تحتفي الجمعية العمانية للكتاب والأدباء بتكريم الفائزين وأعضاء لجنة التحكيم في مسابقتها لأفضل إصدار أدبي للعام 2011، في السابعة والنصف من مساء يوم السبت القادم 29 سبتمبر 2012م، بمقر الجمعية الجديد بالموالح .
شملت المسابقة خمسة مجالاتٍ أدبية، وهي القصة والشعر والرواية والنقد والنص المفتوح. تشكلت لجنة التحكيم من الشاعرين العُمانيَيْن زاهر الغافري واسحاق الخنجري لفرعي الشعر والنص المفتوح، والناقِديْن التونسي د. محمد زروق والمغربي د.عبد المجيد بنجلالي لفرع الرواية، والناقدين العراقي د. غالب المطلبي والمصري د. محمد الشحات لفرعي النقد والقصة القصيرة .
وقد أعلنت اللجنة المنظمة مسبقاً من فوز رواية "بن سولع" لجائزة أفضل إصدار روائي لصاحبها علي المعمري، في حين نال يحي بن سلام المنذري جائزة أفضل إصدار قصصي عن مجموعته "الطيور الزجاجية"، بينما ذهبت جائزة أفضل إصدار شعري لخميس قلم عن مجموعته "شجرة النار"، كما حصلت د. فاطمة الشيدي على جائزة أفضل إصدار نقدي عن كتابها "المعنى خارج النص: أثر السياق في تحديد دلالات الخطاب"، وذهبت جائزة النص المفتوح لكتاب "أسرار صغيرة" للكاتب والصحفي محمد الحضرمي.
حيثيات الفوز :
وقد عزت لجنة التحكيم فوز مجموعة "شجرة النار" للشاعر خميس قلم الى توافر مجموعة من الأبعاد الدلالية والفنية التي أهلتها لهذا الفوز ، منها الاشتغال على عمق الدلالة المركزية للنص ، أي أن النص يتنامى من بؤرة واحدة، متصاعدة لعوالم متسقة في مبناها، ثم تنوع إيقاع النصوص وفق المعنى وصراع الذات الشاعرة؛ فتارة
نجده خافتا ينبىء عن حالة من الصمت والهمس ، وأخرى عاصفا مشتعلا بالدلالات الثائرة .
وهذا يقودنا إلى منحى مهم في النص ، وهو مدى تناغم
أصواته بحيث تعطي نوعا من التراوح الموسيقي فضلا
عن اندماج الصورة الشعرية بين المعنى الواقعي
والرؤيوي وذلك من خلال تقديم صور متزنة ،تخدم
حركة النص وفضاءاته، بالإضافة إلى البعد الدلالي للنصوص الذي ينطلق من تجربة واضحة، ذات جذر درامي حركي متفاعل بين الضمير الأحادي والجمعي، بين الأنا
والآخر، بين صراعات متنوعة في النصوص، نص يواجه الموت ونص يعري الحب وآخر
يشاغب الغياب، انها مرايا مختلة من التشظي منفصلة في حدوثها متصلة في الجرح
والتصدع والألم .
أما مجموعة "الطيور الزجاجية" فقد رأت لجنة التحكيم استحقاقها للفوز بجائزة
أفضل اصدار قصصي عماني لعام 2011 لأن "قصصها كشفت على نحو أكثر وضوحا عن وعي
كاتبها بتقنيات فن القصة القصيرة الذي هو فن التكثيف السردي في المقام الأول ،
وعن تمكنه من خط نهج خاص به في المعالجة السردية ، فضلا عن أن قصص المجموعة
تكشف لنا عن جملة من الثيمات الانسانية والجمالية التي يجدر بفن القص تأملها
وتدبّر ما يتصل بها ، من قبيل تصوير البراءة التي يبدأ الطفل في فقدانها وهو
يقترب من عالم الكبار تصويراً مقنعا ، وتصوير نمو مفهومي الخير والشر في داخل
الطفل تصويرا سرديا مقبولا ، والقدرة على التقاط زاوية رؤية جيدة يبدأ منها
المشهد السردي في التدفق ، وتعرية أساليب القمع والقهر الاجتماعي الذي يعانيه
البسطاء والمهمشون بمهارة سردية ، اضافة الى تطويع اللغة والأسلوب لخدمة
المشهد القصصي ورسم الشخصية وملامح المكان وحدود الفضاء النصي .
أما فوز رواية "بن سولع" للروائي علي المعمري بجائزة أفضل رواية عمانية لعام
> 2011 فقد عزتْه لجنة التحكيم الى "تنوّع أنماط السرد ومظاهره فيها، ونضج
الأحداث وتوضّح معالم السرد وقدرة الكاتب على تصريف اللّغة السرديّة قولا
وحالا وفعلا، وتمكّنه من الأحداث يبذرها متى أراد ويُجمّعها متى اقتضى منه
الأمر ذلك"، ونظرا أيضا إلى "نجاحه في رسم فضاء سردي جامع بين وقْع الذات،
ووقْع الاجتماعي والتاريخي، وإثارته لتاريخ حارق، تحوّل بقدرة الراوي سردا
متخيّلا، يُحيل – ضرورةً - إلى وقائع التاريخ، ووقائع الذات، ولا يُحيل في
جوهر السرد إلاّ إلى متخيَّل قصصيّ" . وأضافت اللجنة أن "بن سولع" توفّرت فيها
شروط الرواية من حيث بناؤها وطرافة الفكرة التي أحكم الروائي العمل عليها،
ونوّع من وسائط بيانها ووسائل صياغتها . *
ورأت لجنة التحكيم أن كتاب "**المعنى خارج النص: أثر السياق في تحديد دلالات
الخطاب**" للدكتورة فاطمة الشيدي يستحق جائزة أفضل اصدار نقدي **لعام 2011؛ لما
لمسته اللجنة فيه من جهد طيب يستحق الاعتبار وخطوة محمودة في سبيل بناء نقد
أدبي منهجي جاد، فضلا عن إيجابيات أخرى منها أهمية موضوع الدراسة ومعاصرته ،
وجرأة الباحثة في التعامل مع مادة نقدية تحتاج إلى كثير من التأمل والتدبر،
والتعبير اللغوي السليم عن الفكرة، ومحاولة إجراء جملة من التطبيقات المتصلة
بهذه النظرية في الأدب العربي عامة والأدب العماني خاصة. ولم يَفُتْ اللجنة أن
تشير إلى أن الكتاب تضمن شيئا من الخلط المنهجي في التعامل مع نظرية السياق .
وحصل كتاب "أسرار صغيرة " على جائزة النص المفتوح لعام 2011 لتناوله في لوحات
أدبية شيقة المكان العماني، بلغة تأملية شفيفة، مضفياً على المكان بعلاقاته
الإنسانية وتفاصيله المنسية، بعداً ذاتياً حميماً، فهو يتناول عوالم الحارة
العمانية، وأحلام الإنسان، وعالم الطفولة والظلال البعيدة، بلغة شعرية خالصة
أحياناً، وبتصعيد الأحداث والمرويات بنثر يقارب الحكاية. انه تزاوج يعيد
الصياغة الأسلوبية لإبراز معالم الحاضر القريب والماضي البعيد .
وكانت الجمعية العمانية للكتاب والأدباء قد دشنت جائزة أفضل اصدار لأول مرة
عام 2008 ، واستمرت بعد ذلك بشكل سنوي ، تشجيعا منها لحركة نشر الكتاب الأدبي
العماني ، والارتقاء به إلى الأفضل من خلال اذكاء روح التنافس بين الكتاب
والأدباء العمانيين .