عبري - رياض السيابي
أكد معالي الشيخ محمد بن سعيد الكلباني وزير التنمية الاجتماعية على أهميّة بقاء الأسرة ككيان متماسك رغم المستجدات التي أتت بها في وسائل التواصل الحديثة، والتي تشكل - في بعض الأحيان - عقبة أمام التوجيه الصحيح للنشء الحالي، والذي يحصل على هذه الوسائل في سن مبكرة، مشيراً إلى أنّ أوراق العمل التي طرحت في ملتقى " التواصل الاجتماعي الثاني " تؤكد على أهميّة أن تكون الأسرة سدًا منيعًا أمام المعطيات السلبيّة لوسائل التواصل الحديثة.
وأشار وزير التنمية الاجتماعية إلى أنّ المواد القانونية تدين بعض الممارسات الموجودة في وسائل التواصل الاجتماعي، كما تمنع شركات الاتصالات بعض المواقع الضارة، ولكن يبقى في الجانب الآخر أهميّة التركيز على الدور التوعوي سواء من جانب وزارة التنمية الاجتماعية أو من قبل الجهات الأخرى المعنية بهدف التوعية بمخاطرها. جاء ذلك في اليوم الثاني لملتقى " التواصل الاجتماعي الثاني "، والذي سوف تختتم فعالياته اليوم ( الأربعاء الموافق 19 /6/2013م) بكلية العلوم التطبيقية بعبري، وذلك في حفل يرعاه سعادة الشيخ حمد بن حمود المحروقي والي ضنك، حيث سيتضمن الحفل على كلمة اللجنة المنظمة، وعرض حصاد الملتقى، وأيضا تقديم مشهد مسرحي، وقراءة توصيات الملتقى، إلى جانب تكريم المشاركين.
من جانب آخر بدأ الملتقى يوم أمس ( الثلاثاء الموافق 18 / 6 /2013م) بحديث د. صالح بن محمد الفهدي للمشاركين حول ( قيم الشباب ووسائل التواصل الاجتماعي) حيث أوضح لهم أنّ القيم تشكّل الدعامة الأساسية للشخصية الإنسانية، إذ يرتقي الإنسان بما يؤمن به ويمارسه من قيم فاضلة ويهوي بعكس ذلك، ولا يمكن للإنسان أن يصل إلى النجاح الحقيقي دون قيم نبيلة؛ إذ سيكون وصوله للنجاح مجرد بهرجة خاوية المضامين، مستشهداً بالحكمة القائلة " لا تحاول أن تكون رجلا نجاحا، وبدلا من ذلك كن رجل قيم".
ومضيفاً في حديثه بأنّ الإنسان قد حمل في فطرته النقية القيم الرفيعة منذ مولده، فإما أن يختار التمسك بها، وأن يجعلها المرجعية الأصيلة لخياراته وتفضيلاته، وإمّا أن ينحرف عنها باتباعه الهوى والنزق والشهوات التي تصوّر له القيم العليّة كقيود تثقل خطاه، وتكبّل يديه، وفي هذا العصر حيث الانفجار التقني الذي قدّم للبشرية – فيما قدّم- وسائل التواصل الاجتماعي، والذي حمل في رسائله الغث والسمين، وكل يستقي منه بحسب التوجهات والخيارات التي تمليها القيم الراسخة في نفسه.
المنجاة الوحيدة
كما ذكر الفهدي بأنّ الشباب في مجتمعاتنا العربية الإسلامية يجدون أنفسهم أمام تحديات تواجهه للتعاطي مع هذه الوسائط والوسائل، ولا يمكنهم الاعتدال وإعمال العقل في استخدامها من أجل تحقيق الأهداف الكريمة والغايات السامية إلا بالاستماع إلى صوت القيم في ضمائرهم، وإن ديننا الحنيف هو دين الفطرة، ولهذا فإنّ تمسك الشباب بقيم هذا الدين السمح هو المنجاة الوحيدة لهم من أجل الرقي والتطور وتحقيق الأهداف الإنسانية العظيمة.
محور القيم وشبكات التواصل
وعقب ذلك تطرق المشاركون لمناقشة المحور الثاني لهذا الملتقى، وعنوانه ( القيم وشبكات التواصل الاجتماعي) ، وذلك في جلسة تضمنت تقديم ورقتا عمل، حيث جاءت الورقة الأولى، والتي قدمها سلطان ين سيف الصارخي المكلف بالإشراف الإداري والمالي لمستشفى تنعم بعنوان ( تواصلك يحدد قيمك "، وقد هدفت هذه الورقة في مجملها إلى تعلم فن التواصل وأهميته في تحديد القيم الأصلية، وكيفية استغلال شبكات التواصل الاجتماعي في تحقيق الأهداف، وكيفية المحافظة على القيم والعادات دونما جرح لمشاعر الآخرين، إلى جانب إدراك الافتراضات المسبقة قبل التعامل مع أي مشروع في الحياة.
