مسقط- الرؤية-
للفنون التقليدية العمانية حضور لافت في مختلف مواقع مهرجان مسقط 2013، إذ لم يقتصر تواجدها على موقع دون آخر وهذا يؤكد حرص اللجنة المنظمة للمهرجان الحفاظ على الموروث الشعبي العماني وغرس تلك الفنون في نفوس الناشئة، إلى جانب تعريف الزوار بهذه الفنون التقليدية، وفي كل عام تتواجد أعداد كبيرة من تلك الفرق التي تمثل مختلف محافظات السلطنة، حيث قدمت عدد من الفرق الشعبية جملة من الفنون الشعبية كفن الرزفة وعروض السيف إلى جانب الأبيات الشعرية المغناة وفن رزفة العروس وليلة الحناء وفن الليوا وفنون المكواره والدان وابوزلف والرزحة وغيرها من الفنون التقليدية، وفي تواصل ثقافي مع زوار حديقة العامرات العامة قدمت عدد من الفرق الفنون التقليدية العمانية وألوانًا من الفنون الشعبية.
ولكل فن من الفنون الشعبية خصوصيته وأدواته المستخدمة فيه وفي هذه الزاوية نستعرض نبذة مختصرة عن بعض من تلك الفنون التي تقدم في مختلف مواقع المهرجان، ومن الفنون التي تتواجد بالقرية التراثية بحديقة العامرات العامة، فن الحول حول وهي عادة ما زالت متبعة حتى الآن وهي عبارة عن الاحتفال بمرور عام على ولادة المولود حيث يحتفل به في التاريخ الذي ولد فيه قبل عام، فتقوم الأسرة بدعوة الأقارب والجيران والأصدقاء فيتزين الأطفال بملابسهم الجميلة، ويلبس الطفل المحتفى به اللباس الأخضر ويتم تقديم الفشار أو كما يسمى بالعامية (الفراخ) المصنوع من الذرة بالإضافة الى الحلوى العمانية.
ومن الفنون المعروضة أيضًا بالقرية التراثية في حديقة العامرات العامة فن التيمينة وهي احتفال متميز يقام بعد انتهاء الصبية من حفظ القرآن الكريم كاملا، أو يسمونه "ختم المصحف" الشريف، وفي هذا الاحتفال ينتظم أطفال مدرسة القرآن الكريم داخل المدرسة يتصدرهم معلم القرآن يقرأ عليهم (ينشد) قصيدة في الوعظ والإرشاد كما في ولاية بهلا، وقد ينضمون في موكب يتصدره (معلم القرآن) الذي يقرأ قصيدة ذات طابع ديني، وفي نهاية كل بيت من أبياتها يرد عليه الأطفال بصوت قوي موحد بكلمة واحدة هي "آمين".
ومن الفنون العمانية الجميلة كذلك فن الزفة وهي موكب في مسيرة مبهجة احتفالا بزف العروس والعريس، وفن الشوباني وهو من فنون البحارة أيضًا يجمع ما بين العمل والتسلية ويمارسونه حيثما حلوا في ميناء، ويؤدي فن " الشوباني" حاليًا على هيئة مسيرة غنائية تضرب فيها الطبول التقليدية الثلاثة: الكاسر -الرحماني- مسندو، وقد ينفخ فيها زمر من نوع " النغار".
وفن الرزحة وفيها يجتمع الرجال بقصد الترويح عن النفس، واستعراض براعة القادرين منهم على المبارزة والنزال بالسيف والترس، وتختلف أنواع الرزحة باختلاف حركة المشاركين بها، ونوع وسرعة الإيقاع الحاكم للحركة، والبحر الشعري الذي يتكون منه غناء شلاتها، ثمّ الموضوع الذي يرتجله الشاعر، والرزحة أنواع ومسميات ومن أبرزها الرزحة المسحوبة وفيها يكون الشعر غزلا أو مدحا وأيضا رزحة الحربيات، ورزحة الهوامة، والرزحة الخالدية، ورزحة الناحية.
