"التجارة المستترة..افة تنخر في عظم الاقتصاد الوطني"(2-2)-
ثقافة "أعمل قليلاً وأربح الكثير" تهدد المجتمع.. ولا بد من تحفيز الشباب-
تباين في وجهات النّظر حول انتشار ثقافة "الخمول" بين الشباب-
بيئة العمل في عمان تُعاني السلبيات وتفتقد لروح المبادرة-
مخرجات التعليم المعتمدة على التلقين لا تتناسب مع احتياجات سوق العمل-
التعمين يتم تطبيقه على الوظائف الدنيا فقط-
لا سبيل عن قيام المواطن بكافة الأعمال التي يقوم بها الوافد مهما كانت-
المواطن يتحمل المسؤولية الكبرى في تنامي التجارة المستترة-
منافسة غير مشروعة بين الشركات بالسلطنة مع انتشار الشركات العالمية-
التجارة المستترة تفرز آثارًا سلبية على السياسة والاقتصاد والمجتمع-
تضاعف أعداد العمالة الوافدة إلى 45% من إجمالي السكان ينذر بـ"المخاطر"-
على العماني خوض غمار سوق العمل.. وكل الأعمال المشروعة شريفة-
الصفات السلبية التي يوصف بها العماني تنافي التاريخ والواقع-
التوصيات
عدم السماح للموظف بالدمج بين القطاعين العام والخاص
تحديد إقامة العمالة الوافدة بـ 10 سنوات كحد أقصى
عدم السماح للوافد بالعمل بعد بلوغ سن التقاعد
ضرورة خلق طبقة اجتماعية قادرة على النهوض بالمؤسسات الصغيرة والمتوسطة
التطبيق الصارم لقواعد التعمين يسهم في القضاء على التجارة المستترة
فرض التدقيق المالي على الشركات لمراقبة التجارة المستترة والحد منها
ضبط تراخيص العمل وفرض التدقيق المالي على الشركات
ضرورة وضع خطة تعليم واضحة لرفع مستوى الكفاءات الوطنية بسوق العمل
إعلان فترة سماح للشركات المخالفة والبدء في تطبيق حازم للقانون
أدارت الندوة- فايزة سويلم الكلبانية-
أعدها للنشر- نجلاء عبد العال- زين العابدين إبراهيم-
تصوير/ نواف المحاربي-
أوصى المشاركون في ندوة الرؤية بضرورة سن قانون لمكافحة التجارة المستترة ووضع ضوابط تمنع الموظف الحكومي من فتح سجل تجاري، فضلاً عن التأكيد على أهمية التطبيق الصارم لقواعد التعمين.
ودعا المشاركون في ندوة "التجارة المستترة.. آفة تنخر في عظم الاقتصاد الوطني" إلى استحداث دائرة خاصة بوزارة التجارة والصناعة تُعنى بمراقبة الشركات وضبط المخالفة التي تسهم في انتشار أو دعم التجارة المستترة. وقال المشاركون إن ثقافة "أعمل قليلاً وأربح الكثير" تهدد المجتمع، داعين إلى حتمية تحفيز الشباب، ودعم المواطن للعمل بمختلف المهن والوظائف، مشيرين إلى أن كافة الأعمال المشروعة تعتبر شريفة، ولا يعيب المواطن أن يلتحق بها. وأكدوا أن بيئة العمل في عمان تعاني من بعض السلبيات وتفتقد لروح المبادرة، كما أن مخرجات التعليم المعتمدة على التلقين لا تتناسب مع احتياجات سوق العمل. وحمل المشاركون في الندوة المواطن جانباً كبيراً من المسؤولية عن تنامي ظاهرة التجارة المستترة، التي حذروا من أنها تفرز آثارًا سلبية على السياسة والاقتصاد والمجتمع.
وأضاف المشاركون خلال مناقشات الندوة أن البيانات الاقتصادية تفتقد الدقة لغياب معلومات حقيقية عن حجم التجارة المستترة، وحذروا في الوقت ذاته من تضاعف أعداد العمالة الوافدة.
قواسم مشتركة
ويقول سعادة توفيق اللواتي إنّه اطلع على الدراسة السعودية، معتبرًا أنها دراسة جيّدة، بفضل القواسم المشتركة على الرغم من احتمال وجود بعض نقاط الاختلاف، وللحديث عن انتشار هذه الظاهرة يتعين علينا التفكير في مشكلات البيئة والثقافة، فثقافة الادخار والتشجيع على العمل التجاري غائبة بشكل كبير، وفي المقابل تنتشر ثقافة سلبية أخرى تهتم في المقام الأول بكيفية إيجاد العمل بأقل جهد والحصول على المال دون عناء. ويضيف اللواتي أن الثقافة السائدة في الوقت الحالي تفتقد لروح المنافسة، كما أن البيئة المحيطة لا تدعم من يذهب للعمل الحر، بل قد يُعاني من السلبيات المجتمعية، ويتعثر في العديد من العقبات التي تشل حركته، فيما أنه ينبغي أن يتمتع بالدعم والتشجيع والتحفيز على روح المبادرة وتهيئة الجو المناسب للعمل والإبداع والنجاح، ودعم التجربة.
ويمضي ليقول إن مشروعات سند للمواد الغذائية منيت هي الأخرى بالفشل، حيث تم تسليمها إلى الأيدي العاملة الوافدة، كما أن من بين معوقات نجاح العمل الحر، أن هناك فئة واحدة تحتكر تجارة ما، ما يضعف فرص نجاح أي مشروع في هذا المجال.
ويضرب اللواتي مثالاً في هذا الصدد، قائلاً إن الدولة تقدم الدعم لمشروعات كبيرة وعملاقة تقدر قيمتها بمئات الملايين من الريالات، في حين لا يتم دعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة بذات القدر، بينما لو تعرضت المشروعات الكبيرة للخسارة فستكون فادحة وذات تأثيرات سلبية على الاقتصاد.
ويركز اللواتي في حديثه على أن الطالب الذي تخرج في الثانوية أو الدبلوم لا يمتلك المؤهلات الأساسية للدخول إلى سوق العمل، ولا يقوم بأي عمل يذكر ولا يمتلك فكرة عن واقع الحياة، متسائلاً عن كيفية اعتماد المواطن على نفسه والقضاء على هذه الظاهرة، في الوقت الذي تتخرج فيه أجيال تعتمد على التلقين ودراسة الأسهل، وفي النهاية نطلب منهم اتخاذ القرارات. ويضيف اللواتي أن الشركات العملاقة في الغرب تتحمل مسؤولية اجتماعية، وتقدم الدعم للشركات الصغيرة والمتوسطة وتؤسس حاضنات للأعمال، فيما تستحوذ الشركات الكبيرة هنا في عمان على كل شيء، ولا تترك مساحة للشركات الصغيرة والمتوسطة، موضحاً أن ثقافة العمل عند الدول المتقدمة تعتمد في الأساس على المنافسة وتكافؤ فرص العمل.
