إضاءة-
مسعود الحمداني-
حين تنقل الصحافة همومَ الناس، فهي تضع صانعي القرار في زاوية الرؤية الصحيحة، أو على الأقل تحاول أن تفعل ذلك، وقد لا يكون ما تنقله دقيقًا، وهذا أمرٌ واردٌ، ولكنَّها تدق ناقوسًا ينبه إلى وجود مشكلة، أو قضية ما، أو توضح صورة مغلوطة في أذهان الناس أحيانًا؛ من خلال رد جهة مسؤولة عن هذه المسألة أو تلك، وهذا دورٌ متبادلٌ بين الصحافة كمنبر يتحدث بلسان الشارع، وحكومةٍ يهمها هذا المواطن؛ لأنه جزءٌ من وطن يتشكَّل من أفرادٍ يسعون إلى الوصول إلى صيغة مُثلى لأوضاع بلدهم.
ولدينا في السلطنة صحافةٌ تنضج يومًا بعد يوم، وتحاول أن تُعين صانع القرار على وضع خططه، واستراتيجيته، أو أن تنقل هذه الاستراتيجيات، وتهيئ المواطن لمتطلبات مرحلة قادمة، وهذا ما قامت به الصحافة العُمانية باقتدار طوال السنوات الماضية؛ حيث كانت في خندق واحد مع الحكومة، تسندها لإنجاح خططها، وهو دورٌ قام به الإعلام بكافة أجهزته، فبدءًا من المراحل الأولى لخطط التنمية في مستهل مسيرة النهضة المباركة، وحتى تنفيذ استراتيجيات التعمين، وقفت هذه الصحافة تساند حكومة صاحب الجلالة، وتعضدها بتحقيقات ومقالات تنموية تساهم على توسيع إدراكات المجتمع، وتنقل صورة حية ونابضة عن مشاريع التنمية على كل شبر من أرض السلطنة، ولا تزال تلك الصحافة تمارس واجباتها، ومسؤولياتها تجاه الوطن والموطن، ورغم ذلك يبقى تأثيرها محدودًا على المؤسسات الحكومية!!.. وقد تبخسها بعض هذه المؤسسات حقها، كمصدرٍ ناقلٍ للمعلومات؛ وذلك حين لا تعير اهتمامًا لما يتم طرحه، أو حين تحجب المعلومة التي يحتاجها الصحفي، بحجة أنها سرية!!، أو حين تتغاضى عمَّا تم نشره، على أساس أن ما تم تناوله لا يستحق عناء الإجابة أو التوضيح، بل إنها تتعامل بصورة مكتبية بينها وبين الجهات التي تُشرف على هذه الصحافة، ويتذمر بعض المسؤولين من عملية الانتقادات التي تطال مؤسساتهم، وكأنّ هناك (تقصدا) وسوء نية مبيتة بين الصحافة وتلك المؤسسات، رغم أن الأمر لا يعدو كونه انتقادًا للأداء وليس للأشخاص، وأن الكل -أبناء لهذا الوطن- عليهم واجبٌ أخلاقيٌّ وأدبيٌّ تجاه ترابه، إلا أن الكثير من المؤسسات لا تكلّف خاطرها عناء الرد على تحقيق أو مقال ما لم يمس الموضوع شخص أحد المسؤولين، رغم أنه في معظم المؤسسات الحكومية هناك دوائر (للإعلام والعلاقات العامة)، إلا أن دور أفرادها يقتصر على تخليص معاملات الموظفين، أو إعداد النشرات التوعوية محدودة التأثير، وحين يأتي الصحفي لاستخلاص معلومة، أو للسؤال عن تحقيق معين يخص المجتمع، ويهم الناس والمؤسسة نفسها، تبدأ (عقدة) الروتين، والبيروقراطية المريضة، وتصنع الأهمية، تنسج خيوطها.
