القاهرة - الوكالات
تساءل موقع الديلي بيست النسخة اليومية من مجلة النيوزويك الأمريكية لماذا ترسل قطر المساعدات المالية لمساعدة مصر؟!
ويستهل مايك جيليو، مراسل النيوزويك، مقالة بنبذة عن وضع الاقتصاد المصري، قائلا إنّه في انخفاض حاد، نتيجة للاضطرابات السياسية التي لا تنقطع. وفيما تهدد واشنطن بقطع المساعدات للضغط على الحكومة المصرية تفيض قطر بمنح الأموال الكثيرة لمصر.
هذه الحالة من الاقتصاد المتعثر، جاءت لتعطي السياسيين في واشنطن المبرر للتهديد بقطع المساعدات. فمصر التي تتسلم نحو 3ر2 مليار دولار سنويًا من الولايات المتحدة، أصبحت تواجه ضغطًا من جانب المشرعين الأمريكين لتجميد هذه الأموال.
إلا أن الإدارة الأمريكية - وخلافا لذلك- أعلنت الشهر الماضي على لسان وزير الخارجية الأمريكية جون كيري عن تقديم بلاده مبلغ إضافي قدره 250 مليون دولار لمصر، مشيرا إلى أنّه يندرج في خانة "الحاجات القصوى."
ويقول مايك جيلو، إنّ الأموال الأمريكية التي تأخرت، غطى عليها في الآونة الأخيرة، أموال الدولة المانحة الكبيرة " قطر"، وهي الدولة الخليجية الصغيرة التي يبلغ عدد سكانها ما يزيد قليلا عن 2 مليون، لكن لديها ثالث أكبر احتياطيات العالم من الغاز الطبيعي، قطر قدمت بالفعل مساعدات مالية لمصر يبلغ مجموعها 5 مليارات دولار، وعلى رأس خططها استثمارات أخرى بقيمة 18 مليار دولار في البلاد على مدى السنوات الخمس المقبلة.
ويوم الأربعاء الماضي.. منحت شريانا آخر للحياة، بتعهدها بتعزيز الاقتصاد المصري من خلال شراء سندات حكومية بثلاثة مليارات دولار. (كما عرضت إرسال الغاز لمنع انقطاع التيار الكهربائي المتوقع في الصيف، وهو ما سيوفر بعض الراحة للرئيس مرسي الذي هو في أشد الحاجة إليها سياسيًا).
ووفقًا لسيمون هندرسون، الذي يدير برنامج الخليج وسياسة الطاقة في معهد واشنطن، فإنّ قطر في "فئة مختلفة" عن أمريكا عندما يتعلق الأمر بالمال الوافد إلى مصر، وأمريكا لا توجد لديها وسيلة لمواكبة قدرة المنح القطرية، قائلا " إنّها ليست الطريقة التي يعمل بها النظام الأمريكي، وهذا عيب كبير، فالولايات المتحدة تبدو غبيّة، وتظهر القطريين أنّهم أكثر سرعة وذكاء".
ويقول سايمون هندرسون "إنّ القطريين يشترون النفوذ، لكن السؤال الكبير هو: ماذا يريدون في المقابل؟
إنّ الثروة القطرية انتشرت في مختلف أنحاء العالم، ووصلت إلى عمق دول مثل إنجلترا وفرنسا. ولكن على مدى العامين الماضيين، ظهرت تساؤلات حول نواياها في معظم الأحيان في الشرق الأوسط، واندفاع قطر لتوسيع نفوذها في المنطقة، قد ازداد مع أحداث الربيع العربي، فقد أيّدت التمرد ضد الزعيم الليبي معمر القذافي في ليبيا وبشّار الأسد في سوريا، وتكرر مثل ذلك في مصر، وساعدت الحكومة التونسية الجديدة التي هي في أمس الحاجة للتمويل.
وهذا بالطبع غير إنفاق الأموال في قطاع غزة، ففي أكتوبر الماضي كان أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، هو أول رئيس دولة يزور القطاع منذ عام 2007، عندما تولت حماس السيطرة هناك.
ويبرر هندرسون السلوك القطري، والتي في كثير من الأحيان تُتهم بدعمها الإسلاميين في الخارج، بما في ذلك جماعة الإخوان المسلمين، وهي الجماعة القوية التي تدعم النظام المصري، فيقول إنّ " الدافع قد يكون أيديولوجيًا، ولكن يمكن أيضًا أن يكون محاولة من أمير قطر لتجنّب التحديات الإسلامية لسلالته الأميرية في موطنه".
ويبدو أنّ التركيز الرئيسي للأمير القطري، هو الفوز ببساطة بنفوذ مصر والاستفادة منها، بوصفها الطبيعي كأكبر بلد في العالم العربي من حيث عدد السكان وهي دولة ذات وزن ثقيل منذ فترة طويلة في المنطقة.. ووفقا لوصفه " إن قطر تستخدم الوضع القائم في مصر لرفع مستوى وضعها الخاص في السياسة العربية، لقد كانوا لاعبا صغيرا في المنطقة، والآن يريدون أن يكونوا لاعبًا رئيسًا، إن لم يكن يريدون أن يكونوا اللاعب الرئيس".
و يقول مايكل ستيفنز، وهو باحث بالمعهد الملكي البريطاني للخدمات ومقره الدوحة، إنه من الممكن أنّ قطر ترى مصر كاستثمار سهل بعد أن أصبح مرسى أول رئيس منتخب ديمقراطيًا في يونيو 2012 - خاصة مع تفاقم الوضع السياسي في مصر وما صاحبه من تعثر اقتصادها أيضا- ويضيف ستيفنز " لقد منحت قطر الكثير من المال، ولكن هل يكفي لحل مشاكل مصر".
وفي ختام تقريره يقول مراسل النيوزويك إنّ الكثير من المصريين الذين يعارضون حكومة مرسي، في ذات الوقت يعربون عن غضبهم بسبب الدعم القطري ويتساءلون عن سبب هذا الإغداق بالمال وما وراءه.. وليس المصريون فقط من يتساءلون فتغلغل قطر العميق في مصر قد جلب أيضا تساؤلات من حلفاء آخرين لمصر مثل أمريكا والمملكة العربية السعودية - والتي كانت لسنوات المانح المالي السخي في المنطقة -وغيرهم الذين يتساءلون: ما هي لعبة قطر حقا؟!.
أكثر...