسه ان اللي قاعد يسمعه مب اكثر من وساوس او هلوسه سببها هذا المكان الموحش .. وعشان جذيه حاول انه يقطع المتر الباقي عن الباب ويغادر المقبره نهائيا ..
                          لكنه ما قدر يحرك ريله خطوه وحده بعد ما ازدادت حدة الصوت اكثر واكثر .. وهنيه ايقن خالد بوجود سـر غامض بها الصوت ، ولهذا ، حاول انه يهدي اعصابه شويه عشان يقدر يفهم الكلام اللي قاعد ينقله هذا الصوت ..

                          وبذل خالد مجهود هايل للتحكم بأعصابه ، ولما ركز على الصوت اكثر ، قدر يفهم معناه وكان يقول (( انظــر لليميـن .. اتحرك لليمـن ))
                          انقطع الصوت نهائيا بعد ما استطاع خالد معرفة معناه ، وصارت الامور طبيعية مثل قبل ، ولحظتها .. اتبادر لذهن خالد مره ثانيه ، انه الصوت هذا مجرد هلوسه او وسواس ، خصوصها ان الصوت انقطع نهائيا وما عاد يسمعه ، وفعلا ..اتحرك خالد بصوره طبيعية ، وطلع فعلا من المقبره ومشى خطوات كثيره خارجها ، لكن الفضول الشديد كان يهاجم قلب خالد ، وهوه يحاول ايجاد تفسير للكلام اللي كان يتردد في كيانه (( انظر لليميـن .. اتحرك لليميـن )) .. وعشان جذيه ، وبسبب فضوله الشديد ، قرر انه يرجع مره ثانيه لنفس النقطة اللي كان واقف فيها داخل المقبره ..

                          وفعلا رجع خالد للمقبره ، ووقف بنفس النقطة وبنفس الوضعيه ، والتفت لليمين ، لكنه ما شاف شي غير طبيعي ، وبعد لحظة تفكير قصيره ، اتحرك لليمين ومشى لمسافات طويله ، ليما وصل بالقرب من منطقة بعيده ومعزوله من المقبره ...
                          كانت المنطقة هذي موجود بأبعد مكان في المقبره ، وعلى زوايه ضيقه بين جدران المقبره ، وكانت مغطايه بطبقه كثيفه من اغصان الاشجار ..
                          وهنيه لمح خالد نور خفيف داخل هذي المنطقة المعزوله .. واستغرب وايد من ها النور الموجود هناك .. وسبب غرابته ان المنطقه هاي بالذات كانت معزوله ، وما فيها قبــور ، لانها منطقه محاصرة بغابــه من أغصان الاشجار المتشابكه ، يعني مستحيل على الانسان انه يدخلها بدون ما تجرحه اشواك الاشجار ..

                          ازدات حيرت خالد ، وسأله نفسه عن سبب تواجده هنيه ، لان المنطقة اللي أمامــه معزوله تماما ، وبعيده وما كان بيوصلها أصلا او ايفكر فيها لولا هذاك النداء الخفي ، والاكثر من جذيه انه ما قادر يوصلها لانها محاصرة بغابــه من أغصان الاشجار من جهة وبجدار القبر من جهة ثانيه ، والمنطقة الصغيره هذي خاليه تماما من المقابــر !!

                          وهنيه اقترب خالد اكثر واكثر .. وامتدت ايده على اغصان الاشجار اللي مغطيه المكان بالكامل ، وقام ايحرك الاغصان بهدوء عشان ايشوف سبب النور الخفيف الموجود في هذا المكان المعزول ..
                          ولحظتها شعر خالد بتحركات بشــر داخل هاي المنطقه ، وهنيه زادت دهشته اكثر !!
                          كيف وصل ها البشر لها المنطقة وهيه محاصرة بالاشجار واللي اغصانها متشابكه وممتده من سطح الارض لين مكان عالي من السماء … يعني أي انسان يدخل لازم ينجرح بأشواكها لا محالة !!!
                          والطريقه الثانيه لدخول ها المنطقة الصغيره هوه القفز فوق جدار المقبره ، وهذا هوه الاحتمال الارجح !!

                          ولحظتها ..حرك خالد اغصان الاشجار بحذر كبير عشان ما تنجرح ايده ، وبدا ايركز بصره اكثر واكثر .. عشان ايشوف ما يجري داخل ها المنطقة المعزوله .. وهوه منخش ومندس خلف اغصان الشجــر ..
                          وبعد دقايق بسيطه بس ….
                          فهــم خالد كل شي …
                          بعد ما وقع بصره على أبشـع منظـر يشوفه بحياته ..
                          لان المنظر اللي قاعد ايشوه فظيع وفظيع للغايه ..
                          منظر .. ايشيب له الراس ..
                          لدرجة ان خالد شعر وكأن الآلام اللي مرت عليه طول حياته ما تعادل قطرة صغيره في بحر الألــم اللي قاعد يشوفه جدامه ..
                          منظــر .. يحمل معاه أبشع وأفظع وأشنع ما يوجد بالواقع من آلام ..
                          آلام الواقــــــع ..

                          [/align]

                          تعليق


                          • #14
                            [align=center]



                            الجزء الحادي عشر والاخيــــــر

                            رؤيـــة واقعيــة للواقـــع :

                            قد تتحجر مشاعر الانسان ، وتموت العواطف بين جنبات روحه ، ويغـدو قلبه أشــد قساوة من الحجــر الصلبي ، ويتسبب بالمزيــد من الآلام لبني جنسه من البشر ، وقد يصل بقلبــه لدرجة متقدمة من القسوة والظلــم وتصلب الاحاسيس وانعدام الرحمة ، مما يدفع البعض لرؤية الواقــع بنظرة تشاؤمية شديدة ، بحيث يعتقدون بأن عالمنا هذا هو أسوأ العوالم الممكنة ، أو بأن جميع الاشياء تنزع أو تميل بطبيعتها الى الشر .. أو الاعتقاد بأن كفة الشــر والشقاء أرجح في هذا العالم من كفة الخير والسعــادة .

                            ولكن .. هناك أشياء نشعر بها في أحسن لحظاتـنا ، كأسمي وأنبـل الاشياء ، ولها مكان مميز في نظام كوننا الابدي ..

                            فالحق والجمال والخيــر والحب ، ليست مجرد صفات يمكننا أن نكافح من أجل الحصول عليها ، ثم تموت بموتنا ، ولكنها حقائق خالدة في هذا الكون الذي أوجدنــا الله فيه ..

                            إن هذه الحياة الدنيا لم تخلق لتكون فراشا وثيـرا محلى بالورود والرياحين .. أو مكانا يمكن أن ينام فيه الناس رجالا ونساءا ببساطة وسهولة ويسر .. ولا هي تقدم شيئا مرضيا أو باقيا على الزمن للمتكاسل الذي ينفق الوقت متبطلا ، أو المستجدي الذي ينال أو يكسب بالتملق ، أو الباحث عن اللذة أينما تكون ..

                            ولكن .. الحياة الدنيا خلقت كمكان يمكن أن يربي الناس فيه أنفسهم ( رجالا او نساءا ) على الفضائـل التي تربي وتهذب النفوس ، كالفضائـل الاساسية العظيمة التي تنطوي تحت لواء : الحب والرحمة والولاء والاخلاص والأمانة والشجاعة والحق والصحبة الطيبة والخدمة ..
                            وحــــب الوطـــــــن ....

                            ولكن .. اذا استطعنا ان نضيف لتلك الفضائل بعـدا عظيما وسندا رهيبا وهو الايمان بالله تعالى لاصبح لدينا سر كل نجاح وانتصار في هذه الحياة ، وسر الرغد في العيش ، ونكون قد وضعنا ايدينا على الحقائق التى تغنينــا عن كل شيء في الدنيا ، فالله تعالى هو منبع الحب ذي السلطة الغير محدوده ، يشرق علينا بحبه الا متـناهي ، ورحمته التي وسعت كل شي ..

                            فلا المال ولا القوة ولا الجاه ولا المنصب الاجتماعي يساوي شيئا من الاهمية مثل امتلاكك لذاك الايمــان والذي يمكنك من خلالــه ان تحصل على مفاتيح الحياة .. الحياة بكل ما فيها من قوى الروعة والجمال والفتنه والبهاء ..

                            إن المستقبل باسط إليك يديــه ، فاتح أمامك أبوابه على مصاريعها ، وما عليك إلا ان تستجيب لما يحييــك ، ويسعدك ويسمو بك إلى ذرى المجد والرفعة *** ((( بتصــــرف من .. علم النفــس والديـــن ))) ***


                            #########################################

                            آلام الواقع _ الجزء الحادي عشــر والأخيـــر

                            مختصــــر لجمـيع الأجــــزاء السابقــــة للقصــــة ####
                            بدأت الحكاية وبدأ الألــــم بيــوم بارد وقارس من شتاء عام الف وتسعمائه وسبع وتسعون ..

                            في ذلك اليوم أطــل الآلــم بوجهه القاسي ليملأ حياة انسانة عطوفة.. رقيقة .. حنونه.. عذابا وألمــا.. وهي تسمى .. مريـــم .

                            وبدأت أولى فصول هذا الالــم عندما أجبرهــا والدها على الزواج من شخص لا تريده او ترغب به ، بحجة انها محجوزة لــه من صغرها كونه ابن عمها ، في تقليــد اجتماعي ظالم ومجحف وهو ما يعرف بـ ( الحيره ) او التحيير ..

                            وامام ضغــط ابيها .. وشدته .. واصراره .. رضحت ، واستجابت ، أملا في تحسن اخلاق من سيكون زوجها .. ولكن .. خاب ظنها و مرادها .. واكتشفت ان من تزوجته ليس سوى وحـش بصورة إنسان ، لا تعرف الرحمة طريقا واحدا الى قلبه .. أهانها فصبرت .. أذلها فاحتسبت ..عانت الامرين في سبيل اصلاحه .. نصحته .. نهرته .. وبذلت كل ما بوسعها في سبيل هدايته ، ومع هذا .. لم يزده نصحها وصبرها الا طغيانا وفسادا ، ولما طفح كيلها ، و بلغت صبرها نهايته ، طلبت منه ان يضع حدا لكل تصرفاته الطائشة ، او يترلكها لحال سبيلها ، وببرود شديد وبدون ادنى تفكيراو تدبير ، وبمنتهى البساطة والا مبالاة ، رمى عليها ثلاث كلمات ، ولكنها ليست كالكلمات ، كل كلمة لها ثقــل يعادل وزنها جبلا ... قال لها انتي .. طالـــق ، فأطلق سهام من الألـــم في اغوار قلبها وروحها ، ووجدت نفسها في وضع جديد وعالم جديد ، يفرض عليها المزيد والمزيد من الآلام .. آلام الواقع .. فهي لم تكد تستفيــق وتستـريح من ألم هذا الزوج القاسي ، حتى وجدت نفسها في وضع أشد ايلاماً وقسوة .. وضع فرضه عليها ظرفــها الحالي ، ونظرة المجتمع القاسية لوضعها وحالها واللقب الذي تحمله .. مطلقــة ..

