تويت
المكتبة الرقمية العمانية كوكب المعرفة
http://www.al-kawkab.net/
توجهت الينا مؤخرا مجلة المسار التي تصدرها جامعة قابوس في مسقط – سلطنة عمان ، بسؤال محدد هو ؛ هل انتهى زمن الشعر ؟ وكان هذا الجواب …
في لقاء متلفز معه ،قال شاعر عربي لايحضرني اسمه ، ان القصيدة هي الشكل التقني للشعر ، اما الشعر بمعناه الاشمل فهو مبثوث في مختلف الاجناس الابداعية والثقافية ، كالرواية والقصة والمسرحية وحتى المقالة السياسية .. بصراحة ، انقل هنا ماقاله هذا الشاعر بالمعنى ان لم يكن بالنص ، واستطيع القول اني اضفت الى اجابته مفردات ربما لم يقلها ، ليس بقصد تقويله ، بل لاشارك في الاجابة على السؤال الذي وجهه اليه مقدم البرنامج ، والذي كان عن سبب اهتمامه بكتابة المقالة السياسية ليعبر عن ارائه ، وهل ان الشعر غير قادر على ذلك…
لاشك ان اجابة الشاعر ، تختزل الكثير من الاجابة على سؤالكم لي ، والذي علي ان اكمل اجابته بشرح امور تستحق الشرح ولو في هذه السطور القليلة ، واقول ، نعم ، لقد تراجع الشعر بمعناه التقليدي امام المعطيات الحضارية الحديثة بشكل ملحوظ ، والتراجع هنا للقصيدة ، في اشكالها المختلفة ، سواء قصيدة العمود او التفعيلة او النثر التي مازال الجدل بشأنها قائما، ومن هذا الجدل تنبثق اجابة اخرى عن ماهية الشعر ، جديرة بان تضاف لاجابة شاعرنا الذي بدأنا بها هذه السطور ، اذ ان تطور وسائل الخلق الجمالي وتعددها ، نقل المشهد الحياتي من حالة السكون او ركود الصورة الحياتية الى حالة اكثر حيوية ، مما ادى الى خلق حالة اشباع فني ما كانت لتحصل في السابق من دون ان يستحضرها . الشاعر في الغالب بقصائدة التي تستدعي الجمال ، ولو تخيلاً !!
لقد طغت الصورة على مشهد اليوم ، وهي حية نابضة بالشعر سواء كانت في السينما او المسرح الحديث الذي استفاد من التقنية الحديثة ، وكذلك في التقارير الاخبارية الراقية التي يبعث بها المراسلون بطريقة تنافسية بين الفضائيات ، وبذلك انحسرت المساحة التأملية امام شاعر القصيدة الذي عليه ان يستحضر كل ذلك ليقفز عليه ويأتي بما هو مدهش ومثير!
لقد باتت حتى المادة السياسية تستدعي حضوراً شعرياً لكي تصل الى القارئ بمتعة ، ولعلي وانا أقرأ مثلاً كتاب ( خريف الغضب ) للكاتب الكبير محمد حسنين هيكل ، كنت أشعر وكاني أقرأ ( قصيدة سياسية ) طويلة ، والامر كذلك مع كتاب اخرين، كرسوا حضورا طيبا بسبب اسلوبهم ( الشعري ). ولايقتصر الامر على ذلك بل تعداه الى نشرات الاخبار التي صارت تقدم بمصاحبة المؤثرات الفنية وبطريقة شعرية على مستوى التصوير والموسيقى ، تسرق المشاهد وتجعله في اجواء ( فن الاخبار ) اكثر من فحوى الاخبار نفسها !
ان اللغة اخذت تتسع باتساع المعرفة، واصبحت الدهشة اقل على مختلف المستويات، واصبح الشاعريواجه صعوبة في التعبير عن مكنوناته التي يصوغها شعرا في قصيدته ، بل اصبح يواجه مايمكن تسميته عجزا في اقناع المتلقي ببضاعته الشعرية ، بسبب زحمة المعروض (الشعري )المتبدي باشكال مختلفة ، وكذلك بعجز اللغة المكتوبة في التعبير عن اشياء او افكار اخذت السينما مثلا تعبر عنها او تشبع رغبة المتلقي بها بل تغنيها بطريقة اكثر امتاعا وادهاشا ، ولك مثلا ان تتخيل واحدا من الافلام الكبيرة ذات المحمول الشعري المكثف ك(شفرة دافنشي ) او( سيد الخواتم) او افلام الخيال العلمي التي تنتقل بالمتلقي الى عوالم افتراضية يشاهدها بعينه كما لو انها واقع !
أخيراً ، أقول ، هل تراجع الشعر أم اتسعت مساحته ؟
وهنا لابد من ان تكون الاجابة متشظية بين آراء مختلفة ومتعددة ، قد يكون لي منها رأي واحد ، ربما نجحت في طرحي له من خلال هذه ( الاجابة ) التي استطيع ان انهيها بجملة واحدة ، وهي ان القصيدة صارت تنحسر لأن فضاء الشعر صار اكثر سعة ، بسبب معطيات الحضارة الحديثة ، وتلك لعمري مفارقة حقاً !
عبد الامير المجر
كوكب المعرفة
http://www.al-kawkab.net/
تعليق