-فائض موازنة عام 2012 سيتم تحويله لتدعيم الاحتياطيات المالية للحكومة-
- وتيرة زيادة الإنفاق غير قابلة للاستدامة لكنه إجراء مرحلي تحتمه مقتضيات التنمية الاجتماعية والاقتصادية-
- مناقشة موسعة مع الجميع لضمان وصول دعم المحروقات لمستحقيه-
- جراءات جديدة لتسريع تنفيذ المشروعات-
- لن يباع الغاز بأقل من سعر تكلفته كحد أدنى مطلقا.. ومردود مصروفات إنتاج النفط ستظهر مستقبلا-
الرؤية- نجلاء عبدالعال-
أكد معالي درويش بن إسماعيل بن علي البلوشي الوزير المسؤول عن الشؤون المالية أن بعض ملاحظات صندوق النقد الدولي حول أداء اقتصاد السلطنة، وارتفاع حجم الإنفاق في محله لكن مراعاة مصلحة الوطن والمواطن لها أولوية، كما أقر بوجود تأخير في تنفيذ بعض المشروعات المعتمدة في الخطة الخمسية، مشيرا إلى دراسة إجراءات تقضي على أسباب هذا التأخير، أمّا فيما يتعلق بارتفاع نفقات إنتاج النفط والغاز في مقابل المردود المالي منهما فأكد معاليه أنّ المردود سيظهر على المدى المتوسط والبعيد، وأنّ المصروفات في إنتاج النفط بصفة خاصة تعد مصروفات استثمارية ضرورية نظرًا لتزايد صعوبة استخراج النفط عامًا بعد آخر، مؤكدًا أنّه لن يتم بيع الغاز الطبيعي بسعر أقل من تكلفة الإنتاج.
في كل عام يثير صندوق النقد الدولي نقاطا محددة حول اقتصاد السلطنة وأبرزها زيادة الإنفاق الحكومي وقضية دعم المحروقات، وعدم وضع نظام ضرائبي سوى على الشركات، ونظرًا لأنّ الميزانية التي تمّ الإعلان عنها للعام الجاري لم تظهر فيها استجابة لتلك النقاط استوضحت الرؤية هذه النقطة، فقال معاليه إنّ بعض ملاحظات صندوق النقد التي تأتي ضمن ما يطلق عليه مشاورات البند الرابع للصندوق تبدو في محلها، مؤكدا أنّ حكومة السلطنة مهتمة بوضع هذه الملاحظات في محل الدراسة لكنّه شدد على أنّ توجهات الحكومة لدراسة موضوعات دعم المحروقات أو الضرائب أو ترشيد الإنفاق الحكومي؛ جميعها توجهات هدفها أولا وأخيرا وقبل كل شيء هو المواطن واستقرار المجتمع ولذلك فلن يتم اتخاذ أية قرارات في هذه المجالات بدون نقاش يتم خلاله الاستماع لآراء المواطنين والأخذ بما يضمن أن يكون الإنفاق الحكومي سواء في إقامة مشروعات أو دعم المحروقات أو حتى في فرض ضرائب أو الإعفاء منها يصب في مصلحة المواطن.
وأضاف معالي درويش البلوشي في تصريحات خاصة لـ "الرؤية" على هامش المؤتمر الصحفي الذي عقده للإعلان عن ميزانية 2013 إنّه "على سبيل المثال بالنسبة لدعم المحروقات فإنّ المناقشة والدراسة التي بدأت توضع خطوطها العريضة عنوانها الأساسي هو مراجعة الآليات اللازمة، للتأكد من أنّ هذا الدعم يصل بالفعل لمن يستحقه، وعندما نعلم أنّ التكلفة المالية للدعم وصلت إلى مليار و200 مليون ريال وتزداد عاما بعد آخر فيمكننا تقدير عدد المشروعات وفرص العمل التي يمكن أن يتم توفيرها بهذه المبالغ، وهذا لا يعني القول بوقف الدعم لكن يعني أنّ كل ما ينفق في الدعم يجب التأكد من مصيره وأنّه يتوجه إلى المواطن ويستفيد منه.
وكذلك فإنّ الدراسة والمناقشة حول الضرائب إذا ما وجد أنّها ستكون مفيدة للمواطنين وتسهم في تعظيم ما يحصل عليه المواطن من خدمات في مجالات الصحة والتعليم والتوظيف والإسكان والطرق وغيرها فإنّه سيتم الأخذ بها على أن تكون وفق آليات تضمن تخفيف العبء عن كاهل المواطن البسيط".
