أهمية سن تشريع يلزم المقبلين على الزواج بإجراء فحص إجباري لتفادي الأمراض الوراثية
53% من العمانيين يحملون أمراض الدم الوراثية
توزيع الخدمات على كافة الأطفال في مناطق السلطنة بشكل عادل
ضرورة إعداد كوادر وطنية متخصصة في مجال الإعاقة
واقع المجتمع العماني الفتيّ يستلزم توفير أكبر قدر من العناية بالأطفال
المتغيرات الدولية والانفتاح على العالم من دوافع التعجيل بقانون للطفل
قانون الطفل يعمل على حماية وصون حقوق النشء في مستقبل أفضل
توقيع السلطنة على الاتّفاقية الدولية لحقوق الطفل ينبع من الإيمان بحقوق النشء
السلطنة قطعت شوطًا كبيرًا في حقوق الطفل.. والطريق لا يزال طويلا
الجهود المبذولة لحماية الأطفال لم تصل لمستوى الطموح
"التنمية الاجتماعية" ماضية في وضع الإستراتيجية الوطنية للطفولة
"مشروع الإستراتيجية" يتضمن مشروعات جديدة تصب في صالح الطفل
برامج وورش عمل بمشاركة الأطفال للوقوف على الاحتياجات المطلوبة
بعض الأسر تعاني ظروفاً اجتماعية مريرة تنعكس سلبا على مستقبل الأطفال
الفقر.. العامل الأبرز في تدهور أوضاع الطفولة
الخلافات سوس ينخر في عظم الأسرة.. والطفل المتضرر الأكبر
دائرة الحماية الأسرية تتولى مسؤولية الدفاع عن الأطفال المعرضين للإساءة
الطفل المعاق لا يحصل على حقه كاملا.. ومعظم الأسر غير قادرة على تكلفة العلاج
النظرة المجتمعية للطفل المعاق تزيد الألم النفسي بداخله
الشعور بالحرمان أقصى ما يعانيه الطفل.. والمجتمع المدني مطالب بتحمل المسؤولية
مطلوب حد فاصل بين دور العاملة ودور الوالدين المسؤولين عن التنشئة
109 حضانات بالسلطنة.. وخطة لزيادة العدد ليتناسب مع أعداد الأطفال
الانضمام لأنشطة الجوَّالة والكشافة يكرِّس لثقافة العمل التطوعي في نفوس الناشئة
المدارس مطالبة بتوعية الأطفال بكيفية التعامل مع الآخرين أصحاء أو معاقين
لا توجد إحصائيات محدَّدة بعدد المعاقين فى السلطنة.. وحصر الإعاقة في "الجسدية" خطأ
أوصى المشاركون في ندوة الرؤية حول "حقوق الطفل" بإنشاء مركز متخصص لعلاج الأطفال المعاقين في شتى المحافظات، وطالبوا بتشديد العقوبات ضد مرتكبي أعمال العنف والإساءة للصغار.
وأجمعوا على ضرورة العمل من أجل المحافظة على حقوق الأطفال في السلطنة، باعتبارهم قادة المستقبل، مؤكدين أن واقع المجتمع العماني الفتيّ يستلزم توفير أكبر قدر من العناية للأطفال. وطالبوا بإضافة مادة "الثقافة الأسرية" في المناهج الدراسية بالصفوف العليا، والتوعية بخطورة الأمراض الوراثية.
وانتقد المشاركون طريقة التعامل غير الصحيحة من قبل المجتمع مع الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة، مشددين على ضرورة دمجهم في المجتمع، حتى يصبحوا أعضاءً فاعلين في الحياة من خلال اكتشاف مواهبهم وقدراتهم المختلفة.
وناشدوا الجهات المعنية بسن تشريع يلزم المقبلين على الزواج بإجراء فحص إجباري لتفادي الأمراض الوراثية، حيث إنّ 53 في المئة من العمانيين يحملون أمراض الدم الوراثية.
وقال المشاركون في الندوة إنّ توقيع السلطنة على الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل ينبع من الإيمان بحقوق النشء، مشيرين في الإطار ذاته إلى أنّ السلطنة قطعت شوطاً كبيراً في حقوق الطفل، على الرغم من أنّ الطريق لا يزال طويلاً. وأكدوا أنّ الجهود المبذولة في حماية الأطفال لم تصل لمستوى الطموح، معلقين الآمال على دور وزارة التنمية الاجتماعية في وضع الإستراتيجية الوطنية للطفولة، الذي من المتوقع أن يتضمن مشروعات جديدة تصب في صالح الطفل، بجانب التوسع في برامج وورش العمل بمشاركة الأطفال للوقوف على الاحتياجات المطلوبة لهم.
ويستهل حاتم الطائي رئيس تحرير جريدة الرؤية حديثه بالشكر والترحيب بالمشاركين في الندوة، فيقول: نشكركم ونرحب بكم للمشاركة معنا في ندوة حقوق الطفل، وهنا ينبغي الإشارة إلى أن نحو 60 في المئة من المجتمع العماني وربما نصف سكانه من الشباب الذين سيكونون قادة المستقبل، وهو الأمر الذي يدفعنا إلى إعطاء المزيد من الاهتمام والدعم للطفولة، وأن نؤهل الأجيال القادمة لقيادة البلاد نحو مرحلة أفضل، وأن نعمل على تجاوز التحديات التي تواجه هذا الجيل من الأطفال. ويوضح الطائي أنّ هذه التحديات منها ما هو تشريعي، وسيتم التغلب عليه من خلال إصدار قانون الطفل المرتقب، الذي يمر حالياً بمراحله النهائية. ويضيف أنّ هناك تحديات تواجه المجتمع بشكل عام، وبالتالي وجب علينا أن نقابل هذه التحديات بالكثير من الحوار، وأن نعرف ما هي المشاكل الموجودة حتى نكون في الوجهة الصحيحة.
مستقبل الطفولة
وينتقل الحديث بعد ذلك إلى سعادة الشيخ علي بن خلفان القطيطي رئيس اللجنة الصحية والبيئة بمجلس الشورى الذي عبر عن سعادته بهذه الندوة، فيقول: إنّ من الضروري تبادل الآراء بشأن مستقبل الطفولة في السلطنة.
ويضيف سعادته: واقع الحال في السلطنة يؤكد أن السلطنة دولة فتية، فكما تمت الإشارة سابقاً، فإنّ نحو 60% من المجتمع العماني فتيّ، وبالتالي ينبغي أن تنصب اهتمامات الدولة في هذا الجانب، وعليها أن تولي اهتماماً كبيراً بالنشء في السلطنة، من حيث مستوى التعليم والصحة من خلال مؤتمرات الرعاية الصحية وخدمات كثيرة واضحة، تقوم الدولة على تقديمها من خلال الرعاية الصحية للمرأة الحامل والأم المعيلة.
ويضيف: دورنا سواء في مجلس الدولة أو مجلس الشورى يتعلق بالجانب التشريعي والرقابي، لاسيما وأن القضية تتمتع بأهمية بالغة، فعلى مدار السنوات الماضية كان موضوع الطفل يحظى باهتمام كبير، وإنه بمجرد أن أحالت الحكومة مشروع قانون الطفل إلى مجلس الشورى، تم إيلاء الموضوع أهمية كبيرة، وحاولنا ألا يكون وجوده يشكل عقبة، ما دفعنا لتشكيل فريق خاص يعنى بهذا القانون، وتم تكليفي برئاسة الفريق المختص بمناقشة مشروع القانون والإعداد له، ولقد التقينا بالعديد من القيادات وأجرينا مناقشات مع كثير من المختصين سواء من جامعة السلطان قابوس أو وزارة الصحة أو وزارة التنمية الاجتماعية. ويزيد: مشروع القانون تمّت مناقشته في مجلس الدولة ونال العناية اللازمة، وأجرى المكرمون العديد من التعديلات التي تصب في مصلحة الطفل، وفي مجلس الشورى طرحنا العديد من المواد من الناحية الصحية والتعليمية. ويتابع قائلاً: من خلال متابعتنا فإنّ مجلس الدولة أضاف تعديلات على المشروع ولم يشطب أي مادة منه، مما يعكس الحرص على مصلحة الأطفال باعتبارهم قيادات المستقبل، وإذا لم ينالوا حظوظهم كاملة وإن لم يتم إعدادهم الإعداد الجيّد من ناحية التعليم والصحة، فستكون النتائج سلبية، ويؤثر ذلك على قوة المجتمع ونجاحه، ما يستلزم أن نولي هذه القضية عناية كبيرة، وأن نضع في عين الاعتبار المتغيرات التي تحدث من حولنا في المجتمع والعالم الخارجي.
اهتمام متزايد
وتؤكد الدكتورة المكرمة سعاد محمد علي سليمان عضو مجلس الدولة أن السلطنة تولي اهتمامًا كبيرًا بالطفل منذ فترة طويلة، وعلى مدى عهد النهضة والاهتمام آخذ في التزايد، سواء من حيث الاهتمام بجودة التعليم والرعاية الصحية، أو العناية بمختلف المجالات الصحية والتربوية والتعليمية والاجتماعية. وتقول إنّ هذه العناية تقدم بشكل كبير وواسع وتشمل في مظلتها كافة الفئات العمرية. وتضيف المكرمة أنّه في ظل التطورات الحديثة التي يشهدها العالم تتعاظم الحاجة لقانون الطفل، حيث بات وجوده ضرورة ملحة في الوقت الحاضر، نظرًا للتغيرات العصرية الحديثة التي يمر بها العالم، نتيجة للثورة التكنولوجية، ونحن نشهد في الوقت الحالي انفتاح عمان على كافة الحضارات والدول المجاورة والبعيدة، كما بات العالم قرية صغيرة، ولذلك فإنّه من الضروري والواجب صياغة قانون يحمي الطفل ويضمن له الحقوق.
وتشير صحيحة مبارك العزرية مديرة دائرة شؤون الطفل بوزارة التنمية الاجتماعية إلى أهمية الندوة وما ستؤول إليه من توصيات تخدم بالدرجة الأولى مصلحة الطفل العماني. وتقول: إذا تحدثنا عن التحديات التي تواجهها الطفولة في السلطنة، فبصفتي مديرة لشؤون الطفل أشعر أنّ قطاع الطفولة حقق الكثير من المكاسب تشمل المجالات الاجتماعية والتربوية وغيرها، لكن في الوقت الحالي نجد أن احتياجات الطفولة آخذة في الزيادة، وفي الوقت ذاته هناك تزايد في عدد الأطفال والمؤسسات التي تخدم هذا القطاع، وبالتالي كان لابد أن تقوم وزارة التنمية الاجتماعية وشركاؤها- سواء كانت وزارة التربية والتعليم ووزارة الصحة أو الجهات المعنية بهذا القطاع- بجهود لتعزيز الخدمات في هذا القطاع.
وتضيف: البرامج التي تنفذها وزارة التنمية الاجتماعية في هذا القطاع مع شركائها، تحقق احتياجات الطفل في المقام الأول، وفيما يتعلق بقانون الطفل، فإنّه حتى الآن لم يصدر، نظراً لما يتطلبه المشروع من دراسة عميقة ونقاشات مستفيضة، فضلاً عن مراحل المراجعة النهائية، التي قطعت شوطاً كبيرًا، لكن الأهم أن يخرج القانون بنتائج جيدة تحقق للطفل احتياجاته.
اتّفاقية حقوق الطفل
وبالحديث عن الاتّفاقية الدولية لحقوق الطفل، تقول العزرية إنّ السلطنة وقعت على هذه الاتفاقية منذ عام 1996 وهنالك لجنة مشكلة من وزارة التنمية الاجتماعية برئاسة وكيل الوزارة وأعضاء من الجهات الحكومية والقطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المدني لمتابعة اتفاقية حقوق الطفل، وتعمل اللجنة على وضع الخطط والبرامج مع شركائها لخدمة هذا القطاع.
