النظافة من الإيمان، اشتهر هذا القول على ألسنة المسلمين، وهو صحيح المعنى، فالإسلام دين نظافة وطهارة وجمال، دعا إلى طهارة المسلم ظاهرًا وباطنًا، والطهارة الباطنة بالتخلي عن الشرك والحقد والحسد والضغائن؛ قال تعالى: {وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آَمَنُوا}[الحشر: 10]، وقال صلى الله عليه وسلم في دعائه: (اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين)[صححه الألباني].
وقد حث الإسلام على الطهارة الظاهرة بالمحافظة على الشكل الخارجي للمسلم في أحسن صورة، فدعا إلى الوضوء والغسل والتجمل بالثياب ومراعاة سنن الفطرة؛ قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا} [المائدة: 6].
المرأة المسلمة والنظافة
والنظافة عنصر من عناصر الجمال والزينة، وقد أوصت المرأة الأعرابية قديمًا ابنتها وصايا؛ منها: (التفقد لمواضع عينه وأنفه ـ أي الزوج ـ فلا تقع عينه منك على قبيح، ولا يشم منك إلا أطيب ريح، وأزين الزينة الكحل، وأطيب الطيب الماء) [أوراق الورد وأشواكه في بيوتنا، د.أكرم رضا، (124)].
والمرأة المسلمة نظيفة في جسمها وثيابها، تستحم على فترات متقاربة، وتحرص على نظافة البدن والثياب والسكن.
وانظري عزيزتي الزوجة المسلمة إلى حكمة الله تعالى، فقد فرض الغسل على المسلم والمسلمة في عدة مواطن؛ منها: الجنابة، والتقاء الختانين، وانقطاع الحيض والنفاس، والموت.
وقد استوقفني مشهد الموت، وأن المسلم إذا مات وجب تغسيله إلا في حالات محدودة، فاسمعي لحديث أُم عطية قالت: دخل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن نغسِّل ابنته؛ فقال: (اغسلنها ثلاثًا أو خمسًا أو أكثر من ذلك بماء وسدر، واجعلن في الآخرة كافورًا) [متفق عليه].
وهناك أغسال مستحبة؛ مثل: غسل الجمعة، وغسل العيدين، وغسل من غسَّل ميتًا، وغسل الإحرام، وغسل دخول مكة، وغسل الوقوف بعرفة؛ ويترتب على ترك الاغتسال أذى الناس بالعرق والرائحة الكريهة؛ ولذا قال صلى الله عليه وسلم: (حقٌّ على كل مسلم أن يغتسل في كل سبعة أيام يومًا، يغسل فيه رأسه وجسده) [متفق عليه].
إننا حين نتكلم عن النظافة في ضوء شرائع الإسلام، نقف حتمًا على أعظم مظاهرها، وهي سنن الفطرة، والتي ضمَّنها حديث النبي صلى الله عليه وسلم: (الفطرة خمس أو خمس من الفطرة: الختان، والاستحداد، وتقليم الأظافر، ونتف الإبط، وقص الشارب) [متفق عليه].
(الاستحداد: هو حلق العانة، وسُمي بذلك لاستعمال الحديدة فيه، ويهدف إلى نظافة الموضع، ويجوز نتفها وقصها.
عن أنس رضي الله عنه: (وقَّت لنا [أي النبي صلى الله عليه وسلم] في قص الشارب وتقليم الأظفار ونتف الإبط وحلق العانة، ألَّا نترك أكثر من أربعين ليلة) [رواه مسلم]؛ وليس معنى هذا أن نؤخر حتى الأربعين مطلقًا، ولكن تُفعل عند الحاجة إليها، وتختلف باختلاف الأشخاص، وضابطه: كلما طال الشعر أو الظفر.
ونتف الإبط: إزالة الشعر الذي ينبت في الإبط، والهدف منه النظافة وقطع الرائحة الكريهة.
تقليم الأظافر: إزالة ما يزيد على ما يلامس رأس الإصبع من الظفر؛ لأن الوسخ يجتمع فيه فسيتقذر، وقد يمنع من وصول الماء إلى ما يجب غسله في الطهارة) [مستفاد من: أحكام تجميل النساء في الشريعة الإسلامية، د.ازدهار محمود صابر المدني].
إرشاد من النبي صلى الله عليه وسلم
روى جابر بن عبد الله قال: أتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فرأى رجلًا شعثًا قد تفرقه شعره فقال: (أما كان يجد هذا ما يُسكن به شعره؟!)، ورأى رجلًا آخر وعليه ثياب وسخة؛ فقال: (أما كان هذا يجد ماء يغسل به ثوبه؟!) [صححه الألباني].