                            وحمولهــا جرمــا من غير ذنب فعلت ، ومن غير خطيئة ارتكبت ، كل ذنبها انها.. كذلـك !!.. انها... مطلقة !! وكأن هذه الكلمة بحد ذاتها ، وصمة عار على جبين حياتها ، تظل تطاردها وتنهش بقلبها طالما بقيت موصومة بها ..

                            هل شعرنـا يوما بآلام من تطلقـت ؟؟ .. هل سكنــا بقلبها لنشـهد كيف هي بالقهــر تعذبت ؟؟ ... هل بصرنــا بروحها التي من المــر تشربــت ؟؟.. هـل... وهـل.. وهـل ؟؟؟


                            ولهذا .. وبسبب هذا الواقع الاليــم ، فقدت مريم توازنها النفسي ، وزاد من حدة هذا الاضطراب رقــة مريم وحساسيتها وشعورها العظيم بالظلم القاتل الذي نـال منهــا ما نـــال..

                            آآآهــن يا مريـــم .. احترقـت روحك قهـرا وألمــاً ، واغتصـبــت الدمعة مــن عينيـك عمــداً ، ونـزف قلبك قبــل الدمع دمـــاً .. بلا ذنب جنيـت وجرمــاً ؟!!!

                            وفي غمرة من احزانها وآلامها .. وبمشورة خاطئة من صديقتها ، هربت مريم وانسلخت من عالمها الواقعي ، لتدخل في عالم آخر...

                            عـالم لا يربط بين افراده وساكنيه الا أسلاك رفيــعة تستقبل وترسل الكلمات عبر اسلاك الاتصالات وشركات الحاسوب العالميـة .. انها شبكة المعلومات الدولية .. الانترنـت ..

                            وغاصت مريم في بحورهذا العالــم الخفــي ، وبدأت تتنفس من هواءه ، وبنفس الوقت أخذت تنـفس وتفضفض عن آلامها في غرف التخاطب المباشر بالنت وتقضي ساعات طوال وهيه تكتب خواطر واشعار تعبر من خلالها عن بعض من ألمها وتصف بها شيئا من عذابها ، ودون ان تلقي بالا او تعير اهتماما لاحد فيه .. شبابا كانوا او بناتا ، ولكن .. حتى ساكنوا هذه العالم السفلي لــم يرحموهــا ، فتدخل احدهم وأسمعها كلاما قاسيا جارحا تغلغل لحنايا قلبها فأسال به المزيد من دماء جروحها ، وتخيلته زوجها الذي جار عليها واذاقها مرارة الظلم ، فانفجرت ألمــا وصراخا ، اجابته بكل عنف وحدة وكأنه ماثــل امامها وتراه بعينها ..

                            واثناء ذلك العراك النفسي العنيف ، فوجئت مريم بشخص غريب يقتحم حياتها وقلبها عنوة ، وذلك عندما استقبلت منه رسالة نفسية غامضة ، بعد ان رأى حوارها مع ذلك الشخص الفاسق ، فباغتها بكلام خاطف ، اهتزت له مشاعرها ، لأنـه توغــل لاعماق قلبها واكتشف ألمها وسبب هذا الألــم ، وهو طلاقها ، وكأنه ساكن وقابع بقلبها ، واثناء محاولتها سؤاله عن سر ذلك ، انقطع وسيلة الاتصال به ، لكنها عادوت الاتصال الشبكي به ، لتفاجأ بطلبه الغريب والعجيب ، حيث طلب الارتبــاط منها بشكل مفاجىء وغريب ، لكن مريم ، وبعد لحظات تفكير صادقة ، هداها قلبها المخلص الى رفض هذا الامـر جملة وتفصيلا ، فلا نجاح لارتبــاط عبر هذا العالم ، مهمن كانت اطرافه ، وابغلته بكل إصرار صرامة بقرارها هذا ، لكنه فاجأها مرة أخرى بل اذهلها بأمر اكثر غرابة وعجبــا ، عندما بين لها وبدليل شبه قاطع اسباب التواصل الروحي بينهم .. لان السبب كان ( التخاطر اللاحسي ) بينهم ، بحيث يشعر كل منهما بآلام الآخر سواء اكانت نفسية ، او حتى جسدية !!!، وهنا ، استجابت مريم بحذر لطلبه ، و بشرط ان يكون الوسيط المقرب بينهما بالحلال أخته روضه ، لكي تمهد الارتباط الرسمي بينهم ، غير أن روضه رفضت الوساطة .. وامام ضغط اخيها المسمى ( خالد ) واصراره ، وأمر بيتـته روضة بنفسها وافقــت ، واتصلت ، لكن.. نيتها لم تكن حســنة ، فاهانت مريم اشد اهانه ، وصبـــت على مريم سيلا من الحمم النفسية النارية الحارقة ، وعايرتهــا بطلاقها وبوضعها واتهمتهـا بأخلاقها واحترامها ، لتجهــز بذلك وتقضي على ما تبقى من أمل بروح مريم الطاهره ، فتكتــوي مريم بالزيد من الآلام .. آلام الواقع ..

                            وليتك يا روضه ما فعلت .. لــم اغلقت عقلك ولم تفتحيه .. اليس من قدر مصابها بقـادر على اصابتك ولو بعد حين .. ليتك ما فعلتي .. لقــد قتلتي بلسانــك اطيب وأرق قلب .. ليتــك ما فعلتي ..

                            آآهـــن يا مريم .... آهـن ما أثقـل الأسى في حنايا مطلقـة ## كيف غابت وشمسها لم تزل بعد مشرقـة ## أوعيبٌ يسوؤها أم من القبح مزهقة ## كلماتٍ مريضةٍ من عقولٍ مغلقـة ## شغلهم كل شغلهم كيف أنتي مطلقة ## أيها الناس أرحمـوا من على الجرح مشفقة ## قد يوافي بناتكم ماتجرعتُ مألمــه ## انظروني بنظرةٍ ملؤها الحب والثقـة ## أنا بالطهر وردةٌ ، أنا بالحسن مشرقـة ## سوف أحيا بغصتي والأماني محلقـة ## سوف أبقى بمهجتي أرقب الأنس محدقــة # *

                            عاشت مريم بعد ذلك مع الألــم أيــاما عديدة ، ولكــن.. شاءت الاقــدار ان يخف هذا الالـــم من خلال الوظيفة التي حصلت عليها ، وكرست لها كل وقتهــا وجهدهـا ، وهجــرت النــت نهائيا بينما نست او تناست خالد الذي لــم يكن بمقدوره نسيانها ..

                            ومضى على ذلك اليوم شهورا طويله ، وبعد أن ظــن الطرفين أن لا تلاقي اواتصال بينهم بعد ذلك اليوم ، استطاع خالد بمساعده اخيه عادل اختراق جهازها في اللحظات القليله التي دخلت مريم النت مجبورة ..

                            وبعــد تساءل شديد من خالد وضيق أشــد من مريم ، اكتشف خالد ما قامت به اخته روضه من عمـل ، لكنه اكتشف ما هو اكبر ، وهو زواج اخته من نفس الرجل الذي تزوجته مريم ، ليفجــع بعدها بطلاق اخته روضه من نفس الشخص .. لتشرب روضه من نفس الكأس الذي عايرت غيرها بشربه .

                            وندمت روضه أشد الندم ، واصرت على اصلاح خطأها وقامت بالفعل بطلب السماح من مريم التي سامحتها فعلا ، ومن كل قلبها ، لتتشجع روضه أكثـر وتطلب منها الوفاق مع اخيها.. وفق مايرضي الله ورسوله .. ولكن مريم اصرت ان لا تقول أو تبدي رأيها ابدا قبل التقدم لها بشكل رسمي في اشاره لاعتزازها بكرامتها وثقتها بنفسهــا .

                            وهنــا بدأت مهمة خالد الشاقه ، وهيه اقناع أبويه ، وبدأ بأمــه ، وبـذل قصارى جهده في سبيل ذلك .. لكنها أبت ورفضت مجرد فكرة ارتباط ابنهــا بفتــاه .. مطلقه ، لانها رأت ان من واجبها و حقها ان تزوجه بفتاة بكـر كونه شاب لم يسبق له الزواج ، بالاضافه الى خوفها من كلام الناس ، وفي الوقت الذي أصرت فيه كل الاصرار على رفضها لمـريم ، تدخــل زوجهــا ابو خالد العاقل والمتفهم ، ليقتنع بكلام ابنــه وبجبرها على الموقفة قسرا على زواجه .

                            وفعلا .. تمت الخطبــة ، ودنـت ساعة عقد الزواج ، وهنا .. برز الشـر بوجهه القبيح ، وبصورة امرأه عجوز علمت من أم خالد بأمر زواجه ، وضيقها من ذلك ، فأوحت لها وزينت لها سوء العمل ، وهو الاتيــان بسحر شنيع للتفرقة بين خالد ومريم .

                            وبعد محاولات خبيثه منها ، اقنعتهــا بذلك ، وباشرت فعلا بعمله ، فذهبت لاكبر السحرة واشنعهم لاتمامه ..

                            وتم عقد الزواج .. ودنت لحظة اللقاء .. لقاء خالد ومريم .. واستعد الطرفان لتلك اللحظة التاريخية السعيدة .. فذهب خالد وبيده باقــة جميله من الزهور البنفسجية ، تماما كما تحب مريم وتهوى ، وقلبه محملا بسعاده وبسمه وشوق ، ولكــن تحــول ذلك اللقاء السعيــد الى كابوس مرير عندما بدأ مفعول السحر الشنيع لحظة التقائهم عند باب المجلس الصغير ، وهنــا .. سقطت باقة الورد وتناثرت تحت أقدام مريم ، وتراجع خالد بقوة السحر حتى اختفى عن ناظرها تماما .. وسالت دموع مريم وبللـت بدمع قلبها الورد المرمي بين اقدامها ، وتشبعت الورود البنفسجيه من كل ما تحمله مريم من آلام .. آلام الواقع ..