أمّا بالنسبة للملاحظة حول الإنفاق الحكومي في المصروفات الجارية والتي تشمل الرواتب ومصروفات الوزارات وغيرها فقال معاليه إنّ السلطنة تعمل على تعظيم استفادة المواطنين من الدخل الوطني، فالتعليمات والأوامر السامية التي يصدرها حضرة صاحب الجلالة حفظه الله بتوفير فرص العمل والتوظيف وتوسيع التسهيلات للحصول على مسكن والاهتمام بالطرق والموانئ والصناعة وغيرها، جميع هذه المشروعات والخدمات هي استمرار في تعزيز مسيرة التنمية الاجتماعية والاقتصادية التي تستهدف في المقام الأول المواطن وتوفير حياة كريمة له، وهي تحتاج لنفقات لتنفيذها، ومع ذلك فقد راعت الحكومة أن تساعد القطاع الخاص على القيام بدوره كشريك في التنمية، وليس أدل على ذلك من نطق حضرة صاحب الجلالة في مجلس عمان في خطابه السامي والذي ركّز فيه على أهمية دور القطاع الخاص.
وكان آخر بيان لبعثة صندوق النقد الدولي في نهاية جولة مشاورات المادة الرابعة قد تضمن ملاحظات أساسية تشمل خفض وتيرة زيادات الإنفاق الحكومي، والعمل على تطبيق الضريبة على القيمة المضافة والمدرجة منذ فترة طويلة على جدول الأعمال، وإضافة إلى ذلك، قال التقرير إنّ الدعم الضمني الكبير على الوقود له آثار تشويهية، ويتعذر بصورة متزايدة تحمل تكلفته، وينبغي خفضه.
وجاءت هذه الملاحظات ضمن التقرير الذي أشاد بالاقتصاد العماني مؤكدًا أنّه تتسم آفاق النمو على المدى المتوسط بالإيجابية بشكل عام مشيدًا ببرنامج الاستثمارات العامة الذي سيسهم في مواصلة النمو على المستوى المتوسط وخاصة المشروعات الكبرى الجاري تنفيذها مثل إنشاء شبكة للسكك الحديدية والموانئ البحرية والجوية، لكن البيان الختامي أكّد على أنّ الخطر الأساسي على الآفاق متوسطة الأجل يتمثل في احتمال حدوث انخفاض لفترة طويلة في أسعار النفط وهو ما قد يحتم تراجعًا في الإنفاق وبالتالي إنخفاض حاد في معدل نمو الاقتصاد غير النفطي.
وعلى مستوى الأفق طويل الأجل فقد رهن البيان استمرار نمو الاقتصاد الوطني للسلطنة بقدرتها على التنويع الاقتصادي الذي يرى أن البلاد ما زالت ماضية في توطيده، وجنبًا إلى جنب مع هذه النقطة أشار البيان إلى أن التحدي الاشمل أمام السياسات يتمثل في ضمان تحقيق النمو القوي والقابل للاستمرار على المدى الطويل مع التصدي للحاجة الماسة إلى فرص العمل ولمواجهة هذا التحدي لخص البيان الحلول في ثلاث نقاط تدور حول نفس النقاط السابقة؛ وهي تعزيز الموارد العامة، ومعالجة أسباب ارتفاع البطالة والحفاظ على الاستقرار الكلي، ودعم تطوير القطاع المالي.
ولإزالة اللبس حول استخدام فائض ميزانية 2012 والذي يبلغ مليار ريال والمدرجة لتمويل عجز ميزانية العام الحالي شرح معالي الوزير أنّ هذا المبلغ سيتم توظيفه واستثماره في استثمارات وقتية يمكن تسييلها والخروج منها بسهولة في حال الحاجة إليه، وستتضح في الربع الرابع من العام الحالي مدى الحاجة لاستخدامه، فإذا استمرت الأسعار الفعلية للنفط عند المستويات المأمولة فلن يتم الحاجة له، وبالتالي سيتم تحويله إلى صندوق الاحتياطي العام للدولة أمّا إذا وجد لا قدر الله ما يستدعي اللجوء إليه فالمبلغ سيكون متاحًا لسد هذا العجز.
