إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

عبد الله يبحث عن حبيبته

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • عبد الله يبحث عن حبيبته

    [align=center]عبد الله يبحث عن حبيبته

    ـ الرحلة الأولى‏

    قال عبد الله: هل تأتين،وحياً أو حضوراً‏

    أو تمريَّنَ بأفقِ الوعيِ مثل الخاطِرَةْ‏

    أحضري كي يرقصَ الشمعُ على أرصفةِ العُمرِ‏

    وتخضَرَّ السنونُ المُقفرةْ‏

    ويهلَّ الثلجُ أسرابَ فراشاتٍ وأرتَالَ حَمامْ‏

    تنثرُ الضوءَ على بوَّابةِ الليلِ وتسقي الفترةَ المنكسرهْ‏

    فاحضُري‏

    -صوتُ عبدِ اللَّهِ محمولٌ على دمعتهِ وعذاب السَّيْرِ-‏

    أوحُلِّي بهذا الوعَي حتَّى يكسرَ الشَّمعُ‏

    ويطوي الثَّلجُ أحزانَ الفُصولِ الساهرهْ‏

    * * *‏

    قال عبدُ اللَّهِ-مَنْ يسمَعُهُ-؟‏

    -تعِبَ العُمرُ مِنَ التَّحْديقِ في قافلةِ الأيَّامِ‏

    واستجدى بقايا الرُّؤيَةِ المنتظرَهْ‏

    وإذا ما خانت الرُّؤيَةُ عبدَ اللَّهِ يسْتَلقِي على خَاصِرَةِ اللَّيْلِ‏

    ويَطْوي ذاته في ذاتِهِ كالشَّهْقَةِ المُنتحرةِ‏

    * * *‏

    قال عبدُ اللَّهِ: لَوْ تَبْتَسِمِينْ‏

    أنت…آهٍ‏

    أنتِ…لو تلتفتينْ‏

    ليعودَ العمرُ مِنْ تِرحالهِ الأعمى‏

    ويندسَّ صَباحاً في هُنيهاتِ الهوى المُستَتِرهْ‏

    قد تنامُ الريحُ – كالطِّفلةِ-‏

    ترضعُ ثَدْيَ الليلِ في صمتٍ‏

    وتستلقي على أعتابهِ كاللَّمحة المُندثرهْ‏

    قال عبدُ اللَّهِ: من يسمعني في صخب الدنيا‏

    فهيَّا أدركيني فأنا أعبرُ هذا الدربَ وحدي‏

    أحملُ الماضي وقد أرهقني‏

    غارقاً في لُجَّةِ الوَعْي ومافي قُدرتي أَنْ أقهرهْ‏

    كل شيئٍ كل شيئٍ غارقٌ في الصَّمتِ مِنْ حَوليَ‏

    إلا الذاكرهْ‏

    آهٍ ما أصعبَ أن يلتهمَ الموتَ الجِهاتِ السِّتَّ‏

    مِنْ حَوْلي ويَنْسى الذاكِرَهْ‏

    ***‏

    ـ الرحلة الثانية‏

    كُلَّما حَدَّقَ عبدُ اللَّهِ‏

    في وجهكِ يَغْشاه اشتياقٌ للرَّحيلْ‏

    -هكذا قال-‏

    لِيسري في ظلامِ الأُمنياتِ الضائِعهْ‏

    ويرى قامتهُ‏

    وتَراً يَنْشَدُّ مِنْ مِئْذَنَةِ القدسِ إلى قرطبةٍ‏

    أو يستحيلْ‏

    رَمَقاً يوشِكُ أن ينحَلَّ في رعشةِ حُبِّ ضارعَهْ‏

    فدعي هذا النَّجِيَّ البِكرَ عبدَ اللَّهِ‏

    يَستجلي نهاياتِ الحِصارْ‏

    وعصافيرُ الرؤى تمشي معهْ‏

    فلهُ في صَخَبِ الدنيا طريقٌ واحدٌ‏

    يبدأُ من عينيكِ إشراقاًوصَحْواً،وحُضوراً‏

    فافتحي أجفانكِ الخضرَ لكيْ ينتزعَهْ‏

    إنَّ عبدَ اللَّهِ في الرحلةِ عمرٌ ميِّتٌ‏

    وهوىً محترقٌ وحروفٌ جائعهْ‏

    وقطوفٌ جمَّدَ الحرُّ نواصيها فلاذتْ بالصَّقيعْ‏

    أُنظريهِ هُوَ في المأساةِ عينٌ دامعهْ‏

    * * *‏

    أَنْتَ كَوْنٌ‏

    -قال عبدُ اللَّهِ-‏

    شَفَّافٌ كجسمِ الضوءِ في ضَحْوتِهِ‏

    فافتحي أبوابَهُ لِيُنَادي‏

    بعد رشْفِ الجُرعَةِ الأُولى‏

    -: ألا سُبحانَهْ ما أرْوَعَهْ‏

    جَلَّ مَنْ قد صَنَعَهْ‏

    * * *‏

    ـ الرحلة الثالثة‏

    منذُ فتَّحتُ جُفوني‏

    -قالَ عبدُ اللَّهِ-‏

    أحسسْتُ بأنِّي حَمَّلوني‏

    هودجاً في حَجْمِ حُلْمِ القافِلَهْ‏

