- البلوشي: الحكومة ماضية في إعطاء الأولوية للتعليم في الخطط التنموية
- الجردانية: "القوى العاملة " استحدثت التدريب المقرون بالتشغيل لاستقطاب الشباب العماني للعمل بالقطاع الخاص
- مناقشة تأثيرات التعديلات في قانون العمل على القطاع الخاص
الرؤية - نجلاء عبدالعال
قال معالي درويش بن إسماعيل البلوشي، الوزير المسؤول عن الشؤون المالية إنّ الحكومة
ماضية في إعطاء التعليم الأولوية في خططها التنموية، وأضاف مؤكدا: لن تألو الحكومة جهدا في سبيل دعم أية إستراتيجية تكفل تحديد المسار الصحيح للتعليم بما يحقق الأهداف والمواءمة بين المخرجات وبين ما يتطلبه سوق العمل من معارف ومهارات.
وشدد معاليه في مداخلة بالجلسة الأولى في منتدى عمان الثاني أمس، أنّها – أي الحكومة - لن تقصر في توفير كل ما يلزم من تكلفة مالية، كاشفًا معاليه عن أنّه يجري حاليا التحضير لإعداد هذه الخطة بمشاركة العديد من قطاعات المجتمع وممثلين عن القطاعين العام والخاص، مبينا أنّ الخطة ستأخذ في الاعتبار مخرجات جميع المبادرات والمؤتمرات والندوات.
وأشار معاليه إلى أنّ السلطنة أولت منذ فجر النهضة قضية تنمية الموارد البشرية أهمية كبيرة، وهناك مبالغ خُصصت لهذا الجانب، كما تمّ العمل بالعديد من الإستراتيجيات والدراسات في هذا الإطار.
وكانت الجلسة الأولى في منتدى عمان الثاني، والذي تنظمه مجلة عالم الاقتصاد والأعمال قد شهدت مناقشات ساخنة بين ممثلي القطاع الخاص، وعدد من المسؤولين الحكوميين حول دور ومسؤولية كلا الطرفين في خلق وظائف للباحثين عن عمل، وشارك في المناقشات من خلال مداخلاته راعي افتتاح المنتدى معالي درويش بن إسماعيل البلوشي الوزير المسؤول عن الشؤون المالية، وسعادة الدكتورة منى الجردانية وكيلة وزارة القوى العاملة.
وجاءت أولى جلستي المنتدى بعنوان "خلق فرص العمل- التوازن بين الالتزامات الاجتماعية ونمو الأعمال التجارية" واستعرضت الجلسة عددًا من المحاور شملت مدى تأثر مصالح القطاع الخاص بالتعديلات في قوانين العمل، وبحث مسؤولية كل طرف عن توفير فرص العمل، وما تقوم به الحكومة بين مطرقة تلبية التوقعات العامة وسنديان نمو القطاع الخاص، وكيف يمكن رسم الخط بين المسؤولية الاجتماعية ونمو الأعمال.
وضمت الجلسة كلا من سعادة محسن بن خميس البلوشي المستشار في وزارة التجارة والصناعة، وأحمد الوهيبي الرئيس التنفيذي لشركة النفط العمانية، وسالم بن نصير الحضرمي المدير العام للمديرية العامة للتخطيط في وزارة القوى العاملة، والمهندس صالح الشنفري رئيس مجلس إدارة شركة الصفاء للأغذية وحسين بن سلمان اللواتي المدير التنفيذي لشركة الكابلات العمانية، وسعيد الحمداني مساعد المدير العام ورئيس قسم الموارد البشرية في البنك الأهلي.
مسؤولية تضامنية
وأشار سعادة محسن البلوشي المستشار بوزارة التجارة والصناعة إلى أنّ مسؤولية خلق فرص عمل جديدة لا تقع فقط على عاتق الحكومة بل هي مسؤولية جماعية لابد من أن يتحملها المجتمع ككل، مشيرًا إلى أهميّة دور الحكومة في التوسيع الأفقي والرأسي للفرص الاستثمارية من خلال خلق بيئة مواتية لزيادة حجم الاستثمارات القائمة، وجذب استثمارات جديدة من الداخل والخارج وهي بدورها تخلق فرص عمل جديدة، وعلى الجانب الآخر أوضح أن على المجتمع بالمقابل دورا مهما سواء من خلال الأسرة التي عليها أن تبدأ في إعداد الطفل على تقبل فكرة العمل الحر، والسعي لإقامة المشاريع الذاتية مؤكدًا أنّ وجود هذا الحافز الداخلي لدى الطفل سيجعله عندما يكون قادرا على العمل يسعى لخلق عمل ذاتي لا يوفر له وحدة العمل بل يتيح أيضًا فرص عمل للآخرين.
