إضاءة-
مسعود الحمداني-
لماذا يبقى الأرشيف هو الحلقة الأضعف في أي مؤسسة حكومية؟! ولماذا يكون نقل الموظف إلى الأرشيف عقابًا إداريًّا له؟! ولماذا يكون -عادة- في هذا المكان الموظفون الأقل كفاءة؟!
هذه التساؤلات تطرأ عليَّ كلما مررتُ بأرشيف أي وحدة حكومية، ونظرتُ إلى الوجوه التي يعلوها الغبار التي (تسكن) فيه، والتي تتصرف أحيانا وكأن عملها لا أهمية له، سوى إحضار وثيقة من المخزن -هذا إنْ وُجدت أصلا- أو حفظ وثيقة ورقية إلى حين، وبذلك يفقد (الأرشيف) أهميته، ويتحوَّل من عمل محوري، وجوهري في المؤسسات، إلى عمل روتيني، لا طائل من ورائه.
.. إن اتجاه الدول المتقدمة نحو أرشفة مستنداتها، وحفظها بطرق الحفظ الصحيحة، والعلمية الحديثة، يُعتبر واحدًا من أهم أولوياتها؛ حيث لا يشغل هذا المنصب إلا المتخصصون في المكتبات والأرشفة، وهو تخصص يزداد الإقبال عليه؛ نظرًا لحيويته. غير أننا في الدول العربية لا نعير هذا الأمر اهتماما، بل وأن كثيرا من دولنا تفقد وثائق في غاية الأهمية؛ لأنها لا تُقدّرها حق قدرها، وتعتبرها أمرًا غير ذي جدوى، وحتى في الدول العربية التي تعتني بهذه الوثائق، يكون الحفظ بطريقة يدوية، وفوضوية، لا تترك مجالا لبحث منهجي، وعلمي، بتتبّع أثر أي وثيقة كانت.
حين بدأت الهيئة العامة للوثائق والمحفوظات في السلطنة عملها، دُهش بعض الخبراء في هذا المجال من عدم الاهتمام بحفظ مستندات هي في غاية الأهمية التاريخية، والإدارية، وتعرّضها للضياع. وفي المقابل، أضحت بمرور الوقت كمّا مهملا، وغير متوفر كمعلومة بسبب تلف الورق، ورداءة الحفظ.. وبذلك أُهدرت طوال تلك الفترة ذاكرة أرشيفية هامة تعتبرها الدول المتقدمة كنزا، بينما نعتبرها إلى وقت قريب (أوراقا زائدة عن الحاجة).
.. إنّ الأرشيف عمل مفصلي في أي مؤسسة حكومية؛ لذلك فلا يجب أن يُنظر إليه من خلال تلك النظرة التقليدية التي تعتبره مجرد مهمة روتينية بإمكان أي كائن القيام به، ويعتبره بعض الإداريين المكان الأمثل لعقاب موظفيهم؛ حيث يحيا الموظف ويموت فيه، تماما كما نشاهده في الأفلام العربية التي تُظهر موظفي الأرشيف وكأنهم من محاربي القرون الوسطى، بيروقراطيين ومملّين، وليس لهم أهمية، محبوسين في (سرداب) تحت الأرض، يقضون كل يومهم في تدوين (الصادر والوارد) بقلم جاف، وبخط رديء، وهي الصورة النمطية لموظف الأرشيف للأسف.
حين نبحث عن وثيقة مهمة تتعلّق ببلداننا، أو بشخصيات تاريخية عاشت في أرضنا، نلجأ إلى (الأرشيف الوطني البريطاني)، أو إلى أي (أرشيف) أوروبي، بينما تضيع من بين أيدينا آلاف الوثائق النفيسة بسبب أن في (أرشيفاتنا) موظفين مغضوبًا عليهم، يقضون سنوات عملهم ليتقاضوا راتبهم آخر الشهر..دون أن يعلموا أهمية ما بين أيديهم من (كنوز).
[email protected]
أكثر...