فقد أنكر الرسول صلى الله عليه وسلم هذا على الرجال، فما بالكِ بالزوجة، وهي الأحرى بالتجمل والنظافة لأنها موضع الأنس ومصدر البهجة والمتعة والسكن في البيت؟!
ولقد كانت السيدة عائشة رضي الله عنها شديدة العناية بأسنانها، ففي صحيح البخاري عن مجاهد عن عروة رضي الله عنه: (... وسمعنا استنان عائشة أُم المؤمنين في الحجرة) [رواه البخاري]، وفي صحيح مسلم عن عطاء عن عروة رضي الله عنه: (... وإنا لنسمع ضربها بالسواك تستن) [رواه مسلم]، وسُئلت السيدة عائشة: (بأي شيء كان يبدأ النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل بيته؛ قالت: بالسواك) [رواه مسلم].
وتبلغ عناية الرسول صلى الله عليه وسلم بنظافة الفم حدًّا يجعله يقول: (لولا أن أشق على أُمتي؛ لأمرتهم بالسواك مع كل صلاة) [رواه البخاري]، وقال صلى الله عليه وسلم: (من أكل البصل والثوم والكراث، فلا يقربن مسجدنا؛ فإن الملائكة تتأذى مما يتأذى منه بنو آدم) [متفق عليه].
ولو علمت النساء مدى الفزع والجزع ونفور النفس والقلب من الروائح الكريهة؛ لعذرنَ الأزواج في هذه الحال إذا تجنبوا الاقتراب منهن للحديث العادي، فضلًا عن محاولة القُبلة أو المداعبة أو اللقاء.
لذلك قال أحدهم: لا شيء يهدد العلاقة الجنسية بالفشل الكامل قدر ريح الفم وعفن اللثة والأسنان عند الزوج والزوجة معًا، وقد قال زوج لزوجته في أول زواجهما: انتبهي جيدًا للروائح؛ فأنا حساس جدًّا من الروائح.
والزوجة الصالحة تعمل دائمًا على أن يأنس منها زوجها التجمل والزينة، وتحرص على أن تبدو نظيفة في نفسها وفي بيتها وكل متعلقاتها؛ لأنها تعلم أن النظافة ترتبط بالجمال، والزوجة المهملة لنظافتها تصبح منفِّرة لزوجها، وهي بذلك تمسك بيدها معاول هدم الاستقرار في أسرتها.
وتأملي معي هذا الحديث الرقيق الذي يُظهِر اهتمام النساء بالنظافة؛ تروي السيدة عائشة رضي الله عنها أن امرأة من الأنصار سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن غسلها من المحيض، فعلَّمها النبي كيف تغتسل ثم قال لها: (خذي فرصة من مسك [أي قطعة من القطن بها مسك] بها أثر الطيب فتطهري بها)، قالت: كيف أتطهر؟ قال: (تطهري بها)، قالت: كيف؟ قال: (سبحان الله، تطهري!)، قالت السيدة عائشة: فاجتذبتها إليَّ فقلت: تتبعي بها أثر الدم [متفق عليه].
(وفي هذا الحديث تنبيه المرأة إلى أهمية الروائح بالنسبة للزوج، والمرأة تتطهر وتتطيب بوسائل مختلفة؛ حسب مقتضيات التطور والحداثة، لما في ذلك من أثر جميل في نفس الزوج) [فن العلاقات الزوجية، محمد الخشت]، وما أحسب النبي صلى الله عليه وسلم أوصى بهذا إلا تحسبًا لأن تصل أنف الزوج إلى هذا الموضع.
مأساة من الواقع
(طلَّق أحد معارفي زوجته، وكان وَقْعُ هذا الطلاق في دائرة معارفه مستفزًّا جدًّا؛ لعلمهم أنه قد تزوجها بعد قصة حب، وكان حرصه على الزواج منها قد أغضب بعض ذويه، وكانت الزوجة جميلة وهو بها معجب، ولم يسمع أحد عن خلاف بينهما، كل ذلك دعاني في أحد لقاءاتي معه أن أستفسر عن سبب طلاقه؛ وإذا به أعجب وأغرب سبب سمعتُ به، قال: عرقها لا يُطاق.
