940 مليار دولار قيمة رسملة الأسواق العربية العام الماضي-
خلف: تجاوز الأسواق العربية للتداعيات الجيوسياسية دليل على الالتزام بالأطر والمعايير الدولية-
الوضع الحالي للبورصات العربية لا يعكس الإمكانات الحقيقية-
الربط بين الأسواق العربية يوسع قاعدة التداول للمستثمرين في المنطقة-
أكثر من 776 مليار دولار القيمة السوقية للبورصات الخليجية العام الماضي-
المؤتمر يسعى لدعم سياسات رفع أحجام التداول وليس زيادة أسعار الأسهم-
الرؤية- نجلاء عبدالعال-
انطلقت أمس أعمال المؤتمر السنوي للبورصات العربية تحت رعاية معالي يحيى بن سعيد الجابري رئيس مجلس إدارة هيئة المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم، رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة لسوق المال، بحضور عدد من أصحاب السعادة الوكلاء ورئيس اتحاد البورصات العالمي، وبمشاركة عدد من المسؤولين والخبراء والمختصين من الأسواق المالية العربية والأجنبية وبرعاية "الرؤية" إعلاميًا.
وشهد اليوم الأول من أعمال المؤتمر الذي يعقد تحت عنوان "من أجل مستقبل أفضل" 3 جلسات، ناقشت الأولى موضوع "التعلم من الآخرين.. التجربة العالمية"، وأدارها حسين أركان الرئيس التنفيذي للاتحاد الدولي للبورصات وشارك فيها متحدثا ماير إس فروشر نائب الرئيس لبورصة ناسداك، ورافي نازين المدير العام والرئيس التنفيذي للبورصة الوطنية الهندية، وروبرت شاكتكو المدير العام لمؤشرات ستاندرد آند بورز وداو جونز بالبورصة الأمريكية. وتناولت الجلسة الثانية تطوير البورصات العربية من خلال استعراض دور الاكتتابات الأولية والمستثمرين الاستراتيجيين في تطوير التداول، وأدار الجلسة عبدالله السويلمي الرئيس التنفيذي للبورصة السعودية "تداول"، وشارك فيها متحدثا تشيب ديمبسي المدير التنفيذي لبنك مورجان ستانلي، وماير فروشر نائب الرئيس لبورصة ناسداك. أما الجلسة الثالثة فدارت حول الاتجاهات السائدة في البورصات من خلال تحديد احتياجات الربط والإتاحة والسيولة، وأدارها إيريك براتراند الاستشاري الرئيسي في حلول البورصات ببورصة نيورك يورونكست، وشارك فيها متحدثا محمد البلاع رئيس شركة "مباشر"، وهنري بيرجستروم رئيس "جلوبال بوست ترايد سولوشنز" ببورصة ناسداك، وسامر أبو زهراء رئيس قسم الأسهم لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بمؤسسة تومسون رويترز.
من جهته، قال أحمد بن صالح المرهون مدير عام سوق مسقط للأوراق المالية رئيس اتحاد البورصات العربية لـ"لرؤية"، إنّ انعقاد المؤتمر السنوي لاتحاد البورصات العربية خلال هذا العام إثراء كبير لمؤتمرات الاتحاد، مؤكدا أن البورصات العربية ستكون لديها الفرصة للاستفادة من الرؤى التي قدمت خلال المؤتمر، مشيرا إلى أن النقاشات التي دارت خلال الجلسات يمكن أن تمثل أجندة عمل ليس للعام الحالي فقط بل لأعوام قادمة، خاصة التجارب التي مرت بها البورصات الدولية والأزمات التي مرت بها والآلية التي استطاعت عبرها التغلب عليها. وحول الربط بين البورصات الخليجية، أوضح المرهون إنّ هذا الموضوع يتجدد كل عام، لكنّه هذا العام مطروح بقوة لمناقشته من جميع الجوانب وطرح التحديات التي تقف أمامه وطرق التغلب عليها. وأشار المرهون إلى أنّ اليوم الثاني للمؤتمر سيشهد اجتماعا على هامش المؤتمر مع الشركات التي تقدم رؤى للربط بين البورصات الخليجية عبر حلول تقنية وغيرها من الأطروحات.
