الرؤية - خالد البحيري-
يقول الدكتور عبد الله بن محمد الهوتي -مستشار قانوني- عن العمالة السائبة والتجارة المستترة: في بداية عصر النهضة المباركة كانت هناك حاجة ماسة إلى الأيدي العاملة، وكنا فيما يشبه ورشة عمل كبيرة، واستلزم الأمر الاستعانة بكافة الفئات العاملة لبناء البنية الأساسية والاقتصاد الحديث وفق متطلبات تلك المرحلة، ونتيجة لمتغيرات متعددة -مثل: النمو السكاني، والتعليم، ونمو الاقتصاد، وتغير الظواهر الاجتماعية- طفت فوق السطح ظاهرة اقتصاد الظل وما صاحبها من سلبيات.
وأضاف: يجب هنا أن نفرِّق بين الوكالات التجارية والفرنشايز من جهة، والتجارة المستترة من جهة أخرى؛ فالأخيرة تعمل وفق مفهوم ضيق وتضر بفئة من المواطنين قلبت الأوضاع رأسًا على عقب؛ حيث إن من البديهي أن يدفع رب العمل الأجرة للعامل، لكن في اقتصاد الظل يدفع العامل الأجرة لرب العمل شهريًّا أو موسميًّا مقابل أن يتركه وشأنه في السوق ليمارس التجارة أو أي حرفة وكل جل اهتمام رب العمل تحصيل "الأجرة".
وتابع: هذه العمالة السائبة أو الحرة قامت فيما بينها بتشكيل كيانات أو مجموعات من نفس بني جنسياتهم في ظروف غير صحية ومخالفة لقانون العمل العماني ومتطلبات منظمة العمل الدولية؛ فأصبحت هذه العمالة والأعمال التي تمارسها أرضًا خصبة للأمراض الاجتماعية والجرائم غير الأخلاقية، مع أن الأصل أن يقوم العمانيون وفق قانون العمل بالاستثمار في القطاع الخاص؛ حيث لهم الأولوية ويبقى الوافد أو غير العماني استثناءً لا أن تنقلب الأمور لهذه الدرجة.
وأرجع الهوتي ظاهرة اقتصاد الظل أو التجارة المستترة إلى سببين؛ الأول: عدم كفاية العمالة الوطنية. والثاني: قلة الكفاءات الوطنية في بعض التخصصات أو المهن والحرف ونقص المهارات الفنية لإدارة المشاريع وتحقيق أرباح منها.
وأكد أن ضعف الوعي الاقتصادي بخطورة هذه الظاهرة والسعي نحو تحقيق ربح بطريقة سريعة سوف يلقى بآثاره الوخيمة على هذا الجيل وما يتبعه من أجيال إن لم يتم تدارك هذه الامر ورفع الوعي المجتمعي حيال هذه الظاهرة.
وقال إن العمالة السائبة تؤدي بشكل مباشر إلى رفع نسبة الباحثين عن عمل بين المواطنين وإمكانية تحكم الوافد في الأسعار، إضافة إلى الإضرار بالمؤسسات الصغيرة والمتوسطة رغم أنها الدعامة والسند الأساسي للاقتصاد الوطني.
وأضاف: أن قرارات دعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة هي قرارات تنم عن بعد نظر صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم -حفظه الله ورعاه- لأن دعم هذه المؤسسات هو بالأساس دعم للطبقة المتوسطة والتي هي صِمام الأمان بين الطبقة الغنية والطبقة الفقيرة. كما أن دعم المؤسسات الصغيرة يوفر فرص عمل للمواطنين ويشجعهم على الانخراط للعمل في القطاع الخاص ويقضى على العمالة السائبة تدريجيا.
وأكد الهوتي أن تأثيرات العمالة السائبة تتنوع بين هدر اقتصادي وجرائم تهدد القيم والعادات والتقاليد والثقافة الاجتماعية وهي أمور يجب تداركها وإحكام السيطرة عليها.. وقال: لا يليق بالتجار في عمان السماح للعمالة السائبة أن تنتحل صفة تجار؛ فهؤلاء في الحقيقة ليسوا تجارُا ولا يجب أن يكونوا كذلك.
وختم بقوله: يكمن الحل في إعادة النظر في النظام التعليمي ودعم التعليم التقني والتوسع في التدريب قبل العمل وخلاله، مع تعديل قانون العمل في القطاع الخاص وبالأخص الأجور والمميزات التقاعدية والتأمينية لإيجاد نوع من الأمان والاستقرار الوظيفي.
أكثر...