مقولات خاطئة
وتتداخل فاطمة اللواتية موضحة أنّها ترفض المقولة المنتشرة منذ فترة والتي تقول إن المواطن العماني "خامل"، ولا يستطيع العمل، حتى إن المجتمع بدأ يصدّق هذه الفكرة، غير أن الخطير في هذه الكلمة أن تدفع المواطن لتصديق ما يقال عنه وبالتالي يتمكن الإحباط منه ويستحوذ على طريقة تفكيره. وتضيف أنه في المقابل يحصل بعض الوافدين على أجر أعلى من المواطن، وفي هذه الحالة أيضًا يُصاب المواطن بالإحباط. وتوضح أن في العديد من الدول المتقدمة حينما يتم الإعلان عن وظيفة، تكون الأولوية للكفاءات الوطنية، ويتساوى الأجنبي مع المواطن هناك في الأجور.
ويعقب عبد الله الهوتي على ما أثير حول "خمول" المواطن العماني، قائلاً إنّه لا يدعي ذلك، بل يقول إن مخرجات التعليم ضعيفة، ويتم التكريس لواقع سلبي في التعليم يؤثر بالتبيعة على المجتمع حينما يتخرّج الطالب إلى العالم الخارجي وسوق العمل، موضحاً في الإطار ذاته أن الحديث هنا ليس مرتبطًا بأصحاب الدرجات العلمية العليا.
ويضيف أن ما يتكرر دائماً هو عدم قبول المواطن للوظيفة، فضلاً عن عدم الشعور بالمساواة في الوظيفة، كما أن الفترات الماضية لم تشهد أي دعم، ولا توجد آليات دعم حقيقية، مشيرًا إلى أن الدراسة محل النقاش تتطرق لكافة النقاط المثارة حالياً، وتتشارك البحرين والسعودية مع عمان في النقاط، الأمر الذي يفرض مراجعة القوانين القائمة وإبداء الملاحظات من قبل المختصين.
ويقول سالم الشيدي إن فرض التعمين على الشركات انحصر في الوظائف الدنيا ويكاد يكون مرتبطاً بالوظائف المتوسطة، غير أن الوظائف العليا لم يتم تعمينها حتى الآن، فبات أصحاب الأعمال يوظفون العمانيين في الوظائف الدنيا لرفع نسبة التعمين فقط والحصول على الامتيازات، في حين أن سياسة التعمين لم تحقق المرجو منها. ويضيف أنه كذلك لم تكن هناك رؤية واضحة وإستراتيجية قوية لتأهيل وتدريب العمانيين، وبالتالي الارتقاء بهم في السلم الوظيفي بالمؤسسات، كما لم تضع الحكومة برامج إحلال في الدرجات المتوسطة، مشددًا على ضرورة العمل على تأهيل العمانيين في المقام الأولة ومن ثم الدفع بمن هو متخصص ومؤهل للعمل في المكان المناسب.
التدريب والتأهيل
ويتداخل سعادة توفيق اللواتي بالإشارة إلى أن الحكومة وخاصة وزارة القوى العاملة تتحمل مسؤولية تدريب وتأهيل المواطنين، موضحاً أن الحكومة أنفقت خلال 8 سنوات نحو مليار ريال على الكليات التقنية، فيما لا يمثل خريجو هذه الكليات سوى نسبة ضئيلة من المخرجات، ونحو 90 في المئة هم دون الثانوية والدبلوم العام، مشيرًا إلى أن الحكومة غير قادرة على إعداد المواطن فيما يتم صرف مبالغ كبيرة دون عائد حقيقي. ويتابع مقترحاً أن تتم الاستفادة من هذه المبالغ التي يتم إنفاقها دون جدوى حقيقية، والتعاون مع القطاع الخاص من خلال منحه فترة 5-8 سنوات يتم دعمه خلالها في مقابل الالتزام بنسب تعمين حقيقية، وبعدها تتم محاسبة الشركات، موضحًا أن هناك بعض الدول التي تمتلك مقومات أقل من السلطنة ولكن تقام عندهم المشروعات بأيدي عاملة وكفاءات وطنية، ويعتمدون على الاستعانة في بعض المجالات بالأجنبي لتدريب المواطن لفترة محددة، ومن بعدها يكتسب المواطن الخبرة ويحل محله.
ويقول عبد الله العريمي إنه بالنسبة لموضوع السجلات التجارية، فالمواطن هو من يتحمل مسؤولية استخراج السجل التجاري، وفي المقابل يسمح للوافد بإدارة المشروع وتضخيم التجارة المستترة، وهذا يختلف عن السجل التجاري الذي يكون فيه الوافد شريكاً للمواطن، معربًا عن أمله في أن يسهم صندوق الرفد بدور مستقبلي لمواجهة التجارة المستترة وتنمية مشروعات الشباب.
ويوضح لؤي عبد الكريم أن هناك حلقة مفقودة للاستغلال في خدمات الوافدين بالسلطنة، مشيرًا إلى ضرورة الاهتمام بالمشاريع المهمة التي يقوم عليها الاقتصاد في البلد كالنفط والغاز، بالإضافة إلى الموانئ والزراعة. ويقول إن كل الدول العربية كالعراق- مثلا في السابق- كان هناك إلزام في قانون العمل بأن الشركة التي تشترك في المشاريع الكبرى المضمنة بالخطة الخمسية ملزمة بتدريب الكادر العراقي بنسب معينة وفق الخبرات التي تحددها وزارة العمل.
آثار سلبية
ويوضح سالم الشيدي الآثار السلبية للتجارة المستترة، قائلاً إنها تترك آثارًا اقتصادية واجتماعية وثقافية وسياسية إلى حد كبير، وهذه الآثار يمكن إيجازها في 4 نقاط، الأولى سياسية، حيث تمنح هذه التجارة هيمنة للشركات الكبيرة كما تزيد من سطوة جنسية معينة في سوق العمل والتجارة، وربما يتم اتخاذ بعض القرارات التي ربما تمس السياسة العامة للدولة.
ويشير الشيدي إلى الآثار الاقتصادية، بالقول إن هناك مليارات الريالات يتم تحويلها إلى الخارج، وعمان تكاد تكون من أكثر الدول التي يتم من خلالها تحويل الأموال إلى الخارج. ويضيف أن البنية الاقتصادية للشركات المحلية أصبحت "متهالكة"، حيث أصبح المنافس هو الشركات العالمية، ما خلق نوعاً من المنافسة غير المشروعة.
