بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم روحمة الله وبركاته
إنَّ الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له
وأشهد ان لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله
أما بعد
إلى كل مبتلىً مغموم ..
إلى الراضين بالقضاء والقدر ..
إلى المحتسبين عند الله الأجر ..
اسمع كلام الله عز وجل حين قال : { سَلامٌ عَلَيْكُم بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ } فالأيام والليالي لا تدوم لي ولك على وتيرة واحدة .. وكما قال الله : { وَ تِلْكَ الأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ } أي تتقلب بأهلها صباح مساء ..
والمؤمن في حياته وأطواره لا يخلو من حالتين :
إما أن يحصل له ما يحب ويندفع عنه ما يكره ، فوظيفته في هذه الحالة الشكر والاعتراف بأنَّ ذلك من نعم الله عليه ، فيعترف بها باطناً ، ويتحدث بها ظاهراً ويستعين بها على طاعة الله ، وهذا هو الشاكر حقاً.
الحالة الثانية : أن يحصل للعبد مكروه أو يفقد محبوباً فيحدث له هم وغم ، فوظيفته هنا الصبر لله فلا تسخّط ولا ضجر ولا شكوى للمخلوق بل الشكوى للخالق جل في علاه كما قال الله على لسان يعقوب : { إِنَّمَآ أَشْكُو بَثّي وَ حُزْنِي إَلَى اللهِ } .
والبلاء عباد الله الذي يصيب العبد يكون في أربعة أشياء
في نفسه ، في عرضه ، في أهله ، وماله .. ولا يخرج البلاء عن هذه الأربعة ..
عباد الله ..لأن تعلم أنَّ الذي ابتلاك هو أحكم الحاكمين ، وأرحم الراحمين ، وقيّوم السماوات والأراضين ، وأنه ما ابتلاك ليهلكك أو ليعذبك ، إنما ابتلاك امتحاناً لك ليسمع تضرعك ونجواك وابتهالك ...فسبحان من ابتلاك لترفع إليه شكواك..
قال أحد المُبتلين في دعائه : ربي كم أدعوك فلا تستجيب دعائي .. فقال الله : إني أحب أن أسمع صوتك ..
فيا الله.. كم في البلاء من النعم التي تخفى على العبد ..
وتأمل في حال العبد حين البلاء كيف يذل وينكسر ويقر ويعترف ، كم يلح على الله في الدعاء ، وكم يتضرع إلى ربِّ الأرض والسماء ، وكم ، وكم يظهر من الذلّة والمسكنة لله ربّ العالمين ..ولولا المصيبة والابتلاء ما عرف العبد هذا.. لذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( عجباً لأمر المؤمن إنَّ أمره كلّه خير إن أصابته سرّاء شكر فكان خيراً له ، وإن أصابته ضرّاء صبر فكان خيراً له وليس ذلك إلا للمؤمن ) .
فالمؤمن عباد الله على خير في كل حال من أحواله إذا عرف كيف يتعامل مع الظروف والأحوال
ونحن عباد الله نحتاج إلى الصبر في كل المجالات وفي كل الأوقات في الشدة وفي الرخاء.. فمن مجالات الصبرعند حبس النفس عند المصائب.. من مجالات الصبر عند حبس النفس عند المصائب .. فعن أسامة قال : أرسلت ابنة النبي صلى الله عليه وسلم إليه أنَّ ابناً لي يُقبض – يعني يحتضر – فائتنا ، فأرسل إليها النبي صلى الله عليه وسلم يقرئ السلام ويقول : ( إنَّ لله ما أخذ وله ما أعطى وكل شيء عنده بأجلٍ مسمى فلتصبر ولتحتسب ) ، فأرسلت إليه تقسم عليه ليأتينّها ، فقام ومعه سعد بن عبادة ومعاذ وأبيّ وزيد ورجال ، فرُفع إلى النبي صلى الله عليه وسلم الصبي ونفسه تتقعقع – يعني تتحرك و تضطرب – فقرّبه إليه وعيناه تذرفان ، فقال سعد : ما هذا يا رسول الله!! قال : ( هذه رحمة ).. (هذه رحمة جعلها الله في قلوب عباده وإنما يرحم الله من عباده الرحماء ) فلا يتنافى ذلك مع الصبر ..
