[center]السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أولا:
ما معنى الاحتساب؟
يجيبك ابن الأثير قائلاً:
"الاحتساب في الأعمال الصالحة وعند المكروهات هو البدار إلى طلب الأجر وتحصيله بالتسليم والصبر، أو باستعمال أنواع البر والقيام بها على الوجه المرسوم فيها طلباً للثواب المرجو منها"[1].
إن الاحتساب عمل قلبي، لا محل له في اللسان، لأن النبي صلى الله عليه وسلم أخبرنا بأن النية محلها القلب... وأنت عندما تحتسب الأجر من الله ذلك يعني أنك تطلبه منه تعالى، والله عز وجل لا يخفى عليه شيء قال الله تعالى: {قُلْ إِنْ تُخْفُوا مَا فِي صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ يَعْلَمْهُ اللَّهُ} (آل عمران:29).
و العمل لابد فيه من النية...
فالذى يحتسب وينوي بعمله وجه الله فهو لله،
والذى ينوي بعمله الدنيا فهو للدنيا
فالأمر خطير جداً.. جداً.
و"النيات تختلف اختلافاً عظيماً وتتباين تبايناً بعيداً كما بين السماء والأرض، من الناس من نيته في القمة في أعلى شيء، ومن الناس من نيته في القمامة في أخس شيء وأدنى شيء. فإن نويت الله والدار الآخرة في أعمالك الشرعية حصل لك ذلك، وإن نويت الدنيا فقد تحصل وقد لا تحصل.
قال تعالى: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ} (الاسراء:18).
ما قال عجلنا له ما يريد!! بل قال ما نشاء ـ أي لا ما يشاء هو ـ لمن نريد ـ لا لكل إنسان ـ فقيد المعجل والمعجل له.
إذا من الناس من يعطى ما يريد من الدنيا ومنه من يعطى شيئا منه ومنهم من لا يعطى شيئا أبدا. وهذا معنى قوله تعالى: {عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ} .
أما قوله تعالى:{وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُوراً}
(الاسراء:19).
لابد أن يجني هذا العمل الذي أراد به وجه الله والدار الآخرة"[2].
وهذا يعني أن تحرص على الأحتساب.
ولا تنسي كذلك أجر احتساب النية الصالحة الذي لا يضيعه الله أبدا حتى وإن لم تتمكن من أداء العمل الصالح الذي تنوي القيام به!!
" إن الإنسان إذا نوى العمل الصالح ولكنه حبسه عنه حابس فإنه يكتب له الأجر، أجر ما نوى. أما إذا كان يعمله في حال عدم العذر، أي: لما كان قادرا كان يعمله ثم عجز عنه فيما بعد فإنه يكتب له أجر العمل كاملاً، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا مرض العبد أو سافر كتب له ما كان يعمل صحيحا مقيما"[3].
لماذا من المهم أن تحتسب
الأجر في كل شيء؟..
1) حتى تحقق الغاية التي خلقت من أجلها،
لأن خروجك إلى الحياة حدث عظيم ترتب عليه أمور كُلفت بها وتحاسب عليها...
لذلك "فإنه ينبغي للمسلم أن يكون همه وقصده في هذه الحياة تحقيق الغاية التي خلق من أجلها، وهي عبادة الله تعالى، والفوز برضى الله ونعيمه، والنجاة من غضبه وعذابه، وأن يحرص، على أن تكون نيته في كل ما يأتي وما يذر خالصة لوجه الله تعالى سواء في ذلك الأمور والعبادات الواجبة أم المندوبة، أم المباحات، أم التروك فحينئذ تتحول المباحات إلى عبادات ويثاب على تركه للمحرمات، وقد دل على ذلك أدلة كثيرة..."
[4].
إن حرصك على احتساب الأجر في جميع أمورك سوف يجعلك في عبادة مستمرة لا تنقطع فتكون ـ بإذن الله ـ قد قمت بما خلقك الله له، قال الله تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} (الذريات:56) .
2) الاحتساب مهم جداً لأنه سوف يميز عباداتك عن عاداتك... "ولابد أيضا أن يميز العادة عن العبادة، فمثلا الإغتسال يقع نظافة أو تبردا، ويقع عن الحدث الأكبر، وعن غسل الميت، وللجمعة ونحوها، فلا بد أن ينوي فيه رفع الحدث أو ذلك الغسل المستحب... فالعبرة في ذلك كله على النية"[5].
3) أنت بحاجة ماسة كذلك إلى احتساب النية الصالحة لأن جميع الأعمال مربوطة بالنية قبولا وردا وثوابا وعقابا، ويدل لذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم "إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى".
الآن... ألا يبدو لك الأمر مهما وخطيرا؟... إذن. هيا لنحتسب كلنا...
[1] - النهاية لأبن الأثير (1/382).
[2] - ينظر شرح رياض الصالحين لابن عثيمين (1/13).
[3] - أخرجه البخاري رقم (2996) كتاب الجهاد والسير.
[4] - القول المفيد شرح كتاب التوحيد، لابن عثيمين، باب: من الشرك إرادة الإنسان بعمله الدنبا.
[5]- ينظر شرح جوامع الأخبار، لابن سعدي رحمه الله.