ويضرب مثالاً بالشركات العاملة في قطاعات النفط والسياحة والمقاولات؛ حيث أُجبر كثير من الشركات على الانسحاب من السوق وترك المجال لشركات غير عمانية، ومن ناحية أخلاقية واجتماعية فهناك الكثير من العادات التي تفشت من قبل الأجانب وأغلبها عادات غير محمودة، وأبسط مثال على هذا رؤية أجانب يستحمون قرب الباب وهم في قلب العاصمة مسقط، وغيرها من العادات والمظاهر المرفوضة مجتمعيًا.
وتقول نصرة الحبسية إن الآثار السلبية للتجارة المستترة تنتج عن عاملين مهمين؛ هما رأس المال والعمل. وتضيف أنه فيما يتعلق برأس المال، فقد تحولت رؤوس أموالنا إلى الخارج، فضلاً عن الآثار الاقتصادية الخطيرة التي تضر بالاقتصاد، فمعدلات النمو الاقتصادي غير حقيقية نتيجة وجود اقتصاد مستتر مخفي عن الأنظار، وكذلك لا نعرف معدلات الباحثين عن عمل الحقيقيين. وتتابع: أما من الناحية الاجتماعية فازدادت نسبة الباحثين عن عمل بسبب استحواذ العمالة الوافدة على الوظائف خاصة في القطاع الخاص، والمدهش في هذا الجانب أن بعض هذه العمالة لا يمتلك الخبرة بل حصلوا عليها من العمل في السلطنة.
تدقيق البيانات
ويقول عبد الله العريمي إن قاعدة البيانات الاقتصادية المتاحة غير دقيقة، حيث يرى أنها تشمل أرقاماً تقديرية غير صحيحة بسبب التجارة المستترة، ومن جانب آخر فإن التحويلات النقدية الهائلة تؤثر بشكل كبير على الاقتصاد باعتبارها النقيض الذي من أجله يحتفظ بشكل أكبر للنهوض، ووجود العمالة الوافدة غير المرغوب فيها سيؤثر على النسيج الاجتماعي والتركيبة السكانية وهذا ضار بالمجتمع.
ويتداخل علي المطاعني بالقول إن نسبة العمالة الوافدة شهدت ازدياداً ضخمًا، حيث كانت قبل 5 سنوات تمثل 15 في المئة، فيما تضاعفت الآن لتصل الى 45 في المئة من إجمالي تعداد السكان، الأمر الذي يهدد النسيج الاجتماعي وينذر بالخطر.
وتقول الدكتورة فاطمة اللواتية إن التعمين حالياً يتم من أسفل إلى أعلى، لكن عندما يتم تنفيذ التعمين من أعلى إلى أسفل يترجم احترام الإنسان العماني، موضحة أن التعمين من أسفل إلى أعلى قد يبعث برسالة سلبية للمواطن، حيث قد يكون ذلك تلميحاً للمواطن بأنه لا يستحق أكثر من ذلك.
واعتبرت اللواتية أنه لو كان التعمين يتم من الأعلى إلى الأسفل، فستكون الرسالة المبعوثة للطالب العماني أنه يمكن أن يصبح مديراً عاماً في المستقبل، مستشهدة بنموذج أتبعته المدرسة البريطانية عندما طلب منها أن تقرأ قصة للطلاب العمانيين وكان الهدف تعريف الطلاب بأنّهم من الممكن أن يصبحوا مؤلفين للروايات في المستقبل. وتتابع اللواتية بالقول إن الوضع لا يختلف في الجامعات، حيث يرى الطلاب أن أستاذة الجامعة من الوافدين، الأمر الذي قد يبعث في نفس الطالب اعتقادًا بأنه قد لا يستطيع أن يصبح أستاذًا بالجامعة أو الكلية التي تعلم فيها.
وتأمل اللواتية أن تتبدل هذه الأحوال، وأن يتوقف من يصفون العمانيين بأوصاف سلبية، فالتاريخ يؤكد أن العماني في الماضي كان مغامرًا ويخوض الصعاب منذ كان يغوص ليخرج باللؤلؤ أو يبحر في أعالي البحار، وحتى بالنسبة للعمل الشاق كان يؤديه العماني بنفسه، مشددة على أن أي عمل يتم بطرق مشروعة ولا تخالف القانون فهو عمل شريف. فيما تعقب نصرة الحبسية على الدكتورة فاطمة اللواتية قائلة إنها عندما تحدثت عن أن العماني لم يعد مغامرًا، كان ذلك بسبب طبيعة الحياة الحالية وعدم توفر الموارد المالية، وليس كما فهم خطأً أنه يفتقد الرغبة أو الإرادة، بل الأصح أنه يفتقد الموارد المالية، فالمواطن حاليًا من الصعب أن يؤسس لمشروع شخصي دون الاقتراض ما يتسبب في الديون الطائلة.
حلول وتوصيات
وقدم المشاركون عددًا من الحلول والتوصيات التي تسهم في القضاء على التجارة المستترة وتشجيع المواطن على إدارة أعماله بنفسه، حيث يقول سعادة توفيق اللواتي إن من الحلول ضرورة منع الموظف الحكومي من العمل التجاري، وبالتالي عليه أن يختار بين العمل في الحكومة أو الاستثمار بالقطاع الخاص، أما الجمع بين الاثنين فهو بداية التجارة المستترة. ويضيف أنه لا يجب استثناء أي شخص مهما علا منصبه من هذه القاعدة، سواء كان في منصب كبير أو موظف صغير في أي دائرة حكومية، مشددًا على أن من يريد العمل بالقطاع الخاص عليه أن يستقيل من الحكومة.
ودعا اللواتي إلى تحديد مدة إقامة العمالة الوافدة بحد أقصى 10 سنوات، وتحديد سن العامل الوافد بألا يتجاوز 60 عاماً، وهو سن التقاعد، موضحاً أن أغلب العاملين في التجارة المستترة هم من المتقاعدين من الوافدين العاملين فعلياً بالسلطنة.
وأوصى اللواتي بأهمية خلق كيانات اقتصادية جديدة برؤوس أموال وطنية من صناديق التقاعد أو الجمعيات، وضخ استثمارات في المواد الغذائية أو الكهربائية أو النقل أو البناء أو الشحن، على أن يتم تعيين المواطنين فيها برواتب جيدة ومميزات جاذبة للعمل فيها، ومن ثم يستطيعون تملك المشروع أو جزء من أسهم هذه الشركات والمؤسسات.
ويتابع اللواتي طرح توصياته ومقترحاته، قائلاً إن تجارب التعمين في الخضروات والمواد الغذائية لم تحقق النجاح المطلوب، مطالباً الجهات المعنية بممارسة دور رقابي على الشركات لتقديم حسابات مدققة عن التعاملات النقدية، لتفادي أن يكون المواطن شريكاً من الظل.