وسأله صديقه: لماذا لم تتعامل بفصاحة مع هذا الموقف، بشراء مزيل للعرق وإهدائه إليها؟
قال: لم أجرؤ على إخبارها، ولكني اشتريت مزيلًا للعرق ولم تستعمله إلا مرتين تقريبًا، وغلبتها عادتها في إهمال ذلك، ولم تنتبه إلى اشمئزازي من عرقها.
وقال: لقد كان الأمر في البداية محتملًا لي، ولكني أصبحتُ متوترًا جدًّا كلما اقتربت منها، خاصة أنها غزيرة العرق، ولم أعد بعد ذلك أحتملها حتى في ملاطفتها لي)[العشرة الطيبة، محمد حسين].
وهذه قصة زوج أيضًا بعد مرور سنوات من الخطبة والعقد، طلَّق زوجته بعد شهور من الزواج، وقال عن السبب: لم أتحمل رائحة فمها.
ومن لا تهتم بالنظافة والجمال فهي لا تتمتع بصحة نفسية جيدة؛ لأن الإنسان السوي الذي يتمتع بالصحة النفسية عنده التحمس والإقبال على الحياة.
أما المريض نفسيًّا؛ كالذي يعاني من مرض الاكتئاب، فإنه لا يُقبل على الحياة، ومن ثَم لا نجده يحب النظافة والتجمل مثلًا؛ لأنه يرى الدنيا من حوله سوداء.
(فمن العلاقات الهامة التي تُعبِّر عن الصحة النفسية للفرد؛ مدى نظرته إلى الحياة وإقباله عليها، فالشخص الذي يتمتع بالصحة النفسية هو الذي ينظر إلى الحياة نظرة مشرقة، يعيش يومه بعمق، مستمتعًا بكل مباهج الحياة المشروعة، ممتلئًا بالتفاؤل والحيوية وحب الحياة) [أسباب الصحة النفسية والعلاج النفسي، د.رشاد علي عبد العزيز موسى].
وماذا بعد الكلام؟
1- احرصي على النظافة العامة والنظافة الشخصية؛ مثل نظافة الجسم والشعر واليدين، وتقليم الأظافر، ونظافة الفم والأسنان والسبيلين، وتنقية العين، مع مداومة المضمضمة والاستنشاق والاستنثار، وحلق العانة ونتف الإبط.
2- حافظي على استخدام الراوئح داخل المنزل، فإن لها أثرًا كبيرًا جدًّا على النفس والزوج.
3- حافظي على رائحة الفم باستخدام نعناع أو ما شابه، ورائحة الجسم باستخدام "بدي كريم" و"شاور" بروائح جميلة.
منقوووووول
وقد حث الإسلام على الطهارة الظاهرة بالمحافظة على الشكل الخارجي للمسلم في أحسن صورة، فدعا إلى الوضوء والغسل والتجمل بالثياب ومراعاة سنن الفطرة؛ قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا} [المائدة: 6].
المرأة المسلمة والنظافة
والنظافة عنصر من عناصر الجمال والزينة، وقد أوصت المرأة الأعرابية قديمًا ابنتها وصايا؛ منها: (التفقد لمواضع عينه وأنفه ـ أي الزوج ـ فلا تقع عينه منك على قبيح، ولا يشم منك إلا أطيب ريح، وأزين الزينة الكحل، وأطيب الطيب الماء) [أوراق الورد وأشواكه في بيوتنا، د.أكرم رضا، (124)].
والمرأة المسلمة نظيفة في جسمها وثيابها، تستحم على فترات متقاربة، وتحرص على نظافة البدن والثياب والسكن.
وانظري عزيزتي الزوجة المسلمة إلى حكمة الله تعالى، فقد فرض الغسل على المسلم والمسلمة في عدة مواطن؛ منها: الجنابة، والتقاء الختانين، وانقطاع الحيض والنفاس، والموت.
وقد استوقفني مشهد الموت، وأن المسلم إذا مات وجب تغسيله إلا في حالات محدودة، فاسمعي لحديث أُم عطية قالت: دخل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن نغسِّل ابنته؛ فقال: (اغسلنها ثلاثًا أو خمسًا أو أكثر من ذلك بماء وسدر، واجعلن في الآخرة كافورًا) [متفق عليه].
وهناك أغسال مستحبة؛ مثل: غسل الجمعة، وغسل العيدين، وغسل من غسَّل ميتًا، وغسل الإحرام، وغسل دخول مكة، وغسل الوقوف بعرفة؛ ويترتب على ترك الاغتسال أذى الناس بالعرق والرائحة الكريهة؛ ولذا قال صلى الله عليه وسلم: (حقٌّ على كل مسلم أن يغتسل في كل سبعة أيام يومًا، يغسل فيه رأسه وجسده) [متفق عليه].