وكما قال النبي صلى الله عليه وسلم عند فقد إبراهيم : ( إنَّ العين لتدمع وإنَّ القلب ليحزن وإنّا على فراقك يا إبراهيم لمحزونون لكن لا نقول إلا ما يرضي ربنا) ..(إلا ما يرضي ربنا
ومن أعظم مجالات الصبر التي نحتاج فيها للصبر الجهاد في سبيل الله .. وما أدراك ! وما أدراك ما يتحمل المجاهدون في سبيل الله !..
عن عبد الله بن أوفى أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان في بعض أيامه التي لقي فيها العدو ينتظر حتى إذا مالت الشمس فقال : ( يا أيها الناس لا تتمنوا لقاء العدو ، فإذا لقيتموهم فاصبروا واعلموا أن الجنة تحت ظلال السيوف ) ثم قام فقال : ( اللهم ُمنزل الكتاب ومجري السحاب وهازم الأحزاب اهزمهم وانصرنا عليهم ).
وسُئل عن أجر المجاهد في سبيل الله فقال للرجل : ( لا تقدر على ذلك ) ، فألح الرجل في السؤال فقال : ( هل تستطيع أن تقوم الليل لا تنام وتصوم النهار لا تفطر ؟!)، فقال: لا ، فقال : ( فذلك أجر المجاهد )..( فذلك أجر المجاهد في سبيل الله )..
نحتاج للصبر عند حفظ الأسرار ، ونحتاج للصبر لترك الفضول من العيش ، ونحتاج إلى الصبر لترك الغضب والعفو عن الناس ، نحتاج إلى الصبر لترك الذنوب .. أن نكرر إذا اعترضتنا الذنوب : إننا نخاف الله ..نحتاج للصبر في فعل الطاعات والمداومة عليها ، نحتاج إلى الصبر في طلب العلم والدعوة إلى الله ، ونحتاج إلى الصبر في كل مجالات الحياة ..
وكل الأخلاق الفاضلة التي يتحلى بها الرجال إنما تدل على صبرهم .. فالشجاعة صبر ، والحلم صبر ، والزهد صبر ، والعفة صبر.
منقوول
السلام عليكم روحمة الله وبركاته
إنَّ الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له
وأشهد ان لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله
أما بعد
إلى كل مبتلىً مغموم ..
إلى الراضين بالقضاء والقدر ..
إلى المحتسبين عند الله الأجر ..
اسمع كلام الله عز وجل حين قال : { سَلامٌ عَلَيْكُم بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ } فالأيام والليالي لا تدوم لي ولك على وتيرة واحدة .. وكما قال الله : { وَ تِلْكَ الأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ } أي تتقلب بأهلها صباح مساء ..
والمؤمن في حياته وأطواره لا يخلو من حالتين :
إما أن يحصل له ما يحب ويندفع عنه ما يكره ، فوظيفته في هذه الحالة الشكر والاعتراف بأنَّ ذلك من نعم الله عليه ، فيعترف بها باطناً ، ويتحدث بها ظاهراً ويستعين بها على طاعة الله ، وهذا هو الشاكر حقاً.
الحالة الثانية : أن يحصل للعبد مكروه أو يفقد محبوباً فيحدث له هم وغم ، فوظيفته هنا الصبر لله فلا تسخّط ولا ضجر ولا شكوى للمخلوق بل الشكوى للخالق جل في علاه كما قال الله على لسان يعقوب : { إِنَّمَآ أَشْكُو بَثّي وَ حُزْنِي إَلَى اللهِ } .
والبلاء عباد الله الذي يصيب العبد يكون في أربعة أشياء
في نفسه ، في عرضه ، في أهله ، وماله .. ولا يخرج البلاء عن هذه الأربعة ..
عباد الله ..لأن تعلم أنَّ الذي ابتلاك هو أحكم الحاكمين ، وأرحم الراحمين ، وقيّوم السماوات والأراضين ، وأنه ما ابتلاك ليهلكك أو ليعذبك ، إنما ابتلاك امتحاناً لك ليسمع تضرعك ونجواك وابتهالك ...فسبحان من ابتلاك لترفع إليه شكواك..
قال أحد المُبتلين في دعائه : ربي كم أدعوك فلا تستجيب دعائي .. فقال الله : إني أحب أن أسمع صوتك ..