ويحذر اللواتي من الخطر الذي قد يواجه التركيبة السكانية للسلطنة، حيث يناهز عدد الوافدين في الوقت الحالي المليون نسمة، وتشير التقديرات الى أن هذا العدد في زيادة مستمرة، وربما في العام 2020 نصل حد الخطر، واقتراب عدد العمالة الوافدة من عدد المواطنين العمانيين، بما يهدد كيان الدولة والتركبية السكانية، وكذلك التأثير على البرامج التنموية والاجتماعية والاقتصادية التي تضعها الحكومة.
تحذيرات وإنذارات
ويضيف اللواتي أن بحثاً لجريدة "فايننشال تايمز" البريطانية ذكر أن عدد الوافدين في سلطنة عمان سيصل في عام 2020 إلى 3.5 مليون وافد، داعياً إلى دراسة ذلك الأمر على مستوى الوطن حول "أي عمان نريد"، خاصة وأن القوانين العالمية تدعم من يقيم في الدولة لاكتساب حقوق المواطنة والجنسية، محذرًا من أنّه ربما سيظهر قانون في الأمم المتحدة ومجلس الأمن وهؤلاء كلهم في ليلة وضحاها سيصبحون مواطنين حالهم حال العماني على الوطن والهوية والاقتصاد والمجتمع. ويشدد اللواتي على أن اتخاذ القرارات الاقتصادية ينبغي أن يتم من كافة الجوانب وأن يتم تدارس جميع الأبعاد والتبعات.
ويرى محمد رضا اللواتي أن مشكلة عدم تمكين المواطن العماني من في الانخراط في الوظائف العليا في عدد من القطاعات ربما يخلق أزمة كبيرة، داعياً إلى دعم المواطن العماني المؤهل خاصة من يملك الشهادات العليا.
ويقول سالم الشيدي إن سبل علاج أزمة التجارة المستترة تتمثل في رفع الحظر الموجود على بعض الوظائف في التعمين، موضحاً أن الحكومة إذا قامت برفع الحظر عن الوظائف التي فرضتها على العمانيين للعمل فيها لخلقت طبقة من العمانيين قادرين على إنشاء مؤسسات صغيرة ومتوسطة، ولا يتم فقط تعمين المراسل والفراش والسائق للقول إنّ هذا القطاع نسبة التعمين فيه 100 في المائة.
ويضيف الشيدي أنه يتعين على الجهات المعنية التخلي عن السلطة التقديرية، مشيرًا إلى أن الشركات أو الأفراد أو السجلات أو من يمارسون الأعمال المعمنة أو التعامل من قبل الجهات المعنية، يعتمدون إلى حد كبير في بعض الحالات على السلطات التقديرية للشخص المسؤول عن تطبيق القانون أو تطبيق النشاطات المطلوبة. ويوضح أنّه في حالة تطبيق القانون بشكل جيد على كل الشرائح، تتمكن الدولة من غرس الرغبة والنية لدى المواطنين في ممارسة الأعمال على اعتبار أن الجميع متساوون في الحقوق والواجبات.
اقتصاديات السوق
ويدعو الشيدي إلى أن يكون السوق هو المحرك الرئيس للعمالة، لا أن يتم فرض إجراءات معينة على المواطن أو الشركات في أن تستقطب من تراه أن يعمل في شركة من الشركات، وفي هذه الحالة يكون السوق هو المحرك الرئيس للمواطن وأن يتم ذلك على أساس الكفاءة والخبرة، ما يخلق تنافسية في استقطاب المواطن المتميز. ويؤكد أن مثل هذا الإجراء سيفتح الباب أمام مراكز التأهيل والتدريب لخلق كفاءات وطنية متمرسة. ويوصي الشيدي بعدم تدخل الحكومة في الإدارات الداخلية للشركات والقطاعات المختلفة، مع استمرار الدعم الحكومي ووجود مراقبة لصيقة لمدى الاستفادة من هذه البرامج، ووضع خطط واضحة على مدى معين، وكذلك تصنيف الشركات وتحديد الأنشطة التي يمكن للشركات أن تمارسها.
فيما يوصي عبد الله العريمي بتفعيل دور مكاتب الاستشارات القانونية والمحاسبية للمساهمة في حل هذه المشكلة، وفي نفس الوقت أن تعرض على هذه المكاتب أي اتفاقيات يتم إبرامها. ويطالب العريمي بوجود قانون مستقل لمكافحة التجارة المستترة واستحداث آليات وضوابط مختلفة لسد أي ثغرة.
ويوصي علي المطاعني بتشجيع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة من قبل الحكومة بشكل علمي وحقيقي من خلال تحديد نسبة معينة من المناقصات والعقود، وفي نفس الوقت لابد من ضبط تراخيص العمل وتحديدها بعدد معين.
ويدعو عبد الله الهوتي إلى ضرورة وضع خطة تعليم واضحة وآليات للتعمين والإحلال والتمكين، وفرض الرقابة الفعلية من قبل وزارة التجارة والصناعة، من خلال إنشاء دائرة أو لجنة بالوزارة لحماية التجارة ومكافحة التجارة المستترة.
وأوصى الهوتي بفرض رقابة من خلال مفتشين من وزارة القوى العاملة وشرطة عمان السلطانية ووزارة التجارة والصناعة لمعالجة المشكلة، وإصدار قانون وضوابط واضحة، وإعطاء فترة سماح للشركات لتعديل أوضاعها، ودعم المؤسسات المتوسطة والصغيرة.
ويوصي لؤي عبد الكريم بعدم فتح الباب أمام الحصول على سجلات تجارية دون أن يقدم صاحب الطلب تصورًا عن كيفية إدارة التجارة التي يسعى للعمل بها، وأن يمتلك المقومات أو الخبرات الكافية للسماح له، حتى لا تتحول هذه السجلات إلى غطاء للتجارة المستترة، والمنوط به تطبيق ذلك هو وزارة التجارة والصناعة. كما يؤيد عبد الكريم المطالب التي تدعو إلى منع الموظف الحكومي من فتح سجل تجاري وأن يكون صاحب السجل التجاري متفرغاً لهذا النشاط.
وتوصي نصرة الحبسية بأهمية التأمين على العاملين في المؤسسات الصغيرة والمتوسطة بما يمنحهم الشعور بالأمان الوظيفي، ويجذب المواطن للعمل في القطاع الخاص، وزيادة المعاشات التقاعدية.
وتضيف أنّه تتعين كذلك التوعية بخطورة التجارة المستترة، وتعريف المواطن بعواقبها أو العقوبات التي ربما تفرض عليه جراء المشاركة فيها.