وتتابع: نفذنا العديد من البرامج لصالح هذا القطاع، ومن خلال التقارير التي تودع للجنة العالمية لحقوق الطفل منذ التقرير الأول الذي رفع في عام 1999، فقد اشتملت البرامج على العديد من الإنجازات، لكن لا نستطيع القول إننا حققنا كل ما نريد، رغم الجهود المبذولة واستمرار العمل في هذا الجانب.
ومضت تقول: تتوالى التقارير حول إنجازات السلطنة في إطار هذه الاتفاقية، والسلطنة الآن على وشك الانتهاء من التقرير الثالث والرابع في إطار إنجازاتها لما تتضمنه هذه الاتفاقيات، وهناك برامج متنوعة تحققت فضلاً عن برامج أخرى حول كيفية التعامل مع الأطفال. وتوضح أن من أهم البرامج، قيام وزارة التنمية الاجتماعية بتوعية وتثقيف العاملين في مجال الطفولة سواء كانوا قانونيين أو إعلاميين لزيادة التوعية.
وتشير إلى أن السلطنة وقعت بروتوكولين في عام 2004 خاصين بالأطفال، وعدم إشراك الأطفال في النزاعات المسلحة، إلى جانب كثير من البرامج سواء كانت مؤتمرات أو لقاءات أو ندوات، وفي آخر مؤتمر عقد بحضور السلطنة كان الأول من نوعه في مجال الطفولة على المستوى الوطني، وشكلت موضوعاته أهمية للجهات المعنية، وجرت مناقشة التقرير الثالث والرابع من اتّفاقية حقوق الطفل، وتم استعراض قانون الطفل الجاري إعداده، بالإضافة إلى موضوع آخر خاص بالإستراتيجية الوطنية للطفولة.
وتوضح العزرية أن هناك جهودًا مكثفة تبذلها الوزارة لإعداد مشروع الإستراتيجية الوطنية للطفولة، التي ستتضمن مشاريع جديدة، تشكل اهتمام وزارة التنمية الاجتماعية في الوقت الحالي، فضلاً عن البرامج التأهيلية والتدريبية.
وتضيف: انتهينا مؤخرًا من دورة تدريبية حول تأهيل المدربين في مجال اتفاقية حقوق الطفل، وهناك حرص من الوزارة على أن تكون التوعية باتفاقية الطفل على أيدي نخبة مثقفة، قادرة على توصيل كافة المعلومات لمختلف شرائح المجتمع، سواء كانت من مؤسسات المجتمع المدني أو من الأطفال أنفسهم.
وتستطرد: في الوقت الحالي يتم عقد ورش عمل في إطار تنفيذ الإستراتيجية الوطنية، بهدف تغطية كافة الجوانب المتعلقة بها، وعلينا أن نشير هنا إلى أن من أهم الجوانب تركيز وزارة التنمية الاجتماعية عند تنفيذ البرامج على ألا يتم التخطيط لها وتنفيذها من قبل العاملين فقط، بل لابد من استهداف فئة الأطفال أنفسهم. وتتابع إنّه التقرير الثالث والرابع، عرضا في مؤتمر طفولي وتمّ عقد ورش عمل للأطفال على أساس معرفة آرائهم بالنسبة لهذه الإستراتيجية، وحالياً يتم تنفيذ ورش عمل للأطفال في محافظات الداخلية والشرقية ومحافظة الظاهرة، ومحافظة ظفار، وسيتم استهداف الأطفال ومتخذي القرار من كافة الجهات التي تخدم التقارير التي تعد عن الوضع الراهن لإنجازات الطفولة في هذا الجانب.
تحدّيات وصعوبات
وحول أهم التحديات التي يواجهها الطفل في سلطنة عمان، تقول رحمة بنت ناصر العامرية مديرة جمعية دار العطاء: من خلال الزيارات الميدانية للأسر تلاحظ أن عددًا من الفئات يهتمون بالتعليم ويعلقون آمالهم على أنّ هذا الطفل سيتحمل المسؤولية، في ظل الظروف الأسرية الصعبة التي تعاني منها بعض الأسر، سواء كان ذلك نتيجة لهجران الأب أو أن الأم مطلقة، حيث تشعر الأم في مثل هذه الحالات بأهمية تعليم الأولاد، فيما أن أوضاع أسر أخرى تختلف بشكل جذري، فلا تجد اهتماماً من الأسرة بمسألة التعليم، ويبدو الأمر وكأنه شيئاً ثانويًا، وهناك أولاد متسيبون عن المدارس، ولا يذهبون إليها بشكل دائم بحجة أنه ليس لديهم مصروف والمطالبات المدرسية كثيرة، على الرغم من أن إدارات المدارس تتعاون وتتساهل مع هذه الأسر، وجمعية دار العطاء من جانبها تقدم لهم الدعم من خلال تزويدهم بالحقائب المدرسية والوجبات اليومية التي يحتاجها الطفل، بالإضافة إلى أي احتياجات أخرى بالتنسيق مع المدارس. وتشدد العامرية على أن الفقر يلعب دورًا كبيرًا في تحمل المسؤولية، وفي كثير من الأحيان كذلك يكون دور الحكومة هو الأضعف.
وبالانتقال للحديث عن دور الخلافات الأسرية وتأثيرها على الأطفال، تقول بتول بنت محمد اللواتية مدير دائرة الإرشاد والاستشارات الأسرية بوزارة التنمية الاجتماعية، إنّ الأسرة هي أساس المجتمع، وبصلاحها يصلح المجتمع، وبفسادها يفسد المجتمع، والخلافات الأسرية عبارة عن اضطراب سلوكي بين الزوجين، لا يؤثر عليهما فقط، بل يؤثر على أبنائهما بالدرجة الأولى. وتضيف اللواتية أن الأطفال هم أضعف الحلقات في الأسرة، حيث يعانون أكثر من الوالدين في حال نشوب هذه الخلافات، الأمر الذي يؤثر بالسلب على المستوى التعليمي الذي قد يكون متدنياً في الأساس، وقد يتصاعد الأمر ويصل إلى العنف الأسري.
وتشير اللواتية إلى أن الوزارة تولي اهتماماً كبيرًا بالأطفال باعتبارهم أجيال المستقبل، وقبل إنشاء دائرة الحماية الأسرية، قامت الوزارة في عام 2009 بتشكيل فرق عمل لدراسة ومتابعة ومراقبة الأطفال المعرضين للإساءة، وهي عبارة عن 8 فرق موزعة على جميع محافظات السلطنة، وكل رئيس فريق هو مدير عام للتنمية الاجتماعية، وأعضاء الفرق يتألفون من خمس جهات حكومية؛ وهي وزارة التنمية الاجتماعية وزارة التربية وزارة الصحة والادعاء العام وشرطة عمان السلطانية. وتوضح اللواتية أن هذه الفرق تجتمع بصورة دورية كل ثلاثة أشهر لمناقشة حالات الأطفال المعرضين للإساءة، وهذه الفرق موجودة في مناطق مختلفة، وتصدر الفرق تقارير يتم رفعها إلى الوزارة مباشرة، وبعد ذلك ونظرًا لعدم وجود مركزية لهذه الفرق جاءت الفكرة لإنشاء دائرة الحماية المركزية وصدر فيها القرار لعام 2013، لتكون مركزية لجميع فرق الإساءة، وإدارة الدائرة تتعامل مع كل فئات المجتمع، وفي مقدمتها فئة الأطفال المعرضين للإساءة، والفئة الثانية حالات الإتجار بالبشر والفئة الثالثة، حالات النساء العضُل الممنوعات من الزواج من قبل ولي الأمر، والدائرة تكون في خدمة الثلاث فئات المذكورة.
آثار نفسية
وحول الآثار النفسية للتنشئة على بناء الشخصية السوية، تشير صباح بنت محمد البهلانية الرئيسة التنفيذية لجمعية التدخل المبكر، إلى أنه بمجرد أن يكتشف الأم والأب أن لديهما طفل معاق، يتحول الأمر إلى مشكلة بين الطرفين، حيث ربما تولي الأم اهتماماً أكبر بالطفل المعاق على حساب إخوته الآخرين، وهذا يؤثر على الأسرة من الناحية الاجتماعية والاقتصادية، وهنالك كثيرون يتساءلون عن أسباب عدم إرسال الأسرة التي لديها طفل معاق طفلها إلى الروضة أو المدرسة، وهم لا يمتلكون أدنى فكرة عن تكلفة العناية بالطفل المعاق، حيث يحتاج إلى عناية وتغذية معينة، وهنالك كثير من الأسر الفقيرة ليست لديها المقدرة على العناية بطفلها المعاق، نظرًا لما يحتاجه من تغذية وأجهزة متخصصة وفي الغالب لا تكون متوفرة، ما يتسبب في زيادة إعاقة الطفل.
وتضيف: نحن في جمعية التدخل المبكر نهدف في الأساس إلى مساعدة هذه الأسر لانتشالها من هذه البيئة، وذلك من خلال توفير الإمكانيات بالتعاون مع وزارة التنمية الاجتماعية، حيث إنّ الجمعية لا تمتلك الإمكانيات لتوفير الأجهزة، ولكن تعمل الجمعية على تقييم الطفل ونسعى لتوفير العلاج وما سيحتاجه من أمور أخرى، ونساعد الأسرة في مخاطبة وزارة التنمية الاجتماعية، وفي بعض الأحيان تتم مساعدة هذه الأسر نتيجة لفقرها المدقع، في حين أنّ هناك أسر لديها المقدرة المادية، ولكن بسبب هذا الطفل تدنى مستواها المعيشي، إزاء ما ينفقونه من أموال طائلة للعناية به.
وتوضح أنّ تكلفة علاج الطفل المعاق تؤثر على الدخل المادي للأسرة، فالأسر التي ترسل ابنها للعلاج من الإعاقة في النطق، تحتاج 20 ريالاً لكل جلسة تستغرق ساعة، فضلاً عن الأمور الأخرى، مثل احتياجه للعلاج الطبيعي أو النظارات أو السماعات، وهناك سماعات للأطفال تصل تكلفتها 700 ريال، ويمكن أن تتعرض للكسر خلال شهر، وبعض الأسر ليست لديها المقدرة على شراء أخرى. وتزيد أن جهود وزارة التنمية الاجتماعية تنصب على الأسر ذات المستوى المعيشي المتدني، من خلال الضمان الاجتماعي، لكن هناك أسراً تحقق دخلاً كبيراً لكن عبء الطفل المعاق يستنزف الكثير من هذا الدخل، والأطفال كلما كبروا كلما زادت احتيجاتهم واستهلاكهم، وكل هذه النفقات تضغط على الأسرة وتُشعر بعض الأطفال في الأسرة بالحرمان، نظرًا لأن الأب والأم مشغولان بهذا الطفل المعاق، الذي يحتاج في الواقع إلى الاهتمام خلال ساعات اليوم المختلفة، وهذه الأسر تعاني من المشاكل الاجتماعية والاقتصادية والنفسية الكبيرة، ودور الجمعية هنا ينصب في التنسيق مع المستشفيات ومؤسسات القطاع الخاص من جانب، وبين وزارة التنمية الاجتماعية من جانب آخر لحل بعض المشاكل.
أوضاع المعاقين
ويتداخل الشيخ علي بن خلفان القطيطي رئيس اللجنة الصحية والبيئة بمجلس الشورى، فيقول إن المجلس وضع دراسة حول أوضاع المعاقين ووضع جميع الأطفال المعاقين في السلطنة، ومن خلال الدراسة تم عرض المشكلة من جميع النواحي، وتبين أن النواحي الاقتصادية في مسقط أفضل من أوضاع أسر الأطفال الموجودين في المحافظات الأخرى؛ حيث إنّ الوضع الاقتصادي هناك أقل، وهذا أمر طبيعي، ويحدث في كافة دول العالم.
