المنيا (جنوب مصر)- رويترز
يقول مزارع مصري يدعى فريد عبد الملك إن الحكومة التي يقودها الإسلاميون واهمة إذا كانت تتوقع محصول قمح ضخم على مدار الأسابيع الست المقبلة، بما يمكن أن يوفر على البلاد استيراد ما تقدر قيمته بمليارات الدولارات، في ظل أزمات مختلفة تؤثر على الحصاد.
وقال مزارع القمح في مركز مطاي قرب مدينة المنيا بوادي النيل "كيف يمكنهم توقع أي زيادة في إنتاج القمح وهم لا يمدوننا بالمياه والوقود اللازم لتشغيل آلاتنا والبذور التي تشتد الحاجة إليها؟". وأضاف "لا يعطوننا شيئا ويتوقعون المزيد". ويقول بعض المزارعين إن الحكومة تفرط في تفاؤلها عندما تتوقع زيادة كبيرة في محصول هذا العام بينما لم تجد حتى الآن حلولا لمشكلاتهم التي يشكون منها منذ فترة طويلة بشأن جودة الأسمدة ونقص مياه الري والبذور. وزاد عدم التيقن بشأن إنتاج القمح بسبب مخاوف جديدة من نقص السولار اللازم لتشغيل المضخات والجرارات والشاحنات لجمع المحصول ونقله. وقال المزارع حنا منير "ربنا وحده يعلم حجم الحصاد هذا الموسم وسط تلك المشكلات لكننا نبذل قصارى جهدنا". وتسعى مصر أكبر مستورد للقمح في العالم إلى خفض الواردات بنحو عشرة بالمئة هذا العام أملا في أن يساعد ارتفاع الإنتاج المحلي وتحسين نظام التخزين في تدبير الخبز المدعم الذي توفره لسكان البلاد البالغ عددهم 84 مليون نسمة بسعر منخفض. وتعاني مصر من قلاقل سياسية واقتصادية منذ الإطاحة بالرئيس السابق حسني مبارك عام 2011. وتراجعت احتياطات النقد الأجنبي من 30 مليار دولار إلى 13.4 مليار دولار- أي أقل من تكلفة واردات ثلاثة أشهر- مما أثار الشكوك بشأن قدرة الدولة على استيراد السلع الغذائية الأساسيّة مثل القمح. وتستورد مصر عادة نحو عشرة ملايين طن من القمح سنويًا وهو ما قد يكلفها أكثر من ثلاثة مليارات دولار. لكن الدولة تقول هذا العام إنّها لن تستورد سوى ما بين أربعة وخمسة ملايين طن أملا في الحصول على باقي احتياجاتها من الإنتاج المحلي. وقال عبد الملك الذي يملك أرضًا مساحتها 13 فدانًا (5.5 هكتار) في واحدة من أكثر المناطق إنتاجا للقمح في مصر "عندما تتوقع الحكومة ما يتراوح بين أربعة وخمسة ملايين طن من القمح المحلي لإنتاج الخبز فإنّها تحلم حلمًا جميلا لا أكثر". وقال وزير التموين المصري باسم عودة لرويترز هذا الشهر إنّ الخبز على رأس أولويات وزارته منذ توليه منصبه في وقت سابق من العام الحالي. وقال عودة- وهو من جماعة الإخوان المسلمين التي ينتمي إليها الرئيس محمد مرسي- إنّ سياسة النظام السابق لم تصب قط في مصلحة مصر أو إنتاجها المحلي من القمح، مضيفا أنّ ذلك النظام كان يسيء معاملة المزارعين ولكن هذا العهد قد ولّى، على حد قوله. وتوقع عودة أن يصل حجم الإنتاج المحلي من القمح إلى 9.5 مليون طن يذهب نصفه تقريبا إلى مطاحن الدقيق الحكومية. وقال إن مصر ستوقع على صفقات استيراد إذا لزم الأمر ولكن فقط مع الدول التي تقبل بخطة الحكومة وجدولها الزمني وتقدم لها أفضل العروض والتسهيلات الائتمانية. وقال مصدر وزاري طلب عدم ذكر اسمه إنّ مصر ستحتاج دائما إلى استيراد القمح. وأضاف أنّ الإنتاج المحلي قد يزيد إذا عملت الحكومة على تحسين التربة والأسمدة وبذلك جهودا أكبر لحل مشكلات المزارعين ولكن ذلك سيستغرق سنوات. وتشير تقديرات أحدث تقارير وزارة الزراعة الأمريكية بشأن مصر إلى أنّ الإنتاج سيزيد 2.3 بالمئة إلى 8.7 مليون طن هذا العام بفضل توسيع مناطق الزراعة. غير أنّه قال إنّ نقص السولار قد يعرقل الحصاد. وأضاف التقرير أنّ بعض المحللين يتوقعون وصول حجم إنتاج القمح المصري إلى ما بين ستة ملايين وسبعة ملايين طن. وتابع "تتوقع الحكومة شراء ما بين أربعة وخمسة ملايين طن من القمح (من المزارعين المحليين) ولكن ذلك لا يبدو واقعيا... تضع الحكومة سياسات الاستيراد وحجم مخزون القمح بناء على إفراط (شديد) في تقديرات الإنتاج المحلي".
ويقول صلاح معوض المسؤول الكبير بوزارة الزراعة إنّ مصر تزرع ما بين تسعة ملايين و9.5 مليون طن سنويًا ولكن نصف الإنتاج لا يصل إلى السوق. وأضاف أنّ الحكومة لا تضغط على المزارع كي يزرع القمح ولكنها تقدم له حوافز وتحل له مشكلاته ليفعل ما يريد. غير أنّ مزارعا في المنيا يدعى محمد حسين يقول "لا نشعر أنّ هناك حكومة تعتني بالفلاحين. لا نقوم باحتجاجات أبدا ولا نفعل شيئا إلا العمل ... ورغم ذلك لم ينظر أحد إلينا أو يأخذ مشاكلنا على محمل الجد". وقال المزارع جرجس عياد "تصل تكلفة السماد المدعم إلى 75 جنيها للجوال البالغ 50 كيلوجراما بينما ندفع 150 جنيها لشرائه من السوق السوداء لتلبية احتياجاتنا".
أكثر...