طرابلس – رويترز
تكافح ليبيا للحفاظ على استقرار إنتاجها النفطي ناهيك عن زيادته في الوقت الذي تخفض فيه الاحتجاجات صادرات القطاع الذي يدر 95 في المئة من إيرادات الدولة.
وعلى مدى العام الماضي شارك ليبيون غاضبون في احتجاجات بحقول نفط ومرافئ تصدير وهو ما ألقى بظلاله على التفاؤل الذي ساد في البداية بعودة سريعة إلى مستويات الإنتاج قبل الثورة التي أطاحت بمعمر القذافي في 2011 والتي كانت تبلغ 1.6 مليون برميل يوميًا.
وقالت المؤسسة الوطنية للنفط الحكومية على موقعها الإلكتروني إن الإنتاج نزل إلى أقل من مليون برميل يوميا "نتيجة لقيام بعض الأفراد بأعمال غير مسؤولة تتمثل في قفل مينائي طبرق والزويتينة .. وكذلك التخفيض الهائل لحقول الفيل والشرارة والسرير ومسلة".
وقال مصدر رفيع المستوى في قطاع النفط الليبي "القطاع يعاني ولا يمكن أن يستمر الوضع على ما هو عليه. مثل هذه المشكلات تتكرر دائماً وهذا يضر ليبيا بأسرها."
وتكافح الحكومة الجديدة لفرض السيطرة على المجموعات المسلحة التي تملك السلطة الحقيقية على الأرض في بلد ينتشر به السلاح الذي خلفته الحرب.
وأجبر المحتجون الذين يرفعون عادة مطالب اجتماعية الحكومة على تنفيذ طلباتهم قبل إنهاء اعتصامات أو إعادة ضخ النفط.
وفي أحدث مشكلة بالقطاع أوقفت الشركة المشغلة لحقل الفيل - وهو مشروع مشترك بين المؤسسة وشركة إيني الإيطالية - الإنتاج بعدما نظم نحو 50 محتجاً مظاهرة مطالبين بوظائف. وتبلغ الطاقة الإنتاجية للحقل الذي يقع في أقصى جنوب غرب البلاد 130 ألف برميل يومياً.
وفي الشرق أغلق محتجون مرفأي الزويتينة ومرسى الحريقة لكن عمالاً هناك قالوا أمس الثلاثاء إن العمليات استؤنفت هناك بعد مغادرة المتظاهرين للموقعين. وتعطلت العمليات في الزويتينة عدة مرات هذا العام.
وقال عامل في قطاع النفط الليبي "إذا ذهب المحتجون إلى المجالس المحلية لن يستمع أحد إليهم. لكن إذا ذهبوا إلى حقول النفط أو المرافئ فسيهتم الجميع بهم."
وأضاف "هذه المشكلة تتكرر دائماً ولا تعرف الحكومة كيف تتعامل معها."
وقالت المؤسسة إن التعطيلات في الإنتاج في الفترة الماضية "نتج عنها نقص في الدخل يقدر بمئات الملايين من الدولارات وكذلك تراجع إنتاج الغاز الطبيعي إلى أقل مستوياته مما يكبد الخزانة العامة مزيداً من المصاريف نتيجة استيراد الوقود البديل هذا علاوة على توقع تدني الدخل لهذا العام بسبب انخفاض الإنتاج."
ويمكن أن يكون انخفاض الإنتاج لفترة طويلة خطرًا داهمًا على الماليات العامة للدولة التي تعاني بالفعل بسبب الإنفاق الكبير على الرواتب التي تشمل عشرات الآلاف من المقاتلين السابقين الذين ساعدوا على الإطاحة بالقذافي.
ودعت لجنة تشرف على قطاع الطاقة تابعة للمؤتمر الوطني العام الشهر الماضي إلى محاسبة من يغلقون المنشآت بالقوة أمام القضاء.
غير أنه في ظل ضعف قوات الأمن والمحاكم لا يزال تنفيذ ذلك مهمة مضنية. وتحرس قوة قوامها 15 ألف فرد المواقع النفطية لكنها تفتقر إلى التدريب الملائم والعتاد واشتبك أعضاؤها في بعض الأحيان فيما بينهم.
ودعا يوسف الغرياني العضو بنقابة لعمال النفط في مدينة بنغازي في شرق البلاد الحكومة إلى اتخاذ قرارات قوية وتوفير حراس لحماية الحقول مضيفاً أن كل تأخير يكلف البلاد الكثير.
وفي أبريل بلغ إنتاج النفط 1.55 مليون برميل وفقًا لما ذكرته وزارة النفط التي قالت في السابق إن ليبيا تستهدف زيادة الإنتاج إلى 1.7 مليون برميل يومياً بدءًا من الربع الثالث.
لكن التعطيلات المتكررة بسبب الاحتجاجات وأحياناً بسبب مشكلات فنية تجعل مثل هذا الهدف بعيد المنال فيما يبدو.
ويزداد قلق شركات النفط الأجنبية بسبب العنف المتقطع وتتردد شركات الخدمات النفطية في إعادة عمالها إلى ليبيا.
وقال عامل نفط أجنبي طلب عدم ذكر اسمه "لا يعلم المرء إلى أين تسير الأمور. الخائفون بالفعل من المجيء إلى هنا سيكونون أكثر ترددًا في ذلك."
ومع تلطخ صورة ليبيا في الخارج بسبب الفوضى المستمرة تستعد السوق لمزيد من التعطيلات. وقال ريتشارد مالينسون المحلل لدى انرجي اسبكتس للاستشارات "في كل مرة نسمع نبأ عن تسوية موقف ما .. لا نملك إلا أن ننتظر ونتوقع أن نسمع عن الحقل التالي الذي يتم إغلاقه أو عن تعطيل للعمل في مرفأ."