الرؤية- خاص
أظهرت تحليلات مجموعة QNB أنّ الأزمة المالية القبرصية كانت لها تداعيات مفاجئة على النظرة المستقبلية لمنطقة اليورو، فبالرغم من أنّ الناتج المحلي الإجمالي لقبرص لا يمثل سوى 0.2% من الناتج المحلي الإجمالي لمنطقة اليورو، إلا أنّ عملية إنقاذ قبرص كشفت الحاجة إلى مزيد من الإصلاحات.
وقال تقرير المجموعة إنّ عملية الإنقاذ انطوت على سابقة خطيرة لعمليات الإنقاذ المستقبلية في منطقة اليورو. وبينما تسود حالة من التفاؤل منذ بداية عام 2013، يمكن أن يتحول التصعيد في خطة إنقاذ قبرص إلى نقطة تحول في الأزمة المالية في منطقة اليورو ويفتح المجال لظهور مخاوف هيكلية. ويواجه أكبر مصرفين في قبرص وهما بنك قبرص وبنك قبرص الشعبي (لايكي) تداعيات الأزمة المالية اليونانية بسبب تعرضهما لخسائر في عملياتهما في اليونان وتعرضهما للديون السيادية اليونانية. وبعد حزمة الإنقاذ الثانية لليونان في عام 2012، أصبح المصرفان بحاجة إلى زيادة رأس المال عن طريق دعم الحكومة القبرصية. وكان المصرفان قد حصلا على دعم من صندوق مساعدات السيولة الطارئة التابع للبنك المركزي الأوروبي بسبب زيادة طلبات السيولة في عملياتهما في اليونان. وقد سحب بنك لايكي حوالي 10 مليارات يورو من الصندوق. وفي محاولة لإيجاد حل للوضع المتأزم في قبرص، دخلت ترويكا الدائنين الدوليين (المفوضية الأوروبية والبنك المركزي الأوروبي وصندوق النقد الدولي) مفاوضات مع قبرص لتوفير احتياجات السيولة للحكومة والبنوك القبرصية والتي تُقدر بحوالي 17 مليار يورو. انتهت المفاوضات بصورة مبدئية في 18 مارس 2013، لكن الترويكا لم تكن مستعدة لتقديم أكثر من 10 مليارات يورو من المساعدات الطارئة. ويتعين على قبرص تأمين المبالغ المتبقية بنفسها عن طريق توفير 6 مليارات يورو من خلال فرض ضرائب على الودائع سواء أقل أو أكثر من الحد الأقصى المؤمن هو 100 ألف يورو، بحيث يحصل المودعون على أسهم في البنوك مقابل الخسائر التي سيتكبدونها. لكن البرلمان القبرصي رفض هذا الاتفاق في 19 مارس.
وأثارت عملية إنقاذ قبرص المخاوف من جديد حول العملة الأوروبية الموحدة اليورو. وعلى الرغم من تأكيد مسؤولي منطقة اليورو، بما في ذلك رئيس البنك المركزي الأوروبي، بأن قبرص هي حالة خاصة ولا تعتبر نموذجًا لعمليات الإنقاذ المستقبلية، لكن توجد مخاوف شديدة بين المستثمرين وأصحاب المدخرات من أنّ عمليات الإنقاذ المستقبلية ستشمل خصم جزء من قيمة ودائعهم في البنوك. وتمثل الحالة القبرصية سابقة بالنسبة أصحاب المدخرات، حيث يمكن أن تدفعهم إلى سحب مدخراتهم وودائعهم من البنوك في الاقتصادات الكبرى التي تبدو أنها ستحتاج إلى عمليات إنقاذ في المستقبل. كما يمكن أن تؤدي إلى هروب رؤوس الأموال من منطقة اليورو وبالتالي انخفاض قيمة العملة الأوروبية الموحدة. غير أنّ تدهور الوضع في قبرص يمكن أن يكون نقطة تحول في الأسواق بسبب ارتفاع المخاوف من تداعيات الأزمة على الدول الأخرى التي تواجه صعوبات مالية. ومن الممكن أن تتزايد الضغوط على سعر صرف اليورو وتتزايد مخاطر الديون السيادية في منطقة اليورو من جديد.
أكثر...