**************
يتبع إن شاء الله[/center]
أولا:
ما معنى الاحتساب؟
يجيبك ابن الأثير قائلاً:
"الاحتساب في الأعمال الصالحة وعند المكروهات هو البدار إلى طلب الأجر وتحصيله بالتسليم والصبر، أو باستعمال أنواع البر والقيام بها على الوجه المرسوم فيها طلباً للثواب المرجو منها"[1].
إن الاحتساب عمل قلبي، لا محل له في اللسان، لأن النبي صلى الله عليه وسلم أخبرنا بأن النية محلها القلب... وأنت عندما تحتسب الأجر من الله ذلك يعني أنك تطلبه منه تعالى، والله عز وجل لا يخفى عليه شيء قال الله تعالى: {قُلْ إِنْ تُخْفُوا مَا فِي صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ يَعْلَمْهُ اللَّهُ} (آل عمران:29).
و العمل لابد فيه من النية...
فالذى يحتسب وينوي بعمله وجه الله فهو لله،
والذى ينوي بعمله الدنيا فهو للدنيا
فالأمر خطير جداً.. جداً.
و"النيات تختلف اختلافاً عظيماً وتتباين تبايناً بعيداً كما بين السماء والأرض، من الناس من نيته في القمة في أعلى شيء، ومن الناس من نيته في القمامة في أخس شيء وأدنى شيء. فإن نويت الله والدار الآخرة في أعمالك الشرعية حصل لك ذلك، وإن نويت الدنيا فقد تحصل وقد لا تحصل.
قال تعالى: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ} (الاسراء:18).
ما قال عجلنا له ما يريد!! بل قال ما نشاء ـ أي لا ما يشاء هو ـ لمن نريد ـ لا لكل إنسان ـ فقيد المعجل والمعجل له.
إذا من الناس من يعطى ما يريد من الدنيا ومنه من يعطى شيئا منه ومنهم من لا يعطى شيئا أبدا. وهذا معنى قوله تعالى: {عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ} .
أما قوله تعالى:{وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُوراً}
(الاسراء:19).
لابد أن يجني هذا العمل الذي أراد به وجه الله والدار الآخرة"[2].
وهذا يعني أن تحرص على الأحتساب.
ولا تنسي كذلك أجر احتساب النية الصالحة الذي لا يضيعه الله أبدا حتى وإن لم تتمكن من أداء العمل الصالح الذي تنوي القيام به!!
" إن الإنسان إذا نوى العمل الصالح ولكنه حبسه عنه حابس فإنه يكتب له الأجر، أجر ما نوى. أما إذا كان يعمله في حال عدم العذر، أي: لما كان قادرا كان يعمله ثم عجز عنه فيما بعد فإنه يكتب له أجر العمل كاملاً، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا مرض العبد أو سافر كتب له ما كان يعمل صحيحا مقيما"[3].
لماذا من المهم أن تحتسب
الأجر في كل شيء؟..
1) حتى تحقق الغاية التي خلقت من أجلها،
لأن خروجك إلى الحياة حدث عظيم ترتب عليه أمور كُلفت بها وتحاسب عليها...
لذلك "فإنه ينبغي للمسلم أن يكون همه وقصده في هذه الحياة تحقيق الغاية التي خلق من أجلها، وهي عبادة الله تعالى، والفوز برضى الله ونعيمه، والنجاة من غضبه وعذابه، وأن يحرص، على أن تكون نيته في كل ما يأتي وما يذر خالصة لوجه الله تعالى سواء في ذلك الأمور والعبادات الواجبة أم المندوبة، أم المباحات، أم التروك فحينئذ تتحول المباحات إلى عبادات ويثاب على تركه للمحرمات، وقد دل على ذلك أدلة كثيرة..."
[4].
إن حرصك على احتساب الأجر في جميع أمورك سوف يجعلك في عبادة مستمرة لا تنقطع فتكون ـ بإذن الله ـ قد قمت بما خلقك الله له، قال الله تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} (الذريات:56) .
2) الاحتساب مهم جداً لأنه سوف يميز عباداتك عن عاداتك... "ولابد أيضا أن يميز العادة عن العبادة، فمثلا الإغتسال يقع نظافة أو تبردا، ويقع عن الحدث الأكبر، وعن غسل الميت، وللجمعة ونحوها، فلا بد أن ينوي فيه رفع الحدث أو ذلك الغسل المستحب... فالعبرة في ذلك كله على النية"[5].
3) أنت بحاجة ماسة كذلك إلى احتساب النية الصالحة لأن جميع الأعمال مربوطة بالنية قبولا وردا وثوابا وعقابا، ويدل لذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم "إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى".
الآن... ألا يبدو لك الأمر مهما وخطيرا؟... إذن. هيا لنحتسب كلنا...
[1] - النهاية لأبن الأثير (1/382).
[2] - ينظر شرح رياض الصالحين لابن عثيمين (1/13).
[3] - أخرجه البخاري رقم (2996) كتاب الجهاد والسير.
[4] - القول المفيد شرح كتاب التوحيد، لابن عثيمين، باب: من الشرك إرادة الإنسان بعمله الدنبا.
[5]- ينظر شرح جوامع الأخبار، لابن سعدي رحمه الله.
من كتاب "كيف تحتسبين الأجر فى حياتك اليومية" بتصرف
**************
يتبع إن شاء الله[/center]
تعليق