إننا حين نتكلم عن النظافة في ضوء شرائع الإسلام، نقف حتمًا على أعظم مظاهرها، وهي سنن الفطرة، والتي ضمَّنها حديث النبي صلى الله عليه وسلم: (الفطرة خمس أو خمس من الفطرة: الختان، والاستحداد، وتقليم الأظافر، ونتف الإبط، وقص الشارب) [متفق عليه].
(الاستحداد: هو حلق العانة، وسُمي بذلك لاستعمال الحديدة فيه، ويهدف إلى نظافة الموضع، ويجوز نتفها وقصها.
عن أنس رضي الله عنه: (وقَّت لنا [أي النبي صلى الله عليه وسلم] في قص الشارب وتقليم الأظفار ونتف الإبط وحلق العانة، ألَّا نترك أكثر من أربعين ليلة) [رواه مسلم]؛ وليس معنى هذا أن نؤخر حتى الأربعين مطلقًا، ولكن تُفعل عند الحاجة إليها، وتختلف باختلاف الأشخاص، وضابطه: كلما طال الشعر أو الظفر.
ونتف الإبط: إزالة الشعر الذي ينبت في الإبط، والهدف منه النظافة وقطع الرائحة الكريهة.
تقليم الأظافر: إزالة ما يزيد على ما يلامس رأس الإصبع من الظفر؛ لأن الوسخ يجتمع فيه فسيتقذر، وقد يمنع من وصول الماء إلى ما يجب غسله في الطهارة) [مستفاد من: أحكام تجميل النساء في الشريعة الإسلامية، د.ازدهار محمود صابر المدني].
إرشاد من النبي صلى الله عليه وسلم
روى جابر بن عبد الله قال: أتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فرأى رجلًا شعثًا قد تفرقه شعره فقال: (أما كان يجد هذا ما يُسكن به شعره؟!)، ورأى رجلًا آخر وعليه ثياب وسخة؛ فقال: (أما كان هذا يجد ماء يغسل به ثوبه؟!) [صححه الألباني].
فقد أنكر الرسول صلى الله عليه وسلم هذا على الرجال، فما بالكِ بالزوجة، وهي الأحرى بالتجمل والنظافة لأنها موضع الأنس ومصدر البهجة والمتعة والسكن في البيت؟!
ولقد كانت السيدة عائشة رضي الله عنها شديدة العناية بأسنانها، ففي صحيح البخاري عن مجاهد عن عروة رضي الله عنه: (... وسمعنا استنان عائشة أُم المؤمنين في الحجرة) [رواه البخاري]، وفي صحيح مسلم عن عطاء عن عروة رضي الله عنه: (... وإنا لنسمع ضربها بالسواك تستن) [رواه مسلم]، وسُئلت السيدة عائشة: (بأي شيء كان يبدأ النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل بيته؛ قالت: بالسواك) [رواه مسلم].
وتبلغ عناية الرسول صلى الله عليه وسلم بنظافة الفم حدًّا يجعله يقول: (لولا أن أشق على أُمتي؛ لأمرتهم بالسواك مع كل صلاة) [رواه البخاري]، وقال صلى الله عليه وسلم: (من أكل البصل والثوم والكراث، فلا يقربن مسجدنا؛ فإن الملائكة تتأذى مما يتأذى منه بنو آدم) [متفق عليه].
ولو علمت النساء مدى الفزع والجزع ونفور النفس والقلب من الروائح الكريهة؛ لعذرنَ الأزواج في هذه الحال إذا تجنبوا الاقتراب منهن للحديث العادي، فضلًا عن محاولة القُبلة أو المداعبة أو اللقاء.
لذلك قال أحدهم: لا شيء يهدد العلاقة الجنسية بالفشل الكامل قدر ريح الفم وعفن اللثة والأسنان عند الزوج والزوجة معًا، وقد قال زوج لزوجته في أول زواجهما: انتبهي جيدًا للروائح؛ فأنا حساس جدًّا من الروائح.
والزوجة الصالحة تعمل دائمًا على أن يأنس منها زوجها التجمل والزينة، وتحرص على أن تبدو نظيفة في نفسها وفي بيتها وكل متعلقاتها؛ لأنها تعلم أن النظافة ترتبط بالجمال، والزوجة المهملة لنظافتها تصبح منفِّرة لزوجها، وهي بذلك تمسك بيدها معاول هدم الاستقرار في أسرتها.
