صدر عن "مركز الدراسات والبحوث" بمؤسّسة عُمان للصحافة والنشر والإعلان كتاب "الثقافة العُمانية: تجسيد لحوار الحضارات "وهو توثيقٌ لوقائع الأيام الثقافية التي أقامتها الجمعية العُمانية للكتاب والأدباء في تونس للفترة من 25 إلى 28 يونيو 2012م، والتي شارك بها عددٌ من المفكرين والكتاب والأدباء العُمانيين، وقد لاقت صدىً واسعاً في وسائل الإعلام المحلية والعربية والدولية، استطاع من خلالها المثقف العُماني أن يسجل حضوره المؤتلق على صفحاتٍ من ضياء.
يحتوي الكتاب الذي قام بتحريره الشاعر و الكاتب عبدالرزاق الربيعي على عدة أقسام من بينها، قسم"البحوث" وهو عصارة الأوراق التي قدمت في الأيام الثقافية العُمانية، و"كلمات في ذاكرة الأيام " و"زيارات "، جميعها ستنقل القارئ وتجعله في موطن الحدث وزمانه، وهي إلى ذلك توثيقٌ مهمٌ لحركةٍ ثقافيةٍ سعى القائمون عليها إلى تعميق التواصل الفكري والأدبي بين بلدين شقيقين، تُمّكن الباحث والدارس من العودة إليها متى ما شاء.
من الأوراق البحثية المنشورة في الكتاب "لمحات من المدرسة السلوكية في الشعر العماني" للدكتور محمود بن مبارك السليمي، الذي أشار فيها إلى تماهيه المجنح في تعالقٍ روحي وعقلي متفرد مع ظاهرة السلوك "التصوف" في الشعر العماني، ما حدا به لأن يتخذها مادةً لأطروحته لنيل الدكتوراه في رسالته التي عنونها بـ "أثر الفكر الإباضي في الشعر العماني"، غير أنه لم يكتفِ بذلك حتى عمد إلى دراسة شخصيات معينة لكي يصل إلى الوسيلة التي تلائم شعراً لا يقوم على الفصل بين السطحي والعميق، فجاء كتابه "تجليات الإبداع في الشعر العماني"، ولم يتوقف نبضه الفكري، حتى تماثل للاكتمال في ورقته هذه التي ولج من خلالها إلى المتلقي عبر مدخله الأهم والأوسع، وهو مدخل المصطلح في الفكر الصوفي عامة الفكر السلوكي خاصة، متوقفاً عند ثلاثةٍ من أعلام الأدب السلوكي في عمان وهم الشيخ جاعد بن خميس الخروصي، والشيخ سعيد بن خلفان الخليلي، والشاعر أبي مسلم ناصر بن سالم بن عديم الرواحي البهلاني، ممهدا لذلك بالتعريف بالمدرسة السلوكية، وواقفا على مفهوم مصطلح السلوك، وما يفرقه عن مفهوم التصوف والسمات الفارقة بينهما، معالجاً بعد ذلك أبعاد المصطلح السلوكي ومراميه، في محاولة لتقديم مفتاح قراءة جديدة للمتلقي البسيط، يدخل به عالم الأدب السلوكي في مفاهيمه الخاصة كما أرادها أصحابه.
كما حملت ورقة الدكتور زكريا بن خليفة المحرمي عنوان "عمان من التسامح إلى التفاهم والإنسجام"، متحدثاً فيها عن التجربة العمانية مع التسامح، مستشهداً بقول رياض حسن محرم: (لمدة تزيد عن عشرين عاما عملتها في سلطنة عمان، أدعي أنني كونت خبرة ليست قليلة عن هذه الدولة الفتية، ولا أزعم أن ما تراكم من خبرات كله إيجابي، إلا أن أكثر ما أثار انتباهي هي هذه التوليفة العبقرية للتسامح اتجاه الذات والآخر التي تشكل نسيجا عضويا في التركيبة العمانية).
أكثر...