أكثر...
ثقافة "أعمل قليلاً وأربح الكثير" تهدد المجتمع.. ولا بد من تحفيز الشباب-
تباين في وجهات النّظر حول انتشار ثقافة "الخمول" بين الشباب-
بيئة العمل في عمان تُعاني السلبيات وتفتقد لروح المبادرة-
مخرجات التعليم المعتمدة على التلقين لا تتناسب مع احتياجات سوق العمل-
التعمين يتم تطبيقه على الوظائف الدنيا فقط-
لا سبيل عن قيام المواطن بكافة الأعمال التي يقوم بها الوافد مهما كانت-
المواطن يتحمل المسؤولية الكبرى في تنامي التجارة المستترة-
منافسة غير مشروعة بين الشركات بالسلطنة مع انتشار الشركات العالمية-
التجارة المستترة تفرز آثارًا سلبية على السياسة والاقتصاد والمجتمع-
تضاعف أعداد العمالة الوافدة إلى 45% من إجمالي السكان ينذر بـ"المخاطر"-
على العماني خوض غمار سوق العمل.. وكل الأعمال المشروعة شريفة-
الصفات السلبية التي يوصف بها العماني تنافي التاريخ والواقع-
التوصيات
عدم السماح للموظف بالدمج بين القطاعين العام والخاص
تحديد إقامة العمالة الوافدة بـ 10 سنوات كحد أقصى
عدم السماح للوافد بالعمل بعد بلوغ سن التقاعد
ضرورة خلق طبقة اجتماعية قادرة على النهوض بالمؤسسات الصغيرة والمتوسطة
التطبيق الصارم لقواعد التعمين يسهم في القضاء على التجارة المستترة
فرض التدقيق المالي على الشركات لمراقبة التجارة المستترة والحد منها
ضبط تراخيص العمل وفرض التدقيق المالي على الشركات
ضرورة وضع خطة تعليم واضحة لرفع مستوى الكفاءات الوطنية بسوق العمل
إعلان فترة سماح للشركات المخالفة والبدء في تطبيق حازم للقانون
أدارت الندوة- فايزة سويلم الكلبانية-
أعدها للنشر- نجلاء عبد العال- زين العابدين إبراهيم-
تصوير/ نواف المحاربي-
أوصى المشاركون في ندوة الرؤية بضرورة سن قانون لمكافحة التجارة المستترة ووضع ضوابط تمنع الموظف الحكومي من فتح سجل تجاري، فضلاً عن التأكيد على أهمية التطبيق الصارم لقواعد التعمين.
ودعا المشاركون في ندوة "التجارة المستترة.. آفة تنخر في عظم الاقتصاد الوطني" إلى استحداث دائرة خاصة بوزارة التجارة والصناعة تُعنى بمراقبة الشركات وضبط المخالفة التي تسهم في انتشار أو دعم التجارة المستترة. وقال المشاركون إن ثقافة "أعمل قليلاً وأربح الكثير" تهدد المجتمع، داعين إلى حتمية تحفيز الشباب، ودعم المواطن للعمل بمختلف المهن والوظائف، مشيرين إلى أن كافة الأعمال المشروعة تعتبر شريفة، ولا يعيب المواطن أن يلتحق بها. وأكدوا أن بيئة العمل في عمان تعاني من بعض السلبيات وتفتقد لروح المبادرة، كما أن مخرجات التعليم المعتمدة على التلقين لا تتناسب مع احتياجات سوق العمل. وحمل المشاركون في الندوة المواطن جانباً كبيراً من المسؤولية عن تنامي ظاهرة التجارة المستترة، التي حذروا من أنها تفرز آثارًا سلبية على السياسة والاقتصاد والمجتمع.
وأضاف المشاركون خلال مناقشات الندوة أن البيانات الاقتصادية تفتقد الدقة لغياب معلومات حقيقية عن حجم التجارة المستترة، وحذروا في الوقت ذاته من تضاعف أعداد العمالة الوافدة.
قواسم مشتركة
ويقول سعادة توفيق اللواتي إنّه اطلع على الدراسة السعودية، معتبرًا أنها دراسة جيّدة، بفضل القواسم المشتركة على الرغم من احتمال وجود بعض نقاط الاختلاف، وللحديث عن انتشار هذه الظاهرة يتعين علينا التفكير في مشكلات البيئة والثقافة، فثقافة الادخار والتشجيع على العمل التجاري غائبة بشكل كبير، وفي المقابل تنتشر ثقافة سلبية أخرى تهتم في المقام الأول بكيفية إيجاد العمل بأقل جهد والحصول على المال دون عناء. ويضيف اللواتي أن الثقافة السائدة في الوقت الحالي تفتقد لروح المنافسة، كما أن البيئة المحيطة لا تدعم من يذهب للعمل الحر، بل قد يُعاني من السلبيات المجتمعية، ويتعثر في العديد من العقبات التي تشل حركته، فيما أنه ينبغي أن يتمتع بالدعم والتشجيع والتحفيز على روح المبادرة وتهيئة الجو المناسب للعمل والإبداع والنجاح، ودعم التجربة.
ويمضي ليقول إن مشروعات سند للمواد الغذائية منيت هي الأخرى بالفشل، حيث تم تسليمها إلى الأيدي العاملة الوافدة، كما أن من بين معوقات نجاح العمل الحر، أن هناك فئة واحدة تحتكر تجارة ما، ما يضعف فرص نجاح أي مشروع في هذا المجال.
ويضرب اللواتي مثالاً في هذا الصدد، قائلاً إن الدولة تقدم الدعم لمشروعات كبيرة وعملاقة تقدر قيمتها بمئات الملايين من الريالات، في حين لا يتم دعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة بذات القدر، بينما لو تعرضت المشروعات الكبيرة للخسارة فستكون فادحة وذات تأثيرات سلبية على الاقتصاد.
ويركز اللواتي في حديثه على أن الطالب الذي تخرج في الثانوية أو الدبلوم لا يمتلك المؤهلات الأساسية للدخول إلى سوق العمل، ولا يقوم بأي عمل يذكر ولا يمتلك فكرة عن واقع الحياة، متسائلاً عن كيفية اعتماد المواطن على نفسه والقضاء على هذه الظاهرة، في الوقت الذي تتخرج فيه أجيال تعتمد على التلقين ودراسة الأسهل، وفي النهاية نطلب منهم اتخاذ القرارات. ويضيف اللواتي أن الشركات العملاقة في الغرب تتحمل مسؤولية اجتماعية، وتقدم الدعم للشركات الصغيرة والمتوسطة وتؤسس حاضنات للأعمال، فيما تستحوذ الشركات الكبيرة هنا في عمان على كل شيء، ولا تترك مساحة للشركات الصغيرة والمتوسطة، موضحاً أن ثقافة العمل عند الدول المتقدمة تعتمد في الأساس على المنافسة وتكافؤ فرص العمل.