ويدعو القطيطي الجمعيات الخيرية والجهات المختصة لتكثيف أعمالها خارج مسقط، والعمل على دعم الخدمات المقدمة للأسر المحتاجة ومتابعتها. ويضيف أن الأوضاع تبدلت في الوقت الحالي، حيث إنّ الأم أصبحت تعمل ولا تمتلك وقتاً للعناية بالأطفال، وبتن يعتمدن على الخادمة باعتبار أن قضية العمل أصبحت أهم من الطفل، والمرأة حتى وإن كان وضعها المادي جيد فإنّها تبحث عن العمل. ويزيد القطيطي إنّه من الضروري إحداث نوع من التوازن، وعلى المرأة العاملة أن تتفقد أحوال المنزل حينما تعود إلى منزلها، وألا تعتمد بشكل رئيسي على الخادمة أو المربية، فغياب المتابعة اللصيقة يتسبب في مشكلات كبيرة.
ويؤكد القطيطي أنّ الدولة تتحمل مسؤوليات تجاه الأسرة والمجتمع، وإيصال الخدمات لكافة الفئات في مختلف المواقع والمناطق بالسلطنة، يتصدر هذه المسؤوليات، فوزارة الصحة لابد أن تحصن كل طفل سواء كان موجوداً في مسقط أو خارجها، وأن يكون هذا عن طريق متابعته حتى في منزله، كما أن هذه الخدمات يجب أن تقدم للمواطن وتصل إليه، وألا تنتظر المواطنين حتى يبحثوا عنها.
وتتداخل صحيحة مبارك العزرية مديرة دائرة شؤون الطفل بوزارة التنمية الاجتماعية، متحدثة عن معاناة المرأة العاملة، فتقول إنّ هناك بدائل أخرى للخادمة أو المربية، مثل دور الحضانات، التي تنتشر في كل محافظات السلطنة إلى جانب رياض الأطفال التابعة لوزارة التربية والتعليم، وهي بديل لحل مشكلة وجود الطفل مع الخادمة في المنزل.
حد فاصل
وتلتقط المكرَّمة دكتورة سعاد محمد على سليمان عضو مجلس الدولة، أطراف الحديث.. مؤكدة أن الاهتمام بتنشئة الطفل يختلف من أسرة لأخرى، مع الأخذ في الاعتبار بالثورة التكنولوجية والرقمية التي تمتد آثارها لهؤلاء الأطفال الصغار أيضا. وتطالب بوجود حدٍّ فاصلٍ بين دور العاملة في المنزل وبين دور الأم والأب المسؤولين بالأساس عن التربية والتنشئة.. وهنا أؤكد على أن دور الأب لا يقل أهمية عن دور الأم؛ فلكل منهما دور في التنشئة، وبتكامل الأدوار نصل إلى النتيجة المرجوَّة.
وتطالب بأن يتم إضافة مادة تحت مسمى "الثقافة الأسرية" للمنهاج الدراسي في الصفوف العليا؛ من أجل غرس قيم التربية وطرق التنشئة في نفوس أبنائنا، وهو ما يعود بالنفع عليهم مستقبلًا، فكم من أب وأم لديهما من المؤهلات العلمية الكثير، لكنهما لا يُجيدان فن تربية وتنشئة أطفلهما؛ فهو علم له قواعده وأسسه التي تتغيَّر من مرحلة سنية لأخرى. وترى أن ذهاب الطفل للحضانة أفضل بكثير من وجوده مع الخادمة في المنزل؛ ففي الحضانة يتعلم التفاعل مع الآخرين، وتنمو قدراته بشكل كبير، وتتكشف مواهبه، لكن شريطة أن تعمل هذه الحضانات وفق أسس علمية، وإلا كانت النتائج عكسيَّة وتسبَّبت في أضرار نفسية للطفل في مراحل مبكرة من نموه.
عدد قليل
وتتداخل الأستاذة صحيحة؛ متحدثة عن دور الحضانة الموجودة حاليًا؛ قائلة: لدينا فى السلطنة 3 أنواع من الحضانات؛ هي: الحضانة الخاصة، والحضانة الدولية، وأخيرًا الحضانات الخاصة بالجاليات، ورغم وجود هذه الأنواع من الحضانات، إلا أنها في مجملها لم تصل إلى الحد المطلوب من الكفاءة والمقدِرَة على تأهيل الطفل فى السلطنة، وهناك جهود من الوزارة للارتقاء بهذه الدور؛ فمنذ العام 2010 وضعنا خطة تربوية لتطوير دور الحضانة تطبقها هذه الدُّور، لتربية الأطفال بشكل علمى واجتماعى سليم، وتم إعداد هذه الخطة بالتعاون مع منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف)، وكان هناك تقييم عام لكل دور الحضانة مثل المباني والمربين والمدرسين، ونقوم بعقد دورات تدريبية منتظمة لإعداد الكوادر للعمل فى دور الحضانة، وكيفية التعامل مع الأطفال بشكل عام، وسنقوم خلال العام 2013 بتنظيم 5 دورات لتأهيل المشرفات العاملات في هذه الدور.
وتتابع: نقوم من فترة إلى أخرى بحملات رقابية، وزيارات لهذه الدُّور للاطمئنان على سير العمل، والتأكد من تنفيذ التوصيات والإرشادات التى تقرها الوزارة، ومدى التزامهم بالقوانين والأسس التى وضعتها.. ونحاول قدر الإمكان أن نوجه هذه الدور إلى الطريق الصحيح الذى يجب أن تكون عليه، ونأمل إن شاء الله قريباً أن تكون هذه الدور قادرة على تأهيل وتعليم وتدريب الطفل؛ بناءً على الأسس والشروط التى تم وضعها مسبقًا.
وتضيف: لدينا فى مسقط حوالى 60 حضانة، و49 أخرى موزعة على بقية مناطق السلطنة ليصل إجمالى الحضانات إلى 109 حضانات، وهو عدد قليل جدًا بالنسبة لعدد الأطفال بالسلطنة، لكننا نحاول زيادة هذا العدد خلال الفترة المقبلة؛ من خلال الطلبات الكثيرة المقدَّمة إلينا بافتتاح دور حضانة جديدة.
دور التطوع
ومن جهتها، تقول رحمة العامرية عن دور التطوع فى عملية رعاية الأطفال بالسلطنة: للتطوع دورٌ مهمٌّ فى عملية العناية بالطفل، لكننا فى الوقت ذاته نواجه مشكلة كبيرة وهي أن التطوع موجود أكثر على الورق، وغير ملموس فى الشارع. وبشكل عام، فإن التطوع له دور كبير فى مجالات الطفولة والتوعية، ويمكنك أن تلمس ذلك أكثر فى الدول المتقدمة، ونفتقده كثيرًا فى بلادنا العربية، كما أننا نجد أن المتطوعين داخل السلطنة هم أجانب من جنسيات مختلفة، وهذا لأنهم تربوا منذ الصغر على ثقافة التطوع، وبالتالي ينشأ ويتعوَّد الطفل على هذه الثقافة، وتصبح جزءًا من شخصيته، أما أطفالنا فى السلطنة فلا يجدون من يعلمهم هذه الثقافة ويكرِّسها فيهم.
وتضيف: وخير دليل على ما سبق هو أن الأشخاص الذين ينضمون لأنشطة الجوالة والكشافة، نجدهم ذوي شخصيات مختلفة عن أقرانهم، فقد تربوا على ثقافة التطوع وخدمة ومساعدة الآخرين.
وتتداخل بتول اللواتية متحدثة عن مواجهة العنف المنزلي الذي قد يتعرض له الأطفال؛ قائلة: مع بداية عام 2010 دشنا حملات توعية بعنوان "من أجل أسرة متماسكة"، وكان الهدف منها هو تعريف الشباب بالحياة الزوجية وكيفية التعامل مع المشاكل الحياتية، إضافة إلى كيفية التعامل مع الأطفال، وبدأنا بتنفيذ هذه الحملات بالكلية التقنية بمسقط، ووجدنا إقبالا كبيرا عليها من الشباب.. وفى العام 2011، قمنا بتنفيذها بجامعة نزوى، ونحن نجهِّز لحملات لنشر الوعي بفكرة "الإرشاد الزواجى"، وقد طالبنا الجهات المعنية بترشيح إخصائيين للعمل فى هذا المجال من أجل التوعية الأسرية لخلق أسر متماسكة، وسنقوم فى شهر مايو المقبل بعمل حملات توعية أسرية فى كافة مناطق السلطنة.
وتضيف: أما بخصوص العنف ضد الأطفال؛ فبالفعل هناك حالات موجودة فى مجتمعنا؛ مثل: الحرق، والكسر، والضرب المبرح، ونحن نتواصل مع المدارس لكشف هذه الحالات، وفى مسقط نتواصل بشكل فعَّال مع المدارس من خلال الإخصائيين لمعالجة وحل مشاكل العنف ضد الأطفال؛ من خلال التواصل مع الوالد أو الوالدة، الذين يقومون بضرب أبنائهم ومهمتنا أننا نتواصل مع أولياء الأمور، وبحث الأسباب التى جعلتهم يتعاملون بالعنف مع أطفالهم ومن ثم توجيههم إلى الطرق الصحيحة فى التربية والتعامل مع الأطفال.
ويتقل الحديث إلى صباح البهلانية؛ لإيضاح الخدمات التي يتم تقديمها للأطفال المعاقين؛ سواءً من الهيئات المعنية أو من الأسرة، وتقول: نحن لدينا مشكلة كبيرة فى التعامل مع الأطفال بشكل عام؛ فالأم أو الأسرة لا تعرف ما هى الطريقة الصحيحة للتعامل مع الطفل؛ سواءً كان فى عمر 6 شهور أو سنة أو اثنتين، حتى الطفل البالغ من العمر 6 سنوات هناك أسر كثيرة لا تعرف كيف يتم التعامل مع هذا الطفل، والأكثر من ذلك أنهم قد يعاملونه كالطفل صاحب الـ6 شهور.
وتتابع: دائمًا ما يأتى العنف بسبب أن الأسرة تجهل التعامل مع الطفل وفق مراحله العمرية؛ ومن هنا يأتى دور الهيئات والوزارات المختصة فى توعية الأسرة، بكيفية التعامل مع الأطفال بطريقة علمية سليمة، ومن خلال الحالات التى نتعرض لها، نجد أن هناك بعض المفاهيم الخاطئة التى تمارسها الأسرة مع الأطفال فمثلا عند تنفيذهم لحديث الرسول صلى الله عليه وسلم: "علِّموا أولادكم الصلاة لسبع وأضربوهم عليها لعشر"، فهم ينفذون الحديث بطريقة خاطئة؛ حيث يضربون الطفل دون أن ينفذوا الجزء الأول من الحديث وهو التعليم والإرشاد؛ فالتعليم والتربية هما الأساس فى التعامل مع الأطفال؛ وبالتالي نجد أن كثيرًا من الأسر تنفذ هذه السياسات الخاطئة مع أطفالها.
الانفتاح المعلوماتي
وتمصي تقول: وفى الوقت الحاضر، ومع الانفتاح، ومع جيل الإنترنت أصبحت لدينا المعلومات الحاضرة فى أى وقت؛ فالوالد مثلا أو الوالدة يستطيع فى أى وقت أن يحصل على المعلومة التى تعينه على تربية الأطفال من خلال الإنترنت، لكنه يجب أن يستقي المعلومة من جهات مسؤولة متخصصة فى مجال تربية الأطفال.