ووافقه الرأي سالم بن نصير الحضرمي المدير العام للمديرية العامة للتخطيط في وزارة القوى العاملة، مؤكدا أنّ المسؤولية تقع على عاتق كل فرد وجهة، وقال إنّ الحكومة قامت بكثير من الإجراءات للمساعدة على أن يكون القطاع الخاص بيئة جاذبة للباحثين عن عمل منها على سبيل المثال قرار رفع الحد الأدني للأجور إلى 325 ريالا والذي سيبدأ تطبيقه من يوليو القادم، وكذلك قرار توحيد الإجازات الرسمية مع القطاع الخاص، بالإضافة إلى تحمل جزء من تكلفة تدريب العاملين الجدد في المؤسسات الخاصة، ومع ذلك لم يعف الحضرمي الحكومة من مسؤوليتها في إعداد خريجي المؤسسات التعليمية بحيث يؤهلهم مستواهم التعليمي إلى شغل الوظائف بالكفاءة التي يطلبها القطاع الخاص، وبشكل يتوافق مع معايير التعليم العالمية، وألمح إلى أنه لا يمكن للقطاع الخاص أن يتنصل من القيام بمسؤولياته تجاه تبني تدريب الباحثين عن عمل وتأهيلهم لما يتطلبه العمل في شركاتهم.
أحمد الوهيبي الرئيس التنفيذي لشركة النفط العمانية من جانبه عبّر عن جزء من وجهة نظر أصحاب الأعمال ورغم أنّ شركته تعتبر شركة شبه حكومية إلا أنّه أوضح أنّ تبني القطاع الحكومي النظر إلى العمل من نفس وجهة نظر القطاع الخاص وبالطريقة التي يتبناها ستسهل الاتجاه السلس إلى العمل الحر بما يجعل اتجاه الموجة يسير بعكس الاتجاه الحالي، ويبدأ الشباب في البحث عن العمل في القطاع الخاص وتفضيله على الحكومة، وقال: أعتقد أننا يجب أن نسير بشكلٍ متوازٍ؛ فالشركات يجب عليها توفير التدريب للشباب ليس فقط ليكونوا مؤهلين لفرص العمل المتاحة محليا بل لتمكينهم من العمل حتى خارج السلطنة، مشيرًا إلى تميّز الجيل الجديد بمواكبة التقنيات الحديثة، والقدرة على اكتساب المهارات بشكل سريع، وهما من أهم ما يتطلبه سوق العمل الحديث، مشيرًا إلى ضرورة وجوب التعامل معه بما هو مناسب، وتحضير أبنائنا بشهادات مهنية تتناسب مع بيئة العمل.
وكرر الوهيبي أنّ ما هو موجود في السلطنة من مزايا وموارد طبيعية أضعاف ما تمّ استغلاله، وأنّ فرص العمل في عمان غير محدودة، وعلى سبيل المثال في قطاع صناعات المشتقات النفطيّة، فهذه وحدها يمكنها أن تستوعب آلاف العمال، وكذلك الصناعات السمكية والخدمات اللوجستية، مشيرًا إلى أنّ شركة نفط عمان على سبيل المثال استطاعت أن تصل إلى نسبة 75 في المائة من تعمين الوظائف بها خلال أقل من 10 سنوات على بدء عملها.
أمّا حسين بن سلمان نائب رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب بشركة صناعة الكابلات العمانية فأشار إلى أنّ كثرة البحث والنقاش عن خلق فرص عمل يعطي انطباعًا بأنّه لا توجد في السلطنة فرص عمل، وهذا ليس صحيحًا بل يجب أن يكون السؤال الذي نطرحه هو ماذا نريد من خلق فرص العمل، وقال "لا أعتقد جازمًا بأنّه لا توجد هناك فرصة عمل، لنكون واقعيين، فقطاع الاقتصاد يعتمد على القطاع الخاص، وهو قطاع يستوعب حاليًا مئات الآلاف من العاملين فما ينقصنا حاليًا هو إيجاد شباب عمانيين للتعيين في الوظائف التي يضطر القطاع الخاص للاستعانة فيها بكفاءات غير عمانية لأنّهم للأسف لا يجدون ما يبحثون عنه من كفاءات وطنية في مستوى التعليم والتدريب والرغبة في اكتساب المزيد من القدرات، بل مع الأسف عندما نجد هذه المواصفات نلقى منافسة من الحكومة في جذبها من خلال إعطاء مزايا لا يمكن للقطاع الخاص مجاراتها فيها، نظرًا لاعتماد القطاع الخاص على الدخل من ببيع المنتج أو الخدمة، وبالتالي إذا لم يكن هناك بذل للجهد لن يكون هناك إنتاج وبالتالي لا يمكن أن يصلح موظف غير منتج أو لا يقوم بالمطلوب منه أداءه.