مقولات خاطئة
وتتداخل فاطمة اللواتية موضحة أنّها ترفض المقولة المنتشرة منذ فترة والتي تقول إن المواطن العماني "خامل"، ولا يستطيع العمل، حتى إن المجتمع بدأ يصدّق هذه الفكرة، غير أن الخطير في هذه الكلمة أن تدفع المواطن لتصديق ما يقال عنه وبالتالي يتمكن الإحباط منه ويستحوذ على طريقة تفكيره. وتضيف أنه في المقابل يحصل بعض الوافدين على أجر أعلى من المواطن، وفي هذه الحالة أيضًا يُصاب المواطن بالإحباط. وتوضح أن في العديد من الدول المتقدمة حينما يتم الإعلان عن وظيفة، تكون الأولوية للكفاءات الوطنية، ويتساوى الأجنبي مع المواطن هناك في الأجور.
ويعقب عبد الله الهوتي على ما أثير حول "خمول" المواطن العماني، قائلاً إنّه لا يدعي ذلك، بل يقول إن مخرجات التعليم ضعيفة، ويتم التكريس لواقع سلبي في التعليم يؤثر بالتبيعة على المجتمع حينما يتخرّج الطالب إلى العالم الخارجي وسوق العمل، موضحاً في الإطار ذاته أن الحديث هنا ليس مرتبطًا بأصحاب الدرجات العلمية العليا.
ويضيف أن ما يتكرر دائماً هو عدم قبول المواطن للوظيفة، فضلاً عن عدم الشعور بالمساواة في الوظيفة، كما أن الفترات الماضية لم تشهد أي دعم، ولا توجد آليات دعم حقيقية، مشيرًا إلى أن الدراسة محل النقاش تتطرق لكافة النقاط المثارة حالياً، وتتشارك البحرين والسعودية مع عمان في النقاط، الأمر الذي يفرض مراجعة القوانين القائمة وإبداء الملاحظات من قبل المختصين.
ويقول سالم الشيدي إن فرض التعمين على الشركات انحصر في الوظائف الدنيا ويكاد يكون مرتبطاً بالوظائف المتوسطة، غير أن الوظائف العليا لم يتم تعمينها حتى الآن، فبات أصحاب الأعمال يوظفون العمانيين في الوظائف الدنيا لرفع نسبة التعمين فقط والحصول على الامتيازات، في حين أن سياسة التعمين لم تحقق المرجو منها. ويضيف أنه كذلك لم تكن هناك رؤية واضحة وإستراتيجية قوية لتأهيل وتدريب العمانيين، وبالتالي الارتقاء بهم في السلم الوظيفي بالمؤسسات، كما لم تضع الحكومة برامج إحلال في الدرجات المتوسطة، مشددًا على ضرورة العمل على تأهيل العمانيين في المقام الأولة ومن ثم الدفع بمن هو متخصص ومؤهل للعمل في المكان المناسب.
التدريب والتأهيل
ويتداخل سعادة توفيق اللواتي بالإشارة إلى أن الحكومة وخاصة وزارة القوى العاملة تتحمل مسؤولية تدريب وتأهيل المواطنين، موضحاً أن الحكومة أنفقت خلال 8 سنوات نحو مليار ريال على الكليات التقنية، فيما لا يمثل خريجو هذه الكليات سوى نسبة ضئيلة من المخرجات، ونحو 90 في المئة هم دون الثانوية والدبلوم العام، مشيرًا إلى أن الحكومة غير قادرة على إعداد المواطن فيما يتم صرف مبالغ كبيرة دون عائد حقيقي. ويتابع مقترحاً أن تتم الاستفادة من هذه المبالغ التي يتم إنفاقها دون جدوى حقيقية، والتعاون مع القطاع الخاص من خلال منحه فترة 5-8 سنوات يتم دعمه خلالها في مقابل الالتزام بنسب تعمين حقيقية، وبعدها تتم محاسبة الشركات، موضحًا أن هناك بعض الدول التي تمتلك مقومات أقل من السلطنة ولكن تقام عندهم المشروعات بأيدي عاملة وكفاءات وطنية، ويعتمدون على الاستعانة في بعض المجالات بالأجنبي لتدريب المواطن لفترة محددة، ومن بعدها يكتسب المواطن الخبرة ويحل محله.
ويقول عبد الله العريمي إنه بالنسبة لموضوع السجلات التجارية، فالمواطن هو من يتحمل مسؤولية استخراج السجل التجاري، وفي المقابل يسمح للوافد بإدارة المشروع وتضخيم التجارة المستترة، وهذا يختلف عن السجل التجاري الذي يكون فيه الوافد شريكاً للمواطن، معربًا عن أمله في أن يسهم صندوق الرفد بدور مستقبلي لمواجهة التجارة المستترة وتنمية مشروعات الشباب.
ويوضح لؤي عبد الكريم أن هناك حلقة مفقودة للاستغلال في خدمات الوافدين بالسلطنة، مشيرًا إلى ضرورة الاهتمام بالمشاريع المهمة التي يقوم عليها الاقتصاد في البلد كالنفط والغاز، بالإضافة إلى الموانئ والزراعة. ويقول إن كل الدول العربية كالعراق- مثلا في السابق- كان هناك إلزام في قانون العمل بأن الشركة التي تشترك في المشاريع الكبرى المضمنة بالخطة الخمسية ملزمة بتدريب الكادر العراقي بنسب معينة وفق الخبرات التي تحددها وزارة العمل.
آثار سلبية
ويوضح سالم الشيدي الآثار السلبية للتجارة المستترة، قائلاً إنها تترك آثارًا اقتصادية واجتماعية وثقافية وسياسية إلى حد كبير، وهذه الآثار يمكن إيجازها في 4 نقاط، الأولى سياسية، حيث تمنح هذه التجارة هيمنة للشركات الكبيرة كما تزيد من سطوة جنسية معينة في سوق العمل والتجارة، وربما يتم اتخاذ بعض القرارات التي ربما تمس السياسة العامة للدولة.
ويشير الشيدي إلى الآثار الاقتصادية، بالقول إن هناك مليارات الريالات يتم تحويلها إلى الخارج، وعمان تكاد تكون من أكثر الدول التي يتم من خلالها تحويل الأموال إلى الخارج. ويضيف أن البنية الاقتصادية للشركات المحلية أصبحت "متهالكة"، حيث أصبح المنافس هو الشركات العالمية، ما خلق نوعاً من المنافسة غير المشروعة.
