الجنة
الحمد لله رب العالمين، الحمد لله الذي جعل الجنة جائزة لمن أطاعه وأناب، ووعده فيها بما لا يعد ولا يحصى من النعم، والصلاة والسلام على خير الأنام، سيدنا محمد خير من صلى وصام، صاحب حوض الكوثر وعلى آله وصحبه وسلم وبعد،
فإن المسلم اذا أخلص عمله لله كان حرياً برحمته وفضله، يرجو من الله أن ينعم عليه بدخول الجنة التي وصفها النبي بقوله : (إن لموضع سوط أحدكم في الجنة خير من الدنيا وما فيها). عليه سنستعرض بعضاً من أوصاف الجنة وما أعده الله لعباده الصالحين وذلك من أحاديث النبي الكريم .
ولنبدأ بأنواعها :
٭ دار الجلال من لؤلؤة حمراء وقيل من اللؤلؤ الأبيض.
٭ دار السلام من الياقوت الأحمر.
٭ جنة المأوى من الفضة البيضاء.
٭ جنة الخلد من المرجان.
٭ جنة النعيم من الذهب.
٭ جنة الفردوس من المرجان.
٭ دار الثواب من النور.
٭ جنة عدن من الدر والياقوت الأحمر والزبرجد الأخضر.
وجنة النعيم لها بابان من الذهب بين مصراعي كل باب منهما مسيرة خمسمائة عام وبناءها لبنة من فضة ولبنة من ذهب وترابها المسك الأذفر والكافور وحشيشها الزعفران وقصورها اللؤلؤ والياقوت أبوابها الجوهر وحصبائها اللؤلؤ وماؤها أشد بياضاً من اللبن وأحلى من العسل.
أنهارها :
وأفضل أنهارها ستة كما ورد عنه .
٭ نهر الرحمة الجاري في جميع الجنات.
٭ نهر الكوثر على حافته أشجار الدر والياقوت لسيدنا محمد .
٭ نهر الكافور.
٭ نهر التسنيم.
٭ نهر السلسبيل.
٭ نهر الرحيق المختوم.
ومن وراء هذه الأنهار أنهار كثيرة لا يعلم عددها إلا الله سبحانه وتعالى وهي أكثر من عدد النجوم.
أبوابها :
وللجنة ثمانية أبواب من الذهب المرصع كالتالي :
٭ مكتوب على الباب الأول لا إله إلا الله محمد رسول الله .
٭ على الثاني باب المصلين الصلاة الكاملة الشروط.
٭ على الثالث باب المؤذنين.
٭ على الرابع باب الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر.
٭ على الخامس باب من عصم نفسه عن الشهوات.
٭ على السادس باب الحجاج المتقين.
وورد كذلك :
٭ باب الريان لا يدخله إلا الصائمون فإذا دخل آخرهم أغلق فلم يدخل منه أحد.
٭ باب الضحى إذا كان يوم القيامة نادى مناد أين الذين يداومون على صلاة الضحى هذا بابكم فإدخلوه برحمة الله.
٭ باب الفرح لا يدخله إلا من يفرح الصبيان.
٭ قال : (باب أمتي الذي يدخلون منه الجنة عرضة مسيرة الراكب المُجِدْ ثلاثاً ثم إنهم ليزدحمون عليه حتى تكاد مناكبهم تزول).
٭ قال : (للجنة ثمانية أبواب سبعة مغلقة وباب مفتوح للتوبه حتى تطلع الشمس من نحوه - من الغرب -).
أوصافها :
ورد عنه أنه قال : (في بناء الجنة لبنة من فضة ولبنة من ذهب وحصباؤها اللؤلؤ والياقوت وملاطها المسك وترابها الزعفران من يدخلها ينعم لايبأس ويخلد لا يموت لا تبلى ثيابه ولا يفنى شبابه) والملاط بالكسر الطين الذي يجعل بين اللبنتين في البناء.
قال : (إن الله أحاط الحائط للجنة لبنة من ذهب ولبنة من فضه ثم شقق فيها الأنهار وغرس فيها الأشجار فلما نظرت الملائكة إلى حسنها وزهرتها قالت طوباك منازل الملوك).
قال : (أرض الجنة بيضاء، أرضها صخور الكافور وقد أحاط بها المسك مثل الرمل)، جعلنا الله من أهلها.
قال : (لاحر في الجنة ولا برد ولا شمس ولا قمر).
قال : (إن في الجنة غرفاً يرى ظاهرها من باطنها وباطنها من ظاهرها) قالوا : لمن يا رسول الله قال : (لمن أطاب الكلام وأطعم الطعام وبات قائماً والناس نيام) وفي رواية أخرى وأفشى السلام.
