مسقط - الرؤية-
تحتفل السلطنة -ممثلة في وزارة البيئة والشؤون المناخية- صباح اليوم، باليوم العالمي للأراضي الرطبة؛ تحت شعار "الأراضي الرطبة تعنى بالمياه"، الذي تنظمه وتشرف عليه المنظمة الدولية رامسار للأراضي الرطبة ويوافق الثاني من فبراير من كل عام.
وتعتبر اتفاقية "رامسار" للأراضي أو المناطق الرطبة أقدم اتفاقية عالمية في مجال البيئة، وهي بمثابة إطار للتعاون الدولي والقومي للحفاظ والاستعمال العقلاني للأراضي الرطبة ومصادرها؛ حيث وضعت عام 1971 بمدينة "رامسار" الإيرانية، ودخلت حيز التنفيذ في 21 ديسمبر من سنة 1975, وهي تعتبر الاتفاقية الدولية الوحيدة في مجال البيئة التي تعالج نظام بيئي خاص. وقد انضمت السلطنة إلى هذه الاتفاقية بموجب المرسوم السلطاني رقم (64/2012) بتاريخ 25 نوفمبر 2012م.
وتضم الاتفاقية 158 دولة، ويوجد الآن أكثر من 1800 منطقة رامسار بمساحة تقدر بحوالي 180 مليون هكتار. وعلى الدول المشاركة أن تعلن على الأقل منطقة رامسار ذات الأهمية الدولية لإدراجها في قائمة رامسار، وأن تتأكد من صيانة الصفة البيئية لكل موقع؛ وذلك من خلال صونها في إطار تخطيط نظم استخدامات الأراضي الوطنية وتشجيع عمليات الصون والاستخدام الحكيم لموارد الأراضي الرطبة، وإنشاء المحميات الطبيعية، وتشجيع برامج التدريب والبحوث العلمية ذات العلاقة بإدارة الأراضي الرطبة، والتشاور مع الدول وتبادل الخبرات في مجال تنفيذ أهداف الاتفاقية، خاصة فيما يتعلق بالمناطق المشتركة بين الدول مثل أحواض الأنهار والمحميات عابرة الحدود والمشروعات الإقليمية ذات الصلة بالأراضي الرطبة.
وتعتبر السياحة في الأراضي الرطبة لها فوائد على حد سواء محليًّا ووطنيًّا للناس والحياة البرية، مثل تقوية اقتصادات الدول، وتنويع سبل العيش المستدامة، وصحة الأنظمة البيئية وازدهارها؛ حيث سجل ما لا يقل عن 35% من مواقع رامسار في جميع أنحاء العالم مستوى معين من النشاط السياحي، وبطبيعة الحال فإنه من المهم النظر في السياحة في جميع الأراضي الرطبة، وليس فقط تلك التي تسمى مواقع رامسار، وتعتبر السياحة واحدة من العديد من الخدمات التي تقدمها الأراضي الرطبة، ومن أهم ممارسات السياحة في الأراضي الرطبة توعية السياح بقيمة الأراضي الرطبة التي تساهم في صحتهم والفوائد على المدى البعيد، والحياة البرية المزدهرة والتنوع البيولوجي، وفرصة لاستخدام الأراضي الرطبة في الحملات السياحية، والنظر في قيمة الأراضي الرطبة المحلية من وجهة نظر السياح وأفراد المجتمع المحلي، ودراسة فوائد السياحة المستدامة على النظم الأيكولوجية للأراضي الرطبة، كما يمكن للسائح الإسهام في الاقتصاديات المحلية، ورفع مستوى الوعي حول فوائد الأراضي الرطبة.
ووقعت أمانة رامسار ومنظمة السياحة العالمية مذكرة تعاون لتشجيع الاستخدام الحكيم وممارسات السياحة المستدامة في الأراضي الرطبة، وزيادة وتحسين وإدارة الأراضي الرطبة ذات الأهمية الدولية، وتعزيز التعاون الإقليمي والدولي بين الوزارات المسؤولة عن إدارة الأراضي الرطبة وحفظ التنوع البيولوجي والمسئولين عن التنمية السياحية، وينبغي من السياحة أن تساهم في تحقيق الاستفادة المثلى من الموارد البيئية، والتي تشكل عنصرا أساسيا في التنمية السياحية، والحفاظ على العمليات الإيكولوجية الأساسية، والمساعدة على الحفاظ على الموارد الطبيعية والتنوع البيولوجي، كما يجب احترام الأصالة الاجتماعية والثقافية للمجتمعات المحلية المضيفة، والحفاظ على البناء والتراث الثقافي الحي والقيم التقليدية، والمساهمة في التفاهم بين الثقافات والتسامح، وعلى المدى الطويل يمكن أن تساهم في رفع المستويات الاقتصادية، وتوفير المنافع الاجتماعية لجميع أصحاب المصلحة التي يتم توزيعها بصورة عادلة، بما في ذلك استقرار العمالة، وفرص كسب الدخل والخدمات الاجتماعية للمجتمعات المحلية المضيفة، والمساهمة في التخفيف من حدة الفقر.
