ندعوكم لزيارة المكتبة والإستفادة مما تقدمه من كتب رقمية ومخطوطات ورسائل جامعية وغير ذلك
http://www.al-kawkab.net/
يعتبر كتاب "المرأة في الشعر العماني المعاصر 1970 ـ 2008م" أول دراسة تتناول صورة المرأة في الشعر العماني والتي جاءت تحتفي بكل المكونات الشعرية الثلاثة في سلطنة عمان لترسم صورة واضحة وجلية عن المرأة في كل اتجاهات الشعر التقليدي، والتفعيلة، وقصيدة النثر وهو أحد أشكال التعبير الموضوعي الذي يمثل المنحنى الجديد للكتابة والمعرفة وفيه تتضافر الأصوات ولا تتعارض، وتتَّحد النزعات، ويتوافق الذاتي والموضوعي، وينسجم التراث والمعاصرة، وقد قدم لهذا الكتاب الاستاذ الدكتور محمد مدني استاذ النقد الأدبي والأدب المقارن بجامعتي المنيا ونزوى بكلمات جميلة ومعبرة فهو الاستاذ المشرف على هذه الرسالة حيث يعتبر الكتاب رسالة ماجستير قدمها الباحث في كلية العلوم والآداب بجامعة نزوى. وإن دلت هذه المقدمة على شيء فإنما تدل على براعة الباحث الصقري وتمكنه من مادته العلمية وأدوات بحثه فقد قال الدكتور محمد مدني عنه: "حيث ينحت لنفسه خطا كتابيا جديدا يوازي – إن لم يكن متفوقا بالضرورة التاريخية- على نحو أكثر وعيا، وانضباطا معرفيا، مساره الشعري المألوف سابقا، بل ويتفوق عليه…" ومحمود بن ناصر الصقري كاتب وباحث وشاعر لديه العديد من المؤلفات في الشعر والأدب وهو استاذ محاضر في كلية العلوم والآداب بجامعة نزوى. وقد طبع هذا الكتاب في دار كنوز المعرفة بالمملكة الأردنية الهاشمية عام 2011م، وجاءت عدد صفحاته 288 صفحة وضمَّ مقدمة ومدخلين وثلاثة فصول وخاتمة عرضت فيها أهم نتائج البحث. وقد بدأ الباحث الصقري حديثه بقراءة عن التحولات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية ورصد معيار تأثيرها في موضوع البحث، ثم عرج إلى وصف المشهد الشعري والتحولات الفنية وذلك بقراءة في المشهد الشعري والتيارات الفنية القائمة خلال فترة البحث وهي تلك السائدة في الشعر العماني المعاصر بدئا بالاتجاه الكلاسيكي ثم قصيدة التفعيلة (الشعر الحر) ثم قصيدة النثر.ثم انتقل الباحث إلى الفصل الأول ليعرض لنا الصورة الشعرية: مفهومها في القديم والحديث ومصادرها التراثية والطبيعية، حيث قسم لنا الطبيعة إلى قسمين: الطبيعة الجامدة، والطبيعة المتحركة واستخرج لنا مصادر الصورة أيضا من الثقافة الدينية، والحياة اليومية ثم عرج بنا إلى الفصل الثاني للحديث عن أنماط الصورة للمرأة الأم، والمرأة الحبيبة،والمرأة الوطن، والمرأة الزوجة، وقد فصل الحديث عن تشكلات نمط الحبيبة وبدأ بالتشكيل الحسي للمحبوبة ثم التشكيل العذري ثم التشكيل التقليدي وختم الصقري بحثه في الفصل الثالث بالحديث عن جماليات الصورة من ناحية اللغة والتراكيب وكذلك من ناحية الموسيقى والإيقاع.