فيا الله.. كم في البلاء من النعم التي تخفى على العبد ..
وتأمل في حال العبد حين البلاء كيف يذل وينكسر ويقر ويعترف ، كم يلح على الله في الدعاء ، وكم يتضرع إلى ربِّ الأرض والسماء ، وكم ، وكم يظهر من الذلّة والمسكنة لله ربّ العالمين ..ولولا المصيبة والابتلاء ما عرف العبد هذا.. لذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( عجباً لأمر المؤمن إنَّ أمره كلّه خير إن أصابته سرّاء شكر فكان خيراً له ، وإن أصابته ضرّاء صبر فكان خيراً له وليس ذلك إلا للمؤمن ) .
فالمؤمن عباد الله على خير في كل حال من أحواله إذا عرف كيف يتعامل مع الظروف والأحوال
ونحن عباد الله نحتاج إلى الصبر في كل المجالات وفي كل الأوقات في الشدة وفي الرخاء.. فمن مجالات الصبرعند حبس النفس عند المصائب.. من مجالات الصبر عند حبس النفس عند المصائب .. فعن أسامة قال : أرسلت ابنة النبي صلى الله عليه وسلم إليه أنَّ ابناً لي يُقبض – يعني يحتضر – فائتنا ، فأرسل إليها النبي صلى الله عليه وسلم يقرئ السلام ويقول : ( إنَّ لله ما أخذ وله ما أعطى وكل شيء عنده بأجلٍ مسمى فلتصبر ولتحتسب ) ، فأرسلت إليه تقسم عليه ليأتينّها ، فقام ومعه سعد بن عبادة ومعاذ وأبيّ وزيد ورجال ، فرُفع إلى النبي صلى الله عليه وسلم الصبي ونفسه تتقعقع – يعني تتحرك و تضطرب – فقرّبه إليه وعيناه تذرفان ، فقال سعد : ما هذا يا رسول الله!! قال : ( هذه رحمة ).. (هذه رحمة جعلها الله في قلوب عباده وإنما يرحم الله من عباده الرحماء ) فلا يتنافى ذلك مع الصبر ..
وكما قال النبي صلى الله عليه وسلم عند فقد إبراهيم : ( إنَّ العين لتدمع وإنَّ القلب ليحزن وإنّا على فراقك يا إبراهيم لمحزونون لكن لا نقول إلا ما يرضي ربنا) ..(إلا ما يرضي ربنا
ومن أعظم مجالات الصبر التي نحتاج فيها للصبر الجهاد في سبيل الله .. وما أدراك ! وما أدراك ما يتحمل المجاهدون في سبيل الله !..
عن عبد الله بن أوفى أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان في بعض أيامه التي لقي فيها العدو ينتظر حتى إذا مالت الشمس فقال : ( يا أيها الناس لا تتمنوا لقاء العدو ، فإذا لقيتموهم فاصبروا واعلموا أن الجنة تحت ظلال السيوف ) ثم قام فقال : ( اللهم ُمنزل الكتاب ومجري السحاب وهازم الأحزاب اهزمهم وانصرنا عليهم ).
وسُئل عن أجر المجاهد في سبيل الله فقال للرجل : ( لا تقدر على ذلك ) ، فألح الرجل في السؤال فقال : ( هل تستطيع أن تقوم الليل لا تنام وتصوم النهار لا تفطر ؟!)، فقال: لا ، فقال : ( فذلك أجر المجاهد )..( فذلك أجر المجاهد في سبيل الله )..
نحتاج للصبر عند حفظ الأسرار ، ونحتاج للصبر لترك الفضول من العيش ، ونحتاج إلى الصبر لترك الغضب والعفو عن الناس ، نحتاج إلى الصبر لترك الذنوب .. أن نكرر إذا اعترضتنا الذنوب : إننا نخاف الله ..نحتاج للصبر في فعل الطاعات والمداومة عليها ، نحتاج إلى الصبر في طلب العلم والدعوة إلى الله ، ونحتاج إلى الصبر في كل مجالات الحياة ..
وكل الأخلاق الفاضلة التي يتحلى بها الرجال إنما تدل على صبرهم .. فالشجاعة صبر ، والحلم صبر ، والزهد صبر ، والعفة صبر.
منقوول