ونظرا لأنّ السلطنة تتبع نهجًا تنمويًا يعتمد على توفير الاحتياجات الاجتماعية والاقتصادية للمواطنين فإنّ ميزانية كل عام تتضمن عددًا كبيرًا من المشروعات لكن بعض هذه المشروعات المدرجة والتي يتم تخصيص المبالغ اللازمة لتنفيذها لا تكتمل خلال الوقت المحدد لها ويتم ترحيلها من موازنة العام إلى العام التالي مما يزيد تكلفة تنفيذها؛ وفي هذا الشأن أكد معالي درويش بن إسماعيل بن علي البلوشي الوزير المسؤول عن الشؤون المالية أنّ هذا التأخير ملاحظ بالفعل، وقال إنّ الحكومة ستضع آليات لمتابعة تنفيذ المشروعات بحيث نضمن أنّ المشروعات عندما يتم الاتفاق على جدول زمني لها يتم الالتزام بهذا الجدول.
وأضاف أنّ أسباب التأخير ترجع إلى عدة عوامل ففي بعض الأوقات يتم اعتماد مشروعات كثيرة في العام الواحد أكثر حتى من الطاقة الاستيعابية للاقتصاد التي لا تسع هذه المشروعات ففي بعض الأحيان يكون عدد المشروعات التي يتقرر إنشاؤها أكبر من قدرة شركات المقاولات الموجودة على التنفيذ، وبالتالي فإنه سيتم ترشيد عدد المشروعات في كل عام وبحيث يصبح معلوما بدقة عدد المشروعات الممكن تنفيذها في كل عام، أمّا العامل الثاني فهو وجود بعض التأخير أحيانًا في إنهاء الإجراءات، وهو ما نحاول التغلب عليه واتخاذ ما يلزم نحو تسريع وتسهيل هذه الإجراءات، وتعلق العامل الثالث بأنّ هناك بعض الوزارات تفتقر لوجود إدارة متخصصة في متابعة تنفيذ المشروعات، ولذلك سيتم تدعيم الوزارات في هذا الجانب وستستوعب هذه الإدارات جزءا من الوظائف التي سيتم توفيرها.
وأمّا فيما يخص الملاحظة المتعلقة بارتفاع مصروفات إنتاج النفط فأكد معاليه أنّ هذه المصروفات تنقسم إلى شقين فهناك جزء من هذه المصروفات هو مصروفات إنتاج للعام الحالي، وهناك جزء آخر يتم إنفاقه في مشروعات تعزز إنتاج النفط للأعوام القادمة، وقال معاليه إنّ هذه الاستثمارات ذات مردود متوسط وطويل الأمد، خاصة وأنّه بات معلومًا أنّ انتاج النفط أصبح يزداد صعوبة، وبالتالي تزداد تكلفة إنتاجه، ولذلك كان من الضروري أن تتم زيادة كمية النفط المستخرج باستخدام وسائل أكثر تعقيدًا، وهذه الوسائل تتطلب إنفاقا سيظهر عائده ليس فقط خلال العام الحالي بل أيضًا خلال الأعوام القادمة.
أمّا بالنسبة لانخفاض العائد الاقتصادي من بيع الغاز الطبيعي الذي يقوى دوره كثروة اقتصادية مع الاستكشافات الجديدة فأشار معالي الوزير إلى أنّه أيضًا بالنسبة للغاز الطبيعي فإنّ أثر المصروف في هذا المجال حاليًا سيظهر في ميزانيات الاعوام القادمة، وعلى سبيل المثال فإنّ حقول الغاز التي جرى الكشف عنها مؤخرًا لن يتم البدء في انتاجها قبل عام 2016 وهكذا فلا يمكن ربط المصروفات الاستثمارية في هذه المجالات وقياسها على أساس المردود منها خلال نفس العام.
أمّا بالنسبة لأسعار بيع الغاز الطبيعي فكشف معاليه أنّ الحكومة تدرس تكلفة الإنتاج وسعر البيع، مؤكدا أنّ الغاز لن يتم بيعه مطلقا بأقل من سعر تكلفته كحد أدنى، بل سيتم تحديد سعر بيع معقول خاصة لمجالات الصناعة والإنتاج الذي يدر أرباحًا عالية، وبخصوص أسعار البيع الحالية فأشار معاليه إلى أنّ الحكومة تواصل تفاوضها لتعديل بعض الاتفاقات التي تمّ إبرامها منذ فترة طويلة والتي تلزم بالبيع بسعر أصبح حاليًا متدنيًا جدًا قياسًا بالأسعار السائدة.
أكثر...