الناحية القانونية
كما قدم الشيخ يونس بن أحمد اليحيائي من الادعاء العام بمحافظة الظاهرة ورقة العمل الثانية بعنوان ( القيم وشبكات التواصل الاجتماعي من الناحية القانونية)، وخلالها قدم للمشاركين تعريفا لكل من القيم الاجتماعية والقانون، وذكر مصادر القاعدة القانونية كالتشريع، والدين، والعرف، والفقه، والقضاء، كما تحدث أيضًا عن مبادئ القانون الطبيعي، وعلاقة القانون بالقيم، وأيضا دور القانون في شبكات التواصل الاجتماعي، والقوانين السارية في السلطنة والمتعلقة بمواقع التواصل الاجتماعي، إلى جانب إلقاء الضوء على قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات الصادر بالمرسوم السلطاني رقم ( 12 / 2011م).  
وقد ترأس هذه الجلسة د. عبدالله بن عديم المسكري عميد الكلية التقنية بعبري، ومقرر الجلسة خليفة بن محمد الشماخي رئيس قسم الإرشاد والتوجيه بمركز التدريب المهني.
كما يتطرق الملتقى غداً ( الأربعاء الموافق 19 /6 /2013م ) للمحور الثالث، وعنوانه ( التواصل الاجتماعي وتنمية المسؤولية المجتمعية)، ومتضمنا تقديم ورقتي عمل أولها بعنوان ( دور شبكات التواصل الاجتماعي في ممارسة المواطنة وتعزيز المسؤولية الاجتماعية)، والثانية (المسؤولية المجتمعية وشبكات التواصل الاجتماعي).
في مصلحة المجتمع
وقد عبّرت المشاركة نعمة بنت عوض السكيتية عن فائدة هذا الملتقى، ومؤكدة على أهميّة استمراريته بنحو سنوي لكي تعم فائدته في جميع محافظات السلطنة، كون ما يناقشه ويتطرق له يصب في مصلحة مجتمعنا بتباين أعماره وفئاته، وعليه فمن الأهميّة الحرص على تجديد مضامينه، والتي تتيح الاستفادة من فكر الذين قدموا عصارة تجاربهم في الجانب الذي يتحدثون فيه، على أمل تفعيل دور الجمعيّات الأهليّة كجمعيات المرأة العمانية والفرق الشبابية بنحو أكثر للمشاركة في هذا الملتقى.
وأشادت المشاركة خولة العبرية بورقة العمل لسعادة الشيخ أمين عام مكتب الافتاء، والذي تحدث خلالها عن تكوين الأسرة، وحرصه للمشاركين في إيصال ما تناولته ورقته لفئات المجتمع، كما أشادت بالأوراق الأخرى والتي تدعو إلى أهمية التركيز على الحوار الذي يعد أساسيا في تكوين أسرة ناجحة، وتجنب العنف في التعامل مع فئة الأطفال.
مدرك لما حوله
فيما أوضحت المشاركة نادية بنت محمد النزوانية على أهمية استمرارية تواصل أفراد الأسرة، حيث إنّ الطفل كل ما كانت صلته وثيقة بأفراد أسرته سينعكس ذلك على أدائه وحضوره الإيجابي في نطاق مدرسته، وتؤكد في حديثها للقائمين على تنظيم هذا الملتقى التركيز على أهميّة حرصها على دعوة أفراد المجتمع ومؤسساته لحضور الملتقى تحقيقًا للفائدة المرجوة.
كما أدرك المشارك سلطان بن محمد الفارسي خطورة المنحى الذي ظهرت عليه وسائل التواصل الاجتماعي الحديثة، وأنّ الشباب في حاجة ماسة لتواصلهم الاجتماعي مع الآخرين؛ لكي ينعكس ذلك على تنمية ثقافتهم وقدراتهم على التواصل، وتعزز دور الشباب في مجتمعهم مما ينتج عنه مجتمع واعي ومثقف ومدرك لما حوله، بينما عبر المشارك إبراهيم بن سعيد الغافري عن أهميّة إقامة مثل هذه الملتقيات، والتي تبصر الحضور بخطورة مواقع التواصل في حال استخدامها بنحو سلبي كنقل الإشاعات والتحريض.