الرياض - رويترز
عندما قرَّر الشاب السعودي فيصل الدخيل -الذي يعمل بالقطاع الحكومي- الزواج، حاول أن يستأجر شقة قريبة من مكان عمله في أقصى غرب العاصمة السعودية، لكن ارتفاع أسعار الإيجارات سرعان ما أفقده الأمل.
ويقول الدخيل -الذي لا يتجاوز الـ25 عاما، والذي تزوج قبل أقل من عام: "أداوم في أقصى غرب الرياض، وأسكن في أقصى شرق العاصمة، ويستغرق الأمر مني ساعة وربع الساعة إلى ساعة و45 دقيقة يوميًّا للذهاب إلى العمل والعودة منه.... تتراوح أسعار الإيجارات في الأماكن القريبة من العمل بين 60 و80 ألف ريال سنويا (16000-21300 دولار) ولا استطيع دفع مبلغ كهذا... مستحيل. لذلك اضطررت للسكن في مكان بعيد عن العمل مقابل 26 ألف ريال وهو سعر ليس بسيط أيضا". وطالما كان ارتفاع أسعار الإيجارات عاملا رئيسيا من عوامل التضخم في المملكة.
ووفقا لتقرير شركة الاستشارات العقارية جونز لانج لاسال، فقد ارتفعت أسعار إيجارات الشقق في الرياض ثمانية بالمئة في 2012؛ متجاوزة وتيرة ارتفاع أسعار إيجار الفلل وهي ستة بالمئة. وبحسب تقديرات شركة الاستشارات سي.بي ريتشارد إيليس، فيعيش نحو 60 بالمئة من المواطنين السعوديين الذين يقارب عددهم الـ20 مليونا في شقق مستأجرة. ومثله مثل الكثير من الشباب من مواطني أكبر مصدر للنفط في العالم يجد الدخيل امتلاك منزل خاص به أمرًا غير قابل للتحقيق في الوقت الراهن مع ارتفاع أسعار الأراضي وصعوبة الحصول على التمويل. وقال الدخيل لرويترز: "أسعار العقار عالية جدا. كثيرٌ من الشباب وأنا منهم يرى أنه من المستحيل أن تحصل على بيت تمليك. كيف يمكن تدبير 1.4 مليون ريال لشراء منزل وهذا السعر لمنزل في حي عادي جدا وليس في حي راق". وفي خطوة تهدف للتغلب على مشكلة نقص المعروض السكني لاسيما لذوي الدخل المنخفض في البلاد التي يعيش فيها نحو 29 مليون نسمة أعلن العاهل السعودي الملك عبدالله بن عبد العزيز في 2011 عن تخصيص 250 مليار ريال (67 مليار دولار) لبناء 500 ألف وحدة سكنية للمواطنين خلال عدة سنوات. لكن ظلت وتيرة تنفيذ برنامج الإسكان الطموح بطيئة الخطى رغم الثروة النفطية للمملكة إذ واجهت وزارة الإسكان صعوبات في الحصول على الأراضي اللازمة لتنفيذ مشروعاتها. وتعاني سوق الإسكان في السعودية عددًا من المشاكل؛ أبرزها: النقص الشديد في المعروض، والزيادة المستمرة في أسعار الإيجارات، والمضاربة على الأراضي غير المطورة، وطول فترة الحصول على التراخيص، إلى جانب عدم توافر القدرة المادية بين معظم الشرائح التي يتركز فيها الطلب. وبعد مرور عامين على الإعلان عن برنامج الإسكان، أصدر الملك عبدالله -الأسبوع الماضي- قرارًا بأن تمنح وزارة الإسكان المواطنين أراضي سكنية وقروضا للبناء عليها، في خطوة من شأنها أن تغيِّر الطريقة الحكومية القديمة لمنح الأراضي وتزيل أحد أكبر العقبات أمام استكمال برنامج الإسكان الضخم. كما نص الأمر الملكي على تسليم جميع الأراضي الحكومية المعدة للسكن إلى وزارة الإسكان لتتولى تخطيطها وتنفيذ البنى التحتية لها ومن ثم توزيعها على المواطنين حسب آلية الاستحقاق.
وقال جون سفاكياناكيس الخبير الاستراتيجي لدى شركة ماسيك للاستثمار في الرياض: "القرار خطوة مهمة نحو سد الفجوة بين العرض والطلب... ستنخفض أسعار الأراضي مع تخصيص المزيد منها لوزارة الإسكان. لن تنخفض أسعار الأراضي لاسيما في الرياض إلا بتوافر المزيد، لاسيما وأن معظم الأراضي لا تزال غير مطورة". ويمكن بسهولة لأي شخص يقوم بجولة سريعة بالسيارة في شوارع الرياض المزدحمة أن يرى مساحات شاسعة من "الأراضي البيضاء" وهي الاراضي غير المطورة في أماكن سكنية جذابة مما يوضح تأثير المضاربات على سوق يعاني بالفعل من شح المعروض.
أكثر...