أما بالنسبة للأطفال المعاقين، فتقول صباح: إن مشكلتهم كبيرة جدًا؛ ليست فقط فى المنزل، ولكن أيضا فى المدرسة؛ فالطفل المعاق لا يجد التعامل الصحيح سواء فى البيت أو المدرسة، ولأنه بكل بساطة لا يستطيع أن يعبِّر عن نفسه فلا يجد من يعامله بالطريقة التى تساعده على التأقلم والتعايش مع المجتمع، لكنه يجد دائمًا تعاملًا يجعله يعيش فى حالة إحباط كبيرة، وهدفنا من خلال المركز أن نعلم الطفل المعاق كل الأشياء حتى يستطيع التعامل مع من حوله فى كل الظروف.. والمهم فى هذا الأمر ألا يقتصر هذا التعامل على المراكز التى تعتني بالمعاقين، إذ لابد أن يصل هذا الأسلوب للأسرة التى لديها أطفال معاقون، ولا يستطيعون أن يرسلوا أبناءهم إلى هذه المراكز.
وتوضح: ولأن جمعيتنا هى جمعية خيرية، فنحن لا نستطيع أن نتواصل مع كل الأطفال المعاقين خارج المركز، لذلك فإن التكاتف الاجتماعى الكامل من خلال الأسرة والمؤسسات الحكومية والمراكز الخيرية، هو السبيل الوحيد لحل مشاكل الأطفال المعاقين فى السلطنة، وأهم حلقة فى هذا التكاتف هي التوعية، وتغيير المفاهيم، والسلوك الخاطئ. أما المدارس، فعليها دور فى توعية الأطفال بشكل كبير بكيفية التعامل مع الأخرين؛ سواءً كانوا أصحاء أو معاقين؛ لأن هذا سيُؤثر فى تركيبتهم الشخصية، وسيجعلهم أكثر قدرة على التعامل مع كل النماذج التى تعيش فى المجتمع.
وتستطرد: إننا -وبشكل عام- لدينا مشكلة كبيرة تتمثل فى أننا ليس لدينا إحصائيات محددة بعدد المعاقين فى السلطنة، وهي مشكلة وطنية، ويجب أن تحظى برعاية حكومية، ورغم أنه تم فى العام 1993 والعام 2010 عمل إحصاء للمعاقين، إلا أن التركيز كان على أصحاب الإعاقات الجسدية فقط، وهذا الإحصاء غير مكتمل، ويفتقد لعدد كبير من أصحاب الإعاقات الذهنية والنفسية والوراثية؛ فلم يتكلم عنهم أحد، ولا نعرف أعدادهم بالضبط. وعند معرفة عددهم الحقيقي، نستطيع أن نوحِّد جهودنا ونتكاتف جميعًا من أجل حل هذه المشكلة الكبيرة التى نواجهها فى بلادنا.
وتتداخل بتول لتقول: فى الجمعية نعتنى بالطفل من العام الأول حتى 6 سنوات، ولدينا فى مسقط فقط حوالى 188 طفلاً نرعاهم فى البيوت، ولدينا 90 طفلا فى المركز. والحمد لله، تم مؤخرًا افتتاح أكثر من مركز فى مسقط لرعاية الأطفال المعاقين، لكن معظم هذه المراكز هى مراكز خاصة، تكلفتها عالية ماديًا لكنها فى نفس الوقت تقدم خدمة متمزة للأطفال المعاقين.
البيانات المفقودة
ويعلِّق الشيخ علي القطيطى على مشكلة عدم توفر بيانات أو إحصائيات لذوى الاحتياجات الخاصة والمعاقين فى السلطنة؛ بقوله: إن هذه الإحصائيات والقاعدة البيانات هى مشكلة الدولة بشكل أساسى؛ فالحكومة يجب عليها أن تقوم بهذا الإحصاء بشكل سريع ودقيق، حتى تتمكن الجهات المعنية من حل مشاكل المعاقين. وقد قام مركز الإحصاء بالفعل بإحصاء للمعاقين، لكن المشكلة كانت فى توصيف الإعاقة.. وهذا ما طالبنا به، وتم الاعتداد به، وستخرج إن شاء الله قريباً، إحصاءات تبيِّن عدد المعاقين وتوصيف لحالات الإعاقة التى لديهم.
ويضيف: أن عدم وجود مركز وطنى للتعامل مع الأطفال المعاقين، ساعد على زيادة نسبتهم فى السلطنة؛ نظرا لتأخر التدخل العلاجى، ولذلك -وتطبيقا لمفهوم "الوقاية خير من العلاج"- فلابد من وجود المراكز الصحية الحكومية التى تعمل على علاج مشكلة الإعاقة والحد منها مستقبلا، لذلك أطالب بإنشاء مركز وطنى لعلاج الاعاقة، إضافة إلى إعداد الكوادر والإخصائيين للتعامل بشكل علمى فى هذا المجال.
ويزيد: هناك نقطة أخرى، أود أن ألقي الضوء عليها وهى كيفية التعامل مع الأطفال الأذكياء، الذين لا يجيدون من ينمى مواهبهم، ويرتقي بذكائهم ليكون فى خدمة الطفل نفسه وفى خدمة المجتمع؛ فنحن قادرون على أن نخرج للمجتمع قيادات وعلماء ونابغين، يستطيعون أن يرفعوا من شأن السلطنة، لكننا نفتقد لهذه النوعية من المراكز؛ سواء كانت حكومية أو خاصة؛ فرعاية الموهوبين والأذكياء، لا تقل أهمية عن رعاية أصحاب الإعاقة، وأتمنى أن أرى فى السلطنة برلمانًا للأطفال، حتى نربى أجيالًا قادرة على تحمُّل المسؤولية.
قانون الطفل
وحول رؤيتها لقانون الطفل الذي عُرض على مجلس الدولة، تقول د. سعاد: فى البداية أشكر الجهود التى قامت بها وزارة التنمية الاجتماعية لوضع الأسس لهذا القانون، وأرى أن هذا القانون يُراعى بالفعل حقوق الطفل، ويُراعى المستجدات التى تطرأ على مجتمعنا، خاصة فى ظل الانفتاح العالمى الذى نعيشه، وكون العالم أصبح قرية صغيرة كما أن الإضافات التى تمَّت من قبل مجلس الشورى كانت ثرية جدًّا، وأعتقد أن تكاتف هذه الهيئات لوضع قانون الطفل، سيكون بمثابة عمل متكامل وسيكون فى خدمة الطفل بشكل كبير.
وترى أن مشروع القانون -الذى تم وضعه- يُراعى الكثير من القوانين والتشريعات الدولية الخاصة بالطفل، ومناسبٌ جدا بالنسبة للوقت الحاضر، ونحن فى حاجة ماسة لخروج هذا القانون إلى النور وتطبيقه فى أسرع وقت ممكن، نحن فى انتظار المرسوم السلطانى لتطبيقه والعمل به فى القريب العاجل إن شاء الله.
وتضيف د. سعاد أن لديها بعض الملاحظات على العقوبات فى القانون بالنسبة لاستخدام العنف مع الأطفال؛ حيث ترى أنها غير كافية، وكان لابد من تغليظها، حتى لا تتكرر مشاهد ضرب وحرق الأطفال بطرق وحشية.
ويعقِّب على كلامها الشيخ على القطيطى قائلا: إن مجلس الشورى راعى عند وضع مشروع القانون هذه العقوبات وقد تم الاستعانة بالقانونيين والمسؤولين فى هذه الجزئية، وكان هناك خلاف بين أمرين: هل العنف الممارس ضد الأطفال من أجل التربية والعقاب أم من أجل العنف والممارسات غير السوية؟ وكان لابد من التفريق بين الأمرين؛ فمن يُعاقب ابنه أو يقوم بتربيته وأصابه مثلا فى عينيه عن طريق الخطأ، فهل سيكون جزاء هذا الأب السجن 3 أو 5 أو 10 سنوات، هذا أمر غير مقبول؛ لذلك كان يجب التفريق بين العقاب والتربية وبين العنف المقصود ضد الأطفال.
التوصيات
وتوصي د. سعادة كل الجهات المعنية بأن تقوم بدورها في التوعية من أمراض الدم الوراثية؛ باعتبارها من أهم المشاكل التى تعانى منها السلطنة، فحسب الاحصاءات فإن 53% من الشعب العمانى يحملون مرضًا وراثيًا بالدم، خاصة الأنيميا الفولية لكنه غير مُصاب به، وهذا قد ينتج عنه أطفال مصابون بأمراض دم وراثية، وقد أكدت الدراسات الأخيرة أن 25% من الأطفال مصابون بأمراض الدم الوراثية. أما بالنسبة لمرض الثلاثيميا، فهناك 58% حاملين للمرض، و2.26% مصابون به فعلا، ومن هنا فإنها تطالب بإصدار قانون وتشريع يقضي بحتمية إجراء فحوصات ما قبل الزواج، ويجب أن يتكاتف الجميع من أجل محاربة أمراض الدم خاصة الأنيميا، ومن أهم الحقوق التى يجب أن يتمتع بها الطفل هى أن يولد دون أمراض؛ لذلك أطالب بحملة توعوية قوية أو قانون يقضي بألا يتم الزواج إلا بعض عمل الفحوصات الشاملة، وهناك دول كانت تعانى من هذه المشكلة مثل اليونان لكن بعد سن القوانين، والإلزام بعمل الفحوصات قبل الزواج استطاعت أن تقضى على مرض الثلاثيميا نهائيا.
ويوصي الشيخ على القطيطى بضرورة توزيع الخدمات بشكل عادل على كافة مناطق السلطنة، وأن يتم معاملة طفل القرية كطفل المدينة، مع الاهتمام بالنشء والأطفال الأذكياء والموهوبين منهم، والفحص المبكر لما له من أهمية كبيرة فى علاج الكثير من الأمراض التى تصيب الأطفال؛ وذلك من خلال إنشاء المراكز المتخصصة فى تلك المجالات.
وتوصي صباح البهلانية بضرورة تكاتف المجتمع من أجل حل مشكلة إعاقة الأطفال، وقالت: نحن فى حاجة إلى مراكز متخصصة فى مجال إعاقة الأطفال مع إعداد الكوادر والإخصائيين للعمل فى مجالات الإعاقة؛ فنحن لدينا نقص شديد فى العاملين المدربين للتعامل مع الأطفال المعاقين.
وتوصي بتول اللواتية بضرورة إعداد دراسة عن العنف والإساءة إلى الأطفال، مع ضرورة تدريب المتعاملين مع الأطفال الذين يتعرضون للعنف؛ من خلال تدريبهم على كيفية إعادة الطفل لكى يندمج فى المجتمع، وألا تكون الإساءة أو العنف الذى تعرض له، سببًا فى انعزاله عن المجتمع، كذلك لابد من وجود برامج تدريبة للأسر، لتثقيفها وتوعيتها بكيفية التعامل مع الأطفال فى المواقف المختلفة.
كما توصي صحيحة العزرية بضرورة وضع الدراسات فى مجال الطفولة، ووضع البرامج المهتمة بتوعية وتثقيق المجتمع والأسر بكيفية التعامل مع الأطفال وإعداد الأطفال وتربيتها بالشكل الصحيح، كما تطالب الجامعات بتأهيل الكوادر ووضع أقسام تخرج كوادر وخريجين قادرين على التعامل مع الأطفال.
وأخيرًا؛ توصي رحمة العامرية بضرورة نشر قانون الطفل على كل المستويات، والتعريف به فى كل مناطق السلطنة، حتى يكون هناك توعية حقيقية به وبالحقوق والواجبات التى يجب أن يتمتع بها كل طفل يعيش على أرض السلطنة، كما أوصت بضرورة غرس ثقافة العمل التطوعى فى عقول وكيان الطلاب، حتى يكون لدينا جيل قادر على العمل التطوعي.
أكثر...
