إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

الكويت وأحاديث الثقافة والحريَّة

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الكويت وأحاديث الثقافة والحريَّة


    محمد الشحري -
    ليسمح لي القرَّاء أن أفتتح مقالي بأغنية للمطربة الكبيرة فيروز، والتي غنَّت للكويت هذه الكلمات التي كتبها الأخوان الرحباني، والتي تقول كلماتها: "غنى الكويت وغنى علاها ويومها الوطنى.. مد شراع وشط يموج عليه تبنى البروج.. يا وردة طاب منها الأريج يا عطرها العربى.. بين الكويت وأرض بلادى يا طيبة من وداد.. نحن وإياكمو فى الجهاد نبنى المصير الأبي".
    عدت يوم أمس من الكويت في زيارة خاطفة استمرت بضع ساعات، لكنها كانت كافية للملمة بعض الأشياء الصغيرة الملتصقة بالذاكرة، والتي كانت تنتظر دورها لتخرج في مقال أو في نصوص أدبية، فالكويت لها مكانة خاصة عندي شخصيا، ربما لأنها أول بلد يسافر إليها والدي للعمل، مثله مثل العديد من أبناء جيله، والذين يطلق عليهم في الكويت لقب (المهرة) لحملهم ورقة دخول الكويت من الشيخ بن عفرير المهري الذي تربطه علاقات متينة مع الانجليز ومع بعض أمراء الخليج.
    لم أرَ والدي حزينا مثلما رأيته يوم 3 أغسطس 1990، بعد سماعه بدخول القوات العراقية إلى الكويت، أما عن مكانة الكويت عندي فقد يكون بسبب دورها الريادي في نشر الثقافة العربية والاهتمام بها. ومجلة العربي خيرُ مثال على ذلك، إضافة إلى المناخ الثقافي الذي ولد أعمالًا أدبية وفكرية وفنية لاتزال تشع على المنطقة، كذلك فإن الحراك السياسي كان هو الآخر نشطًا على أرض الكويت، حيث تأسست العديد من الحركات الفكرية والسياسية نظرا لهامش الحرية المسموح به في هذا البلد الذي وضِع له أول دستور في الخليج، على يد الشيخ عبد الله السالم الصباح، الذي سُمِّي "بأبو الدستور" لأنه أول من دعا إلى تنظيم الحياة السياسية في الكويت.
    كانت الكويت، ولا تزال حاضنة للعديد من الجاليات العربية، وقد عاش من خيراتها عدد كبير من الناس في الخمسينيات والستينيات والثمانينيات من القرن الماضي، ولا تزال جالية كبيرة من إخواننا المصريين يعملون في الكويت وهذا ما لاحظته، وهو مثال يذكر، ويشكر لدولة الكويت التي فتحت أبوابها للعمالة العربية. وفي الكويت أيضًا كتب الروائي والكاتب الفلسطيني غسان كنفاني أجمل أعماله الأدبية؛ منها: رواية رجال في الشمس، والعديد من المجموعات القصصية؛ منها: "موت السرير رقم 12"، والتي يكتب فيها كنفاني إهداءه إلى عائلة عُمانية قائلا: "ولا بد أيضا، ولو بدا ذلك غريبا بعض الشيء، أن أرسل عزائي إلى العائلة المجهولة التي فجعت بموت ابنها "محمد علي أكبر"، الذي مات بعيدًا وحيدًا، غريبًا على السرير رقم 12، وهو ينزف عرقا نبيلا في سبيل لقمة شريفة. ويعد محمد علي أكبر القادم من مدينة دباء العمانية، الشخصية الوحيدة غير الفلسطينية في كتابات غسان كنفاني.
    وخلال المدة القصيرة التي قضيتها في الكويت، كان الصديق ناصر صفر خير من يعرفني على الكويت، كما عرفني يوما ما على بيروت وأهم مكتباتها الورقية منها والموسيقية؛ فالاهتمام الشخصي بالثقافة والفكر ورجال الأدب يجمعني بأصدقاء من أمثال ناصر، وقد جنيت جرَّاء ذلك معارف وصداقات ممتدة على خارطة الوطن العربي الكبير أعتز بها وأفتخر. وفي هذه المدة القصيرة عرَّفني ناصر على الكاتب أحمد الديين، أحد أهم الكتاب السياسيين على الساحة الكويتية، والذي حدثنا عن تجربته الصحفية في سبعينيات القرن الماضي، والتي قادته إلى اليمن الجنوبي -قبل الوحدة- ليغطي الأحداث الجارية هناك لجريدة السياسة الكويتية، وكان من المفترض أن نلتقي بالكاتب الروائي وليد الرجيب، لكن الوقت لم يكن حليفا لنا.
    .. كعادة الكويت وديوانياتها، فإن الحديث في السياسة ومناقشة التطورات الحاصلة على الصعيد الوطني والإقليمي يعد وجبة يومية، ومن خلال ذلك يمكن للزائر مثلي الإلمام بما يحدث على الساحة الكويتية من شدٍّ وجذبٍ بين الحكومة وبين المعارضة، على العديد من القضايا الوطنية، قد يكون قانون الانتخابات أبرز تلك القضايا المحورية، وإذا كان الوقت قصيرا ولم يسمح لي التعرف على الكويت كما ينبغي فإن الامنيات لا تنقطع أن يمدنا القدر بالعمر للمكوث في " العالي" -أي الكويت- كما يطلق عليها آباؤنا الذين عملوا فيها، والتعرف عليها عن كثب.






    أكثر...
يعمل...
X