قال : (ألا أخبركم بغرف الجنان) قلنا : بلا يا رسول الله، قال : (إن في الجنة غرفاً من أصناف الجوهر يرى ظاهرها من باطنها كما يرى باطنها من ظاهرها فيها من النعم واللذات والشرف ما لا عين رأت ولا أذن سمعت) قلنا : يا رسول الله لمن هذه الغرف، قال : (لمن أفشى السلام وأطعم الطعام وأدام الصيام وصلى بالليل والناس نيام). فقلنا : يارسول الله من يطيق ذلك ؟ قال : (سأخبركم بذلك من لقي أخاه فسلم عليه أو رد السلام فقد أفشى السلام، ومن أطعم أهله وعياله فقد أطعم الطعام، ومن صام شهر رمضان ومن كل شهر ثلاثة أيام فقد أدام الصيام، ومن صلى العشاء الأخيرة وصلى الغداة في جماعة فقد صلى بالليل والناس نيام يعني اليهود والنصارى والمجوس).
وسئل عن قوله تعالى {ومساكن طيبة في جنات عدن} فقال : (قصر من لؤلؤه في ذلك القصر سبعون داراً من ياقوتة حمراء في كل دار سبعون بيتاً من زمردة خضراء كل بيت سرير على كل سرير سبعون مائدة على كل مائدة سبعون لوناً من الطعام في كل بيت سبعون وصيفاً ووصيفة ويعطى المؤمن في كل غدوة من اليوم ما يأتي على ذلك كله أجمع).
قال : (دار المؤمن في الجنة من لؤلؤة وسطحها شجرة تنبت الحلل يأخذ بأصبعه سبعين حلة منطقة باللؤلؤ والمرجان).
قال : (شجرة طوبى مسيرة خمس مائة عام ثياب أهل الجنة تخرج من أكمامها).
قال : (ما من شجرة إلا وساقها من ذهب).
قال : (نخل الجنة جذوعها من زمرد أخضر وكربها ذهب أحمر وسعفها ثياب أهل الجنة وثمرها أمثال القلال أشد بياضاً من اللبن وأحلى من العسل لا عجم له نضيض من أصلها إلى فرعها كلما أخذت ثمرة عادت مكانها أخرى والعنقود إثنى عشر ذراعاً).
قال : (من صام يوماً تطوعاً غرست له شجرة في الجنة ثمرها أصغر من الرمان وأضخم من التفاح وحلاوته كحلاوة العسل يطعمه الله منه يوم القيامة).
قال : (إن الثمرة من ثمار الجنة طولها إثني عشر ذراعاً ليس لها عجم).
قال : (إن الرجل من أهل الجنة ليلبس الحلة فتكون من ساعته سبعين لوناً).
قال : (الخيمة في الجنة مجوفة طولها في السماء ستون ميلاً في كل ميل منها للمؤمن أهل لا يراهم آخرون يطوف عليهم المؤمن).
عن أبي هريرة قلنا يا رسول الله : من ما خلقت الجنة ؟ قال : (من الماء). قلنا : أخبرنا عن بناء الجنة ما بناؤها ؟ قال : (لبنة من ذهب ولبنة من فضة وملاطها المسك الأذفر وترابها الزعفران وحصاها اللؤلؤ والياقوت ومن دخلها ينعم ولا يبأس ويخلد ولا يموت ولا تبلى ثيابه ولا يفنى شبابه).
قال الطبري : لما خلق الله الجنة قال لها : إمتدي، قالت : يا رب إلى كم ؟ قال : إمتدي مائة ألف عام فإمتدت، ثم قال : إمتدي، قالت : يا رب إلى كم ؟ قال : إمتدي مائة ألف عام فإمتدت، ثم قال : إمتدي، قالت : يا رب إلى كم أمتد ؟ قال : إمتدي مقدار رحمتي فهي تمتد أبد الآبدين ليس لها طرف كما أن رحمة الله ليس لها طرف.
قال إبن عباس رضي الله عنهما : للمؤمن في الجنة ألف مدينة في كل مدينة ألف قصر في كل قصر ألف دار في كل دار ألف ألف حجرة من المسك في كل حجرة ألف ألف بيت في كل بيت ألف ألف سرير على كل سرير منها سبعون فراشاً من سندس غلظ كل فراش مسيرة سنة على كل فراش زوجة من الحور العين وفي بعض تلك المدائن من الغزلان شيء كثير وإن الفقير من أهل الجنة ليبلغ ملكه ألف عام في ألف عام).
وفي الجنة من الحور العين مالا يحصر عدده إلا الله سبحانه وتعالى خالقه وفيها من النعيم ما لا ينقطع أبداً قـال عز وجـل : {ما عندكم ينفدو ومـا عند الله باق}، وقـال تعـالى : {لهم فيها ما يدعون}، وقال سبحانه : {وفيها ما تشتهي الأنفس وتلذ الأعين وأنتم فيها خالدون}، جعلنا الله ذو الفضل العظيم سبحانه وإياكم معاشر المسلمين بمحض فضله وكرمه من أهلها إنه رؤوف رحيم.