ومن الفنون أيضًا فن العازي وهو فن الإلقاء الشعري، وهو لون فردي يؤديه شاعر مبدع، ويتصدر شاعر العازي جماعته ممسكا بسيفه وترسه، يمضي سائرا وهو يلقي بقصيدة الفخر أو المدح، ويهز سيفه هزة مستعرضة عند كل وقفة في الإلقاء، وهي الهزة التي يرتعش لها نصل السيف. ومن خلف الشاعر، تشارك مجموعة من الرجال وهم يلفون الساحة في تلك الدائرة المقفلة التي تحيط بالشاعر وتابعيه، وهم يرددون عدة هتافات محددة في نمط موروث، وهي كلمة "وسلمت" ، وهتاف آخر يقول "الملك لله يدوم"، وهناك ثلاثة أنواع من شعر العازي: الأول الألفية، والثاني العددية، والنوع الثالث المطلق. وتبدأ قصيدة "العازي وعادة باسم الله لتنتهي بالصلاة والسلام على رسول الله، ومن أهم أغراض شعر "العازي" حاليًا مدح جلالة السلطان قابوس المعظم وأفضال جلالته ومنجزات عهده المعطاء بالخير والوفاء. وقد يسبق "العازي" أو يتلوه ما يسمون "التعيوطة" أو التعبيطة" خاصة في ولايتي الحمراء وبهلا بالمنطقة الداخلية. وفي ينقل وعبري بالمنطقة الظاهرة، والرستاق بالباطنة.
ومن الفنون أيضا التغرود وهو الغناء على ظهر "الإبل"-الهجن- أو على ظهر الخيل، لتحميسها أو لتحميس راكبيها. ويسمى تغرود البوش "رزحة" البدو أو "رزفة" البدو. وهو غناء جماعي في شكل نغمي ثابت لا يتغير مع تغير المكان، ويتميز هذا الشكل استطالة حروف المد في موجه نغمية متميزة هي الصورة المسموعة لحركة سير الركاب. ومن الأسماء التي يطلقونها على "التغرود" اسم شلة الركاب، كما قد يسمى "همبل الركاب".
ومن فنون البادية فن الونة وهو غناء الذكريات، ويؤديه البدوي منفردا لتسلية نفسه وهو على ظهر ناقته في رحلة طويلة هكذا كان قديما بالطبع. أما الآن, فيؤديه المغني وقد وضع إحدى راحتيه على خده وهو يغلق عينيه أثناء الغناء. ومن حوله يتحلق البدو جلوسا على الأرض وقد يشارك "المغني" بدوي آخر، يتلقف منه شعر ونغم الغناء في آخر البيت ليعيد غناؤه مثلما غناه صاحبه. ويتسم شعر "الونة" في معظمه بالغزل والذكريات، ويأتي في مدح الإبل. وأحيانًا يسمونه "النوحة" نظرًا لكونه مطبوعًا بالحزن.
وفن الطارق وهو أيضًا من فنون البدو ويغنيه صاحبه على ظهر الهجن أو جالسًا على الأرض ويشارك إثنان من المغنين في أدائه حيث يبدأ أحدهما ثم يتلقف الآخر الشعر والنغم في نهاية البيت الشعري ليعيد أداءه صورة طبق الأصل من أداء المغني الأول. ويتناول مغني الطارق العديد من أغراض الشعر في غنائه، وإن كان أغلبه في الغزل والذكريات أو مدح ناقته والتغني بفضائلها. وتختلف تسمية الطارق بين مناطق السلطنة أو طريقة نطقه في منطقة الظاهرة يسمونه الردحة.
كما يوجد فن التهلولة وتقام في الأيام التسعة الأولى من شهر ذي الحجة تبشيرًا بقرب عيد الحج المبارك (عيد الأضحى). وإحياءً لأيام عاشوراء حيث يسير القارئ, وهو يقرأ بصوت واضح أبيات قصيدة إسلامية المعاني والدلالات- واحدة كل يوم- ويمضي, من خلفه صبية مدرسة القرآن الكريم وغيرهم هاتفين في نهاية كل بيت شعري بالدعاء: "الله أكبر ولله الحمد". أو "سبحان الله لا إله إلا الله". ولا تزال "التهلولة" معمول بها في ولايات المنطقة الداخلية والشرقية.
إلى جانب فن الليوا الذي تجده في معظم مواقع المهرجان وهو غناء بمصاحبة مزمار من النوع (النغار) وطبول (مسندو) واقف وكذلك الكاسر والرحماني وتنك ويكون الغناء بشعر تختلط فيه العربية بالسواحلية ويكثر خلاله التغني بالبحر والساحل. وفيها يتحرك المزمار داخل الدائرة بين اللاعبين والطبالين وضارب التنك مؤديا جملة موسيقى كاملة، ويرد عليه المشاركون بالغناء على نفس هذه الجملة.
ومن الفنون الجميلة فن الميدان، وهو فن السمر والشعر والتلاعب بالألفاظ العربية في قالب شعري متقن ويحظى بشهرة واسعة لدى معظم العمانيين في معظم ولايات السلطنة باستثناء محافظتي ظفار ومسندم. ويقام الميدان في مناسبات عديدة منها: الأعراس (احتفالات الزواج) والختان (للصبية) وقد يقام للتسلية والسمر.
أكثر...