وبعض المسؤولين ينظرون إلى الصحفي كفضولي مزعج، يجب التخلص منه، والتلذذ بمشاهدته يعود خائبًا ولو بتصريح فضفاض لا يسمن ولا يغني من جوع حول مؤتمر وهمي، رغم أن تصريحاتهم للصحف الخارجية تكاد تكون بشكل يومي.
.. إنّ صحافتنا المحلية بشكل عام أثبتت دائمًا أنها على قدر المسؤولية، وهي أداة مهمة لتنفيذ خطط الحكومة، وتنميتها البشرية والمادية، ولذلك فهي بحاجة إلى ثقة أكبر من بعض المسؤولين، فساعدوها على أن تأخذ دورها في بناء هذا الوطن، لتكون لسانا للحكومة والمواطن معا، وليس فقط لسانًا ناطقًا بلسان الحكومة، وإلا صارت أداة تضليل، لا تنويرٍ، وبات دورها يقتصر على ترديد عبارة "كلّ شيء تمام)!!، وحينها تنتهي فترة صلاحيتها.
فالمرحلة القادمة بلا شك تتطلب الشفافية، وتتطلب في المقابل مهنية عالية من الصحفي، وتناولاً دقيقًا وحذرًا وعميقًا للحدث؛ فالصحافة دائمًا هي أداة رقابة مستقلة وحيادية، وهي كما يُطلق عليها (السلطة الرابعة)، لذلك على السلطات الثلاث الأخرى احترامها، وتركها تعمل بحرية، ولكنها في كل الأحوال (حرية مسؤولة)، لا يستغلها المشتغل فيها لتصفية حساباته الشخصية، أو للضغط لتحقيق مصلحة خاصة، أو لتخليص معاملة عالقة في وزارة ما، فالقلم دائمًا (أداة حادة لا تعطى إلا للعقلاء)، وهذه مسؤولية أخرى تتحملها الصحافة، وهي قادرة عليها دون شك.
[email protected]
أكثر...
مسعود الحمداني-
حين تنقل الصحافة همومَ الناس، فهي تضع صانعي القرار في زاوية الرؤية الصحيحة، أو على الأقل تحاول أن تفعل ذلك، وقد لا يكون ما تنقله دقيقًا، وهذا أمرٌ واردٌ، ولكنَّها تدق ناقوسًا ينبه إلى وجود مشكلة، أو قضية ما، أو توضح صورة مغلوطة في أذهان الناس أحيانًا؛ من خلال رد جهة مسؤولة عن هذه المسألة أو تلك، وهذا دورٌ متبادلٌ بين الصحافة كمنبر يتحدث بلسان الشارع، وحكومةٍ يهمها هذا المواطن؛ لأنه جزءٌ من وطن يتشكَّل من أفرادٍ يسعون إلى الوصول إلى صيغة مُثلى لأوضاع بلدهم.