                            آآهن يا مريم ... كأن الحزن مفتـون بقلبك ## فساعة هجره يجد الوصالا
                            آآهن يا مريـم .. كأن الألـم مولـود بروحك ## ولحظة موته يحيا إنبعاثـا

                            وفي غمـرة من حــزن خالد وألمه ، وبسبب الانتكاسة الشديدة التي اصابته ، تعرض لحادث سيرعنيف كاد يودي بحياته لولا رحمة الله ولطفه ، .. وهنا وعندما علمت ام خالد بما أصاب ابنها ، ندمــت ندما أليما بعد ان استرجعت في مخليتها جميع ذكرياتها الجميله مع خالد والتي كادت أن تضيع كلها بلحظة بسبب الجرم الفادح الذي ارتكبته بحقــه ، وعلم خالد بذلك ، ولكن بعد فوات الاوان ، حيث تفاجأ بمــوت من عملت ذلك السحر الخبيث ، لتنفتح صفحه جديدة ومريره من الآلام .. آلام الواقع . .

                            ولــم يجــد خالد من بـد أو مفــر الا قبول مشوره صديقه ماجد على مضض وكره ، المشورة التي تحتم عليه الذهاب الى ساحر او شيخ للكشف عن مكان السحر وفكه ، وذهب خالد بالفعل ونجح ذلك الرجل العجوز بالفعل بالكشف عن مكانه فانفتحت اطلالة امـل بزواله ، ولكن.. كانت الصاعقة الكبرى عندما كشف الرجل عن مكانه ، لان السحـر كان بمكان لا يخطر على بال ولا خيال ، فالسحر موجود في كفن انسان ميت مدفون في قبــره.

                            وهنا .. اصبح الامــل سرابا .. والاحلام هباءا ... وبسبب ذلك.. طلبت منه مريم أصعب وأمـر طلب في حياتها .. الطلاق .. الطلاق الذي يعقبه الفراق ... الفراق الذي يقتل الفرحة بالاعمــاق .

                            لكــن خالد لــم يقبل بهذه النهايه المأساويه ، ولذلك قــرر القيام بعمـل ، أقل ما يقال عنه انــه جنونــي ، وهو الذهاب الى ارض الموت ( المقبره ) واخراج السحر منه .

                            وفعلا .. باشـر بعمل ذلك وذهب الى المقبره برفقــة صديقه ماجد ، ودخل المقبره ، وبعد لحظات من الخشوع والخوف والرعب والجزع ، استطاع أن يخرج السحر من قبــر الميت ، ثم قــام باغلاقــه ، والفرحــة تغرق وجهه ، وهو غير مصدق أن الالـــم انتهى أو قارب على الانتهاء .

                            ولكن .. وقبيل مغادرته للمقبره ، تردد في كيانه نداء خفي .. نداء يلح عليه بالذهاب الى منطقة صغيره ونائيه وغير مرئية من المقبره ، منطقه تحاصرها الاشجار الكثيفه الشائكـة من جهة ، وجدار المقبــرة من جهة أخرى ، وتحرك خالد فعلا الى تلك المنطقه ووقف خلف الاشواك وامتد بصره الى اجواء تلك المنطقة .. ليتفاجأ ويفجع بألـــم رهيــب ..
                            ويقــع بصــره على ابشـع ما رأتــه عيناه في حياته..
                            وتتشبع روحــه بآلام لا حصــر لها ..
                            آلام الواقـــــع ...

                            ################################################## #####
                            ################################################## ####


                            آلام الواقع _ الجزء الحادي عشــر والأخيـــر


                            بجســد مرهق ومنهـك ، وبعيون حايــره وزايــغه ، وقـف خالد خلــف غابه من الأغصان الشائكـة في هذيك المنطقة المعزوله جدا والموجودة في ابعــد مكان في هذي المقبره الضخمه .. والحيره والدهشه قد بلغت عنده مــدى لا يطــاق .

                            أسئله كثيره كانت ادور في عقل خالد وهوه منــدس ومختبي وراء شجر ( الغاف ) المتشباكة ، وخلف شبكة من الاغصان الشائكـة والمتراصة المشبعة بالاشواك الحادة ، لدرجة انه بالكاد يقدر ايشوف او ايطل من خلالها عشان يـــرى الاطلال اللي وراها .

                            وبها الوقــت بدأ خالد يتفحص المكان اكثر ، وبتركيــز شديد في معالمه وطبيعته .. وهنيه .. اكتشف ان المنطقة المعزولة هذي محاصره من جهتين ، الجهة الاولى كان عباره عن شبكة متصله من الاغصان المتشابكه جدامه واللي يصعب مرور الانسان من خلالها بسبب تشابكها وكثرة الاشواك فيها ، بحيث لوفكر الانسان بالمرور فيها ، بتكون الاشواك الحادة له بالمرصاد .. وما بيقدر يتجاوزها الا بعد ما تنال منه الاشواك مألمهــا .

                            أمــا الجهة الثانيه فكانت عباره عن الجدار العالي للمقبره واللي محاصرهذي المنطقة الصغيره من الجهة الأخـرى ...

                            ولهذا ... فمن الصعب وصول البشــر لها المنطقة الصغيره المعزوله والغير مرئيـه ابدا ، الا من فوق الجدار البعيد لان الشجــر المتلاصق والاغصان الشائكة يصعب المهمه كثيرا .

                            واكتشف خالد بعد المزيد من المعاينه ، ان المنطقة هذي بالذات ما كانت ما تنشاف ابدا ، حتى لزوار المقبره ، وما فيها ولا حتى قبر واحد بسبب بعدها عن مركـز المقبـره واختفاء معالمها ..

                            ومع هذا.. ومن خلال الفتحات الصغيره الموجوده بين الأغصان لمح خالد تحركات بشــرية !! ، وهذا اللي زاد من حيرته وذهوله وارتباكه .. وبدأ يسأل نفسه الف سؤال وسؤال ، واهمها .. كيف استطاعوا الوصول لهذا المكان ؟! ومــا سبب وجودهم هنيه اصلا ؟!

                            رفع خالد من قدراته الذهنيه لاقصى حد ممكن عشان يبحث عن سبب منطقي لوجودهم هنيه ، ومع ان الرؤيه كانت صعبه بسبب خفوت الرؤيه في المقبره عموما ، وبسبب أغصان الشجر الكثيفه اللي حاجبه اكثر الرؤيه عنه ، الا انه بدأ يركز بصره اكثر على الجدار البعيد في الجهة الثانيه ..
                            وهنيه .. وبعد معاينه وتفحص شديدين.. وقع بصر خالد على سلم او درج صغير من النوع المحمول والقابل للطي ، وها السلم موجود على جدار المقبرة من الداخل .. ولهذا ..اتضحت الصورة اكثر عنده.. فالبشر الموجودين هنيه استخدموا ها الدرج للوصول لها المكان الغير مرئي والمعزول تماما .. لكن ليش ؟!! .. ومن هم هالبشر؟! ..

                            اتحرك خالد لليمين شويه وهوه يحاول ايجاد فتحه اكبر بين الاغصان عشان يشوف المنظر بصوره ادق .. وفعلا .. وجد فتحه بحجم معقول ، وامتــد بصره عبر هذي الفتحه في محاولة لكشف غموض ما يجري في هذي المنطقة النائية ..

                            لكن غموضه ازداد حده خصوصا لما شاف الاشخاص الموجودين هناك ، أو بالأخرى الشخصين الموجودان بالداخل ..

                            فالشخصين الموجودان بالداخل، كانوا حرمتيــن شابتيــن لا بسات ملابس سوداء داكنه ، وهذا اللي فجر اسئله كثيره في عقله فقال في خاطره :

                            خالد : هاه !! .. حريــم ؟!! ..شو عندهم هنيه !! ..و شو قاعدن ايسون بها الوقــت من الليل؟!! وفي ها المكان بالذات !! في المقبره !!.. ما خافــن؟! .. وحتى لو ما خافــن .. شو هدفهم من وجودهم هنيه من الاساس !!! ..

                            امتدت يـــد خالد بحذر للأغصان في محاولة لتوسيع الفتحه اكثر عشان يفتحله مجال اكبر للرؤيه ، ومع ان الشوك نغـزه في يده في المحاولة الاولى وارتدت ايده على اثرها بسرعه ، الا انه كرر المحاولة ، ومسك الاغصان هالمره بطرف صبعه وازاحه بخفه ..

                            وبعد ما توسع مجال الرؤيه عنده .. ازدادت دهشته وحيرته اكثر .. بسبب غرابه ما تـراه عينه من تصرفات ها الحرمتين الشابتين ..

                            فالحرمه الاولى ، كانت تحفر في الرمل ، وكأنها قاعده تحفر قبــر ، مع أن المنطقة الصغيرة هذي بالذات ما فيها مقابر ، ولاحتى قبر واحد !!! والمقابـــر موجوده كلها خلفه !!!

                            والحرمه الثانيه ، كانت ماسكه حبل من النايلون بايدها وهيه تنتظر الحرمه الاولى ليما تنتهي من حفر الحفره بالكامل ..

                            وهنيه .. اشتدت موجــة الاسئله في ذهن وعقل وكيان خالد ، وهوه يحاول بشدة ايجاد تفسير منطقي للي قاعد يجري جدامه ..

                            واثناء ما كان يفكر ، وقــع بصره وشاف شي غريب جدا ، وها الشي اللي شافه موجود في نفس المكان المتواجدات فيه ها الحرمتين .. والظاهر انه ماشافــ÷ في البدايه بسبب صغــر حجم هذا الشي او بالأحرى هذا الجســم الصغير !! ..

                            فالشيء الثالث اللي شافه خالد واللي ما انتبهله من قبل ، كان عباره عن شخص ثالث .. قاعد يتحرك بخفه تحت على الرمل ... وبسبب صغر حجم ها الشخص ما شافه خالد في البدايه ، لانه كان عباره عن طفـل صغير ، و صغير وايد، بحيث كان يحبو بخفه على الرمل...

                            وبعد نظرة متفحصة ودقيقه من خالد لهذا الطفل الرضيع .. اكتشف خالد ان الطفل انثى .. بنيــه صغيره .. وعرف ها الشي من انعكاس ضوء خفيف من حلقة اذنها الكبيره ، ومن خلال جمالها الغير عادي ، خصوصا وجها الدائري الصغير ، وشعرها الناعــم القصيــر ، وكأنها ملاك صغير يتحرك فوق الرمل ببراءه ومرح ..

                            ومن خلال شكل الطفله وحركتها ، وضع خالد احتمالات سريعة لعمرها ، وبسرعة قــدر عمرها ما بين ثمان الى عشر شهور، لأنها قاعده تحبــو بطريقة طفله بهذا العمر تقريبا ..