ويضرب مثالاً بالشركات العاملة في قطاعات النفط والسياحة والمقاولات؛ حيث أُجبر كثير من الشركات على الانسحاب من السوق وترك المجال لشركات غير عمانية، ومن ناحية أخلاقية واجتماعية فهناك الكثير من العادات التي تفشت من قبل الأجانب وأغلبها عادات غير محمودة، وأبسط مثال على هذا رؤية أجانب يستحمون قرب الباب وهم في قلب العاصمة مسقط، وغيرها من العادات والمظاهر المرفوضة مجتمعيًا.
وتقول نصرة الحبسية إن الآثار السلبية للتجارة المستترة تنتج عن عاملين مهمين؛ هما رأس المال والعمل. وتضيف أنه فيما يتعلق برأس المال، فقد تحولت رؤوس أموالنا إلى الخارج، فضلاً عن الآثار الاقتصادية الخطيرة التي تضر بالاقتصاد، فمعدلات النمو الاقتصادي غير حقيقية نتيجة وجود اقتصاد مستتر مخفي عن الأنظار، وكذلك لا نعرف معدلات الباحثين عن عمل الحقيقيين. وتتابع: أما من الناحية الاجتماعية فازدادت نسبة الباحثين عن عمل بسبب استحواذ العمالة الوافدة على الوظائف خاصة في القطاع الخاص، والمدهش في هذا الجانب أن بعض هذه العمالة لا يمتلك الخبرة بل حصلوا عليها من العمل في السلطنة.
تدقيق البيانات
ويقول عبد الله العريمي إن قاعدة البيانات الاقتصادية المتاحة غير دقيقة، حيث يرى أنها تشمل أرقاماً تقديرية غير صحيحة بسبب التجارة المستترة، ومن جانب آخر فإن التحويلات النقدية الهائلة تؤثر بشكل كبير على الاقتصاد باعتبارها النقيض الذي من أجله يحتفظ بشكل أكبر للنهوض، ووجود العمالة الوافدة غير المرغوب فيها سيؤثر على النسيج الاجتماعي والتركيبة السكانية وهذا ضار بالمجتمع.
ويتداخل علي المطاعني بالقول إن نسبة العمالة الوافدة شهدت ازدياداً ضخمًا، حيث كانت قبل 5 سنوات تمثل 15 في المئة، فيما تضاعفت الآن لتصل الى 45 في المئة من إجمالي تعداد السكان، الأمر الذي يهدد النسيج الاجتماعي وينذر بالخطر.
وتقول الدكتورة فاطمة اللواتية إن التعمين حالياً يتم من أسفل إلى أعلى، لكن عندما يتم تنفيذ التعمين من أعلى إلى أسفل يترجم احترام الإنسان العماني، موضحة أن التعمين من أسفل إلى أعلى قد يبعث برسالة سلبية للمواطن، حيث قد يكون ذلك تلميحاً للمواطن بأنه لا يستحق أكثر من ذلك.
واعتبرت اللواتية أنه لو كان التعمين يتم من الأعلى إلى الأسفل، فستكون الرسالة المبعوثة للطالب العماني أنه يمكن أن يصبح مديراً عاماً في المستقبل، مستشهدة بنموذج أتبعته المدرسة البريطانية عندما طلب منها أن تقرأ قصة للطلاب العمانيين وكان الهدف تعريف الطلاب بأنّهم من الممكن أن يصبحوا مؤلفين للروايات في المستقبل. وتتابع اللواتية بالقول إن الوضع لا يختلف في الجامعات، حيث يرى الطلاب أن أستاذة الجامعة من الوافدين، الأمر الذي قد يبعث في نفس الطالب اعتقادًا بأنه قد لا يستطيع أن يصبح أستاذًا بالجامعة أو الكلية التي تعلم فيها.
وتأمل اللواتية أن تتبدل هذه الأحوال، وأن يتوقف من يصفون العمانيين بأوصاف سلبية، فالتاريخ يؤكد أن العماني في الماضي كان مغامرًا ويخوض الصعاب منذ كان يغوص ليخرج باللؤلؤ أو يبحر في أعالي البحار، وحتى بالنسبة للعمل الشاق كان يؤديه العماني بنفسه، مشددة على أن أي عمل يتم بطرق مشروعة ولا تخالف القانون فهو عمل شريف. فيما تعقب نصرة الحبسية على الدكتورة فاطمة اللواتية قائلة إنها عندما تحدثت عن أن العماني لم يعد مغامرًا، كان ذلك بسبب طبيعة الحياة الحالية وعدم توفر الموارد المالية، وليس كما فهم خطأً أنه يفتقد الرغبة أو الإرادة، بل الأصح أنه يفتقد الموارد المالية، فالمواطن حاليًا من الصعب أن يؤسس لمشروع شخصي دون الاقتراض ما يتسبب في الديون الطائلة.
حلول وتوصيات
وقدم المشاركون عددًا من الحلول والتوصيات التي تسهم في القضاء على التجارة المستترة وتشجيع المواطن على إدارة أعماله بنفسه، حيث يقول سعادة توفيق اللواتي إن من الحلول ضرورة منع الموظف الحكومي من العمل التجاري، وبالتالي عليه أن يختار بين العمل في الحكومة أو الاستثمار بالقطاع الخاص، أما الجمع بين الاثنين فهو بداية التجارة المستترة. ويضيف أنه لا يجب استثناء أي شخص مهما علا منصبه من هذه القاعدة، سواء كان في منصب كبير أو موظف صغير في أي دائرة حكومية، مشددًا على أن من يريد العمل بالقطاع الخاص عليه أن يستقيل من الحكومة.
ودعا اللواتي إلى تحديد مدة إقامة العمالة الوافدة بحد أقصى 10 سنوات، وتحديد سن العامل الوافد بألا يتجاوز 60 عاماً، وهو سن التقاعد، موضحاً أن أغلب العاملين في التجارة المستترة هم من المتقاعدين من الوافدين العاملين فعلياً بالسلطنة.
وأوصى اللواتي بأهمية خلق كيانات اقتصادية جديدة برؤوس أموال وطنية من صناديق التقاعد أو الجمعيات، وضخ استثمارات في المواد الغذائية أو الكهربائية أو النقل أو البناء أو الشحن، على أن يتم تعيين المواطنين فيها برواتب جيدة ومميزات جاذبة للعمل فيها، ومن ثم يستطيعون تملك المشروع أو جزء من أسهم هذه الشركات والمؤسسات.
ويتابع اللواتي طرح توصياته ومقترحاته، قائلاً إن تجارب التعمين في الخضروات والمواد الغذائية لم تحقق النجاح المطلوب، مطالباً الجهات المعنية بممارسة دور رقابي على الشركات لتقديم حسابات مدققة عن التعاملات النقدية، لتفادي أن يكون المواطن شريكاً من الظل.
