إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

المقدمات تقود إلى النتائج

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • المقدمات تقود إلى النتائج



    سمية النبهانية-

    عند تتبع قصص العديد من الشخصيات العالمية المشهورة أمثال آينشتاين وأديسون، فإن هناك ميزة تفرض نفسها بشدة، وهي أن طفولتهم كانت مختلفة، وواعية؛ حيث سعى هؤلاء لفهم ما حولهم، والإجابة عن كل التساؤلات التي تخالجهم، لذا كانت النتائج التاريخية التي حققوها باهرة.. ولو كانوا بدأوا حياتهم بمقدمات "تافهة" لانتهوا بنتائج مخيبة لآمال التاريخ.
    إنّ التأسيس الواعي والمدروس هو الانطلاقة الناجعة لكل بداية. وهما أمران فشل مجتمعنا في تحقيقها. فالمتابع لتفاصيل حياتنا، يجدها عشوائية وذات قرارات لحظية على مستويات كثيرة. كما أنّ العديد من الخطوات التي اتخذناها في حياتنا انطلقت بشغف متسرع، أو بتأن مقلق. فنشأة الطفل في مجتمعنا - وهي أولى البدايات- نجدها محددة بالاحتياجات المادية المدفوعة بالحب، فإما أن يلقن عقل الطفل بالعيب والصواب، أو أن يغدق قلبه بالتدليل المهلك. وكأنّ الوالدين يطبقان المعنى "السطحي" لقوله جل وعلا (مَا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِه) الأحزاب: 4، فإما الأبيض أو الأسود.
    وعند ظهور نتائج تيه الابن عن طريقه السوي، وبعد أن تفشل المحاولات في إصلاح ما اعوج، يجتر الأبوان تاريخ تربيتهم لابنهم العزيز، فلا يجدان فيها أي تقصير من قبلهما، غافلين عن حقيقة النشأة الصحيحة، وعن تغذية القلوب، وأهمية مساعدة الابن في توسيع مداركه منذ النشأة. وملء التفاصيل الصغيرة في نشأته بذكريات حميمية صادقة.
    وعلى مستوى أكبر، نجد أنّ نتائج العلاقات الشخصية تأتي من ذات المبدأ؛ حيث إنّ البداية الصادقة والسليمة للعلاقات تأتي بثمر حلو المذاق، والعكس صحيح تمامًا. فالزواج – على سبيل المثال- عبارة عن شراكة طويلة الأمد، يستوجب الدخول إليها بعد فهم الطرف الآخر واختياره باقتناع تام. وكذلك هو الحال في الصداقات وعلاقات الأخوة، فربما ليست جميع المقدمات "التافهة" ذات نتائج خطيرة، إلا أنّ الحب والألفة في العلاقات يجب أن يؤسس بحكمة.
    كذلك السياسات العامة للحكومة، إذا بدأت بقرارات سريعة غير مدروسة، أتت بنتائج معوجة، وجب إصلاحها بشكل مستمر، وترقيعها من كل صوب يتهرأ.
    إنّ أهمية التخطيط الإستراتيجي المسبق لتفاصيل كثيرة في سياسات العديد من الجهات الحكومية برزت بشكل واضح في السنوات الأخيرة، فلا يكفي أن نسد الفراغات، ولكن من المهم أن ندرس كيف نقوم بذلك.
    ومن هنا تبرز أهمية أن نتعلم ما هي البداية المثلى لكل خطوة نقدم عليها، وكيف نحققها، حتى تتحول النوايا الحسنة إلى نتائج إيجابية. ثقافة التخطيط والتأسيس السليم مازالت غائبة بشدة في مجتمعنا على مستويات عديدة. وبغياب هذه الثقافة الثمينة، لن يفلح ترقيع الثوب المتهرئ.

    [email protected]






    أكثر...
يعمل...
X