                            اشتد تركيز بصر خالد على الصغيره ، واللي كانت تلعب في الرمل وهيه تضحك ببراءه عجيبه ، ومن شدة براءتها وضحكتها العذبة نسى خالد الموقف كله ، وابتسم بالرغم منه وكأن ضحكات ها الطفله الصغيره اخترقت اعماق قلبه ، وفجرت مشاعر الحنان فيه ..

                            لكنه انتبه فجأه لغرابة الموقــف ، واتغيرت ملامح وجهه مرة ثانية ، وحرك راسه في توتر ، وبدأت الاسئله الحايرة اتهاجم مخه مره ثانيه ، وهوه يحاول تفسير معقول وعقلاني ما يجري أمــامه ..

                            استمر خالد في مراقبه الياهلــه بحذر شديد وجسمه ينتفض من الخوف والدهشه والتعب ، وهوه يشوف الصغيره وهيه تحبــو شويه ومن ثم توقف وتلعب في الرمل وتضحك ، ثم تحبوا مره ثانيه باتجاه كومة ثانيه من التراب وتلعب فيه .. وهنيه .. سأله نفسه بهمس خفيف :
                            خالد : شو السالفه !! الحرمه الاولى قاعده تحفر ، والحرمه الثانيه ماسكه حبل ، ومعاهم ها الطفلــه الصغيره ...شو اللي قاعد ايصير هنيه ؟!!

                            وفجــأة... اشتعل عقل خالد بفكره مخيفه ... ومخيفه جدا .. بعد ما اتوصل مخه لاحتمال منطقي لكل هذا ... فالتفسيرالمنطقي الوحيد للي قاعد ايشوفه ان الحرمتين ناويات انهن يذبحــن ها الياهلـــه البريئة الحبوبــه ويدفنونها هنيه في ها المكان المعزول !!!

                            بلغ توتر خالد مداه ، وانتفض جسمه كله في ذعــر ، وشعر بشلل ورعشه فظيعه تسري في كل جسمه ، لكنه حاول يطرد ها الفكــرة بشدة من مخه ، لان قلبه رفض تصدقيها بعنف بالرغم من تأكيدات مخه لها التفسير بالذات ..

                            لكن العين ما تكذب .. واللي شافه خالد بعد ثواني بسيطه اكبر دليل على صحـة تفسيره السابق .. ففي لمح البصر ، وبعد ما انتهت الحرمة الاولى من حفر الحفره ، اتجهت صوب الياهله وحملتها من على الارض ، ورفعتها فوق لاكثر من متر كامل ، بحيث وصلتها لمستوى راسها ، والياهل كانت تتضحك في وجــه ها الحرمه ببراءه وسعادة وفرح وهيه ظانه ان الحرمه قاعده اتلاعبها ..

                            ولحظتها .. وبعد ما رفعت الحرمة الاولى الياهله فوق .. مسكت اياديها الثنتين بقوة وشدت على ايادي الياهله بغلظه لدرجة ان الطفلة أتألمت من ضغطتها ، بينما اتحركت الحرمه الثانيه باتجاههم و بسرعه كبيره جدا وكأنها ترغب في انهاء المهمه بأسرع وقت وهيه اتوجــه الحبل باتجاه راس الطفله عشان اتـلــف الحبل حول رقبة الياهـــله الصغيرة..و ..
                            واتنفذ فيها حكم الاعدام ...
                            وتدفنها بها الحفــرة بعد ما حفرت قبرها فيه ...
                            و تخمد انفاســـها للابــد فيه ..
                            بكل وحشيه ...
                            وبدون ادني شفقه أو رحمــــة !!!...

                            ***********************************
                            *****************************
                            **********************

                            (( انتي شو اتقولين ؟!! تبين تطلقين من خالد ؟!! ))

                            نطقت ظبيه ها الكلمات بهلــع ودهشه كبيره ، وهيه اتوجه كلامها لمريم الواقفه جدامها داخل الغرفه .. واللي ما تأخرت بالجواب فقالت وعينها تلمع بأصرار شديد :
                            مريم : هيه .. بطلق منه .. عشان مصلحته لازم نطلق ..

                            وباستنكار واضح قالت ظبيه :
                            ظبيه : أي مصلحه يا مريم ؟! تسمين طلاقج من خالد مصلحه .؟!

                            انتظرت ظبيه الجواب من مريم ، لكن مريم شاحت بويها بعيد عنها ، ولهذا ، تابعت ظبيه كلامها وقالت بنفس اللهجه :
                            ظبيه : هذا خالد يا مريم .. خالد اللي حبيتيه من كل قلبج .. تبين اتفارقينه الحينه !!

                            بدأ التأثر واضح على مريم لما سمعت أسمـــه، لكنها مسكت اعصابها بقوة وقالت بصدق :
                            مريم : صدقيني يا ظبيه .. بسبب ها الحب العظيم .. لازم افارقــه .. وبسبب ها الحب العظيم .. لازم أحرص على سعادته .. حتى لو كانت سعادته مع وحده غيري ... خالد شاب صغير ، ومن حقه يتمتع بحياته ، حاله حل باقي الخلق ، فكيف تبينه ايكمل حياته معاي وهوه مب قادره يطــل في وجهي .

                            قطعت ظبيه رمستها بعصبية وهيه اتقول :
                            ظبيه : بس يا مريم ..آآ

                            ما خلتها مريم اتكمل لما قالت بكل اصرار وبصوت عالي :
                            مريم : خلاص يا ظبيه ..ما شي فايدة من الكلام الحينة .. كل شي انتهى .. واحنا اتفقنا فعلا على الطلاق وورقتي بتوصلني جريب ..

                            نكست ظبيه راسها في تأثر واضح ، وظلت فترة طويله وراسها منكوس للارض ، وهنيه اقتربت مريم منها ومسكت كتوفها وقالت باهتمام :
                            مريم : ظبيه .. شوفيج ؟!

                            رفعت ظبيه راسها ، وبانت الدموع على ويها فكررت مريم سؤالها وقالت بتوتر :
                            مريم : ظبيه .. انتي اتصيحين ؟!! ليش ؟!! شو فيج ؟!

                            ما جاوبتها ظبيه ، واستمرت في بكائها الخفيف ، لكن مريم وبعد فترة تفكير بسيطه فهمت سبب صياح ظبيه وقالت بصوت حنون :
                            مريم : بعد عمري يا ظبيه ، انتي اتصيحين عشاني .. وكأنج انتي اللي بتطلقين مب أنــا !!

                            اطالعتها ظبيه بنظرات حزينه بدون ما تحرك ساكـن من جسمها ، فتابعت مريم كلامها وقالت بهدوء :
                            مريم : انتي خايفه ترجعلي نفس الحالة اللي صابتنـي بعد طلاقي الأول … صح ..

                            استمرت ظبيه في مطالعة عيون مريم بتركيز شديد ، قبل لا تهز راسها بايجاب تأكيدا على كلام مريم ، لكنها اتفاجأت لما شافت الابتسامه تنرســم برقة على شفاة مريم وهيه اتقول :
                            مريم : لا تخافين يا ظبيه .. مريم الحينه غيرعن مريم الاولية ..

                            فتحت ظبيه عيونها من الدهشه ، وظلت اتبحلق في عيون مريم للحظات قبل لا تقول بكل استغراب :
                            ظبيه : غيرعن الاولية ؟!

                            ها لمرة هــزت مريم راسها بايجاب ونزلت اياديها من كتوف ظبيه ، واتحركت ليما وصلت لمنتصف الغرفه وبعدها التفتت مره ثانيه صوب ظبيه وقالت بهدوء شديد :
                            مريم : لازم اتعرفين يا ظبيه .. ان الايام والشهور اللي مرت علي بعد طلاقي والألــم اللي عايشته بعـده غيرت فيني اشياء وايده .. وفتحت عيوني على أمــور كثيرة وآفاق بعيده في الدنيا كنت غافله تماما عنها ..

                            سكتت مريم لحظات وهيه تلتقط انفاسهــا ثـم سكرت عيونها وهي اتقول بصـدق :
                            مريم : وبعد ما عرفت خالد ، وشفت الفرق الكبير بينه وبين زوجي الاول راشد ، اتفتحت عيوني أكثر ، وعرفت ان الله تعالى مثل ما أوجد ناس قلوبهم خاليه من الرحمة والشفقة ، أوجد في مقابلهم ناس قلوبهم رقيقه مثل السحاب قادره انها اتحب وتعطي وتغسل كل الهموم من القلوب … وانتي اتعرفين زين ان بعض المطلقات يعافون شي اسمه ريال بعد طلاقهم ، ونسوا او اتناسوا ان الله تعالى مثل ما خلق النــار خلـق معاها الجنة ..

                            نطــقت ظبيه بصعوبة وهيه اتقول :
                            ظبيه : بس يامريم .. خالد بيضيع عنــج .

                            استمرت مريم في ابتسامتها الغريبه ، والغير مناسبة للموقف ابدا ، قبل لا تقول ببرودة اعصاب تحسد عليها :
                            مريم : وهذا أكبر اختبار لي يا ظبيه .. اني بفارق خالد … يا ظبيه .. مثل ما قلتلج وبظل اقولج .. الفترة الماضيه علمتني وايد ... في البداية كان همي الاكبر هو التعايش والتأقلــم مع الألـــم اللي صابني .. لكن .. ومع مرور الوقت سمــت أفكاري اكثر ووصلت لابعاد وآفاق يديده ، وانتقلت من مرحلة التعايش مع الألــم الى مرحلــة حــب الألـــم والسعــادة معــاه اذا كان الألــم مكتوب علـي فعـلا ..

                            ما استوعبت ظبيه الكلام اللي تسمعه من مريم ، وازدادت دهشتها اضعاف مضاعفة وهيه تسأل مريم بانفعال شديد :
                            ظبيه : انتي شو اتقولين !! فيه حد يستانس ويفرح يوم ايصيبه الألـــم ؟!

                            اتسعت ابتسامة مريم اكثر ، وسرحت لحظات في تفكير عميق قبل لا اتجاوب على سؤال ظبيه بسؤال مثله وقالت :
                            مريم : بسألج يا ظبيه .. منو من البشــر يتعذب ويتألــم في دنياه ؟!

                            حركت ظبيه كتوفها بدهشه وهيه اتجاوب بكل بساطة :
                            ظبيه : المعروف والواضح للكل .. إن البشر كلهم يتألمــون .