واقع البورصات
وخلال كلمته في الافتتاح أوضح أحمد بن صالح المرهون مدير عام سوق مسقط للأوراق المالية رئيس اتحاد البورصات العربية، أنّ انعقاد المؤتمر السنوي لاتحاد البورصات العربية يعد وقفة سنوية متخصصة ومتجددة بمشاركة صناع القرار وجمع من الخبراء والمختصين في البورصات العربية والأجنبية يتم من خلالها استعراض واقع البورصات العربية التي أثبتت تماسكها رغم ما تمر به المنطقة من تحديات سياسية واقتصادية. وقال المرهون: "لقد أصبحت المؤتمرات الدورية التي ينظمها اتحاد البورصات العربية تقليدًا سنويًا ومنبرًا يلتقي فيه صناع القرار وكبار المسؤولين والخبراء في البورصات العربية والأجنبية على طاولة واحدة لتبادل الأفكار والآراء المتعلقة بواقع وآفاق تطوير عمل البورصات العربية وصناعة الأوراق المالية منها في ظل المستجدات على الساحة الاقتصادية الدولية وما لها من انعكاسات على أداء هذه البورصات". وأضاف مدير عام سوق مسقط للأوراق المالية أنّ اتحاد البورصات العربية والدول الأعضاء فيه حقق العديد من المنجزات خلال العام المنصرم، وتمثلت أبرزها في إعادة هيكله اتحاد البورصات العربية وتشكيل اللجنة التنفيذية للاتحاد التي تأخذ على عاتقها متابعة تنفيذ القرارات التي يتخذها مجلس الاتحاد وانضمام سوقي مسقط وأبوظبي للأوراق المالية إلى عضوية اتحاد البورصات العالمي وبهذا يكون عدد البورصات العربية المنظمة للاتحاد العالمي 6 بورصات مما يعبر عن المستوى المتطور التي حققته البورصات العربية مما أهلها للانتقال إلى مرحلة متقدمة من العمل. وأوضح أنّ هناك العديد من البورصات العربية المؤهلة التي حققت طفرات نوعية في الجوانب التشريعية والتنظيمية والأدائية والتكنولوجية لا زالت خارج منظمة اتحاد البورصات العالمي والتي نأمل انضمامها إليه في القريب العاجل، مشيرا إلى أنّ اتحاد البورصات العربية يسعى جاهدًا لتحقيق حلم الربط المشترك بين أعضائه للرقي بأداء الأسواق المالية العربية من خلال توسيع قاعدة التداول للمستثمرين العرب على مستوى الأقطار العربية.
وأكد أنّ الوضع الحالي لأسواق المال العربية لا يعبر عن إمكانياتها الحقيقية ولا يتناغم أداؤها مع الأداء الاقتصادي الجيّد لمعظم الاقتصادات العربية خاصة الخليجية منها إذ حققت هذه الأسواق في العام المنصرم متوسط مستويات نمو أقل من متوسط مستوى نمو الأسواق المالية العالمية الأمر الذي يدعونا لاستخدام كافة المقومات والخصائص الإيجابية لاقتصاداتنا لما يجعل أداء هذه الأسواق متماشيًا مع درجة التطور في أداء الاقتصاديات العربية وأداء الأسواق المالية العالمية.
خبرات عالمية
وقال الدكتور فادي خلف أمين عام اتحاد البورصات العربية في تصريحات لـ"الرؤية" إنّ المؤتمر حقق هدفًا مهمًا وهو جمع أكبر عدد ممكن من الخبرات العالمية في مجال الأسواق المالية مما يحقق له الانتقال من الإقليمية إلى العالمية، وكذلك تحقق هدف تبادل الأفكار حول التحديات التي تقابلها البورصات العالمية والتي تتشابه مع التحديات التي تقابلها البورصات العربية. وأضاف أنّ المؤتمر يحقق الاستفادة من موضوعات كان يتم طرحها، وكانت هناك صعوبة في بعض الحلول، فيما حقق المؤتمر رؤية أوضح عبر نقل الخبرة، مشيرًا إلى أنّه سيتم متابعة هذه الموضوعات عبر اجتماعات ولجان داخلية للوصول إلى آلية لتخطي التحديات، منها على سبيل المثال في موضوع الربط بين البورصات العربية، وكيفية الاستفادة من الخبرات الأجنبية لرفع مستوى السيولة في بورصاتنا، والإدراجات الأولية وغيرها من الإمكانيات المتاحة مع المستثمرين الإستراتيجيين.