غرس ثقافة العمل
ورأى حسين اللواتي ضرورة إعادة النظر في طرق تدريب الشباب وتربيتهم على الانضباط وثقافة الجد في العمل، مشيرا إلى أنّ غرس ثقافة العمل لا تأتي من التدريب ولا المعاهد ولا الجامعات، بل هي بذرة تأتي من الأسرة بتعليم الشاب ثقافة العمل، وحب العمل والانضباط، مقترحا أن يتم إلحاق الشباب بفترة تدريب عسكري إلزامي يكتسبون خلالها التعود على الانضباط والمزيد من الجدية في النظر للعمل أيًا كان حجمه أو طبيعته.
بينما رأى المهندس صالح الشنفري رئيس مجلس إدارة شركة الصفاء للأغذية أنّ وضع القوى العاملة الوطنية والنظر لها كمشكلة هو بحد ذاته مشكلة، مشيرا إلى قدرة الشباب العماني على المنافسة ليس فقط محليًا بل عالميًا، ضاربا مثلا بطبيب عماني التقاه خلال إحدى الزيارات إلى نيوزلندا، وكان يعمل طبيبًا بأحدى المستشفيات هناك، وقال إنّ هذا النموذج يؤكّد أنّ سوق العمل مفتوح على مستوى العالم، ويبحث عن الكفاءات البشرية ويتنافس عليها وفي نفس الوقت يوضح هذا النموذج كيف استطاعت نيوزلندا، وهي دولة لا تمتلك كثيرا من الموارد أن تصبح أكثر إغراء وجذبا للشباب للعمل بها وذلك من خلال البحث عن ميزتها النسبية والتركيز عليها وتنميتها، فيما حتى الآن مازلنا لم نستثمر حتى 10% من قدراتنا ومواردنا في السلطنة.
وطالب الشنفري من جهة أخرى بمزيد من الحوار والتنسيق بين صناع القرار ومن سيطبق عليهم القرار وبين القطاع الخاص والحكومة لتحقيق التواصل اللازم لتحقيق التكامل المطلوب، والذي يؤهل كل منهما لخدمة المواطنين والاقتصاد الوطني، قائلا إنّ أحد القرارات يمكنه أن يسبب عواقب قد تتجاوز بكثير الفوائد التي كانت متوقعة منه وعلى سبيل المثال فإنّ قرار رفع الحد الأدنى للأجور الذي اتخذته الحكومة لتحث من خلاله الشباب على العمل في القطاع الخاص تحول إلى "حكم بالإعدام على المؤسسات الصغيرة والمتوسطة التي لا يمكنها تحمل هذا العبء والكلفة مما سيؤدي إمّا إلى عدم بقاء العاملين فيها أو إلى إغلاق المؤسسات لعدم القدرة على الوفاء بالمتطلبات اللازمة للحد الأدنى القانوني للأجور، وبالتالي يسير الأمر بعكس الاتجاه الحكومي نحو تشجيع قطاع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وعلى العكس كان القرار السامي بتوحيد الإجازات مرحبًا به من قبل الجميع لأنّه سبقته مناقشات واسعة وبمعرفة وقبول جميع الأطراف.
من جانبه أوضح ممثل وزارة القوى العاملة أنّه لا توجد دولة في العالم تضع أكثر من حد أدنى للأجور، وأنّ الحكومة تقدم الكثير من المزايا للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة وتقدر تمامًا حجم معاناتها.
التدريب والتأهيل
واستعرض سعيد الحمداني مساعد المدير العام ورئيس قسم الموارد البشرية في البنك الأهلي التجربة الناجحة للقطاع المصرفي في الوصول إلى نسبة تعمين 90 %، مشيرًا إلى أنّ أهمية التدريب المستمر للعاملين في القطاع الخاص لا تزيد عن أهمية اختيار الكوادر القابلة للتدريب والتأهيل من البداية، وقال إنّ توفر القدرات البشرية الوطنية المؤهلة للعمل في القطاع المصرفي جعل مهمة المصارف في اختيار كوادرها الكفوءة أكثر سهولة من بعض قطاعات الأعمال الأخرى، مؤكدا أنه من خلال تجربته وجد أنّه لا يمكن تدريب موظف أو عامل ليس لديه القدرة على الاستفادة والتطوير لقدراته، قائلا إنّ الوعي لدى الموظف نفسه هو ما يدفعه إلى التحسين المستمر لقدراته ومؤهلاته للتقدم في عمله.