أهمية سن تشريع يلزم المقبلين على الزواج بإجراء فحص إجباري لتفادي الأمراض الوراثية
53% من العمانيين يحملون أمراض الدم الوراثية
توزيع الخدمات على كافة الأطفال في مناطق السلطنة بشكل عادل
ضرورة إعداد كوادر وطنية متخصصة في مجال الإعاقة
واقع المجتمع العماني الفتيّ يستلزم توفير أكبر قدر من العناية بالأطفال
المتغيرات الدولية والانفتاح على العالم من دوافع التعجيل بقانون للطفل
قانون الطفل يعمل على حماية وصون حقوق النشء في مستقبل أفضل
توقيع السلطنة على الاتّفاقية الدولية لحقوق الطفل ينبع من الإيمان بحقوق النشء
السلطنة قطعت شوطًا كبيرًا في حقوق الطفل.. والطريق لا يزال طويلا
الجهود المبذولة لحماية الأطفال لم تصل لمستوى الطموح
"التنمية الاجتماعية" ماضية في وضع الإستراتيجية الوطنية للطفولة
"مشروع الإستراتيجية" يتضمن مشروعات جديدة تصب في صالح الطفل
برامج وورش عمل بمشاركة الأطفال للوقوف على الاحتياجات المطلوبة
بعض الأسر تعاني ظروفاً اجتماعية مريرة تنعكس سلبا على مستقبل الأطفال
الفقر.. العامل الأبرز في تدهور أوضاع الطفولة
الخلافات سوس ينخر في عظم الأسرة.. والطفل المتضرر الأكبر
دائرة الحماية الأسرية تتولى مسؤولية الدفاع عن الأطفال المعرضين للإساءة
الطفل المعاق لا يحصل على حقه كاملا.. ومعظم الأسر غير قادرة على تكلفة العلاج
النظرة المجتمعية للطفل المعاق تزيد الألم النفسي بداخله
الشعور بالحرمان أقصى ما يعانيه الطفل.. والمجتمع المدني مطالب بتحمل المسؤولية
مطلوب حد فاصل بين دور العاملة ودور الوالدين المسؤولين عن التنشئة
109 حضانات بالسلطنة.. وخطة لزيادة العدد ليتناسب مع أعداد الأطفال
الانضمام لأنشطة الجوَّالة والكشافة يكرِّس لثقافة العمل التطوعي في نفوس الناشئة
المدارس مطالبة بتوعية الأطفال بكيفية التعامل مع الآخرين أصحاء أو معاقين
لا توجد إحصائيات محدَّدة بعدد المعاقين فى السلطنة.. وحصر الإعاقة في "الجسدية" خطأ
أوصى المشاركون في ندوة الرؤية حول "حقوق الطفل" بإنشاء مركز متخصص لعلاج الأطفال المعاقين في شتى المحافظات، وطالبوا بتشديد العقوبات ضد مرتكبي أعمال العنف والإساءة للصغار.
وأجمعوا على ضرورة العمل من أجل المحافظة على حقوق الأطفال في السلطنة، باعتبارهم قادة المستقبل، مؤكدين أن واقع المجتمع العماني الفتيّ يستلزم توفير أكبر قدر من العناية للأطفال. وطالبوا بإضافة مادة "الثقافة الأسرية" في المناهج الدراسية بالصفوف العليا، والتوعية بخطورة الأمراض الوراثية.
وانتقد المشاركون طريقة التعامل غير الصحيحة من قبل المجتمع مع الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة، مشددين على ضرورة دمجهم في المجتمع، حتى يصبحوا أعضاءً فاعلين في الحياة من خلال اكتشاف مواهبهم وقدراتهم المختلفة.
وناشدوا الجهات المعنية بسن تشريع يلزم المقبلين على الزواج بإجراء فحص إجباري لتفادي الأمراض الوراثية، حيث إنّ 53 في المئة من العمانيين يحملون أمراض الدم الوراثية.
وقال المشاركون في الندوة إنّ توقيع السلطنة على الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل ينبع من الإيمان بحقوق النشء، مشيرين في الإطار ذاته إلى أنّ السلطنة قطعت شوطاً كبيراً في حقوق الطفل، على الرغم من أنّ الطريق لا يزال طويلاً. وأكدوا أنّ الجهود المبذولة في حماية الأطفال لم تصل لمستوى الطموح، معلقين الآمال على دور وزارة التنمية الاجتماعية في وضع الإستراتيجية الوطنية للطفولة، الذي من المتوقع أن يتضمن مشروعات جديدة تصب في صالح الطفل، بجانب التوسع في برامج وورش العمل بمشاركة الأطفال للوقوف على الاحتياجات المطلوبة لهم.
ويستهل حاتم الطائي رئيس تحرير جريدة الرؤية حديثه بالشكر والترحيب بالمشاركين في الندوة، فيقول: نشكركم ونرحب بكم للمشاركة معنا في ندوة حقوق الطفل، وهنا ينبغي الإشارة إلى أن نحو 60 في المئة من المجتمع العماني وربما نصف سكانه من الشباب الذين سيكونون قادة المستقبل، وهو الأمر الذي يدفعنا إلى إعطاء المزيد من الاهتمام والدعم للطفولة، وأن نؤهل الأجيال القادمة لقيادة البلاد نحو مرحلة أفضل، وأن نعمل على تجاوز التحديات التي تواجه هذا الجيل من الأطفال. ويوضح الطائي أنّ هذه التحديات منها ما هو تشريعي، وسيتم التغلب عليه من خلال إصدار قانون الطفل المرتقب، الذي يمر حالياً بمراحله النهائية. ويضيف أنّ هناك تحديات تواجه المجتمع بشكل عام، وبالتالي وجب علينا أن نقابل هذه التحديات بالكثير من الحوار، وأن نعرف ما هي المشاكل الموجودة حتى نكون في الوجهة الصحيحة.
مستقبل الطفولة
وينتقل الحديث بعد ذلك إلى سعادة الشيخ علي بن خلفان القطيطي رئيس اللجنة الصحية والبيئة بمجلس الشورى الذي عبر عن سعادته بهذه الندوة، فيقول: إنّ من الضروري تبادل الآراء بشأن مستقبل الطفولة في السلطنة.
ويضيف سعادته: واقع الحال في السلطنة يؤكد أن السلطنة دولة فتية، فكما تمت الإشارة سابقاً، فإنّ نحو 60% من المجتمع العماني فتيّ، وبالتالي ينبغي أن تنصب اهتمامات الدولة في هذا الجانب، وعليها أن تولي اهتماماً كبيراً بالنشء في السلطنة، من حيث مستوى التعليم والصحة من خلال مؤتمرات الرعاية الصحية وخدمات كثيرة واضحة، تقوم الدولة على تقديمها من خلال الرعاية الصحية للمرأة الحامل والأم المعيلة.
ويضيف: دورنا سواء في مجلس الدولة أو مجلس الشورى يتعلق بالجانب التشريعي والرقابي، لاسيما وأن القضية تتمتع بأهمية بالغة، فعلى مدار السنوات الماضية كان موضوع الطفل يحظى باهتمام كبير، وإنه بمجرد أن أحالت الحكومة مشروع قانون الطفل إلى مجلس الشورى، تم إيلاء الموضوع أهمية كبيرة، وحاولنا ألا يكون وجوده يشكل عقبة، ما دفعنا لتشكيل فريق خاص يعنى بهذا القانون، وتم تكليفي برئاسة الفريق المختص بمناقشة مشروع القانون والإعداد له، ولقد التقينا بالعديد من القيادات وأجرينا مناقشات مع كثير من المختصين سواء من جامعة السلطان قابوس أو وزارة الصحة أو وزارة التنمية الاجتماعية. ويزيد: مشروع القانون تمّت مناقشته في مجلس الدولة ونال العناية اللازمة، وأجرى المكرمون العديد من التعديلات التي تصب في مصلحة الطفل، وفي مجلس الشورى طرحنا العديد من المواد من الناحية الصحية والتعليمية. ويتابع قائلاً: من خلال متابعتنا فإنّ مجلس الدولة أضاف تعديلات على المشروع ولم يشطب أي مادة منه، مما يعكس الحرص على مصلحة الأطفال باعتبارهم قيادات المستقبل، وإذا لم ينالوا حظوظهم كاملة وإن لم يتم إعدادهم الإعداد الجيّد من ناحية التعليم والصحة، فستكون النتائج سلبية، ويؤثر ذلك على قوة المجتمع ونجاحه، ما يستلزم أن نولي هذه القضية عناية كبيرة، وأن نضع في عين الاعتبار المتغيرات التي تحدث من حولنا في المجتمع والعالم الخارجي.
اهتمام متزايد
وتؤكد الدكتورة المكرمة سعاد محمد علي سليمان عضو مجلس الدولة أن السلطنة تولي اهتمامًا كبيرًا بالطفل منذ فترة طويلة، وعلى مدى عهد النهضة والاهتمام آخذ في التزايد، سواء من حيث الاهتمام بجودة التعليم والرعاية الصحية، أو العناية بمختلف المجالات الصحية والتربوية والتعليمية والاجتماعية. وتقول إنّ هذه العناية تقدم بشكل كبير وواسع وتشمل في مظلتها كافة الفئات العمرية. وتضيف المكرمة أنّه في ظل التطورات الحديثة التي يشهدها العالم تتعاظم الحاجة لقانون الطفل، حيث بات وجوده ضرورة ملحة في الوقت الحاضر، نظرًا للتغيرات العصرية الحديثة التي يمر بها العالم، نتيجة للثورة التكنولوجية، ونحن نشهد في الوقت الحالي انفتاح عمان على كافة الحضارات والدول المجاورة والبعيدة، كما بات العالم قرية صغيرة، ولذلك فإنّه من الضروري والواجب صياغة قانون يحمي الطفل ويضمن له الحقوق.
وتشير صحيحة مبارك العزرية مديرة دائرة شؤون الطفل بوزارة التنمية الاجتماعية إلى أهمية الندوة وما ستؤول إليه من توصيات تخدم بالدرجة الأولى مصلحة الطفل العماني. وتقول: إذا تحدثنا عن التحديات التي تواجهها الطفولة في السلطنة، فبصفتي مديرة لشؤون الطفل أشعر أنّ قطاع الطفولة حقق الكثير من المكاسب تشمل المجالات الاجتماعية والتربوية وغيرها، لكن في الوقت الحالي نجد أن احتياجات الطفولة آخذة في الزيادة، وفي الوقت ذاته هناك تزايد في عدد الأطفال والمؤسسات التي تخدم هذا القطاع، وبالتالي كان لابد أن تقوم وزارة التنمية الاجتماعية وشركاؤها- سواء كانت وزارة التربية والتعليم ووزارة الصحة أو الجهات المعنية بهذا القطاع- بجهود لتعزيز الخدمات في هذا القطاع.
وتضيف: البرامج التي تنفذها وزارة التنمية الاجتماعية في هذا القطاع مع شركائها، تحقق احتياجات الطفل في المقام الأول، وفيما يتعلق بقانون الطفل، فإنّه حتى الآن لم يصدر، نظراً لما يتطلبه المشروع من دراسة عميقة ونقاشات مستفيضة، فضلاً عن مراحل المراجعة النهائية، التي قطعت شوطاً كبيرًا، لكن الأهم أن يخرج القانون بنتائج جيدة تحقق للطفل احتياجاته.
اتّفاقية حقوق الطفل
وبالحديث عن الاتّفاقية الدولية لحقوق الطفل، تقول العزرية إنّ السلطنة وقعت على هذه الاتفاقية منذ عام 1996 وهنالك لجنة مشكلة من وزارة التنمية الاجتماعية برئاسة وكيل الوزارة وأعضاء من الجهات الحكومية والقطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المدني لمتابعة اتفاقية حقوق الطفل، وتعمل اللجنة على وضع الخطط والبرامج مع شركائها لخدمة هذا القطاع.