وأضاف أنّ موضوعات النقاشات في الجلسات مفيدة بشكل عملي ومنها النقاش حول ماذا يريد المستثمرون من البورصات، والنظرة على البورصات العربية حاليًا ومستقبلا بالإضافة إلى تطبيق المعايير الدولية وتصنيف البورصات العربية وكل هذا ما نتحدث عنه وكلما اجتمعنا معا غالبًا ما تدور الاجتماعات حول هذه الأمور لكن في هذه المرة يمكن الاستفادة بأكبر قدر ممكن من الخبرات الأجنبية.
وفي ورقته، قال خلف: "كغيرنا من بورصات العالم تحملنا عبء ارتدادات الأزمات العالمية، إلا أننا إضافة إلى ذلك، تحملنا ومازلنا ذيول ربيع عربي خالف الطبيعة، فكان ماطراً وقارس البرودة، إنّ كنا واكبنا العالم في مرحلة هبوط الأسواق المالية إلا أننا بسبب الظروف الجيوسياسية لم نواكبه في مرحلة تعويض الخسائر بالشكل الكافي. فقد عوضت أسواق العالم 65.53% من خسائرها منذ الأزمة وعوضت الأسواق الناشئة 67.96% من خسائرها، أمّا البورصات العربية فلم تعوض بعد إلا 19.82% من هذه الخسائر". وأشار إلى أن البورصات العربية نجحت في حفظ المكانة التي تليق بها ضمن منظومة الاتحاد العالمي للبورصات، موضحًا أنّ حضور البورصات العالمية في المؤتمر السنوي على أعلى المستويات وللمرة الأولى في منطقة الشرق الأوسط، دليل قاطع على التزام بورصاتنا العربية بالأطر الدولية من نظم ومعايير وتقنيات.
وبالعودة للأرقام، ذكر رئيس الاتحاد العربي أنّ البورصات السبعة عشر الأعضاء في اتحاد البورصات العربية أنهت سنة 2012 برسملة سوقية تفوق 940 مليار دولار. وتحتل السعودية المرتبة الأولى من ناحية الرسملة السوقية بـ373 مليار دولار، تليها قطر 126 مليار دولار والكويت 104 مليارات دولار و تقارب أسواق المال الإماراتية مجتمعة 128 مليار دولار، مشيرا إلى أنّ أسواق المال الخليجية ومن ضمنها عمان والبحرين، تمثل برسملتها السوقية حوالي 776 مليار دولار أي ما يزيد عن 82% من القيمة السوقية لبورصاتنا العربية.
وأكد أنّ التأكيد على نسبة الرسملة السوقية للبورصات العربية في منطقة الخليج المصدرة للنفط إنما للدلالة على نقطتين هامتين، أولاهما للدلالة على ارتباط بورصاتنا الوثيق باقتصاد البلدان الصناعية الكبرى المستهلكة للنفط وأسواقها، وقد بدأت هذه الاقتصادات بالتعافي، رغم الكبوات الأوروبية المتعددة والمستمرة. فاستهلاك النفط إلى ازدياد، مهما كانت العثرات. والنمو العالمي سوف يعود لتنعم بنتائجه أسواقنا العربية من مشرقها إلى مغربها. ولنستشهد بما قاله جون روكفيلير أثرى أثرياء العالم خلال أزمة 1929 "لقد شهدت خلال عمري الثلاث والتسعين حالات عديدة من الركود الاقتصادي. كانت تليها دومًا فترات من النمو وهذا النمو سيعود لا محال".
وتابع أنّ النقطة الثانية تتمثل في أنّ منطقتنا العربية، ذات الـ 358 مليون نسمة، يشكل شبابها 70% من مواطنيها، وحجم اقتصادها يزيد عن 1.9 ترليون دولاراً كناتج قومي. ودول مجلس التعاون الخليجي وحدها تمثل إقتصاد الترليون دولار، أي ما يقارب اقتصاد الهند، أضف إلى أنّ التنامي في عدد سكان العالم من ثلاثة مليارات إلى سبعة مليارات نسمة في فترة نصف قرن، وإذا ما تابع نموه بنفس الوتيرة، فسيشكل لا محالة طلباً غير مسبوق على خيرات الأرض، هذه الخيرات التي تكتنزها أرضنا العديد منها وتشكل 50% من اقتصاد منطقة الخليج و 75% من صادراتها.