وتأملي معي هذا الحديث الرقيق الذي يُظهِر اهتمام النساء بالنظافة؛ تروي السيدة عائشة رضي الله عنها أن امرأة من الأنصار سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن غسلها من المحيض، فعلَّمها النبي كيف تغتسل ثم قال لها: (خذي فرصة من مسك [أي قطعة من القطن بها مسك] بها أثر الطيب فتطهري بها)، قالت: كيف أتطهر؟ قال: (تطهري بها)، قالت: كيف؟ قال: (سبحان الله، تطهري!)، قالت السيدة عائشة: فاجتذبتها إليَّ فقلت: تتبعي بها أثر الدم [متفق عليه].
(وفي هذا الحديث تنبيه المرأة إلى أهمية الروائح بالنسبة للزوج، والمرأة تتطهر وتتطيب بوسائل مختلفة؛ حسب مقتضيات التطور والحداثة، لما في ذلك من أثر جميل في نفس الزوج) [فن العلاقات الزوجية، محمد الخشت]، وما أحسب النبي صلى الله عليه وسلم أوصى بهذا إلا تحسبًا لأن تصل أنف الزوج إلى هذا الموضع.
مأساة من الواقع
(طلَّق أحد معارفي زوجته، وكان وَقْعُ هذا الطلاق في دائرة معارفه مستفزًّا جدًّا؛ لعلمهم أنه قد تزوجها بعد قصة حب، وكان حرصه على الزواج منها قد أغضب بعض ذويه، وكانت الزوجة جميلة وهو بها معجب، ولم يسمع أحد عن خلاف بينهما، كل ذلك دعاني في أحد لقاءاتي معه أن أستفسر عن سبب طلاقه؛ وإذا به أعجب وأغرب سبب سمعتُ به، قال: عرقها لا يُطاق.
وسأله صديقه: لماذا لم تتعامل بفصاحة مع هذا الموقف، بشراء مزيل للعرق وإهدائه إليها؟
قال: لم أجرؤ على إخبارها، ولكني اشتريت مزيلًا للعرق ولم تستعمله إلا مرتين تقريبًا، وغلبتها عادتها في إهمال ذلك، ولم تنتبه إلى اشمئزازي من عرقها.
وقال: لقد كان الأمر في البداية محتملًا لي، ولكني أصبحتُ متوترًا جدًّا كلما اقتربت منها، خاصة أنها غزيرة العرق، ولم أعد بعد ذلك أحتملها حتى في ملاطفتها لي)[العشرة الطيبة، محمد حسين].
وهذه قصة زوج أيضًا بعد مرور سنوات من الخطبة والعقد، طلَّق زوجته بعد شهور من الزواج، وقال عن السبب: لم أتحمل رائحة فمها.
ومن لا تهتم بالنظافة والجمال فهي لا تتمتع بصحة نفسية جيدة؛ لأن الإنسان السوي الذي يتمتع بالصحة النفسية عنده التحمس والإقبال على الحياة.
أما المريض نفسيًّا؛ كالذي يعاني من مرض الاكتئاب، فإنه لا يُقبل على الحياة، ومن ثَم لا نجده يحب النظافة والتجمل مثلًا؛ لأنه يرى الدنيا من حوله سوداء.
(فمن العلاقات الهامة التي تُعبِّر عن الصحة النفسية للفرد؛ مدى نظرته إلى الحياة وإقباله عليها، فالشخص الذي يتمتع بالصحة النفسية هو الذي ينظر إلى الحياة نظرة مشرقة، يعيش يومه بعمق، مستمتعًا بكل مباهج الحياة المشروعة، ممتلئًا بالتفاؤل والحيوية وحب الحياة) [أسباب الصحة النفسية والعلاج النفسي، د.رشاد علي عبد العزيز موسى].
وماذا بعد الكلام؟
1- احرصي على النظافة العامة والنظافة الشخصية؛ مثل نظافة الجسم والشعر واليدين، وتقليم الأظافر، ونظافة الفم والأسنان والسبيلين، وتنقية العين، مع مداومة المضمضمة والاستنشاق والاستنثار، وحلق العانة ونتف الإبط.
2- حافظي على استخدام الراوئح داخل المنزل، فإن لها أثرًا كبيرًا جدًّا على النفس والزوج.
3- حافظي على رائحة الفم باستخدام نعناع أو ما شابه، ورائحة الجسم باستخدام "بدي كريم" و"شاور" بروائح جميلة.
منقوووووول
تعليق