وتتابع: نفذنا العديد من البرامج لصالح هذا القطاع، ومن خلال التقارير التي تودع للجنة العالمية لحقوق الطفل منذ التقرير الأول الذي رفع في عام 1999، فقد اشتملت البرامج على العديد من الإنجازات، لكن لا نستطيع القول إننا حققنا كل ما نريد، رغم الجهود المبذولة واستمرار العمل في هذا الجانب.
ومضت تقول: تتوالى التقارير حول إنجازات السلطنة في إطار هذه الاتفاقية، والسلطنة الآن على وشك الانتهاء من التقرير الثالث والرابع في إطار إنجازاتها لما تتضمنه هذه الاتفاقيات، وهناك برامج متنوعة تحققت فضلاً عن برامج أخرى حول كيفية التعامل مع الأطفال. وتوضح أن من أهم البرامج، قيام وزارة التنمية الاجتماعية بتوعية وتثقيف العاملين في مجال الطفولة سواء كانوا قانونيين أو إعلاميين لزيادة التوعية.
وتشير إلى أن السلطنة وقعت بروتوكولين في عام 2004 خاصين بالأطفال، وعدم إشراك الأطفال في النزاعات المسلحة، إلى جانب كثير من البرامج سواء كانت مؤتمرات أو لقاءات أو ندوات، وفي آخر مؤتمر عقد بحضور السلطنة كان الأول من نوعه في مجال الطفولة على المستوى الوطني، وشكلت موضوعاته أهمية للجهات المعنية، وجرت مناقشة التقرير الثالث والرابع من اتّفاقية حقوق الطفل، وتم استعراض قانون الطفل الجاري إعداده، بالإضافة إلى موضوع آخر خاص بالإستراتيجية الوطنية للطفولة.
وتوضح العزرية أن هناك جهودًا مكثفة تبذلها الوزارة لإعداد مشروع الإستراتيجية الوطنية للطفولة، التي ستتضمن مشاريع جديدة، تشكل اهتمام وزارة التنمية الاجتماعية في الوقت الحالي، فضلاً عن البرامج التأهيلية والتدريبية.
وتضيف: انتهينا مؤخرًا من دورة تدريبية حول تأهيل المدربين في مجال اتفاقية حقوق الطفل، وهناك حرص من الوزارة على أن تكون التوعية باتفاقية الطفل على أيدي نخبة مثقفة، قادرة على توصيل كافة المعلومات لمختلف شرائح المجتمع، سواء كانت من مؤسسات المجتمع المدني أو من الأطفال أنفسهم.
وتستطرد: في الوقت الحالي يتم عقد ورش عمل في إطار تنفيذ الإستراتيجية الوطنية، بهدف تغطية كافة الجوانب المتعلقة بها، وعلينا أن نشير هنا إلى أن من أهم الجوانب تركيز وزارة التنمية الاجتماعية عند تنفيذ البرامج على ألا يتم التخطيط لها وتنفيذها من قبل العاملين فقط، بل لابد من استهداف فئة الأطفال أنفسهم. وتتابع إنّه التقرير الثالث والرابع، عرضا في مؤتمر طفولي وتمّ عقد ورش عمل للأطفال على أساس معرفة آرائهم بالنسبة لهذه الإستراتيجية، وحالياً يتم تنفيذ ورش عمل للأطفال في محافظات الداخلية والشرقية ومحافظة الظاهرة، ومحافظة ظفار، وسيتم استهداف الأطفال ومتخذي القرار من كافة الجهات التي تخدم التقارير التي تعد عن الوضع الراهن لإنجازات الطفولة في هذا الجانب.
تحدّيات وصعوبات
وحول أهم التحديات التي يواجهها الطفل في سلطنة عمان، تقول رحمة بنت ناصر العامرية مديرة جمعية دار العطاء: من خلال الزيارات الميدانية للأسر تلاحظ أن عددًا من الفئات يهتمون بالتعليم ويعلقون آمالهم على أنّ هذا الطفل سيتحمل المسؤولية، في ظل الظروف الأسرية الصعبة التي تعاني منها بعض الأسر، سواء كان ذلك نتيجة لهجران الأب أو أن الأم مطلقة، حيث تشعر الأم في مثل هذه الحالات بأهمية تعليم الأولاد، فيما أن أوضاع أسر أخرى تختلف بشكل جذري، فلا تجد اهتماماً من الأسرة بمسألة التعليم، ويبدو الأمر وكأنه شيئاً ثانويًا، وهناك أولاد متسيبون عن المدارس، ولا يذهبون إليها بشكل دائم بحجة أنه ليس لديهم مصروف والمطالبات المدرسية كثيرة، على الرغم من أن إدارات المدارس تتعاون وتتساهل مع هذه الأسر، وجمعية دار العطاء من جانبها تقدم لهم الدعم من خلال تزويدهم بالحقائب المدرسية والوجبات اليومية التي يحتاجها الطفل، بالإضافة إلى أي احتياجات أخرى بالتنسيق مع المدارس. وتشدد العامرية على أن الفقر يلعب دورًا كبيرًا في تحمل المسؤولية، وفي كثير من الأحيان كذلك يكون دور الحكومة هو الأضعف.
وبالانتقال للحديث عن دور الخلافات الأسرية وتأثيرها على الأطفال، تقول بتول بنت محمد اللواتية مدير دائرة الإرشاد والاستشارات الأسرية بوزارة التنمية الاجتماعية، إنّ الأسرة هي أساس المجتمع، وبصلاحها يصلح المجتمع، وبفسادها يفسد المجتمع، والخلافات الأسرية عبارة عن اضطراب سلوكي بين الزوجين، لا يؤثر عليهما فقط، بل يؤثر على أبنائهما بالدرجة الأولى. وتضيف اللواتية أن الأطفال هم أضعف الحلقات في الأسرة، حيث يعانون أكثر من الوالدين في حال نشوب هذه الخلافات، الأمر الذي يؤثر بالسلب على المستوى التعليمي الذي قد يكون متدنياً في الأساس، وقد يتصاعد الأمر ويصل إلى العنف الأسري.
وتشير اللواتية إلى أن الوزارة تولي اهتماماً كبيرًا بالأطفال باعتبارهم أجيال المستقبل، وقبل إنشاء دائرة الحماية الأسرية، قامت الوزارة في عام 2009 بتشكيل فرق عمل لدراسة ومتابعة ومراقبة الأطفال المعرضين للإساءة، وهي عبارة عن 8 فرق موزعة على جميع محافظات السلطنة، وكل رئيس فريق هو مدير عام للتنمية الاجتماعية، وأعضاء الفرق يتألفون من خمس جهات حكومية؛ وهي وزارة التنمية الاجتماعية وزارة التربية وزارة الصحة والادعاء العام وشرطة عمان السلطانية. وتوضح اللواتية أن هذه الفرق تجتمع بصورة دورية كل ثلاثة أشهر لمناقشة حالات الأطفال المعرضين للإساءة، وهذه الفرق موجودة في مناطق مختلفة، وتصدر الفرق تقارير يتم رفعها إلى الوزارة مباشرة، وبعد ذلك ونظرًا لعدم وجود مركزية لهذه الفرق جاءت الفكرة لإنشاء دائرة الحماية المركزية وصدر فيها القرار لعام 2013، لتكون مركزية لجميع فرق الإساءة، وإدارة الدائرة تتعامل مع كل فئات المجتمع، وفي مقدمتها فئة الأطفال المعرضين للإساءة، والفئة الثانية حالات الإتجار بالبشر والفئة الثالثة، حالات النساء العضُل الممنوعات من الزواج من قبل ولي الأمر، والدائرة تكون في خدمة الثلاث فئات المذكورة.
آثار نفسية
وحول الآثار النفسية للتنشئة على بناء الشخصية السوية، تشير صباح بنت محمد البهلانية الرئيسة التنفيذية لجمعية التدخل المبكر، إلى أنه بمجرد أن يكتشف الأم والأب أن لديهما طفل معاق، يتحول الأمر إلى مشكلة بين الطرفين، حيث ربما تولي الأم اهتماماً أكبر بالطفل المعاق على حساب إخوته الآخرين، وهذا يؤثر على الأسرة من الناحية الاجتماعية والاقتصادية، وهنالك كثيرون يتساءلون عن أسباب عدم إرسال الأسرة التي لديها طفل معاق طفلها إلى الروضة أو المدرسة، وهم لا يمتلكون أدنى فكرة عن تكلفة العناية بالطفل المعاق، حيث يحتاج إلى عناية وتغذية معينة، وهنالك كثير من الأسر الفقيرة ليست لديها المقدرة على العناية بطفلها المعاق، نظرًا لما يحتاجه من تغذية وأجهزة متخصصة وفي الغالب لا تكون متوفرة، ما يتسبب في زيادة إعاقة الطفل.
وتضيف: نحن في جمعية التدخل المبكر نهدف في الأساس إلى مساعدة هذه الأسر لانتشالها من هذه البيئة، وذلك من خلال توفير الإمكانيات بالتعاون مع وزارة التنمية الاجتماعية، حيث إنّ الجمعية لا تمتلك الإمكانيات لتوفير الأجهزة، ولكن تعمل الجمعية على تقييم الطفل ونسعى لتوفير العلاج وما سيحتاجه من أمور أخرى، ونساعد الأسرة في مخاطبة وزارة التنمية الاجتماعية، وفي بعض الأحيان تتم مساعدة هذه الأسر نتيجة لفقرها المدقع، في حين أنّ هناك أسر لديها المقدرة المادية، ولكن بسبب هذا الطفل تدنى مستواها المعيشي، إزاء ما ينفقونه من أموال طائلة للعناية به.
وتوضح أنّ تكلفة علاج الطفل المعاق تؤثر على الدخل المادي للأسرة، فالأسر التي ترسل ابنها للعلاج من الإعاقة في النطق، تحتاج 20 ريالاً لكل جلسة تستغرق ساعة، فضلاً عن الأمور الأخرى، مثل احتياجه للعلاج الطبيعي أو النظارات أو السماعات، وهناك سماعات للأطفال تصل تكلفتها 700 ريال، ويمكن أن تتعرض للكسر خلال شهر، وبعض الأسر ليست لديها المقدرة على شراء أخرى. وتزيد أن جهود وزارة التنمية الاجتماعية تنصب على الأسر ذات المستوى المعيشي المتدني، من خلال الضمان الاجتماعي، لكن هناك أسراً تحقق دخلاً كبيراً لكن عبء الطفل المعاق يستنزف الكثير من هذا الدخل، والأطفال كلما كبروا كلما زادت احتيجاتهم واستهلاكهم، وكل هذه النفقات تضغط على الأسرة وتُشعر بعض الأطفال في الأسرة بالحرمان، نظرًا لأن الأب والأم مشغولان بهذا الطفل المعاق، الذي يحتاج في الواقع إلى الاهتمام خلال ساعات اليوم المختلفة، وهذه الأسر تعاني من المشاكل الاجتماعية والاقتصادية والنفسية الكبيرة، ودور الجمعية هنا ينصب في التنسيق مع المستشفيات ومؤسسات القطاع الخاص من جانب، وبين وزارة التنمية الاجتماعية من جانب آخر لحل بعض المشاكل.
أوضاع المعاقين
ويتداخل الشيخ علي بن خلفان القطيطي رئيس اللجنة الصحية والبيئة بمجلس الشورى، فيقول إن المجلس وضع دراسة حول أوضاع المعاقين ووضع جميع الأطفال المعاقين في السلطنة، ومن خلال الدراسة تم عرض المشكلة من جميع النواحي، وتبين أن النواحي الاقتصادية في مسقط أفضل من أوضاع أسر الأطفال الموجودين في المحافظات الأخرى؛ حيث إنّ الوضع الاقتصادي هناك أقل، وهذا أمر طبيعي، ويحدث في كافة دول العالم.