وزاد أنّ تركز أسواقنا حول منابع النفط يعطيها ثباتاً ستبينه السنوات القادمة رغم ما تمر منطقتنا به من متغيرات. وتساءل من منّا لا يعرف بأن أي من مناطق النفوذ في العالم، من الولايات المتحدة الأمريكية، وروسيا والصين والهند وأوروبا، لن يقبل بأن تمس هذه المنطقة الحيوية للاقتصاد العالمي بقيد أنملة، فإن كان الذهب اللامع هو الملاذ الآمن في زمن الأزمات، فللذهب الأسود حصانته في كل الأزمنة.
وشدد خلف على أن ما تصبو إليه منطقتنا لهو ارتفاع أحجام التداول أكثر مما هو تطلع للارتفاع في أسعار الأسهم، وبالتالي للرسملة السوقية لأسواقنا، فباستثناء السوق السعودية التي تتمتع بمعدل دوران لأسهمها يصل إلى 138% وتستحوذ على 84% من قيمة التداولات في المنطقة، يبقى معدل دوران الأسهم في أسواقنا العربية متدن جداً، في ظاهرة عامة تشمل معظم أسواق العالم بدرجات متفاوتة. وذلك منذ الأزمة العالمية وما خلفته من أزمة ثقة بالأسواق.
وأشار إلى أن الربط ما بين الأسواق الخليجية- وهو أحد محاور هذا المؤتمر وأحد أبرز اهتمامات الاتحاد في هذه المرحلة- فقد خطت منطقة الخليج خطوات كبيرة في مجال التكامل الاقتصادي مثل الاتحاد الجمركي في (2003)، والسوق المشتركة في (2007)، والبنك المركزي الإقليمي في (2009) ومن المرجح أن يواصل مجلس التعاون الخليجي بذل الجهود لتحقيق التكامل الاقتصادي التدريجي، بما في ذلك العملة الموحدة، وزيادة المواءمة بين البيئات القانونية والتنظيمية. وقد توصلت هيئات الرقابة على الأسواق الخليجية إلى قواسم مشتركة فيما يختص بشروط الإدراج، وبالتالي نرى أنّ التكامل والترابط بين أسواقها المالية يأتي بشكل طبيعي ومنطقي ليكمل في نفس السياق من التعاون.
أكثر...
خلف: تجاوز الأسواق العربية للتداعيات الجيوسياسية دليل على الالتزام بالأطر والمعايير الدولية-
الوضع الحالي للبورصات العربية لا يعكس الإمكانات الحقيقية-
الربط بين الأسواق العربية يوسع قاعدة التداول للمستثمرين في المنطقة-
أكثر من 776 مليار دولار القيمة السوقية للبورصات الخليجية العام الماضي-
المؤتمر يسعى لدعم سياسات رفع أحجام التداول وليس زيادة أسعار الأسهم-
الرؤية- نجلاء عبدالعال-
انطلقت أمس أعمال المؤتمر السنوي للبورصات العربية تحت رعاية معالي يحيى بن سعيد الجابري رئيس مجلس إدارة هيئة المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم، رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة لسوق المال، بحضور عدد من أصحاب السعادة الوكلاء ورئيس اتحاد البورصات العالمي، وبمشاركة عدد من المسؤولين والخبراء والمختصين من الأسواق المالية العربية والأجنبية وبرعاية "الرؤية" إعلاميًا.
وشهد اليوم الأول من أعمال المؤتمر الذي يعقد تحت عنوان "من أجل مستقبل أفضل" 3 جلسات، ناقشت الأولى موضوع "التعلم من الآخرين.. التجربة العالمية"، وأدارها حسين أركان الرئيس التنفيذي للاتحاد الدولي للبورصات وشارك فيها متحدثا ماير إس فروشر نائب الرئيس لبورصة ناسداك، ورافي نازين المدير العام والرئيس التنفيذي للبورصة الوطنية الهندية، وروبرت شاكتكو المدير العام لمؤشرات ستاندرد آند بورز وداو جونز بالبورصة الأمريكية. وتناولت الجلسة الثانية تطوير البورصات العربية من خلال استعراض دور الاكتتابات الأولية والمستثمرين الاستراتيجيين في تطوير التداول، وأدار الجلسة عبدالله السويلمي الرئيس التنفيذي للبورصة السعودية "تداول"، وشارك فيها متحدثا تشيب ديمبسي المدير التنفيذي لبنك مورجان ستانلي، وماير فروشر نائب الرئيس لبورصة ناسداك. أما الجلسة الثالثة فدارت حول الاتجاهات السائدة في البورصات من خلال تحديد احتياجات الربط والإتاحة والسيولة، وأدارها إيريك براتراند الاستشاري الرئيسي في حلول البورصات ببورصة نيورك يورونكست، وشارك فيها متحدثا محمد البلاع رئيس شركة "مباشر"، وهنري بيرجستروم رئيس "جلوبال بوست ترايد سولوشنز" ببورصة ناسداك، وسامر أبو زهراء رئيس قسم الأسهم لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بمؤسسة تومسون رويترز.
