الرؤية - مركز البحوث-
منذ أيام، رشَّح الرئيس الأمريكي باراك أوباما، مستشاره لشؤون مكافحة الإرهاب، لرئاسة وكالة الاستخبارات المركزية، خلفاً للعسكري المخضرم الجنرال ديفيد بتريوس، والذي دفعته فضيحة للاستقالة من المنصب في نوفمبر الماضي.
وبحسب بيتر بيرجن -محلل الأمن القومي بـCNN- وجنيفر رولاند -من "مؤسسة أمريكا الجديدة"- فيعتبر برينان محور استراتيجية التعامل مع تهديدات القاعدة وحلفائها بالاعتماد على الطائرات بدون طيار، والابتعاد عن وسائل الحرب التقليدية. وجزم بشرعية تلك الضربات الجوية، بكلمة في مارس الماضي، وبأنها تدخل في نطاق "تفويض استخدام القوى العسكرية" الذي أجازه الكونجرس عقب هجمات 11 سبتمبر عام 2001 على الولايات المتحدة.
وقال برينان: "لا يوجد في القانون الدولي ما يحظر استخدام الطائرات الآلية لهذا الغرض أو ما يمنع استخدامنا القوى الفتاكة ضد أعدائنا بالخارج في ميدان القتال، على الأقل، بموافقة الدولة المعنية أو عدم قدرتها أو رغبتها في التحرك ضد التهديد".
ومن أبرز مهام برينان، خلال فترة عمله كمستشار لمكافحة الإرهاب لأوباما: برنامج ملاحقة القاعدة بالطائرات دون طيار في كل من باكستان واليمن؛ ففي الخميس أدت ضربة جويَّة نفذتها وكالة الاستخبارات الأمريكية بطائرة دون طيار جنوب وزيرستان بباكستان إلى مقتل القيادي الطالباني البارز الملا نذير. وفي الوقت ذاته، قضت غارة مماثلة على ثلاثة من المشتبه بانتمائهم لتنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية باليمن.
وبرينان -الذي يتحدث العربية- هو "مهندس" هذه الاستراتيجية القتالية "عن بُعد" والتي قضى فيها 28، على الأقل، من قيادات القاعدة على رأسهم رجل الدين الأمريكي-اليمني الأصل أنور العولقي، الذي استنكرته منظمات حقوقية أمريكية لكونه مواطنًا أمريكيًّا، رغم انتقاداتها الشديدة لاستخدام الطائرات بلا طيار في تنفيذ ضربات يروح ضحيتها كذلك مدنيون.
وبرينان هو مركز القرارات الخاصة باستخدام الطائرات الآلية في باكستان واليمن، وربما في مالي، وهذه بالطبع مسائل ستُوضع قيد الاعتبار في جلسات الكونجرس لمناقشة ترشيحه لقيادة جهاز التجسس الأمريكي.
وبرينان -57 عاما- كان قد أخذ جانب "أوباما" عندما قرر شن الغارة التي أسفرت عن مقتل زعيم القاعدة "أسامة بن لادن", وفي الأعوام الأربعة الماضية كان يعقد اجتماعات منتظمة يومية مع "أوباما" لإطلاعه على تفاصيل العمليات المهمة, ويعتبر مقتل "بن لادن" من أكبر نجاحات برينان على مدى 25 عامًا من مشوار عمله بوكالة "سي.آي.إيه", كما لعب برينان أيضًا دورًا محوريًّا في استخدام الطائرات بدون طيار لاستهداف الأشخاص الذين يشتبه أنهم إرهابيون في باكستان واليمن والصومال.
وفي إطار برنامج لوكالة الاستخبارات المركزية، جرى تنفيذ مئات الهجمات بواسطة الطائرات بدون طيار على أهداف في شمال غرب باكستان منذ العام 2004. وفي العام الماضي، قام برينان بشرح علني للهجمات باستخدام الطائرات بدون طيار؛ حيث وصفها بأنها "أخلاقية وعادلة".
وقد تولى برينان منصب المدير التنفيذي للمركز الوطني لمكافحة الإرهاب في العام 2004. وعلى الرغم من أنه عمل مع الرئيس السابق "جورج دبليو بوش"، إلا أنه أيَّد أوباما في انتخابات 2008، وعندما تولى "أوباما" منصبه الرئاسي في ذلك الحين فكَّر في ترشيحه لمنصب مدير الـ"سي.آي.إيه"، إلا أن برينان انسحب من المشهد إثر اتهامه بالاخفاق في منع إستخدام أساليب الاستجواب مثل الايهام بالغرق, في حين أنكر برينان تلك الاتهامات.
ويبدو برينان فظًّا أحيانًا خلال اللقاءات العامة، ويُعتبر متشددًا على قدر من الذكاء الحاد, كما أنه يُعد خبيرًا بشؤون الشرق الأوسط ويجيد اللغة العربية؛ حيث إنه رأس فرع وكالة الاستخبارات المركزية في السعودية.. ويقول البعض إن هذه الخلفية تجعله مرشحا مثاليا لخلافة "ديفيد بترايوس" الذي استقال من منصبه في أعقاب تورطه في فضيحة.
وينحدر جون برينان من أسرة من المهاجرين الأيرلنديين في نيو جيرسي. وبعد تخرجه في مدرسة ثانوية كاثوليكية، التحق في منتصف السبعينيات من القرن الماضي بجامعة فوردهام الكاثوليكية في نيو يورك ليصبح قسيسا. إلا أن ذلك تغيَّر عندما عثر في عدد من صحيفة نيويورك تايمز على إعلان جاء فيه أن وكالة المخابرات المركزية (CIA) تبحث عن عُملاء جدد. هذا الإعلان غيَّر مسار حياة برينان، ودفع به إلى السير في طريق يبدو أنه سيؤدي بعد 25 سنة من العمل في الوكالة إلى التربع على قيادتها.
وسيصبح برينان -بعد فترة قصيرة- أبرز رجل أمن في إدارة أوباما، إذا لم يعترض مجلس الشيوخ على تعيينه؛ فبرينان عمل منذ أربع سنوات في البيت الأبيض كأهم خبير في شؤون مكاحة الإرهاب. ويقول برينان على الدوام: "لا أعرف معنى أوقات الاستراحة. لا أحتاج إليها".. وقد أشاد أوباما بمساعده الأمني ووصف حرصه على العمل بأنه أسطوري. وأضاف قائلا: "لست متأكدًا أنه نام أبدا في السنوات الأربع الماضية".
أكثر...