يتزامن مع الحديث عن المؤتمر الدولي لحل الأزمة في سوريا، حديث من نوع آخر يخرج رصاصًا من أفواه المدافع والبنادق، وتتساقط مفرداته مع القصف الجوي لهبًا ونارًا تحرق أبناء الشعب السوري، الذي تتفاقم معاناته، وتزداد فواجعه مع إشراقة شمس كل يوم جديد.
ورغم تعدد المبادرات، وتكاثر الدعوات لوقف إطلاق النّار إلا أنه لا أحد على التراب السوري يلقي بالاً لهذه الدعوات، حتى الآن، خاصة النظام الذي يبدي عدم اكتراث لأي مناشدات تدعو إلى الجلوس إلى طاولة التفاوض بغية بحث الحلول للمشهد السوري المأزوم..
الجامعة العربية جددت بالأمس مطالبتها لمجلس الأمن الدولي بإصدار قرار مُلزم لكافة الأطراف بوقف إطلاق النار في سوريا، وهو طلب ليس بجديد، وقد سبق أن أطلق أكثر من مرة، كما أنه –أي وقف إطلاق النار – شرط موضوعي لابد منه للشروع في أية عملية تفاوضية، وبدون ذلك يصبح الحديث عن حل الأزمة مجرد أحلام ليس لها ما يسندها على أرض الواقع.
والمأمول أن يتم التفاهم في مؤتمر (جنيف 2 ) المزمع عقده والذي تتسارع الجهود الدولية بغية إنجاح التئامه، التفاهم على تنفيذ ما سيتم الاتفاق عليه وإرسال بعثة مراقبة من قوات حفظ السلام، وذلك بعد أن يكون وقف إطلاق النار قد تحقق فعلياً، لتقوم الأمم المتحدة بتسجيل تواجدها على الأرض لمراقبة وقف إطلاق النار حتى لا يخالف أي طرف ما سيتم الاتفاق عليه.
إن الارتياح الدولي الذي قوبل به التفاهم الأمريكي الروسي على عقد المؤتمر الدولي، ينبغي أن يترجم عملياً من خلال التعجيل بعقد هذا المؤتمر لتتويج ما تمّ الاتفاق عليه في مؤتمر (جنيف 1) الذي عقد نهاية يونيو الماضي والذي أكد على وضع إطار وحل سياسي للأزمة.
والرغبة الملحة في سرعة عقد المؤتمر، ينبغي ألا تتعارض مع الإعداد الجيد له باعتباره الأمل الأخير لحل الأزمة السورية، وفشله. سيقود إلى نتائج كارثية وخيمة ليس على سوريا والمنطقة فحسب بل على العالم بأسره.
ومن المتفق عليه أن قطار الحل لابد أن يمر أولاً بمحطة وقف إطلاق النار، ومن ثم محطات لاحقة للحل السياسي أبرزها تشكيل حكومة انتقالية ذات صلاحيات كاملة تشرف على كافة مجريات الأمور لتمهيد الساحة السورية لاستحقاقات المرحلة التالية التي في سبيلها تحمّل الشعب السوري تضحياتٍ جسام.