ويدعو القطيطي الجمعيات الخيرية والجهات المختصة لتكثيف أعمالها خارج مسقط، والعمل على دعم الخدمات المقدمة للأسر المحتاجة ومتابعتها. ويضيف أن الأوضاع تبدلت في الوقت الحالي، حيث إنّ الأم أصبحت تعمل ولا تمتلك وقتاً للعناية بالأطفال، وبتن يعتمدن على الخادمة باعتبار أن قضية العمل أصبحت أهم من الطفل، والمرأة حتى وإن كان وضعها المادي جيد فإنّها تبحث عن العمل. ويزيد القطيطي إنّه من الضروري إحداث نوع من التوازن، وعلى المرأة العاملة أن تتفقد أحوال المنزل حينما تعود إلى منزلها، وألا تعتمد بشكل رئيسي على الخادمة أو المربية، فغياب المتابعة اللصيقة يتسبب في مشكلات كبيرة.
ويؤكد القطيطي أنّ الدولة تتحمل مسؤوليات تجاه الأسرة والمجتمع، وإيصال الخدمات لكافة الفئات في مختلف المواقع والمناطق بالسلطنة، يتصدر هذه المسؤوليات، فوزارة الصحة لابد أن تحصن كل طفل سواء كان موجوداً في مسقط أو خارجها، وأن يكون هذا عن طريق متابعته حتى في منزله، كما أن هذه الخدمات يجب أن تقدم للمواطن وتصل إليه، وألا تنتظر المواطنين حتى يبحثوا عنها.
وتتداخل صحيحة مبارك العزرية مديرة دائرة شؤون الطفل بوزارة التنمية الاجتماعية، متحدثة عن معاناة المرأة العاملة، فتقول إنّ هناك بدائل أخرى للخادمة أو المربية، مثل دور الحضانات، التي تنتشر في كل محافظات السلطنة إلى جانب رياض الأطفال التابعة لوزارة التربية والتعليم، وهي بديل لحل مشكلة وجود الطفل مع الخادمة في المنزل.
حد فاصل
وتلتقط المكرَّمة دكتورة سعاد محمد على سليمان عضو مجلس الدولة، أطراف الحديث.. مؤكدة أن الاهتمام بتنشئة الطفل يختلف من أسرة لأخرى، مع الأخذ في الاعتبار بالثورة التكنولوجية والرقمية التي تمتد آثارها لهؤلاء الأطفال الصغار أيضا. وتطالب بوجود حدٍّ فاصلٍ بين دور العاملة في المنزل وبين دور الأم والأب المسؤولين بالأساس عن التربية والتنشئة.. وهنا أؤكد على أن دور الأب لا يقل أهمية عن دور الأم؛ فلكل منهما دور في التنشئة، وبتكامل الأدوار نصل إلى النتيجة المرجوَّة.
وتطالب بأن يتم إضافة مادة تحت مسمى "الثقافة الأسرية" للمنهاج الدراسي في الصفوف العليا؛ من أجل غرس قيم التربية وطرق التنشئة في نفوس أبنائنا، وهو ما يعود بالنفع عليهم مستقبلًا، فكم من أب وأم لديهما من المؤهلات العلمية الكثير، لكنهما لا يُجيدان فن تربية وتنشئة أطفلهما؛ فهو علم له قواعده وأسسه التي تتغيَّر من مرحلة سنية لأخرى. وترى أن ذهاب الطفل للحضانة أفضل بكثير من وجوده مع الخادمة في المنزل؛ ففي الحضانة يتعلم التفاعل مع الآخرين، وتنمو قدراته بشكل كبير، وتتكشف مواهبه، لكن شريطة أن تعمل هذه الحضانات وفق أسس علمية، وإلا كانت النتائج عكسيَّة وتسبَّبت في أضرار نفسية للطفل في مراحل مبكرة من نموه.
عدد قليل
وتتداخل الأستاذة صحيحة؛ متحدثة عن دور الحضانة الموجودة حاليًا؛ قائلة: لدينا فى السلطنة 3 أنواع من الحضانات؛ هي: الحضانة الخاصة، والحضانة الدولية، وأخيرًا الحضانات الخاصة بالجاليات، ورغم وجود هذه الأنواع من الحضانات، إلا أنها في مجملها لم تصل إلى الحد المطلوب من الكفاءة والمقدِرَة على تأهيل الطفل فى السلطنة، وهناك جهود من الوزارة للارتقاء بهذه الدور؛ فمنذ العام 2010 وضعنا خطة تربوية لتطوير دور الحضانة تطبقها هذه الدُّور، لتربية الأطفال بشكل علمى واجتماعى سليم، وتم إعداد هذه الخطة بالتعاون مع منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف)، وكان هناك تقييم عام لكل دور الحضانة مثل المباني والمربين والمدرسين، ونقوم بعقد دورات تدريبية منتظمة لإعداد الكوادر للعمل فى دور الحضانة، وكيفية التعامل مع الأطفال بشكل عام، وسنقوم خلال العام 2013 بتنظيم 5 دورات لتأهيل المشرفات العاملات في هذه الدور.
وتتابع: نقوم من فترة إلى أخرى بحملات رقابية، وزيارات لهذه الدُّور للاطمئنان على سير العمل، والتأكد من تنفيذ التوصيات والإرشادات التى تقرها الوزارة، ومدى التزامهم بالقوانين والأسس التى وضعتها.. ونحاول قدر الإمكان أن نوجه هذه الدور إلى الطريق الصحيح الذى يجب أن تكون عليه، ونأمل إن شاء الله قريباً أن تكون هذه الدور قادرة على تأهيل وتعليم وتدريب الطفل؛ بناءً على الأسس والشروط التى تم وضعها مسبقًا.
وتضيف: لدينا فى مسقط حوالى 60 حضانة، و49 أخرى موزعة على بقية مناطق السلطنة ليصل إجمالى الحضانات إلى 109 حضانات، وهو عدد قليل جدًا بالنسبة لعدد الأطفال بالسلطنة، لكننا نحاول زيادة هذا العدد خلال الفترة المقبلة؛ من خلال الطلبات الكثيرة المقدَّمة إلينا بافتتاح دور حضانة جديدة.
دور التطوع
ومن جهتها، تقول رحمة العامرية عن دور التطوع فى عملية رعاية الأطفال بالسلطنة: للتطوع دورٌ مهمٌّ فى عملية العناية بالطفل، لكننا فى الوقت ذاته نواجه مشكلة كبيرة وهي أن التطوع موجود أكثر على الورق، وغير ملموس فى الشارع. وبشكل عام، فإن التطوع له دور كبير فى مجالات الطفولة والتوعية، ويمكنك أن تلمس ذلك أكثر فى الدول المتقدمة، ونفتقده كثيرًا فى بلادنا العربية، كما أننا نجد أن المتطوعين داخل السلطنة هم أجانب من جنسيات مختلفة، وهذا لأنهم تربوا منذ الصغر على ثقافة التطوع، وبالتالي ينشأ ويتعوَّد الطفل على هذه الثقافة، وتصبح جزءًا من شخصيته، أما أطفالنا فى السلطنة فلا يجدون من يعلمهم هذه الثقافة ويكرِّسها فيهم.
وتضيف: وخير دليل على ما سبق هو أن الأشخاص الذين ينضمون لأنشطة الجوالة والكشافة، نجدهم ذوي شخصيات مختلفة عن أقرانهم، فقد تربوا على ثقافة التطوع وخدمة ومساعدة الآخرين.
وتتداخل بتول اللواتية متحدثة عن مواجهة العنف المنزلي الذي قد يتعرض له الأطفال؛ قائلة: مع بداية عام 2010 دشنا حملات توعية بعنوان "من أجل أسرة متماسكة"، وكان الهدف منها هو تعريف الشباب بالحياة الزوجية وكيفية التعامل مع المشاكل الحياتية، إضافة إلى كيفية التعامل مع الأطفال، وبدأنا بتنفيذ هذه الحملات بالكلية التقنية بمسقط، ووجدنا إقبالا كبيرا عليها من الشباب.. وفى العام 2011، قمنا بتنفيذها بجامعة نزوى، ونحن نجهِّز لحملات لنشر الوعي بفكرة "الإرشاد الزواجى"، وقد طالبنا الجهات المعنية بترشيح إخصائيين للعمل فى هذا المجال من أجل التوعية الأسرية لخلق أسر متماسكة، وسنقوم فى شهر مايو المقبل بعمل حملات توعية أسرية فى كافة مناطق السلطنة.
وتضيف: أما بخصوص العنف ضد الأطفال؛ فبالفعل هناك حالات موجودة فى مجتمعنا؛ مثل: الحرق، والكسر، والضرب المبرح، ونحن نتواصل مع المدارس لكشف هذه الحالات، وفى مسقط نتواصل بشكل فعَّال مع المدارس من خلال الإخصائيين لمعالجة وحل مشاكل العنف ضد الأطفال؛ من خلال التواصل مع الوالد أو الوالدة، الذين يقومون بضرب أبنائهم ومهمتنا أننا نتواصل مع أولياء الأمور، وبحث الأسباب التى جعلتهم يتعاملون بالعنف مع أطفالهم ومن ثم توجيههم إلى الطرق الصحيحة فى التربية والتعامل مع الأطفال.
ويتقل الحديث إلى صباح البهلانية؛ لإيضاح الخدمات التي يتم تقديمها للأطفال المعاقين؛ سواءً من الهيئات المعنية أو من الأسرة، وتقول: نحن لدينا مشكلة كبيرة فى التعامل مع الأطفال بشكل عام؛ فالأم أو الأسرة لا تعرف ما هى الطريقة الصحيحة للتعامل مع الطفل؛ سواءً كان فى عمر 6 شهور أو سنة أو اثنتين، حتى الطفل البالغ من العمر 6 سنوات هناك أسر كثيرة لا تعرف كيف يتم التعامل مع هذا الطفل، والأكثر من ذلك أنهم قد يعاملونه كالطفل صاحب الـ6 شهور.
وتتابع: دائمًا ما يأتى العنف بسبب أن الأسرة تجهل التعامل مع الطفل وفق مراحله العمرية؛ ومن هنا يأتى دور الهيئات والوزارات المختصة فى توعية الأسرة، بكيفية التعامل مع الأطفال بطريقة علمية سليمة، ومن خلال الحالات التى نتعرض لها، نجد أن هناك بعض المفاهيم الخاطئة التى تمارسها الأسرة مع الأطفال فمثلا عند تنفيذهم لحديث الرسول صلى الله عليه وسلم: "علِّموا أولادكم الصلاة لسبع وأضربوهم عليها لعشر"، فهم ينفذون الحديث بطريقة خاطئة؛ حيث يضربون الطفل دون أن ينفذوا الجزء الأول من الحديث وهو التعليم والإرشاد؛ فالتعليم والتربية هما الأساس فى التعامل مع الأطفال؛ وبالتالي نجد أن كثيرًا من الأسر تنفذ هذه السياسات الخاطئة مع أطفالها.
الانفتاح المعلوماتي
وتمصي تقول: وفى الوقت الحاضر، ومع الانفتاح، ومع جيل الإنترنت أصبحت لدينا المعلومات الحاضرة فى أى وقت؛ فالوالد مثلا أو الوالدة يستطيع فى أى وقت أن يحصل على المعلومة التى تعينه على تربية الأطفال من خلال الإنترنت، لكنه يجب أن يستقي المعلومة من جهات مسؤولة متخصصة فى مجال تربية الأطفال.