الأهمية البيئية
وتهدف الاتفاقية إلى تشجيع المحافظة والاستعمال العقلاني للأراضي الرطبة عن طريق إجراءات يتم اتخاذها على المستوى الوطني أو القومي وعن طريق التعاون الدولي من أجل الوصول إلى التنمية المستدامة في كل العالم. ويدخل تحت رعاية هذه الاتفاقية العديد من أنواع الأراضي والمناطق الرطبة وهي المستنقعات والسبخات، البحيرات والوديان، المروج الرطبة والمَخَثاتْ، الواحات، مصبات الأنهار، منطق الدلتا وخطوط المد، الامتدادات البحرية القريبة من السواحل، أشجار القرم والشعاب المرجانية، ويدخل كذلك المناطق الرطبة الاصطناعية مثل أحواض تربية الأسماك، الحقول الرطبة لزراعة الأرز، خزانات المياه والملاحات. وتقوم المناطق الرطبة بتقديم خدمات بيئية أساسية، فهي عبارة عن معدل للنظام الهيدرولوجي، ومصدر للتنوع البيولوجي في كل المستويات في داخل الأنواع (المستوى الوراثي ومستوى النظام البيئي). والمناطق الرطبة عبارة عن نوافذ مفتوحة على التفاعلات التي تحدث بين التنوع الثقافي والتنوع البيولوجي، وتعتبر مصدراً اقتصاديا وعلميا، أما تناقصها أو اختفائها التدريجي، فإنه يشكل اعتداء صارخا على البيئة، تكون أضراره في بعض الأحيان غير قابلة للتصليح.
جهود اليونسكو ورامسار
وتضافر جهود اليونسكو ورامسار لصون مواقع مهمة تمثل الأراضي الرطبة مناطق من المستنقعات أو السبخات أو الأرض الخُث، أو المياه سواء كانت طبيعية أو اصطناعية، دائمة أو مؤقتة، ذات مياه راكدة أو متدفقة، عذبة أو أجاج أو مالحة، تتضمن مناطق بحرية لا يتجاوز عمق مياهها في مواقع انحسار المياه الستة أمتار، وهو يركز على مواقع الأراضي الرطبة ذات القيمة المهمة. وتحظى هذه الأراضي باعتراف دولي باعتبارها من معازل المحيط الحيوي أو مواقع التراث العالمي (التي ترعاها اليونسكو)، وباعتبارها من الأراضي الرطبة ذات الأهمية الدولية (بموجب اتفاقية رامسار). وتوفر الأراضي الرطبة خدمات مهمة للمجتمعات البشرية، بما فيها توفير المياه والصرف الصحي والتحكم بالفيضانات والموارد الغذائية وتوفير المياه النظيفة والأدوية، وفي الوقت نفسه، يتعرض الكثير من الأراضي الرطبة للخطر من جراء ما يحدثه الإنسان من آثار وتطورات تكنولوجية من قبيل الأشغال المائية والمنشآت السياحية والأنشطة الترفيهية والتلوث وغير ذلك من التدخل البشري. وعلى مر السنوات الـ100 الماضية أزيل 50% من الأراضي الرطبة في العالم ولا يتمتع بالحماية إلا 10% من الأراضي المتبقية، ويُخشى أن تزيد الكوارث ذات الصلة بالفيضانات ونقص المياه في 60 بلداً بحلول العام 2050 ما لم يحافظ على الأراضي الرطبة المتبقية، ومنذ ذلك الوقت أصبح برنامج الإنسان والمحيط الحيوي (الماب) التابع لليونسكو ومكتب رامسار شريكين، وتُبذل جهود تآزرية للمحافظة على الأراضي الرطبة.