                            هــزت مريم راسها تأكيدا لكلام ظبيه وقالت :
                            مريم : هيه يا ظبيه .. البشر كلهم يتألمون .. لكنهم غير متساوين بالفايــدة اللي يحصلون عليها من ألمهــم وعذابهم ..

                            اتساءلت ظبيه بفضول :
                            ظبيه : الفايــدة ؟! أي فايــدة تقصدين ؟!

                            انعقدت حواجب مريم في مؤشر لتفكير عميق وهيه اتقول :
                            مريم : بوضحلج اكثر .. يقول الله تعالى وهو يخاطب الانسان ((هو الذي خلقكم فمنكم كـافـر ومنكم مؤمن )).. وهذا معناه ان الانسان يا أما ينهدي وينعم الله عليه بالايمان .. أو يظل ضايع في ظلام الكفربقية حياته .. وفي كل الاحوال سواء اكان الانسان مؤمن او كافر.. يتألم .. المؤمن يتألم وتصبيه من الحياة ما تصيبه ، ونفس الشي بالنسبة للكافر ..

                            تنهدت مريم لحظات ثـم رفعت صوتها شويه وهيه اتقول :
                            مريم : لكن .. ومن رحمة الله تعالى ان ألــم الكافر غير عن ألــم المؤمن . وهالشي بينه الله تعالى لما قال في كتابه لما قال : (( إن تكونوا تألمــون فإنهــم يألمــون كما تألمون وترجون من الله ما لا يــرجون )).. والمقصود هنيه ان المؤمن يتألم والكافر يتألم مثل ما يتألم المؤمن .. ولكن هناك فرق بين ألم الاثنين ، فالمؤمن وبما انعم الله عليه من الاسلام ، يرجو من الله ثــواب وأجــر هذا الألــم ، بينما الكافر لا يحصل على ثواب هذا الالــم ، وعشان جذيه المؤمن محظوظ بألمه ، وكل الألــم اللي بيصيبه ما يعادل شي أمام الثواب والفايدة العظيمه اللي بيحصل عليها من صبره على ألمــه .

                            هــزت ظبيه راسها بتفهم لكنها قالت بعناد :
                            ظبيه : لكنج اتحبين خالد يا مريم ، وحرام تفترقون والله حرام ..

                            هالمرة نكست مريم راسها بتأثر ثم رفعته مره ثانيه وقالت بصدق :
                            مريم : وبظل احبه ، وبيظل خالد نجمــة مضيئة في سماء حياتي ، وكنت اتمنى من كل قلبي اني اكون زوجته ، واخدمه بعيوني وروحي..لكن ..

                            انفعلت مريم شويه وارتفع صوتها بغته وهيه اتقول بلهجه سريعه:
                            مريم : صحيح ان الحب شي عظيم اوجده الله في نفوسنا واتحركه عواطفنا وينغرس في أعماق احساسنا وروحنا عشان انحب بعضنا ونرحم بعضنا .. لكن الحب والرومانسية مب كل شي بالدنيا ... وهناك اشياء ثانيه غير الحب ممكن اتحققنا النا السعادة اللي نتمناها .. واهمها طبعا ايمانا بربنا ورضانا بما يكتبه علينا ... واذا كان فراقي من خالد هو الألــم اللي انكتب علي ، فانا بتقبله بكل رضى وباحتسب من الله أجـــره وثوابـــه عليه ..

                            استمرت ظبيه في عنادها وهيه اتقول :
                            ظبيه : وبتتحملين جــرح خالد الدامــي طول حياتج ؟

                            ارتسمت ابتسـامه خفيفه على شفاة مريم وهيه اتقول :
                            مريم : في حياة كل منا جــرح يظن أويعتقـد انه دامي .. ممكن ايكون حلــم أو أمـل نتمنى تحقيقـه وما قدرنا انحققه .. ونظـل عايشين ما تبقى من عمرنا واحنا معتقدين بفشلنا لمجرد امنيه ما قدرنا انحققها ، ونسيتنا او اتناسينا ان ما في مخلوق قدر يحقق كل آماله واحلامــه ، ونسينا او اتناسينا إن مجرد سعينا لتحقيق أملنا هو النجاح بعنيه ، بغض النظر عن تحققه الامــل من عدمــه ، لانه أمــر حدوثه راجـع لتقديــر الخالق وحده وهو ادرى بتحقيق مصالحنا منا .

                            طال صمتهم بعد كلمة مريم الاخيرة ، وما لقت ظبيه أي جواب حاضر تقدر اترد فيه على اختها ، ولحظتها اقتربــت مريم من ظبيه ، وحطــت عينها بعين ظبيه ، واتشكلــت بسمه حانيه على وجه مــريم قبل لا تقول بعفوية وصدق :
                            مريم : ولا تنسين ياظبيه ، أني على موعد قريب مع فــرح كبير....

                            رفعــت ظبيه حواجبها في دهشه وهيه تسأل مريم بفضول زايد :
                            ظبيه : فرح جريب وكبير ؟!! شو تقصدين ؟!

                            رفعت مريم ايدها اليمني ، ومسحت على راس ظبيه برقة شديدة ، ثم قالت بعاطفة اخوية فياضة :
                            مريم : بنفرح فيج يا ظبيه ..

                            ازدادت دهشة ظبيه وهيه تسأل :
                            ظبيه : بتفرحين فيني ؟! الصراحة.. انا مافاهمة شي !!

                            اتسعت ابتسامة مريم اكثر قبل لا تقول بهدوء :
                            مريم : البارحة بالليل سمعت ابوي يقول لامي ، ان عمي عوض طلبج رسميا حق ولده حمــد .. وابوي بدوره استغرب من طلب عمي ، خصوصا انا ما طاف وقت طويل من وفاة ولده راشد ، لكن عمي أصر وقال ان الحي أبقى من الميت ، وانه حاب يعوض خسارته بولده الاول بفرحه بولـده الثاني حمـد .. لكن ابوي طلب من عمي مهله عشان يستشريج وياخذ رايج ، وقال لعمي انه مستحيل يوافق على ولده دون موافقتج الصريحه على حمد ..

                            نكست ظبيه راسها في خجل واضح ، ولهذا مسكت مريم راس ظبيه ورفعته مره ثانيه وتابعت كلامها فقالت:
                            مريم : وانا عارفه انج تحترمين حمــد واتقدرينه من زمان ، وحمد يستاهل لأنــه ريال بكل معنى الكلمة ، وانتي ماشـاء الله عليج ما تقلين عنـه في شـي ..

                            ما لقت ظبيه من جواب حاضر غير ابتسامه خجولة مرسومه بنعومــه على شفتيها ، وهنيه انهـمرت حبات غزيرة من الصدق من فــم مريم وهيه اتقول :
                            مريم : فرحتي فيج يا ظبيه بالدنيا كلها ، وانا بذيك اليوم اللي ازف فيه اختي وحبيبتي ظبيه لزوجهــا .. ساعتهــا .. بكون فعلا ملكت السعادة بكل معناها .

                            اتسربت دمعة خاطفة من عين ظبيه ، قبل لا تتسمع بسمتها وهيه تناظر اختها بكل امتنان وحب ، ولحظتها ، رمــت ظبيه نفسها في احضان مريم ، كتعبير عن امتنانها وحبها الشديد الها ، ومريم بدورها استقبلتها بحنان دفــاق ، وظلوا لوقت طويل وهم بها الحالة ، والابتسامة الصادقة اتشع من وجوههم ...

                            لكن .. وفي اللحظة اللي كانت الابتسامة تتوهج على وجه مريم .. بدا وجها يتغير تدريجيا ، واتحولت الابتسامة لعبوس وشحوب ، واياديها اللي ممسكه ظهر ظبيه برقه ، بدت اتزيد من ضغطها وبشده على ظهر ظبيه ، وكردة فعل سريعة ومفاجئه ، ادفعــت مريم ظبيه المرتمية في حضنا بعيد عنها وبحركة عنيفه وغير طبيعية، وهذا اللي ادهش ظبيه وايد ، لكنها اندهشت اكثر لما شافت مريم ، والعرق بتصبصب من جبهتها بغزارة وجسمها يرتعش في عنف ، وهنيـه.. عاجلتها ظبيه بسؤالها وقالت بكل توتر :
                            ظبيه : مريم .. شو فيج !! انتي ليش تنتفضين ؟!!

                            شعرت مريــم بموجه شديده من الضغط النفسي العنيف ، وحست ببلعومها وكأنه يكتوي بنار حارقه ، ولهذا رمــت مريم نفسها على الكنبه اللي وراها وهيه ماسكه بلعومها بشدة ، ونطقـت بصعوبه وهيه اتقــول :
                            مريم : مــاي .. ابغــي مــاي ..

                            استدارت ظبيه للخلف وركضت صوب باب الغرفه وفتحته وصرخت بعنف وهيه اتوجــه كلامهــا للخدامة :
                            ظبيه : ميري .. يبي ماي .. بسرعه .. بسرعه ..

                            كررت ظبيه نداءها الصارخ اكثر عن مره ، والتفتت مره ثانيه جهة مريم ، ولاحظت احمـرار وجه مريم وانقباضه الشديد ..

                            امــا مريم فبدت تلتقط انفاسها بصعوبه شديدة .. ووجها متلون باللون الاحمــر الداكن ..
                            وما كانت تدري لحظتها ، انها قاعده تلتقط رسائل نفسيه هايله من مكان بعيد .. من المكان الواقف فيه خالد ..
                            وما كانت تدري ان الألــم هذا كله ، ما كان الا دفعه اولى او موجه اولى من الضغط النفسي العاصف ..
                            موجه أولى .. تعقبها موجات أخـرى ..
                            اعنــف تأثيــرا ..
                            وأشد إيلامـا ..

                            *****************************************
                            ************************************
                            ******************************

                            بلــغ التوتر والرعب والخوف والارتباك حد خطير ومخيف وغير مسبوق بقلب وعقل وكيان خالد ، وهوه يــرى ويشوف بعينه هذيك الرضيعــة الصغيرة الجميلـة البريئة وروحها تزهـق وتنزع منها وبدون ادنى رحمة وشفقه ، ومن شدة المنظـر وهوله ما قدرت ريوله على حملــه ، ، فسقـط على الارض وهوه يشعر بدوار عنيف لان عقله رافض وبشدة تصديق ما تنقله عينه من مشهد حقيقي مرعب .. وظل في هاالحاله ثواني قبل لا يستعيد ادراكه واحساسه ، وبعدها.. فــز خالد مره ثانيه من على الارض وهوه يقوم بحركه حاده وعنيفه، ويوقف مرة ثانيه خلف أشواك الاغصان ويلقي نظرة ثانيه سريعة باتجاههم ..