من جهته، قال أحمد بن صالح المرهون مدير عام سوق مسقط للأوراق المالية رئيس اتحاد البورصات العربية لـ"لرؤية"، إنّ انعقاد المؤتمر السنوي لاتحاد البورصات العربية خلال هذا العام إثراء كبير لمؤتمرات الاتحاد، مؤكدا أن البورصات العربية ستكون لديها الفرصة للاستفادة من الرؤى التي قدمت خلال المؤتمر، مشيرا إلى أن النقاشات التي دارت خلال الجلسات يمكن أن تمثل أجندة عمل ليس للعام الحالي فقط بل لأعوام قادمة، خاصة التجارب التي مرت بها البورصات الدولية والأزمات التي مرت بها والآلية التي استطاعت عبرها التغلب عليها. وحول الربط بين البورصات الخليجية، أوضح المرهون إنّ هذا الموضوع يتجدد كل عام، لكنّه هذا العام مطروح بقوة لمناقشته من جميع الجوانب وطرح التحديات التي تقف أمامه وطرق التغلب عليها. وأشار المرهون إلى أنّ اليوم الثاني للمؤتمر سيشهد اجتماعا على هامش المؤتمر مع الشركات التي تقدم رؤى للربط بين البورصات الخليجية عبر حلول تقنية وغيرها من الأطروحات.
واقع البورصات
وخلال كلمته في الافتتاح أوضح أحمد بن صالح المرهون مدير عام سوق مسقط للأوراق المالية رئيس اتحاد البورصات العربية، أنّ انعقاد المؤتمر السنوي لاتحاد البورصات العربية يعد وقفة سنوية متخصصة ومتجددة بمشاركة صناع القرار وجمع من الخبراء والمختصين في البورصات العربية والأجنبية يتم من خلالها استعراض واقع البورصات العربية التي أثبتت تماسكها رغم ما تمر به المنطقة من تحديات سياسية واقتصادية. وقال المرهون: "لقد أصبحت المؤتمرات الدورية التي ينظمها اتحاد البورصات العربية تقليدًا سنويًا ومنبرًا يلتقي فيه صناع القرار وكبار المسؤولين والخبراء في البورصات العربية والأجنبية على طاولة واحدة لتبادل الأفكار والآراء المتعلقة بواقع وآفاق تطوير عمل البورصات العربية وصناعة الأوراق المالية منها في ظل المستجدات على الساحة الاقتصادية الدولية وما لها من انعكاسات على أداء هذه البورصات". وأضاف مدير عام سوق مسقط للأوراق المالية أنّ اتحاد البورصات العربية والدول الأعضاء فيه حقق العديد من المنجزات خلال العام المنصرم، وتمثلت أبرزها في إعادة هيكله اتحاد البورصات العربية وتشكيل اللجنة التنفيذية للاتحاد التي تأخذ على عاتقها متابعة تنفيذ القرارات التي يتخذها مجلس الاتحاد وانضمام سوقي مسقط وأبوظبي للأوراق المالية إلى عضوية اتحاد البورصات العالمي وبهذا يكون عدد البورصات العربية المنظمة للاتحاد العالمي 6 بورصات مما يعبر عن المستوى المتطور التي حققته البورصات العربية مما أهلها للانتقال إلى مرحلة متقدمة من العمل. وأوضح أنّ هناك العديد من البورصات العربية المؤهلة التي حققت طفرات نوعية في الجوانب التشريعية والتنظيمية والأدائية والتكنولوجية لا زالت خارج منظمة اتحاد البورصات العالمي والتي نأمل انضمامها إليه في القريب العاجل، مشيرا إلى أنّ اتحاد البورصات العربية يسعى جاهدًا لتحقيق حلم الربط المشترك بين أعضائه للرقي بأداء الأسواق المالية العربية من خلال توسيع قاعدة التداول للمستثمرين العرب على مستوى الأقطار العربية.
