الجولان- الوكالات
مع تعاظم المخاوف من اتساع وامتداد الحرب الأهلية السورية، وتسلل عناصر الإرهابيين الجهاديين أو مقاتلي حزب الله اللبناني إلى داخل إسرائيل، بدأ المهندسون العسكريون في إسرائيل إكمال دراستهم لإنشاء أحدث "سياج ذكي" في مرتفعات الجولان المحتلة.
السياج سيمتد لمسافة 45 ميلا وسيتم تأسيسه من الحاجز الأسمنتي الصلب والأسلاك الشائكة، وأجهزة الاستشعار التي تعمل باللمس، والحركة، وكاميرات الأشعة تحت الحمراء والرادار الأرضي. وعندما يتم الانتهاء من الجدار في الأشهر المقبلة، ستكون إسرائيل قد اتخذت خطوة كبيرة أخرى في إحاطة حدودها بمزيد من الحواجز. بدلا من هدم الجدران القديمة.
لكن بعض الإسرائيليين قلقون من أنّ هذه الأسوار هي كناية عن ضعف بقدر ما هي رمز للقوة، وأن هذه الحواجز تزيد الشعور بالعزلة. ويقول العميد المتقاعد. الجنرال نشمان شاي، وهو عضو في البرلمان الإسرائيلي والمتحدث السابق باسم قوات الدفاع الإسرائيلية " بالنسبة لي، فإنّ الرسالة واضحة: إنّ فكرة السلام مع جيراننا أصبح أمر بعيد المنال، والأسوار هي رمز لهذا الواقع".
قادة الجيش الإسرائيلي يرون أن هذه الأسوار توفر الحماية ضد الحشود من المتظاهرين وضد التوغلات من قبل مهربي السلاح والمهاجرين غير القانونيين والأعداء، وفي الوقت نفسه، فإنّهم يعترفون بأنّ هذه الأسوار في حالة الحرب لا تفعل الكثير لحماية إسرائيل من الصواريخ بعيدة المدى التي ستطلق من لبنان أو إيران أو قطاع غزة.
الشهر الماضي، بينما كان في زيارة رسمية إلى الصين، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عند سور الصين العظيم " تمامًا مثل الصين التي حمت ودافعت عن نفسها بهذا السور العظيم، سنستمر في الدفاع عن أنفسنا على الحدود الجنوبية، ومرتفعات الجولان وعلى جميع الجبهات".
إنّ شبكة السياج الإسرائيلي أصبحت شبه مكتملة تقريبا، ففي الشمال وعلى طول حدود لبنان، حيث منظمة حزب الله المسلحة التي تعتبرها اسرائيل تهديدا لها؛ وإلى الشمال الشرقي على طول مرتفعات الجولان الحدودية مع سوريا، وإلى الجنوب على الحدود المتاخمة لشبه جزيرة سيناء.. كما أنّ مهندسي الجيش الإسرائيلي وضعوا خططا لتمتد هذه الأسوار أيضًا على طول الحدود السلمية مع الأردن من البحر الميت إلى البحر الأحمر.
أمّا في الضفة الغربية، فإنّ بعض الحواجز فصلت المزارعين الفلسطينيين عن أراضيهم لتحمي الطرق السريعة والمستوطنات الإسرائيلية، و بعض هذه الأسوار والحواجز تقسم وتمر من خلال الضواحي المتنازع عليها خارج القدس الشرقية وخط حدود قطاع غزة.
وكل هذه السياجات تصاحبها أبراج للمراقبة ومجهزة برشاشات للتحكم فيها عن بعد، وتضم طرقًا للدوريات ومراكز للمخابرات وألوية عسكرية تمتد عبر الصحاري الشاسعة إلى الجبال الثلجية، على طول وديان الأنهار والأمواج في البحر الأبيض المتوسط والبحر الأحمر.
الكثيرون ينتقدون تحول إسرائيل إلى "قلعة أو حصن" كبير، ولكن لاتوجد أي حكومة إسرائيلية تتعامل بجدية بشأن هدم هذه الحواجز، خاصة إذا ارتبط بناء هذه الأسوار بتوفر جو من السلم والأمان.
لكن من ضمن كل الأسوار والحواجز يبقى سياج إسرائيل الذي يقسم الأراضي الفلسطينية فى الضفة الغربية هو الأكثر إثارة للجدل، وهو كما يسميه النشطاء الفلسطينيون "الجدار العازل أو "جدار الفصل العنصري" ... فهو يقسم الأراضي الفلسطينية التي يطالب الفلسطينيون بإقامة دولتهم في المستقبل عليها.
وقد بدأت إسرائيل في بنائه في عام 2002 خلال الانتفاضة الفلسطينية الثانية، وقد أصبح نحو 70 في المئة منه كاملا.. ووفقا لجهاز الأمن العام الإسرائيلي، وقعت 146 هجمة انتحارية داخل إسرائيل في الفترة ما بين 2001-2009، لكنّها انخفضت بشكل صارخ بعد عام 2004.
ويقول العقيد كريشه ياكوبوفيتش، رئيس قسم التنسيق المدني في قوات الدفاع الإسرائيلية، أنّ انخفاض الهجمات ليس نتيجة فضل هذا الحاجز فقط ، لقد تضاءلت هذه الهجمات ولم يقتل أي إسرائيلي في الضفة الغربية العام الماضي نتيجة أيضًا لأنّ إسرائيل تعمل اليوم بشكل وثيق مع قوات الأمن الفلسطينية، وأن ملاحقة الأهداف والاعتقالات لأعضاء الخلايا الإرهابية المزعومة أصبح يتم في وقت مبكر. مشيرًا إلى فضل قيادة السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية، التي ترفض العنف كأداة سياسية.
لقد انتهت إسرائيل من جميع الأسوار ماعدا جزء من السور الأخير الذي يمتد 125 ميلا من المناطق الوعرة على طول حدودها المفتوحة مع سيناء في مصر، والذي بدأت بناءه في عام 2011 وبني بوتيرة متسارعة لوقف المهاجرين غير الشرعيين، الذين قدرت الحكومة الإسرائيلية عددهم العام الماضي بأكثر من 10.000 مهاجر غير شرعي - ومعظمهم من اللاجئين الفقراء من السودان وإريتريا - الذين يأتون عبر الحدود مع مصر. وتشير الأرقام أنّه مع الانتهاء من سياج سيناء، تراجعت عمليات التوغل إلى مالا يزيد عن أصابع اليد الواحدة، وتمّ القبض على شخصين فقط في الشهر الماضي.
وتظل هذه التحصينات أمرًا مثيرًا للجدل، حتى بين بعض الصقور الإسرائيليين، وقد كتب موشيه أرينز، وزير الدفاع السابق، عن الجدار الفاصل في الضفة الغربية بمقال فى شهر مارس الماضى يقول فيه "لقد حان الوقت لهدم هذا الجدار"، و يشير فيه إلى أنّ الإرهابيين يمكن أن يدخلوا بسهولة لإسرائيل عبر 30 في المئة من الحدود غير المسيجة أو المسورة، ووصف السور بأنّه "مسخ، انفقت عليه المليارات ويجب هدمه.