                            وكانت النظرة الثانيه اقسـى وأشــد هولا من الاولى ، لانه شاف لحظتها الحرمة الثانيه وهيه لافــه الحبل فعلا حول رقبة الطفله وتسحبه لخنق الياهله، والحرمة الاولى ماسكتنها بقوة ، وهنيه حاول خالد انه يعمل أي شي ، فاتحرك لليمين واليسار لكنه اصطدم بحاجز الاغصان والاشواك من جهة وبحاجز الخوف الرهيب والارتباك الشديد من أثـر هذه المفاجأه العظيمه، ولهذا اتجمد خالد في مكانه ، واستسلمت عيونه للمشهد وقلبه يكاد يتوقف من رهابة وعذابه .. وهنيه .. لمـح خالد الحرمة الثانية وهيه اتشد الحبل وتضغطه بكل قوتها حول رقبة الطفلة ، ومن قوة ضغط الحبل حول رقبة الطفله ، بدت الروح البريئة للطفلة بالمقاومة ، فأخذت الطفلــه اترافــس بريولها باستماتــه ، واتحاول تحريــك اياديها الممسوكه بقوة من قبل الحرمة الثانية ..

                            كانت اترافس وتضرب بريولها على بطن وصدر الحرمه اللي ماسكتنها وبقوة غير عادية ، في محاولة يائسه لتخليص نفسها من يــد وحوش ما ترحم .. لكن ..ما قدرت اتقاوم اكثر ، وبدا لون وجها يتغيـر وحركتها اتخف اكثر واكثر..

                            وما اتحمل خالد اكثر.. فبعــد ما استعاد خالد جزء معقول من صوابه وعقله وتفكيره وادراكه واستيعابه لفظاعة الموقف وخطورته ... بدا يتشكل بداخله اعصــار مروع من المشاعر المتصارعة .. ذهول .. غضب .. خوف .. هلع .. عجـز .. . لدرجة انه شعر ان جسمه اتفــرغ وخلى من الدم واللحم والعظــم وما ظل مكانهم الا المشاعر ..وما هي الا ثانيه من الزمـان الا وانفجرت هذي المشاعــر ، وانطلقت صرخــه هايــله مدويه من بيـن كل خليه في جسمه وهوه ايقول :
                            خالد : لااااااااااااااااااااااااا

                            كانت الصرخة من القوة بحيث ارتــج واتزلزل لها المكان كله ، وامتــد تأثيرها الهايل لتصل لمكان بعيد عن هذا المكان ، في موجة تخاطــرية ثانية ساحقه وصلت لمريم ، واللي كانت مساكه كــوب المــاء بعد ما ناولتها أيــاه اختها ظبيه وهيه على وشك انها تشرب منه .. لكن .. وبعد ما تردد صدى صرخــة خالد المدويـة في أذنها كألف مدفع .. رمت كوب الماي من ايدها قبل لا تشربــه .. ومسكت راسها باياديها الثنتيـن وضغطت عليه بشدة ، حتى خيل لظبيه ان مريم بتكسر راسها من شدة ضغط ايدها عليه ، وبعد اجزاء من الثانية رددت مريم بصوتها نفس الصرخة اللي صرخها خالد ، وبنفس القوة والحدة ، لدرجة انه ظبيه اتراجعت للخلف لخطوات كثيره ، وهيه تنتفض من الرعب ، لكنها استجمع شجاعتها واقتربت من مريم ، وهيه تصرخ واتردد :
                            ظبيه : مريم .. مريم .. شو ..

                            ما كملت ظبيه جملتها ، لانها شافت مريم وهيه هاديه جدا ، وكأنها ما صرخت قبل شويه ، لكنها ظلت تتطالع ظبيه بعيون مفتوحــه وبهدوء شديد ، وظبيه تتطالعها باستغراب أشـد .. لكن.. ما كان هدوئها المفاجىء الا الهدوء السابق للعاصفه.. فبلحظــة مباغته .. وصلـت حـزمه تخاطريه ثالثـه ، لكنها كانت أغرب من اللي قبلها ، بحيث بدت مريم تمسك اياديها كتوفها وصدرها وهيه تصرخ بألم جسدي حقيقي على شكل نغــزات شديده في اجزاء متفرقه بجسمها .. هذا غير عن الالم النفسي والعصبي اللي كانت ومازالت تشعــر.. وهنيه.. اختلط الالــم النفسي العنيف بالالم الجسدي الفظيع .. وما اتحمل جسمها هذا الضغــط النفسي والعصبي الرهيــب واللي بلغ حد غير محتمــل ، ولهــذا .. ادخل عقلها الباطــن بشدة وسرعة ، فاضطر انه يوقف على الفور النشاط الحيوي الحسي لمريم ، ويدخلها في غيبوبه عميقه ، وكان تصرف حكيم منه ، لانه أراح مريم من عذاب قاسي فوق طاقة قلبها الرقيق على احتماله.

                            واول ما غابت مريم عن الوعي ، التفتت صوب الخدامة وهيه تصرخ عليها واتقول :
                            ظبيه : شو تترين ، شيليها معاي عشان انحطها على سريرها ..

                            وبسرعة البرق اتحركت الخدامة ، واتعاونت مع ظبيه على حمل مريم ، وفعلا حملوا مريم بكل سرعة عشان ايمددونها على السرير ..
                            واثناء ما كانوا حاملينها كانت ظبيه تتطالع مريم ، وهيه مندهشه من الغرائب اللي شافتها بعينها ، وأكثر ما ادهشها الالــم الجسدي الاخير اللي صاب مريم وهيه تمسك ايدها وصدرها في ألم جسدي حقيقي ..
                            وما كانت تدري ..
                            ان الالــم الجسدي الاخير بالذات .. كان سببه الشي اللي عمــله خالد بعد صرخــته الهايـــله ..
                            لان اللي عملــه بعد هذا ..
                            كان مؤلـــم ..
                            مؤلــم للغايــــه .

                            *****************************************
                            كانت صرخة خالــد الاخيــرة من العنــف لدرجة ان ماجــد اللي كان جالس في السيارة على بعد اكثر من ميتين متــر ، سمعها وبكل وضوح ، وهذا اللي خلاه ينكمش في محله بخوف ورعب.. لكنه ما أتجرا على الحركة من مكانه .. وظل جسمه يرتعش في انتظار ما تحمله الساعات اليايه من احداث ..

                            وبها الوقت .. ولحظة ما سمعت الحرمتين الشابتين الممسكات لتلك الطفلة واللي كانت روحها على وشك انها اتفارق جسدها .. اتفاجأوا بشدة من دوي هذي الصرخة الهادره ، وبحركة عفوية وسريعة وغير مقصودة ، تركت وافلتـت الحرمة الاولى الحبل من ايديها واترجعت للخلف بذعـر ، بينما اشتد تأثير الصرخه على الحرمة الثانية ، فــرمت الطفلة الصغيرة من بين يــدها بحركة سريعه ولا اردايه ، لتسقط الطفله من أعلى ومن ارتفاع متر كامل وتضرب على الارض بعنف ، والاسوأ من جذيــه انها طاحت على حصاة وحجر حاد ، لينغرس الحجر الحاد في يــد الطفله الايمن ، وبدا الدم يسيل بغزارة منها ، وهيه ممدة على الارض بدون أي حــركة ، وجسمها ساكن تماما ..

                            أمــا خالد ، وبعد ما اتفجرت مشاعرة واطلـق هذيك الصرخة الهايلة ، اندفـع بكل قوتــه وسط الاغصان والاشواك وهوه يضرب بالحقيبة السوداء الحاملنها بايده اليمنى اغصان الاشجار المدببة بالشوك الحاد .. يمنة ويسره .. عشان يبعدها عنه .. لكن هذا ما منع الشوك من الانغراس في ايادي خالد وصدره وظهره وتقطيــع ثيابه واسالــة الدم من جروحه الكثيره..

                            وكانت هذي الاشواك المغروسه في جسم خالد هيه اللي اتسببت في الالــم اللي حست فيه مريم هناك .. لكن خالد .. ما أهتــم أبدا بهذا الألم القاسي ، وكأنه غير موجود ، واستمر في اندفاعه وسط الاشجار وبدون توقف ..

                            وبها الوقــت كانت الشابتين يتلفتـن يمنة ويسره وهم يبحثون عن مصدر ومكان الصرخة ، والدهشه مغرقه وجوهم، وازدادت دهشتهم اكثر واترجعوا للخلف خطوات اكثر ، لما شافوا خالد وهو يبــزر ويطلعلهم فجأه من بين غابة من الاغصان المتشابكة ، وكأنه طالع من العــدم ، وكأنه صاروخ اخترق جدارمن الصلب ، والدم يسيل من جروحه ..

                            لكن خالد .. واول ما طلع من بين الاغصان وبكل سرعته ، اتفاجأ بكومة من الحصى والصخور الصغيرة اللي كانت موجودة بعد الاشجار مباشرة ، وما قدر يتلافاها أو يتجنبها بسبب شدة سرعته ، ولهذا اتعثــر خالد بهذي الصخور ، وخــر على الارض بسقطه قويــة ، لدرجة انه وجهه ضرب على الارض بشدة وقسوة وعنف ، وشعر خالد ساعتها بآلام فظيعه في كل عظمة من جسمه ، وحـس بدم لــزج ساخن يسيل من أنفــه من أثــر اصطدام وجهه العنيف بالارض ، ورغم كل هذا الألــم ، ما ضيع خالد ثانية وحده ، وفــز من مكانه على طول ، ومسح الدم من وجهه ، واتجه مباشرة صوب الطفله ، وبلمح البصر كان موجود عندها ، لكنه فزع وارتعب من منظرها ، لانه لقاها متمدده على الارض بدون حراك وهيه قاطعــة النفس تمــاما ، والدم قاعد يسيل من جرحها في يدها اليمني ..

                            ولحظتها رمى خالد بنفسه على الارض، وهوه يثـني راس الياهله بايده اليسرى ، ويغلــق ويسـكر أنفهـا بايده اليمنى عشان ما يخرج الهواء منه ، ثـم يلصــق فمــه بفم الياهله ، وبدأ ينفــخ في فــم الطفلة في محاولة لاجراء تنفـس صناعي الها عشان يحرك الهواء في جسمها و تستعيد تنفسها ..

                            وبالرغم من كونه مرهق جدا ، وهو يلهـث بشده وانفاسه تتردد بصعوبه بسبب المجهود الخارق اللي سواه ، لكنه استمر في النفــخ في فــم الطفلة وباستماتة عجيبه ..