وأكد أنّ الوضع الحالي لأسواق المال العربية لا يعبر عن إمكانياتها الحقيقية ولا يتناغم أداؤها مع الأداء الاقتصادي الجيّد لمعظم الاقتصادات العربية خاصة الخليجية منها إذ حققت هذه الأسواق في العام المنصرم متوسط مستويات نمو أقل من متوسط مستوى نمو الأسواق المالية العالمية الأمر الذي يدعونا لاستخدام كافة المقومات والخصائص الإيجابية لاقتصاداتنا لما يجعل أداء هذه الأسواق متماشيًا مع درجة التطور في أداء الاقتصاديات العربية وأداء الأسواق المالية العالمية.
خبرات عالمية
وقال الدكتور فادي خلف أمين عام اتحاد البورصات العربية في تصريحات لـ"الرؤية" إنّ المؤتمر حقق هدفًا مهمًا وهو جمع أكبر عدد ممكن من الخبرات العالمية في مجال الأسواق المالية مما يحقق له الانتقال من الإقليمية إلى العالمية، وكذلك تحقق هدف تبادل الأفكار حول التحديات التي تقابلها البورصات العالمية والتي تتشابه مع التحديات التي تقابلها البورصات العربية. وأضاف أنّ المؤتمر يحقق الاستفادة من موضوعات كان يتم طرحها، وكانت هناك صعوبة في بعض الحلول، فيما حقق المؤتمر رؤية أوضح عبر نقل الخبرة، مشيرًا إلى أنّه سيتم متابعة هذه الموضوعات عبر اجتماعات ولجان داخلية للوصول إلى آلية لتخطي التحديات، منها على سبيل المثال في موضوع الربط بين البورصات العربية، وكيفية الاستفادة من الخبرات الأجنبية لرفع مستوى السيولة في بورصاتنا، والإدراجات الأولية وغيرها من الإمكانيات المتاحة مع المستثمرين الإستراتيجيين.
وأضاف أنّ موضوعات النقاشات في الجلسات مفيدة بشكل عملي ومنها النقاش حول ماذا يريد المستثمرون من البورصات، والنظرة على البورصات العربية حاليًا ومستقبلا بالإضافة إلى تطبيق المعايير الدولية وتصنيف البورصات العربية وكل هذا ما نتحدث عنه وكلما اجتمعنا معا غالبًا ما تدور الاجتماعات حول هذه الأمور لكن في هذه المرة يمكن الاستفادة بأكبر قدر ممكن من الخبرات الأجنبية.
وفي ورقته، قال خلف: "كغيرنا من بورصات العالم تحملنا عبء ارتدادات الأزمات العالمية، إلا أننا إضافة إلى ذلك، تحملنا ومازلنا ذيول ربيع عربي خالف الطبيعة، فكان ماطراً وقارس البرودة، إنّ كنا واكبنا العالم في مرحلة هبوط الأسواق المالية إلا أننا بسبب الظروف الجيوسياسية لم نواكبه في مرحلة تعويض الخسائر بالشكل الكافي. فقد عوضت أسواق العالم 65.53% من خسائرها منذ الأزمة وعوضت الأسواق الناشئة 67.96% من خسائرها، أمّا البورصات العربية فلم تعوض بعد إلا 19.82% من هذه الخسائر". وأشار إلى أن البورصات العربية نجحت في حفظ المكانة التي تليق بها ضمن منظومة الاتحاد العالمي للبورصات، موضحًا أنّ حضور البورصات العالمية في المؤتمر السنوي على أعلى المستويات وللمرة الأولى في منطقة الشرق الأوسط، دليل قاطع على التزام بورصاتنا العربية بالأطر الدولية من نظم ومعايير وتقنيات.
وبالعودة للأرقام، ذكر رئيس الاتحاد العربي أنّ البورصات السبعة عشر الأعضاء في اتحاد البورصات العربية أنهت سنة 2012 برسملة سوقية تفوق 940 مليار دولار. وتحتل السعودية المرتبة الأولى من ناحية الرسملة السوقية بـ373 مليار دولار، تليها قطر 126 مليار دولار والكويت 104 مليارات دولار و تقارب أسواق المال الإماراتية مجتمعة 128 مليار دولار، مشيرا إلى أنّ أسواق المال الخليجية ومن ضمنها عمان والبحرين، تمثل برسملتها السوقية حوالي 776 مليار دولار أي ما يزيد عن 82% من القيمة السوقية لبورصاتنا العربية.