أما بالنسبة للأطفال المعاقين، فتقول صباح: إن مشكلتهم كبيرة جدًا؛ ليست فقط فى المنزل، ولكن أيضا فى المدرسة؛ فالطفل المعاق لا يجد التعامل الصحيح سواء فى البيت أو المدرسة، ولأنه بكل بساطة لا يستطيع أن يعبِّر عن نفسه فلا يجد من يعامله بالطريقة التى تساعده على التأقلم والتعايش مع المجتمع، لكنه يجد دائمًا تعاملًا يجعله يعيش فى حالة إحباط كبيرة، وهدفنا من خلال المركز أن نعلم الطفل المعاق كل الأشياء حتى يستطيع التعامل مع من حوله فى كل الظروف.. والمهم فى هذا الأمر ألا يقتصر هذا التعامل على المراكز التى تعتني بالمعاقين، إذ لابد أن يصل هذا الأسلوب للأسرة التى لديها أطفال معاقون، ولا يستطيعون أن يرسلوا أبناءهم إلى هذه المراكز.
وتوضح: ولأن جمعيتنا هى جمعية خيرية، فنحن لا نستطيع أن نتواصل مع كل الأطفال المعاقين خارج المركز، لذلك فإن التكاتف الاجتماعى الكامل من خلال الأسرة والمؤسسات الحكومية والمراكز الخيرية، هو السبيل الوحيد لحل مشاكل الأطفال المعاقين فى السلطنة، وأهم حلقة فى هذا التكاتف هي التوعية، وتغيير المفاهيم، والسلوك الخاطئ. أما المدارس، فعليها دور فى توعية الأطفال بشكل كبير بكيفية التعامل مع الأخرين؛ سواءً كانوا أصحاء أو معاقين؛ لأن هذا سيُؤثر فى تركيبتهم الشخصية، وسيجعلهم أكثر قدرة على التعامل مع كل النماذج التى تعيش فى المجتمع.
وتستطرد: إننا -وبشكل عام- لدينا مشكلة كبيرة تتمثل فى أننا ليس لدينا إحصائيات محددة بعدد المعاقين فى السلطنة، وهي مشكلة وطنية، ويجب أن تحظى برعاية حكومية، ورغم أنه تم فى العام 1993 والعام 2010 عمل إحصاء للمعاقين، إلا أن التركيز كان على أصحاب الإعاقات الجسدية فقط، وهذا الإحصاء غير مكتمل، ويفتقد لعدد كبير من أصحاب الإعاقات الذهنية والنفسية والوراثية؛ فلم يتكلم عنهم أحد، ولا نعرف أعدادهم بالضبط. وعند معرفة عددهم الحقيقي، نستطيع أن نوحِّد جهودنا ونتكاتف جميعًا من أجل حل هذه المشكلة الكبيرة التى نواجهها فى بلادنا.
وتتداخل بتول لتقول: فى الجمعية نعتنى بالطفل من العام الأول حتى 6 سنوات، ولدينا فى مسقط فقط حوالى 188 طفلاً نرعاهم فى البيوت، ولدينا 90 طفلا فى المركز. والحمد لله، تم مؤخرًا افتتاح أكثر من مركز فى مسقط لرعاية الأطفال المعاقين، لكن معظم هذه المراكز هى مراكز خاصة، تكلفتها عالية ماديًا لكنها فى نفس الوقت تقدم خدمة متمزة للأطفال المعاقين.
البيانات المفقودة
ويعلِّق الشيخ علي القطيطى على مشكلة عدم توفر بيانات أو إحصائيات لذوى الاحتياجات الخاصة والمعاقين فى السلطنة؛ بقوله: إن هذه الإحصائيات والقاعدة البيانات هى مشكلة الدولة بشكل أساسى؛ فالحكومة يجب عليها أن تقوم بهذا الإحصاء بشكل سريع ودقيق، حتى تتمكن الجهات المعنية من حل مشاكل المعاقين. وقد قام مركز الإحصاء بالفعل بإحصاء للمعاقين، لكن المشكلة كانت فى توصيف الإعاقة.. وهذا ما طالبنا به، وتم الاعتداد به، وستخرج إن شاء الله قريباً، إحصاءات تبيِّن عدد المعاقين وتوصيف لحالات الإعاقة التى لديهم.
ويضيف: أن عدم وجود مركز وطنى للتعامل مع الأطفال المعاقين، ساعد على زيادة نسبتهم فى السلطنة؛ نظرا لتأخر التدخل العلاجى، ولذلك -وتطبيقا لمفهوم "الوقاية خير من العلاج"- فلابد من وجود المراكز الصحية الحكومية التى تعمل على علاج مشكلة الإعاقة والحد منها مستقبلا، لذلك أطالب بإنشاء مركز وطنى لعلاج الاعاقة، إضافة إلى إعداد الكوادر والإخصائيين للتعامل بشكل علمى فى هذا المجال.
ويزيد: هناك نقطة أخرى، أود أن ألقي الضوء عليها وهى كيفية التعامل مع الأطفال الأذكياء، الذين لا يجيدون من ينمى مواهبهم، ويرتقي بذكائهم ليكون فى خدمة الطفل نفسه وفى خدمة المجتمع؛ فنحن قادرون على أن نخرج للمجتمع قيادات وعلماء ونابغين، يستطيعون أن يرفعوا من شأن السلطنة، لكننا نفتقد لهذه النوعية من المراكز؛ سواء كانت حكومية أو خاصة؛ فرعاية الموهوبين والأذكياء، لا تقل أهمية عن رعاية أصحاب الإعاقة، وأتمنى أن أرى فى السلطنة برلمانًا للأطفال، حتى نربى أجيالًا قادرة على تحمُّل المسؤولية.
قانون الطفل
وحول رؤيتها لقانون الطفل الذي عُرض على مجلس الدولة، تقول د. سعاد: فى البداية أشكر الجهود التى قامت بها وزارة التنمية الاجتماعية لوضع الأسس لهذا القانون، وأرى أن هذا القانون يُراعى بالفعل حقوق الطفل، ويُراعى المستجدات التى تطرأ على مجتمعنا، خاصة فى ظل الانفتاح العالمى الذى نعيشه، وكون العالم أصبح قرية صغيرة كما أن الإضافات التى تمَّت من قبل مجلس الشورى كانت ثرية جدًّا، وأعتقد أن تكاتف هذه الهيئات لوضع قانون الطفل، سيكون بمثابة عمل متكامل وسيكون فى خدمة الطفل بشكل كبير.
وترى أن مشروع القانون -الذى تم وضعه- يُراعى الكثير من القوانين والتشريعات الدولية الخاصة بالطفل، ومناسبٌ جدا بالنسبة للوقت الحاضر، ونحن فى حاجة ماسة لخروج هذا القانون إلى النور وتطبيقه فى أسرع وقت ممكن، نحن فى انتظار المرسوم السلطانى لتطبيقه والعمل به فى القريب العاجل إن شاء الله.
وتضيف د. سعاد أن لديها بعض الملاحظات على العقوبات فى القانون بالنسبة لاستخدام العنف مع الأطفال؛ حيث ترى أنها غير كافية، وكان لابد من تغليظها، حتى لا تتكرر مشاهد ضرب وحرق الأطفال بطرق وحشية.
ويعقِّب على كلامها الشيخ على القطيطى قائلا: إن مجلس الشورى راعى عند وضع مشروع القانون هذه العقوبات وقد تم الاستعانة بالقانونيين والمسؤولين فى هذه الجزئية، وكان هناك خلاف بين أمرين: هل العنف الممارس ضد الأطفال من أجل التربية والعقاب أم من أجل العنف والممارسات غير السوية؟ وكان لابد من التفريق بين الأمرين؛ فمن يُعاقب ابنه أو يقوم بتربيته وأصابه مثلا فى عينيه عن طريق الخطأ، فهل سيكون جزاء هذا الأب السجن 3 أو 5 أو 10 سنوات، هذا أمر غير مقبول؛ لذلك كان يجب التفريق بين العقاب والتربية وبين العنف المقصود ضد الأطفال.
التوصيات
وتوصي د. سعادة كل الجهات المعنية بأن تقوم بدورها في التوعية من أمراض الدم الوراثية؛ باعتبارها من أهم المشاكل التى تعانى منها السلطنة، فحسب الاحصاءات فإن 53% من الشعب العمانى يحملون مرضًا وراثيًا بالدم، خاصة الأنيميا الفولية لكنه غير مُصاب به، وهذا قد ينتج عنه أطفال مصابون بأمراض دم وراثية، وقد أكدت الدراسات الأخيرة أن 25% من الأطفال مصابون بأمراض الدم الوراثية. أما بالنسبة لمرض الثلاثيميا، فهناك 58% حاملين للمرض، و2.26% مصابون به فعلا، ومن هنا فإنها تطالب بإصدار قانون وتشريع يقضي بحتمية إجراء فحوصات ما قبل الزواج، ويجب أن يتكاتف الجميع من أجل محاربة أمراض الدم خاصة الأنيميا، ومن أهم الحقوق التى يجب أن يتمتع بها الطفل هى أن يولد دون أمراض؛ لذلك أطالب بحملة توعوية قوية أو قانون يقضي بألا يتم الزواج إلا بعض عمل الفحوصات الشاملة، وهناك دول كانت تعانى من هذه المشكلة مثل اليونان لكن بعد سن القوانين، والإلزام بعمل الفحوصات قبل الزواج استطاعت أن تقضى على مرض الثلاثيميا نهائيا.
ويوصي الشيخ على القطيطى بضرورة توزيع الخدمات بشكل عادل على كافة مناطق السلطنة، وأن يتم معاملة طفل القرية كطفل المدينة، مع الاهتمام بالنشء والأطفال الأذكياء والموهوبين منهم، والفحص المبكر لما له من أهمية كبيرة فى علاج الكثير من الأمراض التى تصيب الأطفال؛ وذلك من خلال إنشاء المراكز المتخصصة فى تلك المجالات.
وتوصي صباح البهلانية بضرورة تكاتف المجتمع من أجل حل مشكلة إعاقة الأطفال، وقالت: نحن فى حاجة إلى مراكز متخصصة فى مجال إعاقة الأطفال مع إعداد الكوادر والإخصائيين للعمل فى مجالات الإعاقة؛ فنحن لدينا نقص شديد فى العاملين المدربين للتعامل مع الأطفال المعاقين.
وتوصي بتول اللواتية بضرورة إعداد دراسة عن العنف والإساءة إلى الأطفال، مع ضرورة تدريب المتعاملين مع الأطفال الذين يتعرضون للعنف؛ من خلال تدريبهم على كيفية إعادة الطفل لكى يندمج فى المجتمع، وألا تكون الإساءة أو العنف الذى تعرض له، سببًا فى انعزاله عن المجتمع، كذلك لابد من وجود برامج تدريبة للأسر، لتثقيفها وتوعيتها بكيفية التعامل مع الأطفال فى المواقف المختلفة.
كما توصي صحيحة العزرية بضرورة وضع الدراسات فى مجال الطفولة، ووضع البرامج المهتمة بتوعية وتثقيق المجتمع والأسر بكيفية التعامل مع الأطفال وإعداد الأطفال وتربيتها بالشكل الصحيح، كما تطالب الجامعات بتأهيل الكوادر ووضع أقسام تخرج كوادر وخريجين قادرين على التعامل مع الأطفال.
وأخيرًا؛ توصي رحمة العامرية بضرورة نشر قانون الطفل على كل المستويات، والتعريف به فى كل مناطق السلطنة، حتى يكون هناك توعية حقيقية به وبالحقوق والواجبات التى يجب أن يتمتع بها كل طفل يعيش على أرض السلطنة، كما أوصت بضرورة غرس ثقافة العمل التطوعى فى عقول وكيان الطلاب، حتى يكون لدينا جيل قادر على العمل التطوعي.
أكثر...