بقلم: ستيف فرايبرجر-
ترجمة/ محمد عيد العريمي-
ذات يوم، ومنذ مدة ليست بعيدة، كانت هناك فتاة صغيرة اسمها فاطمة تعيش في قرية تقع على سفوح جبال عمان بالقرب من نزوى. كانت فاطمة تذهب إلى المدرسة كل يوم، وبعد المدرسة تتولى رعي ماعز سكان قريتها الصغيرة والفقيرة، التي تشح فيها المياه إلى درجة لا تكفي لري المحاصيل. وكانت المياه في القرية، منذ زمن بعيد لا يتذكره أحد من الأحياء، وفيرة، بيد أن الخرافات تقول بوقوع زلزال دمر نبع الماء.
وذات يوم جاء محمد، والد فاطمة، من السوق ومعه هدية لابنته. لقد أحضر لها والدها حمل ماعز صغير كان قد نجا بمعجزة من حريق شب في أحد بيوت القرية. وسرعان ما ألفت فاطمة الماعز الصغير وسمته "مبروك" لأنه كان محظوظا.
كان "مبروك" قائدًا ممتازًا، وكان القطيع يمشي خلفه بسرور، فإذا صعد الوادي صعدوا خلفه للبحث عن العشب الذي ينمو بعد سقوط الأمطار. لكن "مبروك" كان يحب اللهو أيضا، وعندما يبالغ "مبروك" في اللعب، كان يتسلق أحد جوانب الوادي، وينظر إلى فاطمة المسكينة بمرح وهي تتسلق المنحدر لكي تنزله.
غضب أبو فاطمة من "مبروك"، ولكنه كان يعرف أن فاطمة تحبه وأصبحت متعلقة به كثيرا لذلك صنع له قفصا من العصي بدلا من أن يبيعه في السوق. وكان "مبروك" يقفز بسهولة خارج القفص، فيعود ليلهو ويلعب في أرجاء القرية.
وذات يوم عادت فاطمة من رعي الماعز ومطاردة "مبروك" في عرض الوادي وطوله، وقد خدشت نفسها وتمزق فستانها. وكان أبوها وأمها خارج البيت يعملان في حقول القرية ويبدو عليهما الحزن الشديد. لم يكن أبوها غاضباً من "مبروك" هذه المرة؛ فثمة مشاكل أكبر عن مشاكل "الماعز الصغير". لقد قرر شيوخ القرية هجرها والانتقال إلى نزوى، بعد أن نضب الماء ولم يبقَ منه ما يكفي لمواصلة الحياة في القرية، بعد أن جفت المحاصيل.
كان فجر اليوم التالي جميلًا، لكن المستقبل لم يكن يبدو كذلك بالنسبة لجميع أهل القرية، وهم يستعدون لترك منازلهم، ومزارعهم، وجبال قريتهم. ومرة أخرى عادت فاطمة و"مبروك" لقيادة الماعز في الوادي للمرة الأخيرة ربما. ولكي يزيد الأمور سوءًا، قاد "مبروك" القطيع وصعد به على واحد من أكثر المنحدرات خطورة ووعورة، ولم يكن أحد من سكان القرية قد صعد إلى هذا العلو من المنحدر. وأخذ "مبروك" يصعد ويصعد حتى اختفى في النهاية بين صخرتين، وتبعته فاطمة وأخذت تتسلق الصخور بصعوبة وهي تضع يدا فوق الأخرى لكي تصل إلى الارتفاعات العالية التي تسبب الدوران، ثم دخلت في الشق الموجود بين الصخور؛ فوجدت "مبروك" والقطيع يأكلن العشب الطري الأخضر.
نظر "مبروك" إليها وهز رأسه، وسحب حزمة من العشب؛ فبدأ الماء يتدفق من تحتها، وسرعان ما تدفق الماء بانتظام من الأرض حتى ظهر حائط فلج قديم، لكن الماء سرعان ما اختفى مرة أخرى في شق بين الصخور! وعند ذلك أدركت فاطمة أن الماء المتدفق من الفلج القديم يكفي لإنقاذ القرية إذا شقت قناة توصل الماء إلى المزارع. اغترفت فاطمة حفنة من الماء بكفها وشربت.. كان بارداً ونظيفا!
وفي الصباح التالي، تسلق جميع رجال القرية التلال الموجودة بالقرب من البلدة ليشاهدوا الفلج القديم الذي ما زال الماء يتدفق منه. وعندما رأى محمد (أبو فاطمة) الماء فرح فرحاً شديداً، وحمد الله لأنه أنعم على القرية بهذا الماعز المحظوظ الذي عثر على كل هذه المياه.
وفي الأسابيع التالية، تم بناء فلج جديد لينقل الماء إلى القرية. وسرعان ما أخذت المحاصيل تنمو وتترعرع وتدفقت المياه التي تكفي للشرب والاستحمام.
* عمل ستيف فرايبرجر في دائرة الاستكشاف بشركة تنمية نفط عُمان.
أكثر...