وأكد أنّ التأكيد على نسبة الرسملة السوقية للبورصات العربية في منطقة الخليج المصدرة للنفط إنما للدلالة على نقطتين هامتين، أولاهما للدلالة على ارتباط بورصاتنا الوثيق باقتصاد البلدان الصناعية الكبرى المستهلكة للنفط وأسواقها، وقد بدأت هذه الاقتصادات بالتعافي، رغم الكبوات الأوروبية المتعددة والمستمرة. فاستهلاك النفط إلى ازدياد، مهما كانت العثرات. والنمو العالمي سوف يعود لتنعم بنتائجه أسواقنا العربية من مشرقها إلى مغربها. ولنستشهد بما قاله جون روكفيلير أثرى أثرياء العالم خلال أزمة 1929 "لقد شهدت خلال عمري الثلاث والتسعين حالات عديدة من الركود الاقتصادي. كانت تليها دومًا فترات من النمو وهذا النمو سيعود لا محال".
وتابع أنّ النقطة الثانية تتمثل في أنّ منطقتنا العربية، ذات الـ 358 مليون نسمة، يشكل شبابها 70% من مواطنيها، وحجم اقتصادها يزيد عن 1.9 ترليون دولاراً كناتج قومي. ودول مجلس التعاون الخليجي وحدها تمثل إقتصاد الترليون دولار، أي ما يقارب اقتصاد الهند، أضف إلى أنّ التنامي في عدد سكان العالم من ثلاثة مليارات إلى سبعة مليارات نسمة في فترة نصف قرن، وإذا ما تابع نموه بنفس الوتيرة، فسيشكل لا محالة طلباً غير مسبوق على خيرات الأرض، هذه الخيرات التي تكتنزها أرضنا العديد منها وتشكل 50% من اقتصاد منطقة الخليج و 75% من صادراتها.
وزاد أنّ تركز أسواقنا حول منابع النفط يعطيها ثباتاً ستبينه السنوات القادمة رغم ما تمر منطقتنا به من متغيرات. وتساءل من منّا لا يعرف بأن أي من مناطق النفوذ في العالم، من الولايات المتحدة الأمريكية، وروسيا والصين والهند وأوروبا، لن يقبل بأن تمس هذه المنطقة الحيوية للاقتصاد العالمي بقيد أنملة، فإن كان الذهب اللامع هو الملاذ الآمن في زمن الأزمات، فللذهب الأسود حصانته في كل الأزمنة.
وشدد خلف على أن ما تصبو إليه منطقتنا لهو ارتفاع أحجام التداول أكثر مما هو تطلع للارتفاع في أسعار الأسهم، وبالتالي للرسملة السوقية لأسواقنا، فباستثناء السوق السعودية التي تتمتع بمعدل دوران لأسهمها يصل إلى 138% وتستحوذ على 84% من قيمة التداولات في المنطقة، يبقى معدل دوران الأسهم في أسواقنا العربية متدن جداً، في ظاهرة عامة تشمل معظم أسواق العالم بدرجات متفاوتة. وذلك منذ الأزمة العالمية وما خلفته من أزمة ثقة بالأسواق.
وأشار إلى أن الربط ما بين الأسواق الخليجية- وهو أحد محاور هذا المؤتمر وأحد أبرز اهتمامات الاتحاد في هذه المرحلة- فقد خطت منطقة الخليج خطوات كبيرة في مجال التكامل الاقتصادي مثل الاتحاد الجمركي في (2003)، والسوق المشتركة في (2007)، والبنك المركزي الإقليمي في (2009) ومن المرجح أن يواصل مجلس التعاون الخليجي بذل الجهود لتحقيق التكامل الاقتصادي التدريجي، بما في ذلك العملة الموحدة، وزيادة المواءمة بين البيئات القانونية والتنظيمية. وقد توصلت هيئات الرقابة على الأسواق الخليجية إلى قواسم مشتركة فيما يختص بشروط الإدراج، وبالتالي نرى أنّ التكامل والترابط بين أسواقها المالية يأتي بشكل طبيعي ومنطقي ليكمل في نفس السياق من التعاون.
أكثر...