إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

(العصا والجزرة).. والمؤسسات الحكومية

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • (العصا والجزرة).. والمؤسسات الحكومية

    إضاءة-

    مسعود الحمداني-


    في كثير من المؤسسات الحكومية (تحضر العصا، وتغيب الجزرة)، تفتقد للمساءلة الإدارية، ولا تُفعّل لائحة العقوبات، ولا يُلتفت لإرساء نظام للمكافآت، وبذلك يتساوى المحسن والمسيء من الموظفين.. وبدلا من محاسبة المقصّرين، ومكافأة المخلصين في أعمالهم، نجد أنّ كل (الموظفين متساوون في المكافآت والترقيات)، وأنّ مساحة الموظفين اللا مبالين تتسع في مقابل انحسار التفاني لدى آخرين.
    يحكي لي عدد من الموظفين في مؤسسات حكومية مختلفة عن إحباطهم الشديد في الطريقة التي يتم التعامل بها في أماكن عملهم؛ حيث التسيّب على أشدّه من بعض العاملين، والذين قد يحصلون على (مكافآت) استثنائية، بينما يُهمّش آخرون اجتهدوا وأخلصوا لعملهم، ولكن لم يُلتفت إليهم، وتساووا مع المقصّرين، وحكايات مثل هؤلاء تطول، ولا تقصر، وتتعدد، وتختلف في السرد، ولكنها تتفق في النهايات المفضية للإنهاك النفسي.
    هذا الجو السائد في كثير من المؤسسات الحكومية يجب أن يُحسم، وأن تكون هناك ضوابط واضحة، ومفعّلة في هذا الجانب، بحيث يأخذ الجميع حقوقهم وبشكل يتساوى وحجم العمل والكفاءة، والأداء لكل موظف، ووفق آليات إدارية، وموضوعية ممنهجة، حتى لا تتمدد حالات الإحباط وتسود مؤسساتنا، وينعكس ذلك بالتالي سلبًا على أدائها العام، وهذه الضوابط في حد ذاتها قد تقود إلى تعديل أوضاع بعض الموظفين (المعوجّين)، وتقويم سلوكهم الوظيفي، وتساعد على رفع كفاءتهم، وتقليل نسبة التذمر في أوساط العاملين بجد، وإخلاص، وهذا بدوره يحقق نوعًا من العدالة الوظيفية، والرضا عن الذات لدى آخرين.
    يقال بأنّ (من أمن العقوبة أساء الأدب)، وهذا ينطبق على كثير من الحالات التي ركنت إلى الكسل، وتعمّدت رمي (هَمّ العمل) وراء ظهرها، لأنها تعلم يقينا أنّها لن تُساءل، وأنّ الترقية قادمة لا محالة، وأنّها متساوية في إهمالها، مع حرص موظف آخر على عمله، والتزامه بواجباته المهنية، وهي لذلك لا تشغل بالها كثيرًا بما ينتظرها، ولو كانت هناك لوائح تنظيمية واضحة تكافئ الموظف المثابر ـ حتى وإن لم تمس بالموظف المهمل ـ فإنّ ذلك يعتبر في حد ذاته نوعًا من العقاب النفسي لهذا المهمل، وهو إجراء سيعمل ـ كأضعف الإيمان ـ على تشجيع روح المنافسة، وإشعال جذوة التوقد والنشاط في نفس الموظف الساعي نحو بناء ثقافة عمل تؤسس لجيل من الموظفين الذين يحتاجهم الوطن في كل قطاعاته.
    إنّ سياسة (الجزرة والعصا) هي بمثابة دفع معنوي للموظفين في المؤسسات، وهو يعتمد على مكافأة الموظف المجتهد، ومعاقبة المهمل لواجباته الوظيفية، ورغم أنّ هناك فصلا للمساءلة الإدارية (الفصل الثالث عشر) ضمن قانون وزارة الخدمة المدنية يسرد طرق معاقبة الموظف الذي يسيء للوظيفة العامة، وضمن تدرجات معينة، إلا أنّ القانون لا يتضمن مكافآت الموظفين المنضبطين، والمتميزين، إلا في أضيق الحدود وحسب ما يراه (رئيس الوحدة) والذي كثيرًا ما يرى من هم تحت إشرافه المباشر، دون أن يمد نظره إلى موظفين يقبعون على مكاتبهم ويعملون دون كلل ولكنّهم غير مرئيين لدى كثير من رؤساء الوحدات، وهؤلاء بالذات من يحتاجون إلى تلك المكافآت، وذلك التشجيع أسوة بآخرين يعملون في نفس ظروف العمل، وضغوطاته، ولكنّهم بعيدون عن أعين المسؤولين..فهل حان الوقت لقضم جزء من (الجزرة) وإطعامها للموظفين الذين يستحقونها..مع الإبقاء على (العصا) قريبًا من متناول اليد؟!!

    [email protected]






    أكثر...
يعمل...
X