ويحذر اللواتي من الخطر الذي قد يواجه التركيبة السكانية للسلطنة، حيث يناهز عدد الوافدين في الوقت الحالي المليون نسمة، وتشير التقديرات الى أن هذا العدد في زيادة مستمرة، وربما في العام 2020 نصل حد الخطر، واقتراب عدد العمالة الوافدة من عدد المواطنين العمانيين، بما يهدد كيان الدولة والتركبية السكانية، وكذلك التأثير على البرامج التنموية والاجتماعية والاقتصادية التي تضعها الحكومة.
تحذيرات وإنذارات
ويضيف اللواتي أن بحثاً لجريدة "فايننشال تايمز" البريطانية ذكر أن عدد الوافدين في سلطنة عمان سيصل في عام 2020 إلى 3.5 مليون وافد، داعياً إلى دراسة ذلك الأمر على مستوى الوطن حول "أي عمان نريد"، خاصة وأن القوانين العالمية تدعم من يقيم في الدولة لاكتساب حقوق المواطنة والجنسية، محذرًا من أنّه ربما سيظهر قانون في الأمم المتحدة ومجلس الأمن وهؤلاء كلهم في ليلة وضحاها سيصبحون مواطنين حالهم حال العماني على الوطن والهوية والاقتصاد والمجتمع. ويشدد اللواتي على أن اتخاذ القرارات الاقتصادية ينبغي أن يتم من كافة الجوانب وأن يتم تدارس جميع الأبعاد والتبعات.
ويرى محمد رضا اللواتي أن مشكلة عدم تمكين المواطن العماني من في الانخراط في الوظائف العليا في عدد من القطاعات ربما يخلق أزمة كبيرة، داعياً إلى دعم المواطن العماني المؤهل خاصة من يملك الشهادات العليا.
ويقول سالم الشيدي إن سبل علاج أزمة التجارة المستترة تتمثل في رفع الحظر الموجود على بعض الوظائف في التعمين، موضحاً أن الحكومة إذا قامت برفع الحظر عن الوظائف التي فرضتها على العمانيين للعمل فيها لخلقت طبقة من العمانيين قادرين على إنشاء مؤسسات صغيرة ومتوسطة، ولا يتم فقط تعمين المراسل والفراش والسائق للقول إنّ هذا القطاع نسبة التعمين فيه 100 في المائة.
ويضيف الشيدي أنه يتعين على الجهات المعنية التخلي عن السلطة التقديرية، مشيرًا إلى أن الشركات أو الأفراد أو السجلات أو من يمارسون الأعمال المعمنة أو التعامل من قبل الجهات المعنية، يعتمدون إلى حد كبير في بعض الحالات على السلطات التقديرية للشخص المسؤول عن تطبيق القانون أو تطبيق النشاطات المطلوبة. ويوضح أنّه في حالة تطبيق القانون بشكل جيد على كل الشرائح، تتمكن الدولة من غرس الرغبة والنية لدى المواطنين في ممارسة الأعمال على اعتبار أن الجميع متساوون في الحقوق والواجبات.
اقتصاديات السوق
ويدعو الشيدي إلى أن يكون السوق هو المحرك الرئيس للعمالة، لا أن يتم فرض إجراءات معينة على المواطن أو الشركات في أن تستقطب من تراه أن يعمل في شركة من الشركات، وفي هذه الحالة يكون السوق هو المحرك الرئيس للمواطن وأن يتم ذلك على أساس الكفاءة والخبرة، ما يخلق تنافسية في استقطاب المواطن المتميز. ويؤكد أن مثل هذا الإجراء سيفتح الباب أمام مراكز التأهيل والتدريب لخلق كفاءات وطنية متمرسة. ويوصي الشيدي بعدم تدخل الحكومة في الإدارات الداخلية للشركات والقطاعات المختلفة، مع استمرار الدعم الحكومي ووجود مراقبة لصيقة لمدى الاستفادة من هذه البرامج، ووضع خطط واضحة على مدى معين، وكذلك تصنيف الشركات وتحديد الأنشطة التي يمكن للشركات أن تمارسها.
فيما يوصي عبد الله العريمي بتفعيل دور مكاتب الاستشارات القانونية والمحاسبية للمساهمة في حل هذه المشكلة، وفي نفس الوقت أن تعرض على هذه المكاتب أي اتفاقيات يتم إبرامها. ويطالب العريمي بوجود قانون مستقل لمكافحة التجارة المستترة واستحداث آليات وضوابط مختلفة لسد أي ثغرة.
ويوصي علي المطاعني بتشجيع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة من قبل الحكومة بشكل علمي وحقيقي من خلال تحديد نسبة معينة من المناقصات والعقود، وفي نفس الوقت لابد من ضبط تراخيص العمل وتحديدها بعدد معين.
ويدعو عبد الله الهوتي إلى ضرورة وضع خطة تعليم واضحة وآليات للتعمين والإحلال والتمكين، وفرض الرقابة الفعلية من قبل وزارة التجارة والصناعة، من خلال إنشاء دائرة أو لجنة بالوزارة لحماية التجارة ومكافحة التجارة المستترة.
وأوصى الهوتي بفرض رقابة من خلال مفتشين من وزارة القوى العاملة وشرطة عمان السلطانية ووزارة التجارة والصناعة لمعالجة المشكلة، وإصدار قانون وضوابط واضحة، وإعطاء فترة سماح للشركات لتعديل أوضاعها، ودعم المؤسسات المتوسطة والصغيرة.
ويوصي لؤي عبد الكريم بعدم فتح الباب أمام الحصول على سجلات تجارية دون أن يقدم صاحب الطلب تصورًا عن كيفية إدارة التجارة التي يسعى للعمل بها، وأن يمتلك المقومات أو الخبرات الكافية للسماح له، حتى لا تتحول هذه السجلات إلى غطاء للتجارة المستترة، والمنوط به تطبيق ذلك هو وزارة التجارة والصناعة. كما يؤيد عبد الكريم المطالب التي تدعو إلى منع الموظف الحكومي من فتح سجل تجاري وأن يكون صاحب السجل التجاري متفرغاً لهذا النشاط.
وتوصي نصرة الحبسية بأهمية التأمين على العاملين في المؤسسات الصغيرة والمتوسطة بما يمنحهم الشعور بالأمان الوظيفي، ويجذب المواطن للعمل في القطاع الخاص، وزيادة المعاشات التقاعدية.
وتضيف أنّه تتعين كذلك التوعية بخطورة التجارة المستترة، وتعريف المواطن بعواقبها أو العقوبات التي ربما تفرض عليه جراء المشاركة فيها.
أكثر...