ولدينا في السلطنة صحافةٌ تنضج يومًا بعد يوم، وتحاول أن تُعين صانع القرار على وضع خططه، واستراتيجيته، أو أن تنقل هذه الاستراتيجيات، وتهيئ المواطن لمتطلبات مرحلة قادمة، وهذا ما قامت به الصحافة العُمانية باقتدار طوال السنوات الماضية؛ حيث كانت في خندق واحد مع الحكومة، تسندها لإنجاح خططها، وهو دورٌ قام به الإعلام بكافة أجهزته، فبدءًا من المراحل الأولى لخطط التنمية في مستهل مسيرة النهضة المباركة، وحتى تنفيذ استراتيجيات التعمين، وقفت هذه الصحافة تساند حكومة صاحب الجلالة، وتعضدها بتحقيقات ومقالات تنموية تساهم على توسيع إدراكات المجتمع، وتنقل صورة حية ونابضة عن مشاريع التنمية على كل شبر من أرض السلطنة، ولا تزال تلك الصحافة تمارس واجباتها، ومسؤولياتها تجاه الوطن والموطن، ورغم ذلك يبقى تأثيرها محدودًا على المؤسسات الحكومية!!.. وقد تبخسها بعض هذه المؤسسات حقها، كمصدرٍ ناقلٍ للمعلومات؛ وذلك حين لا تعير اهتمامًا لما يتم طرحه، أو حين تحجب المعلومة التي يحتاجها الصحفي، بحجة أنها سرية!!، أو حين تتغاضى عمَّا تم نشره، على أساس أن ما تم تناوله لا يستحق عناء الإجابة أو التوضيح، بل إنها تتعامل بصورة مكتبية بينها وبين الجهات التي تُشرف على هذه الصحافة، ويتذمر بعض المسؤولين من عملية الانتقادات التي تطال مؤسساتهم، وكأنّ هناك (تقصدا) وسوء نية مبيتة بين الصحافة وتلك المؤسسات، رغم أن الأمر لا يعدو كونه انتقادًا للأداء وليس للأشخاص، وأن الكل -أبناء لهذا الوطن- عليهم واجبٌ أخلاقيٌّ وأدبيٌّ تجاه ترابه، إلا أن الكثير من المؤسسات لا تكلّف خاطرها عناء الرد على تحقيق أو مقال ما لم يمس الموضوع شخص أحد المسؤولين، رغم أنه في معظم المؤسسات الحكومية هناك دوائر (للإعلام والعلاقات العامة)، إلا أن دور أفرادها يقتصر على تخليص معاملات الموظفين، أو إعداد النشرات التوعوية محدودة التأثير، وحين يأتي الصحفي لاستخلاص معلومة، أو للسؤال عن تحقيق معين يخص المجتمع، ويهم الناس والمؤسسة نفسها، تبدأ (عقدة) الروتين، والبيروقراطية المريضة، وتصنع الأهمية، تنسج خيوطها.
وبعض المسؤولين ينظرون إلى الصحفي كفضولي مزعج، يجب التخلص منه، والتلذذ بمشاهدته يعود خائبًا ولو بتصريح فضفاض لا يسمن ولا يغني من جوع حول مؤتمر وهمي، رغم أن تصريحاتهم للصحف الخارجية تكاد تكون بشكل يومي.
.. إنّ صحافتنا المحلية بشكل عام أثبتت دائمًا أنها على قدر المسؤولية، وهي أداة مهمة لتنفيذ خطط الحكومة، وتنميتها البشرية والمادية، ولذلك فهي بحاجة إلى ثقة أكبر من بعض المسؤولين، فساعدوها على أن تأخذ دورها في بناء هذا الوطن، لتكون لسانا للحكومة والمواطن معا، وليس فقط لسانًا ناطقًا بلسان الحكومة، وإلا صارت أداة تضليل، لا تنويرٍ، وبات دورها يقتصر على ترديد عبارة "كلّ شيء تمام)!!، وحينها تنتهي فترة صلاحيتها.
فالمرحلة القادمة بلا شك تتطلب الشفافية، وتتطلب في المقابل مهنية عالية من الصحفي، وتناولاً دقيقًا وحذرًا وعميقًا للحدث؛ فالصحافة دائمًا هي أداة رقابة مستقلة وحيادية، وهي كما يُطلق عليها (السلطة الرابعة)، لذلك على السلطات الثلاث الأخرى احترامها، وتركها تعمل بحرية، ولكنها في كل الأحوال (حرية مسؤولة)، لا يستغلها المشتغل فيها لتصفية حساباته الشخصية، أو للضغط لتحقيق مصلحة خاصة، أو لتخليص معاملة عالقة في وزارة ما، فالقلم دائمًا (أداة حادة لا تعطى إلا للعقلاء)، وهذه مسؤولية أخرى تتحملها الصحافة، وهي قادرة عليها دون شك.
[email protected]
أكثر...