التعليق الساخر
كثيراً ما سمعنا التعليقات الطريفة وغير الطريفة على المتسولين والتي تنطلق – غالباً – بهدف التضايق منهم ويمكنني تعداد بعض تلك التعليقات :
· مظهر غير حضاري
· وقاحة وإلحاح
· يجمعون الأموال الطائلة دون حاجة حقيقية
· غير محتشمين ولا يلتزمون بالأوامر الشرعية ( الصلاة – الحجاب .. الخ )
وهناك لمز آخر عن طريق مقارنتهم بالمتسولين في بلاد الغرب والذين يشتهرون بالرسم أو العزف أو الحركات البهلوانية .. متناسين غياب مفهوم الصدقة عند أغلب الغرب الذين اعتادوا أن يأخذوا مقابل ما يعطون .
التعامل المطلوب
لكن بالرجوع إلى الهدي النبوي ومبادئ الأخلاق نجد أن لمز المتسوّل أو انتقاده ليست من الصفات الحميدة .. إذ عرف عن العرب في الجاهلية الكرم والضيافة دون السؤال عن حال الضيف سواء كان غنياً أم فقيراً كما في قصص حاتم الطائي وعبدالله بن جدعان والذي حضر رسول الله صلى الله عليه وسلم مائدته وكان أهل مكة من الأغنياء والفقراء يحضرون موائده .. وقد ورد في القرآن إرشاد النبي صلى الله عليه وسلم إلى طريقة التعامل مع المتسول في قوله تعالى ( وأما السائل فلا تنهر ) ومع أنها لم تشر إلى النهي عن سؤال المتسوّل عن حقيقة حاجته إلا أن الرسول صلى الله عليه وسلم أعطى من سأله من الصحابة رغم علمه بغناهم وحديث حكيم بن حزام رضي الله عنه دليل بارز على ذلك (سألت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فأعطاني ثم سألته فأعطاني ثم قال: يا حكيم هذا المال خضرة حلوة فمن أخذه بسخاوة نفس بورك له فيه ومن أخذه بإشراف نفس لم يبارك له فيه وكان كالذي يأكل ولا يشبع واليد العليا خير من اليد السفلى. فقلت: يا رسول الله والذي بعثك بالحق لا أرزأ أحدا بعدك شيئا حتى أفارق الدنيا ) ..
ليسوا نقمة !
إن مما ينبغي الإشارة إليه أن هؤلاء المتسولين ليسوا نقمة بل يمكن اعتبارهم أبواب رحمة ..
قال صلى الله عليه وسلم : ( هل تنصرون وترزقون إلا بضعفائكم ) وذلك بتوجههم ودعائهم ، واستنصارهم واسترزاقهم .
بل إنه صلى الله عليه وسلم في حديث أبي الدرداء حث على البحث عنهم لإعطائهم فقال ( أبغوني ضعفاءكم ) ومعناه اطلبوا لي ضعفاءكم وكأنهم كنز ينبغي الفرح به للازدياد من الأجر وطلب التوفيق وأما الأمر بالصدقة والعطاء فأمرٌ يطول ..
أين العيب ؟
كثيراً ما رددنا قصة الذي أمره صلى الله عليه وسلم بالاحتطاب دليلا على أنه لا ينبغي إعطاء من تظهر عليه علامات القدرة على الكسب واستبداله بالدلالة على عمل مناسب – وهو بلا شك حقٌ – إلا أن ذلك لا يعيب من أعطى ولا ينقص من أجره وقد ورد (اللهم لك الحمد على سارق , وعلى زانية , وعلى غني ) والقصة معروفة ..