                            ومرت الثواني ثم الدقايق ثقيله على خالد ، والطفله مثل ما هيه ، ما في أي استجابه مشجعة منها ، ورغم ان شيطانه أوحاله وأكدله أستحالـة انقاذ هالياهله وانها خلاص في عداد الاموات ، لكنه رفض ها لفكـرة تماما واستمر في النفخ في فــم الطفله وباصرار غير معقول .. وباستماتــه أشـد ، لدرجة ان خالد اتمنى لحظتها ان روحه تطلع من جذورها وتدخل وتنبت في جسم ها الطفلة.. بس اتعيش ..
                            وهنيه اتذكـر خالد فجأة ان الطفله الرضيعه تحتاج لاربعـين نفخــه في الدقيقه على الاقــل في حالة انقطاع النفس ، ولهذا .. ضاعف خالد من نفخاتــه ، و بذل مجهود خــرافي يفوق طاقة جسمه على احتماله ، وبدأ قلب خالد يخفق بجنون وكأنه بيطلع من صدره من شدة عنف هالمجهود اللي قاعد يسويه ، وبدأ الدم يسيل مره ثانيه من أنــف خالد ويطيح على راس الطفلـه ، وخالد مستمـر في النفخ والنفـخ .. و ..

                            ومرت دقيقه ثقيله وألميه على خالد ، خصوصا لما اتذكر أوبالاحرى ذكراه شيطانه أن الحد الفاصل بين الحياة والموت في حالات انقطاع النفس هو ثـلاث دقايـق بس ، والوقت اللي مضى على انقطاع نفـس الياهله اكثر من هذا ان لم يكن ضعفه ..

                            ومع هذا ، ما اتسرب اليأس والاحباط لقلـب خالد ابـدا ، واستمر في النفخ المتواصل وهو يرفض بشدة أي عمل أو تصـرف غير هذا ..
                            كان الامــل ومازال حي بقلبه وهوه.. ينفـخ ..
                            وينفــخ ...

                            و بعد مرور دقيقه ثانيه كانت اشبه بزمن كامل ، بدأ خالد يشعر بحركة خفيفه في صدر الياهلــه ، وهذا اللي خلاه يتشجع اكثر ، ويستمر في العملية بحماس اكبر ، وبعد ثواني قليلــه ، شعر خالد بانفاس الطفله وهيه تلفـح وجهه بحرارة ، وهنيه.. دبــت وسرت موجة من النشوة والحماس في نفسية خالد ، واستمر في نفخــه لوقت ثاني ليما حس بحركة اشد من جانب الطفله ، فرفع راسها شويه ، ولاحظ انها بدت تستعيد وعيها وهيه اتحاول فتح عينها بصعوبه ، ولحظتها مسح خالد الدم المغطي وجه الطفلة ، قبل لا تفتح الطفلة عينها بزيغان شديد ، وهيه تتطالع خالد برعب فظيع ، واول ما استعادت الصغيره قدر معقول من وعيها ، انفجرت في ويه خالد بصياح شديد وكان واضح عليها الألــم والخوف الشديد ..

                            ولحظتها ، ما اتمالك خالد نفسـه وهوه يشوف الياهله وما مصدق انها حيــه بين يـــده ، وهنيه .. سالت دموع غزيره من عينه ، وبحركة عفوية مسك خالد الطفله ورفعها فوق وحضنها بكل حنان وفــرح واياديــه ترتجف بعنف ..

                            وبها اللحظة .. اختلطت دموع خالد السايله من عينه بدموع الطفله المتفجــرة من عينها .. وامتـــزج الدم السايح من جروح خالد بالــدم النازف من جرح الياهلــه ..

                            ومن شدة فرح خالد ، نسى ان جرح الطفله لازال ينزف من أثر طيحتها القويه ، لكنه انتبه اخيرا لها الجرح ، فقام يتلفت يمين ويسار على أمل انه ايحصل أي شي يقدر ايربط فيه هذا الجرح عشان يوقف الدم .. لكنه ما حصل شي .. فما لقى لحظتها غير انه يقعد على الارض وبيده الياهله ، و ويمسك جزء سليم ثيابــه ويقطعها باسنــانه بقوة شديدة ليما قدر يقـص ويقطـع منها قطعة معقوله ربط فيها باحكام جرح الطفلة وقدر ايوقف الدم النازف من جرحها ..

                            وبعد ما انتهى من عمله ، وقف على ريوله وهوه حامل الياهله على ايده اليسرى ، والياهله بعدها اتصيح ، وخالد يحاول ايسكتها ويضرب على ظهرها برقة ، وبعد محاولات كثيرة هدت شويه وخف بكاءها..[/align]

                            تعليق


                            • #15
                              [align=center]وكان كل هذا يصير .. والحرمتين الشابتين واقفات في مكانهم ببرود عجيب وكأن الامــر ما يهمهم ، ويطالعون اللي قاعد يصير بدون مبالاة وببرودة اعصاب عجيبه !!

                              وبعد ما انتهى خالد من اسكات الطفلة ، التفت صوب الحرمتين ، وشاركته الياهــلة نفس الحركة .. لكن .. أول ما وقــع بصــر الطفــلة على الحرمتين الواقـفات امامهــا ، انفجرت مرة ثانية في بكاء أشد وأمـر ، وبدت تمسك برقبة وثياب خالد بقوة عجيبه ، وكأنها تستغيث فيه وتترجاه وتتوسله عشان يحميها منهــم ، وخالد بدوره طمنها لما وضع راسها على صدره بحنان ورقـة وهوه يضرب يايده اليمنى على ظهرها برقه شديدة .

                              وبعدها ..التفت خالد مره ثانيه صوب الحرمتين الشابتين ، وحاول انه ينطق لكنه ما قدر ، لان انفاسه كانت على وشك انها تنقطع من شدة تعبه وارهاقه ، وريوله بالكاد شالتنه من على الارض ، ولهذا .. ظلت عيونه متركزه في عيونهم لاكثر من دقيقه وهوه يلهث بصعوبة ، و يطالعهم بكل غضب وعصبية .. وكم اتمنى بها اللحظه انه يذبحهم بايده ويدفنهم مكان الحفرة اللي حفروها لها الطفلة ، لكنه كان منتهــي جسمانيا ونفسيا وما يقوى على الحركة..

                              وبعد ما استعاد خالد شي من انفاسه صرخ في ويهم :
                              خالد : انتو شوووه ؟؟! وحوش ؟! ما في قلوبك ذرة رحمة ؟! شو سوت فيكم ها الصغيره المسكينه عشان تحاولون تذبحونها وتدفنونها هنيه ؟!!

                              ما ردوا عليها وظلوا ايطالعونه بنظرات بــاردة وقاهــرة ، ولهذا ثــار خالد مره ثانيه بويهم وقال :
                              خالد : وبعدين قولولي .. انتوا من وين خاطفين ها الياهــل ؟! اتكلموا !! قولوا!!

                              استمروا في نظراتهم البارده لفترة طويله مما زاد من غضب خالد وتوتره ، وفي النهاية نطقت الحرمة الاولى بلهجة محلية متكسـرة .. لهجة بينت انها أجنبية او غير مواطنه ، فقالت ببــرود قاتــل رهيــب :
                              الشابة الاولى : الياهل هذي مب مخطوفه ..

                              سكتت الحرمة الاولى لحظات ، قبل لا تتكلـم وهيه اتأشـر بصبعها على الشـابة الثانية الواقفه جنبها واتقول :
                              الحرمة الاولى : الشابه هذي اللي واقفة جدامك اتصير اختي ..

                              حركت الشــابة الاولى اصابعها باتجاه اليــاهله وهيه اتقول :
                              الحرمة الاولى : والياهــله اللي شالنها بايدك ، اتصيـر بنتــي ، يعني أنــا أمهــا !!!

                              مع آخر كلمة نطقتها ها الحرمة ، شعر خالد وكأن السماء انطبقت عليه ،
                              لدرجة انه اتمنى ساعتها ومن كل خاطره ان الدنيا بما فيها تنتهي و اتزول عن بكرة ابيها ..
                              لانه ما تصورولا تخيل في يوم انه بيشهد وبعينه هالجريمة البشعة ..
                              لا بل هيه البشاعة بعينها حيه وواقفه امامه ..
                              وفيه ابشع من جريمة أم تسعى لقتل بنتها الرضيعــة ..
                              جريمة .. مجرد التفكير فيها ، تجذب وتحمل كل مافي الدنيا من آلام ..
                              آلام الواقـــع..

                              **************************************************
                              ******************************************
                              *************************************

                              انفتح باب غرفة مريم بعنف لدرجة انه كاد ينخلــع من مكانه من القوه اللي استخدمها الداخل في فتحه قبل لا يدخل بومريم الغرفه بكل عصبيه وغضب.. وبنفس الوقت .. خوف وجزع ، واول ما وصل للسرير اللي متمدده عليه مريم وهيه فاتحه عينها بصعوبة ، وشاف اختها ظبيه قاعده عندها رفع صوته على الآخر وهوه يقول بقلق شديد :
                              بومريم : مريم حبيبتي .. شوفيج ؟!

                              ماردت عليه مريم ، وظلت ساكته ، لانها ما كانت تقدر تنطق من فرط الضغط النفسي اللي اتعرضتله ، ولهذا حول بومريم السؤال لظبيه وقال :
                              بومريم : شو فيها اختج يا ظبيه ؟!

                              ارتبكت ظبيه وايد وهيه اتقول :
                              ظبيه : هاااه .. مريم زينه و ..

                              قطع بومريم كلامها وقال :
                              بومريم : شو زينه .. اختك طايحه وتعبانه واتقولين زينه !! .. وبعدين وين امــج ما اشوفها عندج ..

                              حركت ظيبه راسها في دهشه وهيه اتقول :
                              ظبيه : ابويه .. انته نسيت ان اميه سايره قبل ساعه ملجــة بنت جيرانا.. وهيه خبرتك بها الشي قبل لا تسيــر.

                              هــز بومريم راسه بتفهم لكن عصبيه استمرت وهوه يقول :
                              بومريم : ما علينا منـهــا ...المهــم الحينه.. مريم .. أخـتج مريم شـــو فيهــا ؟!!

                              ازداد ارتباك ظبيه وهيه اتقول :
                              ظبيه : الصراحه يا بويه .. انا بروحي ما ادري !!!

                              صرخ بومريم بويها بشده وقال :
                              بومريم : شو ما تدرين .. الخدامة اتقول ان اختج كانت اتصارخ قبل لا يغمى عليها واطيح ..