مواقع رامسار
هي مواقع مدرجة في قائمة الأراضي الرطبة ذات الأهمية الدولية بموجب اتفاقية الأراضي الرطبة الموقعة في رامسار بإيران عام 1971م، ومن بين أبرز الأراضي الرطبة المحمية ما يلي: تونله ساب (كمبوديا)، بانتانال (البرازيل)، بحيرة سانت بيير (كندا)، سيناغا غراند دي سانتامارتا (كولومبيا)، كامارغ (فرنسا)، معزل المحيط الحيوي في هارا (إيران)، دلتا نهر الفولغا (الاتحاد الروسي)، لانغيبان (جنوب افريقيا)، إيفيرغليدز (الولايات المتحدة الأمريكية)، دلتا سلوم (السنغال)، وهناك بعض الأراضي الرطبة الاستثنائية المحمية من خلال إدراجها في قائمة اليونسكو للتراث العالمي.
اهتمام السلطنة
ولما كان للأراضي الرطبة من أهمية بيئية فقد أولت السلطنة أهمية خاصة بها حيث تم تصنيف معظم مواقع الأراضي الرطبة مواقع محمية مقترحة تم الإعلان عن عدد منها كمواقع محمية بحكم القانون؛ حيث تم الإعلان عن عدد تسعة أخوار، بالإضافة إلى محمية جزر الديمانيات الطبيعية ومحمية السلاحف برأس الحد ومحمية حديقة القرم الطبيعية وتدرس الوزارة حالياً الإعلان عن عدد من المحميات الطبيعية. وسعت وزارة البيئة والشؤون المناخية منذ عام 2000م على إعادة بعض المواقع المتدهورة وتأهيل مواقع جديدة؛ وذلك من خلال تنفيذ مشروع استزراع أشجار القرم وتأهيل الأخوار؛ حيث تم استزراع ما يزيد على نصف مليون شتلة موزعة على مختلف مناطق السلطنة. هذا بالإضافة إلى إجراء البحوث والدراسات وتطبيق التشريعات والقوانين الصادرة في هذا الشأن. وكما أن النهج الذي انتهجته السلطنة في مجال التخطيط البيئي ساهم في بقاء الموارد الطبيعية بشكل عام والأراضي الرطبة بشكل خاص على طبيعتها ولم تتأثر بمقومات التنمية الشاملة بمختلف أوجهها.. واستكمالًا لتلك الجهود، فقد حرصت السلطنة على مشاركة دول العالم في الجهود الرامية إلى حماية البيئة من خلال عضويتها في مختلف المنظمات الإقليمية والدولية وكذلك توقيعها لمعظم الاتفاقيات المعنية بحماية البيئة والموارد الطبيعية. وانه على الرغم من عدم انضمام سلطنة عمان لهذه الاتفاقية، إلا أنها تعطي كما أسلفت أهمية بالغة للأراضي الرطبة لضمان الحفاظ عليها واستدامتها وتدرس السلطنة حالياً إمكانية الانضمام للاتفاقية إدراكاً منها لأهمية التعاون الدولي في كل ما من شأنه حماية البيئة وصون الموارد الطبيعية.
فعاليات توعوية متنوعة
واحتفاءً بهذه المناسبة، تنظم وزارة البيئة والشؤون المناخية عددًا من الفعاليات والأنشطة التوعوية التي تهدف إلى زيادة توعية مختلف فئات المجتمع بأهمية الأراضي الرطبة وأهمية الحفاظ على البيئة البحرية وصون مواردها الطبيعية، حيث سيقام صباح اليوم حملة موسعة لاستزراع أشجار القرم في محمية القرم الطبيعية بمحافظة مسقط بمشاركة عدد من المدارس الحكومية والخاصة بالسلطنة، وعدد من طلبة جامعة السلطان قابوس وبعض الكليات الخاصة. وستشمل هذه الفعالية إلقاء محاضرة توعوية عن أهمية أشجار القرم بالنسبة للبيئة البحرية والكائنات الحية المتواجده حولها، مع إيضاح جهود الوزارة في عمليات استزراع اشجار القرم في مختلف شواطئ السلطنة، ودور الأفراد في الحفاظ على هذه الأشجار، كما ستتضمن الحملة زيارة لمشتل أشجار القرم الموجود بالمحمية لتعريف المشاركين بالطرق العلمية الصحيحة لعملية الاستزراع مع إيضاح طرق نمو هذه الأشجار، إضافة إلى تنظيف شواطئ المحمية وزراعة عدد كبير من شتلات أشجار القرم بالمحمية.