    وبطولِ الدربِ كنتُ الحامِلَ الحُلمَ‏

    وكنتُ الباذِرَ الحَبَّ وكنتُ القابلهْ‏

    أُطعمُ الحلمَ عذارى فَرحي‏

    عبرَ السنينَ الماحِلَهْ‏

    وعلى صدريَ أعشاشٌ أُنميَها‏

    لأطيارِ النبوءَةْ‏

    وأغطِّيها بأَهدابِيَ ليلاً‏

    ونهاراً أفرشُ الوَجْدَ لَها‏

    رَيْثَما تخْضَرُّ فينا المرْحَلَهْ‏

    * * *‏

    ثَقُلَ الهودجُ تحتَ الحرِّ والسيْرِ‏

    وبينَ الريحِ والثلجِ وسالَ الحلمُ‏

    مِنْ بينِ الخَصاصِ المهْمَلَهْ‏

    ويرى قَوْميَ إنَّ العرسَ ما زالَ‏

    وزَفَّاتِ العَذارى الراحِلَهْ‏

    * * *‏

    لم يَعدْ في دربِ عبدِ اللَّهِ‏

    إلاَّ هودجٌ تسكنُهُ الريحُ‏

    وتغْشاهُ بقايا ذكرياتٍ آفِلَهْ‏

    وإذا ما ثَقُلَ العُمرُ ومالتْ كفَّةُ الحزنِ‏

    وغطَّى القهرُ والحزنُ حُدَاءَهُ‏

    وطوَى الخوفُ عناءَهْ‏

    وتلاشَتْ صورٌ للزمنِ الآتي‏

    ينادي :‏

    آهِ يا طيرَ النبوءَهْ‏

    أوشكَ التاريخُ‏

    أن يسقطَ في العتمِ‏

    وكادتْ أن، تضلَّ القافِلَهْ‏

    آهِ، يا طيرَ النُّبوءاتِ أَغيثي‏

    حامِلَ الهَودجِ والمصباحِ أنِّي متعبٌ‏

    حتى حدودِ الموتِ والدربُ طويلْ‏

    والزَّوايا مُقفلهْ‏

    آهِ يا طيرَ النبوءاتِ أجيبي‏

    أمْ..هي الأحلامْ،و الآمالُ والدُّنْيا وأَفراحُ الهوى‏

    عبرَ الجهاتِ السِّتِّ رؤُيا باطلهْ؟‏

    * * *‏

    لم تُجبْ تلكَ الطيورْ‏

    قال عبدُ اللَّهِ لكنْ فاجَأَتْهُ‏

    إنها تبصرُ ماكانَ وما مَرَّ‏

    ولكنْ تُبطقُ الأحْداقَ عَنْ كلِّ العصورِ المقبلَهْ‏

    * * *‏

    كيفَ يا طيرَ النبوءاتِ تعيشنَّ فراغَ الذكرياتْ‏

    وتغطِّينَ بها مَحْلَ المواسِمْ‏

    -قال عبدُ اللَّهِ في حيرتهِ-‏

    والفُصولَ القاحِلَهْ؟‏

    أفلا تأتينَ؟ إني شَفَةٌ عَطْشَى‏

    وأرضٌ شَقَقَّ الحّرُّ نَواصيها‏

    وأنتِ الغيمةُ المرتحِلهْ‏

    ـ الرحلة الرابعة‏

    أين معشوقةُ عبدِ اللَّهِ‏

    عبدُ اللَّه‏

    غارقٌ في حُبِّها العُذريِّ‏

    ما بينَ شطوطِ الأطلسيِّ‏

    و تعاريجِ تهامهْ‏

    فاسمعيهِ عندما يصرخ في وحدتهِ‏

    -لَبِسوا ثوبي وفي كلِّ إنعطافَهْ‏

    أنا في ثوبٍ يُغَطِّيني بلا سِترٍ وفي طيَّاتهِ‏

    كنت شكلاً أو علامهْ‏

    تارةً أحسبني عبداً وأخرى مَلِكاً‏

    بُسطاءُ القومِ إسمونيَ: عَرَّافَ اليمامهْ‏

    والذينَ انحدروا في غيِّهمْ‏

    حمَّلوني خطأَ العصْرِ‏

    وهم من خلخلوا بنيانه‏

    ثم أبقوني على هامِشِه شارَةَ موتٍ‏

    أو صليباً يابساً واسمُ(( عبدِ اللَّه))‏

    عُريانُ أمامَهْ‏

    ليسَ للمدعُوِّ عبدِ اللَّهِ‏

    مِنْ جملةِ أشراطِ الوُجودْ‏

    غيرُ بقايا لُغةٍ يصفَعُها الليلُ وتشكوهُ ظلامَهْ‏

    وأنا شهِدَ اللَّه أنا‏

    من فئةٍ يقتُلُها الحُبُّ وفي كلِّ الجِهاتْ‏

    زرعتْ من وَهجِ العشقِ ابْتِسامَهْ‏

    ينسجُ الوعيُ لها راياتِها‏

    وجْداً ووَرداً وتباريحَ اشتياقْ‏

    ولَها‏

    -قالَ عبدُ اللَّهِ-‏

    في فَصْل الهوى‏

    في كلِّ فَصْلٍ للهوى يومُ قِيامَهْ‏
    [/align]
    د.خالد محيي الدين البرادعي
    sigpic
يعمل...
X