وتأتي هذه الدراسة مهتمة بصورة المرأة في الشعر العماني المعاصر من عام 1970وحتى عام 2008م، وأهميتها تكمن في أنها غير مسبوقة، وتبحث عن موضوع المرأة بوصفها واحدة من أهم القضايا التي نجحت حكومتنا الرشيدة بتوجيهات من جلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم في إبراز دورها في المجتمع انطلاقا من الدين الإسلامي، وتماشيا مع متطلبات النهضة العمانية الشاملة، وأهمية مشاركتها الفاعلة مع الرجل في دفع عجلة البناء والتطوير في عُمان، حتى تتكامل حقوقها التي أقرها الإسلام لها في كل ما من شأنه رفعتها وكرامتها وإعلاء منزلتها وكيانها الاجتماعي.
ومما شجع الباحث على حد زعمه في مقدمته أن تحليل صورة المرأة ومكانتها في الشعر العماني لم تحظ بدراسات تحليلية أو نقدية أو أكاديمية متخصصة لبيان الدور الذي لعبته المرأة بصفة خاصة في إثراء التراث الشعري العماني في كل مراحله القديمة والحديثة ولا يزعم البحث ولا الباحث هنا أن الباب قد أغلق بشأن هذا الموضوع، بل يزعم أنه قد افتتح لمزيد من الدراسة والبحث والتقصي فموضوع صورة المرأة في الشعر العماني غيبته الدراسات القديمة والحديثة على حد سواء. وقد خلصت الدراسة إلى عدد من النتائج المهمة ونعرض صياغتها على النحو الآتي:
أولا: تميزت مرحلة النهضة العمانية المعاصرة بعدد كم التحولات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، كان لها عظيم الأثر في الاهتمام بوضعية المرأة العمانية، وقد لعبت هذه التحولات الايجابية والفاعلة التي تحققت بفضل الحكومة الرشيدة، وبتوجيه سامٍ من جلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم دورا فاعلا في تشكيل صورة المرأة العمانية واقعا وفنَّا.
ثانيا: تميّزت الفترة محل الدراسة بتنوُّع المشهد الشعري العماني، الذي حظي بحضور تيارات شعرية ثلاثة، هي التيار المحافظ (الكلاسيكي) وتيار قصيدة التفعيلة، وأخيرا تيار قصيدة النثر.
ثالثا: وقفت الدراسة على ماهيّة الصورة، موضحة المفهوم الذي ترتضيه متماشيا مع واقع القصيدة العمانية، كما أظهرت المكونات التي اعتمدت عليها القصيدة في تشكلاتها لدى التيارات الشعرية القائمة.
رابعا: أظهرت الدراسة أن مصادر صورة المرأة في الشعر العماني لدى الاتجاهات الشعرية القائمة قد تمركزت في كلٍّ من: التراث بمختلف أنواعه، التاريخي، الأدبي، الشعبي، لعب دورا مهما في منح الشعراء العمانيين ثراءً فنيا واتساعا جماليا.
لعبت الطبيعة بوصفها أحد المصادر الشعرية دورا حيويا لدى مختلف التيارات بصنفيها الجامد والمتحرك.
لعبت الثقافة الدينية دورا لا يقل أهمية عن المصادر السابقة.
وأخيرا كانت الحياة اليومية مصدرا معينا بكل ما حملت من تحولات للشعراء.
وفي ذلك كله فقد وظف الشاعر العماني التراث بكل مفرداته وأساليبه ولم يهمله، وجمع بينه وبين الحداثة في الأسلوب والربط واستطاع من خلال ذلك إيجاد توازن يقوم على الاستلهام من جانب والتجديد من جانب آخر.