وفي مداخلة لها خلال جلسة النقاش قالت سعادة منى الجردانية، وكيلة التدريب المهني والتعليم التقني بوزارة القوى العاملة إنّ واحدة من الأساسيات التي تتبعها وزارة القوى العاملة في العمل بالقطاع الخاص هي التدريب كسياسة عامة، وبالنسبة للأسلوب الجديد في التدريب الذي تتبعه الوزارة فهو التدريب المقرون بالتشغيل وهو أن تتبنى المؤسسات الخاصة شابا لمدة سنة للعمل فيها، وأن تتحمل الحكومة جزءا من راتبه، بهدف تشغيله وإكسابه المهارات.
أمّا الجلسة النقاشية الثانية والأخيرة في المنتدى فجاءت تحت عنوان "الدور المنوط بالمؤسسات الصغيرة والمتوسطة لتوفير فرص العمل" وشملت محاور النقاش فيها عددا من المحاور منها مدى منح الشركات الصغيرة والمتوسطة الوضع المناسب في المنظومة الاقتصادية، وكيفية تخفيف الشركات الصغيرة والمتوسطة من عبء الأزمة لخلق فرص العمل، ونوعية القطاعات التي يمكن للشركات الصغيرة والمتوسطة أن تساهم من خلالها في خلق عدد كبير من فرص العمل، والمعوقات التي تحول دون تحول الشباب العماني لرواد أعمال بالمعنى الحقيقي وبأعداد كبيرة، بالإضافة إلى بحث معالم لإستراتيجية واضحة لخلق بيئة لريادة الأعمال.
وضمت قائمة المتحدثين في الجلسة صلاح المعولي المدير العام للمديرية العامة لتنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في وزارة التجارة والصناعة، وعبد الله الجفيلي المدير العام لشراكة، وحسن غلوم الرئيس التنفيذي لشركة الأحذية الواقية، والهام آل حميد مساعد مدير عام تمويل وتسويق المؤسسات الصغيرة والمتوسطة والمؤسسات الإقليمية ببنك مسقط، ومنذر البرواني، مدير مديرية الشؤون الخارجية بشركة تنمية نفط عمان، وحسن محمد جمعة المدير التنفيذي لشركة محمد جمعة سلطان وأدار جلستي الحوار الإعلامي يوسف بن عبد الكريم الهوتي.
وعلق منذر البرواني، مدير مديرية الشؤون الخارجية بشركة تنمية نفط عمان على العنوان الذي عقد لبحثه المنتدى قائلا: إنّ مسألة خلق فرص عمل وتوفير فرص التدريب والتطوير للشباب العماني تتماشى مع نموذج عمل شركة تنمية نفط عمان من استكشاف وتطوير لقطاع النفط والغاز، استجابة للتوجيهات السامية لحضرة صاحب الجلالة؛ حيث نجحت شركة تنمية نفط عمان و المقاولين المتعاونين معها في توفير أكثر من 4000 وظيفة ضمن برنامج الأهداف الوطنية الذي تمّ تدشينه في عام 2011. وفي هذا العام نحن ملتزمون بمواصلة سعينا لتطوير مهارات العديد من الشباب العماني الذين تمّ توظيفهم من جانب الجهات المتعاقد معها.
وبيّن الدكتور بي محمد علي، نائب رئيس مجلس الإدارة والمدير العام لشركة جلفار للهندسة والمقاولات " أن جلفار تدخل في شراكة مع منتدى حوارات عمان لعام 2013 باعتباره منصة مثالية للحوار بين كافة الأطراف المعنية – المجتمع والحكومة وقطاع الأعمال – والذي يعتبر أيضا فرصة لتبادل الأفكار حول أفضل السبل لمواجهة التحديات المتعلقة بخلق فرص العمل للشباب العماني، مضيفا أنّه بالنسبة لجلفار كشركة مستدامة تعمل في تنفيذ المشاريع الكبيرة فإنّ عليها أن تركز على رعاية المواهب، وتزويد الموارد البشرية بالمهارات والقدرات التي تمكنها من تنفيذ مزيد من الوظائف، مركزًا على أنّ جلفار كانت ولا تزال شركة القطاع الخاص التي يعمل بها أكبر عدد من العمانيين.
يأتي تنظيم منتدى عمان الذي حملت دورته الثانية عنوان (خلق فرص العمل ـ الأولوية الوطنية) في ظل التحديات التي تواجه السلطنة، ومنها قضية توفير فرص العمل، نتيجة تزايد المخرجات التعليمية، وتأكيد الحكومة عدم قدرتها على استيعاب الأعداد المتزايدة بعد حملات توظيف نفذتها خلال العامين الماضيين، ودعوتها للقطاع الخاص بضرورة العمل على استيعاب تلك المخرجات، وعقد المنتدى بالشراكة مع وزارة القوى العاملة ووزارة الخدمة المدنية ووزارة التعليم العالي وجامعة السلطان قابوس ومجلس البحث العلمي وعدد كبير من الرعاة.
أكثر...