مسعود الحمداني-
لماذا يبقى الأرشيف هو الحلقة الأضعف في أي مؤسسة حكومية؟! ولماذا يكون نقل الموظف إلى الأرشيف عقابًا إداريًّا له؟! ولماذا يكون -عادة- في هذا المكان الموظفون الأقل كفاءة؟!
هذه التساؤلات تطرأ عليَّ كلما مررتُ بأرشيف أي وحدة حكومية، ونظرتُ إلى الوجوه التي يعلوها الغبار التي (تسكن) فيه، والتي تتصرف أحيانا وكأن عملها لا أهمية له، سوى إحضار وثيقة من المخزن -هذا إنْ وُجدت أصلا- أو حفظ وثيقة ورقية إلى حين، وبذلك يفقد (الأرشيف) أهميته، ويتحوَّل من عمل محوري، وجوهري في المؤسسات، إلى عمل روتيني، لا طائل من ورائه.
.. إن اتجاه الدول المتقدمة نحو أرشفة مستنداتها، وحفظها بطرق الحفظ الصحيحة، والعلمية الحديثة، يُعتبر واحدًا من أهم أولوياتها؛ حيث لا يشغل هذا المنصب إلا المتخصصون في المكتبات والأرشفة، وهو تخصص يزداد الإقبال عليه؛ نظرًا لحيويته. غير أننا في الدول العربية لا نعير هذا الأمر اهتماما، بل وأن كثيرا من دولنا تفقد وثائق في غاية الأهمية؛ لأنها لا تُقدّرها حق قدرها، وتعتبرها أمرًا غير ذي جدوى، وحتى في الدول العربية التي تعتني بهذه الوثائق، يكون الحفظ بطريقة يدوية، وفوضوية، لا تترك مجالا لبحث منهجي، وعلمي، بتتبّع أثر أي وثيقة كانت.
حين بدأت الهيئة العامة للوثائق والمحفوظات في السلطنة عملها، دُهش بعض الخبراء في هذا المجال من عدم الاهتمام بحفظ مستندات هي في غاية الأهمية التاريخية، والإدارية، وتعرّضها للضياع. وفي المقابل، أضحت بمرور الوقت كمّا مهملا، وغير متوفر كمعلومة بسبب تلف الورق، ورداءة الحفظ.. وبذلك أُهدرت طوال تلك الفترة ذاكرة أرشيفية هامة تعتبرها الدول المتقدمة كنزا، بينما نعتبرها إلى وقت قريب (أوراقا زائدة عن الحاجة).
.. إنّ الأرشيف عمل مفصلي في أي مؤسسة حكومية؛ لذلك فلا يجب أن يُنظر إليه من خلال تلك النظرة التقليدية التي تعتبره مجرد مهمة روتينية بإمكان أي كائن القيام به، ويعتبره بعض الإداريين المكان الأمثل لعقاب موظفيهم؛ حيث يحيا الموظف ويموت فيه، تماما كما نشاهده في الأفلام العربية التي تُظهر موظفي الأرشيف وكأنهم من محاربي القرون الوسطى، بيروقراطيين ومملّين، وليس لهم أهمية، محبوسين في (سرداب) تحت الأرض، يقضون كل يومهم في تدوين (الصادر والوارد) بقلم جاف، وبخط رديء، وهي الصورة النمطية لموظف الأرشيف للأسف.
حين نبحث عن وثيقة مهمة تتعلّق ببلداننا، أو بشخصيات تاريخية عاشت في أرضنا، نلجأ إلى (الأرشيف الوطني البريطاني)، أو إلى أي (أرشيف) أوروبي، بينما تضيع من بين أيدينا آلاف الوثائق النفيسة بسبب أن في (أرشيفاتنا) موظفين مغضوبًا عليهم، يقضون سنوات عملهم ليتقاضوا راتبهم آخر الشهر..دون أن يعلموا أهمية ما بين أيديهم من (كنوز).
[email protected]
أكثر...