                              ما عرفت ظبيه بشوه اتجاوب ، والتفتت صوب مريم واللي ما زالت اتعاني من تأثيرالآلام النفسيه وحتى الجسدية الحادة للموقف السابق ، وبعد لحظة صمت قصيرة ، قالت ظبيه :
                              ظبيه : تبى الصدق يا بويه .. صارت الها نفس الحالة بنفس اليوم اللي زارها فيه خالد .. بس ها المرة كانت أشد بوايــد ..والظاهر ان حالتها النفسية وايد تعبانه ..

                              تبادل بومريم مع ظبيه نظرات عصبيه قبل لا يستجمع قوته ويقول بكل غضب :
                              بومريم : الله ينتقم منه .. الله ينتقم منه..

                              اطالعته ظبيه بدهشه وشاركتها مريم نفس الشي قبل لا تسأله وتقول :
                              ظبيه : ابويــه .. منو قصدك ؟!!

                              اقترب منهــا بومريم وقال بكل حزم وهو ايأشر على مريم :
                              بومريم : قصدي واضح ..حالتها النفسيه ما سائت جذيه الا يوم اتزوجت هذاك النذل خلود .. هوه السبب في حالتها النفسية هذي .

                              ازاد ارتباك ظبيه ، ومعاه مريم واللي استمرت في صمتها و ما قدرت تنطق بحرف واحد ، وهنيه تابع بومريم كلامه بعصبيه وقال :
                              بومريم : وعشان جذيه لازم انهي كل عذابها ، واليوم قبل باجر ..و

                              قطعت ظبيه كلامه وهيه تسأله بتوتر وحيرة :
                              ظبيه : ابويه !! شو ناوي اتسوي ؟!!

                              جاوبها ابوها بكل حزم واصرار :
                              بومريم : انا الحينه بسير بيتهم ، وبخلي خالد يطلق مريم اليوم قبل باجــر .. وما بطلع من بيتهم الا وخلود مطلق مــريم ..

                              حاولت مريم انها تنطق ولو بكلمة ، لكنها ما قدرت ، وكأنه اوتارها الصوتيه متقطعه بالمرة ، لكن ظبيه اتكلمت بلسانها وقالت بانفعال متزايد :
                              ظبيه : يا بويه .. لا تفضحنا مع النــاس ، خل الامــور تمشي طبيعية ، وكل شي بينحل ان شاء الله ..

                              اطالعها ابوها بنظرة استنكار واستهزاء وهوه يقول :
                              بومريم : حل !! أي حل ؟!! إنتي راضية بالحــالة اللي عليها اختج ؟! .. ماشي حل غير الطلاق .. الطلاق وبس ..

                              انتفضت مريم في فراشها ، لما شعرت بدنـو وقرب طلاقها ، لكنها فضلت السكوت ، وكأنها استسلمت فعلا لهذا الواقع .. الواقع اللي يفــرض انفصالها عن خالد .. وللابــد .

                              استدار بومريم صوب الباب عشان يتحرك خارج الغرفه ، لكن ظبيه قامت من مكانها بسرعة عشان تمنع ابوها من الروحة ، ومسكته من ايده في محاولة جادة لمنعه ، فما كان منه ، الا ان دفعها بكل قوته بعيد عنه ، فطاحت على السريرعدال اختها بحركة سريعة وهيه تصرخ بألم خفيف ، ولحظتها تابع بومريم كلامه وقال بكل عناد واصرار :
                              بومريم : ولا كلمــة ، احنا ما مسوين شي غلط عشان انخاف من الفضايح ، ومصلحة بنتي وراحتها فوق كل شي ..

                              تابع بومريم طريقه وطلع من الغرفه ومن البيت كله و باتجاه بيت بوخالد ، وهوه كله اصرار على تنفيذ الهدف اللي براسه ..
                              واللي هوه ..
                              الطلاق ..
                              الطلاق لا غيــر ..

                              *******************************
                              **************************
                              **********************

                              صحيح ان القتــل أمـر فظيع ، وما يلجأ له الانسان الا في حالات خاصة ،
                              لكن خالد وباللحظة اللي نطقت فيها هذيك الحرمة كلمتها الاخيره ، وبينت ووضحت فيها علاقتها بالطفلة الرضيعة اللي شالنها وحاملنا خالد على يــده .. لحظتها .. انتابـته رغبــه حقيقية في قتلها وبدون رحمه ، وهوه متأكد من داخله انه لو فعل هذا الشي ، ما بتهتـز شعره وحدة من جسمه ندما على فعلته .. لكن .. وحتى هذي الرغبه ، ما كان باستطاعته ابدا انه اينفــذها ، لانه كان شبه منتهي ، والارهاق شال جسمه بالكامل ، والدم لازال ينزف من جروحه ، ولهذا اكتفى بصرخة قويه طالعة من صميم اعماقه وهوه يقــول :
                              خالد : الله يلعنج في الدنيــا والآخــرة .. انتي أم انتي !! ، في أم في العالم تقتل بنتها الرضيعة!! ، بدل ما تعطينها الحنان والرحمة تذبحينها بايدج ؟!! كيف طاوعج قلبج اتسوين ها الفعل البشع ؟!! ، هذا اذا كان عندج قلب من الاساس .. انتي الذبــح فيج حلال .. حلال .. حلال ..

                              تبادل خالد مع الشابتين نظــرات طويله وجافه ومتوتره قبل لا تقول الشابه الاولى وببرود متواصل :
                              الشــابة الاولى : لا تحكم على الشي قبل لا تبحث عن أسبابـه ومبرراته..

                              قطع رمستها باستنكار وعصبيه وقال :
                              خالد : أي سبب ، و أي مبرر ؟؟ في مبرر في العالم يخلي الام تذبح بنتها ، لا وبنتها الرضيعة بعــد ؟!!

                              سكتت الشابه لحظات طويله وهيه تتطالعه بنظرات حاره قبل لا تنطــق واتقول كلمـــة حــــق يــــراد بهـــــا كــــــل البــاطــــل :

                              الشابة الاولى : مرات الواقع يفرض علينا اشياء احنا رافضينها من الاساس !!!!

                              اشتد انفعال خالد واستنكاره وقال :
                              خالد : أي واقع ؟! أي واقع هذا اللي يفرض على الام قتــل بنتهــا الرضيعه ؟!! فهموني بس فهموني !!

                              جاوبته بهدوءها الفظيع وقالت :
                              الشابة الاولى : الموت بالنسبه للطفلة هذي بالذات افضل بكثير من الحياة ، وانا بغيت اريح ها الياهــلة من الآلام اللي تنتظرها بحياتها اليايه .. و

                              اندهش خالد من كلامها وهو يحرك حواجبه بدهشه ثم قال :
                              خالد : مافهمت ؟! .. يعني البنت هذي بنت حرام مثلا ؟! وانتي تبين ادارين فضيحتج هنيــه ؟! وحتى لو كانت جذيه.. مو من حقج تنهين حياتها بيدج ، لان حياتها ومماتها ومعاشها بيد الله تعالى ، وما يجوز لأي انسان يتعدى على حكم الله وقدره مهمن كانت الاسباب وتحت أي ظرف من الظروف ..

                              اطالعته الشابه بنظرة اشد برودة وقالت :
                              الشابه : لا .. البنيه هذي بنت حلال ، ومن زواج صحيح ميه في الميه !!

                              ازدات دهشة خالد وعجبه وفتح عيونه على الآخـر وهوه يقول :
                              خالد : عيل .. ليش تبين تقتلينها ؟!!

                              تنهدت الحرمة ثواني بسيطه ثم قالت بكل هدوء :
                              الشابة : بخبرك سالفتي كلها وبالتفصيل وانته احكــم بنفســك .

                              استرجعت الشابه على عجل شريط قصير من ذكرياتها وقالت :
                              الشابه : انا شابه من جنسيه غير اماراتيه ، يعني مب مواطنة ، وكنت عايشه في بلدي عند اهلي في بلدي الاصلي ، وقبل أكثر عن سنتين اتقدملي ريال مواطن من ها الدولة ، وانا فعلا وافقت عليه واتزوجته هناك في بلدي الاصلي وانتقلت للعيش معاه هنيه في ها الدولة ..

                              صمتت الحرمه شويه وهيه تلتقط انفاسها ثم قالت :
                              الحرمة : ولما وصلت الدولة ، اكتشفت انه متزوج وعنده عيال بعد من حرمته الاولى المواطنــة ، والادهي من جذيه انه ايخاف منها موت ، وما يباها اتعرف ابدا انه متزوج ، يعني زواج بالسر مثل ما يقولون ..

                              طال صمتها بعد كلمتها الاخيره ، وهذا اللي خلى خالد يصرخ في وجها ويقــول :
                              خالد : وبعدين ..

                              ما انتظـر خالد كثير ، ويالــه الجواب حاضر وسريع لما قالـت :
                              الحرمة : رضيت بها الوضع ، وزوجي كان مسكنني في بيت إيجــار ، وظل الوضع على ما هوه عليه ، وحملــت بها البنيه ، وولديتها قبل عشر شهور او أكثـر بشويه ، وساعة ولادتها خذني زوجي لمستشفى خاص ، واحتفظ زوجي بكل اوراقها ، وما طلع للياهــله شهادة ميلاد عشان ما ينكشف زواجه من خلالها .. طبعا من كثر خوفه من زوجته الاولى ، حتى انه ما اضاف البنت للجنسيـة ولا طلعلها جواز سفر الدولة عشان ما يفتضح أمــره.

                              استغرب خالد من كلامها وقال باستنكار :
                              خالد : وانتي كيف رضيتي بها الوضع ؟!!

                              هــزت راسها بالنفي وقالت :
                              الحرمة : انا ما كنت راضيه طبعا ، وقلتله ها الشي ، لكنه كان دايمن ايقولي اصبري ، ليما ايشوف حل مع حرمته الاولى ، وانته اتعرف اني حرمه غريبه وفقيرة ، وما كان بيدي شي ، ولها السبب واقفته وصبرت على أمــل انه يتغير في يوم ويشهر زواجنا ويعترف بالياهــله ..

                              كانت الطفله بها الوقت داســه راسها في صدر خالد ، وما راضيه اتصد ولا تتطالع أمها اللي استمرت في كلامها وقالت :
                              الحرمه : واستمر الوضع على ما هو عليه ، لين ما ..

                              سكتت الحرمه بعد حروفها الاخيره وهذا اللي استفـز خالد ، واتكلم بانفعال ممزوج بفضول عنيف :[/align]

                              تعليق

                              يعمل...
                              X