خامسا: أظهرت الدراسة أن المشهد الشعري العماني خلال فترة البحث قد اهتم بأنماط بذاتها من صورة المرأة، هي المرأة الأم، والمرأة الحبيبة، والمرأة الوطن وأخيرا المرأة الزوجة بذات الترتيب من حيث الأهمية والمساحة الشعرية. سادسا: تعامل كل تيار شعري مع تشكيل الصورة، ورسم النمط الفني بما يتوافق ورؤيته الفكرية والفنية، على نحوه أظهرت الدراسة في كل تيار من التيارات الثلاثة؛ فبينما حافظ الكلاسيكيون على معجمهم الشعري والأغراض التقليدية؛ سعى شعراء التفعيلة إلى الاستفادة من أشكال التجديد والتحديث في القصيدة العربية، بينما انتهج شعراء قصيدة النثر مسلكا حداثيا مستغلين فيه ما توافق وتصورهم لنمط الصورة، ودعوة التجديد، وقد أفاضت الدراسة أمام النماذج الدالة لكل نمط في كلِّ تيَّارٍ فنِّيٍّ، مع تميز شعراء الاتجاهين الكلاسيكي والتفعيلة بالخوض في كل تفاصيل المرأة وأنماطها في هذه الدراسة (الأم، الحبيبة، الوطن، الزوجة)، بينما انحصرت التجربة عند شعراء قصيدة النثر في أنماط (الأم، الحبيبة، الوطن) ولم يوجد لهم أي حضور شعري في جانب المرأة (الزوجة) بخلاف من سبقهم.
سابعا: أظهرت الدراسة أن الشعر العماني خلال فترة البحث منذ النهضة المباركة شهد تطورا كبيرا في المستويات الفنية والتصويرية، وحيوية اللغة، والتجديد الموسيقي، كما بينت الدراسة أن الشعراء لم يبالغوا في التعقيد اللغوي، والبناء الشكلي للقصيد، وجاءت اللغة بسيطة، بعيدة عن التعقيد والإبهام، اللهم إلا في قصيدة النثر التي غلب الخيال المبهم عليها في بعض الأحيان.
ثامنا: أظهرت الدراسة في هذا الكتاب ما تكوَّن لدى الشعراء العمانيين من رغبة فنِّيِّة شديدة الجموح إزاء التجديد والتحديث، ومسايرة الحركة الشعرية العربية والعالمية، مستعينين في ذلك بكل ما أتيح لهم من إمكانات.
ونقرأ عزيزي القارئ معكم من خلال هذا الكتاب مع هذا الباحث الواعد الصقري المنهج الذي ارتضته الدراسة وهو المنهج التحليلي الوصفي بعامة ولكنها كما قال الباحث: لم تعدم الاستفادة من بعض معطيات المنهج التكاملي كلما تطلب الأمر لبيان كل الجوانب والتفاصيل المتعلقة بهذه الدراسة، من كل النواحي التي تخدم الموضوع نفسه. وبحق فإن هذه الدراسة من أفضل الدراسات الأكاديمية التي تحدثت عن صورة المرأة وأنماطها على مستوى الخليج العربي فقد أعطتنا قراءة تأملية عن التطور التدريجي والسريع الذي أفرزته النهضة العمانية الحديثة، ونستدل من خلالها أن النهضة التي شهدتها المنطقة ككل ساهمت في بناء وتأصيل دور المرأة في جميع المجالات جنبا إلى جنب مع الرجل وهذا ما أكدته الدراسة أيضا، فقد بادرت المرأة العمانية وكانت سبَّاقة في الميادين التي أتيحت لها فأطلقت كل إبداعاتها ومواهبها، ولذلك كانت ألسنة الشعراء ما انفكت عن ذكرها في جميع مواقعها المتعددة التي ذكرناها فهي بحق المرأة الأم التي تعطي حنانا بلا حدود وتمنح حبا بلا توقف وهي المرأة الحبيبة التي طالما تتدفق حبّا وحنانا وعطفا ورحمة ومودة، والمرأة هي الوطن الذي يمنحنا الحب والحنان والأمن والأمان والسلم والسلام والمرأة هي الزوجة التي تفيض حبّا وعطفا وحنانا ورحمة ومودة وألفة وسكينة فكل هذه الصفات تأتي مجتمعة لتشكل صورة نابضة عن المرأة إيٍّ ما تكون وفي أي موقع فهي تنبض دوما حبّا وعشقا وعطاء.ناصر الحسنيالوطن
كوكب المعرفة
http://www.al-kawkab.net/