أما في ولاية قريات، فستنفذ الوزارة يوم السابع من فبراير -وبالتعاون مع فريق أصدقاء السلام التطوعي بالولاية- عددًا من الفعاليات والأنشطة العلمية والتوعوية المتنوعة، حيث سيتم اقامة حملة لاستزراع اشجار القرم في خور قريات القريب من منطقة الميناء البحري، وستكون هذه الحملة بطريقة مختلفة من خلال 3 مسارات الاول سينطلق من أمام مكتب والي الولاية عن طرق حمل بعض المشاركين عدد من شتلات اشجار القرم عن طرق الدراجات الهوائية الى موقع الاستزراع، أما المسار الثاني فسيكون عن طريق حمل أيضا بعض المشاركين بعض شتلات القرم من أمام متنزه البحيرة مشيًا بالإقدام إلى موقع الاستزراع. أما المسار الثالث، فسيكون عن طريق حمل بعض المشاركين هذه الشتلات والتحرك بها من أمام قلعة الصيرة إلى موقع الاستزراع عن طريق الاسكيتنج (التزحلق على الأرض)، ويهدف اتباع هذه الطريقة الجديدة في عملية الاستزراع إلى إيصال رسالة توعوية إلى المشاركين بأهمية التقليل من استخدام المركبات التي يؤدي كثرة الاستخدام إلى زيادة نسب التلوث وزيادة الاحتباس الحراري واتساع ثقب الاوزون من خلال الغازات الضارة الناتجة عنها كأول وثاني أكسيد الكربون.
كما ستتضمن أيضا فعالية ولاية قريات تنظيم حملة لتنظيف قاع البحر في منطقة الميناء، وسيقوم بتنفيذها فريق الغوض الحر التابع لفريق أصدقاء السلام التطوعي، وتنفيذ حملة لتنظيف شواطئ الولاية بالتعاون مع عشائر وجوالة بعض أندية السلطنة، وتنفيذ حملات توعوية للاسر يقوم بتنفيذها الفرق النسائي لأصدقاء السلام التطوعي؛ حيث سيتم خلالها توعية الأسرة والمرأة بدورها الأساسي في توعية أفراد أسرتها بأهمية المحافظة على نظافة البيئة العمانية والحفاظ على الموارد الطبعية والمملتكات العامة في الدولة، إلى جانب تنفيذ حملة لاستزراع بعض الأشجار البرية في منطقة حيل الغاف، خاصة أشجار المانجو التي تشتهر بها هذه القرية، وافتتاح المعرض التوعوي الذي تشارك فيه عدد من الجهات الحكومية والخاصة والجمعيات الأهلية، وإقامة عدد من فعاليات الأطفال كمسابقة البحث البيئي ومسابقات الرسوم والتلوين، وتدشين المؤتمر الافتراضي عن طريق الانترنت الذي سيكون محور نقاشه في موضوع الاراضي الرطبة وأهمتها الاقتصادية والبيئية.
وتتضمن فعالية ولاية قريات أيضًا إقامة ندوة علمية حول موضوع الأراضي الرطبة؛ تشارك فيها عدد من الجهات الحكومية؛ وهي: وزارة البيئة والشؤون المناخية، وزارة الزراعة والثروة السمكية، وزارة السياحة، وزارة البلديات الاقليمية وموارد المياه، وجامعة السلطان قابوس، وجمعية البيئة العمانية، وفريق أصدقاء السلام التطوعية بولاية قريات. وسيتم من خلالها طرح عدد من أوراق العمل التي توضح أهمية الأراضي الرطبة، ودور هذه الجهات في الحفاظ على البيئة البحرية وأهمية تنشيط الجانب السياحي والتوعوي في هذا الموضوع. كما سيتم أيضا في فترة العصر تنفيذ بعض الأنشطة الرياضية في نادي قريات، والتي سيتم من خلالها توعية المشاركين بأهمية دور الرياضة في الحفاظ على البيئة. أما في الفترة المسائيَّة فستم تنفيذ فعالية المسرح البيئي التي سيتم من خلالها تقديم بعض الفقرات التوعوية الترفيهية والتي تهدف إلى توعية الحضور بدورهم الاساسي في الحفاظ على البيئة العمانية.
أكثر...