عمان- الوكالات
تدخل المملكة الأردنية صيفًا سياسيًا ساخنًا جدًا، بسبب بحر الأزمات السياسية والاجتماعيّة والاقتصادية التي تسبح فيها البلاد حاليًا، وذلك على خلفية استخدام العنف والقبضة الأمنيّة ضد طلاب الجامعات المتظاهرين ضد السياسات الحكومية والتدخل الأمني في الانتخابات الطلابيّة بالجامعات، وكذلك الحراك الشعبي المعارض للحكومة الجديدة في منطقة الطفايلة الذي خرج في تظاهرات شعبية حاشدة ضد السياسات الحكومية التي رفعت أسعار خدمات الكهرباء والمياه منذ أيام.
وزاد الوضع تأزمًا فضيحة توريد جنود درك أردنيين إلى الكويت لضرب المعارضة الكويتية بـ"الهراوات" في الشارع، وهو الأمر الذي فجره النائب الكويتي السابق مسلم البراك الذي وجه سيلا من الانتقادات للأردن خلال جلسة محاكمته بتهمة الإساءة لملك الأردن.
وما ينذر بتفاقم أزمة الأردن: دخول حكومة رئيس الوزراء عبد الله النسور في مساومات سياسية وبرلمانية لحصولها على ثقة البرلمان، حيث أعلن النسور اتجاهه لتعديل وزارى قبل جلسة منح الثقة، لتفادي الضغوط التي يتعرض لها من كتل برلمانية وأجهزة المخابرات وقوى مرتبطة بالقصر الملكي؛ رغم تأكيداته السابقة بعدم الانصياع لتلك الضغوط.
وكان النسور قد أكد أنه سيخوض منفردا معركة الحصول على ثقة البرلمان المنتخب حديثا، موضحا رفضه الاستعانة بمؤسسة القصر الملكي أو جهاز المخابرات العامة، للتأثير على رغبات المشرعين الجدد.
ويواجه النسور الذي أعلن تشكيلة حكومته مؤخرا، هجوما برلمانيا غير مسبوق، بسبب رفضه توصيات كتل نيابية مؤيدة بتوزير بعض أعضائها.
وقال النسور: إن "الحكومات السابقة كانت تمنح النواب مغريات ومكتسبات عديدة، بغية الحصول على ثقتهم، لكننى لن ألجا إلى الأساليب ذاتها"، مضيفا: "تستطيع الحكومة التغلب على البرلمان، ولديها وسائل عديدة، لكنها لن تفعل".
وعادة ما تتعهد بعض مؤسسات الحكم الأردنية بتقديم السند الخلفى للحكومات المتعاقبة، لضمان اجتيازها الثقة، مستخدمة الترغيب والترهيب مع ممثلي الشعب.
وكشف النسور في أثناء لقاء جمعه بصحفيين مؤخرًا بعمان، وللمرة الأولى، أنه استأذن العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني إجراء تعديل وزاري وشيك، وذلك بعد ساعات على أداء الحكومة الجديدة اليمين الدستورية، لكنّه رهن هذا التعديل، الذي سيضم إلى الحكومة نوابا، بمضي عدة أشهر، حتى يتسنى له اكتشاف المشرعين المؤهلين عن قرب، لتكليفهم المسئولية.
وكانت أطراف رسمية نافذة طالبت خلال الأيام الماضية بتعديل وزاري سريع، قبل اليوم المقرر لجلسة الثقة، على أن يشمل منح حقائب إلى النواب، وهو خيار ترفضه مرجعيات عليا خلال هذه الفترة.
وفى سياق متصل، بدأ النسور إجراء اتصالات سريّة مع بعض النواب، فى مسعى إلى بناء تحالفات جديدة تحت القبة، على أمل تمرير الطاقم الوزاري، واجتيازه امتحان الثقة.
فيما توارت بعض الكتل التي أيّدت ترشيح النسور خلال الأيام الماضية عن المشهد تمامًا، بعدما تمسّك بعض أقطابها بمواقف متشنّجة حيال التشكيلة الحكومية، معلنين مبكرًا رفضهم منح الثقة للحكومة، وجاء الموقف الأبرز لرئيس البرلمان السابق، عبد الهادي المجالي، الذي لمّح إلى نيته حجب الثقة، ونقل قريبون منه قوله: "لقد أخبرنا الرئيس بشيء وتصرف عكسه .. سأصارحه بذلك تحت القبة".
كما لوح رئيس كتلة "وطن" عاطف الطراونة، وهي الكتلة الأكبر، بحجب الثقة، بعد أن أعلنت كتلته ترشيح النسور إلى المنصب الرفيع، والحال ذاته بالنسبة لكتلة (الوسط الإسلامي) التى رشحت الرئيس ذاته على المنصب، وعادت أخيرًا لتهدد بإسقاطه.
ورغم ضبابية المشهد السياسى، يبدو أنّ النسور لم يحسم بعد موعد تقديمه بيان الوزارة، لنيل الثقة من البرلمان الجديد.
ويعاني الأردن وضعًا اقتصاديًا صعبًا، وهو يفتقر إلى الطاقة ويعتمد على خزانة المساعدات الخارجية، الأمر الذي أكده النسور، موضحا أنّ قرار رفع أسعار الكهرباء "قادم لا محالة"، وأنّه سيصل إلى نحو 16%، وسيطال مختلف الشرائح، إلى أن يتم رفع الدعم نهائيًا.
كما أنّ دمج وزارتي المياه والزراعة التي تولى حقيبتهما د. حازم الناصر، يفاقم أزمة الأردنيين، حيث تشير إحصاءات وزارة المياه خلال العام الماضى أنّ 200 مواطن من بين كل ألف تقدم بشكوى.. وقد لاقت خطوة دمج وزارتي المياه والزراعة انتقادات واسعة من المواطنين الذين وصفوا الوزير بأنّه يحمل بطيختين ولا يستطيع حل أي أزمة، سواء فى الزراعة أو المياه، حيث تعانى يوميًا 5 محافظات من انقطاع تام للمياه.
أكثر...