أحوال أهلها :
قال : (إن أهل الجنة لا يدخلونها كلهم رجالهم ونساؤهم إلا في ثلاثة وثلاثين سنة على طول آدم ستين ذراعاً لا يبولون ولايتمخطون والنساء عرباً أترابا لا يحضن ولا يلدن ولا يتمخضن ولا يقضين حاجة يعني ليس فيهن قذر).
قال : (والذي نفسي بيده إن الرجل ليؤتى قوة مائة رجل في الأكل والشرب والجماع والشهوة)، قلنا : فإن الذي يأكل ويشرب تكون له الحاجة يا رسول الله ! قال : (حاجتهم عرق يسيل من جلودهم مثل ريح المسك فإذا كان ذلك ضمر له بطنه).
قال : (إن أهل الجنة يأكلون ويشربون ولا يبولون ولا يبزقون ولا يمخطون طعامهم رشح المسك).
قال : (إن أسفل أهل الجنة أجمعين درجة من يقوم على رأسه عشرة آلاف خادم بيد كل واحد صحفتان واحدة من ذهب والأخرى من فضة في كل واحدة لون ليس في الأخرى مثله يأكل من آخرها مثلما يأكل من أولها يجد من الطيب واللذة مثل الذي يجل لأولها ثم بعد ذلك ريح المسك الأذفر لا يبولون ولا يتغوطون ولا يمخطون إخوان على سرر متقابلين).
قال : (إنك تنظر إلى الطير في الجنة فتشتهيه فيخر بين يديك مشوياً - وفي رواية ملقى نضيجاً - لم تمسه نار فيأكل منه حتى يشبع ثم يطير).
قال : (لعلكم تظنون أن أنهار الجنة كإخدود في الأرض والله إنها لسائحة على وجه الأرض على حافتيها خيام اللؤلؤ وطينها المسك الأذفر) قلت يا رسول الله : ما الأذفر ؟ قال : (الذي لا خلط معه).
قال : (إن في الجنة نهراً ينبت الجوارى الأبكار).
قال : (إن الرجل من أهل الجنة ليشتهي الشراب من شراب الجنة فيجيء إبريق فيقع في يده فيشرب ثم يعود إلى مكانه).
قال : (من سره أن يسقيه الله الخمر في الآخرة فليتركها في الدنيا).
قال : (من لبس الحرير في الدنيا لم يلبسه في الآخرة وإن دخل الجنة).
قال : (من شرب الخمر في الدنيا لم يشربها في الآخرة ومن شرب في آنية الذهب والفضه لم يشرب في الآخرة بهما).
قال : (لا يدخلها مدن خمرٍ ولا ديوث يقر السوء في أهله).
قال : (من كظم غيظاً وهو يقدر على إنفاذه دعاه الله يوم القيامة على رؤوس الخلائق حتى يخيره في أي الحور شاء).
قال : (إن في الجنة غرفاً ليس لها معاليق ولا عماد من تحتها)، قيل يا رسول الله : كيف يدخلها أهلها ؟ قال : (يطيرون إليها أشباه الطير مع عظم أجسامهم بإذن الله)، قيل يا رسول الله : لمن هي ؟ قال : (لأهل الأسقام).
قال ابن عباس رضي الله عنهما : قال النبي : (إن في الجنة حوراء يقال لها لعبة خلقت من أربعة أشياء من المسك والكافور والعنبر والزعفران عجن طينها بماء الحياه جميع الخلق عشاق لها ولو بزقت في ماء البحر لحلا من ريقها).
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : إن في الجنة حوراء يقال لها العيناء إذا مشت مشى عن يمينها ويسارها سبعون ألف وصيفه وهي تقول : أين الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر.
قال لأصحابه : (ألا هل مشمر إلى الجنة، إن الجنة لا خطر لها، هي ورب الكعبة نورٌ يتلألأ وريحانة تهتز وقصر مشيد ونهر مطرد وفاكهة كثيرة وزوجة حسناء جميلة في كثرة ونعمة وفي مقام ابدا ونظرة في ودار عالية بهية سليمة)، قالوا : أنحن المشمرون لها يا رسول الله ؟ قال : (قولوا إن شاء الله).
هكذا أيها الأحباب لقد إستمتعنا بالتطواف بين أحاديث النبي في وصف الجنة وما فيها من النعيم المقيم وما هذه الأحاديث إلا غيض من فيض، من تلك الأوصاف التي يعجز اللسان عن إحصائها ولو أوردناها لاحتجنا إلى مجلدات ومجلدات لذا ننصح بالرجوع إلى كتاب الشيخ طفيش «الجُنة في وصف الجنّة» وكتاب الإمام الجيطالي «قناطر الخيرات» الجزء الثالث، هذا والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
نسأل الله أن يمن علينا بالخير واليمن والبركات. وأن يجمعنا وإياكم في دار النعيم المقيم وأن يرزقنا شربة من حوضه الكريم لا نضمأ بعدها أبدا، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
علي أعود في موضوع آخر لأتحدث عن النار أجارنا الله وإياكم